الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يونيو 2020

الطعن 850 لسنة 36 ق جلسة 27 / 6 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 164 ص 874


جلسة 27 من يونيه سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وجمال المرصفاوى، وبطرس زغلول.
-----------------
(164)
الطعن رقم 850 لسنة 36 القضائية

تموين. قانون. قرارات وزارية.
لكل من القانون رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته وقرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 بتنظيم تداول علف الحيوان المصنوع مجاله وغايته. لا يمنع من إعمال القرار الأخير ما نصت عليه المادة السادسة من القانون الأول من جعل تطبيق عقوبة أشد مما قرره رهن بالنص عليها في قانون آخر وما رتبه على ذلك من استبعاد ما يرد من عقوبات أشد في أي قرار آخر، ذلك لأن القرار 143 لسنة 1957 صدر من وزير التموين بمقتضى التفويض التشريعي المخول له بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين.

-------------
إن لكل من القانون رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته وقرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 بتنظيم تداول علف الحيوان المصنوع مجاله وغايته. فقد عنى أولهما بتنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته ببسط رقابة على مركباته ومواصفاته وصناعته وتعبئته والاتجار فيه، وعنى الآخر بالهيمنة على خاماته وعلى تداوله بين صانعيه والمتجرين فيه ومستهلكيه عملاً بحق وزير التموين بمقتضى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين في إصدار قرارات بموافقة لجنة التموين العليا باتخاذ تدابير لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها. وإذ ما كان لهذا القرار أصله التشريعي وكان قد صدر في حدود السلطة التشريعية المخولة لمن أصدره فإنه يكون لازم الإعمال. وليس يحجبه عن ذلك قالة الطاعن بأن المادة السادسة من القانون رقم 21 لسنة 1957 قد جعلت تطبيق عقوبة أشد مما قرره رهنا بالنص عليها في قانون آخر وما رتبه على ذلك من استبعاد ما يرد من عقوبات أشد في قرار آخر، ذلك لأن المراد بالقانون في هذا المجال هو كل تشريع آخر سواء أكان صادراً من السلطة التشريعية وهو ما يطلق عليه لفظ القانون بالمعنى الضيق، أم كان تشريعاً صادراً من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض المقرر لها طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها لتقرير القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها أو استحداث ما من شأنه مخالفة غرض الشارع وهو ما يطلق عليه لائحة أو قرار. ويزيد هذا المعنى وضوحاً أن المادة 32 من دستور سنة 1956 الذي صدر في ظله كل من القانون والقرار سالف الذكر - حين نصت على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" لم تستلزم أن تكون كل من الجريمة والعقوبة مقررة بقانون وإنما حسبها أن تكون مقررة بناء على قانون، وذلك ابتغاء مواجهة حالات التفويض التشريعي لتحديد بعض الجرائم وتقدير عقوبتها في النطاق سالف البيان.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 17 ديسمبر سنة 1964 بدائرة مركز أبنوب: حازاً بقصد البيع كميات الكسب المبينة بالأوراق دون أن يكون مرخصاً لهما بذلك من وزارة الزراعة. وطلبت عقابهما بالمادة 3 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وبالمواد 1 و5 و6 و8 و9 من قرار رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته. ومحكمة أبنوب الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 28 مارس سنة 1965 عملاً بمواد الاتهام بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات بالنسبة للثاني بتغريم المتهم الأول خمسة جنيهات والمصادرة وبراءة المتهم الثاني فاستأنفت النيابة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون ومحكمة أسيوط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 17 فبراير سنة 1966 عملاً بالمادتين 3 و11/ 2 من قرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 والمادتين 56 و57 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وبحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه والمصادرة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاتجار في كسب بذرة القطن بغير ترخيص من وزارة التموين قد انطوى على قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين قصد الاتجار بياناً وافياً، إذ اجتزأ في ذلك بكبر الكمية مع أن ذلك لا ينفى دفاع الطاعن بحيازتها لاستخدامها علفاً لماشيته. كما أعمل الحكم في حقه المواد 3 و11/ 1 من قرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 بتنظيم تداول علف الحيوان المصنوع و56 و57 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين، في حين أن القانون الواجب التطبيق على الواقعة هو القانون رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته الذي أقيمت به الدعوى الجنائية وطبقه الحكم المستأنف بحق، لأن القانون أسمى من القرار ولا يسوغ أن يعطل هذا أحكام ذاك ولاسيما أن المادة السادسة من القانون إذ أفصحت عن أن إعمال أحكامه لا يخل بتوقيع أية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، قد استبعدت بذلك أي قرار وزاري.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن وآخر بوصف "أنهما في يوم 17/ 12/ 1964 بدائرة مركز أبنوب: حازا بقصد البيع كميات الكسب المبينة بالأوراق دون أن يكون مرخصاً لهما بذلك من وزارة الزراعة" وطلبت النيابة العامة عقابهما بالمواد 3 من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 و1 و5 و6 و8 و9 من القانون رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته. ومحكمة أول درجة دانته عملاً بمواد الاتهام، بيد أنها أوقعت عليه عقوبتي الغرامة خمسة جنيهات والمصادرة. وبعد أن حصلت المحكمة المذكورة واقعة الدعوى انتهت إلى ثبوتها في حق الطاعن بقولها: "وحيث إن التهمة ثابتة في حق المتهم الأول - الطاعن - من اعترافه بمحضر الضبط بحيازة الكمية جميعها والاتجار بالكسب أما ما قرره بمحضر تحقيق النيابة من أن الكسب لعلف ماشيته فأمر لا تطمئن إليه المحكمة ومن ثم يتعين عقابه بمواد الاتهام والمادة 304/ 2 إجراءات" وإذ استأنفت النيابة العامة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون قضى الحكم المطعون فيه بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وبحبس الطاعن ستة أشهر مع الشغل وتغريمه مائة جنيه والمصادرة، تأسيساً على أن الحكم المستأنف قد أخطأ في تطبيق القانون حين نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر بمقتضى المواد 3 و11/ 2 من قرار وزير التموين رقم 413 لسنة 1957 و56 و57 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الواجب التطبيق على الواقعة. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه، قد استظهر توافر قصد الاتجار لدى الطاعن من إقراره في محضر ضبط الواقعة بحيازته كمية الكسب المضبوطة، وبأنه يتجر في هذه المادة، وأطرح دفاعه في تحقيق النيابة بأنه يحوزها كعلف لماشيته. وكان إحراز الكسب بهذا القصد إنما هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام أنه يقيمها على ما ينتجها - كالشأن في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من دعوى القصور في التسبيب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة والعناصر التي كونت منها المحكمة عقيدتها، وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من استقراء نصوص القانون رقم 21 لسنة 1957 في شأن تنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته، أنه قد أشار في ديباجته إلى المرسوم الصادر في 25 يوليه سنة 1949 بفرض حد أدنى للعناصر النافعة في المواد المستعملة في غذاء الحيوان وقد جرى نص مادته الأولى بأنه لا يجوز الاتجار في الكسب أو في مواد العلف المصنوع أو طرحها للبيع والتداول أو حيازتها بقصد البيع بغير ترخيص من وزارة الزراعة، ويجب أن تكون مركبات العلف المصنوع مسجلة في وزارة الزراعة ومطابقة للمواصفات وشروط التعبئة التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة، كما يصدر وزير الزراعة قراراً ببيان الإجراءات والشروط اللازمة لهذا الترخيص في تجارة العلف وتسجيل مركباته وحظر في المادة الثالثة إنشاء مصنع للعلف بغير ترخيص من وزارة الصناعة وأوجب في المادة الرابعة مطابقة الإعلانات والنشرات عن مواد العلف المصنوع للبيانات والمركبات الواردة في تسجيلها بوزارة الزراعة، وأسبغ بمقتضى المادة الخامسة على الموظفين الفنيين الذين يندبهم كل من وزيري الزراعة والصناعة صفة مأموري الضبط القضائي وخولهم دخول محال تجارة العلف وصناعته وتخزينه وإيداعه وضبط ما يوجد فيها من المواد موضوع المخالفة، وأخذ عينات منها، وأبان في المادة السادسة أن العقاب بمقتضى أحكامه لا يخل بتوقيع أية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر؛ وقضى في المادة الثامنة بإلغاء ما يخالف أحكامه من المرسوم الصادر في 27 يوليه سنة 1949 وكذلك كشف مواصفات مواد العلف الملحق به. وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن أن تنظيم صناعة وتجارة علف الحيوان تؤدى إلى زيادة نفعه مما يزيد الدخل القومي علاوة على طيب أثره في الصحة العامة وتشجيع صناعات تفيد منها البلاد. لما كان ذلك، وكان يبين من قرار وزير التموين رقم 143 لسنة 1957 بتنظيم تداول علف الحيوان المصنوع ، أنه أشار في ديباجته إلى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص لشئون التموين والقانون رقم 21 لسنة 1957 آنف الذكر. والقرار رقم 31 لسنة 1957 بتنظيم تداول علف الحيوان المصنوع - الذي قضى بإلغائه - وإلى موافقة لجنة التموين العليا وأنه قد حظر في الفقرة الأولى من المادة الأولى على المصانع إنتاج غير العلف الناعم أو المضغوط وطبقاً للمواصفات التي تعين بقرار من وزير الزراعة وحظرت مادته الثانية على المعاصر صرف أية كمية من كسب بذرة القطن بغير ترخيص من وزارة التموين كما نص في المادة الثالثة على أنه مع عدم الإخلال بأحكام القانون رقم 21 لسنة 1957، يحظر الاتجار في كسب بذرة القطن أو حيازته لأي سبب سوى تصنيعه علفاً للحيوان ثم وضع في المواد 4 و5 و6 و7 و8 أحكاماً لتنظيم تداول العلف - بما فيه الكسب - بين المعاصر والمصانع والتجار ووكالات بنك التسليف الزراعي والتعاوني والتجار والجمعيات التعاونية ومربى الماشية تقضي بإمساك سجلات وإرسال بيانات لمراقبات التموين في شأن ما تسلموه وما باعوه منه، ثم قضى في المادة 11/ 2 بالعقاب على مخالفة حكم المادة الثالثة بالعقوبات الواردة في المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وقد أبانت المذكرة الإيضاحية لهذا القرار أن وزارة التموين هي المشرفة على إنتاج المواد الخام الداخلة في صناعة العلف وتداوله بالسلطة المخولة لها بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، ويهمها ضمان عدالة توزيع العلف الناتج من التصنيع ووصوله إلى المستهلكين في سهولة وبسعر معقول ومنع التلاعب في أسعاره في السوق السوداء بغرض الكسب غير المشروع، ولذلك كان هذا القرار بديلاً عن القرار رقم 31 لسنة 1957 كي يتمشى مع ما تم من تغيير في أحكامه على ضوء ما جد من ظروف. لما كان ذلك وكان يبين من هذا الاستعراض أن لكل من القانون رقم 21 لسنة 1957 والقرار رقم 143 لسنة 1957 مجاله وغايته فقد عنى أولهما بتنظيم تجارة علف الحيوان وصناعته ببسط رقابة على مركباته ومواصفاته وصناعته وتعبئته والاتجار فيه وهدف الآخر إلى الهيمنة على خاماته وعلى تداوله بين صانعيه والمتجرين فيه ومستهلكيه عملاً بحق وزير التموين بمقتضى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 أنف الذكر في إصدار قرارات - بموافقة لجنة التموين العليا - باتخاذ تدابير لضمان تموين البلاد بالمواد الغذائية وغيرها من مواد الحاجيات الأولية وخامات الصناعة والبناء ولتحقيق العدالة في توزيعها. وإذ ما كان لهذا القرار أصله التشريعي وكان قد صدر في حدود السلطة التشريعية المخولة لمن أصدره فإنه يكون لازم الإعمال. وليس يحجبه عن ذلك قالة الطاعن بأن المادة السادسة من القانون رقم 21 لسنة 1957 قد جعلت تطبيق عقوبة أشد مما قرره، رهناً بالنص عليها في قانون آخر وما رتبه على ذلك من استبعاد ما يرد من عقوبات أشد في أي قرار آخر، ذلك لأن المراد بالقانون في هذا المجال هو كل تشريع آخر سواء أكان صادراً من السلطة التشريعية وهو ما يطلق عليه لفظ القانون بالمعنى الضيق، أم كان تشريعاً صادراً من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض المقرر لها طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها لتقرير القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها أو استحداث ما من شأنه مخالفة غرض الشارع وهو ما يطلق عليه لائحة أو قرار، ويزيد هذا المعنى وضوحاً أن المادة 32 من دستور سنة 1956 الذي صدر في ظله كل من القانون والقرار سالف الذكر - حين نصت على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" لم تستلزم أن تكون كل من الجريمة والعقوبة مقررة بقانون وإنما حسبها أن تكون مقررة بناء على قانون، وذلك ابتغاء مواجهة حالات التفويض التشريعي لتحديد بعض الجرائم وتقدير عقوباتها في النطاق سالف البيان. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق على ما مضى بسطه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن لمعاقبته بأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والقانون رقم 21 لسنة 1957، فدانته محكمة أول درجة على مقتضى أحكامها. وكانت النيابة العامة قد قررت باستئناف الحكم لنزوله عن الحد الأدنى للعقوبة المقررة بالمادتين 56 و57 من المرسوم بقانون - الأمر المسلم من الطاعن في أسباب طعنه كان قوله بأن الدعوى لم ترفع إلا وفق القانون رقم 21 لسنة 1957 وأن محكمة أول درجة لم تطبق - إلا إياه، على غير سند صحيح، ذلك بأنه فضلاً عن أن القرار 143 لسنة 1957 قد صدر في حدود التفويض التشريعي المخول لوزير التموين بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وقد أشار القرار المشار إليه في ديباجته إلى القانون رقم 21 لسنة 1957 الذي أقيمت به الدعوى الجنائية ابتداء، فإن للمحكمة أن تسبغ على الواقعة وصفها القانوني الصحيح ما دامت لم تتعد إطارها الذي رفعت به - كما هي واقع الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون الطعن برمته متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق