جلسة 26 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار/
حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد
عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.
----------------
(248)
الطعن رقم 1422 لسنة 36
القضائية
(أ, ب, ج) إجراءات
المحاكمة.
(أ) عدم إعلان المتهم بقائمة
شهود الإثبات لا يترتب عليه بطلان. له الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به
في قائمة الشهود.
(ب) عدم إعلان الخصوم
بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال الأجل المحدد لا ينبني عليه
بطلانه.
(ج) أوجه البطلان
المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. عدم تعلقها بالنظام العام. حضور المتهم الجلسة
بنفسه أو بوكيل عنه. ليس له التمسك بهذا البطلان. له أن يطلب تصحيح التكليف أو
استيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه.
(د, هـ, و) حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". علاقة سببية.
)د) تناقض أقوال الشهود.
لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
)هـ) تطابق مؤدى الدليل
القولي مع مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه. غير لازم. كفاية أن يكون الدليلان
غير متعارضين مما يتعصى على الملاءمة والتوفيق.
)و) علاقة السببية في
المواد الجنائية. استقلال قاضي الموضوع بتقديرها.
---------------
1 - لم توجب المادة 379
من قانون الإجراءات الجنائية البطلان جزاء على عدم إعلان المتهم بقائمة شهود
الإثبات، وإنما أجازت فقط لصاحب الشأن الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به
في قائمة الشهود. ومتى كان الطاعن أو محاميه لم يعترض على سماع الشهود الذين لم
يسبق إعلانه بأسمائهم أمام محكمة الموضوع، ولم يستأجل الدعوى لإعلانهم، فإن الحق
في الدفع ببطلان الإجراءات - بفرض وقوعه - يكون قد سقط لحصول الإجراء بدون اعتراض
منه طبقا لنص المادة 333 من القانون المذكور.
2 - إن عدم إعلان الخصوم
بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال الأجل المحدد لا ينبني عليه بطلان
هذا الأمر.
3 - أوجه البطلان
المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام، فإن حضر المتهم في
الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، و إنما له أن يطلب
تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقض فيه وإعطاءه ميعادا لتحضير دفاعه قبل البدء في
سماع الدعوى.
4 - لا يعيب الحكم تناقض
أقوال الشهود ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
5 - لا يشترط لصحة تسبيب
الحكم أن يطابق مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه، بل يكفي
أن يكون الدليلان غير متعارضان بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
6 - علاقة السببية في
المواد الجنائية مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها
فلا رقابة لمحكمة النقض عليه، ما دام يقيم قضاءه على أسباب سائغة مردودة إلى أصلها
في الأوراق.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في يوم 19 سبتمبر سنة 1964 بدائرة مركز السنطة محافظة الغربية: أحدث
عمدا بإبراهيم محمد الصعيدي الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد
من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة
الجنايات لمحاكمته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى بحق مدني
محمد إبراهيم الصعيدي - ابن المجني عليه - بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض
المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1965 عملا بمادة
الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين وإلزامه أن يدفع للمدعي
بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات
مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد بني على بطلان في
الإجراءات أثر فيه، وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن لم يعلن بالقائمة
النهائية لشهود الإثبات الذين عول عليهم الحكم في إدانته طبقا لما فرضته المادة
185 من قانون الإجراءات، كما لم يعلن بالأمر الصادر بإحالته إلى محكمة الجنايات في
ميعاد الثلاثة الأيام التالية لصدوره عملا بالمادة 190 من القانون المذكور، هذا
إلى أن الحكم جاء قاصرا عن بيان علاقة السببية بين الإصابة وبين الوفاة، وعن الرد
على دفاع الطاعن المبنى على التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي في شأن شكل
الإصابة وعدد الضربات، وكذلك في الرد على دفاعه المؤسس على أن بلاغ الحادث جاء
خلوا من ذكر اسمه، وأن المجني عليه أسند في بلاغ منه مؤرخ 21 سبتمبر سنة 1964
الاعتداء إلى شخصين آخرين أيضا، وجاءت روايته مناقضة لرواية شهود الإثبات في شأن
الاعتداء وما إذا كان وقع عليه أثناء ذهابه إلى الحقل أو في أثناء عودته منه،
بالإضافة إلى ما قرره الشاهد عبد الوهاب الصعيدي ابن المجني عليه من أن الطاعن كان
ينتعل حذاء ركل به المجني عليه عدة مرات, وأنه استفسر من أبيه عمن اعتدى عليه مما
ينفي دعوى رؤيته الاعتداء، كما قال ابنه الثاني إنه شاهد الطاعن يركل أباه خمس
مرات وهو قول يتعارض مع ما خلص إليه الحكم من ناحية، كما يتعارض مع الدليل الفني
على ما سلف البيان من ناحية أخرى، مما يصم الحكم بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة 185 من
قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "عندما يصدر مستشار الإحالة أمرا
بالإحالة إلى محكمة الجنايات، يكلف كل من النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية
والمتهم أن يقدم له في الحال قائمة بالشهود الذين يطلب سماع شهادتهم أمام المحكمة
مع بيان أسمائهم ومحال إقامتهم والوقائع التي يطلب من كل منهم أداء الشهادة عنها.
ويضع مستشار الإحالة قائمة نهائية بالشهود المذكورين ما لم ير أن شهادتهم لا تأثير
لها على الدعوى أو أن القصد من طلب حضورهم المطل أو النكاية، ويكلف النيابة العامة
إعلان هذه القائمة للمتهم، وللمدعى بالحقوق المدنية إعلان الشهود المدرجين بها
بالحضور أمام المحكمة". ورتبت المادة 379 من القانون جزاء إغفال هذا الإجراء
بنصها على أن "لكل من النيابة العامة والمتهم والمدعى بالحقوق المدنية
والمسئول عنها أن يعارض في سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانهم بأسمائهم". ولم
توجب البطلان جزاء على عدم إعلان المتهم بقائمة شهود الإثبات, وإنما أجازت فقط
لصاحب الشأن الاعتراض على سماع الشاهد الذي لم يعلن به في قائمة الشهود. ولما كان
الطاعن أو محاميه لم يعترض على سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانه بأسمائهم أمام
محكمة الموضوع، ولم يستأجل الدعوى لإعلانهم، فإن الحق في الدفع ببطلان الإجراءات -
بفرض وقوعه - يكون قد سقط لحصول الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه طبقا لنص المادة
333 من القانون. ولما كانت المادة 190 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه
"تعلن النيابة العامة الخصوم بالأمر الصادر بالإحالة إلى محكمة الجنايات خلال
الأيام الثلاثة التالية لصدوره". وكان عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه
بطلانه، وكانت أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام
العام فإذا حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا
البطلان وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعادا
لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى. ولما كان الطاعن لم يطلب من محكمة الموضوع
تأجيل الدعوى لإعلانه بأمر الإحالة، ومن ثم فإنه يعتبر متنازلا عن طلبه في إبانه،
وليس له من بعد أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بيانا كافيا تتحقق به عناصر الجريمة التي دين بها
الطاعن وكان الحكم إذ أورد مؤدى أقوال الشهود لم يأخذ منها إلا بمطلق وقوع
الاعتداء من الطاعن وحده على المجني عليه أثناء عودته من حقله بأن ركله بقدمه أسفل
بطنه، أما تعدد الركلات أو عدم تعددها، ووقوعها من الطاعن حافيا أم منتعلا فلم يكن
موضوع استدلال منه وأورد من مؤدى التقرير الطبي وتقرير الصفة التشريحية أن المجني
عليه قد أصيب بتكدم دموي أسفل بطنه وثقب بالأمعاء الدقيقة والتهاب بريتوني، وأن
إصابته رضية حيوية تنشأ من المصادمة بجسم صلب راض أيا كان نوعه وتتفق وتاريخ
الحادث وتعزى الوفاة إليها وما أحدثته من تهتك بالأمعاء الدقيقة والالتهاب
البريتوني، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود ما دام قد استخلص
الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه, كما أنه لا يشترط لصحة تسبيب الحكم أن يطابق
مؤدى الدليل القولي مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون الدليلان
غير متعارضين بما يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان البين من مساق الدليلين كما
أوردهما الحكم أن لا تعارض بينهما. لما كان ذلك، وكانت علاقة السببية في المواد
الجنائية مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل في شأنها فلا رقابة
لمحكمة النقض عليه، ما دام يقيم قضاءه على أسباب سائغة مردودة إلى أصلها في
الأوراق. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - بالأدلة السائغة التي أوردها -
أنه تعمد إصابة المجني عليه وقد أدت هذه الإصابة إلى وفاته فإن دعوى القصور في
بيان رابطة السببية بين إصابة المجني عليه وبين وفاته لا يكون لها محل. لما كان
ذلك، وكان سائر ما يثيره الطاعن في طعنه ليس إلا جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته
لدى محكمة النقض، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق