الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يونيو 2020

الطعن 3495 لسنة 54 ق جلسة 8 / 10 / 1984 مكتب فني 35 ق 140 ص 636


 جلسة 8 من أكتوبر سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد الصوفي، أحمد سعفان، محمود البارودي، عادل عبد الحميد.
----------
(140)
الطعن رقم 3495 سنة 54 القضائية

(1) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.

 (2)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
متى يتحقق تعارض المصلحة في الدفاع عن أكثر من متهم في الدعوى؟
 (3)مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره" "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. عدم إيراد اسم الطاعن محدداً غير قادح في جدية التحريات.
 (4)تحقيق. مأمورو الضبط القضائي. تفتيش. "إذن التفتيش" "إصداره" "تنفيذه".
المراد بمعاوني مأمور الضبط القضائي الذين شملتهم عبارة الندب. لا محل لقصر هؤلاء على المرؤسين وحدهم.
 (5)إجراءات. تحقيق. بطلان "بطلان الإجراءات" تفتيش "إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون تنفيذ الإذن قد بدأ بدخول ضابط متنكر أعلى رتبة من الصادر له الإذن منزل الطاعن لا يعيب الإجراءات.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدرات فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض. غير مقبولة.
(7) مواد مخدرة. مسئولية جنائية.
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة. بأية صورة عن علم وإرادة.
 (8)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
اقتناع المحكمة في حدود سلطتها في تقدير الدعوى التي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن إحراز كمية المخدر كان بقصد الاتجار. النعي عليها في هذا الشأن يكون على غير أساس.
 (9)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع. يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض. علة ذلك؟.
 (10)محكمة النقض "سلطتها" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة النقض لا تبحث الوقائع. ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. علة ذلك؟
 (11)دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً صريحاً كفاية الأخذ بأدلة الثبوت رداً عليه.
(12) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه. استقلالاً. غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
 (13)حكم "بياناته. بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.

--------------------
1 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب ضم السلة لإجراء تجربة عليها - المبدى بجلسة المحاكمة - إنما أريد به اختبار مدى إمكان دخول كمية المخدر المضبوطة فيها ومدى إمكان تحملها لثقلها، ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص في غير محله.
2 - من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا محل للقول بقيام التعارض، ومن ثم يضحى هذا الوجه من النعي غير سديد.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، لما كان ذلك، وكان عدم إيراد محل إقامة الطاعن الأول محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4 - لما كان ما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من أن الضابط الذي قام بتفتيش الطاعن الثاني هو المأذون له بالتفتيش بينما قام ضابط أكبر منه رتبة بدخول المنزل لتنفيذ الإذن، وما رتبه على ذلك من الدفع ببطلان التفتيش إنما هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كانت عبارة الإذن غير قاصرة على انتداب الضابط المأذون له بالتفتيش وحده وإنما جاءت شاملة لمن يعاونه من رجال الضبط القضائي - على النحو الوارد بأسباب الطعن - فإنه لا محل لقصر هؤلاء الأعوان على المرءوسين وحدهم.
5 - متى كان تنفيذ إذن التفتيش موكولاً إلى القائمين به يجرونه بالقدر اللازم لتحقيق الغرض المقصود منه، فإنه لا يعيب الإجراءات أن يكون تنفيذ الإذن قد بدأ بدخول ضابط متنكر أعلى رتبة من الصادر له الإذن منزل الطاعن، ويضحى تعييب الحكم في هذا الصدد على غير أساس.
6 - لما كان جدل الطاعنين والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير الدليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.
7 - لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية.
8 - من المقرر أن حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار في حق المتهمين - الطاعنين - فالثابت من الأوراق أنه متوافر في حقهما ذلك أن الضابط عندما دخل إلى مسكن المتهم الأول - الطاعن الأول - والتقى به قد أفهمه أنه حضر لشراء كمية المخدرات التي يعرضها للبيع وفي تلك اللحظة حضر المتهم الثاني - الطاعن الثاني - الذي حضر الحديث حول أسعار المواد المخدرة وأن المتهمين انصرفاً سوياً وعادا ومعهما كمية المخدرات المضبوطة فضلاً عن أن التحريات قد أكدت أن المتهم الأول يتجر في المواد المخدرة ويعاونه في تجارته أشخاص آخرون، فضلاً عن أن الكمية المضبوطة كبيرة نسبياً إذ يقدر وزن الحشيش عشرة كيلو جرامات ومائة وستة جرامات وأن وزن الأفيون تسعة جرامات وأربعون سنتيجرام ومن ثم فإن المتهمين يكونان قد أحرزا وحازا جواهر مخدرة بقصد الاتجار". وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - بأن حيازة وإحراز الطاعن الثاني للجوهرين المخدرين كان يقصد الاتجار، فإن نعيه على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس.
9 - من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها.
10 - من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقاً وبحثاً في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن سلطة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالاً بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن الثاني لم يتمسك ببطلان تفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه كما لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. ومن ثم فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم بالقصور في هذا الخصوص لا يكون له محل.
12 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر.
13 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن الثاني بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون ما ينعاه هذا الطاعن على الحكم من القصور في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بدائرة قسم العريش محافظة شمال سيناء المتهمان الأول والثاني: حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
المتهم الثاني أيضاً: أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (حشيشاً - أفيوناً) وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرها. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبندين رقمي 9، 57 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاثة سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجريمة حيازة جوهر مخدر(حشيش) بقصد الاتجار ودان ثانيهما بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين (حشيش وأفيون) بقصد الاتجار قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين طلب إحضار السلة وإجراء تجربة عليها لاختبار مدى إمكان دخول كمية المخدر المضبوطة بها ومدى إمكان تحملها لثقلها ولكن الحكم أغفل الرد على هذا الطلب، كما أن الثابت أن محامياً واحداً قد تولى الدفاع عن الطاعنين رغم ما بينهما من تعارض في المصالح، هذا إلى أن الدفاع تمسك ببطلان التفتيش لسببين (أولهما) ابتناء الإذن الصادر به على تحريات غير جدية لقول الضابط بأن صحة التحريات تأكدت قبل صدور الإذن بربع ساعة وللخطأ في بيان مدى قرب منزل الطاعن الأول من مبنى الحزب الوطني، (وثانيهما) لأن الإذن بالتفتيش صدر لمأمور ضبط قضائي معين هو ومن يندبه أو يعاونه فقام بتنفيذه مأمور ضبط قضائي أعلى منه رتبة مع أن المفهوم أن الذي يندب من الشخص أو يعاونه يكون في مستوى رتبته أو أقل منه رتبة ومع ذلك فقد رد الحكم على السبب الأول بما لا يصلح رداً وأغفل الرد على السبب الثاني، كذلك فقد تمسك الدفاع بعدم سلامة التحريز لاختلاف الأوزان بين تقرير المعمل الكيماوي وبين شهادة الوزن الذي أجرته النيابة العامة ولم يتناول الحكم هذا الدفاع بالرد، ودان الحكم الطاعن الثاني بجريمة حيازة كمية المخدر المضبوطة مع الطاعن الأول لمجرد تواجده معه دون أن يدلل على اتصاله بهذه الكمية, ويضيف الطاعن الثاني أن أحداً من الشهود لم يقطع بثبوت قصد الاتجار بالأفيون في حقه وأنه لا حجة فيما ورد بتقرير المعمل الكيماوي من وجود فتات حشيش دون الوزن بجيب صديريه لأن تفتيشه من قبل لم يسفر عن وجود هذه الفئات التي دست في جيب الصديري المضبوط قبل التحليل، هذا إلى بطلان تفتيشه لعدم وجود قرائن قوية على أنه يخفي شيئاً يفيد في كشف الحقيقة, فضلاً عن أن إذن التفتيش ذاته قد صدر لضبط جريمة مستقبلة, وأخيراً فقد أغفل الحكم الرد على دفاعه بأن الأفيون دس عليه وبأنه لا يعلم بكنهه وجاءت أسبابه خالية من بيان مضمون الأدلة وغامضة فيما يتعلق بأركان الجريمة, وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله إنها تتحصل في أن التحريات السرية المشتركة دلت على أن المدعو.... الطاعن الأول - مدرس ويعمل بمديرية التربية والتعليم بالعريش ويقيم بحي الفواخرية دائرة قسم شرطة العريش يحوز ويحرز كمية من المواد المخدرة ويقوم بعرضها للبيع بمعرفته وبمساعدة آخرين للمترددين عليه من تجار الجملة والتجزئة وبناء على إذن النيابة العامة في 4/ 4/ 1983 بضبط وتفتيش شخص ومسكن المأذون بتفتيشه ومن يتواجد معه قام المقدم..... مفتش منطقة الإدارة بسيناء الشمالية بدور أحد تجار المواد المخدرة متنكراً بارتداء الملابس البلدية ولاسة شال وبناء على موعد سابق تحديده لأحد مصادره السرية باستعداد المأذون بتفتيشه لمقابلة أحد تجار المخدرات لبيع ما يحوزه المأذون بتفتيشه فقد توجه إلى مسكن المأذون بتفتيشه مزوداً بجهاز اتصال لاسلكي مخفى بداخل الملابس البلدية التي يرتديها فوصل للمسكن في حوالي الساعة السابعة والربع مساء تقريباً وتقابل مع المأذون بتفتيشه بداخل المسكن وجلسا بالحجرة الأولى الكائنة على يمين الداخل من الباب العمومي وأخبره بأنه حضر بناء على الموعد السابق تحديده مع مصدره السري فرحب به وقرر له أنه يحوز ويحرز كمية من المواد المخدرة يعرضها للبيع وفي تلك الأثناء حضر شخص يرتدي جلباباً أبيض اتضح من حديثه معه أن يدعى.... - الطاعن الثاني - وجلس معهما بنفس الحجرة وأخذ المأذون بتفتيشه يتحدث في أسعار عرضه للمواد المخدرة التي يحوزها وقام هو والشخص الآخر بالانصراف من الحجرة لمدة دقيقتين تقريباً وعادا معاً وكان المأذون بتفتيشه يحمل بكلتا يديه سلة من البلاستيك الشبكية خضراء اللون بداخلها جوال من الخيش وقام بوضعها بالحجرة أمامه على الأرض وقام بفتح الجوال فتبين أن بداخله أكياساً من النايلون تحوي مواداً مخدرة وأثناء ذلك قام بإعطاء الإشارة المتفق عليها لاسلكياً للأكمنة التي كانت منتشرة بالمنطقة وفي غضون دقيقتين تقريباً أطبقت القوات المسكن ودلف إلى داخله كل من الرائد... وبصحبته النقيب...... بينما انتشرت باقي القوات خارج المنزل لتأمين عملية الضبط وتم التحفظ على المواد المخدرة والقبض على المأذون بتفتيشه والشخص الآخر المدعو.... وبفض السلة تبين أنها تحوي جوالاً من الخيش بداخله عدد 15 خمس عشرة قطعة مستديرة الشكل كل منها بداخل كيس من النايلون وجميعها لمخدر الحشيش وكذا أربع قطع كبيرة مستطيلة الشكل بداخل كيس واحد وجميعها لمخدر الحشيش وقام الرائد... بتفتيش شخص المتهم الثاني..... (الطاعن الثاني) فعثر معه بداخل الجيب الأيسر للصديري الذي يرتديه على لفافة من النايلون بداخلها قطعة كبيرة الحجم لمادة تشبه الأفيون ومبلغ ثلاثة وثلاثون جنيهاً عملات ورقية وبتفتيش المأذون بتفتيشه عثر معه على مبلغ خمسة جنيهات وثلاثون قرشاً بداخل جيوب ملابسه وبمواجهة المتهمين بالمضبوطات أخذاً يرددان عبارة (رحنا في داهية) وثبت من تقرير المعامل الكيماوية أن المضبوطات جميعها لمخدري الحشيش والأفيون كما وجد فتات دون الوزن لمخدر الحشيش بجيب الصديري الخاص بالمتهم.... (الطاعن الثاني). وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ومن أقوال الطاعن الثاني في التحقيقات بأن تفتيشه أسفر عن ضبط لفافة بها مادة سوداء بأحد جيوبه لا يعرف عنها شيئاً، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب ضم السلة لإجراء تجربة عليها - المبدى بجلسة المحاكمة - إنما أريد به اختبار مدى إمكان دخول كمية المخدر المضبوطة فيها ومدى إمكان تحملها لثقلها، ومن ثم فهو لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعارض المصلحة في الدفاع يقتضي أن يكون لكل متهم من الدفاع ما يلزم عنه عدم صحة دفاع المتهم الآخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً، أما إذا التزم كل منهما جانب الإنكار ولم يتبادلا الاتهام - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا محل للقول بقيام التعارض، ومن ثم يضحى هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ذلك , وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، لما كان ذلك، وكان عدم إيراد محل إقامة الطاعن الأول محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك, وكان ما أثاره الدفاع بجلسة المحاكمة من أن الضابط الذي قام بتفتيش الطاعن الثاني هو المأذون له بالتفتيش بينما قام ضابط أكبر منه رتبة بدخول المنزل لتنفيذ الإذن، وما رتبه على ذلك من الدفع ببطلان التفتيش إنما هو دفاع قانوني ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه إذا كانت عبارة الإذن غير قاصرة على انتداب المأذون له بالتفتيش وحده وإنما جاءت شاملة لمن يعاونه من رجال الضبط القضائي - على النحو الوارد بأسباب الطعن - فإنه لا محل لقصر هؤلاء الأعوان على المرءوسين وحدهم. وإذ كان ذلك وكان تنفيذ إذن التفتيش موكولاً إلى القائمين به يجرونه بالقدر اللازم لتحقيق الغرض المقصود منه، فإنه لا يعيب الإجراءات أن يكون تنفيذ الإذن قد بدأ بدخول ضابط متنكر أعلى رتبة من الصادر له الإذن منزل الطاعن، ويضحى تعييب الحكم في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك, وكان جدل الطاعنين والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، وكان البين مما استخلصه الحكم لصورة واقعة الدعوى الماثلة أن الطاعن الثاني حضر الحديث الذي صدر من الطاعن الأول بشأن أسعار المادة المخدرة المعروضة للبيع ثم غادر الطاعنان الحجرة معاً وعادا إليها بعد فترة يسيرة وكان أولهما حاملاً السلة التي تحوي كمية من جوهر الحشيش، مما يشير إلى أن الطاعنين كانا يحوزان سوياً هذا المخدر وإن لم تتحقق بالنسبة للطاعن الثاني الحيازة المادية له، ومن ثم فإن نعيه على الحكم بالقصور في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الاتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد الاتجار في حق المتهمين - الطاعنين - فالثابت من الأوراق أنه متوافر في حقهما ذلك أن الضابط عندما دخل إلى مسكن المتهم الأول - الطاعن الأول - والتقى به قد أفهمه أنه حضر لشراء كمية المخدرات التي يعرضها للبيع وفي تلك اللحظة حضر المتهم الثاني - الطاعن الثاني - الذي حضر الحديث حول أسعار المواد المخدرة وأن المتهمين انصرفا سوياً وعادا ومعهما كمية المخدرات المضبوطة فضلاً عن أن التحريات قد أكدت أن المتهم الأول يتجر في المواد المخدرة ويعاونه في تجارته أشخاص آخرون، فضلاً عن أن الكمية المضبوطة كبيرة نسبياً إذ يقدر وزن الحشيش عشرة كيلو جرامات ومائة وستة جرامات وإن وزن الأفيون تسعة جرامات وأربعون سنتيجرام ومن ثم فإن المتهمين يكونان قد أحرزا وحازا جواهر مخدرة بقصد الاتجار". وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - بأن حيازة وإحراز الطاعن الثاني للجوهرين المخدرين كان بقصد الاتجار، فإن نعيه على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أياً من الطاعن الثاني أو المدافع عنه لم يذكر شيئاً عن دس فتات الحشيش بجيب صديريه، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلب جديد أو دفع جديد لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقاً وبحثاً في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن سلطة محكمة النقض، فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالاً بذاته على وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة الموضوع، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن دفاع الطاعن الثاني لم يتمسك ببطلان تفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه كما لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك , وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة، بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ومن ثم فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم بالقصور في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن الثاني أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن الثاني لجوهر الأفيون المضبوط وعلى علمه بكنهه, فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون أيضاً غير قويم. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة خلافاً لقول الطاعن الثاني وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن الثاني بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون ما ينعاه هذا الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق