جلسة 15 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي
ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة.
------------------
(158)
الطعن رقم 1792 لسنة 61 القضائية
(1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه
عام". مواد مخدرة.
حق محكمة الموضوع في تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها. حده؟
(2)إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة. ما يؤثر في
عقيدة المحكمة.
مثال.
(3) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة إحراز المواد المخدرة. توافرها مهما كان المقدار ضئيلاً. متى
كان لها كيان مادي محسوس أمكن تقديره.
(4) قانون "تفسيره". جريمة
"أركانها". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حيازة أو إحراز الهيروين. مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة التي عليها
قائماً بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". مسئولية
جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة المخدر: ثبوت اتصال المتهم
بالمخدر مباشرة أو بالواسطة عن علم وإرادة.
تخلي الطاعن عن المخدر. لا يعد عدولاً منه عن مقارفة الجريمة ولا
يؤثر في مسئوليته عنها.
(6)جريمة
"أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. قوامه. العلم بكنه
المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم متى كان ما أورده كافياً في
الدلالة عليه.
(7) دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المكاني".
اختصاص. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بخلو الحكم من بيان مكان الضبط. حقيقته. دفع بعدم الاختصاص
المكاني. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
(8)إثبات
"بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
(9)مواد
مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
مثال.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(11)مواد
مخدرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". مصادرة.
قضاء الحكم بمصادرة المخدر المضبوط. صحيح. أساس ذلك؟
-----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل
أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها.
2 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم
على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم
ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما
حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى وأقوال شاهدي الإثبات من أنهما شاهدا الطاعن
وبيده علبة التبغ التي ضبط بها المخدر وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن
أقوالهما جرت في التحقيقات من أنهما لم يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة هو
معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً لها وهو المعنى الذي يتحقق به
مسئوليته عن جريمة إحراز المخدر المضبوط فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في
هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
3 - لما كان القانون لم يبين حداً أدنى
للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى
كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره.
4 - لما كان البين من القسم الأول من الجدول
الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 في
شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها أنه قد ورد تحت البند 2 ما
نصه "هيروين:
Heroin - Diacet Ylmorphino – (Acetomo Itginc – Dimoipphine) ثنائي ستيل مورفين - بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً في أي مادة كانت
درجة تركيزه وبأي نسبة" وكانت صياغة هذا البند على النحو السالف تدل على أن
حيازة أو إحراز ما ورد تحت هذا البند مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة التي عليها قائماً
بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن نعياً على الحكم من خطأ فيما نقله عن تقرير المعمل الكيماوي - بفرض صحته -
يكون عديم الجدوى كما أنه لا محل للنعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون.
5 - لما كان من المقرر أن مناط المسئولية في
حالتي إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً
مباشراً أو بالواسطة وببسط سلطانه عليه عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة
مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية
وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة أن الطاعن قد أحرز المخدر المضبوط بما تكون
معه جريمة إحرازه قد وقعت تامة وكاملة وكان تخلي الطاعن عن المخدر لا يعد عدولاً
منه عن مقارفة الجريمة ولا يؤثر في مسئوليته عنها ومن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعن
في هذا الشأن.
6 - القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة
الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد
المخدرة. والمحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في
حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر.
7 - لما كان نعي الطاعن على الحكم أنه خلا من
بيان مكان الضبط والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة
مردوداً بأنه لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً
بضبطه وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا
الخصوص فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام
العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في
الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه.
9 - لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس
أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير
معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم قد رد على ما دفع
به الطاعن من بطلان القبض عليه وتفتيشه وأطرحه استناداً لأقوال شاهدي الإثبات التي
اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم بدت عليه علامات الارتباك والخوف لدى رؤيته لهما
وألقى بعلبة تبغ كانت في يده اليمنى بما مفاده أن المتهم تخلى عن حيازتها من تلقاء
نفسه طواعية واختياراً فإذا ما التقطها الضابط ووجد بداخلها مخدراً فإن الجريمة
تكون في حالة تلبس يجيز له أن يقبض عليه وأن يفتشه فإن ما أورده الحكم تدليلاً على
توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن بطلان القبض
والتفتيش يكون كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ويكون النعي
عليه في هذا الخصوص غير سديد.
10 - التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع
بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته
المحكمة.
11 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182
لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تقضي في فقرتها الأولى بوجوب الحكم
بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة فإن الحكم إذ قضى بمصادرة المخدر المضبوط يكون
قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار
جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى
محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 2 من القانون رقم
182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من
الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات
بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه
وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ
دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد
شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور
والتناقض في التسبيب ذلك أنه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أن شاهدي الإثبات شاهدا
الطاعن وبيده علبة التبغ التي قيل بضبط المخدر بداخلها رغم أن أقوالهما بالتحقيقات
جرت على أنهما لم يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة، وحصل تقرير المعمل
الكيماوي بأن المادة المضبوطة لمخدر الهيروين وتزن قائماً 10.3 جراماً، رغم أن ما
ورد بهذا التقرير عن الوزن يتعلق بوزن الحرز كله، ويشير إلى أن المسحوق المضبوط
ليس كله لمخدر الهيروين، بل إنه يحتوي على هذا المخدر، ولم يحدد نسبته ودون بيان
ماهية هذا المسحوق وما إذا كان يدخل ضمن دساتير الأدوية سيما وأن القانون لا يعاقب
على إحراز الهيروين إلا إذا كان مجرداً وقائماً بذاته دون خلطه بمواد أخرى بما
يضحى معه فعل الطاعن غير مؤثم، هذا إلى أن تخليه طواعية عن المخدر يعد عدولاً
اختيارياً منه عن مقارفة الجريمة، كما أن الحكم لم يستظهر علمه بكنه المادة
المضبوطة، وأغفل بيان مكان الضبط خاصة وأنه نازع في المكان الذي قيل بضبطه فيه وفي
كيفية ضبطه بما ينتفي به الاختصاص المكاني لضابط الواقعة، كما أخطأ الحكم في تحديد
الساعة التي جرى فيها الضبط وأطرح الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه استناداً إلى
توافر حالة التلبس رغم عدم توافرها، وأخيراً فقد حصل الحكم أقوال شاهدي الإثبات
بأن الطاعن أقر لهما بأن إحرازه المخدر المضبوط بقصد الإتجار فيه ثم عاد ونفى عنه
هذا القصد استناداً إلى أنه لا دليل عليه ودانه عن الإحراز المجرد ومع ذلك عامله
بالمادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 الخاصة
بالإحراز بقصد التعاطي والمادة 42/ 1 من القانون ذاته والخاصة بمصادرة النباتات
المؤثم زراعتها والتي لا محل لإعمالها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن
تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن
مضمونها، كما أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ
والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في
عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى
وأقوال شاهدي الإثبات من أنهما شاهدا الطاعن وبيده علبة التبغ التي ضبط بها المخدر
وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن أقوالهما جرت في التحقيقات من أنهما لم
يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان
محرزاً لها وهو المعنى الذي يتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز المخدر المضبوط فإن
ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان
القانون لم يبين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً
مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره، وكان البين من
القسم الأول من الجدول الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون
رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها أنه قد
ورد تحت البند 2 ما نصه "هيروين:Heroin - Diacet
ylmorphino - (Acetomo lpginc -
Diamolphine). ثنائي ستيل مورفين - بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً
في أي مادة كانت درجة تركيزه وبأي نسبة" وكانت صياغة هذا البند على النحو
السالف تدل على أن حيازة أو إحراز ما ورد تحت هذا البند مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة
التي عليها قائماً بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من خطأ فيما نقله عن تقرير المعمل
الكيماوي - بفرض صحته - يكون عديم الجدوى كما أنه لا محل للنعي على الحكم بدعوى
الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي
إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً
أو بالواسطة وببسط سلطانه عليه عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو
بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان الحكم
قد أثبت بالأدلة السائغة أن الطاعن قد أحرز المخدر المضبوط بما تكون معه جريمة
إحرازه قد وقعت تامة وكاملة وكان تخلي الطاعن عن المخدر لا يعد عدولاً منه عن
مقارفة الجريمة ولا يؤثر في مسئوليته عنها ومن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا
الشأن. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر
يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. وكانت
المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها
كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر. وإذ كان يبين من محضر جلسة
المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما
أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر
المضبوط وعلى علمه بكنهه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون
غير سديد. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن على الحكم أنه خلا من بيان مكان الضبط
والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة مردوداً بأنه لما كان
الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً بضبطه وكانت مدونات
الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص فلا يجوز له أن
يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى
تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ
في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من
خطأ في تحديد ساعة الضبط. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة
التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها
بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم قد رد على ما
دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه وتفتيشه وأطرحه استناداً لأقوال شاهدي الإثبات
التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم بدت عليه علامات الارتباك والخوف لدى رؤيته
لهما وألقى بعلبة تبغ كانت في يده اليمنى بما مفاده أن المتهم تخلى عن حيازتها من
تلقاء نفسه طواعية واختياراً فإذا ما التقطها الضابط ووجد بداخلها مخدراً فإن
الجريمة تكون في حالة تلبس يجيز له أن يقبض عليه وأن يفتشه فإن ما أورده الحكم
تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن
بطلان القبض والتفتيش يكون كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون
ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
وإن كان قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بأن الطاعن أقر لهما بأن قصده من إحراز المخدر
المضبوط هو الإتجار فيه إلا أنه يبين منه أنه في معرض استظهاره للقصد من الإحراز
عرض له ونفى قصد الإتجار بقوله "إن المحكمة لا تقر سلطة الاتهام من أن
الإحراز كان بقصد الاتجار، ذلك أن الأوراق خالية من دليل قاطع ومقنع على قيام هذا
القصد فلم يضبط المتهم حال تعامله في الهيروين المضبوط ولم تضبط معه أية أدوات
لوزن هذا المخدر ولا تطمئن المحكمة لما ورد بمحضر الضبط وبأقوال شاهدي الإثبات من
أن المتهم اعترف لهما بأن إحراز المخدر كان بقصد الإتجار ذلك أن المتهم أنكر ما
نسب إليه ولا ترشح ظروف الضبط للقطع بتوافر هذا القصد ولما كانت الأوراق خالية
أيضاً من دليل على أن الإحراز كان بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي فإنه يكون
لغير هذه القصود جميعها"، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين
أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة،
وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال شاهدي الإثبات كما هي قائمة
في الأوراق ثم أورد ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الإتجار بما ينفي
قيام التناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك،
وكان الحكم قد عامل الطاعن بالمادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل
بالقانون رقم 122 لسنة 1989 الخاصة بالعقاب على إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الإتجار
أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي على خلاف ما يزعمه الطاعن فإن منعاه في هذا الصدد
يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 42 من القانون سالف الذكر تقضي في
فقرتها الأولى بوجوب الحكم بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة فإن الحكم إذ قضى
بمصادرة المخدر المضبوط يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، لما كان ما تقدم فإن
الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق