الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 يونيو 2020

الطعن 1148 لسنة 42 ق جلسة 25 / 12 / 1972 مكتب فني 23 ج 3 ق 327 ص 1459


جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، وإبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
---------------
(327)
الطعن رقم 1148 لسنة 42 القضائية

إثبات. "اعتراف". دفوع. "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". قتل عمد. اعتراف.
الاعتراف الذي يعول عليه. يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة. عدم جواز التعويل على الاعتراف. ولو كان صادقاً. متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. دفع الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير الإكراه نتيجة وثوب الكلب البوليس عليه مما ترك به آثار. على المحكمة إن رأت التعويل على الاعتراف أن تعرض الصلة بينه وبين تلك الإصابات وتنفي قيامها في تدليل سائغ.
قول الحكم رداً على هذا الدفع بأن الإصابات التي أشير إليها بالتقرير الطبي ترجع إلى مقاومة المجني عليها. دون أن يفطن للإصابات الأخرى التي حدثت بالطاعن في عملية الاستعراف اللاحقة. يعيب الحكم. ما أورده الحكم من أدلة أخرى لا يغني إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة.

--------------
من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. ولما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه ونفي قيامها في استدلال سائغ. ولما كان الثابت أنه كان بالطاعن إصابات أشار إليها التقرير الطبي الشرعي وقد جاءت نتيجة الكشف الطبي عليه في 7 يناير سنة 1970 كما أنه كانت هناك إصابات أخرى به أشير إليها بالتحقيقات نتجت عن هجوم كلب الشرطة على الطاعن عند عرضه عليه في 8 يناير سنة 1970، ولم يعرض الطاعن في شأنها على الطبيب الشرعي أو أي طبيب آخر، وقد كانت هذه الإصابات معاصرة لاعتراف الطاعن بما اعترف به في أول مرة، وكان اعترافه اللاحق في اليوم نفسه تالياً للاعتراف السابق وإثر اتجاه كلب الشرطة نحوه في عملية استعراف أخرى "فارتاع" - حسب تعبير المحقق بمحضر الاستعراف المشار إليه - فإذا جاء الحكم من بعد وكان من بين ما استند إليه في إطراح دفاع الطاعن في شأن وقوع إكراه عليه أدي به إلى ألإدلاء بما أدلي به في تحقيقات النيابة العامة يقول بأن الإصابات التي وجدت بالطاعن عبارة عن آثار سجحات بوجهه من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر للجريمة دون أن يفطن إلى أن الإصابات التي أشار إليها الطبيب الشرعي في تقريره ليست هي الإصابات التي ورد بالتحقيقات أنها حدثت بالطاعن عند استعراف كلب الشرطة عليه، فإنه لا يكون قد ألم بعناصر الدعوى إلماماً كافياً وأحاط بظروفها إحاطة كاملة، وقد أدي به ذلك إلى عدم التعرض لمبلغ تأثير الإصابات التي نتجت عن وثوب كلب الشرطة على الطاعن - والتي علل بها إدلاءه بما أدلي - في الأقوال التي صدرت منه إثر ذلك مباشرة والصلة بينهما، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه. ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 6 يناير سنة 1970 بدائرة مركز طلخا محافظة الدقهلية: قتل.......... عمداً بأن ضربها بجسم صلب راض ثقيل "عصا غليظة" وأطبق بيديه على فمها وعنقها فكتم أنفسها وخنقها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أوردت بحياتها، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، فقرر ذلك في 7 يونيه سنة 1971، ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً بتاريخ 15 فبراير سنة 1972 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة قتل عمد قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه رد برد غير سائغ على دفاع الطاعن ببطلان الاعتراف الصادر منه بالتحقيقات لأنه كان وليد إكراه وقع عليه من كلب الشرطة بإطلاقه عليه أكثر من مرة وإحداثه به إصابات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان الاعتراف المسند إليه لصدوره تحت تأثير إكراه وقع عليه بوثوب كلب الشرطة عيه وإحداث إصابات به نتيجة لذلك سميت خدوشاً، ويبين من الحكم المطعون فيه أن من بين ما عولت عليه المحكمة في إدانة الطاعن اعترافه في تحقيقات النيابة العامة، وقد عرض الحكم لهذا الدفع ورد عليه في قوله "أما عن القول بأن اعترافه كان وليد إكراه وضرب وتعذيب فإن الثابت بالتحقيقات وأوراق الدعوى أن المتهم لم يجر بشأنه تعذيب أو ضرب لإكراهه على الاعتراف، وقد ثبت أن ما وجد به من آثار سجحات بوجهه كان من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر لوقوع الجريمة، وكذلك الأمر بالنسبة لاعترافه بعد إحضار الكلب البوليسي وهو أمر مشروع قانوناً للاهتداء إلى معرفة الجاني، ولذلك وطالما أن الاعتراف كان اختيارياً ولم يكن نتيجة تهديد أو خوف أو أمر غير مشروع وهو ما لم يحدث فإن المحكمة بالتالي تطمئن كل الاطمئنان إلى اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة وإلى أدلة الثبوت سالفة البيان". لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الطاعن سئل بتحقيقات النيابة العامة شفوياً وتفصيلاً في المحضر الذي فتح في يوم 7/ 1/ 1970 الساعة 1 صباحاً فأنكر ما أسند إليه، وأن المحقق قد ناظرة وأثبت أنه شاهد به خدوشاً أسفل وبجوار عينه اليسرى وفى الغد الساعة 30 و12 مساء أجريت عملية عرض الطاعن على كلب الشرطة بعد أن شم الحبل الذي كان ملفوفاً حول رقبة المجني عليها فاستعرف على الطاعن وقد أثبت بمحضر هذا الاستعراف أن الكلب هجم على الطاعن وأحدث به بعض الخدوش وأن الطاعن ذكر وقتئذ أنه سيقرر الحقيقة واعترف شفوياً باعتدائه على المجني عليها بالضرب بعصا ثم سئل تفصيلاً فردد هذا الاعتراف كما أثبت بالمحضر الذي فتح في اليوم ذاته الساعة 40 و2 مساء أنه عند عرض شقيق الطاعن على كلب الشرطة أنطلق الكلب تجاه الطاعن "فارتاع" وقرر بأنه يريد الإدلاء بأقوال على انفراد ولما سئل الطاعن كرر اعترافه لسابق مضيفاً إليه تفصيلات أخرى نافياً أنه الذي وضع الحبل حول رقبة المجني عليها، وفى يوم 10/ 1/ 1970 أعيد سؤال الطاعن فأنكر ما نسب إليه وأرجع اعترافه السابق إلى خوفه من كلب الشرطة لأنه عضه في عملية العرض الأولى وكان يخشي من عرضه عليه في أخري وظل على إنكاره بعد ذلك في مرحلتي التحقيق والمحاكمة مردداً أن اعترافه كان بسبب اعتداء كلب الشرطة عليه, ولما كان الثابت من التقرير الطبي أن الطبيب الشرعي انتقل في الساعة العاشرة من صباح 7/ 1/ 1970 إلى البلدة مكان الحادث وأجرى الصفة التشريحية لجثة المجني عليها وقام بالكشف على الطاعن وانتهي في تقريره إلى أنه شوهد بالطاعن آثار اصابية عبارة عن ثلاث سجحات ظفريه حديثه أحدها بالوجنة اليسرى واثنتان بجوار الأنف أسفل الإنسية العين اليسرى وأنها تحدث نتيجة تماسك أو مقاومة في تاريخ معاصر لتاريخ الحادث. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه كدليل إثبات في الدعوى يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه كائناً ما كان قدره. وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة إن هي رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف أن تبحث الصلة بينه وبين الإصابات المقول بحصولها لإكراه الطاعن عليه ونفي قيامها في استدلال سائغ, ولما كان الثابت - مما سلف - أنه كان بالطاعن إصابات أشار إليها التقرير الطبي الشرعي وقد جاءت نتيجة الكشف الطبي عليه في 7/ 1/ 1970 كما أنه كانت هناك إصابات أخرى به أشير إليها بالتحقيقات نتجت عن هجوم كلب الشرطة على الطاعن عند عرضه عليه في 8/ 1/ 1970 ولم يعرض الطاعن في شأنها على الطبيب الشرعي أو أي طبيب آخر وقد كانت هذه الإصابات معاصرة لاعتراف الطاعن بما اعترف به في أول مرة، وكان اعترافه اللاحق في اليوم نفسه تالياً للاعتراف السابق وإثر اتجاه كلب الشرطة نحوه في عملية استعراف أخرى "فارتاع" - حسب تعبير المحقق بمحضر الاستعراف المشار إليه - فإذا جاء الحكم من بعد وكان من بين ما أستند إليه في إطراح دفاع الطاعن في شأن وقوع إكراه عليه أدي به إلى ألإدلاء بما أدلي به في تحقيقات النيابة العامة يقول بأن الإصابات التي وجدت بالطاعن عبارة عن آثار سجحات بوجهه من أثر المقاومة التي أبدتها المجني عليها والتي حدثت في وقت معاصر للجريمة دون أن يفطن إلى أن الإصابات التي أشار إليها الطبيب الشرعي في تقريره ليست هي الإصابات التي ورد بالتحقيقات أنها حدثت بالطاعن عند استعراف كلب الشرطة عليه، فإنه لا يكون قد ألم بعناصر الدعوى إلماماً كافياً وأحاط بظروفها إحاطة كاملة، وقد أدي به ذلك إلى عدم التعرض لمبلغ تأثير الإصابات التي نتجت عن وثوب كلب الشرطة على الطاعن - والتي علل بها إدلاءه بما أدلي - في الأقوال التي صدرت منه إثر ذلك مباشرة والصلة بينهما، ما يعيب الحكم ويوجب نقضه. ولا يغني في ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى, إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثير في الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق