القضية رقم 20 لسنة 1 ق "دستورية " ، 7 لسنة 9 ق عليا جلسة 4 / 5 / 1985
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 4 مايو سنة 1985م الموافق 14 شعبان سنة 1405 هــ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : مصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ورابح لطفى جمعة وشريف برهام نور و واصل علاء الدين أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ أحمد محمد الحفني المفوض
وحضور السيد/ أحمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية ". ( 7 لسنة 9 ق عليا )
المرفوعة من
السيد / رئيس جامعة الأزهر
ضد
1 - السيد / رئيس الجمهورية
2 - السيد / رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد / رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
4 - السيد / عاطف فؤاد جوده بصفته وارثا لوالده المرحوم فؤاد جوده
" الإجراءات
بتاريخ 31 مايو سنة 1978 أودع المدعى بصفته صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (226) من القانون المدني .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها، أصلياً: الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً: بعدم قبولها وفى الموضوع برفضها.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 6 إبريل سنة 1985، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى بصفته كان قد أقام الطعن رقم 461 لسنة 22 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا طالباً إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1465 لسنة 35 قضائية بإلزام ووزير الأوقاف وعميد كلية الطب بصفاتهم بان يدفعوا لمورث المدعى عليه الرابع مبلغ 592,112 - جنيه باقي ثمن آلات جراحية تم توريدها إلى كلية الطب جامعة الأزهر- والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية . وأثناء نظر الطعن دفع المدعى بصفته بعدم دستورية المادة (226) من القانون المدني . فقضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 3 إبريل سنة 1978 بوقف الفصل في الطعن ليرفع المدعى دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن الحكومة دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى أن جامعة الأزهر تتبع الأزهر الذي يعد من الأشخاص المعنوية العامة وبالتالي فهي من جهات الحكومة التي أعتبرها المشرع من ذوي الشأن في القضايا الدستورية ، فلا يجوز لها الطعن بعدم دستورية التشريعات على أساس أنها تشارك في وضعها وعليها الدفاع عن سلامتها. هذا بالإضافة إلى أن المنازعة الماثلة - وهي تقوم بين جهتين حكوميتين - تندرج تحت المنازعات التي تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة - دون غيرها- بإبداء الرأي الملزم للجانبين فيها عملاً بالمادة (66) فقرة (د) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
وحيث أن هذا الدفع مردود بأن الدستور بين على وجه التحديد المقصود بالحكومة بما نص عليه في المادة (153) من أن "الحكومة هي الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة وتتكون الحكومة من رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم" وإذا كان هذا التعريف لا يدخل في مدلوله الأزهر باعتباره الهيئة العلمية الإسلامية الكبرى التي أثبت لها القانون الشخصية المعنوية بما نص عليه صراحة في المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها من أن "يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس"... ومن ثم، فأن جامعة الأزهر- وهي إحدى هيئاته - لا ينطبق عليها معنى الحكومة على النحو الذى عناه المشرع في المادة (35) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 والذى نص فيه على أن "تعتبر الحكومة من ذوى الشأن في الدعاوى الدستورية " مستهدفاً ذلك تمكينها من أن تقول كلمتها في الطعون الموجهة إلى التشريعات التي تكون قد أصدرتها أو شاركت في وضعها.
لما كان ذلك. وكانت هذه المحكمة - من ناحية أخرى - هي المختصة وحدها بنظر الدعوى الدستورية الماثلة إعمالاً للمادة (175) من الدستور والمادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه - اللتين عقدتا لها دون غيرها ولاية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح بما ينتفي معه القول بأنها من المنازعات التي تختص بها الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة - ومن ثم، فإن الدفع بعدم الاختصاص يكون في شقيه على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إنه عما دفعت به الحكومة أيضاً من عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن شيخ الأزهر هو الذى يملك وحده تمثيل جامعة الأزهر باعتبارها من الهيئات التي يشملها الأزهر، وأن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم التقاضي وتجيز لرئيسها تمثيلها لدى المحاكم، فأنه إذ كانت المادة (39) من القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه تنص على أن "يتولى إدارة جامعة الأزهر "1- مدير جامعة الأزهر (رئيس جامعة الأزهر منذ العمل بالقانون رقم 51 لسنة 1972) 2- (مجلس الجامعة ). كما تنص المادة (42) منه على أن "يتولى مدير الجامعة إدارة شئون الجامعة العلمية والإدارية والمالية ، وهو الذى يمثلها أمام الهيئات الأخرى ..." فان مؤدى ذلك: أن القانون أسند إلى رئيس الجامعة صفة النيابة عنها في جميع صلاتها بالهيئات الأخرى والتي تدخل في عمومها الهيئات القضائية ، وما يتفرع عن هذه النيابة من أهلية التقاضي فيما يتعلق بتلك الصلات ومن بينها التعاقد على شراء معدات لكليات الجامعة وما قد ينشأ عنها من منازعات قضائية ، وهو الحال الذى اقتضى اختصاص المدعى بصفته في الدعوى الموضوعية - وترتب على إثارة الدفع بعدم الدستورية فيها - إقامة المدعى بصفته للدعوى الماثلة ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة يكون على غير أساس.
- وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية .
وحيث إن المدعى بصفته ينعى على نص المادة (226) من القانون المدني أنها إذ تقضى باستحقاق فوائد محددة القدر عن مجرد التأخر في الوفاء بالالتزام النقدي تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي أصبحت طبقاً للمادة الثانية من الدستور "المصدر الرئيسي للتشريع". وذلك باعتبار أن تلك الفوائد تمثل زيادة في الدين بغير مقابل، فهي الربا المتفق على تحريمه أخذاً بقوله تعالى "وأحل الله البيع وحرم الربا" وهو من الأحكام الشرعية المقطوع بها ثبوتاً ودلالة والتي أصبحت بموجب المادة الثانية من الدستور في مصاف القواعد القانونية الوضعية التي من شأنها نسخ ما كان سابقاً عليها متعارضاً معها من نصوص التشريعات الوضعية نسخاً ضمنياً، إذ صارت بذاتها واجبة الأعمال دون حاجة إلى صدور تشريع يقننها.
وحيث إن القانون المدني الصادر بالقانون رقم 131 لسنة 1948 في 16 يوليو سنة 1948 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 ينص في المادة (226) منه - محل الطعن - على أنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود، وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية و خمسة في المائة في المسائل التجارية . وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، ان لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره".
وحيث إنه يبين من تعديل الدستور الذى تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور في 11 سبتمبر سنة 1971 على أن "الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع" والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة في أى من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور 1923 وحتى دستور سنة 1964.
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح- المنوطة بالمحكمة الدستورية العليا- تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وتأكيد احترامه وحمايته من الخروج على أحكامه. وسبيل هذه الرقابة التحقق من التزام سلطة التشريع بما يورده الدستور في مختلف نصوصه من ضوابط وقيود ومن ثم فإنه يتعين - عند الفصل فيما يثار في شأن التشريعات من مطاعن تستهدف نقض قرينة الدستورية - استظهار هذه الضوابط والقيود وتحديدها وذلك للتعرف على مدى مخالفة تلك التشريعات لها.
وحيث إنه يبين من صيغة العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور- بعد تعديلها على نحو ما سلف - إن المشرع الدستوري أتى بقيد على السلطة المختصة بالتشريع قوامه إلزام هذه السلطة - وهى بصدد وضع التشريعات - بالالتجاء إلى مبادئ الشريعة لاستمداد الأحكام المنظمة للمجتمع، وهو ما أشارت إليه اللجنة الخاصة بالإعداد لتعديل الدستور في تقريرها إلى مجلس الشعب والذى أقره المجلس بجلسة 19 يوليه سنة 1979 وأكدته اللجنة التي أعدت مشروع التعديل وقدمته إلى المجلس فناقشه ووافق عليه بجلسة 30 إبريل سنة 1980 إذ جاء في تقريرها عن مقاصد تعديل الدستور بالنسبة للعبارة الأخيرة من المادة الثانية بانها "تلزم المشرع بالالتجاء إلى أحكام الشريعة الإسلامية للبحث عن بغيته فيها مع إلزامه بعدم الالتجاء إلى غيرها، فإذا لم يجد في الشريعة الإسلامية حكماً صريحاً، فإن وسائل استنباط الأحكام من المصادر الاجتهادية في الشريعة الإسلامية تمكن المشرع من التوصل إلى الأحكام اللازمة والتي لا تخالف الأصول والمبادئ العامة للشريعة ".
ولما كان مفاد ما تقدم، أن سلطة التشريع اعتباراً من تاريخ العمل بتعديل العبارة الأخيرة من المادة الثانية من الدستور في 22 مايو سنة 1980- أصبحت مقيدة فيما تسنه من تشريعات مستحدثه أو معدله لتشريعات سابقة على هذا التاريخ، بمراعاة أن تكون هذه التشريعات متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية وبحيث لا تخرج - في الوقت ذاته - عن الضوابط والقيود التي تفرضها النصوص الدستورية الأخرى على سلطة التشريع في صدد الممارسة التشريعية . فهي التي يتحدد بها- مع ذلك القيد المستحدث - النطاق الذى تباشر من خلاله المحكمة الدستورية العليا رقابتها القضائية على دستورية التشريعات. لما كان ذلك وكان إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع على ما سلف بيانه لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه الإلزام بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية ، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأنى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً واجب الإعمال ومن ثم، فان هذه التشريعات تكون بمنأى عن أعمال هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية . ويؤيد هذا النظر ما أو ردته اللجنة العامة في مجلس الشعب بتقريرها المقدم بجلسة 15 سبتمبر سنة 1981 والذى وافق عليه المجلس من أنه "كان دستور سنة 1971 أول دستور في تاريخناً الحديث ينص صراحة على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ثم عدل الدستور عام 1980 لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وهذا يعنى عدم جواز إصدار أي تشريع في المستقبل يخالف أحكام الشريعة الإسلامية ، كما يعنى ضرورة إعادة النظر في القوانين القائمة قبل العمل بدستور سنة 1971 وتعديلها بما يجعلها متفقه مع أحكام الشريعة الإسلامية " واستطرد تقرير اللجنة إلى أن "الانتقال من النظام القانوني القائم حالياً في مصر والذى يرجع إلى أكثر من مائة سنة إلى النظام الإسلامي المتكامل يقتضى الإناه والتدقيق العملي ، ومن هنا، فإن تقنين المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تكن مألوفة ، أو معروفة ، وكذلك ما جد في عالمنا المعاصر وما يقتضيه الوجود في المجتمع الدولي من صلات وعلاقات ومعاملات، كل ذلك يستأهل الروية ويتطلب جهوداً، ومن ثم فان تغيير النظام القانوني جميعه ينبغي أن يتاح لواضعيه والقائمين عليه الفترة الزمنية المناسبة حتى تجمع هذه القوانين متكاملة في إطار القرآن والسنه وأحكام المجتهدين من الأئمة والعلماء...".
وحيث إن ما ذهب إليه المدعى من أن مقتضى تعديل المادة الثانية من الدستور هو جعل مبادئ الشريعة الإسلامية قواعد قانونية موضوعية واجبة الإعمال بذاتها ومن فورها على ما سبق هذا التعديل من تشريعات بما يوجب نسخ ما يتعارض منها مع تلك المبادئ، فإن هذا القول مردود بما سبق أن عرضت له المحكمة عن حقيقة المقصود من ذلك التعديل، وهو أنه قيد أستحدثه الدستور على سلطة المشرع في شأن المصادر التي يستقى منها أحكامه - التشريعية وإنه لا يمكن إعماله إلا بالنسبة للتشريعات اللاحقة على فرضه دون التشريعات السابقة كما ينقض القول ما تضمنته الأعمال التحضيرية لمشروع التعديل على ما سلف إيضاحه من أن المنوط به إعمال القيد المشار إليه هو السلطة المختصة بالتشريع، بالإضافة إلى أن المشرع الدستوري لو أراد جعل مبادئ الشريعة الإسلامية من بين القواعد المدرجة في الدستور على وجه التحديد أو قصد أن يجرى أعمال تلك المبادئ بواسطة المحاكم التي تتولى تطبيق التشريعات دون ما حاجة إلى إفراغها في نصوص تشريعية محددة مستوفاه للإجراءات التي عينها الدستور، لما أعوزه النص على ذلك صراحة ، هذا فضلاً عن أن مؤدى ما يقول به المدعى من الإعمال المباشر لمبادئ الشريعة الإسلامية عن طريق تلك المحاكم لا يقف عند مجرد إهدار ما قد يتعارض مع هذه المبادئ من التشريعات السابقة المنظمة لمختلف النواحي المدنية والجنائية والاجتماعية والاقتصادية بل أن الأمر لا بد وأن يقترن بضرورة تقصي المحاكم للقواعد غير المقننة التي يلزم تطبيقها في المنازعات المطروحة عليها بدلاً من النصوص المنسوخة مع ما قد يؤدي إليه ذلك من تناقض بين هذه القواعد ويجر إلى تهاتر الأحكام وزعزة الاستقرار.
وحيث إن إعمال المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها - على ما تقدم بيانه، وإن كان مؤداه: إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لما يضعه من تشريعات بعد التاريخ الذي فرض هذا الإلزام بما يترتب عليه من اعتباره مخالفاً للدستور إذا لم يلتزم بذلك القيد، إلا أن قصر هذا الإلزام على تلك التشريعات لا يعنى إعفاء المشرع من تبعة الإبقاء على التشريعات السابقة - رغم ما قد يشوبها من تعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ، وإنما يلقى على عاتقه من الناحية السياسية مسئولية المبادرة إلى تنقيه نصوص هذه التشريعات من أية مخالفة للمبادئ سالفة الذكر، تحقيقاً للاتساق بينها وبين التشريعات اللاحقة في وجوب اتفاقها جميعاً مع هذه المبادئ وعدم الخروج عليها.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، ولما كان مبنى الطعن مخالفة المادة (226) من القانون المدني للمادة الثانية من الدستور تأسيساً على أن فوائد التأخير المستحقة بموجبها تعد من الربا المحرم شرعاً طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة - بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980 والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية - لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت المادة (226) من القانون المدني الصادر سنة 1948 لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فإن النعي عليها، وحالتها هذه - بمخالفة حكم المادة الثانية من الدستور وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية - يكون في غير محله. الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة والزمت المدعى بصفته المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق