جلسة 18 من فبراير سنة 1961
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم بغدادي ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.
----------------
(98)
القضية رقم 102 لسنة 6 القضائية
موظف - تأديب
- حق رئيس ديوان المحاسبات في طلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بقرارات الإدارة الصادرة في المخالفات المالية - عدم سريان هذا الميعاد إلا من يوم إخطار رئيس الديوان بالجزاء في صورته النهائية بعد استعمال الوزير حقه في التعديل أو الإلغاء أو بعد فوات مدة الشهر المقررة لاستعمال هذا الحق - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 6 من سبتمبر سنة 1959 في الدعوى التأديبية رقم 51 من السنة الأولى القضائية المقامة ضد محمود أحمد مختار الموظف من الدرجة الخامسة بإدارة الكهرباء والغاز وإسماعيل محمد باز الموظف من الدرجة السابعة بإدارة الكهرباء والغاز والقاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد. وطلب السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - قبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى التأديبية وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى السيد/ محمود أحمد مختار في 28 من يناير سنة 1960 وإلى السيد/ إسماعيل محمد باز في 24 من نوفمبر سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8 من يناير سنة 1961 حيث أحيل إلى المحكمة الإدارية العليا وعين لنظره جلسة 4 من فبراير سنة 1961، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بناء على شكوى من مجهول ضد السيد/ محمود أحمد مختار أحيل الأمر إلى النيابة الإدارية للتحقيق وأن الأخيرة بعد أن قامت بإجراء التحقيق انتهت إلى أن كلاً من السيدين محمود أحمد مختار وإسماعيل محمد باز مسئولاً عن عدة مخالفات مالية الأول بصفته فاعلاً أصلياً والثاني بصفته شريكاً وأنه لما رفع هذا الأمر إلى السيد المدير العام لإدارة الكهرباء والغاز أمر في 22 من أكتوبر سنة 1958 بمجازاة كل منهما بخصم يوم من راتبه وأخطر ديوان المحاسبة بخطاب مؤرخ 4 من نوفمبر سنة 1958 بهذا الجزاء مشفوعاً بمذكرة النيابة الإدارية كما رفع أمر هذا الجزاء إلى السيد وزير الصناعة الذي كانت تتبعه إدارة الكهرباء والغاز في ذلك الحين فوافق على هذا الجزاء في 18 من نوفمبر سنة 1948. وفي أول ديسمبر سنة 1958 صدرت إدارة الكهرباء والغاز إلى السيد رئيس ديوان المحاسبة خطاباً تخطره فيه باعتماد السيد وزير الصناعة للجزاء الذي أوقعه السيد المدير العام كما أرفقت بهذا الخطاب ملف التحقيق. وفي 16 من ديسمبر سنة 1958 اعترض ديوان المحاسبة على الجزاء وطلب إحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية. أحيل المتهمان إلى المحكمة التأديبية لمحاكمتهما على التهم المنسوبة إليهما وقضت هذه المحكمة في 6 من ديسمبر سنة 1959 بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وأقامت قضاءها على أن ميعاد اعتراض ديوان المحاسبة طبقاً لنص المادة 13 من قانون النيابة الإدارية يسري من تاريخ إخطاره بالجزاء الموقع من الجهة الإدارية دون التفات إلى المدة التي حددها القانون للوزير باستعمال حقه في تعديل الجزاء أو إلغائه وأضافت أنه يمكن إزالة مثل هذا الاضطراب باتفاق يعقد بين ديوان المحاسبة والجهات الإدارية على عدم إخطاره بتوقيع الجزاء على الموظف إلا بعد استعمال الوزير لحقه في التعديل أو الإلغاء وأنه وقد أخطر ديوان المحاسبة في 4 من نوفمبر سنة 1958 بتوقيع الجزاء مشفوعاً بمذكرة وافية عن موضوع الاتهام - وهي المذكرة التي وضعتها النيابة الإدارية عقب انتهاء التحقيق - ومضى على ذلك أكثر من خمسة عشر يوماً لذا تكون الدعوى غير مقبولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أمرين أولهما أن الإخطار الذي يعتد به هو الإخطار الذي يوجه إلى ديوان المحاسبة بعد أن يكون الجزاء قد استقر وأصبح نهائياً إما باستعمال الوزير لحقه في التعقيب عليه بإلغائه أو تعديله أو بطلب الإحالة إلى المحاكمة التأديبية وإما بفوات المدة المحددة لاستعمال الوزير لهذا الحق، أما الإخطارات السابقة على ذلك فلا يعول عليها أو يعتد بها طالما أن الجزاء كان معرضاً للتعديل أو الإلغاء وثانيهما أن الميعاد المحدد لديوان المحاسبة هو ميعاد تنظيمي قصد به سرعة البت في القضايا شأنه في ذلك شأن المدة المحددة للنيابة الإدارية لرفع الدعوى وتأسيساً على ذلك فإن تجاوز هذه المدة لا يترتب عليه سقوط الحق في رفعه أمام المحاكم التأديبية.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن فإن مثار النزاع فيه يرجع إلى تحديد الوقت الذي يبدأ فيه الحق لديوان المحاسبة في الاعتراض هل هو من تاريخ إخطاره بتوقيع الجزاء من رئيس المصلحة، أو وكيل الوزارة كما يذهب الحكم المطعون فيه أو من تاريخ إخطاره بالجزاء بعد صدوره مستقراً غير قابل للتعديل كما يذهب الطعن.
ومن حيث إن القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري نص في مادتيه 12، 13 على ما يأتي:
مادة 12 "إذا رأت النيابة الإدارية حفظ الأوراق أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوماً تحيل أوراق التحقيق إلى الوزير أو من يندب من وكلاء الوزارة أو الرئيس المختص.
وعلى الجهة الإدارية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها نتيجة التحقيق أن تصدر قراراً بالحفظ أو بتوقيع الجزاء.
فإذا رأت الجهة الإدارية تقديم الموظف إلى المحاكمة أعادت الأوراق إلى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة.
ويجب على الجهة الإدارية أن تخطر النيابة الإدارية بنتيجة تصرفها في الأوراق خلال خمسة عشر يوماً على الأكثر من تاريخ صدور قرار الجهة الإدارية". مادة 13 "يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية المشار إليها في المادة السابقة، ولرئيس ديوان المحاسبة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية".
ومن حيث إن المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أنه "لوكيل الوزارة أو الوكيل المساعد أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب مدة لا تجاوز 45 يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن 15 يوماً، وذلك بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه ويكون قراره في ذلك مسبباً. ويعتبر في تطبيق الفقرة السابقة رؤساء للمصالح، الرؤساء العسكريون للإدارات والأسلحة العسكرية وقواد الفرق والمناطق الذين يصدر بتعيينهم قرار من وزير الحربية. كما يعتبر كذلك من يعينه الوزير بقرار منه من رؤساء الإدارات وغيرهم ويشترط في الحالة الأخيرة أن لا تقل درجاتهم عن الدرجة الثانية. وللوزير سلطة توقيع العقوبات المشار إليها في الفقرة الأولى. كما يكون له سلطة إلغاء القرار الصادر من وكيل الوزارة أو الوكيل المساعد أو رئيس المصلحة أو تعديل العقوبة بتشديدها أو خفضها وذلك خلال شهر من تاريخ إصدار القرار، وله إذا ما ألغى القرار إحالة الموظف إلى مجلس التأديب خلال هذا الميعاد".
ومن حيث إن المستفاد من ذلك أن المشرع حرصاً منه على حسن سير الجهاز الحكومي قد منح الوزير بصفته الرئيس الأعلى لوزارته الحق في تعديل الجزاءات التي توقع على موظفي الوزارة بالزيادة أو بالنقص أو في إلغائها أو في إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية إذا رأى أن الجزاء الموقع عليه لا يتناسب مع جسامة الفعل الذي ارتكبه، كما رأى بالإضافة إلى ذلك محافظة على أموال الدولة وصيانة لها أن يكل إلى الجهة المنوط بها مراجعة التصرفات المالية في الدولة وهي ديوان المحاسبة - الحق في الاعتراض على الجزاءات التي توقعها الجهات الإدارية بالنسبة للمخالفات المالية - دون المخالفات الإدارية - ويطلب إلى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ضده، فسلطة ديوان المحاسبة في الرقابة والتعقيب لا تكون إلا بالنسبة لجزاءات عن مخالفات معينة ولا يمكن أن يستقيم له هذا الحق إلا بعد أن يكون الجزاء قد استقر على وضع نهائي، وإلا انتفت الحكمة من الرقابة وأصبحت قاصرة عن تحقيق الغرض منها كما لو أخطر بجزاء أوقعه وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة ورأى أنه كاف ورادع فلم يعترض عليه في الموعد المحدد وكان الوزير عند عرض الأمر عليه قد ألغى هذا الجزاء أو خفضه، أو يرى رئيس الديوان على العكس من ذلك أن الجزاء لا يتناسب مع خطورة الفعل الذي ارتكبه الموظف فيعترض عليه ويطلب إحالة الموظف إلى المحاكمة التأديبية في الوقت الذي شدد فيه الوزير الجزاء إلى الحد الذي لو عرض على ديوان المحاسبة لرأى فيه الكفاية. هذا النظر هو ما يتفق مع التفسير السليم للمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 حيث أوجب على الجهة الإدارية إخطار ديوان المحاسبة بالجزاء. وليست الجهة الإدارية هنا هي وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة وإنما هي الجهة الإدارية كمجموع وهي على هذا النحو بالنسبة للوزارة هي الجهاز بأكمله.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الجزاء الذي يتعين عرضه على رئيس ديوان المحاسبة بالنسبة للمخالفات المالية هو الجزاء المستقر وذلك إما بمضي الشهر الذي يحق للوزير أثناء تعديله أو إلغاؤه وإما باستعمال الوزير سلطته التي خوله القانون إياها، وبالتالي لا تسري المدة المحددة لاعتراض رئيس ديوان المحاسبة إلا من يوم إخطاره بالجزاء بعد استقراره على الوجه السالف الذكر.
ومن حيث إنه ثابت من صورة الرسالة الموجهة إلى السيد رئيس ديوان المحاسبة والتي تفيد اعتماد السيد الوزير للقرارين الصادرين بتوقيع الجزاء على كل من السيدين محمود أحمد مختار وإسماعيل محمد باز أنها قد صدرت من إدارة الغاز والكهرباء في أول ديسمبر سنة 1958 برقم 11380 كما أنه لا خلاف على أن اعتراض السيد رئيس ديوان المحاسبة قد تم في 16 من الشهر ذاته. لذلك يكون الاعتراض قد تم في الميعاد ويكون الإخطار الموجه إلى رئيس ديوان المحاسبة في 4 من نوفمبر سنة 1958 غير ذي أثر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه وقبول الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها دون حاجة إلى بحث الوجه الثاني من أوجه الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق