الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 أكتوبر 2022

الطعن 910 لسنة 39 ق جلسة 1 / 12 / 1969 مكتب فني 20 ج 3 ق 272 ص 1339

جلسة 1 من ديسمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام, وأنور أحمد خلف, ومحمود كامل عطيفة, والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

-----------

(272)

الطعن 910 لسنة 39 ق

(1 ، 2) قتل خطأ. خطأ. إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
(1) وجوب إقامة الحكم على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها. استناد. الحكم على ما ليس له أصل في الأوراق. يعيبه. مثال.

(2) شرط القضاء بالبراءة: أن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة.

----------------

1 - من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات، فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد، متى كانت هذه الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم. وإذ كان ما تقدم، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات، أن واقعة انطلاق المجني عليه من سيارته وعبوره الطريق وهو في عجلة من أمره، لا سند لها في التحقيقات، اللهم إلا ما ورد على لسان الشرطي الشاهد في محضر جلسة المحاكمة وهو ما لم يعرض له الحكم بالمناقشة، وكان مجرد وقوف سيارة المجني عليه إلى يمين الطريق لا يؤدي بطريق اللزوم العقلي إلى أن يكون صاحبها قد غادرها مسرعاً ومتعجلاً إلى الجانب الآخر من الطريق، كما أن كسر زجاج السيارة الأمامي من الجهة اليمنى، لا يعني بالضرورة أنه نتيجة اندفاع المجني عليه نحوها وارتطامه بها، بل قد يصح في العقل أن يكون نتيجة اصطدام السيارة به مما كان يقتضي من المحكمة أن تجري تحقيقاً تستجلي به حقيقة الأمر، وصولاً إلى تعرف هذه الحقيقة وتقديراً لمدى مسئولية المطعون ضده.

2 - لئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة، متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، أو لعدم كفاية أدلة الثبوت، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما لا أصل له في التحقيقات، واستدل على خطأ المجني عليه بأدلة لا تظاهر هذا الاستدلال، وتجاوز الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

-----------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 8 مايو سنة 1966 بدائرة قسم قصر النيل محافظة القاهرة: (أولا) تسبب خطأ في موت ....... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر ولم يهدئ من سرعته ولم يحتط عندما شاهد المجني عليه يعبر الطريق فصدمه ونتج عن ذلك وفاته (ثانيا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات والمواد 81 و88 و221 من القانون رقم 449 لسنة 1955 والمادة 2/1 من قرار الداخلية. وادعت السيدة .... - أرملة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين ...... و...... مدنيا بمبلغ عشرين ألفا من الجنيهات. كما ادعت السيدة ....... مدنيا بمبلغ خمسة آلاف جنيه قبل المتهم. ومحكمة جنح قصر النيل الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات (أولا) بحبس المتهم عن التهمتين ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات (ثانيا) بإلزامه أن يدفع للسيدة ...... عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين ...... و....... مبلغ عشرة آلاف جنيه بحق ألفين من الجنيهات لها وأربعة لكل من ولديها مع إلزام المتهم المصاريف المناسبة وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم في هذه الدعوى بالنفاذ المعجل بلا كفالة (ثالثا) بإلزامه أن يدفع للسيدة/ ..... مبلغ ألفين من الجنيهات مع إلزامه المصاريف المناسبة ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفته المدعيتان بالحق المدني, ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما اسند إليه ورفض الدعوى المدنية المرفوعة قبله من السيدتين ....... عن نفسها وبصفتها و..... وإلزام كل منهما بالمصاريف المدنية عن الدرجتين بلا مصاريف جنائية. فطعنت المدعيتان بالحقوق المدنية والنيابة العامة... إلخ.

---------------

المحكمة

وحيث إن مما تنعاه النيابة العامة والمدعيتان بالحق المدني على الحكم المطعون فيه أنه إذا قضى ببراءة المطعون ضده وبرفض الدعوى المدنية قد انطوى على فساد في الاستدلال وخالف الثابت بالأوراق ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على ما ثبت للمحكمة من أن الخطأ متوافر في جانب المجني عليه وحده وآية ذلك عبوره الطريق مهرولا وهو في عجلة من أمره ودون تحرز أو تريث وارتطامه بمقدم السيارة من الجهة اليمنى مما تسبب عنه كسر زجاجها الأمامي، مع أن التحقيقات خالية مما يؤيد قول الحكم أن المجني عليه كان يعبر الطريق مهرولا كما لا ينبئ مجرد كسر زجاج السيارة عن أنه حدث نتيجة ارتطام المجني عليه به بخطأ منه، بل يصح أن يكون نتيجة اصطدام السيارة به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه برر قضاءه بالبراءة بقوله "إن الثابت من المعاينة أن المجني عليه أصيب على مقربة من مكان توقفه بسيارته إلى أقصى اليمين بشارع 26 يوليو عند فندق عمر الخيام وأن سيارة المتهم كانت في مسارها بهذا الشارع متجهة إلى كوبري أبو العلا مما يستدل منه أن المجني عليه غادر مقعده بسيارته من يساره منطلقا لعبور الشارع ليصل إلى الجزيرة الوسطى فإذا كان هذا هو ما استقر في يقين المحكمة أخذا من ماديات الدعوى وما أثبتته المعاينة الأولى التي وردت بمحضر جمع الاستدلالات وتلك التي أجرتها محكمة أول درجة فإذن كان هناك خطأ لا شك فيه وقع فيه المجني عليه بعدم تحرزه وتريثه في انتظار مرور السيارات بهذا المكان. فإذا تصادف مرور سيارة المتهم وثبوت ارتطام المجني عليه بيمين مقدمتها بدلالة كسر الزجاج الأمامي في الجهة اليمنى لهذه السيارة فإن في ذلك أيضا دلالة قاطعة على هرولة المجني عليه قصد عبوره الطريق معترضا سيارة المتهم....... وأن المجني عليه كان في عجلة من أمره يريد عبور الطريق دون تحرز أو حذر، فوجود سيارته إلى يمين الطريق ثم حدوث الإصابة حتى على أسوأ الفروض في منتصف الجانب الأيمن لهذا الطريق فيه دلالة قاطعة على خطأ المجني عليه وعلى أنه كان في عجلة من أمره". ويبين من هذا الذي أورده الحكم أنه استدل من مجرد وقوف سيارة المجني عليه إلى يمين الطريق على أنه أنطلق منها يريد عبور الطريق وهو في عجلة من أمره" كما اتخذ من ارتطامه بمقدم سيارة المطعون ضده مما تسبب عنه كسر زجاجها الأمامي دليلا قاطعا على هرولته، ورتب الحكم على ذلك قيام الخطأ في جاني المجني عليه وحده واتخاذه عمادا لقضائه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيبا لابتنائه على أساس فاسد متى كانت هذه الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم. ولما كان الثابت من الاطلاع على المفردات أن واقعة انطلاق المجني عليه من سيارته وعبوره الطريق وهو في عجلة من أمره لا سند لها في التحقيقات اللهم إلا ما ورد على لسان الشرطي......... في محضر جلسة المحاكمة وهو ما لم يعرض له الحكم بالمناقشة وكان مجرد وقوف سيارة المجني عليه إلى يمين الطريق لا يؤدي بطريق اللزوم العقلي إلى أن يكون صاحبها قد غادرها مسرعا ومتعجلا إلى الجانب الآخر من الطريق، كما أن كسر زجاج السيارة الأمامي من الجهة اليمنى لا يعني بالضرورة أنه نتيجة اندفاع المجني عليه نحوها وارتطامه بها بل قد يصح في العقل أن يكون نتيجة اصطدام السيارة به مما كان يقتضي من المحكمة أن تجرى تحقيقا تستجلي به حقيقة الأمر وصولا إلى تعرف هذه الحقيقة وتقديرا لمدى مسئولية المطعون ضده، لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما لا أصل له في التحقيقات واستدل على خطأ المجني عليه بأدلة لا تظاهر هذا الاستدلال وتجاوز الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق