جلسة 25 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/
جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سعد سامح،
وإبراهيم الديواني، وعبد الحميد الشربيني، وحسن المغربي.
------------------
(326)
الطعن رقم 1079 لسنة 42
القضائية
(أ) جلب. مواد مخدرة. قصد
جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
"بيانات التسبيب". إثبات. "بوجه عام". نقض. "حالات
الطعن. مخالفة القانون". "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
المراد بجلب المواد
المخدرة في حكم المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل. هو استيراده
بالذات أو بالواسطة بقصد طرحه للتداول. أساس ذلك؟
الأصل اعتبار فعل الجلب
متوافراً فيه قصد التداول.
متى يتعين على الحكم أن
يتحدث عن هذا القصد على استقلال.
إثبات الحكم أن المتهم
اعترف بجلبه المخدر المضبوط لبيعه. تتوافر به جريمة الجلب الموجب توقيع للعقوبة
المقررة لها بالمادة 33 من القانون 182 لسنة 1960. انتهاء الحكم. رغم ذلك. إلى
اعتبار الواقعة مجرد إحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على المادة 38 من
هذا القانون قولاً منه يخلو الأوراق من دليل على توافر جريمة الجلب. خطأ.
(ب) نقض. "الطعن
للمرة الثانية". "نظره والحكم فيه". مواد مخدرة. جلب. عقوبة.
"تطبيقها". محكمة النقض. "سلطتها". ظروف مخففة.
متى يتعين على محكمة
النقض. في حالة الطعن للمرة الثانية. أن تحكم في الدعوى دون تحديد جلسة لنظر
الموضوع. مثال في جريمة جلب.
سلطة محكمة النقض في
إعمال المادة 17 عقوبات.
----------------
1 - إن القانون إذ أوجب
توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960
على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو
بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب
نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع إلي القضاء على
انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعني يلابس الفعل المادي المكون
للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال،
إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم
بقيام قصد التعاطي لديه أو لدي من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف
الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلاله المعني اللغوي والاصطلاحي للفظ
الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما
استنه في الحيازة أو الإحراز. ولما كان الحكم المطعون فيه قال في سياق بيانه واقعة
الدعوى "إن المخدر المضبوط يزن 2800 جراماً من الحشيش خبئ في ستة أكياس من
الدمور ملفوفة حول جسم المتهم - المطعون ضده - الذي اعترف في تحقيقات النيابة بضبط
المخدر معه وقرر أن شخصاً أعطاه له لبيعه في القاهرة" فإن ذلك كاف في حد ذاته
لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضده لفظ "الجلب" كما هو معرف به
في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار
القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
انتهي إلى أن الواقعة مجرد إحراز المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على
المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى ما قاله من أن".....
الدعوى خلو من أي دليل يثبت إن المتهم قد جلب إلى جمهورية مصر العربية جوهراً
مخدراً" فإنه يكون قد خالف القانون.
2 - لما كان ما أثبته
الحكم المطعون فيه من أن كمية المخدر التي أدخلها المطعون ضده البلاد قد بلغ وزنها
2800 جراماً ومن أن المطعون ضده قد اعترف في تحقيق النيابة العامة بأنه أحضر
المخدر من بيروت لبيعه في القاهرة كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي
قارفه المطعون ضده لفظ "الجلب" وكان الطعن للمرة الثانية، وكان العيب
الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها
في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون
رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحيح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون
دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو
بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى - ومن ثم
فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة الجلب
المنصوص عليها في المادة 33 ( أ ) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون
رقم 40 لسنة 1966 مع مراعاة معني الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع، باستعمال
المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة في المادة 33 ( أ ) من ذلك
القانون إلى الحد المعين في المادة 36 منه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضده بأنه في يوم 10 فبراير سنة 1969 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة:
جلب إلى الجمهورية العربية المتحدة جوهراً مخدراً (حشيشاً) قبل الحصول على الترخيص
المبين بالقانون. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد
والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً
بتاريخ 14 مايو سنة 1970 عملاً بالمواد 1 و2 و37/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة
1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق, بمعاقبة
المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقضي فيه بتاريخ 28 مارس سنة 1971
بقبوله شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات
القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخري. أعيدت الدعوى ثانية إلى محكمة جنايات
القاهرة وقضي فيها بتاريخ 11 نوفمبر سنة 1971، عملاً بالمواد 1/ 1 و2 و37 و42 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق مع تطبيق المادة 17
من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه مبلغ
خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق
النقض للمرة الثانية.... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة
تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم أثبت في مدوناته
أن المطعون ضده قدم من بيروت ومعه 2800 جراماً من جوهر الحشيش وقد اعترف في
التحقيقات بأنه أحضره معه بقصد بيعه في القاهرة، وعلى الرغم من أن المطعون ضده لم
يدفع بأنه يحرز المخدر الذي ضبط معه لاستعماله الشخصي فإن المحكمة عدلت وصف التهمة
المسندة إليه وهى جلب المخدر المضبوط ودانته بوصف أنه نقل المخدر بغير قصد الاتجار
أو التعاطي.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه قال في سياق بيانه واقعة الدعوى "أن المخدر المضبوط يزن 2800
جراماً من الحشيش خبئ في ستة أكياس من الدمور ملفوفة حول جسم المتهم - المطعون ضده
- الذي اعترف في تحقيقات النيابة بضبط المخدر معه وقرر أن شخصاً أعطاه له لبيعه في
القاهرة" ثم قال الحكم "إن الدعوى خلو من أي دليل يثبت أن المتهم قد جلب
إلى جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً". وانتهي الحكم إلى أن الواقعة مجرد
إحراز للمخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي المنطبقة على المادة 38 من القانون رقم
182 لسنة 1960. وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون ذلك بأن القانون إذ أوجب
توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960
على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو
بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب
نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع إلى القضاء على
انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعني يلابس الفعل المادي المكون
للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال،
إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع
المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدي من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من
ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، بدل على ذلك فوق دلالة المعني اللغوي والاصطلاحي
للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس
ما استنه في الحيازة أو الإحراز. ولما كان ذلك, وكان ما أثبته الحكم من أن كمية
المخدر التي أدخلها المطعون ضده البلاد قد بلغ وزنها 2800 جراماً ومن أن المطعون
ضده قد اعترف في تحقيق النيابة العامة بأنه احضر المخدر من بيروت لبيعه في القاهرة
كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضده لفظ
"الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في
التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه فان
الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر على ما سلف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون.
لما كان ما تقدم, وكان الطعن للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه
"إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال إليها الدعوى تحكم
محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن
الجريمة التي وقعت". غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ
في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة
الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه, أن تحكم محكمة النقض
في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضي القانون دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع ما
دام إن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما
كان يقتضي التعريض لموضوع الدعوى بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه
بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة الجلب المنصوص عليها في المادة 33 أ من القانون رقم
182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966, مع مراعاة معني الرأفة الذي أخذت
به محكمة الموضوع، باستعمال المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة
في المادة 33 أ من ذلك القانون, إلى الحد المعين في المادة 36 منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق