برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي ود. مصطفى سالمان ومحمد القاضي وصلاح عصمت نواب
رئيس المحكمة
------------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن الدفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، هو دفع للدعوى برمتها في موضوعها ذاته
ومتى قبلته المحكمة انحسمت الخصومة في هذا الموضوع أمامها واستنفدت ولايتها في
نظره وأصبح من غير الممكن قانونا الرجوع إليها فيه.
2 - إن النص في المادة 63 من قانون حماية
الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أن "العلامة التجارية هي كل ما يميز
منتجا سلعة كانت أو خدمة عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا
مميزا، والإمضاءات، والكلمات، والحروف، والأرقام، والرسوم، والرموز، وعناوين
المحال، والدمغات، والأختام، والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي
تتخذ شكلا خاصا ومميزا، وكذلك أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن
تستخدم إما في تمييز منتجات عمل صناعي، أو استغلال زراعي، أو استغلال للغابات، أو
لمستخرجات الأرض، أو أية بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات، أو البضائع، أو
نوعها، أو مرتبتها، أو ضمانها، أو طريقة تحضيرها وإما للدلالة على تأدية خدمة من
الخدمات. وفي جميع الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر".
وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن العلامة التجارية هي كل ما يستخدم في
تمييز منتجات أو خدمات للدلالة على أنها تخص صاحب العلامة التجارية بسبب صنعها أو إنتاجها
أو الإتجار بها أو عرضها للبيع، ويجوز أن يكون الاسم التجاري إذا كان مبتكرا علامة
تجارية أو جزء منها وعلى كل من يرغب في استعمال علامة تجارية لتمييز منتجاته أو
خدماته أن يطلب تسجيلها في مصلحة التسجيل التجاري، ويعتبر من قام بتسجيل علامة
تجارية معينة مالكا لها دون سواه متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات
التالية للتسجيل، ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره ويحق لمن كان أسبق
إلى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه الطعن ببطلان التسجيل خلال الخمس سنوات
المذكورة، ومع ذلك يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة دون التقيد بأي مدة متى اقترن
التسجيل بسوء نية. كما أنه من المقرر أن تقليد العلامة التجارية يقوم على محاكاة
تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد، عن طريق اصطناع لعلامة مشابهة في مجموعها
للعلامة الأصلية تشابها من شأنه تضليل الجمهور. والعبرة في تقليد العلامة التجارية
ليست بأوجه الاختلاف وإنما بأوجه التشابه التي تحدث اللبس بينهما مما يؤدي إلى
تضليل جمهور المستهلكين وينطوي على اعتداء على ملكية العلامة، وينظر في هذه الحالة
إلى أوجه التشابه العامة أي تشابه العلامة المقلدة في مجموعها مع العلامة
الحقيقية، وليس الفيصل في التمييز بين علامتين باحتواء العلامة على حروف أو رموز
أو صور مما تحتويه أخرى، وإنما بالصورة العامة التي تنطبع في الذهن نتيجة لتركيب
هذه الحروف أو الرموز أو الصور مع بعضها والشكل الذي تبرز به في علامة أو أخرى
بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها، وما إذا كانت الواحدة منها تشترك في جزء
أو أكثر مما تحتويه الأخرى، والتي ينخدع بها المستهلك متوسط الحرص والانتباه لا
الرجل الفني. ويعد تقليد العلامة التجارية، بهذه المثابة، من بين صور الخطأ التي
يمكن الاستناد إليها كركن في دعوى المنافسة غير المشروعة والتي لا تخرج عن كونها
دعوى مسئولية عادية أساسها الفعل الضار.
3 - من المستقر عليه أن الأحكام التي حازت
قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الخصومة ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه
القرينة، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية، إلا في نزاع قام بين الخصوم
أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتعلقت بذات الحق محلا وسببا، على أن المناط في حجية
الأمر المقضي المانع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي بها نهائيا، أن تكون
هذه المسألة أساسية لا تتغير تناضل فيها الخصوم في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها
بينهم بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا من إعادة مناقشتها لدى الحكم الثاني
وكانت هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية من
حقوق، فإن هذا القضاء يحوز حجية الأمر المقضي في هذه المسألة الأساسية ويمنعهم من
التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انقضاؤه على ثبوت
تلك المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم، ولا يغير من ذلك
اختلاف الطلبات أو السبب في الدعويين ما دام الأساس فيهما واحدا.
4 - المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة، أن
المقصود بحماية العلامات التجارية في مجال المنافسة غير المشروعة، هو الحماية
العامة المقررة طبقا لأحكام المنافسة غير المشروعة. واعتبر المشرع في المادة 66/1
من قانون التجارة أن الفعل المكون لتلك المنافسة الغير مشروعة، هو كل فعل يخالف
العادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية ويدخل في ذلك، على وجه الخصوص،
الاعتداء على علامات الغير أو على اسمه التجاري .... وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون
من شأنه إحداث اللبس في المتجر أو في منتجاته أو إضعاف الثقة في مالكه. وقرر
المشرع التجاري حماية قانونية عند الاعتداء على أي من العناصر المشار إليها، وأجاز
لصاحب الحق المعتدى عليه رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ضد المعتدى طالبا منع
الاعتداء وطلب التعويض عما أصابه من ضرر بالإضافة إلى جواز الحكم بنشر الحكم في
إحدى الصحف اليومية على نفقة المعتدى. ويشترط لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة أن
يكون المدعى عليه قد أتى أفعالا من شأنها التأثير في عملاء الآخر أو اجتذابهم ولا
يشترط أن يكون المعتدي سيء النية بل يكفي أن يكون قد قام بعمل من أعمال المنافسة
غير المشروعة ولو لم تكن نيته الإضرار بمنافسه، وهذه المسئولية سواء عقدية أو
تقصيرية تترتب على وقوع الخطأ بصرف النظر عما إذا كان الخطأ متعمدا أو مجرد إهمال.
5 - من الأصول المقررة أن تقدير التعويض هو
من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا لجبر الضرر مستهدية في ذلك بكافة
الظروف والملابسات في الدعوى ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها باتباع معايير
في خصوصه. وكان من المقرر أيضا أنه يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي بتعويض إجمالي عن
الأضرار التي حاقت بالمضرور طالما بينت عناصر الضرر الذي قضت من أجله بهذا
التعويض، ويقدر القاضي التعويض مراعيا الظروف الملابسة وفقا للمادتين 221 و222 من
القانون المدني ويشمل التعويض ما لحق بالمضرور من خسارة وما فاته من كسب، كما يشمل
التعويض الضرر الأدبي والذي يتمثل في الإساءة إلى سمعة الشركة الطاعنة من جراء
الاعتداء على علامتها التجارية، وما صاحب ذلك من أضرار وما ترتب عليه من آثار.
------------
الوقائع
بتاريخ 17/ 6/ 2015 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة
الاقتصادية الصادر بتاريخ 28/ 4/ 2015 في الاستئناف رقم 414 لسنة 6 ق، وذلك بصحيفة
طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه،
وفي نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتها.
وفي 25/ 7/ 2015 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
وفي 30/ 7/ 2015 أعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن.
وفي 8/ 8/ 2015 أودع المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة
بمستنداته طلب فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن شكلا وفي الموضوع
بنقض الحكم المطعون فيه.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية في غرفة المشورة فرأت أنه
جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره جلسة للمرافعة أمام هذه المحكمة.
وبجلسة 24/ 10/ 2017 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين
بمحضر الجلسة. حيث صمم محامي الطاعنة والمطعون ضده الثاني والنيابة العامة كل على
ما جاء بمذكرته، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر/ محمود التركاوي "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع سبق أن أحاط بها وفصلها الحكم الصادر من هذه المحكمة
بتاريخ 11/ 7/ 2017 وعليه تحيل إليه المحكمة في بيانها وتجتزئ منها، أن الشركة
الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 414 لسنة 6 ق اقتصادي
استئناف القاهرة، بطلب الحكم في مواجهة المطعون ضدهما الثاني والثالث ببطلان وشطب
تسجيل العلامتين التجاريتين رقمي 233319 و274733 على منتجات الفئة 16 وما يرتبط
بها من علامات لتسجيلهما دون وجه حق، مع إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى بمبلغ
500 ألف دولار كتعويض عما أصابها من أضرار ونشر الحكم على نفقتها في إحدى الجرائد
اليومية، وذلك على سند من أنها تمتلك العلامة التجارية "......"
والمسجلة في العديد من دول العالم على منتجات الفئات 5، 6، 16، 21 والمستعملة في
السوق المصري عن طريق موزعها الشركة المطعون ضدها الأولى وفقا لمذكرة التفاهم
الموقعة بينها وبين الأخيرة، وأنها فوجئت عند تقديم طلب لإدارة العلامات التجارية
بتسجيل علامتها التجارية تحت رقم 284000 على منتجات الفئة 16 أن الإدارة رفضت قبول
تسجيل تلك العلامة على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى قامت بتسجيل علامة
"......" تحت رقم 233319 و274733 على منتجات الفئة 16 مستخدمة اسم
الشركة الطاعنة وهو "......" ومن ثم أقامت الدعوى. وبجلسة 29 من أبريل
سنة 2010 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1055
لسنة 1 ق اقتصادي القاهرة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 11 من
يوليه سنة 2017 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة 14 من أكتوبر سنة
2017 لتقديم الطاعنة المستندات المبينة بأسباب الحكم، وبتلك الجلسة الأخيرة، قدمت
الطاعنة حافظة مستندات طويت على صورة رسمية وشهادة تسجيل العلامة التجارية رقم
..... والعلامة التجارية رقم ..... على منتجات الفئة 16 وخطاب صادر من جهاز تنمية
التجارة الداخلية تفيد رفض العلامة التجارية رقم ..... بتاريخ 18/ 9/ 2013، وكذلك
رفض العلامة التجارية رقم ..... بتاريخ 26/ 1/ 2015 وذلك على منتجات الفئة 16
المقدمة من الطاعنة لتعارضها مع العلامتين سالفتي الذكر والمسجلتين باسم الشركة
المطعون ضدها الأولى، كما قدمت الشركة الأخيرة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز تصدي
محكمة النقض لموضوع الدعوى ووجوب إعادتها للمحكمة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في
الموضوع، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وحيث إن المطعون ضدها الأولى دفعت بعدم جواز تصدي محكمة النقض لموضوع
الدعوى ووجوب إعادتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في الموضوع،
على سند من عدم استنفادها لولايتها في نظر الدعوى نتيجة لاقتصار حكمها السابق،
والذي تم نقضه على القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه في دعوى أخرى.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، هو دفع للدعوى برمتها في موضوعها
ذاته ومتى قبلته المحكمة انحسمت الخصومة في هذا الموضوع أمامها واستنفدت ولايتها
في نظره وأصبح من غير الممكن قانونا الرجوع إليها فيه. لما كان ذلك، وكانت محكمة
القاهرة الاقتصادية الاستئنافية، قد قضت في موضوع الدعوى الماثلة بعدم جواز نظر
الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1055 لسنة 1ق اقتصادي استئناف القاهرة،
فإنها تكون قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى، وإذ انتهت محكمة النقض في
قضائها السابق إلى نقض هذا الحكم، فبات متعينا عليها الفصل في موضوع الدعوى عملا
بالفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة
2008.
وحيث إن النص في المادة 63 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82
لسنة 2002 على أن "العلامة التجارية هي كل ما يميز منتجا سلعة كانت أو خدمة
عن غيره، وتشمل على وجه الخصوص الأسماء المتخذة شكلا مميزا، والإمضاءات، والكلمات،
والحروف، والأرقام، والرسوم، والرموز، وعناوين المحال، والدمغات، والأختام،
والتصاوير، والنقوش البارزة، ومجموعة الألوان التي تتخذ شكلا خاصا ومميزا، وكذلك
أي خليط من هذه العناصر إذا كانت تستخدم أو يراد أن تستخدم إما في تمييز منتجات
عمل صناعي، أو استغلال زراعي، أو استغلال للغابات، أو لمستخرجات الأرض، أو أية
بضاعة، وإما للدلالة على مصدر المنتجات، أو البضائع، أو نوعها، أو مرتبتها، أو
ضمانها، أو طريقة تحضيرها وإما للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات. وفي جميع
الأحوال يتعين أن تكون العلامة التجارية مما يدرك بالبصر". وكان من المقرر -
في قضاء هذه المحكمة - أن العلامة التجارية هي كل ما يستخدم في تمييز منتجات أو
خدمات للدلالة على أنها تخص صاحب العلامة التجارية بسبب صنعها أو إنتاجها أو
الإتجار بها أو عرضها للبيع، ويجوز أن يكون الاسم التجاري إذا كان مبتكرا علامة
تجارية أو جزء منها وعلى كل من يرغب في استعمال علامة تجارية لتمييز منتجاته أو
خدماته أن يطلب تسجيلها في مصلحة التسجيل التجاري، ويعتبر من قام بتسجيل علامة
تجارية معينة مالكا لها دون سواه متى اقترن ذلك باستعمالها خلال الخمس سنوات
التالية للتسجيل، ما لم يثبت أن أولوية الاستعمال كانت لغيره
ويحق لمن كان أسبق إلى استعمال العلامة ممن سجلت باسمه الطعن ببطلان
التسجيل خلال الخمس سنوات المذكورة، ومع ذلك يجوز الطعن ببطلان تسجيل العلامة دون
التقيد بأي مدة متى اقترن التسجيل بسوء نية. كما أنه من المقرر أن تقليد العلامة
التجارية يقوم على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد، عن طريق اصطناع
لعلامة مشابهة في مجموعها للعلامة الأصلية تشابها من شأنه تضليل الجمهور. والعبرة
في تقليد العلامة التجارية ليست بأوجه الاختلاف وإنما بأوجه التشابه التي تحدث
اللبس بينهما مما يؤدي إلى تضليل جمهور المستهلكين وينطوي على اعتداء على ملكية
العلامة، وينظر في هذه الحالة إلى أوجه التشابه العامة أي تشابه العلامة المقلدة
في مجموعها مع العلامة الحقيقية، وليس الفيصل في التمييز بين علامتين باحتواء العلامة
على حروف أو رموز أو صور مما تحتويه أخرى، وإنما بالصورة العامة التي تنطبع في
الذهن نتيجة لتركيب هذه الحروف أو الرموز أو الصور مع بعضها والشكل الذي تبرز به
في علامة أو أخرى بصرف النظر عن العناصر التي تركبت منها، وما إذا كانت الواحدة
منها تشترك في جزء أو أكثر مما تحتويه الأخرى، والتي ينخدع بها المستهلك متوسط
الحرص والانتباه لا الرجل الفني. ويعد تقليد العلامة التجارية، بهذه المثابة، من
بين صور الخطأ التي يمكن الاستناد إليها كركن في دعوى المنافسة غير المشروعة والتي
لا تخرج عن كونها دعوى مسئولية عادية أساسها الفعل الضار. لما كان ذلك، وكان من
المستقر عليه أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من
الخصومة ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه
الحجية، إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم، وتعلقت بذات الحق
محلا وسببا، على أن المناط في حجية الأمر المقضي المانع من إعادة طرح النزاع في
المسألة المقضي بها نهائيا، أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير تناضل فيها
الخصوم في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهم بالحكم الأول استقرارا جامعا مانعا
من إعادة مناقشتها لدى الحكم الثاني وكانت هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من
الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية من حقوق، فإن هذا القضاء يحوز حجية الأمر
المقضي في هذه المسألة الأساسية ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن
أي حق آخر متوقف ثبوته أو انقضاؤه على ثبوت تلك المسألة الأساسية السابق الفصل
فيها بين الخصوم أنفسهم، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات أو السبب في الدعويين ما
دام الأساس فيهما واحدا. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم 34363
لسنة 63ق دائرة المنازعات الاقتصادية بمحكمة القضاء الإداري المقامة من الطاعنة
"شركة ....." ضد الشركة المطعون ضدها الأولى "شركة ..... للاستيراد
والتصدير" وآخرين قد صدر حكم فيها بجلسة 15/5/2010 والمتضمن في أسبابه
المرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنطوق أن الشركة الطاعنة هي المالكة الحقيقية للعلامة
التجارية "......" في مصر وسبق لها تسجيلها في عدد من الدول العربية هي
- دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة العراق، والمملكة الأردنية، وسلطنة عمان
ودولة قطر - وأنها اكتسبت شهرة فيها على منتجات الفئة 16 وأن لها السبق في استعمال
تلك العلامة في جمهورية مصر العربية على تلك الفئة، وأن هذا الحكم قد أصبح نهائيا
وحائزا لقوة الأمر المقضي بعد تأييده بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في
الطعن رقم 28008 بتاريخ 4/6/2011، الأمر الذي تكون معه المسألة الأساسية التي فصل
فيها هذا الحكم والخاصة بملكية الطاعنة للعلامة "....." وسبق استعمالها
على منتجات الفئة 16 قد حازت قوة الأمر المقضي بين الخصوم أنفسهم - الطاعنة
والمطعون ضدها الأولى - ومن ثم لا يجوز للأخيرة نقض تلك القرينة أو قبول دليل
ينقضها. وكان الثابت من حافظة المستندات المقدمة من الطاعنة بجلسة 24/7/2017 وباقي
مستندات الدعوى، أن المطعون ضدها الأولى قامت بتسجيل العلامة التجارية رقم ....
والعلامة التجارية رقم .... على منتجات الفئة 16 "....." وقد تبين
للمحكمة من الاطلاع عليهما ومقارنتهما بالعلامة الخاصة بالطاعنة رقم 284000 وجود
تشابه بينهما، من حيث الجزء الأساسي لعلامتي الشركتين والذي تتوافر بشأنه أوجه
التشابه والمتمثل في اسم (.....) واستخدام ذات الرسم الخاص بالشركة الطاعنة،
والمتمثل في شكل الجناح أعلى حرف (C) في
العلامة التجارية، فضلا عن تركيب أحرف كل منهما، بما يعطي تطابقا تاما في الجرس
الصوتي لهما، وهو ما من شأنه أن يطبع في الذهن صورة عامة للعلامتين المطعون فيهما
على نحو يثير اللبس في أن منتجات المطعون ضدها الأولى تنتمي إلى منتجات الطاعنة،
لا سيما وأن هذه العلامات توضع لذات منتجات الفئة 16 وبما يؤدي إلى تضليل جمهور
المستهلكين لهذه الفئة ويتنافى مع الغرض الذي من أجله أسبغ المشرع - في التشريع
الوطني والمعاهدات الدولية - الحماية للعلامات التجارية والصناعية، وهو ما لم
يتحقق إذ رفضت الإدارة العامة للعلامات التجارية تسجيل العلامة الخاصة بالطاعنة.
وبالترتيب على ما تقدم، تكون الطاعنة قد أثبتت ملكيتها للعلامة التجارية
"....." وأنه سبق لها استعمالها بجمهورية مصر العربية عن طريق وكيلها
المطعون ضدها الأولى، الأمر الذي لا يجوز معه للأخيرة تسجيل العلامتين سالفتي
الذكر على منتجات الفئة 16 طالما أن ذلك من شأنه إيجاد نوع من الخلط واللبس في ذهن
جمهور المستهلكين بين منتجات الشركة الطاعنة "الشركة المطعون ضدها الأولى"
عن ذات الفئة، وتكون دعوى الطاعنة قد أقيمت على أساس صحيح من الواقع والقانون،
فيتعين القضاء ببطلان وشطب تسجيل العلامتين التجاريتين رقمي .... و..... على
منتجات الفئة (16).
وحيث إنه عن طلب التعويض، فلما كان المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة،
أن المقصود بحماية العلامات التجارية في مجال المنافسة غير المشروعة، هو الحماية
العامة المقررة طبقا لأحكام المنافسة غير المشروعة. واعتبر المشرع في المادة 66/1
من قانون التجارة أن الفعل المكون لتلك المنافسة الغير مشروعة، هو كل فعل يخالف
العادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية ويدخل في ذلك، على وجه الخصوص،
الاعتداء على علامات الغير أو على اسمه التجاري .... وكذلك كل فعل أو ادعاء يكون
من شأنه إحداث اللبس في المتجر أو في منتجاته أو إضعاف الثقة في مالكه. وقرر
المشرع التجاري حماية قانونية عند الاعتداء على أي من العناصر المشار إليها، وأجاز
لصاحب الحق المعتدى عليه رفع دعوى المنافسة غير المشروعة ضد المعتدى طالبا منع
الاعتداء وطلب التعويض عما أصابه من ضرر بالإضافة إلى جواز الحكم بنشر الحكم في
إحدى الصحف اليومية على نفقة المعتدى. ويشترط لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة أن
يكون المدعى عليه قد أتى أفعالا من شأنها التأثير في عملاء الآخر أو اجتذابهم ولا
يشترط أن يكون المعتدي سيء النية بل يكفي أن يكون قد قام بعمل من أعمال المنافسة
غير المشروعة ولو لم تكن نيته الإضرار بمنافسه، وهذه المسئولية سواء عقدية أو
تقصيرية تترتب على وقوع الخطأ بصرف النظر عما إذا كان الخطأ متعمدا أو مجرد إهمال.
لما كان ذلك، وكان الثابت من أسباب هذا الحكم أن الطاعنة تمتلك العلامة التجارية
(......) واستعملتها بجمهورية مصر العربية عن طريق وكيلتها الشركة المطعون ضدها
الأولى وفقا لمذكرة التفاهم الموقعة بينهما في 26/5/2008 وأن تلك الوكالة قد
انتقلت إلى شركة أخرى وأن العلامة المذكورة تتشابه - كما ورد بأسباب هذا الحكم -
مع العلامتين رقمي ..... و..... المملوكتين للشركة المطعون ضدها الأولى، وهذا من
شأنه تضليل جمهور المستهلكين وإحداث اللبس والخلط بينهما، ومن ثم فإن تلك الأفعال
تشكل صورة من صور الخطأ الذي من شأنه أن يخدع الغير المتعامل في تلك المنتجات عن
ذات الفئة، بما يترتب على ذلك من الإقبال على شراء منتجات المطعون ضدها الأولى دون
المنتجات الأصلية للطاعنة وبالتالي التأثير على مبيعاتها والإساءة إلى سمعتها في
خصوص جودة منتجاتها بما تتوافر معه المسئولية التقصيرية في جانب الشركة المطعون
ضدها الأولى من خطأ وضرر وعلاقة السببية.
وحيث إنه عن طلب التعويض، ولما كان من الأصول المقررة أن تقدير
التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبا لجبر الضرر مستهدية في
ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى ما دام لا يوجد نص في القانون يلزمها
باتباع معايير في خصوصه. وكان من المقرر أيضا أنه يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضي
بتعويض إجمالي عن الأضرار التي حاقت بالمضرور طالما بينت عناصر الضرر الذي قضت من
أجله بهذا التعويض، ويقدر القاضي التعويض مراعيا الظروف الملابسة وفقا للمادتين
221 و222 من القانون المدني ويشمل التعويض ما لحق بالمضرور من خسارة وما فاته من
كسب، كما يشمل التعويض الضرر الأدبي والذي يتمثل في الإساءة إلى سمعة الشركة
الطاعنة من جراء الاعتداء على علامتها التجارية، وما صاحب ذلك من أضرار وما ترتب عليه
من آثار. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استقر في يقينها أن الشركة المطعون ضدها
قد أتت أفعالا تعد منافسة غير مشروعة على العلامة التجارية التي تمتلكها الشركة
الطاعنة بما أصاب الأخيرة بأضرار مادية وأدبية تتمثل، كما سلف بيانه، من ضعف
الإقبال على منتجات الشركة نتيجة خداع الغير المتعامل في تلك المنتجات وما يترتب
على ذلك من التأثير على مبيعاتها والإساءة إلى سمعتها في خصوص جودة منتجاتها،
الأمر الذي تقدر المحكمة عنه تعويضا جابرا لتلك الأضرار بما يعادل مائة ألف دولار
أمريكي بالجنيه المصري وفقا للسعر المعلن من البنك المركزي المصري في تاريخ صدور
هذا الحكم، وتلزم المطعون ضدها الأولى أن تؤديه للطاعنة مع نشر هذا الحكم في إحدى
الجرائد اليومية على نفقة المحكوم عليها.
وحيث إنه عن المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة، فإن المحكمة تلزم
بها الشركة المطعون ضدها الأولى عملا بنص المادة 184/1 من قانون المرافعات،
والمادة 187 من قانون المحاماة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا - ببطلان وشطب العلامتين التجاريتين رقمي .... و.... محل منتجات
الفئة (16).
ثانيا - إلزام الشركة المطعون ضدها الأولى أن تؤدي للشركة الطاعنة
مبلغا يعادل مائة ألف دولار أمريكي بالجنيه المصري وفقا للسعر المعلن من البنك
المركزي المصري في تاريخ صدور هذا الحكم تعويضا نهائيا ماديا وأدبيا مع نشر الحكم
في إحدى الجرائد اليومية على نفقتها وألزمتها المصاريف ومائة جنيه مقابل أتعاب
المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق