جلسة 6 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الوهاب
الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نائبي رئيس المحكمة وعمار ابراهيم وأحمد جمال عبد
اللطيف.
-------------
(194)
الطعن رقم 14354 لسنة 59
القضائية
نصب. مسئولية جنائية. نقض
"الطعن للمرة الثانية" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض
"نظرها موضوع الطعن".
ادانة الوسيط في جريمة
النصب. رهينة بوقوع تواطؤ وتدبير سابق بينه وبين الفاعل. تأييد الوسيط للفاعل فيما
زعمه. غير كاف لتأثيم مسلكه. متى كان يجهل الواقع من أمره أو يعتقد بحسن نية بصدقه.
مثال لقضاء محكمة النقض
ببراءة الطاعن في جريمة نصب لدى نظرها موضوع الدعوى.
--------------
من المقرر في جريمة النصب
أنه لا تصح إدانة الوسيط الا اذا كانت الجريمة قد وقعت نتيجة تواطؤ وتدبير سابق بينه
وبين الفاعل ولا يكفى لتأثيم مسلك الوسيط أن يكون قد أيد الفاعل فيما زعمه اذا كان
هو في الحقيقة يجهل الواقع من أمره أو يعتقد بحسن نية بصدق الفاعل. ولما كان
المجنى عليهم من عمال محل المستأنف قد شهدوا بأنهم واياه كانوا يعتقدون بحسن نية
بأن المتهم الأول مهندس بالإسكان وبأن شقيقه المتهم الثاني ضابط أمن بالجهة ذاتها
وبأن في مقدروهما الحصول لهم بالفعل على وحدات سكنية وحوانيت وكانت المحكمة تثق في
صحة هذه الأقوال التي يؤكدوها ما ثبت من أنه لما أخل المتهم الأول بوعده في احضار
مستندات تخصيص الوحدات للمجنى عليهم بادر المستأنف بإخبارهم بما اكتشفه من خداع
المتهم المذكور لهم وطلب منهم استدراجه الى مسكنه للحصول منه على اقرارات بالمبالغ
التي تسلمها منهم. واذ كانت المحكمة تخلص من ذلك الى توافر حسن النية لدى
المستأنف...... فان جريمة النصب المسندة اليه تكون غير متوافرة الاركان في حقه
فيتعين الغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من ادانة المتهم المذكور والقضاء ببراءته
مما اسند اليه عملا بنص المادة 304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن - أولا: توصل - وآخرون - الى الاستيلاء على المبالغ المبينة بالمحضر
المملوكة لـ...... وآخرين وكان ذلك الاحتيال لسلب بعض ثرواتهم باستعمال طرق
احتيالية من شأنها ايهامهم بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة. أن أوهموهم
بأنه في إمكانهم أن يحصلوا لهم على شقق وحوانيت في مشروع الاسكان الشعبي بعين شمس
وتسلموا من المجني عليهم المبالغ النقدية بناء على ذلك الايهام. وطلبت عقابهم
بالمادة 336 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الحدائق قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام
بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة الف جنيه لوقف التنفيذ. استأنف المحكوم
عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف
شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم سنة مع الشغل.
فطعن الاستاذ/ ......
المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض
برقم 5677 لسنة54 قضائية) قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض
الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للفصل فيها
مجددا من هيئة استئنافية أخرى.
ومحكمة الاعادة - بهيئة استئنافية
أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الاستاذ/ ....... المحامي
نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية وقضت هذه المحكمة
بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة اليوم لنظر
الموضوع.
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة
قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلست اليوم لنظر الموضوع عملا بالمادة 45 من
قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الاستئناف
استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة
العامة رفعت الدعوى الجنائية ضد آخرين والمتهم المستأنف بوصف أنهم قبل يوم 20/ 3/
1981 بدائرة قسم الحدائق محافظة القاهرة/ توصلوا الى الاستيلاء على المبالغ
المبينة بالمحضر والمملوكة لـ....... وآخرين وكان ذلك بالاحتيال لسلب بعض ثرواتهم
باستعمال طرق احتيالية من شأنها ايهامهم بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة،
بأن أوهموهم بأنه في امكانهم أن يحصلوا لهم على شقق وحوانيت في مشروع الاسكان الشعبي
بعين شمس وتسلموا من المجنى عليهم المبالغ النقدية بناء على ذلك الايهام، وطلبت
عقابهم بالمادة 336 من قانون العقوبات، ومحكمة أول درجة قضت بالحبس مع الشغل لمدة
ثلاث سنوات.
ومن حيث إن واقعة الدعوى
- حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق - تتحصل في أن المتهمين الأول والثاني
اعتادا قص شعرهما في أحد صالونات الحلاقة بواسطة عامل انتقل فيما بعد للعمل بصالون
المتهم الثالث (المستأنف) فتتبعه المتهمان المذكوران الى هناك وتعرفا نتيجة لذلك
بالمتهم الثالث وبباقي عمال محله، وكان كل من المتهمين الأول والثاني ينتحل اسما
غير اسمه الصحيح كما كان يدعيان على خلاف الحقيقة - أن الأول مهندس بالإسكان وأن الثاني
ضابط أمن بذات الجهة - وبعد ترددهما على المحل عدة مرات ادعى المتهم الأول
للمستأنف ولعمال محله..... و...... و..... و..... و....... و....... أن بإمكانه
الحصول لهم على شقق وحوانيت بمشروع الاسكان الشعبي بدائرة قسم عين شمس بشرط أن
يدفعوا له المبالغ التي حددها لكل منهم مدعيا بأنها مقابل تسهيل تلك العملية
فسلموه المبالغ المطلوبة وكان ذلك قبل نحو عام ونصف من يوم......، وبعد أن أشاع
المتهم الأول قدرته على حل أزمة الاسكان وهو ما أكده شقيقه المتهم الثاني اتخذ من
محل المستأنف مقرا له، وتوافد عليه جيران المحل كل يسعى للحصول على شقة أو حانوت
حيث حضر اليه المجنى عليهم.... و..... و...... و..... و...... و....... و......
و........ و...... و........ وتسلم من كل منهم المبلغ الذى حدده له، كما أنه كلف
المستأنف بأن يتولى اخطاره بالراغبين في الحصول على وحدات سكنية أو حوانيت وتحصيل
المبالغ التي حددها لكل وحده، ونفاذا لذلك تسلم المستأنف مبالغ من كل من المجنى
عليهم...... و...... و....... و..... و....... و.... و.... و....... و..... و.....
وسلمها الى المتهم الأول الذى تقابل فيما بعد مع بعض هؤلاء وطمأنهم على قرب ميعاد
استلام وحداتهم. واذ أخل المتهم الأول بوعده في احضار عقود تخصيص الوحدات للمجنى
عليهم فقد اجتمع بعضهم في يوم 20/ 3/ 1981 بالمستأنف الذى أخبرهم بما ظهر له من أن
المتهم الأول خدعهم وعلم بعضهم بأن المتهم الأول ينوى مغادرة البلاد في اليوم التالي
مع شقيقه المتهم الثاني فاستدرجوهما الى مسكن المستأنف وطلبوا منهما تحرير سندات
بالمبالغ المدفوعة فرفضا ذلك وحدثت مشادة بين الطرفين حضرت على أثرها الشرطة.
وحيث إن الدليل قبل
المتهم الثالث (المستأنف) ينحصر فيما قرره بعض المجنى عليهم من أنه تسلم منهم
مبالغ لتسليمها الى المتهم الأول مقابل الحصول لهم على وحدات سكنية وحوانيت وهو
أمر لم ينكره المستأنف الذى قام دفاعه في التحقيقات على أنه وقع وعمال محله ضحية
للمتهمين الاخرين وأنه هو نفسه سلم المتهم الأول مبلغ 2300جنيه مقابل تسهيل حصوله
على ثلاث وحدات سكنية وثلاثة حوانيت وبرر استلامه مبالغ من بعض المجنى عليهم
وتسليمها الى المتهم الأول برغبته في اسداء المعونة لجيرانه. لما كان ذلك وكان من
المقرر في جريمة النصب أنه لا تصح إدانة الوسيط الا اذا كانت الجريمة قد وقعت
نتيجة تواطؤ وتدبير سابق بينه وبين الفاعل ولا يكفى لتأثيم مسلك الوسيط أن يكون قد
أيد الفاعل فيما زعمه اذا كان هو في الحقيقة يجهل الواقع من أمره أو يعتقد بحسن
نية بصدق الفاعل. ولما كان المجنى عليهم من عمال محل المستأنف قد شهدوا بأنهم
واياه كانوا يعتقدون بحسن نية بأن المتهم الأول مهندس بالإسكان وبأن شقيقه المتهم الثاني
ضابط أمن بالجهة ذاتها وبأن في مقدروهما الحصول لهم بالفعل على وحدات سكنية
وحوانيت وكانت المحكمة تثق في صحة هذه الأقوال التي يؤكدوها ما ثبت من أنه لما أخل
المتهم الأول بوعده في احضار مستندات تخصيص الوحدات للمجنى عليهم بادر المستأنف بإخبارهم
بما اكتشفه من خداع المتهم المذكور لهم وطلب منهم استدراجه الى مسكنه للحصول منه
على اقرارات بالمبالغ التي تسلمها منهم. واذ كانت المحكمة تخلص من ذلك الى توافر
حسن النية لدى المستأنف..... فان جريمة النصب المسندة اليه تكون غير متوافرة
الاركان في حقه فيتعين الغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من ادانة المتهم المذكور
والقضاء ببراءته مما اسند اليه عملا بنص المادة 304/ 1 من قانون الاجراءات
الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق