برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ سالم عبد الهادي محروس جمعة نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد عبد الحميد حسن عبود، ومحمد عبد السميع محمد إسماعيل، وأحمد محفوظ محمد القاضي، وكامل سليمان محمد سليمان. نواب رئيس مجلس الدولة
---------------------
مجلس الدولة.
شئون الأعضاء- صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية- لا يجوز أن يضع الصندوق حدا أقصى لما يلتزم به من نفقات علاج عضو الهيئة القضائية- هذا الالتزام لا ينفك عن الصندوق بزعم أن العضو تم علاجه بنوعية معينة من العلاج لا تشملها الخدمات الصحية والرعاية الطبية التي يكفلها لأعضاء الهيئات القضائية، فمادامت حالة العضو تحتاج هذه النوعية من العلاج كان الصندوق ملزما بها، ولا يجوز له أن يتذرع بقلة الموارد المتاحة.
--------------------
الوقائع
في يوم الأربعاء الموافق 16/3/2011 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، طالبا الحكم بأحقية الطاعن في استرداد مبلغ 8160 جنيها (ثمانية آلاف ومئة وستين جنيها)، قيمة ما أنفقه لإجراء عمليتين في عينيه اليمنى واليسرى، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وذلك على سند من أنه يشغل وظيفة نائب رئيس مجلس الدولة، وقد تبين وجود مياه بيضاء بالعينين اليمنى واليسرى، مما يتطلب إجراء عملية جراحية في العينين لإزالة هذه المياه وتركيب عدستين، وقد تقدم بطلب إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية (المطعون ضده) لتحويله إلى المستشفى لإجراء العملية، وبتاريخ 28/2/2011 (اليوم المحدد لإجراء العملية) طلبت إدارة المستشفى قبل إجراء العملية في العين اليمنى سداد مبلغ 4080 جنيها نقدا، فقام بسدادها من ماله الخاص، وقام بسداد مبلغ 4080 جنيها نقدا أيضا في 3/3/2011 قبل إجراء العملية بالعين اليسرى، وبذلك يبلغ إجمالي ما سدده مبلغا مقداره 8160 جنيها (ثمانية آلاف ومئة وستون جنيها).
ولما كان الصندوق المطعون ضده ملزما -بحسب قانون إنشائه رقم 36 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 7 لسنة 1985، وقرار وزير العدل رقم 1734 لسنة 1975- بتحمل تكاليف علاج أعضاء الهيئات القضائية، بما في ذلك إجراء العمليات الجراحية، فقد تقدم في 6/3/2011 بطلب للصندوق مرفقا به ما يثبت سداده مبلغ 8160 جنيها، مطالبا باسترداد هذا المبلغ، إلا أن الصندوق رفض إجابته إلى طلبه فأقام هذا الطعن بطلباته المذكور سالفا.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المقرر قانونا. وجرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة وأودعت تقريرا بالرأي القانوني فيه.
ونظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وأودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرتي دفاع، وأودع الحاضر عن الطاعن مذكرة، وبجلسة 7/3/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بإلزام الصندوق المطعون ضده أن يؤدي إليه مبلغ 8160 جنيها (ثمانية آلاف ومئة وستين جنيها) قيمة ما أنفقه في العمليتين الجراحيتين في العينين اليمنى واليسرى.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 36 لسنة 1975 بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية تنص على أن: "ينشأ بوزارة العدل صندوق تكون له الشخصية الاعتبارية، تخصص له الدولة الموارد اللازمة لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية الآتية:
1- القضاء والنيابة العامة. 2- مجلس الدولة...، وتشمل الخدمات الصحية والاجتماعية أسر أعضاء هذه الهيئات، ويخصص لكل هيئة من هذه الهيئات قسم في موازنة الصندوق، ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية".
وتنص المادة 17 من قرار وزير العدل رقم 1734 لسنة 1975 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية على أن: "تشمل الخدمات الصحية شئون العلاج والرعاية الطبية الآتية:
أ- العلاج الطبي الذي يؤديه الأطباء الأخصائيون في فروع الطب المختلفة في عيادات الصندوق أو العيادات الخاصة.
ب- العلاج والإقامة بالمستشفى أو المصحة.
جـ- العمليات الجراحية...".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة استقر على أن المشرع استهدف بإنشاء صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية كفالة استقلال القضاء وحصانة رجاله، وذلك بتوفير أسباب الراحة النفسية والطمأنينة لهم، وكفالتهم صحيا واجتماعيا هم وأسرهم حتى ينصرفوا لأداء رسالتهم على أكمل وجه، فألزم الصندوق تحمل الخدمات الصحية لعضو الهيئة القضائية، بما في ذلك تحمل تكاليف العمليات الجراحية، ولا يجوز بحال أمام سطوة المرض وجبروته الذي لا يرحم أن يضع الصندوق حدا أقصى لما يلتزم به من نفقات علاج لعضو الهيئة القضائية؛ لما في ذلك من إخلال بحقه في العلاج، وما قد يؤدي إليه ذلك من تعريض حياته للخطر إذا كانت هذه المبالغ غير كافية لعلاج العضو، لاسيما في الحالات التي ترتفع فيها تكاليف العلاج بشكل يفوق قدراته المادية، وهذا الالتزام لا ينفك عن الصندوق المطعون ضده بزعم أن العضو تم علاجه بنوعية معينة من العلاج لا تشملها الخدمات الصحية والرعاية الطبية التي يكفلها لأعضاء الهيئات القضائية؛ لأنه ما دامت حالة عضو الهيئة القضائية تحتاج هذه النوعية من العلاج، فإن الصندوق يكون ملزما بها، دون أن يتذرع بقلة الموارد المتاحة؛ حيث إن صحة عضو الهيئة القضائية أهم وأغلى من المال.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يعاني من وجود مياه بيضاء في العينين وفي حاجة إلى إجراء عملية جراحية في كل عين، وزرع عدسة، ووافق الصندوق المطعون ضده على أن يجري هاتين العمليتين بمستشفى للعيون، وطلب أن تكون العدستان اللتان سيتم زرعهما من العدسات متعددة البؤر، ولما كانت هذه العدسات خارج نطاق التعاقد المبرم بين الصندوق والمستشفى المذكور؛ طلبت منه المستشفى أن يسدد ثمن العدستين نقدا، وتحمَّل الصندوق تكاليف العمليتين فقط، وامتنع عن رد ثمن العدستين للطاعن بزعم أنهما من العدسات التجميلية ، لا العلاجية، ولا يتحملها الصندوق.
وحيث إن الثابت أن الطاعن طلب زرع العدستين عند إجراء العمليتين الجراحيتين المذكورتين سالفا في مستشفى متخصص في علاج العيون، ولو لم تكن هاتان العدستان ضروريتين لإتمام العملية الجراحية بنجاح ما أقدم المعالجون بالمستشفى على زرعهما له، ومن ثم فإن العدستين لازمتان للطاعن، وزرعهما في عينيه ليس ترفا أو تجميلا، بل هو رأي طبي قدره الطبيب المتخصص بالنظر إلى طبيعة عمله القضائية وهو في هذا السن، التي تعتمد اعتمادا كاملا على قوة إبصار العينين، ومن ثم يتعين الحكم بإلزام الصندوق المطعون ضده أن يؤدي للطاعن مبلغا مقداره 8160 جنيها، قيمة هاتين العدستين،ـ بالإضافة إلى تكاليف العمليتين الجراحيتين اللازمتين لزرع هاتين العدستين.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم المصروفات عملا بالمادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلزام الصندوق المطعون ضده أن يؤدي للطاعن مبلغا مقداره 8160 جنيها (ثمانية آلاف ومئة وستون جنيها) قيمة العدستين اللتين تم زرعهما في عيني الطاعن، وألزمت الصندوق المطعون ضده المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق