جلسة 6 من فبراير سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان نائب رئيس
المحكمة، وصلاح عطية، وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.
----------------
(49)
الطعن رقم 15070 لسنة 59
القضائية
(1) ضرب "أفضى إلى
موت". إثبات "بوجه عام".
لا عبرة بما اشتمل عليه
بلاغ الواقعة. أو بما قرره المبلغ. العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة من التحقيقات.
(2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى. موضوعي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض بين أقوال الشهود
على فرض حصوله. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الادانة من أقوالهم. استخلاصا
سائغاً لا تناقض فيه.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة
الشاهد ؟
(5)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن حول تصوير
المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شاهدي الاثبات أو محاولة تجريحها. جدل موضوعي
في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
مثال:
(6)إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الاخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعيب الإجراءات السابقة
على المحاكمة. لا يصلح سببا للطعن على الحكم.
النعي على المحكمة قعودها
عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز.
مثال:
(7)محكمة الجنايات. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
العبرة في المحاكمة بملف
القضية الأصلي. خلو الصورة المنسوخة من بعض الأوراق المطروحة على بساط البحث. لا
إخلال بحق الدفاع.
(8)اشتراك. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها".
الاشتراك. تمامه دون
مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى
وملابساتها باستدلال سائغ. كفايته.
مثال.
(9)إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل".
إقناعية الدليل في المواد
الجنائية. مؤداها. حق المحكمة الاستغناء عن دليل نفى ولو حملته أوراق رسمية.
(10)إثبات "بوجه عام". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد
صراحة على أدلة النفي. ما دام الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها
الحكم.
حسب الحكم ايراد الأدلة
المنتجة التي تحمل قضاءه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم.
الجدل في سلطة محكمة
الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(11)حكم " تسبيبه. بيانات التسبيب". عقوبة "عقوبة مبررة".
الخطأ في رقم مادة العقاب
المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع
الادانة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة واجبة التطبيق.
---------------
1 - من المقرر أنه لا
عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو بما قرره المبلغ بمحضر الشرطة مغايراً لما
استند إليه الحكم وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.
2 - من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من
صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها
أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أن التناقض
بين أقوال الشهود وعلى فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الادانة من
أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
4 - من المقرر أن وزن
أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره
التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها
لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - لما كانت المحكمة قد
عرضت لما ساقه الدفاع عن الطاعنين من دفاع مؤداه كذب شاهدي الاثبات لشواهد مادية
عددها منها عدم ابلاغهما عن الحادث ومنها كذلك أن المجنى عليه لم يقتل حيث وجدت
جثته إذ ثبت من المعاينة عدم وجود دماء في مكانها ولم يكن قتله في الوقت الذى حدده
شاهدي الاثبات بدلالة وجود "كرمشة " بجلد المجنى عليه. واطرحه بما يسوغ
رفضه أخذاً بأقوال شاهدي الرؤية التي اطمأنت إليها وبالحقائق المادية الثابتة
بالمعاينة من أن الحادث وقع بطريق ترابي يستخدمه أهالي القرية وفى مجرى مياه مما
يستتبع أنها لا تظل باقية إلى حين إجراء المعاينة. وكان ما أورده الحكم سائغا في العقل
والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من
امكان حصولها على الصورة التي قال بها شاهدي الرؤية والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي،
فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال شاهدي
الاثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به
محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض
ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان ما يثيره
الطاعنين في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن سؤال ضابط المباحث في شأن
الغموض الذى شاب الابلاغ عن الحادث لا يعدو أن يكون تعيبا للتحقيق الذى جرى في المرحلة
السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من
محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقض
فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة
إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
7 - لما كان الدفاع عن
الطاعنين لا يدعى أن محضر جمع الاستدلالات واخطار المركز إلى النيابة بالحادث
والتقرير الطبي الموقع على المجنى عليه...... والقول بعدم نسخها ضمن الأوراق التي
تم نسخها وسلمت إليه لم تكن تحت نظر المحكمة ضمن الملف الأصلي للدعوى فإنه كان من
المتعين عليه أن يبنى دفاعه من واقع الملف المذكور وقد كان في مكنته أن يطلب
الاطلاع عليه طبقا للإجراءات التي رسمها القانون في المادة 189 من قانون الإجراءات
الجنائية أو أن يتقدم بهذا الطلب إلى محكمة الموضوع، أما وهو لم يفعل فلا يقبل منه
النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق إجراء كان عليه أن يعلن عن رغبته في تحقيقه،
ولا يضير الحكم أن تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلواً من بعض الأوراق المطروحة
على بساط البحث لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمة هي بملف القضية الأصلي، مما
تكون معه دعوى الاخلال بحق الطاعنين في الدفاع على غير أساس.
8 - لما كان الاشتراك في الجريمة
يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، فأنه
يكفى لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون
اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل
على توافر اشتراك الطاعن الثاني بطريق التحريض في جناية الضرب المفضي إلى الموت من
أقوال شاهدي الاثبات...... و..... فإن هذا حسبه ليبرأ من قالة القصور في التسبيب.
9 - لما كانت الأدلة في المواد
الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام
يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
10 - من المقرر أن
المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد
عليها مستفاداً ضمنا من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه
على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل
جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن الثاني في شأن عدم تواجده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة الافادة
الصادرة من محكمة.... وشهادة...... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا
يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أنه لا
يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف وبين
الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب
تطبيقها - وهي الأمور التي لم يخطئ الحكم تقديرها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا
من: 1 - .... (طاعن) , 2 - ...... 3 - ..... (طاعن) بأنهم المتهمان الأول والثاني:
- ضربا...... عمداً بأن اتفقا فيما بينهما على ضربه بآلات حادة (سكاكين) فأحدثا به
الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى
إلى موته. المتهم الثالث: - اشترك بطريق التحريض مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب
الجريمة سالفة الذكر بان حرضهما على ارتكابها بالتعدي على المجنى عليه بالضرب
فتعديا عليه على النحو الوراد بموضوع التهمة الأولى فتمت الجريمة بناء على هذا
التحريض واحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين
بأمر الاحالة وأدعت أرملة المجنى عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر
مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 1 أولا، 41، 43، 236/ 1 من قانون
العقوبات مع إعمال المادة 32/ 1 من القانون ذاته بمعاقبة كل من المتهمين الأول
والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات لكل منهما والزامهما بأن يؤديا للمدعية
بالحق المدني عن نفسها وبصفتها مبلغ مائتين وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت
وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل باعتباره مرتكبا لجريمة الضرب.
فطعن المحكوم عليهما
الأول الثالث في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجناية الضرب المفضي إلى الموت وثانيهما
بالاشتراك في جناية الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط قد شابه الفساد في الاستدلال
والقصور والتناقض في التسبيب والبطلان والاخلال بحق الدفاع ذلك بأن عول على أقوال
الشهود رغم تناقض أقوالهم وفساد تصويرهم للحادث وعدم معقوليته وعلى الرغم من أن
التحريات لم تؤيد أقوالهم في شأن تحريض الطاعن الثاني للمحكوم عليهما الآخرين كما
أن من بين ما قام عليه دفاع الطاعنين كذب شاهدي الاثبات...... و..... لشواهد مادية
عددها منها أنهما لم يبلغا عن الحادث ومنها كذلك أن المجنى عليه لم يقتل حيث وجدت
جثته إذ ثبت من المعاينة عدم وجود دماء في مكانها ولم يكن قتله في الوقت الذى حدده
شاهدي الاثبات إذ أثبت التقرير الطبي الشرعي وجود "كرمشة " بجلد المجنى
عليه مما مفاده أن الجثة بقيت فترة في المياه وهو ما يخالف أقوال شاهدي الاثبات
بيد أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغ رفضه بينما كان الواجب عليها أن تلجأ
في تحقيقه إلى أهل الخبرة وقعدت النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن سؤال ضابط
المباحث في شأن الغموض الذى شاب الابلاغ عن الحادث. هذا إلى أن ملف الدعوى المنسوخ
قد خلا من اخطار المركز للنيابة بالحادث ومن محضر جمع الاستدلالات والتقرير الطبي
الموقع على...... كما أن الحكم لم يدلل على اشتراك الطاعن الثاني في جناية الضرب المفضي
إلى الموت تدليلا سائغا. وأعرض عن دفاع الطاعن الثاني الذي قام على عدم وجوده في مكان
الحادث. كما أخطأ الحكم في ذكر المادة الواجبة التطبيق على التهمة المسندة إلى
الطاعن الثاني كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان
الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه
عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة أو
بما قرره المبلغ بمحضر الشرطة مغايراً لما استند إليه الحكم وإنما العبرة بما
اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع
أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق،
وكان التناقض بين أقوال الشهود وعلى فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص
الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى
المطروحة - وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة
التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن
ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها،
وكانت المحكمة قد عرضت لما ساقه الدفاع عن الطاعنين من دفاع مؤداه كذب شاهدي
الاثبات لشواهد مادية عددها منها عدم ابلاغهما عن الحادث ومنها كذلك أن المجنى
عليه لم يقتل حيث وجدت جثته إذ ثبت من المعاينة عدم وجود دماء في مكانها ولم يكن
قتله في الوقت الذى حدده شاهدي الاثبات بدلالة وجود "كرمشه" بجلد المجنى
عليه. واطرحه بما يسوغ رفضه أخذاً بأقوال شاهدي الرؤية التي اطمأنت إليها
وبالحقائق المادية الثابتة بالمعاينة من أن الحادث وقع بطريق ترابي يستخدمه أهالي
القرية وفى مجرى مياه مما يستتبع أنها لا تظل باقية إلى حين إجراء المعاينة. وكان
ما أورده الحكم سائغا في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث ولا تثريب
على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قال بها شاهدي الرؤية
والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير
المحكمة للواقعة وفى تصديقها لأقوال شاهدي الاثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل
موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو
مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد
يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الدفاع عن الطاعنين في خصوص قعود
النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن سؤال ضابط المباحث في شأن الغموض الذي شاب
الابلاغ عن الحادث لا يعدو أن تعيبا للتحقيق الذى جرى في المرحلة السابقة على
المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقض فليس له من
بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه
بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن
الطاعنين لا يدعى أن محضر جمع الاستدلالات واخطار المركز إلى النيابة بالحادث
والتقرير الطبي الموقع على المجنى عليه...... والقول بعدم نسخها ضمن الأوراق التي
تم نسخها وسلمت إليه لم تكن تحت نظر المحكمة ضمن الملف الأصلي للدعوى فإنه كان من
المتعين عليه أن يبنى دفاعه من واقع الملف المذكور وقد كان في مكنته أن يطلب
الاطلاع عليه طبقا للإجراءات التي رسمها القانون في المادة 189 من قانون الإجراءات
الجنائية أو أن يتقدم بهذا الطلب إلى محكمة الموضوع، أما وهو لم يفعل فلا يقبل منه
النعي على المحكمة التفاتها عن تحقيق إجراء كان عليه أن يعلن عن رغبته في تحقيقه،
ولا يضير الحكم أن تكون الصورة المنسوخة قد جاءت خلواً من بعض الأوراق المطروحة
على بساط البحث لما هو مقرر من أن العبرة في المحاكمة هي بملف القضية الأصلي، مما
تكون معه دعوى الاخلال بحق الطاعنين في الدفاع على غير أساس. لما كان ذلك، وكان
الاشتراك في الجريمة يتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن
الاستدلال بها عليه، فأنه يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف
الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم،
وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر اشتراك الطاعن الثاني بطريق التحريض في جناية
الضرب المفضي إلى الموت من أقوال شاهدي الاثبات....... و....... فإن هذا حسبه
ليبرأ من قالة القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية
وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن
يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى وكان من
المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما
دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي
أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي
صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه
في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما
يثيره الطاعن الثاني في شأن عدم تواجده على مسرح الجريمة وقت وقوعها بدلالة
الافادة الصادرة من محكمة..... وشهادة..... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير
الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا
يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم
المطعون فيه أنه أشار إلى المادة 40 أولا من قانون العقوبات من بين مواد قانون
العقوبات التي أنزلها على واقعة الدعوى فإنه لا يعيبه أن أشار خطأ في المادة 32 من
قانون العقوبات لدى تدليله على توافر جناية الاشتراك في الضرب المفضي إلى الموت
لما هو مقرر من أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما
دام قد وصف وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن
حدود المادة الواجب تطبيقها - وهي الأمور التي لم يخطئ الحكم تقديرها. لما كان ما
تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق