جلسة 9 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/
توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال
المرصفاوي، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، بطرس زغلول.
--------------
(160)
الطعن رقم 899 لسنة 35
القضائية
حكم. "تصحيحه. إغفال
الفصل في بعض الطلبات". دعوى مدنية. "إجراءات نظرها أمام المحاكم
الجنائية". إجراءات المحاكمة. استئناف. محكمة استئنافية.
متى ترجح المحكمة
الجنائية إلى قانون المرافعات المدنية؟ عند إحالة صريحة على حكم من أحكامه وردت في
قانون الإجراءات الجنائية أو عند خلو القانون الأخير من نص على قاعدة من القواعد
العامة الواردة في قانون المرافعات.
خلو قانون الإجراءات من
إيراد حكم لحالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات الخاصة بالدعوى
المدنية كما فعل قانون المرافعات في المادة 368.
إغفال محكمة أول درجة
الفصل في الدعوى المدنية. ليس للمدعي المدني اللجوء إلى المحكمة الاستئنافية
لتدارك هذا النقص. عليه الرجوع إلى محكمة أول درجة للفصل فيما أغفلته.
-------------
من المقرر أن المحكمة
الجنائية لا ترجع إلى قانون المرافعات المدنية إلا عند إحالة صريحة على حكم من
أحكامه وردت في قانون الإجراءات الجنائية أو عند خلو القانون الأخير من نص على
قاعدة من القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات. ولما كان قانون الإجراءات
الجنائية قد خلا من إيراد حكم لحالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات
الخاصة بالدعوى المدنية المرفوعة بالنسبة للدعوى الجنائية كما فعل قانون المرافعات
في المادة 368 منه، وكان مفاد منطوق الحكم المطعون فيه (الاستئنافي) أن الحكم
الابتدائي أغفل الفصل في الدعوى المدنية بالنسبة إلى المطعون ضدهما فضلاً عن أن
مدونات الحكم لم تتحدث عنها. فإن الطريق السوي أمام المدعية بالحقوق المدنية
(مصلحة الجمارك) أن ترجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم وأن تطلب
منها الفصل فيما أغفلته وليس لا أن تلجأ إلى المحكمة الاستئنافية لتدارك هذا القض
ذلك بأن هذه المحكمة إنما تعيد النظر فيما فصلت فيه محكمة أول درجة، وطالما أنها
لما تفصل في جزء من الدعوى فإن اختصاصها يكون لازال باقياً بالنسبة له، ولا يمكن
للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بنفسها في أمر لم تستنفد محكمة أول درجة بعد ولايتها
في الفصل فيه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
المطعون ضدهما وآخر بأنهم في يوم 22/ 4/ 1961 بدائرة قسم العطارين: الأول (1) باع
للثالث الخمور المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر حالة كونها مجهولة المصدر وغير مسدد
عنها رسوم الإنتاج (2) نقل الخمور المذكورة إلى الثالث من الإسكندرية إلى القاهرة
بدون ترخيص من مكتب الإنتاج - والثاني (المطعون ضده الأول) (1) باع الخمور المبينة
وصفاً وقيمة بالمحضر إلى الثالث حالة كونها مجهولة المصدر وغير مسدد عنها رسوم
الإنتاج (2) باع الخمور المذكورة بالمحضر وصفا وقيمة للثالث حالة كونها مغشوشة
وموضوعاً عليها بيانات غير مطابقة للحقيقة - والثالث: ( المطعون ضده الثاني) حاز
الخمور المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر حالة كونها مجهولة المصدر وغير مسدد عنها رسوم
الإنتاج وموضوعاً عليها بيانات غير مطابقة للحقيقة وكذا مغشوشة مع علمه بذلك.
وطلبت عقابهم بالمواد 1 و15 و16 و20 و21 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة
1 من القانون رقم 322 لسنة 1952 والمادتين 27 و32 من القانون رقم 57 لسنة 1939
والمادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1941. وادعت مصلحة الجمارك مدنياً طالبة الحكم
لها قبل المتهم الثالث متضامناً مع المتهمين الأول والثاني بمبلغ 427 ج و780 م على
سبيل التعويض. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة العطارين الجزئية دفع الحاضر مع المتهم
الثالث ببطلان القبض والتفتيش وما تلاه من إجراءات، والمحكمة المذكورة قضت غيابياً
بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني وحضورياً للثالث عملاً بمواد الاتهام والمادة
32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بتغريمه ألف قرش والغلق لمدة خمسة عشر
يوماً على نفقته والمصادرة وإلزامه بسداد الرسم البالغ قدره 145 ج و345 م وتعويض
للخزانة العامة يعادل ثلاثة أضعاف هذا الرسم عما أسند إليه وبراءة الثاني والثالث
مما أسند إليهما. فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة الاسكندرية
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بتاريخ 20/ 1/ 1964 غيابياً بالنسبة إلى
المتهم الأول وحضورياً للثاني بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وألزمت المدعية
بالمصاريف المدنية. فطعنت المدعية بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبني ما تنعاه
مصلحة الجمارك - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه هو أنه - إذ قضى
بعدم قبول الاستئناف المرفوع منها تأسيساً على أن الرسم والتعويض المقررين
بالقانون رقم 363 لسنة 1956 والمطلوب إلزام المطعون ضدهما بأدائهما هما من قبيل
العقوبات الجنائية التي لا تطلبها غير النيابة العامة - قد أخطأ في تطبيق القانون،
ذلك بأنه من المقرر أن لمصلحة الجمارك حق التدخل كمدعية بالحقوق المدنية في دعاوى
التهرب من الرسوم الجمركية ورسوم الانتاج المنصوص عليها في القوانين التي تحارب
التهرب من الرسوم المستحقة لها.
وحيث إنه يبين من مراجعة
الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول استئناف الطاعنة لرفعه من
غير ذي صفة على دعامتين الأولى هي أن الرسم والتعويض المقريين بالقانون رقم 363
لسنة 1956 والمطلوب إلزام المطعون ضدهما بأدائهما هما من قبيل العقوبات الجنائية
التي لا تطلبها غير النيابة العامة، وأما الدعامة الثانية: فمفادها أن الحكم
المستأنف قد أغفل الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعنة ضد المستأنف عليهما
- المطعون ضدهما - فأصبح الاستئناف مرفوعاً من غير المحكوم عليه - وتجد هذه
الدعامة الثانية سندها فيما هو ثابت من الحكم الابتدائي من أن الدعوى الجنائية
رفعت ضد المطعون ضدهما وآخر عن بيع وحيازة خمور مجهولة المصدر وغير مسدد عنها رسم
الإنتاج ومغشوشة فضلاً عن نقلها بغير ترخيص، وأن الطاعنة ادعت مدنياً طالبة
إلزامهم جميعاً على سبيل التضامن بدفع مبلغ 427 جنيهاً و780 مليماً مقابل الرسوم
والتعويض فقضت المحكمة بتغريم المتهم الآخر جورج استليانيدس ألف قرش والغلق لمدة
خمسة عشر يوماً على نفقته والمصادرة والرسم البالغ قدره 145 جنيها و345 مليماً
وتعويض للخزانة العامة يعادل ثلاثة أضعاف هذا الرسم وبراءة المطعون ضدهما مما أسند
إليهما بلا مصاريف جنائية. ولما كان مفاد هذا المنطوق إن الحكم الابتدائي أغفل
الفصل في الدعوى المدنية بالنسبة إلى المطعون ضدهما فضلاً عن أن مدونات الحكم لم
تتحدث عنها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الجنائية لا ترجع إلى قانون
المرافعات المدنية إلا عند إحالة صريحة على حكم من أحكامه وردت في قانون الإجراءات
الجنائية أو عند خلو هذا القانون من نص على قاعدة من القواعد العامة الواردة في قانون
المرافعات، وكانت المادة 368 من قانون المرافعات قد نصت على أنه "إذا أغفلت
المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يكلف خصمه الحضور
أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه" لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات
الجنائية قد خلا من إيراد حكم لحالة إغفال المحكمة الجنائية الفصل في بعض الطلبات
الخاصة بالدعوى المرفوعة بالنسبة للدعوى الجنائية - كما هو الحال في الدعوى
الحالية- فإن الطريق السوى أمام المدعية بالحقوق المدنية أن ترجع إلى ذات المحكمة
التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم وأن تطلب منها الفصل فيما أغفلته وليس لها أن تلجأ
إلى المحكمة الاستئنافية لتدارك ها النقض ذلك بأن هذه المحكمة إنما تعيد النظر
فيما فصلت فيه محكمة أول درجة وطالما أنها لما تفصل في جزء من الدعوى فإن اختصاصها
يكون لا زال باقياً بالنسبة له ولا يمكن للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بنفسها في
أمر لم تستنفد محكمة أول درجة بعد ولايتها في الفصل فيه. لما كان ما تقدم، فإن
الحكم المطعون فيه يكون قد صح حمله على ما ذكرته المحكمة من أن الاستئناف قد رفع
من غير محكوم عليه مما لا محل معه من بعد لبحث وجه الطعن المقدم من الطاعنة،
ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق