جلسة 17 من نوفمبر سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/
حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، عابد راشد
نائبي رئيس المحكمة، النجار توفيق وأحمد صلاح.
-----------------
(167)
الطعن رقم 3040 لسنة 63
القضائية
(1)استيقاف.
قبض. تفتيش "التفتيش بغير إذن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل".
الاستيقاف. إجراء يقوم به
رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها. مناط توافره؟
الفصل في قيام المبرر
للاستيقاف أو تخلفه. موضوعي. ما دام سائغاًً.
(2)تلبس. قبض. تفتيش "تفتيش بغير إذن". مأمورو الضبط القضائي
"سلطاتهم".
التلبس صفة تلازم
الجريمة. لا شخص مرتكبها. توافره يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم
الحاضر وتفتيشه. أساس ذلك؟
تقدير توافر حالة التلبس
أو عدم توافرها. لرجل الضبط بداءة. تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل
على وقوع جريمة متلبساً بها.
(3)مأمورو الضبط القضائي. إثبات "خبرة". استدلالات. نيابة
عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل
منها".
لمأمور الضبط القضائي
الاستعانة بأهل الخبرة بغير حلف يمين. المادة 29 إجراءات.
اتخاذ مأمور الضبط
القضائي المخول بالتفتيش لإجراءات غسيل معدة المتهم بمعرفة طبيب المستشفى. مجرد
تعرض للمتهم يبيحه التفتيش ذاته.
مشاهدة الضابط للمتهم
أثناء ابتلاعه المخدر. يوفر حالة التلبس.
قيام الطبيب بإخراج
المخدر من الموضع الذي أخفاه فيه المتهم. لا يؤثر على سلامة الإجراءات. علته: أن
عمل الطبيب في هذه الحالة من أعمال الخبرة.
حضور عضو النيابة أثناء
مباشرة الخبير لمهمته. غير لازم. المادة 85 إجراءات مثال لتسبيب سائغ لإطراح الحكم
الدفع ببطلان إجراءات أخذ عينة من معدة المتهم لضبط مادة مخدرة.
(4)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة
لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود
وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد.
مفاده؟
(6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما
لا يقبل منها".
للمحكمة الإعراض عن قالة
شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
الجدل الموضوعي في تقدير
الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
2 - من المقرر أن التلبس على ما يبين من نص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاً للمادتين 34، 46 من هذا القانون - أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في منطق سليم ما انتاب رجل الضبط من ريب وظن بشأن تصرف الطاعن إذ قاد سيارة تتردد على ديوان المركز ولتعدد حالات السرقة وما ظهر عليه من ارتباك فإن مثل هذه الأمارات تبيح استيقاف الطاعن ومنعه من السير بالسيارة قيادته والكشف عن حقيقة هذا الوضع كما يحق له القبض عليه بعد كشفه للمخدر عند إخراجه للتراخيص من ملابسه وابتلاعه له وإقراره بأنه كذلك وهي جريمة في حالة التلبس، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد تعرض للدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة وأطرحه في قوله "وحيث إنه يجوز لمأموري الضبط القضائي الاستعانة بالخبراء في مرحلة جمع الاستدلالات ومن ثم فإن استعانة مأمور الضبط القضائي بالطبيب لأخذ عينة من رجوع معدة المتهم يكون قد تم بإجراءات صحيحة ومن مختص به ويكون الدفع غير سديد". لما كان ذلك، وكانت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين - كما أن ما يتخذه مأمور الضبط القضائي المخول حق التفتيش من إجراءات لغسيل معدة المتهم بمعرفة طبيب المستشفى لا يعدو أن يكون تعرضاً للمتهم بالقدر الذي يبيحه التفتيش ذاته، وتوافر حالة التلبس في حقه بمشاهدة الضابط له وهو يبتلع المخدر مقراً له بذلك خشية ضبطه مما لا يقتضي استئذان النيابة في إجرائه. كما أن قيام الطبيب في المستشفى بإخراج المخدر من الموضع الذي أخفاه فيه المتهم لا تأثير له على سلامة الإجراءات ذلك أن قيامه بهذا الإجراء إنما يجري بوصفه خبيراً ولا يلزم في القانون أن يكون الخبير من رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله في مكان معين أو تحت إشراف أحد. ومن ثم فإنه غير لازم طبقاً لمؤدى نص الفقرة الثانية من المادة رقم 85 من قانون الإجراءات الجنائية حضور عضو النيابة أثناء مباشرة الخبير لمهمته ما دام أن الأمر اقتضى إثباتاً للحالة القيام بفحوص وتجارب فنية. ومن ثم، فإن المحكمة في طرحها لذلك الدفع تأسيساً على صحة إجراءات أخذ العينة تكون قد طبقت صحيح القانون ويكون النعي على حكمها في هذا الخصوص غير سديد.
4 - حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. ومتى أخذت بأقوال الشاهد، فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات - الضابط - وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال
المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و37/ 1
من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من
القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع
إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه
عشرة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر (الحشيش) بقصد التعاطي قد شابه
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق
القانون، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس تأسيساً
على انتفاء مبررات استيقافه وعلى أن ارتباكه لا يبرر القبض عليه إلا أن الحكم رد
على ذلك بما لا يسوغ. ودفع ببطلان إجراءات أخذ العينة من غسيل معدة الطاعن بحسبان
أنها مما تختص به سلطة التحقيق وحدها وأنها اتخذت في غيبتها بيد أن الحكم رد على
ذلك بما لا يصلح رداً. وأغفل الحكم الرد على دفاعه القائم على أنه تناول مهدئاً
إثر القبض عليه وأيده في ذلك شاهده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن ضابط الواقعة استوقف السيارة قيادة الطاعن
لترددها على المركز ولتعدد حوادث السرقة وطلب منه تراخيص السيارة فبدت عليه علامات
الارتباك وأثناء إخراجه لها من جيب "بنطاله" أخرج قطعة من مادة تشبه
الحشيش وابتلعها وبمواجهة الضابط له بذلك أقر بأنها لمخدر الحشيش وأنه ابتلعها
خشية ضبطه، فأحاله الضابط للمستشفى لعمل غسيل لمعدته وتم أخذ عينة منه وثبت
بالتحليل الكيماوي إنها تحتوي على آثار لجوهر الحشيش. وقد أقام الحكم الأدلة على
صحة الواقعة ونسبتها إلى الطاعن من أقوال الضابط وخطاب المستشفى وتقرير المعمل
الكيماوي. ثم تعرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام حالة التلبس فهو غير سديد، ذلك لأن مأمور
الضبط القضائي النقيب...... شاهد المخدر في يد المتهم بعد أن أخرجه من جيبه وقبل
أن يضعه في فمه". وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم صحيح في القانون ذلك بأن
الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف
مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع
الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن، وكان هذا الوضع ينبئ عن
ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من
قانون الإجراءات الجنائية - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - والفصل في قيام
المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب
ما دام لاستنتاجه ما يسوغه. كما أن التلبس على ما يبين من نص المادة 30 من قانون
الإجراءات الجنائية صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وأن حالة التلبس
بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي - طبقاً للمادتين 34 و46 من هذا القانون - أن
يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه، وتقدير توافر
حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل
الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة
الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت
إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها، ولما كان الحكم
المطعون فيه قد استخلص في منطق سليم ما انتاب رجل الضبط من ريب وظن بشأن تصرف
الطاعن إذ قاد سيارة تتردد على ديوان المركز، ولتعدد حالات السرقة وما ظهر عليه من
ارتباك، فإن مثل هذه الأمارات تبيح استيقاف الطاعن ومنعه من السير بالسيارة قيادته
والكشف عن حقيقة هذا الوضع، كما يحق له القبض عليه بعد كشفه للمخدر عند إخراجه
للتراخيص من ملابسه وابتلاعه له وإقراره كذلك، وهي جريمة في حالة التلبس. ومن ثم،
فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير
محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تعرض للدفع ببطلان إجراءات أخذ
العينة وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إجراءات أخذ العينة فإنه من
المقرر طبقاً للمادة 29 الإجراءات الجنائية أنه يجوز لمأموري الضبط القضائي
الاستعانة بالخبراء في مرحلة جمع الاستدلالات. ومن ثم، فإن استعانة مأمور الضبط
القضائي بالطبيب لأخذ عينة من رجوع معدة المتهم قد تم بإجراءات صحيحة ومن مختص به
ويكون الدفع غير سديد". لما كان ذلك، وكانت المادة 29 من قانون الإجراءات
الجنائية تجيز لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل
الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين - كما أن ما يتخذه
مأمور الضبط القضائي المخول حق التفتيش من إجراءات لغسيل معدة المتهم بمعرفة طبيب
المستشفى لا يعدو أن يكون تعرضا للمتهم بالقدر الذي يبيحه التفتيش ذاته، وتوافر
حالة التلبس في حقه بمشاهدة الضابط له وهو يبتلع المخدر مقراً له بذلك خشية ضبطه
مما لا يقتضي استئذان النيابة في إجرائه. كما أن قيام الطبيب في المستشفى بإخراج
المخدر من الموضع الذي أخفاه فيه المتهم لا تأثير له على سلامة الإجراءات ذلك أن
قيامه بهذا الإجراء إنما يجري بوصفه خبيراً ولا يلزم في القانون أن يكون الخبير من
رجال الضبطية القضائية أو أن يباشر عمله في مكان معين أو تحت إشراف أحد. ومن ثم،
فإنه غير لازم طبقاً لمؤدى نص الفقرة الثانية من المادة رقم 85 من قانون الإجراءات
الجنائية حضور عضو النيابة أثناء مباشرة الخبير لمهمته ما دام أن الأمر اقتضى
إثباتاً للحالة القيام بفحوص وتجارب فنية. ومن ثم فإن المحكمة في طرحها لذلك الدفع
تأسيساً على صحة إجراءات أخذ العينة تكون قد طبقت صحيح القانون، ويكون النعي على
حكمها في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة
التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. ومتى أخذت بأقوال الشاهد،
فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ
بها، كما أن لها أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وكانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات - الضابط - وصحة تصويره للواقعة، فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به
محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق