جلسة 22 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ
نواب رئيس المحكمة ومحمد حسين.
-----------
(137)
الطعن رقم 864 لسنة 61 القضائية
(1)دستور. دفوع "الدفع بعدم الدستورية". إجراءات.
"إجراءات المحاكمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية الدفع
بعدم الدستورية". مواد مخدرة.
تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية. موضوعي.
انتهاء المحكمة إلى عدم جدية الدفع بعدم دستورية القانون 122 لسنة
1989 لبطلان عضوية بعض أعضائه استناداً إلى أن المحكمة الدستورية أجهزت على كل دفع
بعدم دستورية أي قانون صادر عن المجلس أياً كان أساس الدفع ببطلان تشكيله.
استمرارها في نظر الدعوى دون منح مبديه أجلاً. لا عيب.
(2)استدلالات.
تفتيش. "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
جدية التحريات". إجراءات "إجراءات التحقيق".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إثارة خطأ الحكم في الإسناد. غير منتج. ما دام لم يتناول من الأدلة
ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
(4)استدلالات.
محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة
باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. لها تجزئتها فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح
ما عداه.
(5) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره".
التفات المحكمة عن طلب المدافع عن الطاعن سماع أقوال من شارك في التحريات
من الضباط. لا عيب. ما دام لم يصر عليه في ختام مرافعته.
(6)إجراءات
"إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن طلب الدفاع إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها
وكان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. بشرط بيان العلة.
الدفاع الموضوعي الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو
استحالة حصول الواقعة موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
مثال.
(7) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". إثبات
"بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي
أوردها الحكم.
(8)مواد
مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها".
نفي الحكم عن الطاعن قصد الاتجار في المخدر مستظهراً أن الإحراز كان
مجرداً من القصود. تضمنه الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي.
(9)محضر
الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959.
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة أو بالحكم. لا يكون إلا بالطعن
بالتزوير.
(10)إثبات
"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها
بما اقتنعت به. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
-------------------
1 - لما كان من المقرر في المادة 16 من
القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل، ومفادها أن محكمة الموضوع
وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى
المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق
تقديرها، وهو المعنى الذي كان يؤكده القانون رقم 81 لسنة 1969 بإصدار قانون
المحكمة العليا والقانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمامها
قبل إلغائهما بالقانون رقم 48 لسنة 1979. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون
فيه أن المحكمة رأت للأسباب السائغة المار بيانها وفي حدود سلطتها التقديرية عدم
جدية الدفع بعدم الدستورية بالبناء على أن المحكمة الدستورية العليا قد أجهزت على
كل دفع بعدم دستورية أي قانون صادر عن ذلك المجلس وهي وحدها المختصة بتقرير ذلك
أياً ما كان أساس الدفع ببطلان تشكيل المجلس فإنه لا تثريب عليها إن هي استمرت في
نظر الدعوى المطروحة عليه دون أن تمنح مبديه أجلاً لرفع الدعوى بعدم الدستورية ومن
ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير أساس.
2 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية
التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر
فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
3 - لما كان غير منتج ما يثيره الطاعنون في
شأن خطأ الحكم في الإسناد حين ضمن رده على الدفع سالف الذكر - على خلاف الثابت
بالأوراق - أن أحداً من الشهود لم يخطئ في ذكر رقم السيارة ذلك أن هذا الخطأ بفرض
وجوده لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
4 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن
تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة
ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه
لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى.
5 - لما كان المدافع عن الطاعن الأول وإن طلب
سماع أقوال من شارك في التحريات من الضباط في مستهل مرافعته إلا أنه لم يصر على
ذلك في مختتمها مما يغدو معه هذا الطلب غير جازم فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه
دون أن تضمن حكمها الرد عليه.
6 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب
على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت
الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن
تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً
ويستقيم به إطراح هذا الطلب، دون أن يوصم بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع فضلاً عن
أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول
الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من
أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بإجابتها، ومن ثم فإن ما يثيره
الطاعن الأول في هذا الخصوص يكون في غير محله.
7 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو
تلفيقها دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة
الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على
ثبوت إحراز الطاعن الثاني للمخدر المضبوط معه بركنيه المادي والمعنوي، ثم نفى
توافر قصد الإتجار في حقه مستظهراً أن الإحراز كان مجرداً من قصد الإتجار أو
التعاطي أو الاستعمال الشخصي مما يتضمن الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد
التعاطي، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - لما كان الأصل طبقاً للمادة 30 من
القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن
الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعنين الثاني والثالث أن يدحضا ما ثبت بمحضر الجلسة
وما أثبته الحكم أيضاً إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعلاه فإنه لا يقبل منهما
ما يثيراه في شأن إجراء تعديل بأقوال بعض الشهود أمام المحكمة بمحضر الجلسة.
10 - لما كانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات
الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن
إليه وتطرح ما عداها، فإن منعى هذين الطاعنين في شأن عدم إشارة الحكم لأقوال شهود
الإثبات الواردة في التحقيقات لا يكون سديداً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من (1).... (2)....
(3).... (4)... (5) ..... (6).... (7)..... بأنهم أولاً اشتركوا في عصابة
كونها المتهمون من الأول حتى الرابع تداخلوا في إدارتها الغرض منها ارتكاب جناية الإتجار
في جوهر مخدر الهيروين داخل أراضي جمهورية مصر العربية في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً. ثانياً: المتهمون جميعاً حازوا وأحرز - المتهمون الأول والخامس والسابع
بقصد الإتجار - جوهراً مخدراً هيروين في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم
إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للثالث وحضورياً للباقين في...... عملاً بالمواد 1،
2، 7، 34/ 1 - 2، 37، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 2
من القسم الأول من الجدول رقم واحد الملحق أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال
الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائتي ألف جنيه وبمعاقبة المتهم الخامس بالأشغال الشاقة
لمدة عشرة سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمعاقبة المتهم السابع بالسجن لمدة ثلاث
سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه وبمصادرة المخدر وآلة الوزن والسنج المضبوطة وذلك
عن التهمة الثانية وذلك باعتبار أن الأول حاز وأحرز المخدر بقصد الإتجار وإحراز
الثاني مجرداً من القصود وحيازة الثالث بقصد التعاطي. ثانياً: ببراءة المتهمين
جميعاً من التهمة الأولى المسندة إليهم. ثالثاً: ببراءة المتهمين الثاني والثالث
والرابع والسادس من التهمة الثانية المسندة إليهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه
أنه إذ دانهم بجرائم إحراز وحيازة جوهر مخدر بقصد الإتجار بالنسبة للطاعن الأول
ومجرداً عن القصود بالنسبة للثاني وبقصد التعاطي بالنسبة للثالث قد شابه قصور في
التسبيب وخطأ في القانون ومخالفة للثابت بالأوراق وفساد في الاستدلال وإخلال بحق
الدفاع واعتوره البطلان ذلك بأن المحكمة تصدت للرد على الدفع بعدم دستورية القانون
رقم 122 لسنة 1989 بتعديل القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات بما
لا يصلح رد إذ أسسه مبديه على بطلان عضوية بعض أعضاء المجلس مصدره وفقاً لحكم
المحكمة الإدارية العليا لا على ما انتهت إليه المحكمة الدستورية العليا من بطلان
تشكيل المجلس كله، وجاء ردها على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات غير
سائغ - مقررة بما يخالف الثابت من الأوراق بأن أحداً من الشهود لم يخطئ في ذكر رقم
السيارة - ورغم إطراحها لذات التحريات بالنسبة لمتهمين آخرين ويضيف الطاعن الأول
أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه سؤال أفراد القوة ومن شارك في التحريات من الضباط،
وبأنها فهمت دفعه بشيوع الاتهام بضبط المخدر بالصيوان على أنه دفع بدس المخدر له.
ويزيد الطاعن الثاني بأن المحكمة لم ترد على دفعه بأن حيازته للمخدر كانت بقصد
التعاطي ولم تدلل على ما انتهت إليه في شأن مقصده من الحيازة. كما يضيف هذا الطاعن
والطاعن الثالث أن تعديلاً أجري فيما دون من شهادة بعض شهود الإثبات أمام المحكمة
بعد إدلائهم بها وفي غيبتهم وغيبة المتهمين وبعد صدور الحكم بما جعلها تخالف
شهادتهم بالتحقيقات إذ جعل هذا التعديل شهادتهم تجرى على أن المخدر ضبط لدى الطاعن
الثاني أسفل وسادة السرير وليس أسفله كما جاء بشهادتهم الحقيقية وفي التحقيقات
ودون أن تشير إلى شهادتهم بالتحقيقات. وكل هذا مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت
للدفع بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 المعدل للقانون رقم 182 لسنة 1960
في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها بقولها "إن ما تراه
المحكمة أن هذا الدفع لا يتسم بالجدية، ذلك أن بطلان تشكيل مجلس الشعب أو بطلان عضوية
بعض أعضائه لا يستتبع بطلان ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من
إجراءات خلال الفترة السابقة على الحكم ببطلانه، وحتى نشر هذا الحكم في الجريدة
الرسمية بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة وهو
ما أشارت إليه المحكمة العليا في حكمها الصادر بجلسة 19/ 5/ 1990 وبالتالي فإن
القانون رقم 122 لسنة 1989 الصادر من مجلس الشعب قبل صدور هذا الحكم ونشره يكون
صحيحاً لا يشوبه عيب في حد ذاته لمجرد أن مجلس الشعب الذي أصدره وقبل تاريخ هذا
الحكم ونشره كان تشكيله باطلاً كلياً كما انتهى إليه حكم المحكمة الدستورية العليا
أو جزئياً كما انتهى إليه حكم المحكمة الإدارية العليا". وكان القانون رقم 48
لسنة 1989 بإصدار المحكمة الدستورية العليا قد نص في المادة 29 منه على أن
"تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه
التالي...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو
الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو
الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة
أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في
الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن". ويبين من هذا النص أنه يتسق مع القاعدة
المقررة في المادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية المعدل،
ومفادها أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم
الدستورية وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم
الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها، وهو المعنى الذي كان يؤكده القانون رقم
81 لسنة 1969 بإصدار قانون المحكمة العليا والقانون رقم 66 لسنة 1970 بإصدار قانون
الإجراءات والرسوم أمامها قبل إلغائهما بالقانون رقم 48 لسنة 1979. لما كان ذلك،
وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رأت للأسباب السائغة المار بيانها وفي
حدود سلطتها التقديرية عدم جدية الدفع بعدم الدستورية بالبناء على أن المحكمة
الدستورية العليا قد أجهزت على كل دفع بعدم دستورية أي قانون صادر عن ذلك المجلس
وهي وحدها المختصة بتقرير ذلك أياً ما كان أساس الدفع ببطلان تشكيل المجلس فإنه لا
تثريب عليها إن هي استمرت في نظر الدعوى المطروحة عليها دون أن تمنح مبديه أجلاً
لرفع الدعوى بعدم الدستورية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على
غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار
إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت
إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن
التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو
الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا
بالقانون ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه
لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد
لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان غير منتج ما يثيره الطاعنون في شأن خطأ الحكم
في الإسناد حين ضمن رده على الدفع سالف الذكر - على خلاف الثابت بالأوراق - أن
أحداً من الشهود لم يخطئ في ذكر رقم السيارة ذلك أن هذا الخطأ بفرض وجوده لم
يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق
محكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة
وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعنون في
هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان المدافع عن الطاعن الأول - وإن طلب
سماع أقوال من شارك في التحريات من الضباط في مستهل مرافعته إلا أنه لم يصر على
ذلك في مختتمها مما يغدو معه هذا الطلب غير جازم فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه
أن تضمن حكمها الرد عليه، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ردت على طلب هذا الطاعن
سماع أقوال القوة المرافقة بقولها بأن: "وقد اطمأن وجدانها إلى أدلة الثبوت،
التي اطمأنت إليها، لا تجد طائلاً من وراء الاستعلام عن أسماء القوة المرافقة، أو
من جراء سؤال أفرادها" فإن هذا حسبها في طرح مثل هذا الطلب لما هو مقرر من
أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه
الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب
تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة، وإذ كان ما أورده
الحكم - فيما تقدم - كافياً وسائغاً ويستقيم به إطراح هذا الطلب، دون أن يوصم
بالقصور أو الإخلال بحق الدفاع فضلاً عن أن هذا الوجه من الدفاع لا يتجه إلى نفي
الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة بل الهدف منه إثارة الشبهة في
الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم
المحكمة بإجابتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص يكون في غير
محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة انتهت للأدلة السائغة التي ساقتها إلى سيطرة
الطاعن الأول على المخدر المضبوط بالصيوان (الابلاكار)، وكان من المقرر أن الدفع
بشيوع التهمة أو تلفيقها دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد
يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره هذا الطاعن في شأن
رد المحكمة على دفعه بشيوع الاتهام لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن الثاني للمخدر المضبوط معه بركنيه
المادي والمعنوي، ثم نفى توافر قصد الإتجار في حقه مستظهراً أن الإحراز كان مجرداً
عن قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي مما يتضمن الرد على دفاعه بأن
إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي، فإن منعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان
ذلك، وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعنين الثاني
والثالث أن يدحضا ما ثبت بمحضر الجلسة وما أثبته الحكم أيضاً إلا بالطعن بالتزوير
وهو ما لم يفعلاه فإنه لا يقبل منهما ما يثيراه في شأن إجراء تعديل بأقوال بعض
الشهود أمام المحكمة بمحضر الجلسة. هذا فضلاً عن أن الثابت من مرافعة محامي الطاعن
الثالث بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن تلك المرافعة دارت على أساس أن
ضبط المخدر لدى هذا الطاعن كان أسفل الوسادة وهو ما جاء بالتصحيح الوارد بمحضر
الجلسة مما ينفي ما جاء بوجه الطعن من أن هذا التصحيح قد جرى بعد صدور الحكم. لما
كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها
بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها، فإن منعى هذين
الطاعنين في شأن عدم إشارة الحكم لأقوال شهود الإثبات الواردة في التحقيقات لا
يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه
موضوع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق