الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يونيو 2020

الطعن 2510 لسنة 61 ق جلسة 3 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 173 ص 1110


جلسة 3 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ كمال أنور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمد حسين.
------------------
(173)
الطعن رقم 2510 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص.
الضباط العاملون بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن. انبساط ولايتهم على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة. أساس ذلك؟
إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام.
تنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها بقرار من وزير الداخلية. لا يسلب أو يقيد هذه الصفة. علة ذلك؟
(3) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص.
الضباط العاملون بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن. اشتمال سلطتهم في ضبط جميع الجرائم في كافة أنحاء الجمهورية. أساس ذلك؟
 (4)دفوع "الدفع ببطلان القبض". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام النقض غير جائز. ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيامه.
 (5)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. لا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم. متى كانت مطروحة على بساط البحث.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
تولي محام واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة. شرطه: ألا تؤدي ظروف الواقعة إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
التعارض الحقيقي. مناطه: أن القضاء بإدانة أحد المتهمين. يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر. أساسه: الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه.
 (7)سرقة. سلاح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم ضبط السلاح المخبأ الذي كان يحمله المتهم أثناء الحادث لا يقدح في سلامة الحكم. أساس ذلك؟

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً عملاً بالمادة 34/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر وفقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يخول وزير الداخلية حق إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تقييد هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم.
3 - إن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه سلطة في كافة أنحاء الجمهورية.
4 - من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في انتفاء حالة التلبس تقتضي تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعنان لم يتمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن الأول في أسباب طعنه - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود واختتم المدافع عنه مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات أو رجال المساحة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
6 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين - وآخرين - ارتكبوا معاً جريمة سرقة المهمات المملوكة لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً، وكان القضاء بإدانة أحد الطاعنين الأول والثاني - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لم يتبادلا الاتهام والتزما جانب الإنكار، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين الأول والثاني في الدفاع لا تكون متعارضة، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
7 - لما كان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط السلاح (المخبأ) الذي كان يحمله المتهم الخامس أثناء الحادث، ذلك لأنه ما دام الحكم قد اقتنع مما أورده من أدلة بأن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً (مطواة) وقت الحادث وهو في معيته لباقي المتهمين فإن ذلك يكفي للتدليل على توافر ظرف حمل السلاح ولو لم يضبط ذلك السلاح.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من.... و..... (طاعن) و..... (طاعن) و .... و...... (طاعن) بأنهم: سرقوا الأسلاك المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المعدة للاستعمال في مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية حالة كون المتهم الخامس يحمل سلاحاً مخبأ مطواة، وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني والثالث والخامس وغيابياً للباقين عملاً بالمادتين 315، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً عملاً بالمادة 34/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن ما ينعاه هذان الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما - وآخرين - بجناية سرقة مهمات مستعملة في مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً مع سلاح، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك بأن المحكمة ردت على الدفع ببطلان القبض الواقع عليهم وما تلاه من اعتراف منهم لعدم اختصاص القائم بالضبط نوعياً ومحلياً بما لا يسوغه وأغفلت الدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس إيراداً أو رداً، ولم تجب الطاعن الأول إلى طلبه سماع شهود الإثبات ورجال المساحة، كما سمحت لمدافع واحد بالدفاع عنه والمتهم الثالث رغم التعارض بين مصالحهما، وأخيراً فقد استمدت من قول أحد المتهمين أن المتهم الخامس كان يحمل مطواة رغم عدم ضبط هذا السلاح، وهذا كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه بينما كان المقدم...... بقسم الرقابة التموينية بالفيوم في كمين على رأس قوة لضبط السلع التموينية المهربة بين المحافظات بطريق الفيوم القاهرة استوقف إحدى السيارات الأجرة التي كان يستقلها المتهمان...... و...... (الطاعن الأول) واللذان ما أن شاهداه وأفراد القوة حتى بدت عليهما علامات الارتباك وأبلغه قائد السيارة بأنه تناهى إلى سمعه حديثاً دار بين الاثنين المذكورين حول واقعة سرقة لم يتبين ماهيتها أو مضمونها فواجه كل منهما بذلك فأقرا له بقيامهما وكل من الطاعن الثاني و..... والطاعن الثالث بسرقة أسلاك المراسلات التليفونية بعد قطعها ونزعها من الأعمدة المشدودة عليها وإخفائها بمنطقة قريبة من مكان سرقتها بناحية العجمية مركز ابشواى تمهيداً لنقلها إلى القاهرة ليقوم الطاعن الثالث ببيعها لعملائه كما أن المتهمين الأول والثاني (الطاعن الأول) حضرا ليلة الضبط لنقلها بواسطة سيارة نصف نقل يستقلها الطاعن الثالث، وقد تم ضبط المسروقات بإرشاد الطاعن الأول إذ عرضت على الفنيين المختصين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية لفحصها وثبت أنها من الأسلاك الخاصة باستعمالات هيئة المواصلات المذكورة وأنها غير متداولة بالأسواق، وقد تم ضبط المتهمين جميعاً واعترف كل من المتهم الأول والثاني (الطاعن الأول) والثالث (الطاعن الثاني) والرابع بارتكاب الحادث ومعهم المتهم الخامس، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال الضابط ورجال هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية واعترافات المتهمين عدا الأخير بتحقيقات النيابة والتي حصل منها أن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً مخبأ (مطواة) وقت الحادث، ومن ضبط المسروقات بإرشاد المتهم الثاني (الطاعن الأول) وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وما تلاه من اعتراف ورد عليه بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أبداه الدفاع من دفع ببطلان القبض وما تلاه من اعتراف تأسيساً على عدم اختصاص مأمور الضبط القضائي فإن ذلك مردود عليه بأن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في الفقرة (ب) منها في البند 2 على أن يكون من مأموري الضبط القضائي في جميع أنحاء الجمهورية مديرو الإدارات والأقسام ورؤساء المكاتب والمفتشون والضباط وأمناء الشرطة والكونستبلات والمساعدون، وباحثات الشرطة العاملون في مصلحة الأمن العام وفي شعبة البحث الجنائي بمديريات الأمن". ولما كان وكيل مباحث التموين هي إحدى شعب البحث الجنائي، ومن ثم يتعين الاختصاص له بواقعة الضبط الأمر الذي يكون معه هذا النعي على غير أساس من الواقع والقانون خليق بالرفض، كما أن المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن واقعة الضبط قد تمت بدائرة مركز ابشواى محافظة الفيوم الأمر الذي يتعين معه الاختصاص المكاني لمأموري الضبط القضائي فيها، ومن ثم فإن ما أبدي من دفوع لا يسانده دليل من الواقع والقانون متعين لفت النظر عنه" وما قاله الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك بأن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يخول وزير الداخلية حق إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تقييد هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم. لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في كافة أنحاء الجمهورية. لما كان ذلك، وكان القائم بالضبط وكيل لإحدى شعب البحث الجنائي على النحو المار بيانه فإنه يكون غير صحيح في القانون النعي ببطلان الإجراءات في هذا الصدد وما تلاها من اعترافات. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان من إغفال الحكم للدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس، فمردود بدوره بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في انتفاء حالة التلبس تقتضي تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعنان لم يتمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن الأول في أسباب طعنه - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود واختتم المدافع عنه مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات أو رجال المساحة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن محامياً واحداً حضر عن الطاعنين الأول والثاني وأبدى دفاعاً واحداً عنهما يرتكز أساساً على إنكارهما الفعل المسند إليهما، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين - وآخرين - ارتكبوا معاً جريمة سرقة المهمات المملوكة لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً، وكان القضاء بإدانة أحد الطاعنين الأول والثاني - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لم يتبادلا الاتهام والتزما جانب الإنكار، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين الأول والثاني في الدفاع لا تكون متعارضة، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط السلاح (المخبأ) الذي كان يحمله المتهم الخامس أثناء الحادث، ذلك لأنه ما دام الحكم قد اقتنع مما أورده من أدلة بأن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً (مطواة) وقت الحادث وهو في معيته لباقي المتهمين فإن ذلك يكفي للتدليل على توافر ظرف حمل السلاح ولو لم يضبط ذلك السلاح، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون له محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق