باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
-----
برئاسة السيد القاضي / أحمد سعيد السيسي ( نائب رئيس المحكمة )
وعضوية السادة القضاة / صلاح مجاهد ، زياد محمد غازى
حسام هشام صادق و أحمد مصطفى أبو زيد " نواب رئيس المحكمة "
بحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض / تامر الكومى .
وحضور السيد أمين السر / مصطفى أبو سريع .
الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 6 من جمادى الأولى سنة 1439 ه الموافق 22من يناير سنة 2018 م .
أصدرت الحكم الآتي :
فى الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 5209 لسنة 86 القضائية .
المرفوع من :-
-السيد / الممثل القانوني لمصرف أبو ظبى الإسلامي ( مصر ) البنك الوطني للتنمية سابقاً .
ضد
مكتب الأهرامات للهندسة والتجارة ، ويمثله قانوناً السيد /
3- السيد / الممثل القانوني لشركة المقاولون العرب (عثمان أحمد عثمان) وشركاه .
ويعلن : بالمركز الرئيسي للشركة الكائن في 24 شارع عدلى – محافظة القاهرة .
-----------
الوقائع
في يوم5/4/2016طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الاقتصادية الصادر بتاريخ 8/2/2016 في الدعوى رقم 1010 لسنة 3ق ، بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات .
وفى 17/7/2017 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى 24/7/2015 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة العامة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً بشأن مبلغ التعويض المقضي به عملاً بما جاء بالسبب الخامس من أسباب الطعن .
وبجلسة 13/2/2017 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون ، فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة25/12/2017 مرافعة سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والمطعون ضده الأول والمطعون ضدهم ثانياً والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته ، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم
--------------
المحكمة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها (أولاً) (مكتب الأهرامات للهندسة والتجارة) قد أقام على البنك الطاعن الدعوى – والتي قيدت برقم 1010 لسنة 3 ق اقتصادي استئناف القاهرة - بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي لها مبلغ 20 مليون جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً . وقالت بياناً لذلك إنها تعاقدت من الباطن مع الشركة المطعون ضدها (ثالثاً) (شركة المقاولون العرب) على أن يسند إليها تنفيذ عملية التوريد والإشراف على التركيب للمهمات الكهروميكانيكية لمحطة مياه أرمنت فرع جنوب الوادي، وتم إبرام عقد تنازل لصالح البنك الطاعن مقابل تمويل المشروع، وقام الأخير بإصدار خطاب ضمان الدفعة المقدمة ، وخطاب الضمان النهائي لبدء التنفيذ طبقاً للعقد، وبتاريخ 30/9/2002 قامت الشركة المسندة للعملية بإصدار دفعة مقدمة بمبلغ مليون ومائتي ألف جنيه (1200000 جنيه) مقابل خطاب الضمان إلا أنها فوجئت بقيام البنك الطاعن بحجز قيمة خطاب الضمان بالكامل وتأخر في التمويل وتنفيذ التزاماته التعاقدية مما تسبب في تأخير تنفيذ فتح الاعتماد ودفع الشركة المطعون ضدها (أولاً) إلى تنفيذ التزاماتها بالجهود الذاتية رغم زيادة أسعار المواد اللازمة للتنفيذ، ثم توقف البنك الطاعن نهائياً عن تمويل المشروع مما أدى إلى قيام جهة الإسناد بسحب العملية من الشركة المطعون ضدها وتسييل خطاب ضمان الدفعة المقدمة والخطاب النهائي بعد تنفيذ مراحل العملية بقيمة 11 مليون جنيه، مما أصابها بأضرار مادية وأدبية فأقامت الدعوى. ادعي البنك الطاعن فرعياً قبل الشركة المطعون ضدها (أولاً) بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 640753 جنيهاً قيمة المديونية المستحقة عليها بالإضافة للمصاريف والعمولات والفوائد بواقع 21 % حتى تمام السداد، تم تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها (أولاً)، واختصام الشركة المطعون ضدها (ثالثاً) كخصم مدخل في الدعوى، وتصحيح اسم البنك الطاعن إلى مصرف أبو ظبي الإسلامي – مصر، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوي وبعد إيداع التقرير النهائي، قضت بتاريخ 8 من فبراير 2016: أولاً : في موضوع الدعوى الأصلية: بإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي للشركة المطعون ضدها (أولاً) مبلغ عشرة ملايين جنيه تعويضاً جابراً عما أصابها من أضرار مادية وأدبية. ثانياً: في موضوع الدعوى الفرعية: برفضها. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون الاقتصادية، حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى البنك الطاعن بالأسباب الأول والثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه بالتعويض على خطأ البنك الطاعن وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية لتوقفه عن تمويل المقاولة وتعسفه في استعمال حقه رغم ارتباط طرفي التداعي بعلاقة تعاقدية، وإعفاء البنك الطاعن من المسئولية وفقاً لبنودها، وحال أن توقفه عن هذا التمويل كان بسبب تعثر الشركة المطعون ضدها (أولاً) عن سداد مديونياتها الناشئة عن قروض سابقة مُنحت لها من بنوك أخري، ووجود دعاوى قضائية ضدها والتي تعد كافية لزعزعة الجدارة الائتمانية لها لكونها من العملاء المحظور التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك المركزي، وعدم التزام الشركة المطعون ضدها (أولاً) بالجدول الزمني للتنفيذ مع جهة الإسناد وهو ما ينتفى معه ركن الخطأ في جانب البنك، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن التعسف في استعمال الحق المتمثل في صورة الانحراف عن حدود الرخصة يعد خطأ يوجب التعويض وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية، وأنه ولئن كان للبنوك التجارية الحق في إدارة أعمالها بما يحقق مصالحها والمحافظة على أموالها ومنع إهدارها، إلا أن ذلك مشروط باستعمال هذا الحق إذ ما توافرت مبرراته ودون أن يؤدى إلى إلحاق ضرر بالغير، إذ إن إساءة البنك تنفيذ التزاماته التعاقدية أو اتخاذه مسلكاً يخالف ما استقرت عليه الأعراف والعادات المصرفية يعد من الواجبات المهنية، وكان الإخلال بالواجب المهني بمعياره المعتاد هو في حقيقته إخلال بواجب عام بالنهى عن الإضرار بالغير، سواء كان ذلك على نحو إيجابي بتعمد الإساءة دون نفع يعود عليه في استعماله، أو على نحو سلبي بالاستهانة بما قد يحيق بعميله من ضرر جسيم تحقيقاً لنفع يسير يجنيه، إذ هو إلى الترف أقرب إليه مما سواه، وكان معيار المصلحة المبتغاة في الصورة الأخيرة من الضرر الواقع هو معيار مادى قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر إعمالاً لاعتبارات العدالة القائمة على التوازن بين الحق والواجب. وكان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تمتد إلى تقدير الوقائع فيها ويستلزم التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التي كان لها أثر في تقدير الخطأ واستخلاصه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر الخطأ في حق البنك الطاعن على أساس قواعد المسئولية التقصيرية - للتعسف في استعمال الحق - دون المسئولية العقدية لاتفاق طرفي النزاع على إعفاء البنك الطاعن منها، وكان من المقرر أنه وإن كان يجوز الاتفاق على الإعفاء من الخطأ العقدي ويتعين في حال إيراده بالعقد احترام شروطه التي يدرجها الطرفان، إلا أن هذا الإعفاء محدد بنطاقه، بحيث يكون البنك مسئولاً عن الخطأ الذي يجاوز هذا النطاق. ولما كان لمحكمة الموضوع الاستناد في حكمها بالتعويض إلى الخطأ التقصيري متي ثبت لها توافره مهما كانت طبيعة المسئولية التي استند إليها المضرور في تأييد طلبه إذ إن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع في دعوى التعويض التي يتعين على محكمة الموضوع أن تأخذ منها ما يتفق وطبيعة النزاع المطروح عليها وأن تنزل حكمها على واقعة الدعوى، ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها مما لا تملكه من تلقاء نفسها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص وفق الثابت بأوراق الدعوى ومستنداتها وتقارير الخبراء فيها أن البنك الطاعن قد تعسف في استعمال حقه بتوقفه عن تمويل المقاولة المسندة إلى الشركة المطعون ضدها (أولاً) بالمخالفة للأعراف المصرفية المعمول بها والاتفاق الثابت بينهما، ودون أن يثبت من الأوراق وجود إخلال من جانب الشركة المطعون ضدها (أولاً) بتنفيذ التزاماتها التعاقدية سواء مع البنك الطاعن أو مع جهة الإسناد – الخصم المدخل - حتى تاريخ التوقف عن التمويل، وقيام البنك الطاعن بزيادة قيمة غطاء خطاب ضمان الدفعة المقدمة والضمان النهائي دون منح الشركة المطعون ضدها الدفعات النقدية المتفق عليها في عقد التمويل على نحو أثر سلباً على السيولة النقدية اللازمة لاستمرار مراحل تنفيذ المقاولة، مما أصابها بأضرار مادية أدت إلى سحب العملية منها وإسنادها إلى شركة أخرى، فتوافرت بذلك أركان المسئولية التقصيرية في حق البنك الطاعن مما يوجب إلزامه بالتعويض المطالب به فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويضحي النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه البنك الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه، الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بأحقية الشركة المطعون ضدها (أولاً) في التعويض استناداً إلى تقارير الخبرة التي جاءت مخالفة للثابت بالعقد الحاكم للعلاقة بين طرفيه، وعقد التنازل الخاص بعملية التداعي والحاكم للعلاقة بين طرفي العقد والذي نص البند الثالث منه على أحقية البنك في التوقف عن التمويل، وليس للمقاول الحق في الاعتراض، وتمسك البنك بعدم تعنته مع العميل بشأن المؤشرات السلبية التي ظهرت في تعامله مع البنوك الأخرى على النحو الثابت بالاستعلام المؤرخ 29/5/2003 بما ينفي خطأ البنك الطاعن، فضلاً عن إغفال تقرير الخبراء لطبيعة العملية موضوع التداعي وكون التمويل من جانب البنك لا يتجاوز نسبة 5 % من إجمالي قيمة العقد وفقاً للحد الائتماني للتسهيل، وقيام البنك بمنح التمويل للشركة بمبلغ 16819008 جنيهات خلال الفترة من 24/3/2002 حتى إقفال مديونية الشركة المطعون ضدها (أولاً) في عام 2006 على نحو أدىإلى اهدار مستندات البنك الطاعن ودفاعه الذي ينفي الخطأ في جانبه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعىي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم إلىها من المستندات والأدلة ومنها تقرير الخبير والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إلىه واطراح ما عداه واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق، كما أن لها تفسير العقود والمحررات واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى ، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله. كما أنه يشترط في الدفاع الجوهري حتى تلتزم المحكمة بالتعرض له والرد عليه أن يكون مع جوهريته مما يشهد له الواقع ويسانده، فإذا كان عارياً عن دليله وكان الواقع يدحضه فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات إلىه دون أن تتناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً معيباً .لما كان ذلك، وكان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه بشأن توافر المسئولية في حق البنك الطاعن أخذاً بأوراق الدعوى ومستنداتها وبما انتهي إلىه تقرير الخبير المصرفي وتقارير لجنة الخبراء والذين خلصوا جميعاً إلى نتيجة مؤداها أن فرع البنك الطاعن قد أصدر خطابات الضمان دون الرجوع إلى الإدارة العلىا في البنك، والتي أصدرت قراراها للفرع بالعمل على تغطية خطابي ضمان الدفعة المقدمة، والضمان النهائي ، مما اضطر البنك إلى العمل على تغطية هذه الخطابات تدريجياً لتصل إلى 100 % مما أثر بالسلب على السيولة النقدية المتاحة للعميل لشراء المهمات اللازمة للعملية ، وأن مسلك البنك الطاعن يعد مخالفاً للأعراف المصرفية المعمول بها وذلك بتوقفه عن تمويل المقاولة التي تنازلت عنها الشركة المطعون ضدها للبنك الطاعن، وقبول الشركة المسندة للعملية - الخصم المدخل - تمويل قيمة المستخلصات الناشئة عن التنفيذ لصالح الشركة المطعون ضدها (أولاً) إلى البنك مباشرة دون شرط، وأن الشركة المطعون ضدها قد أوفت بكامل التزاماتها بشأن عقد الاعتماد سند الدعوى ولم يثبت إخلالها بالتزام من جانبها قبل البنك الطاعن أو مديونيتها له، ومن ثم بات الأخير مسئولاً عن تنفيذ التزامه الناشئ عن العقد، وانتهى الحكم إلى أن مسلك البنك بشأن إنهاء العقد قد شابه التعسف، وأنه لا يجدى البنك الطاعن التحدي بسلامة مسلكه بمراعاة التعليمات الصادرة عن البنك المركزي بشأن الجهاز المصرفي اللاحقة على ابرام عقد الاعتماد بشأن العملاء المتعثرين إذ إنه لا يجوز للبنك الامتناع عن تنفيذ شروط العقد والتحدي بعدم مخالفة التعليمات ما دامت نصوص العقد ليس فيها خروجاً على قاعدة قانونية آمرة أو مسألة تتعلق بالنظام العام فإنه يتعين عليه احترامها وعدم الخروج عليها، ولما كان ذلك من الحكم المطعون فيه سائغاً كافيا لحمل قضائه في هذا الصدد، ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، مما يضحى معه النعي جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع وتقدير الدليل وفحص المستندات لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن ما ينعاه البنك الطاعن بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه، خطأ الحكم فيما قضي به في الدعوى الفرعية برفضها وإلزام البنك بالمصاريف على الرغم من أن المحكمة قد قررت شطب الدعوى الفرعية بجلسة 9/6/2014 ولم يتم العدول عن قرار الشطب أو تجديدها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 82/1 من قانون المرافعات على أنه " إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه حكمت المحكمة في الدعوى إذا كانت صالحة للحكم فيها والا قررت شطبها، فإذا انقضى ستون يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها أو لم يحضر الطرفان بعد السير فيها اعتبرت كأن لم تكن " يدل على أن المشرع رتب جزاء على تخلف الخصوم عن الحضور بعد تجديد الدعوى من الشطب والسير فيها باعتبارها كأن لم تكن يستوى في ذلك أن يتخلف الطرفان معاً عن الحضور أو يتخلف المدعى وحده وينسحب المدعى علىه بعد حضوره أو أن يطلب القضاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن، لأن الانسحاب يستوى مع عدم الحضور، وأن التمسك باعتبار الدعوى كأن لم تكن يلتقى مع الانسحاب في الهدف منه بل هو أشد وضوحاً وأن الجزاء المنصوص علىه في المادة سالفة البيان هو واجب بقوة القانون توقعه المحكمة من تلقاء ذاتها بمجرد تحقق سببه ودون توقف على الدفع به من المدعى علىه، إلا إذا حضر المدعي علىه وطلب الحكم في الدعوى، فإن المحكمة لا تملك – في هذه الحالة – اعتبارها كأن لم تكن لأنه وإن كانت الغاية من تقرير هذا الجزاء هو تلافى تراكم القضايا أمام المحاكم والتي تتصل بالمصلحة العامة وليست مصلحة المدعى علىه ، إلا أن طلب الأخير الحكم في موضوع الدعوى من شأنه أن يحقق تلك الغاية. لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق ومما سجلته محاضر الجلسات أن البنك الطاعن قد انسحب تاركاً الدعوى الفرعية للشطب ، فقررت المحكمة شطبها بجلسة 9/6/2014 ، ثم حضر وكيل الشركة المطعون ضده (أولاً) بجلسة 15/9/2015 وقدم مذكرة تمسك في ختامها بالحكم في الدعوى الفرعية برفضها، وهو ما يعد استئنافاً للسير فيها من الشطب ، ولا يغير من ذلك أن هذا التجديد تم بعد انقضاء مدة الستين يوماً المشار إليها ، إذا أن هذا الميعاد مقرر لمصلحتها ويجوز لها النزول عنه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى الفرعية فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه البنك الطاعن بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والمتمثل في تقدير قيمة التعويض عن الضرر المادي، إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تقدير قيمة الضرر المادي الذي أصاب المطعون ضده بمبلغ خمسة ملايين جنيه وذلك أخذاً بالثابت من تقرير الخبير الذي رفع الأمر للمحكمة لتقدير التعويض الذي تراه سواء المادى أو الأدبى والذى قد انتهى إلى أن قيمة الضرر المادي هو مبلغ 2321006 جنيه (فقط اثنين مليون وثلاثمائة وواحد وعشرون ألف جنيه)، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعى في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير التعويض وإن كان من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه، وهو بذلك يشمل ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب. وأن تعيين العناصر المكونة للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض هي من المسائل القانونية التي تهيمن علىها محكمة النقض. وكان من المقرر أنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إلىه وكان ما أورده الخبير لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح رداً على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيباً بالقصور. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بشأن تقدير قيمة التعويض بمبلغ عشرة ملايين جنيه عن الضررين المادي والأدبي أخذاً بما انتهي إليه تقرير لجنة الخبراء والذى قرر الحكم أنها قد قدرتها بشأن الأضرار المادية التي لحقت بالشركة المطعون ضدها بحوالي مبلغ خمسة ملايين جنيه، وكان الثابت من التقرير المشار إلىه فيما أورده أن إجمالي الأضرار التي لحقت بالشركة المطعون ضدها هو مبلغ 2321006 جنيهات (فقط مليونين وثلاثمائة وواحد وعشرين ألفاً وستة جنيهات)، وإذ قضي الحكم بإلزام البنك الطاعن بقيمة التعويض المادي على أساس أن قيمة الضرر المادي يقدر بحوالي خمسة ملايين جنيه رغم أن الخبير انتهى إلى خلاف ذلك ، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق، فضلاً عن أنه إذ قضى بالتعويض الأدبي بصورة مجملة على أساس ظروف الدعوى وملابساتها دون أن يبين بأسبابه كنه وعناصر الضرر الأدبي أو مدى استحقاق الشركة المطعون ضدها له وفق الثابت بالأوراق، وكان ما قرره من أسباب لا يصلح سنداً للتعويض عن الضرر الأدبي الذى لم يبين سنداً لقضائه به بما يعيبه بشأن تقدير قيمة التعويض بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع متعين الفصل فيه وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، ولما تقدم، وحيث إنه عن موضوع الدعوي الأصلية، فلما كان طلب الشركة المدعية فيها – الشركة المطعون ضدها الأولى – الحكم بإلزام البنك الطاعن بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية عن التوقف عن تمويل المقاولة موضوع الدعوى، فإنه ولما كان الثابت من تقرير لجنة الخبراء الذى تطمئن إليه المحكمة لسلامة الأسس التي بنى عليها، أن البنك الطاعن لم يقم بالتزاماته قبل الشركة المطعون ضدها وذلك بالتوقف عن التمويل بالمخالفة للأعراف المصرفية، وأنه تسبب في الأضرار المادية التي لحقت بالشركة المطعون ضدها والتي تتمثل في تسييل باقي خطاب الضمان الدفعة المقدمة رقم(7924) بمبلغ 111411,01 جنيه، وتسييل خطاب الضمان النهائي رقم(7923) بمبلغ 1044825 جنيهاً، بالإضافة إلى هامش ربح الأعمال غير المنفذة والتي نفذت على حساب الشركة المطعون ضدها بواسطة شركة المقاولون العرب (الخصم المدخل) وقدره 20 % من قيمة الأعمال الغير منفذة والبالغ قيمتها 5823851,5 جنيه وقدرها 1164770,3 جنيه، ومن ثم تكون إجمالي الأضرار المادية التي لحقت بالشركة المطعون ضدها مبلغ 2321006 جنيهات ( فقط مليونين وثلاثمائة وواحد وعشرين ألفاً وستة جنيهات ) وهو ما تقضي به هذه المحكمة بإلزام البنك الطاعن بأن يؤديها للشركة المطعون ضدها على نحو ما سيرد بالمنطوق، أما عن الضرر الادبي المدعى به بشأن ما لحق بسمعة الشركة المطعون ضدها المهنية والتجارية من أضرار، فإنه ولئن كان الضرر الأدبي هو الذى لا يصيب الشخص في ماله ويمكن إرجاعه إلى ما قد يصيبه من أضرار نتيجة ما يصيب الشرف والاعتبار والعرض ، أو العاطفة والشعور، أو مجرد الاعتداء على حق ثابت له ، وهو ما لا يتصور حدوثه إلا إذا أصابت الشخص الطبيعي، أما الشخص الاعتباري فيكون بمنأى عن ذلك التصور، إلا أنه متى أثبت الشخص الاعتباري أن ضررا قد حاق بسمعته التجارية في مجال نشاطه وأعماله وقدرته على مباشرة تلك الأعمال بين أقرانه والمتمثل في إحجام الغير عن التعامل معه بما أثر سلباً على حجم نشاطه ومعاملاته فإنه يمكن تصور التعويض عن الضرر في تلك الحالة بوصفه ضرراً مادياً وليس أدبياً. ولما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من تحقق عناصر الضرر المدعى به – بشأن السمعة التجارية - ومدى استحقاق الشركة المطعون ضدها للتعويض عنه فإنه يتعين رفض دعواها في هذا الشق وتعديل الحكم المطعون فيه بقصر إلزام البنك بالتعويض عن الضرر المادي السابق بيانه دون الأدبي وتأييده فيما عدا ذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضا جزئياً فيما قضى به في الدعوى الأصلية، وألزمت الشركة المطعون ضدها (أولاً) المصروفات، ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الدعوى رقم 1010 لسنة 3 ق استئناف اقتصادي القاهرة - وفيما تم نقضه - بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضي به في الدعوي الأصلية، إلى إلزام المصرف بأن يؤدى لمكتب الأهرامات للهندسة والتجارة مبلغ 2321006 جنيهات(فقط مليونين وثلاثمائة وواحد وعشرين ألفاً وستة جنيهات)، وتأييده فيما عدا ذلك، وألزمت المصرف المدعى علىه بالمناسب من المصاريف ، ومبلغ مائة جنيه مقابل اتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق