جلسة 2 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم وأحمد كمال حمدي "نواب رئيس المحكمة"
---------------------
(10)
الطعنان 16403 ، 16777 لسنة 79 القضائية
(1 - 5) التزام "أنواع الالتزام: الالتزام ببذل عناية". أوراق تجارية "الشيك. تداول الشيك". بنوك "تحصيل البنك حقوق العميل لدى الغير". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها: المسئولية العقدية: الخطأ العقدي الموجب للمسئولية".
(1) التزام البنك بتحصيل حقوق العميل لدى الغير الثابتة في مستندات أو أوراق مالية. التزام ببذل عناية. م 407/ 2 مدني.
(2) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية. من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع مادام استخلاصه سائغا.
(3) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى توافر الخطأ الموجب لمسئولية البنك نتيجة عدم قيامه بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها وذلك على سند من كفاية رصيد الساحب لديه وقيامه بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها ولعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع. استخلاص سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
(4) سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له. أثره. انتقال ملكية مقابل الوفاء لذمة المستفيد المالية بمجرد إصداره. مؤداه. ليس للساحب استرداد قيمته من البنك أو العمل على تأخير الوفاء به أو امتناع البنك عن الوفاء بقيمته. علة ذلك.
(5) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن إلزام البنك بقيمة الشيكات رغم توافر مقابل الوفاء لديه على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها. خطأ. علة ذلك. قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمة هذه الشيكات.
------------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق، فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 407/ 2 من القانون المدني.
2 -- استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذي اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية لو أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الكافي المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحى بالتالي الطعن أقيم على غير أساس.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن سحب الشيك وتسليمه لمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التي في حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها رغم توافر مقابل الوفاء في تاريخ استحقاق الشيكات، فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه عن ذلك عن بحث تعيين الشيكات المرتدة التي كان يتوافر بحساب الساحب رصيد كاف لها عند تقديمها للصرف، إذ بها تتحدد مسئولية المطعون ضده والتفت عن طلب ندب خبير مصرفي لتحقيق ذلك، الأمر الذي يعيبه.
----------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم... لسنة 2006 تجاري الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن بأن يدفع لها مبلغ مليون وثلاثمائة وتسعة عشر ألفا وسبعمائة اثنين وعشرين جنيها وأربعة وخمسين قرشا وكذا مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التي لحقت بها من جراء مسلك الطاعن، وقالت بيانا لذلك إنها سلمت البنك عدد 26 شيكا بقيمة المبلغ الأول لتحصيلها وإيداع المبلغ في حسابها طرفه، إلا أنه تقاعس عن اتخاذ إجراءات التحصيل رغم توافر الرصيد بحساب الساحب لديه وقيام البنك بصرف وتحصيل شيكات لعملاء آخرين من هذا الحساب، وإذ لحقها ضرر من جراء تصرف الطاعن فقد أقامت الدعوى. بتاريخ 31 مارس 2007 حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 124 ق أمام محكمة استئناف القاهرة. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29 سبتمبر 2009 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها ثلاثمائة ألف جنيه تعويضا عما لحقها من أضرار ورفض ما عدا ذلك من طلبات، طعن البنك على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم... لسنة 79 ق كما طعنت الشركة المطعون ضدها في ذات الحكم بالطعن رقم... لسنة 79 ق، وأودعت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفض الطعن الأول وفي الطعن الثاني بنقض الحكم المطعون فيه جزئية، وإذ غرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: الطعن رقم 16403 لسنة 79 ق
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ الموجب لمسئوليته على سند من أن سبب عدم قيامه بصرف وتحصيل الشيكات المسلمة إليه من الشركة المطعون ضدها يرجع إلى أن الحساب المسحوبة عليه الشيكات هو حساب ائتمان ممنوح للشركة الساحبة لا يسمح بالصرف منه إلا في حدود الغرض من منح التسهيل، وأنه أعاد الشيكات إلى المطعون ضدها فور عدم تحصيلها، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذا الدفاع الجوهري وقضى بإلزامه بالتعويض، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق، فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 704/ 2 من القانون المدني، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذي اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الكافي المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم تتحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحي بالتالي الطعن أقيم على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 16777 لسنة 79 ق
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض طلبه إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة على سند من أنها تقاعست عن استردادها منه رغم إخطاره لها لتسلمها حال أن هذا الإخطار لا يسقط مسئوليته الناشئة عن امتناعه عن صرف الشيكات رغم وجود رصيد كاف بحساب الساحب، والتفت عن طلب الطاعنة ندب خبير حسابي للوقوف على ذلك، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء الوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التي في حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها برغم توافر مقابل الوفاء في تاريخ استحقاق الشيكات، فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه ذلك عن بحث تعيين الشيكات المرتدة التي كان يتوافر بحساب الساحب رصيد كاف لها عند تقديمها للصرف، إذ بها تتحدد مسئولية المطعون ضده والتفت عن طلب ندب خبير مصرفي لتحقيق ذلك، الأمر الذي يعيبه ويوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق