جلسة 9 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومجدي منتصر ومصطفى
كامل نواب رئيس المحكمة.
--------------------
(156)
الطعن رقم 1280 لسنة 61 القضائية
(1)نقض "التقرير بالطعن وتقديم الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2)إثبات
"بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم موضوعي.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
(3)إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
للمحكمة أن تكون عقيدتها مما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى. لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض
"أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعريف الشاهد والشهادة؟
حق محكمة الموضوع في الاعتماد في القضاء بالإدانة على أقوال المجني
عليه دون حلف يمين. وصف الحكم هذه الأقوال بأنها شهادة. لا يعيبه.
(5)إثبات
"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الاعتماد في قضائها على أقوال شاهد سمع على سبيل
الاستدلال. مفاد ذلك؟
(6)سرقة
"سرقة بإكراه". إكراه. سلاح. ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض. أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يشترط في توافر السرقة بالتهديد باستعمال السلاح أن يكون سابقاً
أو مقارناً لفعل الاختلاس. كفاية أن يكون ذلك ولو أعقب فعل الاختلاس. شرط ذلك؟
(7) سرقة "سرقة بإكراه". سلاح. جريمة.
مسئولية جنائية. فاعل أصلي. شريك. إثبات "بوجه عام". إكراه. حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر ومعهما آخرين اتفقوا على
السرقة ليلاً من مسكن المجني عليه بواسطة الكسر وكان أحدهم يحمل سلاحاً أطلق منه
بعض الأعيرة. كاف في بيان ظرف التهديد باستعمال السلاح وحمله وتعدد الجناة.
حمل السلاح في السرقة مثل ظرف الإكراه: ظروف مادية عينية متصلة
بالفعل الإجرامي يسري حكمها على كل من أسهم في الجريمة. فاعلاً أو شريكاً ولو لم
يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الباقين.
ظرف التعدد المنصوص عليه في المادة 316 عقوبات. تحققه إذا وقعت
الجريمة من شخصين فأكثر.
(8)إثبات
"اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". بطلان. محضر
الجلسة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها".
الدفع بحصول الاعتراف نتيجة إكراه. لا يقبل لأول مرة أمام محكمة
النقض. علة ذلك؟
(9) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
------------------
1 - لما كان المحكوم عليه الثاني...... وإن
قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه
القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن
حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل
متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك
الأدلة، واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم
آخر، كما أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح
ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام
يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله، وغير صادق في شطر منها،
وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها، فلا يعيبه من بعد - أن يقضي
ببراءة متهمين آخرين استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وباقي أدلة
الإثبات في حقهما للأسباب التي أوردها.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن
وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره
التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشهود - على
فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً
لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة
معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن
ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع
في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط
معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
4 - من المقرر أنه وإن كانت الشهادة لا
تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين، إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال
التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء
وعاينه والشهادة اسم المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً - وقد اعتبر القانون -
في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداًًً بمجرد دعوته لأداء
الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فلا يعيب الحكم
وصف أقوال المجني عليه...... والخفير...... اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك
- بأنها شهادة.
5 - من المقرر أنه من حق محكمة
الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير
حلف اليمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال، وكانت
المحكمة قد اطمأنت لأقوال المجني عليه والخفير سالف الذكر التي أدياها بالتحقيقات
بغير حلف يمين - بفرض حصوله، فإنه لا يقبل من الطاعن مصادرة المحكمة في عقيدتها.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن
بجريمة السرقة من منزل مسكون بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق
التهديد باستعمال هذا السلاح - وليس بطريق الإكراه كما يدعي الطاعن بأسباب الطعن -
وكان لا يشترط لتوافر طرق التهديد باستعمال السلاح الذي تتوافر به جريمة السرقة
بالتهديد باستعمال السلاح آنفة الذكر أن يكون التهديد باستعمال السلاح سابقاً أو
مقارناًً لفعل الاختلاس، بل يكفي أن يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان
مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس.
7 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون
فيه أنه أثبت اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الآخر ومعهما آخرين على سرقة ماشية
المجني عليه من مسكنه وأنهم ارتكبوا جريمتهم ليلاً بواسطة الكسر وكان ثانيهما يحمل
بندقية أطلق منها بعض الأعيرة عقب إتمام السرقة للفرار بالمسروقات، فإنه يكون قد
بين ظرف التهديد باستعمال السلاح والرابطة بينه وبين فعل السرقة وكذا توافر ظرف
حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرفي
الإكراه والتهديد باستعمال السلاح هي من الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل
الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف الجريمة أو أسهم فيها فاعلاًً كان أو شريكاً
ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان وقوعهما من بعضهم دون الآخرين، كما أنه يكفي
لتوافر تعدد الجناة المنصوص عليه في المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من
شخصين فأكثر، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر
أركان الجريمة التي دانه الحكم بها وعدم ضبط ثمة أسلحة معه لا يكون لا محل.
8 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه أو
تهديد ولو يطلب منها عرضه على جهة فنية أو طبيب للتأكد من خلوه من الإصابات حتى
تطمئن إلى اعترافه، فإنه فضلاً عن أنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، فليس له أن ينعى
على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها أو
إجراء تحقيق سكت هو عن المطالبة به.
9 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك
أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين قضي
ببراءتهما: المتهمون جميعاً. سرقوا الماشية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات
والمملوكة ..... وكان ذلك من منزله بأن تسور المتهم الثاني "طاعن" جدار
ذلك المسكن ومعه سلاحاً نارياً ظاهراً "فرد" بينما وقف الباقين بالطريق
للمراقبة وشد أزره حال استيلائه على المسروقات ثم أطلق المتهم الثاني عيارين
ناريين بقصد التهديد للفرار بالمسروقات وتمت السرقة على النحو السابق. المتهم الثاني:
1 - أحرز بغير ترخيص من وزارة الداخلية سلاحاً نارياً غير مششخن "فرد".
2 - أحرز ذخائر "طلقتان" مما تستعمل في السلاح الناري آنف البيان دون أن
يكون مرخصاً له بحيازة وإحراز، وأحالتهم إلى محكمة جنايات بني سويف لمحاكمتهما
طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً
بالمواد 313 عقوبات 1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل
بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع
تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الأول والثاني "طاعنين"
بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة للأول وبالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات للثاني
عما نسب إليهما والمصادرة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
حيث إن المحكوم عليه الثاني..... وإن قرر بالطعن
بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم
قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة
السرقة ليلاً من منزل مسكون بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق التهديد
باستعمال هذا السلاح قد شابه التناقض والفساد في الاستدلال واعتراه القصور في
التسبيب والإخلال بحق الدفاع والبطلان ذلك بأنه عول في إدانته على ذات أدلة الثبوت
التي لم يعمل أثرها في حق المتهمين الثالث والرابع الذين قضي ببراءتهما من ذات
التهمة المسندة إلى الطاعن، وتساند إلى أقوال المتهمين المذكورين مع أنها بما
تضمنته لا تصلح دليلاً على التهمة وعول على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وعلى
أقوال المجني عليه...... والخفير...... حال أنهما لم يحلفا اليمين القانونية قبل
سؤالهما بالتحقيقات، كما أخذ بتحريات المباحث رغم عدم جديتها ولم يرد بهما إذا كان
مطلق الأعيرة النارية من المتهمين أو الأهالي، وأنه لم يتم ضبط سلاح مع الطاعن وقت
وقوع الجريمة هذا إلى أن الحكم لم يستظهر الظروف المشددة المتعلقة بالإكراه
والتعدد وحمل السلاح وقد أخذ الطاعن باعترافه بالرغم من أنه كان وليد إكراه مما
كان يتعين معه على المحكمة عرض الطاعن إلى خبير فني لإثبات ما به من إصابات أشار
إليها الدفاع حتى تطمئن إلى الاعتراف المعزو إليه إلا أنها لم تفعل وأغفلت دفعه في
هذا الشأن إيراداً له ورداً عليه، وفضلاً عن ذلك فقد خلا محضر الجلسة من بيان ما
إذا كان المحامي الذي انتدب للدفاع عن الطاعن قد ترافع عنه وحده أم عن باقي المتهمين
الذين قضي ببراءتهم أيضاً، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
كافية مستمدة من أقوال المجني عليه....... و....... واعتراف المتهم الأول وما جاء
بتحريات الشرطة وما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط ومعاينة النيابة العامة، وهي
أدلة سائغة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي
إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم
هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها تلك الأدلة،
واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم آخر،
كما أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما
لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام
يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله، وغير صادق في شطر منها،
وما دام تقدير الدليل موكلاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
أفصح عن اطمئنانه للأدلة التي دان الطاعن على مقتضاها، فلا يعيبه من بعد - أن يقضي
ببراءة متهمين آخرين استناداً إلى عدم اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وباقي أدلة
الإثبات في حقهما للأسباب التي أوردها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في
غير محله لما كان ذلك وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها
شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات
مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن
إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها
الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب
الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما
هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين
عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما
دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الأدلة
القائمة في الدعوى وفي سلطتها في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا
يجوز إثارته لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كانت الشهادة
لا تتكامل عناصرها قانوناً إلا بحلف الشاهد اليمين، إلا أن ذلك لا ينفي عن الأقوال
التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، فالشاهد لغة هو من اطلع على الشيء
وعاينه والشهادة اسم المشاهدة وهي الاطلاع على الشيء عياناً - وقد اعتبر القانون -
في المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية الشخص شاهداًًً بمجرد دعوته لأداء
الشهادة سواء أداها بعد أن يحلف اليمين أو دون أن يحلفها، ومن ثم فلا يعيب الحكم
وصف أقوال المجني عليه..... والخفير....... اللذين لم يحلفا اليمين - بفرض صحة ذلك
- بأنها شهادة وإذ كان من حق محكمة الموضوع أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال
شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف اليمين إذ مرجع الأمر كله إلى ما تطمئن إليه
من عناصر الاستدلال، وكانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال المجني عليه والخفير سالف
الذكر التي أدياها بالتحقيقات بغير حلف يمين - بفرض حصوله، فإنه لا يقبل من الطاعن
مصادرة المحكمة في عقيدتها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه
أنه لم يعول في قضائه بالإدانة على أقوال المتهمين الثالث والرابع خلافاً لما
يزعمه الطاعن بأسباب طعنه، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة السرقة من منزل مسكون
بواسطة الكسر مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وبطريق التهديد باستعمال هذا السلاح - وليس
بطريق الإكراه كما يدعي الطاعن بأسباب الطعن - وكان لا يشترط لتوافر طرق التهديد
باستعمال السلاح الذي تتوافر به جريمة السرقة بالتهديد باستعمال السلاح آنفة الذكر
أن يكون التهديد باستعمال السلاح سابقاً أو مقارناًً لفعل الاختلاس، بل يكفي أن
يكون كذلك ولو أعقب فعل الاختلاس، متى كان مباشرة وكان الغرض منه النجاة بالشيء
المختلس، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت اتفاق الطاعن والمحكوم
عليه الآخر ومعهما آخرين على سرقة ماشية المجني عليه من مسكنه وأنهم ارتكبوا
جريمتهم ليلاً بواسطة الكسر وكان ثانيهما يحمل بندقية أطلق منها بعض الأعيرة عقب
إتمام السرقة للفرار بالمسروقات، فإنه يكون قد بين ظرف التهديد باستعمال السلاح
والرابطة بينه وبين فعل السرقة وكذا توافر ظرف حمل السلاح وتعدد الجناة - لما هو
مقرر من أن حمل السلاح في السرقة مثل ظرفي الإكراه والتهديد باستعمال السلاح هي من
الظروف المادية العينية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمها على كل من قارف
الجريمة أو أسهم فيها فاعلاًً كان أو شريكاً ولو لم يعلم بهذين الظرفين ولو كان
وقوعهما من بعضهم دون الآخرين، كما أنه يكفي لتوافر تعدد الجناة المنصوص عليه في
المادة 316 من قانون العقوبات أن تقع السرقة من شخصين فأكثر، لما كان ذلك، فإن ما
يثيره الطاعن من قالة القصور في بيان توافر أركان الجريمة التي دانه الحكم بها
وعدم ضبط ثمة أسلحة معه لا يكون لا محل. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر
جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن اعترافه كان وليد إكراه
أو تهديد ولو يطلب منها عرضه على جهة فنية أو طبيب للتأكد من خلوه من الإصابات حتى
تطمئن إلى اعترافه، فإنه فضلاً عن أنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة
النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، فليس له أن ينعى
على المحكمة الإخلال بحقه في الدفاع قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها أو
إجراء تحقيق سكت هو عن المطالبة به، وإذ كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل
الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها
وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك
أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات
الحكم المطعون فيه ومحضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدوره أن المحكمة انتدبت
محامياً للدفاع عن المتهم الأول - الطاعن - دون غيره من باقي المتهمين، فإن منعاه
في هذا الشأن يكون غير صحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق