الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 أكتوبر 2022

الطعن 1584 لسنة 39 ق جلسة 24 / 11 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 269 ص 1321

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمود العمراوي, وطه الصديق دنانة, ومصطفى الأسيوطي, ومحمد ماهر حسن.

----------------

(269)

الطعن 1584 لسنة 39 ق

(1 ، 2) تزوير. "أوراق عرفية. استعمال أوراق مزورة". جريمة. "أركانها". "طبيعتها". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى جنائية. "انقضاؤها". تقادم.
(1) عدم الالتزام بالتحدث عن ركن العلم في جريمة استعمال محرر مزور. ما دامت مدونات الحكم تدل على قيام هذا الركن.
متى تتحقق عناصر جريمة استعمال المحرر المزور؟

(2) جريمة استعمال ورقة مزورة. مستمرة. متى تبدأ هذه الجريمة ومتى تنتهي؟
بدء مدة سقوط الدعوى الجنائية في جريمة استعمال ورقة مزورة. من تاريخ الكف عن التمسك بها أو التنازل عنها. أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها.

(3) إجراءات المحاكمة. دعوى جنائية "انقضاؤها". تقادم. "قطع التقادم". دعوى جنائية. "انقضاؤها".
كل إجراء من إجراءات المحاكمة بقطع التقادم. متى كانت المحكمة في مباشرتها إياه ترسله على الزمن الذي لم تبلغ نهايته المدة المسقطة للدعوى الجنائية.

(4 ، 5) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها".
(4) متى لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي؟

(5) عدم التزام المحكمة بإعادة قضية للمرافعة. بعد حجزها للحكم.

(6 ، 7) إجراءات المحاكمة. محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "شهادة".
(6) حق المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك. صراحة أو ضمنا.

(7) استبعاد المحكمة لمذكرة وردت لها بعد الميعاد المحدد لتقديمها. لا عيب.

(8) إجراءات المحاكمة. محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". إثبات. "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
محكمة ثاني درجة. لا تلتزم بإجراء تحقيق. إلا إذا رأت لزوما لإجرائه. متى لا تلتزم المحكمة بطلب سماع الشهود؟

---------------

1 - الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور، ما دامت مدوناته تغني عن ذلك، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد أبان في وضوح، ودلل في عبارات سائغة على قيام ركن العلم في حق الطاعن بما يكفي لحمله، وأثبت أن الطاعن استعمل المحرر المزور مع علمه بذلك بأنه قدمه في القضايا المشار إليها فيه، فإنه بذلك تتحقق العناصر القانونية لجريمة استعمال المحرر المزور التي أدان الطاعن بها.

2 - إن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقى مقدمها متمسكاً بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى فيها إلا من تاريخ الكف عن التمسك بالورقة أو التنازل عنها، أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها.

3 - مفاد نص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة باشرته المحكمة، يقطع مدة التقادم، ما دام لم يمض على آخر إجراء قامت به المدة المقررة له.

4 - لا تلتزم المحكمة بمتابعة دفاع المتهم في مناحيه المختلفة ما دامت أوردت في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها.

5 - من المقرر أنه متى حجزت المحكمة القضية للحكم، فإنها لا تكون ملزمة بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها.

6 - إن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود، إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه.

7 - متى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد استبعدت مذكرة الطاعن لورودها بعد الميعاد المصرح له فيه بتقديم المذكرات، فليس له من بعد ذلك وهو المقصر في تقديم مذكرته في الميعاد المحدد، النعي عليها بأنها قد أخلت بحقه في الدفاع.

8 - الأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماع الشهود نظراً لما أرأته من وضوح الواقعة المطروحة عليها، وكان الطاعن قد عد متنازلاً عن سماعهم بتصرفه بما يدل على ذلك أمام محكمة أول درجة فضلاً عن أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة الاستئنافية، بسماع الشهود، الأمر الذي يفقد طلبه في هذا الخصوص خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته، حتى ولو أنه سبق أن أبداه في جلسة سابقة.

-----------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 28 يناير سنة 1957 بدائرة مركز السنطة محافظة الغربية (أولا) ارتكب تزويرا في محرر عرفي هو السند المؤرخ 28 يناير سنة 1957 والمنسوب صدوره إلى ..... وذلك بمحو عبارات وإضافة كلمات نسب صدورها زورا إلى المجني عليه إضرارا به (ثانيا) استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى محكمة السنطة في القضية رقم 885 سنة 1958 مدني السنطة. وطلبت معاقبته بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات. وادعى .... مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة السنطة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل عن التهمتين وكفالة 10ج لوقف التنفيذ مع إلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الاستئناف حضوريا اعتباريا بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض, وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. طعن المحامي الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض بتاريخ 13مارس سنة 1967 بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة طنطا الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى من جديد بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع (أولا) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانته بالنسبة للتهمة الأولى وبراءة المتهم منها (ثانيا) بتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك, والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل. فطعن المحامي الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

--------------

المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول هو القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه مع قضائه ببراءة الطاعن من تهمة تزوير المحرر موضوع الاتهام قد أدانه عن تهمة استعماله مع العلم بتزويره دون أن يدلل على قيام هذا العلم إذ ليس مجرد القضاء في الدعوى المدنية برد وبطلان هذا المحرر دليلاً على علم الطاعن بالتزوير كما أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن الذي مؤداه أنه تسلم ذلك المحرر من المدعي المدني بالحالة التي وجد عليها، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة استعمال المحرر المزور التي أدان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. إذ حصل الحكم واقعة الدعوى بما محصله أن المدعي المدني كان قد أقام الدعوى رقم 317 لسنة 1960 مدني كلي طنطا طالباً إلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 450 ج والمصروفات والأتعاب وذلك بموجب ثلاثة سندات إذنية مؤرخة 2 من أغسطس لسنة 1958 ومستحقة السداد في 5 من أكتوبر سنة 1958، 3 نوفمبر سنة 1958، 10 نوفمبر سنة 1958 وقد دفع المدعي عليه ((المتهم)) الدعوى بمقولة أنه لم يتسلم شيئاً من المدعي بالحق المدني لقاء هذه السندات، وإنما هي حررت كضمان لتحصيله ثمن سماد اتفق معه على توزيعه نظير عمولة معينة، وتقدم تأييداً لدفاعه بورقة مؤرخة 28 يناير سنة 1957 تحوي مضمون ذلك الاتفاق ومذيلة بتوقيع بإمضاء المدعي بالحق المدني وقد أقر الأخير بصحة توقيعه على الورقة إلا أنه يمحو مضمونها مقرراً أنها كانت في الأصل تشتمل على مخالصة صادرة منه لأحد مدينيه وقد تحصل عليها المتهم وقام بمحو عباراتها وكتب بدلاً عنها شروط الاتفاق سالف الذكر، ثم سار في إجراءات الطعن بالتزوير على تلك الورقة وقضت المحكمة المدنية بتاريخ 31 مايو سنة 1960 بندب خبير انتهى في تقريره إلى أن الورقة المطعون عليها كانت مشتملة في الأصل على عبارات محررة بالقلم الرصاص وتوقع عليها بتوقيع .... ((المدعي بالحق المدني)) في 28 يناير سنة 1957 بقلم كوبيا، ثم محيت عبارات صلب الورقة محواً كاملاً تقريباً، وأثبت بدلاً عنها العبارات الموجودة حالياً بها بقلم كوبيا آخر غير ذلك المستعمل أصلاً في إثبات التاريخ وتوقيع .....، أي أن التاريخ والتوقيع سابقان في كتابتهما على كتابة العبارات الحالية، وبتاريخ 27 يونية سنة 1962 قضت المحكمة المدنية برد وبطلان الإقرار المطعون فيه وألزمت المتهم بطلبات المدعي بالحق المدني، وإذ استأنف المتهم هذا الحكم قضى بسقوط حقه في الاستئناف. وقد أفصح الحكم المطعون فيه عن اعتماده لتقرير الخبير سالف الذكر لسلامة الأسس التي أقيم عليها والنتيجة التي انتهى إليها ورتب على ذلك أن الورقة المطعون عليها قد أصابها التزوير، وقضى ببراءة المتهم من تهمة التزوير تأسيساً على خلو أوراق الدعوى من أي دليل لحمل إثبات هذه التهمة في حق المتهم. ثم خلص الحكم إلى ثبوت تهمة استعمال المحرر المزور في حق الطاعن في قوله ((إنها ثابتة في حق المتهم بصورة مسلمة مستمدة من مباشرته استعمال المحرر فيما زور من أجله بتقديمه إلى محكمة السنطة المدنية الجزئية في القضايا رقم 885 لسنة 1958 و934 لسنة 1958، 9 لسنة 1959 مدني السنطة ثم منها إلى القضية 317 لسنة 1960 مدني كلي طنطا الدائرة الثالثة التي قضت بتزوير المحرر المعني، وتستظهر المحكمة في هذا الخصوص علم المتهم بتزوير المحرر الذي قدمه إلى جهة القضاء من سياق الخصومة في القضايا المشار إليها مقدماً ذلك أن المدعي المدني طالب المتهم بالمبلغ الذي له في ذمته بمقتضى السندات المؤرخة 2/8/1958 فإذا بادر المتهم بالرد على ذلك بما معناه أنه لم يتلق مقابل هذه السندات وأن السندات ما حررت إلا تأميناً لقيامه بتوزيع أسمدة لحساب الطاعن بمقتضى الورقة المزورة والتي احتوت على إقرار بهذا التوزيع ثم انتهت إثر ذلك إلى أن بيانات الإقرار قد حررت بعد توقيع المدعي المدني على الورقة المحتوية على الإقرار وعلى بيانات ممحاة، فإن الأمر يسفر واقعاً وعقلاً عن أن المتهم كان يعلم أنه يقدم محرراً اصطنعه زوراً لخدمة موقفه الكالح في المطالبة المدنية. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت مدوناته تغني عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد أبان في وضوح، ودلل في عبارات سائغة على قيام ركن العلم في حق الطاعن بما يكفي لحمله، وأثبت أن الطاعن استعمل المحرر المزور مع علمه بذلك بأن قدمه في القضايا المشار إليها وهو ما تتحقق به العناصر القانونية لجريمة استعمال المحرر المزور التي أدان الطاعن بها. ولا يؤثر في سلامة الحكم - بعد أن انتهى إلى براءة الطاعن من تهمة تزوير المحرر لعدم اطمئنان المحكمة إلى ثبوتها في حقه - عبارة ((محرراً اصطنعه)) إذ لا بد من حمل مقصودها إلى أن المحرر اصطنع لخدمة الطاعن. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة مناحي دفاع المتهم المختلفة بعد أن أوردت في حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة لم تستجب لطلب الدفاع لسماع شهادة الشهود وضم القضايا التي طلب ضمها حسبما هو ثابت من محاضر الجلسات ومذكرة الدفاع التي استبعدتها المحكمة رغم ما تحويه من دفاع قانوني ودفع بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن ما أثاره الطاعن بشأن التفات المحكمة عن سماع الشهود الذين طلب سماعهم فغير سديد، ذلك أن المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 تخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، إذ الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك بطلب سماع الشهود الذين يطلب فتح باب المرافعة لسماع شهادتهم لإثبات أن الورقة موضوع الاتهام ليست مزورة، ومن المقرر أنه متى حجزت المحكمة القضية للحكم فإنها لا تكون ملزمة بإعادتها للمرافعة لإجراء تحقيق فيها، والأصل أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم على مقتضى الأوراق، وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه وما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى سماع الشهود نظراً لما ارتأته من وضوح الواقعة المطروحة عليها، وكان الطاعن قد عد متنازلاً عن سماعهم بتصرفه بما يدل على ذلك أمام محكمة أول درجة فضلاً عن أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة الاستئنافية بسماع الشهود الأمر الذي يفقد طلبه في هذا الخصوص خصائص الطلب الجازم الذي تلزم المحكمة بإجابته حتى ولو أنه سبق أن أبداه في جلسة سابقة أما ما ذكره الطاعن من أن المحكمة التفتت عن طلبه ضم القضايا التي طلب ضمها فغير صحيح ذلك لما هو ثابت من مطالعة المفردات من أن القضايا التي طلب الطاعن ضمها قد وجدت مضمومة فعلاً للدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه. أما ما أثاره الطاعن بشأن استبعاد المحكمة لمذكرته التي تقدم بها رغم ما تحويه من دفاع قانوني فمردود بما هو ثابت من مطالعة محضر جلسة 10 ديسمبر سنة 1968 التي تمت فيها المرافعة أن المحكمة حجزت القضية للحكم لجلسة 28 يناير سنة 1969 وصرحت لمن يشاء من الخصوم بتقديم مذكرة في خلال أسبوعين على أن تكون المدة مناصفة تبدأ بالمدعي بالحق المدني، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد استبعدت مذكرة الطاعن لورودها بتاريخ 21 يناير سنة 1969 أي بعد الميعاد المصرح فيه بتقديم المذكرات فليس له من بعد ذلك وهو المقصر في تقديم مذكرته في الميعاد المحدد النعي عليها بأنها قد أخلت بحقه في الدفاع أما ما دفع به الطاعن في مذكرته التي استبعدتها المحكمة من انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لتعلق هذا الدفاع بالنظام العام فغير سديد أيضاً ذلك أنه من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة هي جريمة مستمدة تبدأ بتقديم الورقة والتمسك بها وتبقى مستمرة ما بقي مقدمها متمسكاً بها، ولا تبدأ مدة سقوط الدعوى إلا من تاريخ الكف عن التمسك أو التنازل عنها أو من تاريخ صدور الحكم بتزويرها. ويبين من الأوراق أن الطاعن بقى متمسكاً بالورقة المزورة إلى أن حكم بتزويرها في 27 يونيه سنة 1962 ثم استأنف هذا الحكم وقضى بسقوط حقه في الاستئناف ثم باشرت النيابة العامة تحقيقها بسؤال المتهم - الطاعن - والمجني عليه وقدمت المتهم للمحاكمة التي بدأت أولى جلساتها بحضوره في 3 من أكتوبر سنة 1964 وتوالت الجلسات أمام محكمة الدرجة الأولى حتى أصدرت حكمها حضورياً بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1965 بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت، وقد استأنف المتهم هذا الحكم وحضر أولى الجلسات الاستئنافية في 7 فبراير سنة 1966 وحكم حضورياً اعتبارياً بتاريخ 18 أبريل سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف وإذ عارض وقضي في معارضته في 18 ديسمبر سنة 1966 بتأييد الحكم المعارض فيه، فقرر المتهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 13 مارس سنة 1967 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة. ثم أعيدت المحاكمة التي بدأت أولى جلساتها بحضور المتهم في 31 مايو سنة 1967 وتداولت الجلسات حتى قضت المحكمة حضورياً بتاريخ 25 فبراير سنة 1969 ببراءته من التهمة الأولى وتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً وتأييده فيما عدا ذلك. وإذ كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه ((تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء)) ومفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة سالفة الذكر باشرتها المحكمة وكانت في مباشرتها إياها ترسلها على الزمن الذي لم يبلغ غايته المدة المسقطة للدعوى وقبل أن يمضي على أخر إجراء قامت به المدة المقررة للتقادم. لما كان ذلك، فإن ما جاء بهذين الوجهين لا يكون له محل.

وحيث إنه لما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق