الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 يونيو 2020

الطعن 367 لسنة 35 ق جلسة 2/ 11/ 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 151 ص 795


جلسة 2 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وجمال المرصفاوي، وبطرس زغلول، ونصر الدين عزام.
-----------------
(151)
الطعن رقم 367 لسنة 35 القضائية

(أ، ب، ج) دفوع. دعوى مدنية . "قبولها". دعوى جنائية. "تحريكها". "سقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي". نظام عام. نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها". دعوى إشهار الإفلاس. شيك بدون رصيد.
(أ) الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. من الدفوع الجوهرية. على المحكمة التصدي له عند إبدائه. عدم تعلقه بالنظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(ب) الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي. عدم تعلقه بالنظام العام. سقوطه بعدم إبدائه قبل الخوض في الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية. مثال.
(د) شيك بدون رصيد. جريمة.
الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه، لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد. ما دام الساحب لم يسترده من المجني عليه. الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة.
(هـ) ارتباط. نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يقبل منها".
الارتباط بين الجرائم. مسألة موضوعية. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-------------
1 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي ليس من النظام العام لتعلقه بالدعوى المدنية التي تحمى صوالح خاصة فهو يسقط بعدم إبدائه قبل الخوض في موضوع الدعوى ولا يجوز من باب أولى أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - الأصل أن حق المدعي بالحقوق المدنية في الخيار لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية. ولما كانت دعوى إشهار الإفلاس تختلف موضوعاً وسبباً عن دعوى التعويض عن جنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم - موضوع الدعوى المطروحة - إذ تستند الأولى إلى حالة التوقف عن دفع الديون وتستند الثانية إلى الضرر الناشئ عن الجريمة لا عن المطالبة بقيمة الدين محل الشيك. وكان الطاعن (المتهم) لا يدعي بأن المدعية بالحقوق المدنية قد أقامت دعواها المدنية ابتداء أمام المحاكم المدنية تأسيساً على المطالبة بتعويض الضرر عن الجريمة المذكورة. فإن الدفع بسقوط حق المدعية بالحقوق المدنية في اللجوء إلى الطريق الجنائي لسلوكها الطريق المدني يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن ساحب الشيك لم يسترده من المجني عليه. كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة.
5 - الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع
أقامت المدعية بالحق المدني (الشركة المتحدة للغزل والنسيج) هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة بندر المحلة الكبرى ضد الطاعن متهمة إياه بأنه في يوم 13/ 10/ 1962 بدائرة بندر المحلة الكبرى أعطى لممثلها القانوني شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادة 337 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع لها قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بتاريخ 4/ 9/ 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه أن يدفع للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصروفات المدنية وجنيهين مقابل أتعاب المحاماة. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 29/ 1/ 1964 بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 14/ 9/ 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 21/ 12/ 1964 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الثاني والشق الثاني من الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن كان قد دفع بوفاء الدين الذي أعطى عنه الشيك ورمى من هذا الدفاع إلى الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية التي أقامتها الشركة المدعية بالحقوق المدنية لعدم توافر ركن الضرر فيها الأمر الذي يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية التي حركتها الدعوى المدنية غير المقبولة. كما دفع الطاعن بأن الشركة المدعية بالحقوق المدنية سبق أن أقامت ضده دعوى إشهار إفلاس قضى فيها بإشهار إفلاسه وبين حكم الإفلاس الوقت الذي وقف فيه عن دفع ديونه في تاريخ سابق على استحقاق الشيك وقد قصد الطاعن من هذا الدفاع إلى المدعية بالحقوق المدنية قد سلكت الطريق المدني فلا تملك أن تلجأ إلى الطريق الجنائي، ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع أو يرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من أوراق الطعن أن شركة النصر للغزل الرفيع بدمياط التي أعطى لها الشيك كلفت الطاعن الحضور أمام المحكمة الجنائية بالطريق المباشر وطلبت إلزامه قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت وذلك عن جريمة إعطائها شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب الأمر المعاقب عليه بالمادة 337 من قانون العقوبات. ويبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة ومدونات الحكم المطعون فيه والمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن الطاعن لم يتمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أو بسقوط حق الشركة المدعية بالحقوق المدنية في اختيار الطريق الجنائي لاختيارها الالتجاء إلى المحكمة المدنية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها، إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. كما أن الدفع بسقوط حق المدعي المدني في اختيار الطريق الجنائي هو بدوره ليس من النظام العام لتعلقه بالدعوى المدنية التي تحمى صوالح خاصة فهو يسقط بعدم إبدائه قبل الخوض في موضوع الدعوى ولا يجوز من باب أولى أن يدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن دعوى إشهار الإفلاس تختلف موضوعاً وسبباً - عن دعوى التعويض عن جنحة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم. موضوع الدعوى المطروحة. إذ تستند الأولى إلى حالة التوقف عن دفع الديون وتستند الثانية إلى الضرر الناشئ عن الجريمة لا عن المطالبة بقيمة الدين محل الشيك، والطاعن لا يدعي بأن المدعية بالحقوق المدنية قد أقامت دعواها المدنية ابتداء وأمام المحاكم المدنية تأسيساً على المطالبة بتعويض الضرر عن الجريمة المذكورة. والأصل أن حق المدعي بالحقوق المدنية في الخيار لا يسقط إلا إذا كانت دعواه المدنية متحدة مع تلك التي يريد إثارتها أمام المحكمة الجنائية، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث والشق الأول من الوجه الرابع هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن كان قد دفع بوفاء قيمة الشيك للشركة المدعية بالحقوق المدنية التي أعطاه لها واستدل على ذلك بتقديم كشف حساب صادر منها في تاريخ لاحق على تاريخ استحقاق الشيك يفيد مديونيتها له كما استند أيضاً إلى قبول الشركة التعامل معه بعد تاريخ استحقاق الشيك وطلب الحكم بندب خبير لفحص حسابه بدفاتر الشركة، ولكن الحكم رد على هذا الدفاع بأن الطاعن لم يسترد الشيك من الشركة وهو قول لا يصلح رداً على دفاعه المستند إلى الوفاء.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ورد على دفاع الطاعن في قوله "لو صح أن قيمة الشيك المذكور قد حصلت لكان المتهم (الطاعن) قد بادر بسحب الشيك دون تركه بيد الشركة الدائنة الأمر الذي لا ترى معه المحكمة محلاً لإجابة المتهم إلى طلب ندب خبير حسابي بمكتب الخبراء ليطلع على حسابات تلك الشركة ومعرفة ما إذا كان الشيك قد سدد من عدمه". وهذا الذي ذهب إليه الحكم صحيح في القانون ذلك، بأنه من المقرر أن الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ استحقاقه بفرض صحته لا ينفي توافر أركان جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ما دام أن ساحب الشيك لم يسترده من المجني عليه. كما أن الوفاء اللاحق لا ينفي قيام الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين أن العلة في عدم إجابة طلب الطاعن بندب خبير لفحص حسابه لدى الشركة هي عدم استرداده للشيك بما يفيد عدم تحصيله فلا على المحكمة إذا هى أعرضت عن إجابة الطاعن إلى ما طلب بالنظر إلى أن الواقعة قد وضحت أمامها وظهر لها أن هذا الطلب غير منتج للعلة السائغة التي أوردتها، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع بارتباط الجنحة محل الطعن الحالي بجرائم أخرى مماثلة كانت معروضة على المحكمة في الجلسة ذاتها التي جرت فيها محاكمته عنها وذلك لصدور الشيكات موضوع هذه الدعاوى عن عملية شراء غزل واحدة ولكن الحكم قضى عليه بعقوبة مستقلة عن كل دعوى وأغفل الرد على دفاعه بارتباط هذه الجرائم مما يعيبه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على مفردات هذا الطعن وعلى مفردات الطعون أرقام 364 و365 و366/ 35 قضائية المطروحة على هذه المحكمة - موضوع الدعاوى التي كانت معروضة على محكمة الموضوع الخاصة باتهام الطاعن بإعطاء شيكات بدون رصيد إلى الشركة المتحدة للغزل والنسيج وهي خلاف الشركة المدعية بالحقوق المدنية في هذا الطعن أن الطاعن لم يبد هذا الدفاع ولا يبين من الحكم المطعون فيه وجود صلة بين الشركتين المدعيتين بالحقوق المدنية في كل من تلك الدعاوى أو ما يظاهر الطاعن فيما أثاره في طعنه من تولد الشيكات موضوع هذه القضايا من معاملة واحدة ونشاط إجرامي واحد. وكان الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه غير سديد. لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق