الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أكتوبر 2022

الطعن 12673 لسنة 76 ق جلسة 4 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 132 ص 831

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عبد العليم، محمد منيعم، بهاء صالح وحسام الدين عبد الرشيد نواب رئيس المحكمة.
---------------
(132)
الطعن رقم 12673 لسنة 76 القضائية

(1 ، 2) تأمينات اجتماعية "أنواع المعاش: معاش الأجر المتغير: احتساب معاش الأجر المتغير". قانون "القانون الواجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
(1) أحكام القوانين. سريانها على ما يقع من تاريخ العمل بها. عدم انعطاف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك. عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما انعقد من تصرفات أو تحقق من أوضاع قبل العمل به.

(2) زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر. م 19/ 3 ق 79 لسنة 1975 المعدلة بق 107 لسنة 1987. سريانه اعتبارا من 1/ 7/ 1987. علة ذلك. خروج المطعون ضده على المعاش المبكر في تاريخ سابق له. مؤداه. عدم استفادته من أحكام تلك الزيادة. التزام الحكم المطعون فيه ذلك. صحيح.

(3 ، 4) تأمينات اجتماعية "التعويض الإضافي: التعويض عن التأخر في صرف مستحقات المؤمن عليه". نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب المفتقر للدليل".
(3) حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي بواقع 1 % شهريا عن تأخير الهيئة في صرف مستحقاتهم. م 141 ق 79 لسنة 1975. قاصر على تأخر الهيئة في تقدير المعاش أو التعويضات وصرفها لهم عند خروجهم نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات تالية بينهم وبين الهيئة بعد ربط المعاش. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. علة ذلك.

(4) عدم تقديم الطاعن ما يفيد صحة نعيه. لازمه. عدم قبوله.

(5) دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره بالجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره. م 49 من ق المحكمة الدستورية العليا المعدل بالقرار بق 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها.

(6) تأمينات اجتماعية "معاش الأجر المتغير: احتساب معاش الأجر المتغير: عدم دستورية تخفيض معاش الأجر المتغير لمن انتهت خدمته بالاستقالة".
قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية تخفيض معاش الأجر المتغير لمن تنتهي خدمته بالاستقالة بنسبة 5 % عن كل سنة متبقية من سنوات الخدمة وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين. علة ذلك. انطوائه على تمييز تحكمي بين من انتهت خدمته بالاستقالة وبين من انتهت خدمته ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة. لازمه. سريان هذا الحكم من اليوم التالي لنشره. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وإعماله النص المقضي بعدم دستوريته. خطأ.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لما كان من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين.

2 - إذ كان مفاد المادة 19/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي والمادة السابعة عشر من مواد إصدار القانون رقم 107 لسنة 1987 أن زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر لا تسري إلا اعتبارا من 1/ 7/ 1987، وكان الثابت بالأوراق - وبما لا يماري فيه الطاعن - أن خدمته انتهت بخروجه على المعاش المبكر بتاريخ 11/ 7/ 1984 وبالتالي فإنه لا يستفيد من أحكام زيادة المتوسط الواردة بنص المادة 19/ 3 سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه لهذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يدل على أن حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي عن التأخير في صرف مستحقاتهم قاصر على تأخير الهيئة في تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليه نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش، ذلك أن ما دعا الشارع إلى تقرير حق المؤمن عليه أو المستحقين في الجزاء المالي إنما هي رغبته الأكيدة في سرعة صرف تلك الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم، مما مقتضاه وجوب الربط بين سريان الجزاء المالي منذ ثبوت التزام الهيئة بأداء تلك الحقوق وبين قيام موجبه من استمرار تراخيها في صرفها لأربابها، وهو ما ينتفي مبرره بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقارير الخبرة وصحيفة افتتاح الدعوى أن خدمة الطاعن انتهت في 11/ 7/ 1984 ولم يتقدم بطلب صرف المعاش إلا بتاريخ 4/ 10/ 1987 فربطت له الهيئة المطعون ضدها معاشه عن الأجر المتغير بمبلغ 62.29 جنيها شهريا اعتبارا من 1/ 10/ 1987، وبالتالي لا ينسب لها ثمة خطأ أو تراخ في صرف المستحقات قبل هذا التاريخ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.

4 - إذ كان الثابت من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل محكمة الاستئناف أنها اطلعت على كافة المستندات محل النعي وخلصت إلى أن الطاعن لم يقدم عقد التأمين الاجتماعي رقم ... محل النعي أو أية قرارات لاحقة صادرة بشأن هذا العقد حتى تتمكن من بيان الالتزامات والمزايا المترتبة عليه، كما انتهى تقرير الخبرة السابقة على تقرير اللجنة أن الطاعن لم يقدم ما يفيد مستنديا أن العقد المذكور كان ساريا حتى تاريخ انتهاء خدمته لدى الشركة المطعون ضدها الأولى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن أحقيته في الميزة الأفضل بحالته استنادا لما تقدم، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ويضحى النعي عليه بهذا السبب (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 7/ 2005 مذكرة بدفاعه أورد فيها سنده القانوني في طلب أحقيته في الميزة الأفضل المنصوص عليها في المادة 162 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، كما قدم شهادتين معتمدتين من شركة التأمين الأهلية ثابت منهما اشتراكه مع الشركة المطعون ضدها الأولى في نظام الادخار الخاص وأداء كل منهما حصته في الاشتراكات في هذا النظام حتى إلغائه عام 1961، وكذا شهادة من الشركة الأخيرة بكامل دخله عن عام 1983 قبل انتهاء خدمته عام 1984 ثابت منها متوسط دخله الشهري كأساس لحساب مكافأة نهاية الخدمة من تاريخ التحاقه بالشركة في 18/ 11/ 1946 حتى انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1984 بمبلغ 15448.490 جنيها بعد خصم ما تحملته الشركة في ذلك النظام بمبلغ 121.870 جنيها، غير أن الحكم التفت عن المذكرة سالفة الذكر وقضى برفض الطلب المشار إليه بحالته بمقولة إنه لم يتقدم بالمستندات الدالة على أحقيته فيه) غير مقبول.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لما كان النص في المادتين 175، 178 من الدستور، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 يدل على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها.

6 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 4/ 5/ 2008 في القضية رقم 310 لسنة 24 ق "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وذلك فيما قرره من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر المتغير لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة "المعاش المبكر" بنسبة 5 % عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين لما ينطوي عليه ذلك من تمييز حكمي بين هذه وبين غيرهم من المؤمن عليهم والذين تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، ومن ثم لا يجوز تطبيق هذا النص اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية والذي نشر بالعدد 20 مكرر بتاريخ 19/ 5/ 2008، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وبالتالي يتعين إعماله وتطبيقه، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النص المقضي بعدم دستوريته وقضى بتعديل الحكم الابتدائي إلى أحقية الطاعن لمبلغ 93.59 جنيها بدلا من مبلغ 116.99 جنيها كمعاش عن الأجر المتغير، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما شركة ...... والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الدعوى رقم ... لسنة 1988 عمال الإسكندرية الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامهما متضامنين بتصحيح وأداء معاشه عن الأجر المتغير اعتبارا من 1/ 10/ 1987 بجعله مبلغ 116.990 جنيه والفروق المالية من هذا التاريخ وحتى 31/ 5/ 2002 ومقدارها مبلغ 10283.600 جنيها مع إضافة غرامة إعمالا لنص المادة 141/ 3 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وبإلزام الشركة المطعون ضدها الأولى أن تؤدي إليه مبلغ 15448.490 جنيها قيمة الميزة الأفضل، وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بتصحيح وأداء معاشه عن الأجر الأساسي اعتبارا من 1/ 7/ 1984 مضافا إليه كافة الزيادات والعلاوات المقررة لأصحاب المعاشات والفروق المالية اعتبارا من التاريخ الأخير حتى 30/ 6/ 2003 ومقدارها مبلغ 17532.476 جنيها، وقال بيانا لدعواه إنه كان من العاملين لدى الشركة المطعون ضدها الأولى والتي أنهت خدمته باعتباره مستقيلا لانقطاعه عن العمل، وإذ امتنعت الهيئة المطعون ضدها عن صرف معاشه وبمستحقاته التأمينية، فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الطعن بالنقض المقام منه في الجنحة رقم ... لسنة 1988 العطارين واستئنافها رقم ... لسنة 1989 مستأنف شرق. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 48 ق والتي قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 63 ق وقضى فيه بنقض الحكم وبإحالة الأوراق إلى محكمة استئناف الإسكندرية حيث قضت بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر الموضوع. قضت المحكمة بإلزام الهيئة المطعون ضدها بتصحيح معاش الأجر المتغير من مبلغ 62.29 جنيها إلى 116.99 جنيها شهريا وبأن تؤدي للطاعن مبلغ 10283.60 جنيها عن الفترة من 1/ 10/ 1987 حتى 31/ 5/ 2003 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم ... لسنة 60 ق، كما استأنفته الهيئة المطعون ضدها الثانية لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 60 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير لسابقه وندبت لجنة من الخبراء قدمت تقريرا حكمت بتاريخ 11/ 6/ 2006 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف إلى أحقية الطاعن في المعاش المبكر اعتبارا من 11/ 7/ 1984 وبإلزام الهيئة المطعون ضدها أن تؤدي له الفروق المالية اعتبارا من هذا التاريخ حتى 28/ 5/ 2005 ومقدارها مبلغ 19485.957 جنيها وما يستجد منها وبأحقيته في المعاش عن الأجر المتغير بمبلغ 93.59 جنيها وبإلزام الأخيرة أن تؤدي له الفروق المالية ومقدارها مبلغ 10191.71 جنيها وما يستجد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات على أن يكون الرفض بحالته بالنسبة لطلب الميزة الأفضل، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلبه زيادة معاشه عن الأجر المتغير بنسبة 2 % مستندا في ذلك إلى تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة الاستئناف الذي خلص إلى أنه ليست لديه مدة اشتراك فعلية في هذا الأجر لمدة سنة من 1/ 4/ 1984 حتى تاريخ انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1987 مستبعدا في ذلك مدة اشتراكه السابقة معتبرا إياها مدة اشتراك غير فعلية، حال إن تقرير الخبرة المودع بتاريخ 19/ 6/ 2003 أورد أن له مدة اشتراك في الأجر المتغير جاوزت الخمسة عشر عاما حتى 31/ 12/ 1980 ومخالفة بذلك نص المادة 19 /3 من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي والمادة الرابعة من القرار الوزاري رقم 59 لسنة 1984 وهو ما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المبادئ الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا تتعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، مما مؤداه عدم جواز انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد انعقد قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها أعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين، وكانت المادة 19/ 3 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1987 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي قد نصت على أن "... ويسوى معاش الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك عن هذا الأجر، ويراعى في حساب المتوسط الشهري ما يأتي: 1- ...، 2- ... 3- يزاد المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر بشرط ألا يزيد المتوسط بعد إضافة هذه الزيادة على الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير"، ونصت المادة السابعة عشر من مواد إصدار القانون رقم 107 لسنة 1987 على أن "ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من 1/ 7/ 1987 ويعمل بتعديله للنصوص المبينة فيما يأتي اعتبارا من 1/ 4/ 1984" - وليس من بينها المادة 19/ 3 آنفة البيان -، مفاد ذلك أن زيادة المتوسط الذي يحسب على أساسه معاش الأجر المتغير بواقع 2 % عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر لا تسري إلا اعتبارا من 1/ 7/ 1987، وكان الثابت بالأوراق - وبما لا يماري فيه الطاعن - أن خدمته انتهت بخروجه على المعاش المبكر بتاريخ 11/ 7/ 1984 وبالتالي فإنه لا يستفيد من أحكام زيادة المتوسط الواردة بنص المادة 19/ 3 سالفة البيان، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه لهذه النتيجة الصحيحة فإن النعي عليه بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض طلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي له غرامة عن التأخير في صرف مستحقاته بواقع 1 % على سند من أن المنازعة بين الطرفين تدور حول أصل الحق المطالب به باستحقاقه المعاش المبكر من عدمه، في حين أن الشركة المطعون ضدها الأولى امتنعت عن تحرير استمارة 6 تأمينات للإيهام باستحقاقه لمعاش الشيخوخة بدلا من المعاش المبكر، وأن الهيئة المطعون ضدها الثانية مسئولة عن مراجعة التسويات المالية التي تجريها الشركات نيابة عنها، ومن ثم تتوافر شروط إعمال الجزاء المالي المنصوص عليه في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أن "على الهيئة المختصة أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه أو المستحقين طلبا بذلك مشفوعا بالمستندات المطلوبة ... فإذا تأخر صرف المبالغ المستحقة عن المواعيد المقررة لها التزمت الهيئة المختصة بناء على طلب صاحب الشأن، بدفعها مضافا إليها 1 % من قيمتها عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد المحدد بما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات وذلك من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستفيدين المستندات المطلوبة منهم ..."، يدل - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أن حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي عن التأخير في صرف مستحقاتهم قاصر على تأخير الهيئة في تقدير المعاشات أو التعويضات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليه نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش، ذلك أن ما دعا الشارع إلى تقرير حق المؤمن عليه أو المستحقين في الجزاء المالي إنما هي رغبته الأكيدة في سرعة صرف تلك الحقوق التأمينية لأربابها لما لها من صلة أساسية بأسباب معيشتهم، مما مقتضاه وجوب الربط بين سريان الجزاء المالي منذ ثبوت التزام الهيئة بأداء تلك الحقوق وبين قيام موجبه من استمرار تراخيها في صرفها لأربابها، وهو ما ينتفي مبرره بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وتقارير الخبرة وصحيفة افتتاح الدعوى أن خدمة الطاعن انتهت في 11/ 7/ 1984 ولم يتقدم بطلب صرف المعاش إلا بتاريخ 4/ 10/ 1987 فربطت له الهيئة المطعون ضدها معاشه عن الأجر المتغير بمبلغ 62.29 جنيها شهريا اعتبارا من 1/ 10/ 1987، وبالتالي لا ينسب لها ثمة خطأ أو تراخ في صرف المستحقات قبل هذا التاريخ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه قدم أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 3/ 7/ 2005 مذكرة بدفاعه أورد فيها سنده القانوني في طلب أحقيته في الميزة الأفضل المنصوص عليها في المادة 162 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، كما قدم شهادتين معتمدتين من شركة التأمين الأهلية ثابت منهما اشتراكه مع الشركة المطعون ضدها الأولى في نظام الادخار الخاص وأداء كل منهما حصته في الاشتراكات في هذا النظام حتى إلغائه عام 1961، وكذا شهادة من الشركة الأخيرة بكامل دخله عن عام 1983 قبل انتهاء خدمته عام 1984 ثابت منها متوسط دخله الشهري كأساس لحساب مكافأة نهاية الخدمة من تاريخ التحاقه بالشركة في 18/ 11/ 1946 حتى انتهاء خدمته في 11/ 7/ 1984 بمبلغ 15448.490 جنيها بعد خصم ما تحملته الشركة في ذلك النظام بمبلغ 121.870 جنيها، غير أن الحكم التفت عن المذكرة سالفة الذكر وقضى برفض الطلب المشار إليه بحالته بمقولة إنه لم يتقدم بالمستندات الدالة على أحقيته فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل محكمة الاستئناف أنها اطلعت على كافة المستندات محل النعي وخلصت إلى أن الطاعن لم يقدم عقد التأمين الاجتماعي رقم ... محل النعي أو أية قرارات لاحقة صادرة بشأن هذا العقد حتى تتمكن من بيان الالتزامات والمزايا المترتبة عليه، كما انتهى تقرير الخبرة السابقة على تقرير اللجنة أن الطاعن لم يقدم ما يفيد مستنديا أن العقد المذكور كان ساريا حتى تاريخ انتهاء خدمته لدى الشركة المطعون ضدها الأولى، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن أحقيته في الميزة الأفضل بحالته استنادا لما تقدم، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ويضحى النعي عليه بهذا السبب غير مقبول.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في تخفيض معاشه عن الأجر المتغير من مبلغ 116.990 جنيها إلى 93.590 جنيها شهريا على ما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والذي أسس نتيجته على حكم المادة 23/ 2 من القانون رقم 107 لسنة 1987 رغم عدم سريانه على معاشه لكونها اشترطت لإعمال أحكامها ألا يكون سن المؤمن عليه قد بلغ 55 عاما في تاريخ انتهاء خدمته، مع أنه كان قد تجاوز هذا السن في هذا التاريخ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن النعي في أساسه سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين في القانون ..."، والنص في المادة 178 منه على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار"، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخا آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر ..."، يدل على أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 4/ 5/ 2008 في القضية رقم 310 لسنة 24 ق "دستورية" بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وذلك فيما قرره من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر المتغير لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة "المعاش المبكر" بنسبة 5 % عن كل سنة من السنوات المتبقية من تاريخ استحقاق الصرف وحتى تاريخ بلوغ المؤمن عليه سن الستين لما ينطوي عليه ذلك من تمييز حكمي بين هذه وبين غيرهم من المؤمن عليهم والذين تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، ومن ثم لا يجوز تطبيق هذا النص اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية والذي نشر بالعدد 20 مكرر بتاريخ 19/ 5/ 2008، وقد لحق الدعوى أمام هذه المحكمة، وبالتالي يتعين إعماله وتطبيقه، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه هذا النص المقضي بعدم دستوريته وقضى بتعديل الحكم الابتدائي إلى أحقية الطاعن لمبلغ 93.59 جنيها بدلا من مبلغ 116.99 جنيها كمعاش عن الأجر المتغير، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

وحيث إن الطعن في خصوص ما نقض من الحكم صالح للفصل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق