جلسة 19 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/
حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان،
وجمال المرصفاوي، ومحمود العمراوي، ومحمود كامل عطيفه.
-------------
(243)
الطعن رقم 1871 لسنة 36
القضائية
(أ) نقض. "ما يجوز
الطعن فيه من الأحكام استقلالا". طعن. اختصاص.
الأحكام الصادرة نهائيا
في مسائل الاختصاص التي يجوز الطعن فيها بطريق النقض استقلالا: هي التي يتعلق
الاختصاص فيها بولاية المحكمة, أو التي تصدر بعدم الاختصاص بنظر الدعوى. الأحكام
الصادرة باختصاص المحكمة بنظر الدعوى. عدم جواز الطعن فيها استقلالا.
(ب) اختصاص.
"الاختصاص النوعي".
المعول عليه في تحديد
الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى.
(ج) طعن. حكم. "حق
الطعن في الأحكام".
العبرة في تحديد حق الطعن
في الأحكام بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى لا بما تقضي به المحكمة فيها.
(د) أمر حفظ.
"التظلم منه". اختصاص. مستشار الإحالة. أمر بألا وجه.
انعقاد الاختصاص بنظر
التظلم المرفوع عن أمر الحفظ الصادر من النيابة في جناية لمستشار الإحالة.
(هـ, و) تزوير.
"التزوير في المحررات الرسمية". جريمة. "أركانها".
(هـ) البيان الخاص بمحل
إقامة المدعى عليه في صحيفة افتتاح الدعوى. متى يعد تغييره تزويرا في ورقة رسمية؟
باتخاذ إجراءات الإعلان على يد محضر.
(و) تحقق جريمة التزوير
في الأوراق الرسمية ولو لم ينتج عنها ضرر يلحق شخصا بعينه.
----------------
1 - الأحكام الصادرة
نهائيا في مسائل الاختصاص التي يجوز الطعن فيها استقلالا بطريق النقض هي تلك التي
يتعلق الاختصاص فيها بولاية المحكمة، أو تلك التي تصدر بعدم الاختصاص بنظر الدعوى
حيث يكون الحكم - في هذه الحالة - مانعا من السير في الدعوى، أما عدا ذلك من
الأحكام التي تصدر باختصاص المحكمة بنظر الدعوى فلا يجوز الطعن فيها مستقلة بطريق
النقض بل يلزم أن يقترن الطعن فيها بالطعن على الحكم الصادر في الموضوع.
2 - المعول عليه في تحديد
الاختصاص النوعي هو بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى.
3 - العبرة فيما يتعلق
بتطبيق الضوابط التي يضعها القانون لتحديد حق الطعن في الأحكام هي طبقا للقواعد
العامة بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى لا بما تقضي به المحكمة فيها. إذ لا يقبل
أن يكون الحكم المتظلم منه هو المناط في جواز هذا التظلم أو عدم جوازه، ولا شأن في
ذلك للأسباب التي يكون الحكم قد بني عليها بالمخالفة للوصف المرفوعة به الدعوى.
4 - تقضي المادة 210 من
قانون الإجراءات الجنائية المعدلة - برفع الاستئناف في أمر الحفظ الصادر في مواد
الجنايات إلى مستشار الإحالة. ومن ثم فإن الاختصاص بنظر التظلم المرفوع من
الطاعنين في أمر الحفظ الصادر من النيابة ضدهما ينعقد لمستشار الإحالة.
5 - من المقرر أن البيان
الخاص بمحل إقامة المدعي عليه وإن كان في الأصل لا يعدو أن يكون خبرا يحتمل الصدق
أو الكذب يصدر من طرف واحد ومن غير موظف مختص، إلا أنه إذا جاوز الأمر هذا النطاق
بتداخل المحضر - وهو المنوط به عملية الإعلان - بتأييد البيان المغاير للحقيقة عن
علم أو بحسن نية بأن يثبت ما يخالف الواقع من حيث إقامة المعلن إليها بالمحل الذي
يوجه الإعلان إليه علاقتها بمن يصح قانونا إعلانها مخاطبا معه فيه، توافرت بذلك
جريمة التزوير في المحرر الرسمي وحينئذ يكون المحضر هو الفاعل الأصلي، فإن انعدم
القصد الجنائي لديه حقت مساءلة الشريك وحده عن فعل الاشتراك في هذا التزوير في
المحرر الرسمي إذ تكتسب صحيفة افتتاح الدعوى صفة رسمية باتخاذ إجراءات الإعلان على
يد المحضر المكلف بهذه المأمورية. 6- من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق
الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في
الأوراق الرسمية ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصا بعينه، لأن هذا التغيير ينتج عنه
حتما حصول ضرر بالمصلحة العامة إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها
من قيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ به.
الوقائع
تتحصل وقائع هذا الطعن في
أن (الطاعن الأول) تقدم بشكواه المؤرخة 11 ديسمبر سنة 1963 إلى النيابة العامة نسب
فيها إلى المطعون ضدهما أنهما ارتكبا تزوير في ورقتين رسميتين هما إعلان الدعوى
رقم 636 سنة 1962 كلي القاهرة والإعذار الخاص بها والمؤرخ 20 مارس سنة 1962 وقال
في شكواه أن فيكتورين جولدنبرج كانت قد باعت عقارا لابنتها الطاعنة الثانية فباعته
بدورها إلى الطاعن الأول فرفع المطعون ضده الأول تلك الدعوى ببطلان هذين التصرفين
وكان المطعون ضده الأول متزوجا من فيكتورين جولدنبرج التي تقيم في الشقة رقم 2 من
المنزل رقم 9 شارع سوجار بالزمالك بينما تقيم زوجته الأخرى مع ابنته المطعون ضدها
الثانية في الشقة رقم 5 من نفس المنزل وعلى الرغم من أن زوجته كانت قد توفيت في 6
يناير سنة 1962 بالمستشفى فقد وجه إليها إعلان تلك الدعوى في الشقة رقم 5 من ذلك
المنزل وهى ليست محل إقامتها فقامت المطعون ضدها الثانية بتسلم الإعلان على أنها
تقيم مع المعلن إليها في تلك الشقة ثم أعاد إعذارها في مواجهة الإدارة لامتناع
الخادمة عن استلام الاعذار. وادعى الطاعنان مدنيا قبل المطعون ضدهما وطالب طل
منهما بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. وبعد أن باشرت نيابة قصر النيل التحقيق
قررت في 9 مارس سنة 1965 بحفظ الشكوى إداريا. فاستأنف الطاعنان هذا القرار. ولدى
نظر الدعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - منعقدة في غرفة
المشورة دفع الحاضر مع المستأنفين بعدم اختصاص غرفة المشورة بنظر الاستئناف حيث إن
الواقعة جناية ويختص بنظرها مستشار الإحالة، كما دفع الحاضر مع المطعون ضدهما بعدم
قبول الاستئناف شكلا لأن القرار هو قرار حفظ ولا يجوز استئنافه، والمحكمة المذكورة
قضت بتاريخ 29 يونيه سنة 1965 (أولا) برفض الدعوى بعدم قبول الاستئناف شكلا وقبوله
باعتبار أن الأمر الصادر أمر بعدم وجود وجه. (وثانيا) برفض الدفع المبدى من
المستأنفين بعدم اختصاص الغرفة لكن الواقعة جناية وباختصاصها (وثالثا) تحديد جلسة
5 سبتمبر سنة 1965 لنظر موضوع الاستئناف. وبتاريخ 30 يناير سنة 1966 قضت حضوريا
برفض الاستئناف وتأييد قرار النيابة الصادر بحفظ الشكوى إداريا وألزمت المستأنفين
المصروفات. فطعن الطاعنان في هذين القرارين بطريق النقض. وبالجلسة دفع الحاضر عن
المطعون ضدهما بعدم قبول الطعن في قرار الغرفة الصادر بتاريخ 29 يونيه سنة 1965
شكلا لرفعه بعد الميعاد القانوني بمقولة إنه كان متعينا الطعن عليه استقلال من
تاريخ صدوره.
المحكمة
من حيث إن الوقائع تجمل
في أن الطاعن الأول تقدم بشكواه المؤرخة 11 ديسمبر سنة 1963 إلى النيابة نسب فيها
إلى المطعون ضدهما أنهما ارتكبا تزويرا في ورقتين رسميتين هما إعلان الدعوى رقم
636 لسنة 1962 مدني كلي القاهرة والاعذار الخاص بها المؤرخ 20 من مارس سنة 1962
وقال في شكواه إن فيكتورين جولدنبرج كانت قد باعت عقارا لابنتها الطاعنة الثانية
فباعته بدورها إلى الطاعن الأول فرفع المطعون ضده الأول تلك الدعوى ببطلان هذين
التصرفين وكان المطعون ضده الأول متزوجا من فيكتورين جولدنبرج التي تقيم في الشقة
رقم 2 من المنزل رقم 9 شارع سوجار بالزمالك بينما تقيم زوجته الأخرى مع ابنته
المطعون ضدها الثانية في الشقة رقم 5 من نفس المنزل وعلى الرغم من أن زوجته كانت
قد توفيت في 6 يناير سنة 1962 بالمستشفى فقد وجه إليها إعلان تلك الدعوى في الشقة
رقم 5 من ذلك المنزل وهى ليست محل إقامتها فقامت المطعون ضدها الثانية بتسلم
الإعلان على أنها تقيم مع المعلن إليها في تلك الشقة. ثم أعاد إعذارها في مواجهة
الإدارة لامتناع تابعها عن استلام الإعذار. وبعد أن قامت النيابة بتحقيق تلك
الشكوى التي ادعى الطاعنان فيها مدنيا أمرت في 9 مارس سنة 1965 بحفظها إداريا. وإذ
استأنف الطاعنان هذا القرار عرض الأمر على محكمة الجنح المستأنفة بمحكمة القاهرة
الابتدائية منعقدة بهيئة غرفة مشورة فقضت في 29 يونيه سنة 1965 (أولا) برفض الدفع
بعدم قبول الاستئناف شكلا وبقبوله باعتبار أن الأمر الصادر أمر بعدم وجود وجه.
(ثانيا) برفض الدفع المبدى من المستأنفين بعدم اختصاص الغرفة لكون الواقعة جناية
وباختصاصها. (ثالثا) تحديد جلسة 5 سبتمبر سنة 1965 لنظر موضوع الاستئناف. وبتاريخ
30 يناير سنة 1966 قضت الغرفة برفض الاستئناف وتأييد قرار النيابة الصادر بحفظ
الشكوى إداريا. وبتاريخ 26 فبراير سنة 1966 قرر الطاعنان بالطعن بطريق النقض في
هذين القرارين.
وحيث إن الحاضر عن
المطعون ضدهما دفع بعدم قبول الطعن في قرار الغرفة الصادر بتاريخ 29 يونيه سنة
1965 شكلا لرفعه بعد الميعاد القانوني بمقالة إنه كان متعينا الطعن عليه على
استقلال من تاريخ صدوره.
وحيث إن الأحكام الصادرة
نهائيا في مسائل الاختصاص التي يجوز الطعن فيها استقلالا بطريق النقض هي تلك التي
يتعلق الاختصاص فيها بولاية المحكمة، أو تلك التي تصدر بعدم الاختصاص بنظر الدعوى
حيث يكون الحكم - في هذه الحالة - مانعا من السير في الدعوى، أما عدا ذلك من
الأحكام التي تصدر باختصاص المحكمة بنظر الدعوى فلا يجوز الطعن فيها مستقلة بطريق
النقض بل يلزم أن يقترن الطعن فيها بالطعن على الحكم الصادر في الموضوع. لما كان
ذلك، وكان القرار الصادر من غرفة المشورة في 29 يونيه سنة 1965 برفض الدفع بعدم
الاختصاص لم يكن مانعا من السير في الدعوى فلم يكن يجوز الطعن فيه بطريق النقض على
استقلال من دون القرار النهائي الصادر في الموضوع بتاريخ 30 يناير سنة 1966. لما
كان ذلك، وكان الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن مما ينعاه
الطاعنان على القرارين المطعون فيهما أن غرفة المشورة إذ قضت برفض الدفع بعدم
اختصاصها بنظر الاستئناف وباختصاصها وبتأييد هذا القرار، قد أخطأت في تطبيق
القانون، ذلك بأنها اعتبرت أن البيان الخاص بمحل إقامة المدعى عليه لا يعدو أن
يكون خبرا يحتمل الصدق أو الكذب يصدر عن طرف واحد ومن غير موظف مختص وتغيير
الحقيقة فيه لا يعتبر تزويرا في أوراق رسمية وقد ناقشت الغرفة موضوع الاستئناف
مناقشة موضوعية خاطئة أدت إلى هذه النتيجة التي تنطوي على مخالفة القانون، ذلك بأن
العبرة في تحديد الاختصاص هو بظاهر الاتهام المسند إلى المتهم. ولما كان الطاعنان
قد كيفا شكواهما ضد المطعون ضدهما على أنهما ارتكبا تزويرا في ورقتين رسميتين،
وكانت المادة 210 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة تجيز للمدعي بالحقوق
المدنية الطعن في الأمر الصادر من النيابة العامة بعد التحقيق بأن لا وجه لإقامة
الدعوى وأن يرفع الطعن إلى مستشار الإحالة في مواد الجنايات وإلى محكمة الجنح
المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة في مواد الجنح والمخالفات. فإنه كان يتعين على
الغرفة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الاستئناف المرفوع إليها في أمر النيابة بحفظ
الشكوى.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على القرارين المطعون عليهما أن أولهما قضى برفض الدفع بعدم اختصاص الغرفة بنظر
التظلم في أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة واختصاصها بنظره كما قضى ثانيهما
بتأييد قرار النيابة المتظلم منه وذلك كله تأسيسا على ما ورد بالقرار الأول من أن
"ما أثبت في إعلان الدعوى المدنية المؤرخ 11 يناير سنة 1962 وفي الإعذار
المؤرخ 20 مارس سنة 1962 من قبل فيكتورين جولدنبرج تقيم في الشقة 5 من المنزل رقم
9 شارع سوجار وإنما هو من قبيل الإقرارات الفردية التي تحتمل الصدق أو الكذب ولا
يعدو أن يكون ضربا من ضروب الدفاع فتغيير الحقيقة فيه لا يعدو تزويرا في أوراق
رسمية طالما أن المحضر لم يتداخل في هذه البيانات بتأييدها، وأن ما قررته المطعون
ضدها الثانية في محضر استلامها الإعلان المؤرخ 11 يناير سنة 1962 قد تسلمها ذلك
الإعلان لغياب فيكتورين جولدنبرج المقيمة معها لغيابها لا يعتبر تزويرا أيضا طالما
أن المعلن إليها كانت قد توفيت فلم تكن موجودة فعلا وقت الإعلان وطالما أنه لم
يثبت أن المطعون ضدها الثانية كانت تعلم بوفاتها إذ ذاك وأن هذه الإجابة على أية
حال تعد من الأقارير الفردية التي تحتمل الصدق أو الكذب وتكون عرضة للفحص فتغيير
الحقيقة فيها لا يعد تزويرا معاقبا عليه... وأنه متى انتهى الأمر إلى انتفاء جريمة
التزوير فإن جريمة استعمال الأوراق الرسمية المزورة تكون منتفية تبعا، خاصة وأن
هذه الأوراق كانت منعدمة لتعلقها بإعلان شخص ميت فلا تنعقد فيها الخصومة أصلا، ومن
ثم فإن الدفع بعدم الاختصاص باعتبار أن الواقعة جناية يكون في غير محله متعين
الرفض". ثم انتهت الغرفة بقرارها الصادر في 30 يناير سنة 1966 إلى تأييد قرار
النيابة المتظلم منه أخذا بأسباب القرار الأول. لما كان ذلك، وكان هذا الذي انتهت
إليه الغرفة لا يتفق وصحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أن البيان الخاص بمحل
إقامة المدعى عليه وإن كان في الأصل لا يعدو أن يكون خبرا يحتمل الصدق أو الكذب
يصدر من طرف واحد ومن غير موظف مختص، إلا أنه إذا جاوز الأمر هذا النطاق بتداخل
المحضر - وهو الموظف المنوط به عملية الإعلان - بتأييد البيان المغاير للحقيقة عن
علم أو بحسن نية بأن يثبت ما يخالف الواقع من حيث إقامة المعلن إليها بالمحل الذي
يوجه الإعلان إليه وعلاقتها بمن يصح قانونا إعلانها مخاطبا معه فيه، توافرت بذلك
جريمة التزوير في المحرر الرسمي وحينئذ يكون المحضر هو الفاعل الأصلي فإذا انعدم
القصد الجنائي لديه حقت مسائلة الشريك وحده عن فعل الاشتراك في هذا التزوير في
المحرر الرسمي إذ تكتسب صحيفة افتتاح الدعوى صفة رسمية باتخاذ إجراءات الإعلان على
يد المحضر المكلف بهذه المأمورية. ولما كان القرار الأول المطعون فيه قد استظهر في
مدوناته أن المحضر كان قد أثبت في محضره المؤرخ 11 يناير سنة 1962 أنه سلم إعلان
فيكتورين جولدنبرج على اعتبار أنها مقيمة في الشقة رقم 5 من المنزل رقم 9 شارع
سوجار مخاطبا مع المطعون ضدها الثانية المقيمة معها لغيابها في حين لم تكن تقيم في
هذا العنوان أصلا بل تقيم في الشقة رقم 2 من ذلك المنزل وكانت قد توفيت في 6 يناير
سنة 1962 بينما كانت المطعون ضدها الثانية في الشقة رقم 5 من هذا المنزل مع
المطعون ضده الأول فإن المحضر يكون قد تداخل في هذا الإعلان تداخلا أيد به
البيانات الواردة فيه والتي تم على أساسها الإعلان مما تتحقق به جريمة التزوير في
الأوراق الرسمية حسبما هي معرفة به القانون فإن كان المحضر حسن النية فإن هذا لا
يؤثر في قيام الجريمة بالنسبة إلى المطعون ضدهما متى توافر القصد الجنائي في حقهما
ولا يغير من الأمر ما ذهب إليه القرار المطعون فيه من أن ذلك الإعلان كان منعدما
إذ أعلن به شخص ميت فلا تنعقد به الخصومة. ذلك أنه من المقرر أن جريمة التزوير في
الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها
القانون في الأوراق الرسمية ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصا بعينه لأن هذا التغيير
ينتج عنه حتما احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة إذ يترتب على العبث بالورقة الغض
مما لها من قيمة في نظر الجمهور باعتبارها ما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ
به. لما كان ذلك - وفضلا عنه - فإن المعول عليه في تحديد الاختصاص النوعي هو
بالوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى كما أن العبرة فيما يتعلق بتطبيق
الضوابط التي يضعها القانون لتحديد حق الطعن في الأحكام هى طبقا للقواعد العامة
بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى لا بما تقضي به المحكمة فيها إذ لا يقبل أن يكون
الحكم المتظلم منه هو المناط في جواز هذا التظلم أو عدم جوازه ولا شأن في ذلك
للأسباب التي يكون الحكم قد بنى عليها بالمخالفة للوصف المرفوعة به الدعوى. ولما
كانت الوقائع المنسوبة إلى المطعون ضدهما حسبما دار عليه الاتهام والتحقيق وانعقدت
عليه المحاكمة في شأن التظلم المرفوع من الطاعنين من قرار النيابة العامة بعد تحقيق
تلك الوقائع تكون حسب ظاهر الاتهام وفي حالة ثبوتها جنايتي تزوير في أوراق رسمية
واستعمال هذه الأوراق مع العلم بتزويرها، وكانت المادة 210 من قانون تحقيق
الجنايات المعدلة قد قضت برفع الاستئناف في أمر الحفظ الصادر في مواد الجنايات إلى
مستشار الإحالة، فإن الاختصاص بنظر التظلم المرفوع من الطاعنين في أمر الحفظ
الصادر من النيابة ضدهما، ينعقد لمستشار الإحالة، وإذ جانب القرار المطعون فيه هذا
النظر، فإنه يكون قد خالف صحيح القانون متعينا نقضه.
وحيث إنه لما تقدم، يتعين
نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى مستشار الإحالة دون حاجة إلى بحث أوجه
الطعن الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق