جلسة ٣٠ من يناير سنة ١٩٦٩
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة،
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وسليم راشد أبو
زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
--------------
(٣٥)
الطعن رقم لسنة ٣٤ القضائية
( أ ) استئناف. "استئناف فرعي". نقض.
"أسباب الطعن.
١ - متى كان الثابت أن المطعون ضده أقام استئنافه
بالإجراءات المعتادة لرفع الاستئناف وأثناء نظر الاستئناف المرفوع من الطاعنة وقبل
إقفال باب المرافعة فيه، فإن استئناف المطعون ضده يكون مقبولاً على اعتبار أنه
استئناف فرعي، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بأن هذا الاستئناف قد رفع
بعد الميعاد غير منتج.
٢ - لا تبرأ ذمة المدين بمجرد إرساله حوالة بريدية بقيمة الدين إلى الدائن، بل
بقبض الدائن قيمة هذه الحوالة فعلاً. وعلى المدين إذا ادعى براءة ذمته من الدين
إثبات ذلك.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه
السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن
الطاعن بصفته أقام على المطعون ضده الدعوى رقم ٤٩٥٤ سنة ١٩٥٤ كلي القاهرة وطلب
الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ٥٩٩ جنيه والفوائد بواقع ٤% من تاريخ المطالبة
الرسمية وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم عوض عريان المهدي أوقف على جامعة القاهرة
أطياناً زراعية مساحتها ٧٢ ف و٢٣ ط بناحيتي بوش ودلاص محافظة بني سويف وقد تولى
المطعون ضده النظر عليها منذ أواخر سنة ١٩٤٥ حتى صدور القانونين ٢٤٧، ٥٤٧ لسنة
١٩٥٣ وبمراجعة الحساب المقدم منه لوزارة الأوقاف التي آل إليها النظر على الأوقاف
الخيرية بمقتضى ذينك القانونين تبين أن المطعون ضده عمد إلى تخفيض مساحة الأرض
الصالحة للزراعة إلى خمسين فداناً وأنه حمل جهة الوقف في المدة من سنة ١٩٤٦ إلى
سنة ١٩٥١ مصاريف لا موجب لها واحتسب لنفسه أجراً قدره ١٠% من قيمة الأرض الإيجارية
بغير حق ولهذا فقد رفع الطاعن عليه الدعوى يطلب إلزامه بما لم يدفعه من الريع
المستحق وبالمصاريف التي حملها الوقف بغير حق وبأجر النظر الذي احتسبه لنفسه بغير
سند من كتاب الوقف. وإذ نازع المطعون ضده في هذه الطلبات فقد قضت المحكمة في ٢٢
مايو سنة ١٩٥٦ بندب أحد الخبراء الحكوميين للانتقال إلى أعيان النزاع لمعاينتها
وتقدير ريعها في مدة النزاع وتصفية الحساب بين الطرفين. باشر الخبير هذه المأمورية
وقدم تقريراً خلص فيه إلى أن المطعون ضده قد أسقط من المساحة الصالحة للزراعة ستة
أفدنة يبلغ إيجارها في السنوات من سنة ١٩٤٧ إلى سنة ١٩٦١ - ٣٠٦ جنيه وأنه احتسب في
أجور الانتقال ومرتب الخفير المضافة إلى جانب الوقف زيادة بمبلغ ٩٦ ج أما أجر
النظر وقدره ١٨٧ ج و٨٦٥ م فقد ترك الخبير أمر الفصل فيه للمحكمة. وعدل الطاعن
طلباته إلى الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع له مبلغ ٦٩٢ ج و٢٨٢ م منها ٤٠٢ جنيه
قيمة المبالغ التي أوردها الخبير في تقريره و١٨٧ ج و٨٦٥ م قيمة أجر النظر الذي
احتسبه المطعون ضده لنفسه بغير سند من كتاب الوقف أو حكم القاضي ومبلغ ١٠٣ ج و٢٨٢
م قيمة الباقي من ريع سنة ١٩٥٠ الذي أرسله المطعون ضده إلى الجامعة بحوالات بريدية
ردت إليه لعدم صلاحيتها للصرف ولم يقم بعد ذلك بسداده لخزينة الجامعة. وفي ٢٠
يونيه ١٩٦٠ قضت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن بصفته مبلغ ٣١٧ ج و٤١٧
م والفوائد بواقع ٤% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في ٢٠/ ١٢/ ١٩٥٤ حتى تمام
الوفاء مستندة في ذلك إلى أن المطعون ضده ما زال مديناً للطاعن بمبلغ ٤٠٢ جنيه
قيمة المبالغ التي أثبتها الخبير في تقريره وبمبلغ ١٠٣ ج و٢٨٢ م باقي ريع سنة ١٩٥٠
الذي لم يقم بسداده رغم إعادة الحوالات البريدية إليه لتجديدها وقد خصمت المحكمة
من مجموع هذين المبلغين مبلغ ١٨٧ ج و٨٦٥ م قيمة أجر النظر على أعيان الوقف خلال
سنوات النزاع رأت أحقية المطعون ضده في اقتضائه. استأنف الطاعن هذا القضاء لدى
محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ١٢٤٧ سنة ٧٩ ق طالباً تعديله وعدم احتساب
أجر نظر للمطعون ضده كما استأنفه هذا الأخير بالاستئناف رقم ١٦٦١ سنة ٧٩ ق طالباً
إلغاءه ورفض الدعوى. دفع الطاعن بسقوط هذا الاستئناف لرفعه بعد الميعاد ورد
المطعون ضده على هذا الدفع بأن استئنافه هو استئناف فرعي وأنه ما دام قد رفع قبل
إقفال باب المرافعة فإنه يكون مقبولاً. وفي ١١/ ١٢/ ١٩٦٣ قضت المحكمة برفض هذا
الدفع ثم حكمت في ٢٨/ ١٠/ ١٩٦٤ في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام
المطعون ضده بأن تدفع للطاعن مبلغ ٤٠٢ ج و٦ م استناداً إلى عدم أحقية المطعون ضده
في اقتضاء أجر عن مدة تنظره على الوقف وإلى عدم أحقية الطاعن في المطالبة بقيمة
الحوالات البريدية التي لم يقدم الدليل على إعادتها للمطعون ضده. وبتقرير مؤرخ ٢٦
ديسمبر سنة ١٩٦٤ طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ ١١/
١٢/ ١٩٦٣ برفض الدفع بسقوط الاستئناف رقم ١٦٦١ سنة ٧٩ ق المرفوع من المطعون ضده.
وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم للسببين الواردين بالتقرير
وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم الصادر في ١١/ ١٢/ ١٩٦٣ خالف القانون وأخطأ في
تأويله وتطبيقه، ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الاستئناف
المرفوع من المطعون ضده برقم ١٦٦١ سنة ٧٩ ق لرفعه بعد الميعاد على أن مقتضى
القواعد التي قررتها المادة ٤٠٢ من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم ١٠٠ لسنة
١٩٦٢ والمادة السابعة من هذا القانون والمادة ٢٠ من قانون المرافعات، أن يكون بدء
العمل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٢ الذي تم نشره بتاريخ ٢٩/ ٥/ ١٩٦٢ هو يوم ١٤/ ٧/
١٩٦٢ وأن يكون اليوم الأول لاحتساب الستين يوماً المحددة للاستئناف المرفوع من
المطعون ضده هو يوم ١٥/ ٧/ ١٩٦٢ واليوم الذي ينتهي فيه هذا الميعاد هو يوم ١٢/ ٩/
١٩٦٢ وأنه إذ كانت صحيفة هذا الاستئناف قدمت لقلم المحضرين في ١٢/ ٩/ ١٩٦٢ فإنه
يكون قد رفع في الميعاد، ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه خطأ في
القانون ذلك أن ميعاد الستين يوماً يبدأ من يوم ١٤/ ٧/ ١٩٦٢ تاريخ العمل بالقانون
رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٢ ولا محل للاستناد إلى المادة ٢٠ من قانون المرافعات للقول بعدم
احتساب هذا اليوم ما دام المشرع قد جعله مبدأ لسريان ميعاد الاستئناف وإذ كان
الميعاد على هذا الأساس ينتهي يوم ١١/ ٩/ ١٩٦٢ فإن استئناف المطعون ضده يكون قد
رفع بعد الميعاد.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ في حساب
ميعاد الاستئناف لأن الميعاد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالنسبة للأحكام
الصادرة قبل العمل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٢ والتي لم تعلن، يبدأ من يوم ١٤
يوليو سنة ١٩٦٢ تاريخ العمل بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٦٢ ويدخل هذا اليوم ضمن ميعاد
الاستئناف، إلا أنه لما كان المطعون ضده قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن استئنافه
هو استئناف فرعي وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أقام استئنافه بالإجراءات
المعتادة لرفع الاستئناف وأثناء نظر الاستئناف المرفوع من الطاعنة وقبل إقفال باب
المرافعة فيه فإن استئناف المطعون ضده يكون مقبولاً على اعتبار أنه استئناف فرعي.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم الصادر في ٢٨/ ١٠/ ١٩٦٤ إذ قضى في أسبابه
المرتبطة بالمنطوق ببراءة ذمة المطعون ضده من قيمة باقي ريع سنة ١٩٥٠ تأسيساً على
أن الطاعن أقر بأن المطعون ضده أرسل إليه ريع سنة ١٩٥٠ كاملاً بموجب حوالات بريدية
ولم يقدم الدليل على أنه رد إليه بعضاً منها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه
من وجهين (الأول) أن الحكم اعتد بالحوالات البريدية كطريق من طرق الوفاء بالدين في
حين أن الدين إذا كان مبلغاً من المال وأراد المدين إبراء ذمته منه فإنه يجب عليه
أن يعرضه على الدائن عرضاً حقيقياً (والثاني) أن الحكم اعتبر مجرد إرسال المدين
حوالات بريدية بقيمة الدين واستلام الدائن لهذه الحوالات سنداً كافياً للمدين
لإثبات براءة ذمته منه في حين أن الحوالات البريدية وإن كانت تمنح الدائن ضماناً
خاصاً يتمثل في مديوينة هيئة البريد له إلا أنه من حق الدائن أن يرفضها لأنها لا
تعتبر وفاء مباشراً.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن دفاع الجامعة "الطاعنة" قام بالنسبة
لمبلغ ١٠٣ ج و٢٨٢ م الذي تطالب به باعتباره الباقي من ريع سنة ١٩٥٠، على أن
المطعون ضده كان قد أرسل إليها حوالات بريدية بقيمة ريع هذه السنة وأنها ردت إليه
بعضها وقيمته ١٠٣ ج و٢٨٢ م لعيب وجدته فيها لم تتمكن معه من صرف قيمتها من مكتب
البريد وأن هذا المبلغ ما زال باقياً لها في ذمة المطعون ضده، وقد أنكر المطعون
ضده أن الطاعنة ردت إليه تلك الحوالات زاعماً أن الحوالات التي أعادتها إليه
الجامعة كانت عن ريع سنة ١٩٥١ وليست عن ريع سنة ١٩٥٠ وأنه أوفى إليها نقداً قيمة
تلك الحوالات المعادة وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض الطلب الطاعنة في هذا
الخصوص على قوله "وحيث إنه عن مبلغ ١٠٣ ج و٢٨٢ م الباقي من ريع سنة ١٩٥١ الذي
عدلت المستأنفة (الجامعة) طلباتها إليه بمقولة إنه ولئن كان المستأنف عليه
(المطعون ضده) سدد لها مبلغ ٣٢٠ ج و٢٧٣ م صافي الريع عن تلك السنة بموجب حوالات
بريدية رقم ٨٦، ٨٧، ٨٨، ٩١ مجموعة رقم ٦٥، ٨٢ وإذن بريد رقم ٧٤٣٦٦ أرسلها للجامعة
مسحوبة على مكتب بريد الجيزة إلا أن الجامعة لم تتمكن من صرف قيمة هذه الحوالات
جميعها نتيجة لعدم صلاحية بعض هذه الحوالات للصرف وردتها إليه لتجديدها فلم يجددها
ولم يقم بتوريد قيمتها وقدره ١٠٣ ج و٢٨٢ م المطالب به - تقول الجامعة قولها هذا
الذي تعترف فيه بأن المستأنف عليه أرسل لها صافي ريع سنة ١٩٥٠ جميعه بموجب
الحوالات سالفة البيان دون أن تقدم الدليل على أنها ردت له منها ما قيمته ١٠٣ ج
و٢٨٥ م في حين يقرر المستأنف عليه أنه أرسل للجامعة على مكتب بريد الجيزة أيضاً
حساب ريع سنة ١٩٥١ وقدره ٢٥٧ ج و٧٨٠ م بأربع حوالات أخرى هي أرقام... وأن هذه
الحوالات الأربع هي التي ردت له من الجامعة وسدد قيمتها نقداً وقد تأيدت هذه
الأقوال بما ورد في كشف الحساب المقدم منه للخبير من أنه سدد صافي ريع سنة ١٩٥٠
وقدره ٣٢٠ ج و٢٧٣ م بموجب الحوالات التي أشارت الجامعة إلى أرقامها وبما ورد في
كشف حساب سنة ١٩٥١ من أنه سدد لها صافي ريعها وقدره ٢٥٧ ج و٧٨٠ م بموجب الحوالات
التي أشار المستأنف عليه إلى أرقامها وبما ثبت من الإيصال المؤرخ ١/ ١٢/ ١٩٦٢ من
أنه سدد للمستأنفة نقداً مبلغ ٢٥٧ ج و٧٩٠ م ريع سنة ١٩٥١ إذ يستدل من هذا جميعه أن
الحوالات التي أعيدت للمستأنف عليه هي عن سنة ١٩٥١ وقد سدد قيمتها، هذا خلافاً لما
تقرره المستأنفة ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لهذا الشق من
الدعوى" ولما كانت ذمة المدين لا تبرأ من الدين بمجرد إرساله حوالات بريدية
بقيمته إلى الدائن بل بقبض الدائن قيمة هذه الحوالات فعلاً، وكان على المدين إذا
ادعى براءة ذمته من الدين إثبات ذلك، فإنه وقد ثبت التزام المطعون ضده بريع سنة
١٩٥٠ وادعى أنه أرسل بقيمته حوالات بريدية للطاعنة وقد أنكرت الطاعنة قبض قيمة بعض
هذه الحوالات وقالت أنها ردتها إليه بعد أن لم تتمكن من صرفها بسبب عيب فيها فإن
على المطعون ضده وهو المدين إقامة الدليل على أن الطاعنة قبضت قيمة تلك الحوالات
التي ادعت أنها لم تصرفها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند في رفض
دعوى الطاعنة في هذا الخصوص إلى أنها لم تقدم الدليل على أنها لم تقبض قيمة هذه
الحوالات وردتها إلى المطعون ضده فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يستوجب نقضه.
ولا يشفع للحكم ما قرره أخذاً بكشف الحساب المقدم من المطعون ضده من أن الحوالات
التي وردت إليه كانت خاصة بريع سنة ١٩٥١ ذلك أنه علاوة على أن الحكم قد استند في
ذلك إلى ورقة من صنع الخصم المدعى عليه ونازعت فيها الجامعة الطاعنة وهو ما لا
يجوز قانوناً، فإنه ما دامت هذه الجامعة وهي الدائنة تنكر قبض قيمة الحوالات
الخاصة بالمبلغ محل النزاع من مصلحة البريد فإن ذمة المطعون ضده لا تبرأ من هذا
المبلغ إلا إذا أثبت أنها صرفت فعلاً قيمة تلك الحوالات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق