الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يونيو 2020

الطعن 11 لسنة 25 ق جلسة 1 / 5 / 1958 مكتب فني 9 ج 2 ق 48 ص 425


جلسة أول مايو سنة 1958
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: إسحق عبد السيد، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.
--------------
(48)
طعن رقم 11 سنة 25 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. تطليق. أجانب. قانون.
طلب التطليق من زوج مالطي الأصل بريطاني الجنسية لا يقيم في مالطة ولا في غير ها من المستعمرات وإنما يقيم بمصر. وجوب تطبيق القانون الإنجليزي. المواد 13 و26 و27 مدني.
(ب) جنسية.

الجنسية البريطانية طبقاً لقانون الجنسية البريطاني الصادر في سنة 1948. شمولها جميع رعايا المملكة المتحدة والمستعمرات ومنها مالطة.
--------------
1 - يبين من نصوص المواد 13 و26 و27 من القانون المدني أن طلب التطليق يطبق عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته وأنه إذا كان الزوج ينتمي وقت رفع الدعوى بالتطليق إلى جنسية دولة أجنبية تتعدد فيها الشرائع تعين أن تكون الشريعة التي تطبق أحكامها هي إحدى الشرائع المشار إليها دون القانون المصري الذي يمتنع تطبيقه في هذه الحالة. فإذا كان الثابت أن الزوج مالطي الأصل بريطاني الجنسية ولم يكن له موطن في مالطة أو في غيرها من بلاد المملكة المتحدة أو المستعمرات وكان موطنه هو القطر المصري فإن القانون الواجب التطبيق في طلب التطليق يكون هو القانون الإنجليزي باعتبار أنه قانون عاصمة الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته.
2 - تشمل الجنسية البريطانية وفقاً لقانون الجنسية البريطاني الصادر في 1948 جميع رعايا المملكة المتحدة والمستعمرات ومنها مالطة.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن المطعون عليه وهو مالطي الأصل بريطاني الجنسية قد تزوج بالطاعنة وهي إيطالية الأصل والجنسية بتاريخ 26/ 12/ 1942 وبعد عشر سنوات من هذا الزواج دب الشقاق بينهما واستفحل لدرجة حدت بالمطعون عليه أن يرفع ضد الطاعنة الدعوى رقم 28 سنة 1953 أحوال شخصية أجانب أمام محكمة القاهرة يطلب ضم ولديه إليه، وبالطاعنة أن ترفع بدورها ضد الطاعن الدعوى رقم 57 سنة 1953 أحوال شخصية أجانب أمام نفس المحكمة بطلب الحكم بتطليقها منه وأحقيتها في حضانة ولديها وتقدير نفقة لها ولهما وذلك لقسوته وسوء معاملته لها وإهانة كرامتها. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت فيهما بتاريخ 9 من مارس سنة 1954 بتطليق الطاعنة من المطعون عليه لخطئه وبأحقيتها في حضانة ولديها وبإلزامه بنفقة شهرية لهما تطبيقاً لأحكام القانون البريطاني الذي هو قانون جنسية الزوج فاستأنف هذا الأخير الحكم المذكور بالاستئناف رقم 408 سنة 71 ق أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض طلبي التطليق والنفقة وإسناد حضانة الولدين إليه استناداً إلى أنه مالطي الجنسية يطبق عليه القانون المالطي دون القانون البريطاني وبتاريخ 22/ 6/ 1955 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما يختص بطلب التطليق وبرفض هذا الطلب وحددت جلسة أخرى لاستكمال نظر طلبي الحضانة والنفقة فقررت الطاعنة بتاريخ 7 من يوليه سنة 1955 الطعن في هذا الحكم بالنقض ولم يقدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، ثم عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1957 وصممت النيابة على رأيها وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية لنظره بجلسة 30 من يناير سنة 1958 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم فيما قضى به من تطبيق القانون المصري على طلب التطليق الموجه إلى المطعون عليه باعتبار أن موطنه هو "مصر" مخالفاً بذلك نص الفقرة الثانية من المادة 13 والمادة 27 من القانون المدني إذ توجب الأولى تطبيق القانون البريطاني وهو قانون جنسية المطعون عليه وتحرم الثانية تطبيق أي قانون أجنبي قد يحيل إليه قانون الجنسية المطبق ولو كان هذا القانون هو القانون المصري. وقد جر الحكم إلى هذا الخطأ معاملته الزوج المطعون عليه كما لو كان عديم الجنسية لعدم اهتدائه كما يقول إلى شريعة من الشرائع المتعددة في أنحاء الإمبراطورية البريطانية ينتمي إليها المطعون عليه بجنسيته وتطبيقه - تبعاً لذلك - المادة 24 من القانون المدني التي تقضي بإتباع مبادئ القانون الدولي الخاص بالنسبة للمطعون عليه باعتبار أنه لم يرد بشأن القانون الواجب التطبيق علي نص في القانون في حين أن المطعون عليه بريطاني الجنسية ويسري في شأن طلب التطليق المقدم ضده قانون دولته وقت رفع الدعوى طبقاً لنص المادة 13/ 2 من القانون المدني وهو القانون البريطاني وتقول الطاعنة إنه وإن كان هذا القانون قد خلا من قاعدة تقرر أية شريعة من الشرائع المتعددة في أنحاء الإمبراطورية البريطانية يجب تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية إلا أن القانون الإنجليزي هو الواجب التطبيق على طلب التطليق باعتبار أنه القانون الأصلي السائد في بريطانيا ذو الولاية العامة فيها. أما ما قال به الحكم المطعون فيه من عدم وجود صلة للمطعون عليه بالقانون الإنجليزي فيناقضه ما جرى عليه العمل في مصر منذ أجيال بالنسبة لأهالي مالطة الداخلين في الرعوية البريطانية من أن القانون الإنجليزي الذي يجيز التطليق هو الذي يسري عليهم كما أن ما ذهب إليه الحكم من تطبيق الشريعة الكاثوليكية التي لا تجيز التطليق باعتبار أنها تهم الزوجين لعقد قرانهما في كنيسة القديس مرقص بشبرا فيه إخضاع الزوجين إلى القوانين الكنسية دون قوانين الجنسية غير جائز قانوناً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن الزوج (المطعون عليه) بريطاني الجنسية وأن النزاع بينه وبين الطاعنة يخضع طبقاً لنص المادة 13 من القانون المدني لقانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت التطليق أي القانون البريطاني قال إن الرعوية البريطانية التي ينتمي إليها المطعون عليه تشمل عدا رعايا المملكة المتحدة والمستعمرات رعايا دول تسع أشير إليها في الفقرة الثالثة من قانون الجنسية البريطانية الصادر عام 1948 تختلف قوانين هذه الأمصار في أحكامها الداخلية والدولية وأنه ليس في القانون البريطاني قاعدة داخلية تحدد أياً من قوانين مجموعة الأمم البريطانية هو الذي يطبق دون غيره من القوانين المتعددة فيها كما تقضي بذلك المادة 26 من القانون المدني. وإذ كانت قاعدة الإسناد في القانون الإنجليزي هي الموطن في كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية فإن المطعون عليه ليس له موطن في مالطة وموطنه هو القطر المصري مما لا يجوز معه تطبيق القانون المالطي عليه والرخصة التي يخولها القانون المصري للقاضي لا تتعدى تبيان أية شريعة من الشرائع المتعددة داخل الإمبراطورية هي التي يجب تطبيقها فإذا كان الموطن في بلد أجنبي عن الإمبراطورية امتنع على القاضي المصري الالتجاء إلى القانون الأجنبي لأنه لم يمكن الالتجاء إليه إلا عن طريق الإحالة التي ينهي عنها القانون المصري في المادة 27 - إلى أن قال الحكم "ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الاهتداء بنص المادة 26 من القانون المدني المصري لا يؤدي إلى تبيان الشريعة التي يعمل بها لأنه ليس هناك شريعة بريطانية بل عدة شرائع وليس هناك أية قاعدة داخلية تؤدي إلى تفضيل إحداها على الأخرى لأن الزوج ليس متوطناً في أحد الأمصار التي تدخل في نطاق إحدى الشرائع التي تنتمي إليها رعايا المملكة المتحدة والمستعمرات كما عرفها قانون الجنسية الصادر عام 1948 ..." ثم استطرد الحكم قائلاً "ومن حيث إن المادة 24 من القانون ذاته تقضي بإتباع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لا يرد في شأنه نص.
ومن حيث إن عدم الاهتداء إلى قانون ينتمي إليه الزوج بجنسيته مما يبرر معاملة الزوج كما لو كان عديم الجنسية فالوضع متحد في الحالتين ولذا يجب الرجوع إلى قانون الموطن وفي حالة عدم وجود الموطن إلى قانون البلد الذي يقيم فيه الشخص - ولا شك أن إتباع هذا القانون يؤدي إلى النتيجة ذاتها التي استهدفها القانون حين أوجب تطبيق القانون الذي ينتمي إليه الشخص بجنسيته ويحقق الاستقرار في المعاملات بالنسبة لذوي الشأن وكذلك بالنسبة للغير وهي القاعدة التي تمليها طبيعة العلاقة وتنجلي لذوي المصلحة منذ نشوء هذه العلاقة ... ولما كانت مصر من الدول التي تتعدد فيها الشرائع الداخلية الخاصة بالأحوال الشخصية طبقاً للملة وكانت شريعة الملة التي يعتنقها الزوجان هي الشريعة الكاثوليكية يتعين الرجوع إلى هذه الشريعة وهي في الواقع الشريعة التي فهم الزوجان أنهما يخضعان لها إذ لجآ في عقد قرانهما إلى كنيسة القديس مرقص بشبرا ... وعند جميع الطوائف الكاثوليكية لا يجوز الطلاق بل يستعاض عنه بالتفريق الجسماني".
وحيث إنه يبين من هذا الذي ورد بالحكم المطعون فيه أنه ثبت لمحكمة الاستئناف أن المطعون عليه ينتمي إلى جنسية أجنبية معينة هي الجنسية البريطانية ولكنها مع ذلك أجرت عليه حكم عديم الجنسية تأسيساً على أنها لم تهتد إلى قانون ينتمي إليه الزوج ورتبت على ذلك تطبيق القانون المصري باعتبار أن القطر المصري هو محل إقامة المطعون عليه وذلك تطبيقاً للمادتين 24 و25 من القانون المدني - وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون. ذلك أن المادة 13 من القانون المدني نصت على أنه "يسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى". ونصت المادة 26 منه على أنه "متى ظهر من الأحكام الواردة في المواد المتقدمة أن القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة معينة تتعدد فيها الشرائع فإن القانون الداخلي لتلك الدولة هو الذي يقرر أية شريعة من هذه الشرائع يجب تطبيقها" ونصت المادة 27 على أنه "إذا تقرر أن قانوناً أجنبياً هو الواجب التطبيق، فلا يطبق منه إلا أحكامه الداخلية، دون تلك التي تتعلق القانون الدولي الخاص" ويبين من هذه النصوص أن طلب التطليق يطبق عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته وأنه إذا كان الزوج ينتمي وقت رفع الدعوى بالتطليق إلى جنسية دولة أجنبية تتعدد فيها الشرائع تعين أن تكون الشريعة التي تطبق أحكامها هي إحدى الشرائع المشار إليها دون القانون المصري الممتنع تطبيق في هذه الحالة، يؤيد هذا النظر أنه يبين من مراحل المشروع التمهيدي للقانون المدني أن الرأي كان قد اتجه في بادئ الأمر إلى وضع نص للمادة 24 من مشروع القانون المدني يفيد جواز تطبيق القانون المصري إذا كان وجود القانون الأجنبي الواجب تطبيقه أو مدلول ذلك القانون غير ممكن إثباته وذلك بالصيغة الآتية "في جميع الحالات التي يتقرر فيها أن قانوناً أجنبياً هو الواجب التطبيق يطبق القانون المصري إذا كان وجود القانون الأجنبي أو مدلوله غير ممكن إثبات". ولكن هذا الرأي عدل عنه ووضع نص لتلك المادة هو الذي أصبح نص المادة 27 من القانون المدني. وقد ورد في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة أن هذا النص لا يجيز الأخذ بمبدأ الإحالة ويعمم الحكم الوارد في المادة 31 من لائحة التنظيم القضائي المختلط - فلا يقصره على الأحوال التي نصت عليها اللائحة بل يجعله شاملاً لقواعد الإسناد جميعاً. وتأسيساً على ما تقدم ومع مراعاة أن المطعون عليه بريطاني الجنسية وأن الجنسية البريطانية تشمل وفقاً لقانون الجنسية البريطاني الصادر في سنة 1948 جميع رعايا المملكة المتحدة والمستعمرات ومنها مالطة وأن بريطانيا دولة تتعدد فيها الشرائع فإن الشريعة التي يتعين تطبيق أحكامها الموضوعية في حالة الدعوى لا بد أن تكون إحدى الشرائع السارية في بريطانيا أو في المستعمرات تبعاً لما يقرره القانون البريطاني. غير أنه لما كان القانون البريطاني هو عبارة عن قوانين المملكة المتحدة والمستعمرات وكانت هذه القوانين متفقة على أن تكون شريعة الموطن هي الشريعة التي يتعين تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية، ولما لم يكن للمطعون عليه موطن في مالطة وفي غيرها من بلاد المملكة المتحدة أو المستعمرات وكان موطنه هو القطر المصري على ما ورد بالحكم المطعون فيه - وكان من الممتنع تطبيق القانون المصري باعتباره قانون موطن المطعون عليه لامتناع الإحالة كما سبق بيانه - لما كان ذلك، فإن القانون الواجب التطبيق يكون - طبقاً لنص المادتين 13 و27 من القانون المدني - هو القانون الإنجليزي باعتبار أنه هو قانون عاصمة الدولة التي ينتمي إليها المطعون عليه بجنسيته.
وحيث إنه يبين مما سبق أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ويتعين نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق