الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 أكتوبر 2022

الطعن 444 لسنة 35 ق جلسة 2 / 2 / 1972 مكتب فني 23 ج 1 ق 18 ص 112

جلسة 2 من فبراير سنة 1972

برئاسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

--------------------

(18)

الطعن 444 لسنة 35 ق

(1) عمل "تنظيم المنشأة".

لرب العمل سلطة تنظيم منشآته وتكليف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه اختلافا جوهريا متي اقتضت مصلحة العمل ذلك . ولو أدى إلى نقص في عمولته . رفض العامل . أثره . جواز إنهاء رب العمل للعقد .

(2) نقض " السبب الجديد". عمل .

سبب جديد يخالطه واقع ، عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . مثال في دعوى عمل .

(3) عمل "الأجازة". نظام عام .

أجازات العامل . استبدالها بأيام أخري أو بمقابل نقدي غير جائز إلا في الأحوال المقررة قانونا ولمقتضيات العمل . حلول موعد الإجازة ورفض رب العمل الترخيص للعامل بها استحقاق العامل للتعويض عنها .

(4) حكم " إغفال الطلب ". دعوى . فوائد .

إغفال الحكم الفصل في طلب الفوائد وعدم تعرض المحكمة له في أسبابها . النص في المنطوق " ورفضت ما عدا ذلك " . بقاء طلب الفوائد معلقا أمامها ، وجوب الرجوع إليها للفصل فيه .

(5) استئناف " السبب الجديد". فوائد .

الفوائد الجائز طلبها أمام الاستئناف . هي الفوائد التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة . شرط ذلك . أن تكون الفوائد قد طلبت في أول درجة .

----------------

1 - لرب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها، متى رأي في ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك، كما أن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج، وله طبقاً للمادة 19 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني أن يكلف العامل عملا آخر غير المتفق عليه، ولا يختلف عنه اختلافا جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل أن ينهى عقد العمل. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قرر تبعا لذلك أن عمولة الطاعن - العامل - على المبيعات تحسب في المنطقتين اللتين اختص بهما، طبقا للتنظيم الجديد للعمل، وخلص الحكم إلى أن الشركة - رب العمل - لم تخل بالتزاماتها القانونية إزاء الطاعن حتى يجوز له أن يستقل بفسخ العقد، مستندا في ذلك إلى أسباب سائغة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.

2 - متى كان الطاعن - العامل - لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأحكام المادة 44 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 التي تجيز للعامل بعد إعلانه صاحب العمل ، أن يستقيل من عمله بعد مضى خمس سنوات مع أحقيته في نصف المكافأة ، و هو سبب جديد لما يخالطه من واقع ، كان يجب عرضه على محكمة الموضوع ، فلا يجوز للطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض .

3 - أجازات العامل بأنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع ، دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي - في نطاق القانون 317 لسنة 1952 الذى يحكم واقعة الدعوى - أيام معدودات في كل سنة ، لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون ، و لغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام آخر من السنة أو السنوات التالية ، كما أنه لا يجوز استبدالها بمقابل نقدى ، وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ، ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى " عوض " ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل ، وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها . والقول بأن للعامل أن يتراخى بأجازاته ثم يطالب بمقابل عنها ، معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام - هو عوض حقه لا عين حقه - بينما لا يد له فيه ، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها ، فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه . ولما كان نص المادة 23 من القانون 317 لسنة 1952 بشأن حق العامل في الأجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ، و مهما يكن زمن استحقاقها ، خاصاً بأجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بها ، و كان الثابت في الدعوى أن الطاعن - العامل - قد حصل على أجازته عن سنة 1958 وهي السنة الأخيرة ، و لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يثبت أنه طالب الشركة بأجازاته عن السنوات من 1954 إلى 1957 وأنها رفضت التصريح له بها ، و إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض مقابل الأجازات عن السنوات سالفة الذكر ، فإن النعي يكون على غير أساس .

4 - متى كانت محكمة أول درجة قد فصلت فيما عرض عليها من طلبات الطاعن - المدعى - فأجابت بعضها " و رفضت ما عدا ذلك " و أغفلت الحكم فى طلب الفوائد و لم تعرض له في أسبابها ، فإن هذا الطلب يبقى معلقا أمامها ، و علاج هذا الإغفال وفقا للمادة 368 من قانون المرافعات السابق يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لنستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه .

5 - تنص الفقرة الثانية من المادة 411 من قانون المرافعات السابق على أنه " يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي ، الفوائد التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة " ، ومفاد ذلك أن ما يجوز طلبه من الفوائد أمام محكمة الدرجة الثانية ، هو ما استجد منها بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى ، و يشترط لذلك أن تكون الفوائد قد طلبت أمام محكمة الدرجة الأولى ، لما كان ذلك ، و كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على عدم قبول الاستئناف بالنسبة لطلب الفوائد ، لأن محكمة أول درجة لم تفصل فيه ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح .

----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أٌقام الدعوى رقم 740 سنة 1959 عمال الجيزة الابتدائية ضد الشركة المطعون عليها، وقال بيانا لها إنه التحق بالعمل لدى الشركة المذكورة بتاريخ 18/1/1952 بوظيفة كيماوي وبلغ أجره الثابت 40 جنيها شهريا تضاف إليه عمولة قدرها 1% على مبيعات الشركة إلى الصيدليات، 1/ 2% على المبيعات إلى مخازن الأدوية، 30 جنيها بدل سيارة شهريا، 120 قرشا بدل سفر عن كل يوم، وظل يتقاضى أجره على النحو السابق حتى 1/1/1958 حيث بدأت الشركة في مضايقته بقصد إرغامه على ترك العمل فيها فقصرت عمله على منطقة ضيقة وعينت معه موظفين آخرين، وقامت بحرمانه تدريجيا من المميزات التي كان يحصل عليها من بدل السفر وبدل السيارة واحتسبت العمولة بنسب تختلف عن النسب المتفق عليها، واستنزلت بغير وجه حق عند الحساب بعض أصناف من الأدوية المبيعة، وإذ كانت الشركة بذلك قد أخلت بما يفرضه عليها عقد العمل من الالتزام بالمحافظة على الأجر المتفق عليه، وكان الطاعن يستحق قبلها مبلغ 1880ج و942م قيمة مكافأة نهاية الخدمة ومقابل أجازاته عن السنوات من 1954 إلى 1958 وأجر إضافي ورصيد بدلي السفر والسيارة ورصيد حساب العمولة وذلك حتى 2/12/1958، فقد انتهى إلى طلب الحكم بندب خبير لتحديد أجره الشهري الثابت ومقدار العمولات التي كان يحصل عليها وما طرأ عليها من تغيير وسببه وتصفية حساب بدلي السفر والسيارة ومقابل الإجازات المستحقة له وأجره الإضافي والحكم بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ 1880ج و942م والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية. ردت الشركة المطعون عليها بأنها فصلت الطاعن من العمل بتاريخ 7/2/1959 طبقا لحكم المادة 40/ 5 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 لأنه تغيب عن عمله من يوم 23/12/1958 دون سبب مشروع رغم إنذاره، وبتاريخ 30/1/1960 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالجيزة لبيان الأجر الشهري للطاعن والمتوسط الشهري للعمولة خلال المدة من 1/1/1958 حتى 2/12/1958 وما قبضه منها وتصفية حساب بدل السفر والسيارة عن المدة المذكورة، وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره عادت وبتاريخ 24/10/1963 فحكمت بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 536ج و612م، منها 314ج، 612م رصيد عمولة مستحقة، 28ج و800م رصيد بدل السفر والسيارة، 193ج و200م، مقابل أجازات سنوية ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1830 سنة 80ق القاهرة طالبا تعديله إلى إلزام المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ 1574ج و211م والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 8/12/1958 حتى السداد، كما أقامت المطعون عليها استئنافا فرعيا قيد برقم 1631 سنة 81ق القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتاريخ 29/4/1965 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المكافأة وإلغائه بالنسبة لطلب مقابل الإجازات ورفض هذا الطلب وبعدم قبول استئناف الطاعن عن طلب الفوائد وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بالنسبة للطلبات الخاصة بالعمولة وبدلي السفر والسيارة لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص قضائه بعدم قبول طلب الفوائد وبرفض الطعن فيما عدا ذلك وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ويقول الطاعن بياناً لذلك إنه أقام دعواه بطلب المكافأة استناداً إلى أنه فسخ العقد من جانبه طبقاً للمادة 41/ 2 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 لإخلال الشركة بالتزاماتها بدفع ما يستحقه من عمولة وبدلات، وهي جزء من الأجر، غير أن الحكم قضى برفض هذا الطلب تأسيساً على أن الشركة قامت بفسخ العقد عملاً بنص المادة 40/ 5 من المرسوم بقانون سالف الذكر، لأن الطاعن تغيب عن عمله بدون سبب مشروع رغم إنذاره دون أن يناقش الحكم امتناع الشركة عن دفع العمولات التي يستحقها كسبب للفسخ، وكان يتعين على المحكمة ألا تقول كلمتها في شأن صحة الفسخ من جانب الطاعن إلا بعد أن يثبت أنه اقتضى هذه المبالغ وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر في هذا الخصوص ما يلي "أن المحكمة ترى في تصرفات رزق حبيب - الطاعن - إزاء الشركة ما يؤيد القول بأنه قد سعى لترك خدمتها وأنه عمل جاهداً لإظهارها بمظهر المخلة إزاءه بالتزاماتها حتى يفيد من نص المادة 41/ 2 سالفة الذكر إذ الشركة بوصفها ربة عمل لها كل الحرية وقد اتسع نشاط عملها إثر العدوان الثلاثي سنة 1956 في أن تضم إلى المذكور آخرين في الدعاية بمنطقة الوجه البحري وفي تخصيص منطقة الغربية وكفر الشيخ له في هذه الدعاية ما دامت الشركة قد قصدت به حسن تنظيمها لعملها دون الإضرار برزق بالذات وما كان له أن يتخذ من ذلك مبرراً لفسخه لعقده ولم يثبت أنه أضير في حصيلة عمولته الخاصة بعام 1958 عنها في السنوات السابقة، وهو الذي لم ينتظر نهاية سنة 1958 هذه، إذ اعتبر عقده مفسوخاً في 2 ديسمبر منها وسيما وقد ذكرت الشركة في مذكرة استئنافها الفرعي أنه خصص بمنطقتي الغربية وكفر الشيخ بناءً على طلبه وأنها لم تقلل أو تنقص من نسبة العمولة التي كان يتقاضاها، وهو ما لم يدلل على عكسه" وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن الخلاف قام بين الطرفين بشأن العمولة بسبب مطالبة الطاعن باحتسابها على جميع المبيعات في مناطق الوجه البحري التي كان يعمل فيها من قبل، دون أن تقتصر على المبيعات في منطقتي الغربية وكفر الشيخ اللتين اختص بهما الطاعن في العمل طبقاً للتنظيم الجديد الذي وضعته الشركة، ولما كان من سلطة رب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تنظيم منشآته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك، كما أن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج، وله طبقاً للمادة 19 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 لسنة 1952 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل أن ينهي عقد العمل، وكان الحكم قد قرر تبعاً لذلك أن تحسب عمولة الطاعن على المبيعات في المنطقتين اللتين اختص بهما طبقاً للتنظيم الجديد للعمل، وخلص الحكم إلى أن الشركة لم تخل بالتزاماتها القانونية إزاء الطاعن حتى يجوز له أن يستقل بفسخ العقد واستند في ذلك إلى أسباب سائغة، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيث إن مبنى السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم قضى برفض طلب المكافأة مع أن الطاعن أقام دعواه في 8/ 12/ 1958 بفسخ العقد وبطلب المكافأة، ويعتبر العقد مفسوخاً بإرادته المنفردة ويستحق نصف المكافأة عملاً بنص المادة 44 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 باعتبار أنه استقال من عمله وزادت مدة خدمته على خمس سنوات.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه استناداً إلى نص المادة 41/ 2 من قانون عقد العمل الفردي رقم 317 سنة 1952 لأن الشركة أخلت بالتزاماتها قبله مما يجيز له طلب فسخ العقد مع أحقيته في المكافأة، وخلص الحكم - وعلى ما سلف بيانه - في الرد على السبب الأول إلى عدم صحة هذا الادعاء وأن الطاعن لا يستحق مكافأة لأن الشركة قامت بفصله لتغيبه عن العمل دون سبب مشروع رغم إنذاره، وكان يبين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأحكام المادة 44 من القانون سالف الذكر التي تجيز للعامل بعد إعلانه صاحب العمل أن يستقيل من عمله بعد مضي خمس سنوات مع أحقيته في نصف المكافأة، وهو سبب جديد لما يخالطه من واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع، فلا يجوز للطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم رفض طلب مقابل إجازاته عن السنوات من سنة 1954 إلى سنة 1958 في حين أنه طبقاً للمادة 23 من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 يحق له طلب مقابل إجازاته التي لم يحصل عليها متى انتهى عقد عمله ما دام أنه لم يتنازل عنها لا صراحة ولا ضمناً بل إنه طالب بها واستأجلته الشركة لاعتبارات تتعلق بالعمل.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت إجازات العامل بأنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي - في نطاق القانون 317 لسنة 1952 الذي يحكم واقعة الدعوى - أيام معدودات في كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون ولغير مقتضيات العمل استبدالها بأيام آخر من السنة أو السنوات التالية، كما أنه لا يجوز استبدالها بمقابل نقدي وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل، وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها، والقول بأن للعامل أن يتراخى بإجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام - هو عوض حقه لا عين حقه - بينما لا يد له فيه، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها، فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، ولما كان نص المادة 23 من القانون 317 سنة 1952 بشأن حق العامل في الإجازة التي لم يحصل عليها تمسك بها أو لم يتمسك ومهما يكن زمان استحقاقها خاصاً بإجازة السنة الأخيرة في خدمة العامل إذا ما ترك العمل قبل قيامه بها. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن قد حصل على إجازته عن سنة 1958 وهي السنة الأخيرة وأنه لم يقدم لمحكمة الموضوع ما يثبت أنه طالب الشركة بإجازته عن السنوات من 1954 إلى 1957 وأنها رفضت التصريح له بها، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض مقابل الإجازات عن السنوات سالفة الذكر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

وحيث إن السبب الرابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة لطلب الفوائد تأسيساً على أن محكمة أول درجة لم تقض فيه، في حين أن محكمة أول درجة تناولت هذا الطلب بالرفض فيما رفضته جملة من طلبات فيجوز استئنافه هذا إلى أنه طبقاً للمادة 411/ 2 من قانون المرافعات السابق يجوز طلب الفوائد لأول مرة أمام محكمة الاستئناف.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي أن محكمة أول درجة فصلت فيما عرض عليها من طلبات الطاعن فأجابت بعضها "ورفضت ماعدا ذلك" وأغفلت الحكم في طلب الفوائد ولم تعرض له في أسبابها، وعلى ذلك فإن هذا الطلب يبقى معلقاً أمامها، وعلاج هذا الإغفال وفقاً للمادة 368 من قانون المرافعات السابق يكون بالرجوع إلى نفس المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه إن كان له وجه. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 411 من قانون المرافعات السابق تنص على أنه "يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الفوائد التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة أول درجة". ومفاد ذلك أن ما يجوز طلبه من الفوائد أمام محكمة الدرجة الثانية هو ما استجد منها بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى ويشترط لذلك أن تكون الفوائد قد طلبت أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على عدم قبول الاستئناف بالنسبة لطلب الفوائد لأن محكمة أول درجة لم تفصل فيه، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.

وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق