جلسة 3 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفة وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم
نواب رئيس المحكمة ومحمد شعبان.
------------------
(151)
الطعن رقم 4363 لسنة 61 القضائية
(1)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم أقوال المجني عليه والمتهمين على نحو ما أورده الطاعن
بأسباب طعنه. النعي على الحكم بقالة الخطأ في الإسناد غير صحيح.
مثال.
(2)فاعل
أصلي. سرقة "سرقة بإكراه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم في حق الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة
للجريمة ومنها تواجده وآخرين على مسرحها ومطالبته للمجني عليه بإخراج ما معه من
نقود. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها وللتدليل على توافر القصد الجنائي لديه.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها. غير جائز إثارته أمام النقض.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(4)إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير موانع
المسئولية". موانع المسئولية "الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور".
شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية. المادة 62 عقوبات.
تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور نتيجة السكر. موضوعي.
--------------------
1 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون
فيه سواء في تحصيله لواقعة الدعوى أو في بيانه لمؤدى أقوال المجني عليه وأقوال
باقي المتهمين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة أن الطاعن كان على مسرح الجريمة
مع باقي المتهمين عندما استقلوا جميعاً سيارة المجني عليه وطالبوه بإخراج ما معه
من نقود وتوجيه عبارات السب له منهم وتهديد اثنين له منهم بالمدي، فضلاً عن ضبط
مبلغ عشرين جنيهاً مع الطاعن حال ضبطه وإقراره بمحضر الضبط أنه متحصل من السرقة -
وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - ويكشف عن أن الحكم حصل أقوال المجني عليه والمتهمين
على نحو ما أورده الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في
الإسناد يكون غير صحيح.
2 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن
القائم على انتفاء قصد المساهمة في الجريمة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه في شأن
ما أثاره الدفاع الحاضر مع المتهمين الثالث والرابع من أن تواجدهما على مسرح الحادث
كان مصادفة وبغير قصد المساهمة في الجريمة، فإن هذا القول مردود بأن من أقوال
المجني عليه أن المتهمين جميعاً قد طالبوه، بإخراج ما معه من نقود بغية الاستيلاء
عليها ووجهوا إليه السباب ابتغاء بلوغ مقصدهم وهي أقوال محل ثقة المحكمة
واطمئنانها، كما تم ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع المتهم الثالث حال ضبطه، وقرر بشأنه
وقتذاك بأنه المبلغ المستولى عليه من المجني عليه لرئيس مباحث الدقي، هذا إلى أن
تواجدهم على مسرح الحادث وقت وقوعه ثم هروبهم عقب ارتكابه كل في طريق، كل ذلك يكشف
عن أن نية الجناة الأربعة كانت معقودة على السرقة ابتداء وبصرف النظر عن حجم الدور
الذي باشره كل منهم لإتمام جريمة السرقة." فإن الحكم بهذا يكون قد أثبت في حق
الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتباره
فاعلاً أصلياً فيها، كما يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي لديه، فإن ما يثيره
الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً
موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز
موضوعياً إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على
مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها
الجاني قهراً عنه أو على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في
عمله وقت ارتكاب الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق
بفقدان الشعور أو التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة
سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)..... (2)......
(3)..... (طاعن) (4)..... بأنهم أولاً: المتهمون جميعاً سرقوا المبلغ النقدي
المبين بالأوراق والمملوك..... بطريق الإكراه الواقع عليه حال كون الأول والثاني
يحملان سلاحين ظاهرين مديتين قرن غزال وبالتهديد باستعمالهما بأن قام الثاني
بإشهار المطواة وطلب من المجني عليه إخراج ما معه من مبالغ نقدية وتبعه الأول في
ذلك وقام الباقون بالتعدي عليه بالضرب وبالتهديد باستعمال الأسلحة فأعدموا مقاومته
وألقوا الرعب في قلبه فأعطاهم المبلغ النقدي المبين بالأوراق حال كون ذلك ليلاً:
ثانياً: المتهمان الأول والثاني: أحرزا بغير ترخيص سلاح أبيض (مطواتان قرن غزال)
على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقاً
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمادتين 314/ 1، 315 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر، 30 من القانون
رقم 394 لسنة 1954 المعدل بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة
المطواة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه الثالث في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان
الطاعن بجريمة السرقة بالإكراه، قد خالف الثابت في الأوراق وشابه قصور وغموض في
التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه استدل على ارتكاب الطاعن للواقعة بما تضمنه
محضر الضبط من أنه قد تم ضبطه ومعه مبلغ عشرون جنيهاً في حين أن ذلك الذي خلص إليه
الحكم لا يتفق وأقوال المجني عليه وباقي المتهمين في الدعوى حيث نفوا عن الطاعن
فعل السرقة وأسندوه إلى المتهم الثاني، وهو ما ينفي عن الطاعن مقارفته للجناية
المنسوبة إليه بركنيها المادي والمعنوي، كما لم يستظهر الحكم دور الطاعن والقصد
الجنائي لديه - سيما وأنه لم يثبت بالأوراق سبق اتفاق الطاعن وباقي المتهمين على
ارتكاب هذه الجريمة، ورد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص برد قاصر، هذا إلى أن
الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة بين المجني عليه والمتهمين، وأخيراً فقد أثار
الطاعن وباقي المتهمين أنهم كانوا في حالة سكر بما ينتفي معه القصد الجنائي لديهم
وقد أطرح الحكم هذا الدفاع بما لا يسوغ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
سائغة لا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى
ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه سواء
في تحصيله لواقعة الدعوى أو في بيانه لمؤدى أقوال المجني عليه وأقوال باقي
المتهمين بمحضر ضبط الواقعة وتحقيقات النيابة أن الطاعن كان على مسرح الجريمة مع
باقي المتهمين عندما استقلوا جميعاً سيارة المجني عليه وطالبوه بإخراج ما معه من
نقود وتوجيه عبارات السب له منهم وتهديد اثنين له منهم بالمدي، فضلاً عن ضبط مبلغ
عشرين جنيهاً مع الطاعن حال ضبطه وإقراره بمحضر الضبط أنه متحصل من السرقة - وهو
ما لا ينازع فيه الطاعن - ويكشف عن أن الحكم حصل أقوال المجني عليه والمتهمين على
نحو ما أورده الطاعن بأسباب طعنه، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة الخطأ في
الإسناد يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على
انتفاء قصد المساهمة في الجريمة وأطرحه في قوله: "وحيث إنه في شأن ما أثاره
الدفاع الحاضر مع المتهمين الثالث والرابع من أن تواجدهما على مسرح الحادث كان
مصادفة وبغير قصد المساهمة في الجريمة، فإن هذا القول مردود بأن من أقوال المجني
عليه أن المتهمين جميعاً قد طالبوه بإخراج ما معه من نقود بغية الاستيلاء عليها
ووجهوا إليه السباب ابتغاء بلوغ مقصدهم وهي أقوال محل ثقة المحكمة واطمئنانها، كما
تم ضبط مبلغ عشرين جنيهاً مع المتهم الثالث حال ضبطه، وقرر بشأنه وقتذاك بأنه
المبلغ المستولى عليه من المجني عليه لرئيس مباحث الدقي هذا إلى أن تواجدهم على
مسرح الحادث وقت وقوعه ثم هروبهم عقب ارتكابه كل في طريق، كل ذلك يكشف عن أن نية
الجناة الأربعة كانت معقودة على السرقة ابتداء وبصرف النظر عن حجم الدور الذي
باشره كل منهم لإتمام جريمة السرقة." فإن الحكم بهذا يكون قد أثبت في حق
الطاعن مساهمته بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وهو ما يكفي لاعتباره
فاعلاً أصلياً فيها، كما يكفي للتدليل على توافر القصد الجنائي لديه، فإن ما يثيره
الطاعن في شأن التدليل على مشاركته في الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً
موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز
موضوعياً إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع
أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وليست جناية
سرقة بالإكراه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة
وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في
وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
محص دفاع الطاعن وباقي المتهمين في خصوص امتناع مسئوليتهم تأسيساً على وجودهم في
حالة سكر وقت الحادث وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى أنهم كانوا أهلاً
لحمل المسئولية الجنائية لتوافر الإدراك والاختيار لديهم وقت مقارفة الفعل الذي
ثبت في حقهم، وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من
قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو
على غير علم منه بحقيقة أمرها بحيث تفقده، الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب
الفعل، وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو
التمتع به، والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث
أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه. لما كان ما تقدم، فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق