برئاسة السيد القاضي/ حسن حسن منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى أحمد عبيد، صالح محمد العيسوي، محمد عبد الراضي عياد وعبد الفتاح أحمد أبو زيد نواب رئيس المحكمة.
--------------
(110)
الطعن 774 لسنة 70 ق " أحوال شخصية".
(1) قانون "تطبيق القانون: في جواز الطعن في الحكم".
الأحكام. خضوعها من حيث جواز الطعن عليها أو عدم جوازها للقانون الساري وقت صدورها. م1 مرافعات.
(2) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: الدعاوى التي أقيمت قبل العمل بالقانون 1 لسنة 2000.
الدعاوى التي أقيمت قبل العمل بالقانون 1 لسنة 2000، خضوعها لنصوص القوانين السارية قبل العمل به ولو أدركها هذا القانون. علة ذلك. اتساعها لشمول كافة الإجراءات والقواعد الإجرائية بما فيها القواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام في كافة مراحل الدعوى. م2 من القانون سالف الذكر.
(3 ، 4) دستور "عدم دستورية: الدفع بعدم الدستورية" "اختصاص المحكمة الدستورية العليا".
(3) المحكمة الدستورية. اختصاصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح.
(4) الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. غير متعلق بالنظام العام. أثره. شرطه.
(5) أحوال شخصية "مسائل متنوعة: الشريعة الإسلامية في مسائل الأحوال الشخصية".
الشريعة الإسلامية. وجوب تطبيقها في مسائل الأحوال الشخصية. صدور الأحكام فيها وفقأً للراجح من مذهب أبى حنيفة. الاستثناء. الأحوال التي وردت بشأنها قوانين خاصة. م280 لائحة شرعية.
(6) أحوال شخصية "مسائل الولاية على النفس: المسائل المتعلقة بالمسلمين: الخلع: القضاء المختص به".
دعوى التطليق للخلع. خضوعها في إجراءاتها للائحة الشرعية. مؤداه. انطباق الشريعة الغراء بشأن القواعد الموضوعية. مقتضاه. للزوجة حق الطلاق. شرطه.
(7) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: إجراءات التقاضي فيها".
الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف. خضوعها للقواعد الواردة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقوانين المكملة لها. خلوها من قواعد خاصة. أثره. تطبيق قانون المرافعات. علة ذلك. م 5 ق 462 لسنة 1955.
(8) حكم "تسبيب الأحكام: ما لا يعيب تسبيب الحكم: الأسباب الزائدة".
النعي على التقريرات الزائدة التي يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها في قضائه. غير مقبول.
(9) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لإجراءات الدعوى ونظرها والحكم فيها: سلطتها في إعادة الدعوى للمرافعة".
عدم إجابة محكمة الموضوع طلب إعادة الدعوى للمرافعة. لا عيب. علة ذلك.
------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان الأصل أن الأحكام تخضع من حيث جواز الطعن عليها أو عدم جوازه للقانون الساري وقت صدورها طبقاً للمادة الأولى من قانون المرافعات.
2 - النص في المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه "على المحاكم أن تحيل بدون رسوم, ومن تلقاء نفسها, ما يوجد لديها من دعاوى, أصبحت بمقتضى القانون المرافق من اختصاص محاكم أخرى, وذلك بالحالة التي تكون عليها, ..... ولا تسري أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها, أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها, فتبقى خاضعة للنصوص السارية قبل العمل بهذا القانون" مفاده - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن المشرع أورد فيه حكما انتقاليا مؤداه أن الدعاوى التي أقيمت قبل العمل بهذا القانون, تخضع لنصوص القوانين التي كانت سارية وقت إقامتها, ولو أدركها هذا القانون, إذ جاءت عبارة "خاضعة للنصوص السارية قبل العمل بهذا القانون" في صيغة عامة مطلقة, فلا محل لتقييدها أو تخصيصها, بإجراء معين دون آخر, أو بمرحلة من النزاع دون أخرى, ومن ثم فإنها تتسع لتشمل كافة الإجراءات والقواعد الإجرائية, بما فيها القواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام, فتسري في كافة مراحل الدعوى.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحكمة الدستورية هي المختصة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح.
4 - المقرر أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم فإنه لا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وعملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الواجبة التطبيق على الدعوى الماثلة فإنه تصدر الأحكام طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة فيما عدا الأحوال التي وردت بها قوانين خاصة للمحاكم الشرعية تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة وهو ما لا يجوز معه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصاً في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين.
6 - النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية سالفة الذكر على أنه " تختص المحاكم الشرعية الجزئية بالحكم الابتدائي في المنازعات في المواد الآتية ...... الطلاق ، والخلع والمبارأة" وفى المادة 24 من ذات القانون على أنه "ترفع الدعوى أمام المحكمة التي بدائرتها محل إقامة المدعى عليه أو المدعي إذا كانت من الزوجة أو من الأم الحاضنة في المواد الآتية: 1، 2، ......، 8 الطلاق والخلع والمبارأة"، يدل على أن المشرع أورد في هذا القانون رفع دعوى التطليق للخلع أمام جهات القضاء المختصة، وأنه تطبق عليها الإجراءات الواردة في هذه اللائحة، بما مفاده حق الخصوم في استعمال هذه الدعوى، طبقاً للقواعد الموضوعية الواردة في الشريعة الغراء والتي تقرر أن للزوجة حق الطلاق خلعاً إذا افتدت نفسها وردت للزوج ما دفعه لها من صداق وتنازلت عن حقوقها المالية الشرعية قبله لقول الله تعالى "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فيما افتدت به" وما رواه البخاري والنسائي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، فقالت: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة، وأن غالبية رأي الفقهاء على أن الخلع يكون بتراضي الزوجين فإذا لم يتم التراضي بينهما فإن للقاضي إلزام الزوج بالخلع.
7 - النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية على أنه "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها" مفاده أن المشرع قصد تطبيق قانون المرافعات على إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية في غير الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها باعتبار أنها كانت الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه للتعرف على الإجراءات التي تحكم هذه المسائل.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النعي على التقريرات الزائدة التي يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها في قضائه يكون غير مقبول.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة أو التصريح بتقديم مستندات متى كان قدم إليها بعد قفل باب المرافعة في الدعوى، إذ تصبح إجابة هذا الطلب من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة عدم الاستجابة إليها.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعن الدعوى رقم ...... لسنة 1999 كلي أحوال شخصية الزقازيق، بطلب الحكم بتطليقها عليه خلعاً، وقالت بياناً لذلك إنها زوج له، وتبغض الاستمرار في الحياة معه، وتفتدي نفسها برد عاجل الصداق الثابت بوثيقة زواجهما، ومبلغ مائة جنيه عوضاً عن مصاريف عقد الزواج، وبتاريخ 31/7/1999 حكمت المحكمة بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... وبتاريخ 29/8/2000 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة أن الحكم المطعون فيه صادر بالتطليق خلعاً، وهو غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن، عملاً بنص الفقرة الأخيرة من المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان الأصل أن الأحكام تخضع من حيث جواز الطعن عليها أو عدم جوازه للقانون الساري وقت صدورها طبقاً للمادة الأولى من قانون المرافعات، إلا أن النص في المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، على أنه "على المحاكم أن تحيل بدون رسوم، ومن تلقاء نفسها، ما يوجد لديها من دعاوى، أصبحت بمقتضى القانون المرافق من اختصاص محاكم أخرى، وذلك بالحالة التي تكون عليها، ...... ولا تسري أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها، أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم فيها، فتبقى خاضعة للنصوص السارية قبل العمل بهذا القانون، مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع أورد فيه حكماً انتقالياً، مؤداه أن الدعاوى التي أقيمت قبل العمل بهذا القانون، تخضع لنصوص القوانين التي كانت سارية وقت إقامتها، ولو أدركها هذا القانون، إذ جاءت عبارة "خاضعة للنصوص السارية قبل العمل بهذا القانون" في صيغة عامة مطلقة، فلا محل لتقييدها أو تخصيصها بإجراء معين دون آخر، أو بمرحلة من النزاع دون أخرى، ومن ثم فإنها تتسع لتشمل كافة الإجراءات والقواعد الإجرائية، بما فيها القواعد المنظمة لطرق الطعن في الأحكام، فتسري في كافة مراحل الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها بطلب التطليق خلعاً، بصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة الزقازيق الابتدائية بتاريخ 7/3/1999، وحكم فيها ابتدائياً بتاريخ 31/7/1999 في ظل العمل بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية، الذي كان يجيز الطعن في الأحكام طبقاً للقواعد العامة، ومنها الطعن بطريق النقض، ومن ثم يكون هو القانون الواجب التطبيق على الدعوى من حيث جواز الطعن في الحكم بطريق النقض على الرغم من نفاذ القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية بتاريخ 1/3/2000، وقبل صدور الحكم المطعون فيه بتاريخ 29/8/2000، ويضحى الدفع المبدي من النيابة بعدم جواز الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة قضت بتطليق المطعون ضدها عليه خلعاً فطعن فيه بالاستئناف وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف صدر القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الذي تضمن المادة 20 المنظمة لإجراءات دعوى الخلع، وقد خالفت هذه المادة أحكام القرآن والسنة والإجماع كما خالفت المادتين 2، 40 من الدستور وذلك لإسقاطها حق الزوج في قبول الخلع والرضاء به الأمر الذي يتمسك معه أمام محكمة النقض بعدم دستورية المادة 20 من القانون سالف الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم الصادر بالتطليق خلعاً رغم ذلك، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن القانون الواجب التطبيق على الدعوى الماثلة – وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على الدفع المبدي من النيابة بعدم جواز الطعن – هو المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية وليس القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، فضلا عن ذلك، فإن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المحكمة الدستورية هي المختصة دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، وأن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام، ومن ثم فإنه لا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الاستئناف بعدم دستورية المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 سالف الذكر فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الشرع والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن فقهاء الشريعة الإسلامية اتفقوا على أن الخلع هو عقد رضائي بين الزوجين ركنه الإيجاب من الزوجة والقبول من الزوج إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف ذلك وقضى بتطليق المطعون ضدها عليه خلعاً على سند من أن فريقاً من العلماء قرر بأنه إذا رفض الزوج الخلع ألزمه القاضي وطلق الزوجة عليه وبذلك يكون الحكم الابتدائي قد خالف القرآن والسنة وإجماع الفقهاء، وإذ قضى الحكم المطعون فيه – رغم ذلك – بتأييده، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وعملا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الواجبة التطبيق على الدعوى الماثلة فإنه تصدر الأحكام طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة فيما عدا الأحوال التي وردت بها قوانين خاصة للمحاكم الشرعية تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد ومؤدى ذلك أنه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة وهو ما لا يجوز معه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصاً في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين. لما كان ذلك، وكان النص في المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 – بإصدار لائحة ترتيب المحاكم الشرعية سالفة الذكر – على أنه "تختص المحاكم الشرعية الجزئية بالحكم الابتدائي في المنازعات في المواد الآتية ... الطلاق والخلع والمبارأة" وفي المادة 24 من ذات القانون على أنه" ترفع الدعوى أمام المحكمة التي بدائرتها محل إقامة المدعى عليه أو المدعي إذا كانت من الزوجة أو من الأم الحاضنة في المواد الآتية: 1، 2، ......، 8 الطلاق والخلع والمبارأة"، يدل على أن المشرع أورد في هذا القانون رفع دعوى التطليق للخلع أمام جهات القضاء المختصة، وأنه تطبق عليها الإجراءات الواردة في هذه اللائحة، بما مفاده حق الخصوم في استعمال هذه الدعوى، طبقاً للقواعد الموضوعية الواردة في الشريعة الغراء والتي تقرر أن للزوجة حق الطلاق خلعاً إذا افتدت نفسها وردت للزوج ما دفعه لها من صداق وتنازلت عن حقوقها المالية الشرعية قبله لقول الله تعالى "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فيما افتدت به" وما رواه البخاري والنسائي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، فقالت: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: اقبل الحديقة وطلقها تطليقه، وأن غالبية رأي الفقهاء على أن الخلع يكون بتراضي الزوجين فإذا لم يتم التراضي بينهما فإن للقاضي إلزام الزوج بالخلع. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن خلعاً على ما استخلصه من المستندات المقدمة في الدعوى من أنها تبغض الحياة معه وتفتدي نفسها برد عاجل صداقها الذي أوفاه إياها ومضافاً إليه مبلغ مائة جنيه وتم إيداع المبلغ المعروض على الطاعن خزينة المحكمة لرفضه استلامه وأن دعوى المطعون ضدها جاءت على سند صحيح، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الموضوع بدرجتيها أغفلت عرض الصلح على الطرفين ولم تبعث حكمين لموالاة الصلح بينهما، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بتطليق المطعون ضدها عليه خلعاً دون اتخاذ هذين الإجراءين فإن الحكم الأخير يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية على أنه "تتبع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها" مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المشرع قصد تطبيق قانون المرافعات على إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية في غير الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها باعتبار أنها كانت الأصل الأصيل الذي يجب التزامه ويتعين الرجوع إليه للتعرف على الإجراءات التي تحكم هذه المسائل. لما كان ذلك، وكانت نصوص المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقوانين المكملة لها وقانون المرافعات باعتبارها القوانين واجبة التطبيق على إجراءات هذه الدعوى قد خلت من نص ينظم إجراء عرض الصلح على الخصوم في دعوى التطليق للخلع أو إجراء بعث حكمين فيها فلا على محكمة الموضوع بدرجتيها إن لم تتخذ أياً من هذين الإجراءين في الدعوى الماثلة بما لا يؤثر في سلامة الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أيد الحكم الابتدائي القاضي بتطليق المطعون ضدها عليه وأورد في أسبابه ما يشير إلى الإضرار بها وعدم الإنفاق عليها دون أن يكون ذلك مبرراً لطلب التطليق خلعاً والذي يكون في حالة بغض الزوجة الحياة مع زوجها وخشيتها ألا تقيم معه حدود الله بسبب هذا البغض بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النعي على التقريرات الزائدة التي يستقيم الحكم بدونها ولا أثر لها في قضائه يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة على ما استخلصه من المستندات المقدمة في الدعوى من أن هناك تنافر وشحناء بينهما وباتت المطعون ضدها تبغض الحياة مع الطاعن وتأبى العودة إليه وعرضت عليه مقدم الصداق الذي أوفاه إياها وزادت عليه مبلغ مائة جنيه ولا ينال من ذلك ما أضافه الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن أوراق الدعوى تنطق بالشقاق بين الطرفين ويشتم منها رائحة الأضرار من الزوج لزوجته المتمثل في تقصيره في الإنفاق عليها بعد طردها من مسكن الزوجية بل وصل به الأمر أن طلقها غيابياً طلاقاً رجعياً إذ إنه كان من قبيل التقريرات الزائدة التي يستقيم الحكم المطعون فيه بدونها ولم يكن إيراده لها كصور لإضرار الطاعن بالمطعون ضدها التي تبرر تطليقها عليه، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تقدم إلى محكمة الاستئناف بطلبين لفتح باب المرافعة في الدعوى بتاريخ 29/6/2000، 26/7/2000 للطعن بعدم دستورية المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 ولاتخاذ إجراءات رد السيد المستشار عضو يسار الدائرة التي نطقت – فيما بعد – بالحكم المطعون فيه إلا أنها لم تلتفت إلى هذين الطلبين بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي لم تجب الطلب المقدم إليها بفتح باب المرافعة أو التصريح بتقديم مستندات متى كان قدم إليها بعد قفل باب المرافعة في الدعوى، إذ تصبح إجابة هذا الطلب من الإطلاقات التي لا يعاب على المحكمة عدم الاستجابة إليها. لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد نظرت الاستئناف بجلسة 25/6/2000 وبها حجزته للحكم وحددت للنطق به جلسة 29/8/2000 ولم تصرح للخصمين بتقديم مذكرات أو مستندات خلال ذلك الأجل مما صار معه باب المرافعة في الاستئناف موصوداً منذ تاريخ 25/6/2000، ومن ثم فإنه لا على المحكمة إذ لم تجب الطاعن إلى طلبيه بفتح باب المرافعة في الاستئناف المقدمين بتاريخ 29/6/2000، 26/7/2000 وفضلاً عن ذلك فإنه عملا بنص المادة 152 من قانون المرافعات لا يقبل طلب الرد بعد قفل باب المرافعة في الدعوى، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.