جلسة الأول من يوليه سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، أنس عمارة وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(107)
الطعن رقم 17628 لسنة 61 القضائية
(1) إثبات. استجواب. دفوع "الدفع ببطلان القبض والاستجواب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم استناد الحكم إلى دليل مستمد من القبض والاستجواب وإقرار الطاعن بمحضر الضبط. ينحسر عنه الالتزام بالرد على بطلانهم.
(2) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها لبعض الوقائع. مفاده: إطراحها لها.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إغفال وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة. غير مقبول.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإقرار الصادر من المجني عليها بعدم صحة الواقعة. قول جديد. حق المحكمة في تقديره وإطراحها له ما دامت قد أبدت عدم اطمئنانها إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها والنتيجة التي انتهت إليها.
(7) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(8) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق والإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن.
مثال.
(9) نيابة عامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ النيابة في تحديد تاريخ الواقعة. لا يعيب الحكم. ما دام أن هذا الخطأ لا يتصل بحكم القانون.
(10) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تأثير في تناقض الشهود في تحديد وقت وقوع الجريمة. ما دامت قد اطمأنت المحكمة بالأدلة التي ساقتها إلى صحة وقوعها حسبما قرره شهود الإثبات.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة في الأخذ بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها. لها أن تجزئها وأن تستنبط منها الحقيقة كما كشفت عنها.
(12) دفوع "الدفع ببطلان تحقيقات النيابة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعن بأن أقواله بتحقيقات النيابة نتيجة القبض المدعى ببطلانه. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(13) سرقة. عقوبة "توقيعها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح طبقاً لنص المادة 314 عقوبات هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة.
إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. وجوب ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيها. علة ذلك؟
معاقبة الطاعن بإحدى العقوبتين التخييريتين للجريمة التي دين بها. رغم إفصاح المحكمة عن معاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات. خطأ في القانون.
(14) نقض "الطعن للمرة الثانية" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
نقض الحكم للمرة الثانية دون تحديد جلسة لنظر الموضوع. شرطه؟
مثال.
2 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - لما كان من المقرر - في أصول الاستدلال - أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، فإن إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
4 - لا محل للنعي على الحكم بعدم الرد على الدفع بتلفيق التهمة أو إغفاله الوقائع والمستندات التي ساقها الطاعن تدليلاً على هذا الدفاع وهي تعد من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها.
5 - لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليها ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها وصحة تصويرها للواقعة، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أطرحت الإقرار الصادر من المجني عليها بعدم صحة الواقعة إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منها يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها.
7 - لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق.
8 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن عيب إجراءات التحقيق بالاكتفاء بمناظرة المجني عليها دون وجود كشف طبي إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبته المحقق بتحقيقات النيابة العامة من وجود آثار جروح باليد اليمنى للمجني عليها بعد مناظرته لها وتقريرها أن الطاعن تمكن من سرقتها بعد أن هددها بمطواة وأحدث إصابتها فهذا حسبه ليستقيم قضاؤه وتدليله على ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح، ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
9 - من المقرر أن خطأ النيابة في تحديد تاريخ الواقعة. لا يعيب الحكم. ما دام هذا الخطأ لا يتصل بحكم القانون فيها.
10 - تناقض الشهود في تحديد وقت وقوع الواقعة لا تأثير له في ثبوتها ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى صحة وقوعها حسبما قرره شهود الإثبات، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
11 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تجزئها وأن تستنبط منها الحقيقة كما كشفت عنها.
12 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أن أقواله بتحقيقات النيابة العامة قد صدرت منه نتيجة القبض المدعى ببطلانه فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
13 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح طبقاً لنص المادة 314 من قانون العقوبات التي دين الطاعن بموجبها هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يتعين على محكمة الموضوع إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها في الجريمة محل الاتهام مما كان يجيز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة السرقة بالإكراه الذي يترك أثر جروح رغم معاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
14 - لما كان الطعن للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت، غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه آنفاً أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى مما يتعين معه تصحيح الحكم باستبدال عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بعقوبة الأشغال الشاقة المقضى بها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة...... أولاً: سرق وآخر سبق الحكم عليه المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن اعتدى عليها المتهم الآخر بالضرب "بمطواة" والذي ترك أثر لجروح وذلك لشل مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض.
وأحالته إلى محكمة جنايات....... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات.... للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بدائرة أخرى قضت حضورياً عملاً بالمادة 314/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن الأستاذ....... المحامي في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"..... إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السرقة بإكراه وإحراز سلاح أبيض قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه وببطلان استجوابه بمعرفة ضابط الشرطة، وببطلان إقراره بمحضر الضبط لكونه وليد قبض باطل، كما دفع بتلفيق الاتهام وكيديته وقدم من المستندات ما يؤيد صحة هذا الدفع، ويدل على سوء سلوك المجني عليها مما لا يصح معه التعويل على أقوالها غير أن الحكم أغفل دفاعه إيراداً ورداً، وأطرح الإقرار الكتابي الموثق والذي تقر فيه المجني عليها بعدم صحة الواقعة، وعول في إثبات إصابة المجني عليها بجروح على ما أثبت بتحقيقات النيابة العامة عند مناظرتها لها دون وجود تقرير طبي يستدل منه على أن هذه الإصابة تحدث من المطواة المضبوطة في تاريخ معاصر للواقعة هذا وقد أخطأت النيابة في تحديد تاريخ الواقعة في وصف التهمة كما تناقض الشهود في تحديد هذا البيان، وأخيراً فقد عول الحكم على ما أسماه إقراراً من الطاعن بتحقيقات النيابة العامة رغم أنه لم يعترف فيه بالسرقة فضلاً عن كونه وليد القبض الباطل، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي السرقة بإكراه وإحراز سلاح أبيض اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما قرره الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يمارى الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه إلى دليل مستمد من القبض أو الاستجواب المدعى ببطلانهما كما لم يستند إلى إقرار الطاعن بمحضر الضبط بل عَوّل على أقواله بتحقيقات النيابة العامة وهي دليل مستقل عن الإجراءات المدعى ببطلانها ولم يشر الطاعن في مرافعته أمام محكمة الموضوع إلى تأثره بأي من هذه الإجراءات، ومن ثم فقد انحسر عن الحكم الالتزام بالرد على ما أثاره الطاعن من دفاع في هذا الشأن ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن المقرر - كذلك - في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم بعدم الرد على الدفع بتلفيق التهمة أو إغفاله الوقائع والمستندات التي ساقها الطاعن تدليلاً على هذا الدفاع وهي تعد من بعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليها ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها وصحة تصويرها للواقعة، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أطرحت الإقرار الصادر من المجني عليها بعدم صحة الواقعة إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منها يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، ومن المقرر كذلك أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن عيب إجراءات التحقيق بالاكتفاء بمناظرة المجني عليها دون وجود كشف طبي إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبته المحقق بتحقيقات النيابة العامة من وجود آثار جروح باليد اليمنى للمجني عليها بعد مناظرته لها وتقريرها أن الطاعن تمكن من سرقتها بعد أن هددها بمطواة وأحدث إصابتها، فهذا حسبه ليستقيم قضاؤه وتدليله على ثبوت مقارفة الطاعن لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ولا يعدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون تعييباً للتحقيق والإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان خطأ النيابة في تحديد تاريخ الواقعة لا يعيب الحكم ما دام هذا الخطأ لا يتصل بحكم القانون فيها. كما أن تناقض الشهود في تحديد وقت وقوعها لا تأثير له في ثبوتها ما دامت قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى صحة وقوعها حسبما قرره شهود الإثبات، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تجزئها وأن تستنبط منها الحقيقة كما كشفت عنها. ومن ثم فلا ضير على المحكمة إن هي عولت على أقوال الطاعن بتحقيقات النيابة لما استظهرته من دلالتها على إقراره بالمساهمة في الجريمة المسندة إليه وتضمنت من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أن أقواله بتحقيقات النيابة العامة قد صدرت منه نتيجة القبض المدعى ببطلانه فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مستوجباً الرفض. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح طبقاً لنص المادة 314 من قانون العقوبات التي دين الطاعن بموجبها هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن بالمادة 17 من قانون العقوبات وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يتعين على محكمة الموضوع إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 المشار إليها إلا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها في الجريمة محل الاتهام مما كان يجيز للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلى الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة السرقة بالإكراه الذي يترك أثر جروح رغم معاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الطعن للمرة الثانية وكانت المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تنص على أنه إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحال إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت، غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه آنفاً أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون دون تحديد جلسة لنظر الموضوع ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى مما يتعين معه تصحيح الحكم باستبدال عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بعقوبة الأشغال الشاقة المقضى بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق