الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 يونيو 2020

الطعن 1939 لسنة 35 ق جلسة 21 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 31 ص 169


جلسة 21 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
----------------
(31)
الطعن رقم 1939 لسنة 35 القضائية

(أ) استئناف. حكم. "إصداره". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون".
اشتراط إجماع آراء قضاة المحكمة عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة قاصر على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة. استواء حكم القانون لا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع. مثال.
(ب) عمل. عقوبة.
عدم توفير وسائل الإسعاف الطبية وعدم وضع لائحة النظام الأساسي في مكان ظاهر بالمؤسسة. لا تتعدد فيها الغرامة بقدر عدد العمال.

---------------
1 - من المقرر - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة، وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقدير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة، أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون إيثارا من الشارع لمصلحة المتهم - فاشتراط إجماع القضاة قاصر على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكامه. وإذ ما كان الحكم الغيابي الاستئنافي قد أعمل حكم القانون فيما قضي به بالنسبة إلى الجرائم الثلاث الأولى المسندة إلى المتهم، وذلك بتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل من هذه الجرائم - تصحيحاً للخطأ القانوني الذي وقعت فيه محكمة أول درجة بتوقيعها عقوبة واحدة، فإنه لا يكون قد شدد العقوبة بالمعنى الذي رمى إليه المشرع من سن القاعدة الواردة بالفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يكون الحكم الصادر في المعارضة إذ قضى بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي لعدم النص فيه على أنه قد صدر بإجماع الآراء قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - من المقرر أن ما نصت عليه المادة 65 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 من وجوب توفير وسائل الإسعاف الطبية بالمنشأة وما نصت عليه المادة 68 من إلزام صاحب العمل بوضع لائحة النظام الأساسي في مكان ظاهر من مؤسسته وإيداعها الجهة الإدارية المختصة هو مما لا تتعدد فيه الغرامة بقدر عدد العمال، إذ أن الإخلال بالالتزام الذي تفرضه كل من هاتين المادتين لا يمس مباشرة وبالذات مصالح العمال الذين يعملون بمؤسسة المطعون ضده عند وقوع المخالفة ويجحف بحقوقهم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 26 ديسمبر سنة 1962 بدائرة قسم الزيتون (أولاً) لم يوفر للعمال وسائل الإسعاف الطبي. (ثانياً) لم يضع في مكان ظاهر من مؤسسته لائحة النظام الأساسي للعمل. (ثالثاً) لم يحرر عقود عمل كتابة من نسختين. (رابعاً) لم يقدم ما يثبت حصول العمال على أجازاتهم. وطلبت عقابه بالمواد 42 و43 و58 و65 و68 و215 و221 و235 من القانون رقم 91 لسنة 1959. ومحكمة الزيتون الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 26 ديسمبر سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل عامل من عماله. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 31 مارس سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائتي قرش عن كل تهمة من التهم الثلاث الأولى تتعدد بعدد العمال وبراءته من التهمة الرابعة المسندة إليه. فعارض المتهم وقضى في معارضته بتاريخ 17 نوفمبر سنة 1964 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه وتأييد الحكم المستأنف قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أسس قضاءه بإدانة المطعون ضده بجرائم عدم توفيره وسائل الإسعافات الطبية للعمال وعدم وضعه لائحة النظام الأساسي في مكان ظاهر في المؤسسة وعدم تحريره عقود عمل كتابة من نسختين وعدم تقديمه ما يثبت حصول العمال على أجازاتهم - على أن المحكمة الاستئنافية قد شددت في غيبة المتهم عقوبة الغرامة المقضي بها عليه من محكمة أول درجة دون أن تذكر في حكمها الغيابي أنها قد أصدرته بإجماع آراء قضاتها، وبذا تكون قد خالفت نص الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية مما يبطل الحكم. ولا يكون أمام المحكمة الاستئنافية عند نظر المعارضة في ذلك الحكم إلا أن تؤيد الحكم المستأنف حتى لا يضار المعارض من معارضته، مع أن اشتراط إجماع قضاة المحكمة الاستئنافية مقصور على حالة الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف وتطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع. ولما كان الحكم الغيابي الاستئنافي قد قضى في الاستئناف المرفوع من النيابة العامة بمعاقبة المطعون ضده بعقوبة مستقلة عن كل جريمة من الجرائم التي أسندت إليه، فإنه يكون بذلك قد أجرى تصحيح الخطأ الذي وقعت فيه محكمة أول درجة بإعمالها حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضائها بعقوبة واحدة عن هذه الجرائم الأمر الذي لا يقتضي إجماع القضاة - على أن الحكم الغيابي الاستئنافي من ناحية أخرى قد تردى في خطأ قانوني إذ قضى بتعدد العقوبة بقدر عدد العمال فيما وقع من المطعون ضده من عدم توفيره وسائل الإسعافات الطبية للعمال وعدم وضعه لائحة للنظام الأساسي للعمل في مكان ظاهر من مؤسسته - موضوع التهمتين الأولى والثانية - مع أن هاتين الجريمتين ليستا من الجرائم التي تمس فيها المخالفة حقوق العمال مباشرة فلا يجوز الحكم عنهما بتعدد الغرامة المقضي بها، وكان يتعين على المحكمة عند نظر المعارضة أن تصحح هذا الخطأ.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بجلسة 26 ديسمبر سنة 1963 حضورياً اعتبارياً في التهم الأربع المسندة إلى المطعون ضده بتغريمه مائتي قرش عن كل عامل من عماله وذلك تطبيقاً للمواد 42 و43 و58 و65 و68 و215 و221 و235 من القانون رقم 91 لسنة 1959 التي طلبها الاتهام. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، والمحكمة الاستئنافية قضت بجلسة 21 مارس سنة 1964 غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائتي قرش عن كل تهمة من التهم الثلاث الأولى الخاصة بعدم إعداد وسائل الإسعاف وعدم تعليق لائحة النظام الأساسي للعمل وعدم تحريره عقود العمل - تتعدد بعدد العمال وببراءته من التهمة الرابعة المسندة إليه الخاصة بعدم تقديم ما يثبت حصول العمال على أجازاتهم. واستندت المحكمة في حكمها إلى قولها "وحيث إنه بالنسبة للتهم الثلاث الأولى المسندة إلى التهم وهى الخاصة بعدم تحرير عقود عمل وعدم توفير وسائل الإسعاف وعدم تعليق لائحة النظام الأساسي للعمل فترى المحكمة أن هذه التهم الثلاث ثابتة في حق المتهم وذلك مما أثبته مفتش العمل في محضر ضبط الواقعة وأن المتهم لم يدفع ما نسب إليه بدفاع معقول. فإذا كان ذلك، وكانت المواد 43، 65، 68 من القانون المطبق وهى التي تحرم هذه المسائل الثلاث قد وردت في الفصل الثاني من الباب الثاني من القانون سالف الذكر في شأن عقد العمل الفردي. وكانت المادة 221 من هذا القانون تنص على أن يعاقب كل من يخالف أحكام الفصل الثاني من الباب الثاني في شأن عقد العمل الفردي والقرارات الصادرة تنفيذاً له بغرامة لا تقل عن 200 قرش ولا تجاوز 2000 قرش في الإقليم المصري وتتعدد الغرامة بالنسبة لعدد العمال، فيكون الحكم المستأنف قد خالف القانون إذ قضى بقضائه سالف البيان ومن ثم يتعين إلغاءه والحكم على المتهم لما سبق بيانه طبقاً للمادة 304/ 2 أ. ج" ثم تناول الحكم موضوع التهمة الرابعة المسندة إلى المتهم وانتهى إلى عدم ثبوتها في حقه. وإذ عارض هذا الأخير في الحكم الصادر في غيبته قضت المحكمة الاستئنافية بجلسة 17 نوفمبر سنة 1964 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي وتأييد الحكم المستأنف وأسست قضاءها بذلك على قولها "وحيث إن الحكم المشار إليه آنفا (الحكم الغيابي الاستئنافي) قد شدد عقوبة الغرامة المحكوم بها من محكمة أول درجة دون أن يذكر فيه أنه صدر بإجماع الآراء، مخالفاً بذلك نص المادة 417/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يتعين القضاء ببطلان الحكم الغيابي الاستئنافي لتخلف هذا الشرط ولا تملك المحكمة تصحيح هذا البطلان بإصدار حكمها في المعارضة بإجماع الآراء وذلك بالنسبة للتهمة الثالثة التي يجب قانوناً تعدد عقوبة الغرامة فيها بقدر عدد العمال، إذ المعارضة وإن كان من شأنها أن تعيد القضية إلى حالتها الأولى وتطرح الخصومة من جديد، إلا أنه يتعين أن يكون ذلك في إطار مصلحة المعارض طبقاً للمادة 401 أ. ج التي تنص على أنه لا يجوز بأي حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة المرفوعة منه، ومن ثم لا يكون بوسع المحكمة وهى تقضي في المعارضة إلا أن تؤيد الحكم المستأنف ما دام الحكم الغيابي الاستئنافي لم يصدر بالإجماع، وطالما أنه في صالح المعارض" لما كان ذلك، وكان من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مراد الشارع من النص في المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على وجوب إجماع قضاة المحكمة الاستئنافية عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة، وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كافية في تقدير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة، أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون إيثارا من الشارع لمصلحة المتهم - فاشتراط إجماع القضاة قاصراً على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة. أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع بل لا يتصور أن يكون الإجماع ذريعة إلى تجاوز حدود القانون أو إغفال حكم من أحكامه. وإذ ما كان الحكم الغيابي الاستئنافي قد أعمل حكم القانون فيما قضي به بالنسبة إلى الجرائم الثلاث الأولى المسندة إلى المتهم، وذلك بتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل من هذه الجرائم - تصحيحاً للخطأ القانوني الذي وقعت فيه محكمة أول درجة، فإنه لا يكون قد شدد العقوبة بالمعنى الذي رمى إليه المشرع من سن القاعدة الواردة بالفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم يكون الحكم الصادر في المعارضة إذ قضى بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي لعدم النص فيه على أنه قد صدر بإجماع الآراء، قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ما نصت عليه المادة 65 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 من وجوب توفير وسائل الإسعافات الطبية بالمنشأة وما نصت عليه المادة 68 من إلزام صاحب العمل بوضع لائحة النظام الأساسي في مكان ظاهر من مؤسسته وإيداعها الجهة الإدارية المختصة - مما كان محلاً للتهمتين الأولى والثانية المسندتين إلى المطعون ضده - هو مما لا تتعدد فيه الغرامة بقدر عدد العمال، إذ أن الإخلال بالالتزام الذي تفرضه كل من هاتين المادتين لا يمس مباشرة وبالذات مصالح العمال الذين يعملون بمؤسسة المطعون ضده عند وقوع المخالفة ويجحف بحقوقهم، فكان يتعين ألا يقضي بتعدد الغرامة المحكوم بها في التهمتين سالفتي الذكر بقدر عدد العمال. لما كان ذلك، وكان الحكم الغيابي الاستئنافي قد فعل ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه فيما قضى به من تعدد الغرامة بقدر عدد العمال بالنسبة إلى التهمتين الأولى والثانية الخاصتين بعدم توفير وسائل الإسعافات الطبية وعدم وضع لائحة النظام الأساسي للعمل في مكان ظاهر في المؤسسة وتأييده فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق