جلسة 31/10/2024
برئاسة السيد المستشار/ مبارك العوض ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ طارق بهنساوي، صلاح الدين أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 926 لسنة 2024)
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. كاف.
- عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شيك. عقوبة "توقيعها". قانون "تطبيقه" "تفسيره". مسؤولية جزائية.
- حكمة المشرع من العقاب على جريمة غلق الحساب؟
- الباعث على الجريمة: لا أثر له على قيام المسئولية الجنائية. مؤدى ذلك؟
- المادة 675/ 1 من قانون المعاملات التجارية. مفادها؟
- وجوب التحرز في تفسير القوانين الجنائية وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
- الانحراف عن عبارة القانون عن طريق التفسير أو التأويل. غير جائز. متى كان واضحاً.
- قضاء الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن لقيامه بإقفال حسابه قبل إصدار الشيك وتقديمه للمسحوب عليه. صحيح. المادة 675/1- ب من قانون المعاملات التجارية.
- المادة 270 من قانون الإجراءات الجزائية. مفادها؟
(3) دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بانتفاء أركان الجريمة".
- الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها ومدنية النزاع. موضوعي. لا يستلزم رداً. اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها بقوله "حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقر في يقين المحكمة ووقر في وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها أن المتهم أصدر للجهة المستفيدة الشيك رقم .... بتاريخ 15/11/2022 بقيمة (270000 درهم)، وبتقديمه للبنك المسحوب عليه تم رده بسبب أن الحساب مغلق". وساق على صحة ثبوتها وإسنادها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من مفردات الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال وكيل المجني عليها بالاستدلالات وصورة الشيك موضوع الدعوى وإفادة البنك المسحوب عليه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون النعي عليه في هذا المنحى ولا محل له.
2- المقرر أن مراد الشارع من العقاب في جريمة غلق الحساب هو حماية الشيك وقبوله في التداول على اعتبار أن الوفاء به كالوفاء بالنقود سواء بسواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره والامتناع عن سداده إذ أنها لا أثر لها في طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها على قيام المسئولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة، ومن ثم فلا عبرة بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره والامتناع عن سداده لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية التي لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذى من أجله أعطى الشيك الذي لا يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة (675) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2022 بإصدار قانون المعاملات التجارية قد جرى نصها على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر ولا تزيد على (2) سنتين، وبالغرامة التي لا تقل عن (%10) من قيمة الشيك وبحد أدنى مبلغ (5.000) خمسة آلاف درهم، ولا تزيد على ضعف قيمة الشيك، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يرتكب أحد الأفعال الآتية-: أ.... ب: أقفل الحساب أو سحب كل الرصيد الموجود فيه أو علم بقفله قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للمسحوب عليه للسحب، أو تسبب عمداً في تجميده ج ...." وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام مع علتها لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب التطبيق وإذ كان البين من نص الفقرة الأولى بند ب من المادة (675) من المرسوم بقانون سالف الذكر أنه جرم في عبارة واضحة لا لبس فيها كل من أقفل الحساب مع العلم بقفله قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للمسحوب عليه للسحب ، فإن ما انتهى إليه الحكم من معاقبة الطاعن استناداً إلى قيامه بإقفال حسابه قبل إصدار الشيك وتقديمه للمسحوب عليه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن قرار هيئة توحيد المبادئ الاتحادية والمحلية في الطلب رقم (1) لسنة 2023م الخاص بمنازعة تنفيذ موضوعية ساوى بين عدم وجود رصيد كاف والذي اسقط التجريم عنه وبين إقفال الحساب ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز القياس على ما انتهى إليه قرار هيئة توحيد المبادئ من المساواة بين عدم وجود رصيد كاف وإقفال الحساب لأن ذلك القرار كان بخصوص إصدار سند تنفيذي في منازعة تنفيذ موضوعية في مسألة تجارية، ولم يكن بخصوص دعوى جزائية، فضلاً عن أنه من المقرر وفق نص المادة (270) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (38) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية من أنه لا يكون للأحكام الصادرة في المواد المدنية حجية أمام المحاكم الجزائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة، وهي في الدعوى الماثلة إقفال الطاعن لحسابه قبل إصدار الشيك وتقديمه للمسحوب عليه، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون قويماً.
3- المقرر أن الدفاع بنفي التهمة وانتفاء أركانها ومدنية النزاع هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــــــــــة
حيث إن الوقائع تتحصل بأن النيابة العامة أسندت للطاعن -: لأنه في 15/11/2022 بدائرة .... أعطى بسوء نية شيكاً لـلمجني عليها / .... بمبلغ (270000) درهم مسحوباً على بنك .... حال كون الحساب مغلق على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبته بالمادة 675 الفقرة الأولى البند ب من قانون المعاملات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022. وبجلسة 18/7/2024 قضت محكمة جنح .... حضورياً بإدانته ومعاقبته عما أسند إليه بالغرامة وقدرها ثلاثون ألف درهم (30000 درهم)، وإلزامه بالرسوم القضائية.
فأستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وبجلسة 24/9/2024 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالرسوم القضائية.
وإذ لم ينل قبولاً لدى المحكوم عليه فطعن عليه بطريق النقض وبتاريخ 22/10/2024 أودع وكيل الطاعنة المحامي/ .... صحيفة بأسباب الطعن بالنقض لدى مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة وسدد الطاعن مبلغ التأمين، وأودعت نيابة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى رفض الطعن، ورأت هذه المحكمة أن الطعن جدير بالنظر.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دانه عن التهمة المسندة إليه دون أن يبين الواقعة وظروفها وأدلتها في بيان واف يتحقق به الغرض من تسبيب الأحكام، ولم يرد بسائغ على دفاعه بانحسار الحماية الجزائية عن الشيك موضوع الدعوى كون إغلاق الحساب يعادل عدم كفاية الرصيد والتي أضحت غير مجرمة وفقاً لقانون المعاملات التجارية وهو ما قضت به هيئة توحيد المبادئ الاتحادية في الطلب رقم 1 لسنة ،2023 وأن الشيك هو شيك ضمان لمعاملة تجارية بينهما، وأعرض عن نفيه للتهمة وانتفاء أركانها ومدنية النزاع، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها بقوله "حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقر في يقين المحكمة ووقر في وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها أن المتهم أصدر للجهة المستفيدة الشيك رقم .... بتاريخ 15/11/2022 بقيمة (270000 درهم)، وبتقديمه للبنك المسحوب عليه تم رده بسبب أن الحساب مغلق". وساق على صحة ثبوتها وإسنادها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من مفردات الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال وكيل المجني عليها بالاستدلالات وصورة الشيك موضوع الدعوى وإفادة البنك المسحوب عليه وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون النعي عليه في هذا المنحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان مراد الشارع من العقاب في جريمة غلق الحساب هو حماية الشيك وقبوله في التداول على اعتبار أن الوفاء به كالوفاء بالنقود سواء بسواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره والامتناع عن سداده إذ أنها لا أثر لها في طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها على قيام المسئولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة، ومن ثم فلا عبرة بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره والامتناع عن سداده لأنها دوافع لا أثر لها على مسئوليته الجنائية التي لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذى من أجله أعطى الشيك الذي لا يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة (675) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (50) لسنة 2022 بإصدار قانون المعاملات التجارية قد جرى نصها على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر ولا تزيد على (2) سنتين، وبالغرامة التي لا تقل عن (%10) من قيمة الشيك وبحد أدنى مبلغ (5.000) خمسة آلاف درهم، ولا تزيد على ضعف قيمة الشيك، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يرتكب أحد الأفعال الآتية-: أ.... ب: أقفل الحساب أو سحب كل الرصيد الموجود فيه أو علم بقفله قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للمسحوب عليه للسحب، أو تسبب عمداً في تجميده ج ...." وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، إذ تدور الأحكام مع علتها لا مع حكمتها، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب التطبيق وإذ كان البين من نص الفقرة الأولى بند ب من المادة (675) من المرسوم بقانون سالف الذكر أنه جرم في عبارة واضحة لا لبس فيها كل من أقفل الحساب مع العلم بقفله قبل إصدار الشيك أو قبل تقديمه للمسحوب عليه للسحب ، فإن ما انتهى إليه الحكم من معاقبة الطاعن استناداً إلى قيامه بإقفال حسابه قبل إصدار الشيك وتقديمه للمسحوب عليه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا ينال من ذلك ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أن قرار هيئة توحيد المبادئ الاتحادية والمحلية في الطلب رقم (1) لسنة 2023م الخاص بمنازعة تنفيذ موضوعية ساوى بين عدم وجود رصيد كاف والذي اسقط التجريم عنه وبين إقفال الحساب ، لما هو مقرر من أنه لا يجوز القياس على ما انتهى إليه قرار هيئة توحيد المبادئ من المساواة بين عدم وجود رصيد كاف وإقفال الحساب لأن ذلك القرار كان بخصوص إصدار سند تنفيذي في منازعة تنفيذ موضوعية في مسألة تجارية، ولم يكن بخصوص دعوى جزائية، فضلاً عن أنه من المقرر وفق نص المادة (270) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (38) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية من أنه لا يكون للأحكام الصادرة في المواد المدنية حجية أمام المحاكم الجزائية فيما يتعلق بوقوع الجريمة، وهي في الدعوى الماثلة إقفال الطاعن لحسابه قبل إصدار الشيك وتقديمه للمسحوب عليه، ومن ثم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان الدفاع بنفي التهمة وانتفاء أركانها ومدنية النزاع هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ