الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 8 مارس 2025

الطعنان 3401 لسنة 31 ق ، 316 لسنة 32 ق جلسة 31 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 15 ص 98

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد المهدي مليحي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

-----------------

(15)

الطعنا رقما 3401 لسنة 31 و316 لسنة 32 القضائية

استثمار مال عربي وأجنبي - بنوك الاستثمار - مدى مشروعية الترخيص لها بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية.
القانون رقم 11 لسنة 1940 بشأن بيع المحال التجارية ورهنها - القانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة وتعديلاته.
سمح المشرع لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة أن تقوم بالعمليات التمويلية الاستثمارية سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية داخل جمهورية مصر العربية - أجاز المشرع لهذه البنوك القيام بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية - استثنى المشروع نشاط هذه البنوك من الخضوع لأحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد - هناك ارتباط وثيق بين عمليات منح التسهيلات الائتمانية التي يقوم بها البنك وبين الضمانات التي يطالب بها - خلو القانون رقم 43 لسنة 1974 من النص الصريح على حق تلك البنوك في قبول الضمانات لا يعني حظر قبوله لها - أساس ذلك: أن قبول الضمانات من مقتضيات نشاط تلك البنوك في المجال المصرفي - القول بغير ذلك يجعل دعوة الشارع لهذه البنوك للإسهام في تمويل المشروعات الاقتصادية في البلاد بلا طائل طالما أن من شأنها تعريض تلك البنوك لمخاطر جسيمة قد تؤذي بأموالها وهو ما يتعارض مع أهداف القانون رقم 43 لسنة 1974 التي ترمي إلى تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد المصري تحقيقاً لأهداف الدولة وخطتها القومية - لم يفرق المشرع بين البنوك المصرية والأجنبية في صدد الترخيص بارتهان المحال التجارية - صدور ترخيص من وزير التجارة لبنوك الاستثمار ببيع المحال التجارية ورهناً جائز قانوناً - لا يجوز لجهة الإدارة إلغاء هذا الترخيص إلا إذا تحققت الأسباب المبررة له وكانت مستمدة من أصول ثابتة بالأوراق - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 3 من أغسطس 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بمقتضى القانون رقم 10/ 1986 نيابة عن السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية والسيد/ وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3401 لسنة 31 القضائية ضد بنك أبو ظبي الوطني عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 4 من يونيه 1985 في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب. وطلب الطاعنان للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بمصاريف وأتعاب هذا الطلب عن درجتي التقاضي.
وفي يوم السبت الموافق 28 من ديسمبر 1985 أودع الأستاذ الدكتور...... المحامي نائباً عن الأستاذ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الممثل القانوني لبنك لويدز انترناشيونال قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 316 لسنة 32 القضائية ضد السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 19 من ديسمبر 1985 في الدعوى رقم 1626 لسنة 39 القضائية القاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إلغاء هذا الحكم، والحكم مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه رقم 173/ 1984 فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق صدوره للبنك الطاعن لمباشرة نشاطه بارتهان وبيع المحلات التجارية طبقاً للقانون رقم 11/ 1940 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته بالمصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأعلن الطعنين قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل منهما فارتأت بالنسبة إلى الطعن الأول الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام البنك المطعون ضده بالمصروفات عن درجتي التقاضي، واقترحت بالنسبة إلى الطعن الثاني الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعن بالمصروفات. وعرض الطعن رقم 3401/ 31 القضائية على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 1/ 12/ 1986 وتداول بالجلسات طبقاً للمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 6/ 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 3/ 10/ 1987، ثم عرض الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 2/ 1986 وتداول بالجلسات طبقاً للثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 6/ 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 3/ 10/ 1987 وفيها عرض الطعنان على المحكمة على الوجه المبين بمحضرها، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات قررت في ذات الجلسة ضم الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية إلى الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وإصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية - ولا عبرة بما أثاره البنك المطعون ضده في تعقيبه على الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية عن قبول الجهة الإدارية للحكم المطعون فيه باستجابتها لسحب القرار المطعون فيه بمقتضى قرارها رقم 426 لسنة 1985 الصادر بعد إيداع تقرير الطعن، وذلك طالما أن الثابت أن هذا القرار قد صدر تنفيذاً للحكم وكأثر مترتب على قضائه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم تبعه القرار الوزاري رقم 470/ 1985 بتعديل القرار الأول ليؤكد هذا المبنى بما ينفي حالة القبول المانع من الطعن في هذا الحكم.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 9/ 12/ 1983 أقام بنك أبو ظبي الوطني الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين والتجارة الداخلية ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم 173 الصادر بالتفويض بتاريخ 30/ 10/ 1984 فيما تضمنه من إلغاء الترخيص لبنك أبو ظبي الوطني بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة من الدرجتين. وجاء في بيان الدعوى أنه بتاريخ 15/ 2/ 1974 صدر قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة رقم 56/ 13 - 4 بالترخيص لبنك أبو ظبي الوطني. بإنشاء فرع له في جمهورية مصر العربية ليباشر نشاطه فيها وفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القانون رقم 43/ 1974 وكان من مقتضى ذلك أن يتمتع فرع البنك في مصر بكافة الحقوق والضمانات المقررة للبنوك في مباشرة نشاطها الاستثماري بما في ذلك تملك العقارات اللازمة لمباشرة هذا النشاط، ولما كان من أهم أنشطة البنك تمويل المشروعات الاستثمارية فضلاً عن تمويل تجارة مصر الخارجية فقد كان ضرورياً أن يكون له الحصول على كافة الضمانات التي تقررها القوانين المصرية ومن بينها ارتهان العقارات رهناً رسمياً وكذلك ارتهان المحلات التجارية الذي نظمه القانون رقم 11 لسنة 1940 والذي صدر لحكم نشاط المشروعات الاقتصادية التي تحتاج إلى ائتمان البنوك فذلك مقرر في التشريع لصالح هذه المشروعات وليس لصالح البنوك والتي لا تمنح الائتمان إلا مقابل ضمانات، واستهداء بهذا الفهم أصدر وزير التجارة الداخلية القرار رقم 706/ 1978 بتاريخ 12/ 5/ 1978 بالترخيص لبنك أبو ظبي الوطني بارتهان المحلات التجارية عملاً بالمادة العاشرة من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها وذلك بعد أن تم الرجوع إلى البنك المركزي المصري والحصول على موافقته. وإزاء ذلك فقد توسع البنك في تمويل العديد من المشروعات الاقتصادية حتى بلغت جملة القروض التي منحها بضمان رهن المحال التجارية أكثر من ثمانية عشر مليوناً من الدولارات الأمريكية واستمر البنك في رسم سياسته الائتمانية على أساس من هذا الترخيص حتى فوجئ في 5/ 11/ 1984 بإخطاره بصدور القرار الوزاري رقم 173 الصادر من وكيل وزارة التموين والتجارة الداخلية بالتفويض بتاريخ 30/ 10/ 1984 بإلغاء القرارات الوزارية الصادرة بالترخيص للمصارف التي تزاول عملها بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها ومن بينها الترخيص الصادر لبنك أبو ظبي الوطني وذلك بناء على كتاب صادر من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتاريخ 20/ 10/ 1982 بطلب إلغاء هذا الترخيص ومذكرة صادرة من مصلحة السجل التجاري بتاريخ 28/ 10/ 1982 ونعى البنك المدعي على هذا القرار مخالفة لأحكام القانون من عدة أوجه حاصلها أن الأصل العام هو أن حق الارتهان من الحقوق الطبيعية التي تقررها التشريعات المختلفة لكل دائن وأنه وإن كان القانون رقم 11 لسنة 1940 قد خول وزير التجارة في المادة العاشرة سلطة تحديد شروط الرهن ولم يصدر بعد القرار الذي يحدد هذه الشروط اكتفاء بدراسة كل طلب يقدم على حدة، فإن الترخيص الصادر للبنك المدعي بارتهان المحلات التجارية يكون مبناه اقتناع الجهة الإدارية ببطلان الطلب واتفاقه مع اعتبارات الصالح العام، وهو بهذه المثابة يكون قد أنشأ له مركزاً قانونياً ذاتياً أكسبه حقاً لا يجوز المساس به إلا في حدود القانون، وإذ خلا القانون رقم 11 لسنة 1940 من بيان حالات إلغاء الترخيص فإن ممارسة الوزير لسلطة الإلغاء يجب أن تكون على مقتضى القواعد العامة والتي تستوجب أن يكون ثمة سبباً قد تجد بعد منح الترخيص ما يبرر إلغاءه وهو الأمر الذي لم يتحقق بالنسبة إلى البنك فليس في المعاملة بالنقد الأجنبي فقط وطبقاً للقانون ما يبرر إلغاء الترخيص الصادر له بعمليات ارتهان المحال التجارية خاصة وأن هذا الوضع كان مصاحباً للبنك منذ بدء مزاولته لنشاطه، هذا إلى أن جوهر الوظيفة المصرفية هو منح الائتمان ولا يتم ذلك إلا مقابل ضمانات ومن أيسرها رهن المحال التجارية ولا يوجد سبب أو غاية تستهدف مصلحة عامة تستوجب إلغاء حق البنك في الحصول على أيسر الضمانات إلا أن يكون الهدف هو غل يد البنوك الأجنبية عن ممارسة وظيفتها الجوهرية في منح الائتمان أو إجبارها على إخباره وسائل بديلة ترهق كاهل المشروعات الاقتصادية أخذ في الاعتبار أن القانون رقم 11 لسنة 1940 لم يفرق بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية وأن التعامل شيء والضمانات التي تقدم لحماية هذا التعامل شيء آخر فلا يعد ذلك قبولاً لودائع أو لمدخرات أو من قبيل عمليات التمويل الداخلي والخارجي، كما لا خشية من تملك البنوك الأجنبية للعقارات والمحلات التجارية لأن ذلك محظور على البنوك كافة طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 163/ 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان وحتى لو تم ذلك فلا يكون إلا بأمر من القضاء وبالقيمة الحقيقية. وبذلك يتوافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ وكذلك ركن الاستعجال لما يترتب على القرار المطعون فيه من آثار خطيرة تحول دون تجديد قيد رهون المحلات التجارية الضامنة لأموال البنك التي هي في الحقيقة أموال المودعين وبالتالي تضحى عارية من الضمان معرضة للضياع. وأيدت إدارة قضايا الحكومة دفاعها في الدعوى استناداً إلى أن الترخيص تصرف إداري مؤقت بصفته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى تم - وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ولم يكن مشوباً بإساءة استعمال السلطة وقد استبان أن الترخيص للبنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية يخلق صعوبات بالنسبة إلى كيفية حصولها على حصيلة بيع هذه الرهونات في مصر حيث إنه غير مرخص لها أصلاً بالتعامل في العملة المصرية التي يتم بها التعامل بالنسبة للرهون والبيوع المترتبة عليها ومن ثم انتهى الرأي إلى ضرورة قصر هذا الترخيص على البنوك المرخص لها بالتعامل في النقد المصري مع إلغاء أية تراخيص تكون قد صدرت لفروع البنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط لمخالفتها لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 الذي قصر نشاط بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعادة التأمين على العمليات التمويلية الاستثمارية وتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية دون غيرها طبقاً للبند (5) من المادة الثالثة من القانون المشار إليه، فضلاً عن مخالفته الترخيص لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، كما أن مقتضى رهن المحلات التجارية والصناعية في حالته عدم الوفاء بالدين هو اتخاذ إجراءات البيع بالمزاد العلني طبقاً للقانون المصري وبمقتضاه تكون عملة الشراء هي العملة المصرية حتى ولو كان بين المتزايدين أجانب ولا يتصور إجبار المتزايد على الشراء بالعملة الأجنبية وإلا كان في ذلك مساس بالمساواة بين المتزايدين بل وإضرار بالمدين نفسه لما يترتب عليه من قبوله بيع محله لمن يدفع بعملة أجنبية حتى ولو كان سعره أقل من المتقدمين بالعملة المصرية ولذلك فإن حصيلة بيع المحل في المزاد والتي ستكون بالعملة المصرية سوف تؤول إلى الدائن المرتهن وبالتالي يتعين أن يكون مسموحاً له بالتعامل في النقد المصري، ولما كان البنك المدعي يتعامل فقط بالعملات الأجنبية فإن من شأن قيام البنك المذكور بارتهان المحال التجارية أن يؤدي إلى أحد أمرين أولهما عدم إمكانية بيع المحل التجاري الضامن للمدين ويكون نشاطه في هذه الحالة لا طائل من ورائه، وثانيهما الحصول على العملة المصرية بالمخالفة للقانون فضلاً عن أن الفعل بالترخيص يؤدي إلى انتقال ملكية المشروعات التجارية والصناعية التي تعجز أصحابها عن الوفاء بسداد قروضهم بالعملة الأجنبية إلى البنك الدائن وهو ما يعني سيطرة الأجانب على تلك المشروعات. وبجلسة 4 من يونيه 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق المستعجل من الدعوى وأقامت قضاءها بتحقق ركن الجدية على أنه وإن كان الترخيص الصادر من جهة الإدارة مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك وأنه لا يكسب صاحبه حقاً يمتنع معه على جهة الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة إلا أن ذلك مشروط بضرورة توافر الأسباب المبررة لذلك والتي تخضع لرقابة القضاء، والثابت من الأوراق أن مبررات القرار المطعون فيه بإلغاء الترخيص التابعة صدوره للبنك المدعي بقبول تلقي طلبات رهن المحال التجارية بالتطبيق للقانون رقم 11 لسنة 1940 هو ما قررته جهة الإدارة من أن الترخيص من شأنه خلق إشكالات بالنسبة إلى كيفية حصول البنك على حصيلة بيع هذه الرهونات في مصر في حين أنه غير مرخص له أصلاً بالتعامل في العملة المصرية، كما أن الأصل هو التعامل بالنقد المصري والاستثناء هو التعامل بالنقد الأجنبي في الحدود التي نظمها القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي وفي الأنشطة المحددة لذلك دون أن يتجاوز الأمر إلى نشاط تكثفه صعوبات عمليات مجال التنفيذ بالعملة المصرية وأن هذه الصعوبات تعني في الواقع منع البنوك التي لا تتعامل بالنقد المصري من ارتهان المحال التجارية وإن لم يوجد نص صريح بذلك واستطرد الحكم إلى أن تلك المبررات لا تقوم - بحسب الظاهر - على سند سليم من القانون والواقع، ذلك أن مقتضى الترخيص بإنشاء فروع للبنوك التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة وفقاً للمادة (3) فقرة (5) من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 أن تتمتع هذه الفروع بكافة الحقوق والضمانات المقررة للبنوك في مباشرة نشاطها الاستثماري فضلاً عن تمويل تجارة مصر الخارجية وذلك يقتضي أن يكون لها الحصول على كافة الضمانات التي تقررها للقوانين المصرية ومن أهمها في المجال التجاري ارتهان المحال التجارية الذي نظمه القانون رقم 11/ 1940 والذي لم يتضمن حظراً على هذه البنوك بشأن ارتهان المحال التجارية ضماناً لديونها بالعملة الأجنبية، وإذ صدر استناد إلى هذا المفهوم قرار وزير التجارة الداخلية رقم 706 لسنة 1978 بالترخيص للبنك المدعي بارتهان المحال التجارية بعد الرجوع إلى البنك المركزي وموافقته على ذلك، فإن إلغاء هذا الترخيص بمقولة أنه يؤدي في حالة عدم الوفاء بالدين إلى اتخاذ إجراءات بيع المرتهن بالمزاد العلني بالعملة المصرية التي لا يجوز إجبار المتزايدين على الشراء بغيرها وأيلولة حصيلة هذا البيع إلى الدائن المرتهن غير المسموح له بالتعامل بالنقد المصري - هذا القول - لا يصادف محلاً في الواقع لأنه وإن كان نشاط البنك مقصوراً على التعامل بالنقد الأجنبي إلا أن التعامل شيء والضمانات التي تقدم لحماية هذا التعامل شيء آخر فلا شك أن قبول ضمانات سواء كانت عقارية أو منقولة مقدمة بالجنيه المصري لا يدخل في دائرة العمليات التي يزاولها البنك بحكم وظيفته الطبيعية والأساسية ولا يعد هذا الأمر من باب قبول الودائع أو المدخرات أو من عمليات التمويل الداخلي أو الخارجي وعلى ذلك فإنه يخرج عن دائرة التعامل بالنقد المصري ويظل كذلك طالما كان الغرض منه هو مجرد قبولها كضمان، كما أن التعامل عمل إداري نتيجة اجتماع إرادتين متقابلتين وهو أمر غير قائم في حالة البيع الجبري أو التنفيذ بمقتضى حكم قضائي. أما عن الصعوبة العملية التي أشارت إليها الجهة الإدارية والتي تتمثل في أنه في حالة اتخاذ إجراءات بيع المحل التجاري الضامن للمدين بالمزاد العلني بالعملة المصرية سوف تؤول حصيلة البيع إلى بنك المرتهن غير المسموح له بالتعامل بالنقد المصري - فإن ذلك مردود عليه بأن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة وضع حلاً لهذه الصعوبة يشمل كيفية التصرف في هذه الحالة تنفيذاً لحكم قضائي فقد صدر قرار مجلس إدارة الهيئة بجلسته رقم 4/ 82 بتاريخ 1/ 6/ 1982 بإيداع المبلغ في أحد بنوك القطاع العام التجارية بدون فائدة ويتم الإفراج عنه خلال سنة على ألا يعتبر مالاً مستثمراً في أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 وذلك لاستخدامه في الصرف محلياً على أية تحسينات أو تجديدات لفرع البنك في جمهورية مصر العربية وقامت وزارة الاقتصاد والتعاون الاقتصادي بإخطار البنك الأهلي المصري بفتح حساب بالعملة المصرية للبنك المدعي لإيداع هذه الحصيلة فيه وبذلك تنتفي الصعوبة التي أشارت إليها جهة الإدارة..... وعن ركن الاستعجال فقد أقام الحكم قضاءه على أن في استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه توسيع للمخاطر التي يتعرض لها البنك إذ أن التسهيلات الائتمانية التي سبق له تقديمها بضمان رهن المحال التجارية سوف تصبح عارية من الضمان لسقوط الرهون القائمة لاستحالة تجديدها، الأمر الذي يعرض أموال البنك للضياع وهي مخاطر لا يمكن تداركها..... وبتاريخ 20/ 12/ 1984 أقام الممثل القانوني لبنك لويدز انترناشيونال الدعوى رقم 1626 لسنة 39 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين والتجارة الداخلية طالباً الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزارة التوين رقم 173 لسنة 1984 فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق صدوره للبنك المدعي لمباشرة نشاط ارتهان وبيع المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 وما يترتب على ذلك من آثار. ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف شاملة مقابل أتعاب المحاماة، وأوضح أنه صدر قرار وزير التموين رقم 173 لسنة 1984 بإلغاء القرارات الوزارية التي صدرت بشأن الترخيص للمصارف التي تزاول نشاطها بالنقد الأجنبي فقط بالقيام بعمليات ارتهان المحلات التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها وكان قد صدر لصالح البنك المدعي القرار رقم 96 لسنة 1978 بالترخيص له بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام هذا القانون، ولم يستند القرار الوزاري الساحب لقرار الترخيص المشار إليه إلى أي سبب سوى ما جاء به ديباجته من إشارة إلى فتوى بقصر عمليات ارتهان المحال التجارية وبيعها على البنوك التي تتعامل بالنقد الأجنبي والجنيه المصري. ونعى البنك المدعي على القرار المطعون فيه صدوره على غير أساس من المنطق أو القانون وإجحافه بحقوقه للأسباب التي أوردتها العريضة والتي لا تخرج في جوهرها عن الأسباب التي أقيمت بناء عليها الدعوى الأولى رقم 1277/ 39 ق وأفادت الجهة الإدارية بأن بنك لويدز انترناشيونال أنشئ (المدعي) وفقاً للقانون رقم 43 لسنة 1974 بنظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة ووافق البنك المركزي المصري بتاريخ 26/ 8/ 1976 على قبول تسجيله كبنك غير تجاري (بنك استثمار وأعمال) يتعامل بالعملات الأجنبية فقط بجمهورية مصر العربية وبتاريخ 31/ 8/ 1978 صدر قرار وزير التموين والتجارة الداخلية رقم 96 لسنة 1978 بالترخيص للبنك بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940، ثم استطردت الجهة الإدارية إلى أسباب إلغاء هذا الترخيص بمقتضى القرار المطعون فيه على نحو لا يخرج عما سبق أن ذكرته في دفاعها في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق المشار إليها وأضافت أن قيام البنك المدعي بمنح قروض بالعملات الأجنبية لعملاء لا تتوافر لهم موارد ذاتية من ذات العملات يترتب عليه اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء وخارج الجهاز المصرفي ثم خلصت إلى أن القرار المطعون فيه قد بني على سبب صحيح قانوناً كما لم يشبه عيب الانحراف بالسلطة وبذلك يتلف ركن المشروعية وكذلك ركن الاستعجال بالنظر إلى أن ما يترتب على هذا القرار مجرد آثار مالية يمكن تداركها بالتعويض. وبجلسة 19 من ديسمبر 1985 أصدرت المحكمة حكمها في الشق المستعجل من الدعوى وأقامت قضاءها بانتفاء ركن الجدية على أن الاستناد إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق في غير محله ومردود عليه بأنه ولئن كان قرار وزير التموين رقم 173/ 1984 المشار إليه المحكوم بوقف تنفيذه هو ذات القرار المطلوب وقف تنفيذه في هذه الدعوى إلا أن ذلك الوقف جاء نسبياً وليس مجرداً حيث انصب على ما تضمنه القرار من سحب الترخيص الخاص ببنك أبو ظبي الوطني في حين أن البنك المدعي بطلب الحكم بوقف تنفيذ ذات القرار ولكن فيما تضمنه من سحب الترخيص السابق منحه له بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية وبذلك لا يحوز ذلك الحكم أية حجية في خصومة هذه الدعوى ثم استطردت إلى أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر نتيجته وأنه تصرف مؤقت بطبيعته وقابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك وكان قرار سحب أمر التعديل غير مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة وأن مقتضى نصوص القانون رقم 11 لسنة 1940 في شأن بيع المحال التجارية والصناعية ورهنها أن يكون لوزير التجارة سلطة تقديرية واسعة في مجال الترخيص للبنوك وبيوت التسليف بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية لا يحدها إلا إساءة استعمال السلطة ولا يكون سند تلك البنوك في مزاولة ذلك النشاط حقاً مستمداً مباشرة من القانون المشار إليه وإنما من قرار وزير التجارة الصادر تطبيقاً لنصوصه وأحكامه، كما يستفاد من تلك النصوص أنه في حالة عدم الوفاء للبنك المرتهن بباقي الثمن أو الدين في تاريخ استحقاقه يباع المحل المرهون بالمزاد العلني ويستوفي البنك المرتهن دينه من حصيلة بيع المحل بالمزاد العلني، وطبقاً لأحكام هذا القانون (مادة 14) تتم إجراءات البيع طبقاً لأحكام القانون المصري مما يعني ضرورة أن تكون حصيلة البيع بالعملة المصرية حتى ولو كان المتزايدون أجانب وفي هذه الحالة تؤول حصيلة البيع بالعملة المصرية إلى البنك المرتهن في حدود دينه ومن ثم يتعين أن يكون مرخصاً له بالتعامل بالعملة الوطنية ولما كان البنك المدعي يقتصر نشاطه المرخص له به من الهيئة العامة للاستثمار المال العربي والأجنبي على التعامل بالنقد الأجنبي فقط فإن الترخيص له بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية يكون صدر مخالفاً للقانون، ومن ناحية أخرى فإن البادي من ظاهر الأوراق أن البنك المدعي من البنوك الأجنبية التي أنشئت طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 ومن ثم يتعين ألا يرخص له بمزاولة أنشطة غير ذلك التي حددها القانون المذكور طبقاً للمادة 3/ 5 منه والتي لا تخرج عن القيام بالعمليات التمويلية الاستثمارية وتمويل تجارة مصر الخارجية وبذلك يكون الترخيص للبنك بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية قد تجاوز أحكام القانون سالف الذكر ومن ناحية ثالثة فإن الترخيص للبنك المدعي أو لغيره من البنوك بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية حال كونه غير مرخص له بالتعامل بالنقد المصري ينطوي على مخالفته للأصل العام المقرر المستفاد من نصوص القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي ومؤداه أن يكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية بالنقد المصري ولا يجوز التعامل بالنقد الأجنبي إلا في الحدود بالشروط التي عينها هذا القانون وفضلاً عن ذلك فإن ثمة اعتبارات عملية تؤيد صحة السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه وهي تلك التي استندت إليها وزارة التموين والتجارة في طلب الفتوى من مجلس الدولة في مدى جواز إلغاء التراخيص السابق منحها للبنوك الأجنبية التي لا تتعامل بالنقد المصري ومن ذلك الصعوبات العملية التي تواجه عمليات بيع المحال المرتهنة المصرية طبقاً للقانون المصري لصالح بنوك لا تتعامل بالنقد المصري وكذلك ما يترتب على منح قروض بالعملات الأجنبية لعملاء لا تتوافر لديهم أصلاً موارد ذاتية من ذات العملات يتيسر لهم سداد تلك القروض من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء بتلك العملات وخارج نطاق الجهاز المصرفي وما يؤدي إليه منح تلك التراخيص من بيع المحلات المرهونة والمملوكة لمصريين وأيلولة ملكيتها عند العجز عن الوفاء بالديون والقروض إلى البنوك المرتهنة بما يؤدي إلى سيطرة الأجانب على المشروعات التجارية والصناعية ويمس المصلحة العامة والسيادة الوطنية وبذلك لا يكون القرار المطعون فيه قد استهدف غاية أخرى غير المصلحة العامة إذ صدر في صورة قرار تنظيمي عام استهدف إلغاء كافة التراخيص السابق منحها لبنوك أجنبية لا تتعامل بالنقد المصري بمزاولة نشاط ارتهان المحال التجارية والصناعية ولم يخص البنك المدعي أو غيره بهذا الإلغاء فيكون بحسب الظاهر من الأوراق صادراً في إطار تنظيم يهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الوطنية العليا والحفاظ على النظام العام الاقتصادي بما يرقى إلى مستوى الأمور المتعلقة بسيادة الدولة على أراضيها والتي لا يجوز قانوناً غل يد الإدارة عن تناولها بالتنظيم والتعديل كلما دعت إلى ذلك متطلبات المصلحة العامة.....
ومن حيث إن الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية المقام عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 القضائية يقوم على أن هذا الحكم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وأسانيد الطعن في ذلك لا تخرج في جوهرها عن أوجه دفاع الجهة الإدارية في الدعوى الأصلية، فهي تتحصل في قابلية الترخيص الصادر للبنك المطعون ضده بعمليات ارتهان المحال التجارية للسحب أو التعديل أو الإلغاء في أي وقت لدواعي المصلحة العامة وفي مخالفة التراخيص المشار إليه لأحكام القانونين رقمي 43 لسنة 1974 و97 لسنة 1976 وفيما يترتب على إصدار هذا الترخيص من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء خارج إطار الجهاز المصرفي إلى جانب الصفة المتعلقة بحالة عدم الوفاء بالدين المضمون برهن المحل التجاري وبيعه بالمزاد العلني مع عدم إمكان حصول البنك على حصيلة البيع بالنقد المصري بالنظر إلى أنه غير مسموح له بالتعامل في النقد المحلي، وما يؤدي إليه العمل بالترخيص من انتقال ملكية المشروعات التجارية والصناعية التي يعجز أصحابها عن الوفاء بسداد قروضهم بالعملة الأجنبية إلى البنك الدائن فتحقق سيطرة الأجانب على هذه المشروعات بما لا يتفق مع وجه المصلحة العامة وبذلك لا يتحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولا حتى ركن الاستعجال لأن كل ما يترتب على تنفيذ القرار مجرد آثار مالية يمكن تداركها بالتعويض.
ومن حيث إن الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية المقام عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1626 لسنة 32 القضائية مبناه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه للأسباب الواردة تفصيلاً في تقرير الطعن، وتخلص في أنه التفت عن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1277 لسنة 39 ق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - بالنسبة إلى بنك أبو ظبي الوطني - وهو يمثل المبدأ الذي أخذت به المحكمة وأعقبته الجهة الإدارية ذاتها وقامت بتنفيذه وكان لزاماً وتوحيداً للمعاملة واستمراراً للمراكز والأوضاع الأخذ به بالنسبة إلى البنك الطاعن أما القول بأن بيع المحال المرتهنة إذ يتم بالعملة المصرية فيمتنع حصول البنك على حصيلة البيع لأنه غير مرخص له أصلاً بالتعامل في النقد المصري فإنه في جميع حالات الرهن إذا تخلف المدين الراهن عن الوفاء بدينه - يتم بيع المحال المرتهن جبراً عنه وتؤول حصيلة البيع إلى الدائن فضلاً عن أن هيئة الاستثمار وإعمالاً للقانون قد أقرت حق هذه البنوك في فتح حسابات لها بالعملة المصرية لدى أحد البنوك المرخص لها بذلك لاستخدام حصيلة هذا الحساب في الاتفاق المحلي على مصروفاتها وبالتالي لم تعد هناك عقبة تحول بين البنوك الأجنبية وبين تحصيل ديونها بالجنيه المصري والقول بأن الترخيص الصادر للبنك الطاعن بارتهان المحال التجارية يخالف القانون رقم 43 لسنة 1974 قول غير صحيح فالترخيص للبنك بمزاولة نشاطه المصرفي مؤداه الواضح الإقراض وقبول الودائع باعتبارها جوهر النشاط المصرفي وأداء هذه الأنشطة يستلزم حصول أي بنك على ضمانات منها رهن البضائع ورهن المحال التجارية وغير ذلك من أنواع الضمانات فضلاً عن أن القانون المشار إليه وأن نص على تعداد لأنواع المشروعات الاستثمارية ومنها بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال إلا أنه لم يضع أي قيود عليها سوى أن تتعامل بالعملات الحرة ومن ثم فإن خلو القانون من عبارة رهن المحال التجارية ليس سند للحرمان من مزاولة هذا النشاط بدليل أن وزارة التموين رخصت لكافة البنوك بممارسته ولم يكن أغراضها لمخالفة هذا الترخيص للقانون المذكور بل لأمر آخر وهو أن التعامل يتم بالعملات الأجنبية، فضلاً عن أن العبارة الواردة في المادة 3/ 5 من القانون رقم 43/ 1974 بشأن قيام البنوك الاستثمارية بتمويل تجارة مصر الخارجية مقتضى تمتعها بكافة الضمانات التي يقترضها التمويل، ولا وجه للاستناد لأحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، ذلك أن البنك الطاعن مصرح له بالتعامل في النقد الأجنبي طبقاً للقانون فلا تثريب عليه في ذلك، وإذ لا تتعلق القضية بالتعامل بالنقد الأجنبي وإنما بالتصريح له بارتهان المحال التجارية وعلى ذلك يكون الاستناد إلى أحكام القانون المشار إليه بعيد في مجال الدعوى الماثلة، أما عن مسألة الاعتبارات العملية التي يقوم عليها الحكم المطعون فيه فهي أقوال مرسلة فلا يمكن أن يصادر النشاط الاقتصادي بدعوى أن العملاء يحصلون على قروض بالعملات الأجنبية وليس لديهم موارد تمكنهم من سدادها فهؤلاء العملاء هم أساساً أصحاب النشاط الاقتصادي الذي يحتاج إلى هذه العملات كما أن منطق الحكم في ذلك معناه مصادرة أي نشاط بالعملات الأجنبية بارتهان المحال التجارية يؤدي إلى تخلف الأجانب للمشروعات الاقتصادية أو أنه ينطوي على خروج على النظام الاقتصادي للدولة - فرهن المحلات التجارية، كنائبين لا يعني رغبة هذه البنوك في تملكها وإنما للحصول من ثمنها على قيمة القرض وإذ تشجع الدولة المستثمرين الأجانب على الاستثمار في البلاد في إطار القانون وتحت إشراف وإدارة السلطات المصرية فلا يكون ثمة حساب بالمصلحة العامة، كما لا حجة فيما نال به الحكم من أن الترخيص مؤقت بطبيعته وقابل للإلغاء في أي وقت طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة، فذلك يجب أن يقوم على سبب صحيح له أصل في الأوراق وإذ تبين عدم صحته فإن القرار المطعون فيه يكون واجب الإلغاء، وعلى هذا النحو يتوافر ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ كما يتوافر ركن الاستعجال لخطورة النتائج المترتبة على حرمان البنك الطاعن من أهم ضمانة لمواجهة عمليات التسهيلات والقروض التي يمنحها لتنمية النشاط الاقتصادي في الدولة.
ومن حيث إن مناط الفصل في الطعنين المضمومين المشار إليهما يتعلق بمدى مشروعية الترخيص للبنوك الأجنبية التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، وفقاً للمادة 3 بند 5 من نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1974 بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية طبقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وبالرجوع إلى نصوص القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه وتعديلاته يتبين أنه نص في المادة الثانية من مواد الإصدار على أن "تطبق أحكام القانون واللوائح المعمول بها في كل ما لم يرد نص خاص في القانون المرافق" ونصت المادة 3 من القانون المرافق على أن "يكون استثمار المال العربي والأجنبي في جمهورية مصر العربية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية على أن يكون ذلك في المشروعات التي تتطلب خبرات عالمية في مجالات التطوير الحديثة أو تحتاج إلى رؤوس أموال أجنبية وفي نطاق القوائم التي تعدها الهيئة ويعتمدها مجلس الوزراء وذلك في المجالات الآتية...... بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعارة التأمين التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، ولها أن تقوم بالعمليات التمويلية الاستثمارية بنفسها سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية مقامة داخل جمهورية مصر العربية، وكذلك لها أن تقوم بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية. كما نص في المادة 13 على أنه "مع مراعاة حكم البند (6) من المادة الثالثة تستثنى البنوك المتفقة بأحكام القانون من شرط تملك المصريين لجميع أسهمها.... وكذلك تستثنى بنوك الاستثمار وبنوك الأعمال وشركات إعادة التأمين المشار إليها في البند (5) من المادة الثالثة من هذا القانون من أحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد. ومفاد ذلك أن لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال التي يقتصر نشاطها على العمليات التي تتم بالعملات الحرة، والمنشأة وفقاً للمادة 3 بند 5 من القانون المشار إليه، القيام بالعمليات التمويلية الاستثمارية سواء تعلقت بمشروعات في المناطق الحرة أو بمشروعات محلية أو مشتركة أو أجنبية مقامة داخل جمهورية مصر العربية كما أن لها أن تقوم بتمويل عمليات تجارة مصر الخارجية، ونشاطها في هذا المجال مستثنى بحكم القانون من أحكام القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للرقابة على عمليات النقد، وأنها كما يخضع لأحكام هذا القانون تخضع أيضاً لغيره من أحكام القوانين واللوائح المعمول بها وذلك في كل ما لم يرد فيه نص خاص في القانون المذكور وبالنظر إلى أن ثمة تلازماً وارتباطاً وثيقاً بين عمليات منح التسهيلات الائتمانية التي يقوم بها البنك وبين الضمانات التي يطالب بها لكافة حقوقه قبل المشروعات المستفيدة من هذه التسهيلات فلم يكن خلو القانون رقم 43 لسنة 1974 من النص الصريح على حق تلك البنوك، قبول تلك الضمانات دليلاً على خطر قبوله لها وذلك باعتبارها من مقتضيات نشاطها في المجال المصرفي والذي لا تقوم له قائمة بدونها - والقول بغير ذلك يجعل دعوة الشارع لهذه البنوك للإسهام في تمويل المشروعات الاقتصادية في البلاد بلا طائل من ورائها، طالما أن من شأنها تعريض تلك البنوك لمخاطر جسيمة قد تؤدي بأموالها وهو الأمر الذي يتعارض تماماً مع أهداف القانون رقم 43/ 1974 وقوامها تشجيع رؤوس الأموال الأجنبية للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد المصري تحقيقاً لأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار السياسة العامة للدولة وخطتها القومية. ويبين من أحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها - أنه نص في المادة 8 على أنه "يجوز بالشروط المقررة في هذا القانون رهن المحال التجارية" ونص المادة 9 على أن "رهن المحل التجاري يجوز أن يشمل ما يأتي: العنوان والاسم التجاري والحق في الإجازة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية.... ونص في المادة 10 أنه "لا يجوز أن يرتهن لدى غير البنوك وبيوت التسليف الذي يرخص لها بذلك (وزير التجارة والصناعة) بالشروط التي يحددها بقرار يصدره. ونص في المادة (11) على أن يثبت الرهن بعقد رسمي أو بعقد عرفي مقرون بالتصديق على توقيعات أو أختام المتعاقدين.... ونص في المادة 14 على أنه "عن عدم الوفاء بباقي الثمن أو بالدين في تاريخ استحقاقه ولو كان بعقد عرفي يجوز للبائع أو الدائن المرتهن بعد ثمانية أيام من تاريخ التنبيه على مدينه والحائز للمحل التجاري بالوفاء تنبيهاً وسحباً أن يقدم عريضة لقاضي الأمور المستعجلة في المحكمة التي يوجد بدائرتها المحل بطلب الإذن بأن يباع بالمزاد العلني مقومات المحل التجاري كلها أو بعضها التي يتداولها امتياز البائع أو الراهن..... وواضح من هذه النصوص وغيرها مما ورد في القانون أنها لم تفرق بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية في صدد الترخيص بارتهان المحال التجارية كما لم تتضمن لائحته التنفيذية الشروط التي أشارت إليها المادة (10) والتي يحددها الوزير المختص بقراره الذي يصدره بمنح الترخيص. ومؤدى ذلك كله أن الترخيص الذي يصدره وزير التجارة لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال المنشأة وفقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية بعد ترخيصها قانونياً سليماً متى صدر طبقاً للإجراءات والأوضاع المنصوص عليها في القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها على هذا النحو لا يجوز للجهة الإدارية المختصة إصدار قرار بإلغائه إلا إذا تحققت الأسباب المبررة لذلك وكانت هذه الأسباب مستمدة من وقائع صحيحة لها أصل ثابت بالأوراق.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم وفي صدد هذه المنازعة - في حدود الشق المستعجل منها موضوع الطعنين الماثلين - فإنه يلزم لوقف تنفيذ أي قرار إداري توافر ركني الجدية والاستعجال، وعن ركن الجدية، فالبادي من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة سبق أن وافق بتاريخ 25/ 12/ 1974 على فتح فرع لبنك أبو ظبي الوطني (المطعون ضده في الطعن رقم 3401 لسنة 31 ق عليا) في جمهورية مصر العربية للتعامل بالنقد الأجنبي الحر استناداً إلى البند (5) من المادة (3) من القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه كما وافق بتاريخ 15/ 11/ 1974 على فتح فرع لبنك لويدز انترناشيونال (الطاعن في الطعن رقم 316 لسنة 32 ق عليا) ليباشر نشاطه في نظام أحكام القانون سالف الذكر، وبناء على طلب هذين البنكين الترخيص لهما بارتهان المحال التجارية كضمان لما يمنحانه من قروض وسلفيات وبعد موافقة البنك المركزي المصري على ذلك فقد صدر قرار وزير التجارة رقم 706/ 1978 بالترخيص لفرع البنك الأول بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً لأحكام والشروط الواردة بالقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، كما صدر قرار مماثل بالتفويض برقم 96 لسنة 1978 لصالح فرع البنك الثاني - ثم بدأت وزارتي الاقتصاد والتموين - في بحث مشروعية الترخيص لفروع البنوك الأجنبية التي تتعامل بالنقد الأجنبي فقط بعمليات ارتهان المحال التجارية وذلك في ضوء ما لاحظته جهة الإدارة من صعوبات تتعلق بكيفية حصول هذه البنوك على حصيلة ببيع الرهونات من النقد المصري على الرغم من أنه غير مرخص لها أصلاً بالتعامل في العملة المصرية، واستناداً إلى فتوى صادرة من إدارة الفتوى لوزارة المالية والتجارة والتموين ذهبت إلى أن حصيلة بيع المحال التجارية بالمزاد والتي تكون بالعملة المصرية تؤول إلى الدائن المرتهن في حدود دينه وبالتالي يتعين أن يكون مسموحاً لهذا الدائن بالتعامل في النقد المصري وأن الترخيص لفرع البنك الذي يتعامل فقط بالعملات الأجنبية بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية يؤدي إما إلى عدم إمكانية بيع المحل التجاري الضامن للدين أو إلى الحصول على العملة المصرية بالمخالفة للقانون مما يقتضي إلغاء الترخيص الصادر لفرع البنك الأجنبي فيما يتعلق بعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11/ 1940 - إزاء ذلك - فقد صدر بتاريخ 30/ 11/ 1984 القرار الوزاري رقم 973 لسنة 1984 بالتفويض - المطعون فيه - بإلغاء القرارات الوزارية التي صدرت بشأن الترخيص للمصارف التي تزاول نشاطها بالنقد الأجنبي فقط بالقيام لعمليات ارتهان المحال التجارية والصناعية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وتضمن قرار الإلغاء الترخيص السابق صدوره لبنك أبو ظبي الوطني بموجب القرار رقم 706 لسنة 1978 وكذلك الترخيص الصادر لبنك لويدز انترناشيونال بمقتضى القرار رقم 96 لسنة 1978، ومتى كان ذلك هو المستظهر من الأوراق فإن إلغاء هذا الترخيص على هذه الصورة الجماعية دون أن يجد جديد ينسب إلى هذه البنوك وقائع محدودة أو أموراً واقعية معينة تبرر إلغاء التراخيص الصادر لها بارتهان المحال التجارية وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 واكتفاء بملاحظات الجهة الإدارية تحقق صعوبات عملية أو تصوراته تقدم على اقتراحات نظرية كان بالوسع توقعها عند دراسته الطلبات المقدمة من هذه البنوك للترخيص لها بارتهان المحال التجارية لأمر يخالف - بحسب الظاهر - أحكام القانون، إذ يتعين مشروعية قرار إلغاء الترخيص المطعون فيه أن يكون قائماً على أسباب صحيحة مستمدة من وقائع لها أصل ثابت بالأوراق، وما ذكرته الجهة الإدارية تبريراً لقرارها عن الصعوبة العملية من عدم إمكان حصول البنك (الدائن المرتهن) الذي يتعامل بالنقد الأجنبي فقط على حصيلة بيع المحل التجاري المرتهن بالمزاد العلني وهو حتماً بالعملة المصرية، أمر ينبت الصلة بالترخيص له بعمليات ارتهان المحال التجارية إذ يمكن أن تتحقق هذه الصعوبة في كل حالة يطالب فيها البنك مدينه بحقوقه لديه ويتخلف المدين عن الوفاء في الميعاد، فيتم التنفيذ في هذه الحالة جبراً عن المدين بحكم قضائي ويكون للبنك الدائن استيفاء حقوقه من حصيلة البيع إما بالأولوية على غيره من المدينين إذ كان دينه مضموناً بضمان أو يشارك هؤلاء في النظام العام للدائنين ويقسمه الغرماء إن لم يكن لدينه أي ضمان - وفي الحالتين تظل الصعوبة المشار إليها قائمة فلا يذللها إلغاء الترخيص الصادر للبنك بارتهان المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940، كذلك فإن ما قيل من اتساع نطاق التعامل في السوق السوداء خارج الجهاز المصرفي وسيطرة البنوك الأجنبية على المشروعات الاقتصادية في البلاد في حالة التنفيذ الجبري على المحل التجاري المرخص للبنك الأجنبي بارتهانه، لا أساس له من القانون، ذلك أن القرار الذي يصدر للبنك بهذا الترخيص لا ينتج عنه بذاته مثل هذه النتائج فهناك القانون رقم 43/ 1974 المشار إليه الذي صرح لبنوك الاستثمار وبنوك الأعمال المنشأة وفقاً لأحكامه بالتعامل بالعملات الحرة فقط في المجالات التي حددها، والمدين لها ملزم بالوفاء بذات العملة عند حلول ميعاد السداد فيكون سبيله إلى الوفاء بدينه إن لم يكن لديه موارد ذاتية كافية من ذات العملة للجوء إلى السوق السوداء للعملة الحرة وخارج نطاق الجهاز المصرفي الرسمي ولو لم يكن ثمة تنفيذ جبري على محله التجاري المرتهن لدى البنك الدائن - إما عن سيطرة هذه البنوك على المشروعات الاقتصادية في البلاد كنتيجة للترخيص لها بارتهان المحال التجارية، فضلاً عن خلو الأوراق مما يصمها بذلك في هذه المنازعة بالذات، فإن الأمر في ذلك لا يكون قد تعلق بالترخيص الممنوح لها بارتهان المحال التجارية طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1940 وإنما يكون متعلقاً بالنظام القانوني لبنوك الاستثمار والأعمال المنشأة وفقاً للقانون رقم 43 لسنة 1974 والذي يسمح بنشاط هذه البنوك وما يترتب عليه من آثار وهي أمر آخر يخرج عن مجال هذه المنازعة فإذا ما ذهبت إلى ما تقدم أن القانون رقم 43 لسنة 1974 لم يحظر الترخيص للبنوك الأجنبية المنشأة وفقاً لأحكامه بالقيام بعمليات ارتهان المحال التجارية على ما سلف بيانه، وأن القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي قد خلا من هذا الحظر ولم يفرق القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها بين البنوك المصرية والبنوك الأجنبية في صدد مزج التراخيص بارتهان المحال التجارية، فإن القرار المطعون فيه والحالة هذه يبدو بحسب الظاهر مخالفاً للقانون فيتحقق ركن الأسباب الجدية في طلب وقف تنفيذه كما يتحقق أيضاً ركن الاستعجال بالنظر إلى خطورة النتائج المترتبة على الاستمرار في تنفيذه فيما لو فرض وقضي بإلغائه، وعلى ذلك يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه من مثل البنكين المذكورين ولما كان الحكم المطعون فيه بمقتضى الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية قد ساير هذا النظر فقضى بوقف تنفيذ هذا القرار بينما قضى الحكم المطعون فيه بالطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية بغير ذلك، فإن الحكم الأول يكون قد صادف صحيح النظر في تطبيق حكم القانون بينما يكون الثاني قد أخطأ في تطبيقه وتأويله مما يستوجب رفض الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفاته، وإلغاء الحكم المطعون فيه بمقتضى الطعن 316 لسنة 32 القضائية والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما أولاً: برفض الطعن رقم 3401 لسنة 31 القضائية وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاته. ثانياً: وفي الطعن رقم 316 لسنة 32 القضائية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.


(1) راجع كذلك الحكم الصادر بجلسة 25/ 6/ 1988 في الطعن رقم 1564 لسنة 33 ق.

الطعن 1070 لسنة 31 ق جلسة 31 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 14 ص 91

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وعبد المنعم رفاعي عماره المستشارين.

----------------

(14)

الطعن رقم 1070 لسنة 31 القضائية

استثمار مال عربي وأجنبي - مناطق حرة - الأنشطة المسموح بممارستها داخلها (وكالة تجارية).
المادة (35) من القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة.
حدد المشروع الأنشطة التي يجوز ممارستها داخل المنطقة الحرة على سبيل الحصر وذلك على النحو التالي: 1 - تخزين البضائع العابرة والوطنية خالصة الضريبة المعدة للتصدير إلى الخارج والبضائع الواردة بغير رسم الوارد.
2 - عمليات الفرز والتنظيف والخلط والمزج ولو لبضائع محلية وإعادة التعبئة....
3 - أية صناعة أو عمليات تجميع أو تركيب أو تجهيز أو تجديد أو غير ذلك مما يحتاج إلى مزايا المنطقة الحرة للإفادة من مركز البلاد الجغرافي.
4 - مزاولة أي مهنة يحتاج إليها النشاط أو الخدمات التي يحتاجها العاملون داخل المنطقة الحرة - مؤدى ذلك: أن نشاط التخزين المرخص داخل المنطقة الحرة لا يستتبع بذاته إجازة ممارسة الوكالة التجارية بالنسبة للبضاعة المخزنة - أساس ذلك: استقلال كل من التخزين والوكالة التجارية بأحكامها - لا محاجة في هذا الصدد بعقد تأسيس الشركة وما تضمنه من أغراض من بينها مباشرة التوكيلات عن بعض الشركات الأجنبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 21 من فبراير عام 1985 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في الدعوى رقم 5638 لسنة 38 ق بجلسة 25 من ديسمبر عام 1984 القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعى عليهما الأول والثاني مصروفات هذا الطلب. وطلب الطاعن في ختام صحيفة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه. مع الحكم بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وقد أعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقرير مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات. وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 25/ 12/ 1984 وتداول أمامها بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 4 من مايو عام 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات). وحددت لنظره جلسة 23 من مايو عام 1987. وقد نظر الطعن بالجلسة المذكورة وما بعدها من الجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وقررت المحكمة بجلسة 10/ 10/ 1987 إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد رفع واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن...... بصفته مديراً لشركة غبور للمناطق الحرة والتجارية الدولية أقام الدعوى رقم 5638 لسنة 38 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بصفته الرئيس الأعلى للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات بصفته، ونائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بصفته طلب فيها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من المدعى عليه الثاني بصفته، برفض قيد الشركة المدعية بسجل الوكلاء التجاريين، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها قيد الشركة بذلك السجل، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ هذا القرار، مع إلزام المدعى عليهم بصفتهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وبجلسة 25 من ديسمبر عام 1984 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً، وفي الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعى عليهما مصروفات هذا الطلب. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس توافر ركني الجدية والاستعجال في الطلب العاجل، إذ أن الشركة المدعية - وهي شركة توصية بسيطة تأسست طبقاً لأحكام القانون رقم 43/ 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة0 تقدمت بطلب إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لإعادة قيدها في سجل الوكلاء التجاريين، تطبيقاً لأحكام المادة 25 من القانون رقم 120 لسنة 1982 بإصدار قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية. إلا أن الهيئة المذكورة رفضت هذا الطلب مستندة إلى أن الشرط الذي تتطلبه المادة 3 ثانياً: (ب) من القانون رقم 120 لسنة 1982 سالف الذكر، وهو أن يكون من أغراض الشركة القيام بأعمال الوكالة أو الوساطة التجارية طبقاً لنظامها الأساسي أو عقد تأسيسها - غير متوافر فيها. بالإضافة إلى أنه لا يجوز قيد الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 في سجل الوكلاء التجاريين، بالنظر إلى طبيعة تكوين هذه الشركات. وأوضحت محكمة القضاء الإداري أنه ثبت لديها من مطالعة ترخيص مزاولة النشاط رقم 8 لسنة 1979 الصادر من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (المنطقة الحرة العامة ببور سعيد) بالترخيص للشركة المدعية بمباشرة نشاطها بالمنطقة الحرة ببور سعيد أن الغرض من الشركة هو تخزين السيارات من منتجات شركة زازاتفيا اليوغسلافية شاسيهات نقل وقطع غيار وكلاء شركة سكانيا - فليبس سيارات ركوب وبيك أب، وقطع غيارها وكلاء شركة بريد جستون - ثلاجات - أفران - غسالات - تليفزيونات - أدوات كهربائية - أدوات صحية - لوازم عمارات - بطاريات - سائلة وجافة - موتورات بحرية - وكلاء شركة سكانيا فليبس. وقالت محكمة القضاء الإداري أن نشاط التخزين في المناطق الحرة الذي تباشره الشركة وفقاً لأحكام المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974، لا ينفصل عن نشاط الوكالة التجارية. فالشركة المدعية تقوم بتخزين منتجات الشركات التي تحمل توكيلها، فالتخزين مقرون بنشاط الوكالة. وأن الثابت من الاطلاع على عقد تأسيس الشركة المؤرخ 1/ 8/ 1976 المعدل عام 1979 أن من صميم أغراض الشركة المدعية، بل أن غرضها الرئيسي هو القيام بأعمال الوكالة التجارية للشركات التي تمثلها. ومن ثم يتوافر في شأن هذه الشركة الشرط المنصوص عليه في البند (ب) ثانياً من المادة 2 من قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية - الذي يتطلب لقيد الشركة في سجل الوكلاء التجاريين أن يكون من أغراضها القيام بأعمال الوكالة أو الوساطة التجارية طبقاً لنظامها الأساسي أو عقد تأسيسها. كما أقامت محكمة القضاء الإداري قضاءها أيضاً على أن القانون رقم 120 لسنة 1982 المشار إليه لا يتضمن صراحة أو ضمناً ما يقضي بعدم جواز قيد الشركات المنشأة طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 في سجل الوكلاء التجاريين كما وأن القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، ولائحته التنفيذية، لم يتضمنا ما يمنع من قيد الشركات المنشأة طبقاً لأحكام هذا القانون في سجل الوكلاء التجاريين بل على العكس فقد سبق لمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة أن قرر بجلسته المنعقدة بتاريخ 17/ 4/ 1976 الموافقة على انطباق قانون الوكالة التجارية، على المنشآت التجارية في المناطق الحرة، وذلك كما يبين من صورة القرار التي قدمها المدعي ولم يجحدها الحاضر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة. واستناداً إلى ما تقدم، انتهت محكمة القضاء الإداري إلى أن القرار المطعون عليه بحسب الظاهر يكون مفتقداً سنده القانوني المشروع. وبهذه المثابة يكون ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه متحققاً - كما أن ركن الاستعجال متحقق أيضاً إذ يترتب على تنفيذ القرار المطعون عليه نتائج يتعذر تداركها، تتمثل في تهديد الشركة بالتوقف، لعدم الموافقة على قيامها بنشاطها الرئيسي وهو الوكالة عن الشركات التي تمثلها.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الجهة الطاعنة يقوم على الأسباب الآتية: السبب الأول: أنه لا يجوز طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974، بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، ممارسة نشاط الوكالة التجارية داخل المنطقة الحرة، ويؤيد هذا النظر نص المادة 35 من القانون سالف الذكر، التي تنص على الأنشطة التي يجوز ممارستها داخل المنطقة الحرة على سبيل الحصر وذلك على النحو الآتي: 1 - تخزين البضائع العابرة وكذا البضائع الوطنية خالصة الضريبة المعدة للتصدير إلى الخارج، والبضائع الواردة بغير رسم الوارد. 2 - عمليات الفرز والتنظيف والخلط والمزج ولو لبضائع محلية وإعادة التعبئة، وما شابهها من عمليات تغيير حالة البضائع المودعة بالمناطق الحرة. 3 - أية صناعة أو عمليات تجميع أو تركيب أو تجهيز أو تجديد أو غير ذلك مما لا يحتاج إلى مزايا المنطقة الحرة للإفادة من مركز البلاد الجغرافي. 4 - مزاولة أي مهنة يحتاج إليها النشاط أو الخدمات التي يحتاجها العاملون داخل المنطقة الحرة.... السبب الثاني: أقامت المحكمة قضاءها على مستند عرفي غير معتمد، تقدم به المطعون ضده، نسب صدوره إلى الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، دون اعتماد أو توقيع على هذا المستند، من المختصين بالهيئة المشار إليها، ولم تناقش المحكمة مشروعية هذا المستند. السبب الثالث: تضمن الحكم المطعون عليه أن الحاضر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لم يجحد هذا المستند وعلة ذلك أن محتوى هذا المستند، والذي يتضمن عدة توصيات، من بينها انطباق قانون الوكالة التجارية، على المنشآت القائمة داخل المنطقة الحرة، لا يعني تسليم الهيئة بحق الشركة المطعون ضدها في ممارسة نشاط الوكالة التجارية داخل المنطقة الحرة، وإنما حقيقة الأمر أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قد وقفت هذا الموقف السلبي، على أساس أنه لا مانع من ممارسة نشاط الوكالة التجارية في السوق المحلية، بالإضافة إلى أن ممارسة هذا النشاط تعد من شروط ممارسة نشاط التخزين داخل نطاق المنطقة الحرة، أو بمعنى أوضح فإن نشاط الوكالة التجارية داخل المنطقة الحرة، لا تجيزه أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، وإنما يجوز ممارسة هذا النشاط في السوق المحلي خارج المنطقة الحرة، على أن يكون هذا سبباً يبرر جواز موافقة الهيئة على مشروع التخزين داخل المنطقة الحرة. كما ينعى الطعن على الحكم المطعون عليه، أنه لم يناقش مدى مشروعية ممارسة الوكالة التجارية داخل المنطقة الحرة طبقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 المشار إليه. السبب الرابع: أن الهيئة الطاعنة رفضت قيد الشركة المطعون ضدها استناداً إلى أحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 والقانون رقم 120 لسنة 1982 سالفي الذكر.
ومن حيث إن المطعون ضدها، قدمت لهذه المحكمة بجلسة 10 من أكتوبر عام 1987 صورة رسمية مستخرجة - بناء على تصريح المحكمة - من المذكرة رقم 28/ 2/ 6 المعدة بمعرفة المستشارين القانونيين لمجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في شأن مدى انطباق قانون الوكالة التجارية على المنشآت التجارية في المناطق الحرة، وصورة رسمية من قرار مجلس إدارة الهيئة المذكورة، رقم 6/ 28/ 1976 بالموافقة على ما انتهت إليه هذه المذكرة بخضوع الشركات التجارية بالمناطق الحرة لقانون الوكالة التجارية.
ومن حيث إن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، قدمت مذكرة عقبت فيها على تقرير هيئة مفوضي الدولة، ذكرت فيها أنه طبقاً لعقد تأسيس الشركة المطعون ضدها، والترخيص الصادر لها في هذا الشأن فإن الغرض من نشاطها هو التخزين فقط في المنطقة الحرة وليس أعمال الوكالة التجارية. ومن ثم لا يتوافر في شأنها شروط القيد بسجل الوكلاء التجاريين طبقاً لأحكام القانون رقم 120/ 1982. وأنه وإن كانت الشركة المطعون ضدها، كانت مقيدة في سجل الوكلاء التجاريين في ظل العمل بالقانون رقم 107 لسنة 1961، إلا أن هذا قد ألغي وأصبح القانون رقم 120 لسنة 1982 هو الواجب التطبيق. وقد نصت المادة 25 من هذا القانون، على أنه يتعين على الوكلاء التجاريين القائمين بالعمل عند نفاذ هذا القانون اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها للقيد في السجلات المعدة لذلك خلال المدة التي تحددها اللائحة التنفيذية، ومن ثم فإنه يجب أن يتوافر في شأن الشركة المطعون ضدها، الشروط المنصوص عليها في القانون الجديد كما وأن المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974 قد حددت على سبيل الحصر الأنشطة التي يجوز الترخيص بمزاولتها داخل المنطقة الحرة، وليس من بينها نشاط الوكالة التجارية. ولا يتصور أن تنشأ وكالة تجارية في المنطقة الحرة.
ومن حيث إن المطعون ضدها، ردت على الطعن، بأن ما تدعيه الهيئة الطاعنة من أن مرد عدم قيدها بسجل الوكلاء التجاريين هو عدم توافر الشروط اللازمة للقيد، هو من قبيل اختلاق سبب جديد للقرار المطعون فيه، ذلك أن السبب الذي أعلنته الهيئة لرفض إعادة قيدها، هو عدم جواز قيد الشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 في سجل الوكلاء التجاريين بالنظر إلى الطبيعة القانونية لتكوين تلك الشركات وأن الغرض الرئيسي للشركة المطعون ضدها، هو القيام بأعمال الوكالة التجارية للشركات التي تمثلها والتي تقوم بتخزين منتجاتها بالمنطقة الحرة، كما هو ثابت من البند الثاني من عقد تأسيس الشركة في 1/ 8/ 1976، وكذلك الترخيص رقم 8 لسنة 1979 الصادر لها من المنطقة الحرة ببور سعيد، والذي جاء به أنها وكيلة للعديد من الشركات: كما يؤكد ذلك البطاقة الضريبية، الصادرة للشركة المدعية رقم 264 مأمورية استثمار المال العربي والأجنبي بتاريخ 27/ 1/ 1979، وواضح فيها تحت بند النشاط الرئيسي، توكيلات سيارات نقل وقطع غيارها، وموتورات بأنواعها وتليفزيونات وإطارات كاوتشوك والموتورات البحرية وكل هذه التوكيلات تم التأشير بها في سجل الوكلاء التجاريين الذي كانت الشركة مقيدة به طبقاً لأحكام القوانين السابقة للوكالة التجارية والتي كانت تستلزم هذا الشرط أيضاً، ثم قررت المطعون ضدها أن نشاط التخزين في المناطق الحرة لا يتصور أن ينفصل عن نشاط الوكالة التجارية: فهي تقوم بتخزين السلع والمنتجات للشركات الموكلة. ولا تستطيع أي شركة أن تستورد منتجات أية شركة أجنبية، أو تقوم بترويج منتجاتها أو تقدم عروضاً عنها في المفاوضات المحلية، إلا إذا كانت وكيلاً عنها والقانون الجديد للوكالة التجارية لم يستلزم شروطاً جديدة تغاير الشروط الواردة في القوانين السابقة، والتي سبق قيد الشركة بسجل الوكلاء التجاريين طبقاً لها. وقانون استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة لا يحول دون قيد الشركات المنشأة طبقاً لأحكامه بسجل الوكلاء التجاريين ما دامت قد استوفت الشروط التي يستلزمها قانون الوكالة التجارية المعمول به وقت القيد في السجل وهذا ما أكده قرار مجلس إدارة هيئة استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة في 17/ 4/ 1976 وما قرره مجلس الإدارة هو من اختصاصه طبقاً لما تقضي به المادة 31 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة وتخضع الشركة المطعون ضدها للمحاسبة الضريبية، وتحمل بطاقة ضريبية وقد انتهت الجهة المطعون ضدها إلى طلب رفض الطعن وإلزام الهيئة الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إنه يتضح من المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974 أنها قصرت النشاط داخل المناطق الحرة على إقامة المشروعات التي يرخص بها طبقاً لأحكام هذا القانون ويتضح من المادة 34 أن ينص الترخيص الأغراض الخاضع من أجلها ولا يتمتع المرخص له بالإعفاءات أو المزايا إلا في حدود الأغراض المثبتة في ترخيصه ثم حددت المادة 35 أوجه النشاط الجائز الترخيص بها في المناطق الحرة وهي تخزين البضائع العابرة والوطنية خالصة الضريبة المعدة للتصدير إلى الخارج والأجنبية الواردة بغير رسم الوارد، ثم عمليات الفرز والتنظيف والخلط والمزج - ولو لبضائع محلية - وإعادة التعبئة وما شابها - عمليات تغير حالة البضائع المودعة بالمناطق الحرة، وأنه صناعة أو عمليات تجميع أو تركيب أو تجهيز أو تجديد أو غير ذلك مما يحتاج إلى مزايا المنطقة الحرة، أخيراً مزاولة أية مهنة يحتاج إليها النشاط أو الخدمات التي يحتاجها العاملون داخل المنطقة الحرة وبذلك فقد حصر النص في بنوده الأربعة أوجه النشاط الجائز الترخيص بها في المناطق الحرة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع في تفسيرها ولا يجوز مخالفتها. ولا يمكن القول بأن نشاط التخزين المنصوص عليها في المادة 35/ 1 المشار إليه يتعين بذاته إجازة الوكالة التجارية بالنسبة للبضائع المخزنة، فقد حصر النص أنواع البضائع الجائز الترخيص بتخزينها داخل المنطقة الحرة وهي البضائع العابرة، والبضائع الوطنية خالصة الضريبة المعدة للتصدير إلى الخارج ثم البضائع الأجنبية الواردة بغير رسم الوارد. ثم قررت المادة 37 معاملة البضائع التي تسحب من المنطقة الحرة للاستهلاك المحلي كما لو كانت مستوردة من الخارج طبقاً لحالتها بعد التصنيع من مراعاة الإجراءات والقواعد المنظمة للاستيراد، ومن ثم فإن نشاط التخزين المرخص داخل المنطقة الحرة لا يستتبع بذاته إجازة ممارسة الوكالة التجارية بالنسبة للبضائع المخزنة، فهو نشاط مستقل عن التخزين فيفصل عنه، لا يستلزمه التخزين بذاته على وجه الحتم حتى يمكن القول بأنه يستتبعه بحيث يكون ترخيص التخزين ترخيصاً بالوكالة التجارية بالنسبة للبضائع المخزنة، وإذ كان القانون لا يجيز مزاولة نشاط الوكالة التجارية داخل المنطقة الحرة فلا يجوز الترخيص بها لأي عمل قد يتم مخالفته لأحكام القانون، وبذلك يكون ملك الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، من رفض قيد الشركة المطعون ضدها في سجل الوكلاء التجاريين في المنطقة الحرة يتفق وأحكام المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974 معدلاً بالقانون رقم 32 لسنة 1977 ولا حجة في الاستناد إلى الترخيص الصادر من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بمباشرة نشاط التخزين في المنطقة الحرة ببور سعيد، كوكلاء عن بعض الشركات الأجنبية لمخالفة ذلك لأحكام المادة 35 سالفة الذكر ولا في التمسك بقرار مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بشأن الموافقة على مذكرة للمستشارين القانونيين للهيئة بخضوع الشركات التجارية بالمناطق الحرة لقانون الوكالة التجارية لمخالفة ذلك جميعه لأحكام المادة 35 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن إصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة. كما أنه لا حجة فيما أثارته الشركة المطعون ضدها من أنها كانت مقيدة في سجل الوكلاء التجاريين قبل العمل بالقانون رقم 120 لسنة 1982 بإصدار قانون تنظيم أعمال الوكالة التجارية وإذ نصت المادة 25 من هذا القانون على أنه يتعين على الوكلاء التجاريين وعلى المكاتب المشار إليها بالمادة (7) من هذا القانون القائمين بالعمل عند نفاذ هذا القانون اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها به للقيد في السجلات المعدة لذلك خلال المدة التي تحددها اللائحة التنفيذية. ومن ثم فقد كان من الواجب على الجهة الإدارية المختصة - عند بحث طلب إعادة القيد، أن تنزل صحيح حكم القانون على الطلبات المقدمة إليها، دون النظر إلى الأوضاع المخالفة لحكم القانون. كما أنه لا حجة في الاستناد إلى عقد تأسيس الشركة المطعون ضدها والذي يتضمن أن من أغراضها مباشرة التوكيلات التجارية عن بعض الشركات الأجنبية، لأن ذلك خاص بأهليتها طبقاً لقانون الشركات ولا يغني أن ما تضمنه عقد تأسيسها يفيد بذاته الترخيص لها بهذا النشاط في داخل البلاد أو في المناطق الحرة بل يمكن لذلك النظام القانوني في كل منهما، ولا يعني أن تباشر نشاط تخزين البضائع الأجنبية داخل المنطقة الحرة على سبيل الوكالة التجارية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك في تقدير عنصر الجدية اللازمة لوقف التنفيذ فيكون قد جانب الصواب فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، بعد إذ تبين تخلف ركن الجدية، ويتعين لذلك القضاء بإلغائه، وإذ كان يتعين إلزام من خسر الطلب بمصروفاته فقد تعين إلزام الشركة المطعون ضدها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت الشركة المطعون ضدها بالمصروفات.

الطعن 304 لسنة 29 ق جلسة 31 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 13 ص 84

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد المنعم عبد الفتاح عماره والسيد السيد عمر المستشارين.

------------------

(13)

الطعن رقم 304 لسنة 29 القضائية

تراخيص - ترخيص باستغلال كازينو - تجاوز حدود الأرض المرخص بها.
إذا تجاوز المرخص له حدود ترخيصه فتعدى على مساحات من الأراضي المجاورة للكازينو المرخص له في استغلاله كان للمحافظة أن تزيل هذا التعدي بالطريق الإداري في حدود ما يخوله القانون للمحافظة أو من يفوضه في هذا الشأن - للمحافظة توقيع الجزاءات المنصوص عليها في تراخيص استغلال الكازينوهات والتي تتدرج من توقيع الغرامة إلى إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين - إذا اتجهت المحافظة بعد التعدي إلى الإبقاء على المساحات موضوع التعدي كلها أو بعضها تحت يد مستغل الكازينو في مقابل وجعله بحيث يشملها الترخيص إلى نهاية مدته فإن الأمر يخرج عن نطاق اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المال العام من التعدي ليأخذ ذات الطبيعة القانونية للترخيص بالاستغلال حيث ينطوي على عناصر إدارية من جانب صاحب الشأن تستوجب موافقته على ما تعرضه عليه جهة الإدارة من مقابل للاستغلال عن المساحة المتعدى عليها والمضافة إلى مساحة الترخيص الأصلية - من المحافظة في التعويض عن المساحة المتعدى عليها بما يتناسب مع مساحة القطعة المرخص بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق الثاني من يناير سنة 1983 أودع الأستاذ/ ..... بصفته وكيلاً عن السيدة/ ...... عن نفسها وبصفتها ممثلة لباقي ورثة المرحوم..... وهم أولادها..... والقصر .... أولاد المرحوم..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 304 لسنة 29 قضائية عليا ضد كل من محافظ القاهرة ومدير الإدارة العامة للمصروفات بمحافظة القاهرة ومدير الإدارة العامة للإيرادات بمحافظة القاهرة عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - هيئة العقود الإدارية والتعويضات - بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 182 لسنة 33 ق المقامة من ورثة المرحوم...... ضد المطعون ضدهم والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعين بالمصروفات، وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بإلغاء ذلك الحكم مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات. وتم إعلان الطعن قانوناً إلى المطعون ضدهم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن جلسة 6 من مارس سنة 1985 أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 3 من إبريل سنة 1985 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 30 من إبريل سنة 1985. وبجلسة 25 من يونيه سنة 1985 أصدرت المحكمة حكمها بقبول الطعن شكلاً، وتمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليندب أحد خبرائه المختصين للاطلاع على ملف الطعن والانتقال إلى كازينو عروس النيل محل النزاع لبيان المساحات التي قام الطاعنون بالتعدي عليها بالإضافة إلى المساحة الأصلية المرخص لهم في استغلاله ووصفها وما عليها من مباني وما بقى منها بعد الإزالة، وتحديد مقابل الانتفاع لمثل هذه الأرض والمباني وفقاً للأسعار السائدة عند ارتكاب المخالفة في أول مارس سنة 1977 سواء عن طريق استقصاء القيمة بالنسبة لمثيلاتها أو بأي طريق آخر وكيفية احتساب هذا المقابل والجاري عليه العمل في هذا الوقت من احتسابه على أساس المباني وحدها أم المباني مضافاً إليها الأرض، وبالجملة الوصول إلى وجه الحقيقة في تحديد هذا المقابل في هذا التاريخ. وبجلسة 15/ 10/ 1985 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة (دائرة منازعات الهيئات والأفراد والعقود الإدارية والتعويضات) للاختصاص، وتداول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على الوجه المبين بالمحاضر، وبجلسة 10 من أكتوبر سنة 1987 كان قد ورد مكتب خبراء شمال القاهرة، وثابت فيه أنه تبين للخبير المنتدب عن مباشرة العمل في المأمورية أن مباني الكازينو موضوع النزاع قد تمت إزالتها لدخولها في المنفعة العامة لمشروع كوبري روض الفرج الجديد مما يتعذر معه أداء المأمورية، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعنين أقاموا دعواهم بصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 2 من نوفمبر سنة 1978 طلبوا في ختامها الحكم ببطلان زيادة الجعل واعتباره كأن لم يكن مع إلزام الطاعنين بالمصاريف: وأوضح الطاعنون أن مأمورية الإيرادات المتنوعة بمحافظة القاهرة أرسلت الاستمارة 44 إيرادات بأن الطاعنين أجروا تعديلاً في الكازينو المرخص لهم به بزيادة المسطح بمقدار 565 متراً مربعاً، وقد تم تقدير قيمة الزيادة في مقابل الاستغلال الشهري في المسطح بمبلغ 1400 جنيهاً شهرياً اعتباراً من أول إبريل 1977 وحتى نهاية الترخيص، كما أفاد كتاب المأمورية المذكورة أنه تمت زيادة في المباني تقدر بـ 556 متراً مربعاً قدر مقابلاً لها مبلغ 1391.250 جنيه وذلك اعتباراً من 10 من مارس سنة 1977 حتى 10 من نوفمبر سنة 1977 تاريخ الإزالة. ولما كانت الإزالة لم تتم بالكامل بل تبقى جزء من المباني قدرها 186 متراً مربعاً وتم تقدير قيمة الزيادة بمبلغ 472.500 جنيه اعتباراً من 10 من نوفمبر سنة 1977 حتى نهاية الترخيص، وأورد الطاعنون أن شروط الترخيص بالكازينو لا تخول الجهة الإدارية سلطة تعديل النواحي المالية، وكل ما للجهة الإدارية في هذا الشأن أن تلجأ إلى القضاء إن كان لذلك مقتضى، والمباني الزائدة عبارة عن زاوية للصلاة - كما انطوى تقدير الجهة الإدارية على التعسف وخاصة أن القيمة الإيجارية للكازينو 79.800. وبجلسة 7 من نوفمبر سنة 1982 حكمت المحكمة برفض الدعوى وإلزام المدعين بالمصروفات. واستندت المحكمة في قضائها إلى أن المادة الأولى من الترخيص الإداري الصادر من الجهة الإدارية لمورث الطاعنين باستغلال كازينو عروس النيل تنص على أن مدة هذا الترخيص خمس سنوات تبدأ من 30 من يوليه سنة 1972 وتنتهي في 29 من يوليه سنة 1977 نظير مقابل استغلال شهري قدره 79.800 جنيه تدفع مقدماً في الأسبوع الأول من كل شهر، كما تنص المادة السابعة على أنه لا يجوز للمرخص له إجراء تعديلات أو تغييرات داخل أو خارج موقع المحل المرخص به إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من المحافظة، ونصت المادة 20 من الترخيص على أنه مع عدم الإخلال بحق المحافظة في توقيع الجزاءات المنصوص عليها في هذا الترخيص يجوز لها إزالة كل مخالفة للشروط بالطريق الإداري وعلى حساب المرخص له دون حاجه إلى تنبيه أو إنذار أو اتخاذ أية إجراءات قضائية، كما نصت المادة 21 على أن توقع غرامة قدرها جنيه واحد يومياً عن كل مخالفة لأحكام هذا الترخيص تزاد إلى جنيهين في حالة تكرار المخالفة، ويستمر توقيع هذه الغرامة حتى تزال المخالفة نهائياً، دون إخلال بحق المحافظة في المطالبة بالتعويضات. والثابت من مستندات الجهة الإدارية المقدمة في الدعوى أنه تبين للمحافظة من المعاينات التي أجرتها اللجان المختصة أن أحد عشر كازينو من بينها الكازينو المرخص به لمورث المدعين قد خالفت التراخيص الممنوحة لها، ورأت اللجنة التي شكلتها المحافظة لبحث هذه المخالفات إلغاء تراخيص هذه الكازينوهات ووافقت السلطة المختصة بالمحافظة على ذلك، إلا أنه بناء على تظلم أصحاب هذه الكازينوهات من ذلك - أحيل الأمر إلى السيد الأستاذ المستشار القانوني للمحافظة الذي انتهى إلى أنه بالنسبة لمن تجاوز المساحات المرخص له بها دون موافقة المحافظة فإنه يمنح مهلة لإزالة المخالفة على النحو التالي: 1 - في حالة التعدي على قطعة أرض مخصصة للحدائق، تزال هذا التعدي إدارياً. 2 - في حالة التعدي على قطعة أرض غير مخصصة للحدائق، يؤخذ رأي الإدارة العامة للتخطيط فيما إذا كان يمكن التجاوز عن هذه الزيادة، فإذا ثبت ذلك يحاسب عن هذه الزيادة بالقيمة التي تقدرها الإدارة من تاريخ استغلاله الأرض الزائدة عن الترخيص مع إنذار المعتدي بإلغاء الترخيص في حالة تكرار هذه المخالفة. 3 - بالنسبة للمباني المخالفة للترخيص تزال هذه المباني فوراً، إذا كانت تشكل مخالفة واضحة وتحجب الرؤية عن النيل، أما إذا كانت تشكل مخالفة هندسية بسيطة يمكن التجاوز عنها فيحاسب عنها المستغل بالقيمة التي تقدرها الإدارة. وقد وافق المحافظ على ذلك بتاريخ 19 من سبتمبر سنة 1977 ومنح أصحاب الكازينوهات المذكورة مهلة شهر لإزالة المخالفة. وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1977 شكلت لجنة لإعادة معاينة الكازينوهات المخالفة وتحديد ما إذا كانت قامت بإزالة المخالفة مع تحديد القيمة التي تستحق مقابل الاستغلال. واستطردت المحكمة إلى أنه لما كان مقابل الاستغلال السنوي هو 5% من ثمن الأرض مقدرة في تاريخ التعدي، وأن سعر المتر المربع كما قدرته اللجنة في موقع الكازينو 600 جنيه، فقد انتهت اللجنة إلى أن مقابل الاستغلال الشهري الذي يستحق عن الزيادة في المسطح فقد يبلغ 1400 جنيه وذلك اعتباراً من أول مارس سنة 1977، أما الزيادة في مسطح المباني فقد أشارت الإدارة العامة للتخطيط والتعمير بإزالتها وتتحرر عنها محضر مخالفة مؤرخ 28 من ديسمبر سنة 1976. ورأت اللجنة إزالتها بالطريق الإداري مع الرجوع على المستغل بقيمة استغلال هذه المساحة من أول ديسمبر سنة 1976 حتى تاريخ الإزالة مقابل استغلال شهري قدره 472.500 جنيه وقد تظلم المستغل من هذا التقدير إلا أن تظلمه رفض لما ثبت من صحة التقدير وفقاً للقواعد العامة التي اعتمدت في هذا الشأن. وذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الجهة الإدارية المنوط بها الحفاظ على الأموال العامة تملك صلاحيات اتخاذ القرارات التي تكفل هذه الحماية سواء تعلقت هذه الصلاحيات بإزالة تعديات على المال العام أو مطالبة المتعدي بمقابل انتفاع بالمساحات موضوع التعدي - ولا وجه لمنازعة الطاعنين الجهة الإدارية سواء بالنسبة لتقدير المساحة أو تقدير قيمة الانتفاع حيث وردت منازعتهم مرسلة وغير مؤيدة بأي دليل أو مستند يناقض المستندات المقدمة من الجهة الإدارية، ما قررته الجهة الإدارية من مطالبة الطاعنين بالمبالغ المذكورة يعد من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية تنفيذاً لعقد من العقود الإدارية، إذ أن تجاوز المرخص له باستغلال مساحة معينة وقيام الجهة الإدارية بمطالبته بمقابل انتفاع عن المساحات الزائدة بعقد من القرارات التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة باعتبارها ذات الولاية الكاملة بنظر المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية وما يتفرع عنها من منازعات - وانتهت المحكمة إلى أن مطالبة الجهة الإدارية للطاعنين بمقابل انتفاع عن المساحات الزائدة يتفق مع صحيح القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه إذا كان للجهة الإدارية صلاحيات حماية المال العام، إلا أنها ليست مطلقة بل مقيدة بأن تكون في حدود القانون - والأرض موضوع النزاع تعد من أراضي طرح النهر مما يعتبر من الأراضي الزراعية وتخضع في تقدير أجرتها لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي حيث نصت المادة 33 فيه معدلة بالقانون رقم 67 لسنة 1975 على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأراضي الزراعية على سبعة أمثال الضريبة العقارية المفروضة عليها.... والجهة الإدارية باعتبارها مالكة لأراضي طرح النهر شأنها شأن الأفراد عند تقدير القيمة الإيجارية للأرض فلا يجوز أن تزيد الأجرة على سبعة أمثال الضريبة، كما ذهب الطاعنون إلى أن الحكم المطعون فيه أخل بحقوقه في الدفاع حيث طلبوا من المحكمة ندب خبير لتقدير قيمة الأرض إلا أن المحكمة التفتت عن ذلك واعتدت بالتقدير المخالف للقانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مورث الطاعنين - كان خصماً له من محافظة القاهرة في استغلال كازينو عروس النيل بكورنيش النيل بروض الفرج فتعدى على مساحات من الأراضي المجاورة للكازينو المرخص له في استغلاله الخاضعة للمحافظة فكان للمحافظة أن تزيل هذا التعدي بالطريق الإداري بحسبانه واقعاً على أموال الدولة في حدود ما يخوله القانون للمحافظة أو من يفوضه في هذا الشأن، كما يكون للمحافظة كذلك أن تستند إلى ذلك التعدي الواقع على أرض المحافظة بضمها إلى الكازينو المرخص لمورث الطاعنين باستغلاله لكي توقع عليه الجزاءات المنصوص عليها في ترخيص استغلال الكازينو والتي تندرج من توقيع الغرامة حتى يمكن أن تصل إلى إلغاء الترخيص ومصادرة التأمين. بيد أنه إذا اتجهت المحافظة بعد التعدي إلى الإبقاء على المساحات موضوع التعدي كلها أو بعضها تحت يد مستغل الكازينو في مقابل جعل بحيث تشملها ترخيص استغلال الكازينو إلى نهاية مدته، فإن الأمر يخرج عن نطاق اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المال العام مما قد يناله من تعدي الغير ويتم بإرادة منفردة من المحافظة وبصرف النظر عن موقف المتعدي، ليأخذ ذات الطبيعة القانونية للترخيص بالاستغلال حيث ينطوي على عناصر إرادية من جانب صاحب الشأن حيث يلزم - حتى يترتب الأثر القانوني في حقه - أن يوافق على ما تعرضه عليه جهة الإدارة من إضافة المساحة المتعدى عليها إلى المساحة المرخص بها أصلاً وعلى مقابل الاستغلال الذي تقدره عن المساحة المضافة بعد كشف التعدي ولقد كان هذا واضحاً لدى المحافظة على ما يبين من مذكرة دفاع المحافظة المقدمة بجلسة التحضير بتاريخ 28 من مايو سنة 1981 حيث انتهت اللجنة المشكلة بقرار سكرتير عام المحافظة رقم 3499 لسنة 1977 إلى الآتي: 1 - تكليف الإدارة العامة للمصروفات باستدعاء المرخص لهم باستغلال الكازينوهات التي لم يقم مستغلوها بإزالة المخالفات، وتعديل الترخيص بإضافة المساحات الزائدة بعد أخذ إقرار على كل منهم بقبول الاستغلال الشهري عن المساحة التي تعدى عليها وفقاً لتقدير اللجنة الموضح بالنسبة لكل منهم. مع إضافة المساحة النهائية في العقد وأداء المبالغ المستحقة عن هذه الزيادة. 2 - تكليف الإدارة العامة للمصروفات باستدعاء المرخص لهم باستغلال الكازينوهات التي قام مستغلوها بإزالة المخالفات، ومطالبتهم بأداء مقابل الاستغلال عن الزيادة التي تعدو عليها وفقاً لتقدير اللجنة الموضح بالنسبة لكل منهم......"، وبعرض ما انتهت إله اللجنة في هذا الشأن على المحافظة أشر بتاريخ 5 من يناير سنة 1978 بالآتي "- أوافق وتتخذ الإجراءات... - لا جدال في تقدير اللجان لأثمان الأرض، فإذا ما تم موافقة مستغل الكازينوهات عليها كان بها، أو ينفذ قرار اللجنة (أي إلغاء الترخيص) لأن الأصل هو أن هؤلاء المستغلين أخلو بالرخص.... فالبين من قرار اللجنة وموافقة المحافظ أن تقدير جهة الإدارة لمقابل استغلال الأرض الزائدة على المساحة المرخص بها في الترخيص الأصلي لا يعمل به من حق مستغل الكازينو إلا بناء على قبوله. فإذا ما رفض ذلك التقدير فلا سبيل إلى إلزامه به. وإن كان للمحافظة أن تلغي ترخيصه بحسبان أنه بتعديه خالف شروط الترخيص. ولا يبين من الأوراق أن الطاعنين أو مورثهم قبلوا تقدير جهة الإدارة لمقابل الانتفاع بالمساحات موضوع التعدي، وعلى ذلك فلا أساس لما تطالب به المحافظة الطاعنين من مقابل انتفاع عن 560 متراً مربعاً تعدى عليها مورثهم وأضافها إلى مساحة الكازينو المرخص بها ويبلغ 1400 جنيهاً شهرياً، بحسبان أن مقابل الانتفاع السنوي يبلغ - على ما ذهبت إليه المحافظة - 5% من ثمن المسطح المتعدى عليه، فإن هذا المعيار الذي اتبعته المحافظة لا يلزم المرخص له طالما لم يوافق عليه. وكذلك لا وجه لما تطالب به المحافظة من مبالغ تبلغ 1391.25 جنيه شهرياً مقابل استغلال عن المباني الزائدة المقامة على أرض التعدي وذلك كله عن المدة من 10 من مارس سنة 1977 حتى 10 من نوفمبر سنة 1977 تاريخ الإزالة كما تبلغ 472.500 جنيه شهرياً بالنسبة للمباني التي لم تتم إزالتها وذلك اعتباراً من 10 من نوفمبر سنة 1977 حتى تاريخ انتهاء الترخيص. فكل ذلك يتعين حتى يمكن مطالبة الطاعنين به أن يكونوا قد وافقوا عليه صراحة أو ضمناً، وهو ما لا دليل عليه واقعته الحال. وعلى ذلك كان ثمة اتجاه من المحافظة والمستغل إلى إدخال مساحة إلى 560 متراً مربعاً التي تعدى عليها مورث الطاعنين اعتباراً من أول مارس سنة 1977 في نطاق ترخيص استغلال الكازينو الممنوح له من المحافظة، وإضافة هذه المساحة إلى المساحة المؤجرة أصلاً للمذكورين وتبلغ 130 متراً مربعاً، وكان الطاعنون أو مورثهم لم يقبلوا صراحة التقدير الذي أجرته المحافظة لمقابل الانتفاع عن أرض التعدي والمباني الزائدة، ومع ذلك فلم تقم المحافظة بإلغاء الترخيص بل تركت الطاعنين يستغلون مساحة الكازينو والمساحة المضافة فكان التعويض الذي يستحق عن التعدي يعني على أساس مقابل الانتفاع الذي يحصل على المحافظة عن المساحة الأصلية المرخص بها باعتبار أن ذلك ما كان يحصل لو شمل الترخيص تلك المساحة المضافة، وإذ كان المقابل المحدد عن استغلال الكازينو بمساحته الأصلية البالغة 130 متراً مربعاً تبلغ - في فترة التعدي - 79.800 جنيهاً شهرياً فإن مقابل الانتفاع عن مساحة الـ 560 متراً مربعاً الزائدة تبلغ 79.8 × 560 ÷ 130 = 343.353 شهرياً، وهو ما ينبغي إلزام الطاعنين به اعتباراً من تاريخ بدء التعدي في أول مارس سنة 1977 حتى تاريخ انتهاء وضع يدهم على تلك المساحة بتنفيذ أمر الغلق الإداري مصادر من منطقة الإسكان برقم 62 لسنة 1981، ولا وجه لإضافة مبالغ أخرى عن المباني الزائدة المقامة على أرض الكازينو سواء الأصلية أو الزائدة حيث لا يوجد بالترخيص ما يفيد أن أخذ مساحة المباني في الاعتبار عند تقدير مقابل الانتفاع عن استغلال الكازينو.
ومن حيث إنه لا وجه للأخذ بما ذهب إليه الطاعنون من أن تقدير مقابل الانتفاع بالأرض المتعدى عليها يخضع للمعايير المنصوص عليها بالمادة 33 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي، ذلك أن هذه المحكمة سبق أن ردت على هذا الوجه من أوجه الطعن ورفضته في الحكم التمهيدي الذي أصدرته بجلسة 25 من يونيه سنة 1985، مما لا مجال معه لإعادة مناقشة ذلك في الحكم الحالي.
ومن حيث إن الأعيان محل الخبرة كانت أزيلت قبل الحكم الذي قرر الخبراء مما يتعين معه إقالة الخبراء من كافة الغرامات الموقعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم أحقية الجهة الإدارية المطعون ضدها في مطالبتها للطاعنين مقابل الانتفاع بالمساحات الزائدة عن المحدد بترخيص الاستغلال يزيد على 343.353 شهرياً عن المدة من أول مارس سنة 1977 حتى تاريخ تنفيذ قرار الإزالة رقم 92 لسنة 1981 وبإقالة الخبراء من كافة الغرامات.

الطعنان 1513 ، 1525 لسنة 28 ق جلسة 31 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 12 ص 73

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامه وعبد المنعم عبد الفتاح عمارة والسيد السيد عمر المستشارين.

-----------------

(12)

الطعنان رقما 1513 و1525 لسنة 28 القضائية

مسئولية إدارية - أركانها - علاقة السببية (قرار إداري).
القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن إنشاء مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات.
حدد المشرع القيود الواجب مراعاتها لتسهيل الملاحة الجوية بما يتفق والمصلحة الحربية التي هي من صميم المصلحة العامة - أعطى المشرع المالك حقاً في التعويض عن إزالة ممتلكاته التي تتعارض مع الملاحة الجوية - يقدر التعويض بمعرفة لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية - يكون للمالك أن يعارض في التقدير أمام المحكمة الابتدائية التي تصدر في هذا الشأن حكماً غير قابل للطعن فيه - صدور قرار من المحافظ بسد عيون أبراج حمام مجاورة للمطار لتمكين القوات الجوية من مباشرة نشاطها هو قرار سليم ولا وجه لطلب التعويض عن الأضرار الناشئة عن توقف النشاط بسبب هذا القرار - أساس ذلك: انتفاء علاقة السببية بين الضرر والقرار - الضرر راجع إلى عدم صلاحية المكان لممارسة هذا النشاط وليس إلى القرار ذاته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 25 من يوليه سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) نيابة عن السيدين/ وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد تحت رقم 1513 لسنة 28 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 30 من مايو سنة 1982 في الدعوى رقم 1431 لسنة 33 القضائية القاضي بإلزام وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ خمسة عشر ألف جنيه، وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً حتى تمام الفصل في الطعن وبإحالته للمحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وإلا فبرفضها موضوعاً مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 27 من يوليه سنة 1982 أودع الأستاذ/ ....... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1525 لسنة 28 القضائية عليا في ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1431 لسنة 33 القضائية، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى استحقاقه تعويضاً نهائياً بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه سنوياً من تاريخ القرار المطعون فيه حتى تاريخ صدور الحكم النهائي في النزاع على الفوائد التعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى استكمال السداد والفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور حكم نهائي في النزاع مع المصروفات.
وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعنين ارتأت فيه قبول الطعنين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه. وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15 من ديسمبر سنة 1986 وبها قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد. وتداول نظرهما بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 6 من إبريل سنة 1986 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظرهما جلسة 9 من مايو سنة 1987. وبذلك الجلسة نظرت المحكمة الطعنين وتداول نظرهما أمامها بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت إصدار الحكم بجلسة 31 من أكتوبر سنة 1987. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فيتعين قبولهما شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أن السيد/ ...... كان قد أقام الدعوى ابتداء أمام محكمة طنطا الابتدائية بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1977 حيث قيدت بجدولها برقم 6311 لسنة 77 طالباً إلزام المدعى عليهما (وزير الحربية ومحافظ الغربية بصفتيهما) بأن يدفعا له متضامنين مبلغ عشرة آلاف جنيه وإلزامهما المصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه سبق أن أقام الدعوى رقم 2349 لسنة 72 كلي طنطا ضد المدعى عليهما بطلب إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مقابل الأضرار التي لحقت به نتيجة مداهمة وحدتين من القوات الجوية التابعة للمدعى عليه الأول بتاريخ 20/ 7/ 1969 لأبراج الحمام المملوكة له والمقامة بزمام محله مرحوم مركز طنطا وصدور قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 بتاريخ 24/ 7/ 1969 بسد عيون فتحات أبراج الحمام مع تشكيل لجنة لتقدير التعويضات. وأثناء تداول تلك الدعوى قام بتعديل طلباته إلى إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويضاً عن المدة من 20/ 7/ 1969 حتى نهاية سنة 1972. فقضت المحكمة بندب خبير لمباشرة المأمورية التي كلف بها. وبعد تقديم تقريره قضت المحكمة بجلسة 20 من مارس سنة 1975 بإلزام المدعى عليه الأول (وزير الحربية) بأن يدفع للمدعي مبلغ 1312 جنيهاً وذلك بعد حساب مبلغ 350 جنيهاً تسلمها المدعي من المدعى عليه أثناء التقاضي. واستطرد المدعي بأنه قد ورد بأسباب ذلك الحكم أن المحكمة تستبعد من نطاق الدعوى ما عساه يكون مستحقاً للمدعي من تعويض عن القرار الإداري الذي حال دون استمرار نشاطه بعد مداهمة الأبراج، ولا تضع في اعتبارها في تقدير التعويض سوى الضرر الذي أصاب المدعي ونشأ مباشرة عن خطأ تابعي المدعى عليه الأول (وزير الحربية). وقال المدعي أنه والمدعى عليه الأول طعنا في الحكم المشار إليه فقضت محكمة استئناف طنطا بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 1976 برفض الاستئنافين موضوعاً. وانتهى المدعي بأنه إذ أفادت محافظة الغربية بأن قرار منع تشغيل واستغلال الأبراج المملوكة له ما زال سارياً لخطورة ذلك على الطيران فإنه يقدر ما لحقه من أضرار نتيجة هذا القرار بمبلغ عشرة آلاف جنيه هي طلباته في الدعوى.
وبجلسة 14 من فبراير سنة 1979 حكمت محكمة طنطا الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة بنظرها. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 1431 لسنة 33 القضائية وبجلسة 30 من مايو سنة 1982 حكمت تلك المحكمة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بإلزام وزير الدفاع ومحافظ الغربية بصفتيهما بأن يؤديا للمدعي مبلغ خمسة عشر ألف جنيه والمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وقد رفضت المحكمة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 كلي طنطا على أساس أن الثابت من حيثيات الحكم في الدعوى المشار إليها أن المحكمة لم تدخل في اعتبارها عند الحكم بالتعويضات الذي حكمت به ما عسى أن يستحقه المدعي من تعويض عن حرمانه من تشغيل منشآته التزاماً بأحكام القرار الإداري الذي حظر عليه وعلى غيره هذا التشغيل والاستغلال. وعلى ذلك فإن موضوع الدعوى الماثلة يكون مختلفاً تماماً عن موضوع الدعوى السابقة وهو تعويض عن فعل مادي لجهة الإدارة يتمثل في تعدي رجال القوات الجوية على أبراج الحمام وهدمها وتكسيرها. كما رفضت الدفع بسقوط حق المدعي بالتقادم الثلاثي على أساس أن الدعوى هي دعوى تعويض عن قرار إداري لا يسري في شأنها حكم المادة 172 من القانون المدني: ذلك أن مسئولية الحكومة عن القرارات الإدارية، على ما جرى به قضاء المحكمة الإدارية العليا، تنسب إلى المصدر الخامس من مصادر الالتزام وهو القانون فتتقادم بخمسة عشر يوماً. ثم رفضت الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني (محافظ الغربية) بمقولة أنه لا صلة له بالنزاع فمردود بأن النزاع يتصل أساساً بالقرار الصادر من المدعى عليه الثاني وهو أساس المطالبة بالتعويض، ولا يؤثر في هذا أن يكون القرار قد صدر بناء على تعليمات القوات الجوية مما يترتب مسئوليتهما معاً ولا يخلي مسئولية أي منهما. وعن موضوع الدعوى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أنه لا خلاف بين أطراف الدعوى على أن المدعي أقام عدة أبراج للحمام بأرض يملكها بناحية محلة مرحوم مركز طنطا. وبتاريخ 20/ 7/ 1969 قامت قوة من رجال القوات الجوية بمداهمة تلك الأبراج وأحدثت بها تلفيات جسيمة ثم أعقب ذلك صدور قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 بتاريخ 24/ 7/ 1969 بسد عيون فتحات الأبراج وما زال هذا القرار مستمراً، فقد حاول المدعي إعادة فتح الأبراج إلا أن الجهات المختصة بالمحافظة منعته من ذلك بعد الرجوع إلى القوات الجوية. ومتى كان حق الملكية هو جماع الحقوق العينية فمن له حق الملكية على شيء يكون له حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه وهو ما يقرره حكم المادة 802 من القانون المدني، وعلى ذلك فإن نطاق الملكية يتسع ليشمل سطح الأرض وما فوقها وما تحتها وهو أيضاً يتناول مع الشيء المملوك كل ما ينتجه من ثمار ومنتجات. ولئن كان لحق الملكية وظيفة اجتماعية تقوم سنداً لكثير من القيود التي ترد على هذا الحق تقررها القوانين واللوائح للمصلحة العامة التي تقتضيها على ما يتضمنه حكم المادة 806 من القانون المدني، إلا أن المشروع قرر في المادة 805 من القانون المدني أنه لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها وفي مقابل تعويض عادل. ومؤدى ذلك أن الحق في التعويض مصدره في هذه الحالة القانون، وسبب استحقاقه حرمان المالك من ملكه حتى ولو كان القرار الذي يترتب عليه الحرمان متفقاً مع حكم القانون، لأن التعويض لا يكون مترتباً في هذه الحالة على خطأ الإدارة مما لا يسوغ معه القول بعدم استحقاق المدعي تعويضاً متى كان القرار الصادر من المحافظة موضوع الدعوى قد صدر مطابقاً للقانون متوخياً المصلحة الوطنية. والتعويض كما يستحق في حالة حرمان المالك من ملكه تماماً كما في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة مثلاً يستحق أيضاً في حالة حرمانه من عنصري الاستعمال والاستغلال لأن ذلك ينطوي على حرمان المالك من ملكه جزئياً. وبالتطبيق لذلك فإن أحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن إنشاء مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات خولت في المادة (14) لوزير الحربية أن يأمر بإزالة ما يكون قائماً من مبان أو منشآت أو أشجار أو غيرها بالقدر الذي يتعارض مع تطبيق أحكام القانون فيما يتعلق بالمطارات التي يصدر قرار منه بسريان أحكامه عليها، كما نصت في المادة (15) على أن يدفع للمالك في مقابل الإزالة المنصوص عليها في المادة (14) تعويض تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية. وعلى ذلك فالتعويض المنصوص عليه بالمادة (15) المشار إليها قد يكون أحد صور التعويض عن الحرمان الجزئي للمالك عن ملكه لأن الإزالة المنصوص عليها من المادة (14) من القانون قد لا تؤدي إلى نزع الملكية نزعاً تاماً بل قد يكون أثرها مقصوراً على حرمان المالك من عنصري الاستعمال والاستغلال كما هو الأمر في المنازعة الماثلة التي ترتبت على قرار المحافظ بسد عيون أبراج الحمام فيها حرمان المالك من عنصري الاستعمال والاستغلال لملكه. وإذ كان التعويض المشار إليه في القانون رقم 639 لسنة 1953 تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية وتجوز المعارضة فيه أمام المحكمة الابتدائية وكان التعويض الذي صرف للمدعي من جهة الإدارة بناء على قرار لجنة مشكلة في المحافظة المدعى عليها الثانية خلافاً للقانون إلا أن الدعوى وقد أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري الصادر من محافظة الغربية بناء على طلب القوات الجوية فتصبح تلك المحكمة هي المختصة بنظرها والفصل فيها خصوصاً وأنه لا يمكن أن يكون مؤدى عدم التزام جهة الإدارة التزاماً تاماً أحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 المشار إليه الإخلال بالحق الكامل للمدعي في التعويض. وترتيباً على ذلك فلئن كان قرار محافظ الغربية المطلوب بالتعويض عنه متفقاً وأحكام القانون وصادراً لتحقيق مصلحة عامة إلا أن ذلك لا يخل بالحق الكامل للمدعي في التعويض. وعن تقدير التعويض فإن ما حصل عليه المدعي من تعويض بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني طنطا لا يجب كل الضرر الذي حاق به، ويغطي فقط ما حدث من هدم بعض منشآته. ويكون الأمر المعروض في النزاع الماثل هو حرمانه من استمرار استغلال هذه الأبراج. وفي هذا الصدد فقد قرر الخبير الذي سبق ندبه من القضاء المدني التعويض المستحق للمدعي عما فاته من كسب كان يغله مشروع تربية الحمام بمبلغ 1510 جنيهاً شهرياً اعتباراً من تاريخ صدور قرار محافظ الغربية بتاريخ 24/ 7/ 1969 وهو ما تقرره المحكمة بصفة عامة لسلامة الأسس التي بني عليها. إلا أنها في ذات الوقت لا ترى وجهاً لاستمرار إلزام الجهة الإدارية بدفع المبلغ المذكور سنوياً للمدعي طوال فترة سد أبراج الحمام التي قد تطول لأجل غير مسمى حتى لا يتحول التعويض إلى حد يزيد على ما يمكن أن يستحق للمدعي في حالة نزع ملكية أرضه والأبراج المقامة عليها وحرمانه من ملكه تماماً مما تكتفي معه المحكمة بتعويضاً إجمالياً بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه يلزم به المدعى عليهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقام من الجهة الإدارية أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله: ذلك أنه قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضى وهو الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني كلي طنطا رغم أن كلا الدعويين اتحدتا في الخصوم والموضوع بل قامتا، في الحقيقة على سبب قانوني واحد هو التعدي الذي وقع على ملك المطعون ضده سواء بهدم المنشآت أو بسد عيون الأبراج، وقد ترتب على ذلك ضرر واحد هو حرمان المطعون ضده من بعض عناصر ملكه وإن تعددت عناصر هذا الضرر. ذلك أن الهدم أتى على الأبراج ذاتها فلم تعد قائمة ولا يكون المطعون ضده قادراً على استعمالها أو استغلالها، وعن كل ذلك تم تعويضه طبقاً للقانون رقم 639 لسنة 1953. وإذا كان الحكم الصادر في الدعوى رقم 2349 لسنة 71 مدني كلي طنطا قد قضى بمبلغ يزيد على التعويض الذي صرف للمطعون ضده، فإن ذلك الحكم الذي قضي في دعوى التعويض عن فعل التعدي الذي وقع على ملك المطعون ضده ليقوم حائلاً دون إمكان معاودة التداعي بطلب التعويض عن ذات الفعل أمام أية جهة قضاء أخرى. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع قد خالف حكم القانون. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد سلم بمشروعية القرار المطلوب التعويض عنه فقد كان حرياً به رفض طلب التعويض عنه. خاصة وأن المحكمة كانت على بينة تامة بالتعويض الذي تم صرفه للمطعون ضده طبقاً لأحكام القانون رقم 639 لسنة 1953 عن تلك الأبراج التي حرم من استعمالها واستغلالها لإعاقتها حركة الطيران في المنطقة فيكون سبيل الاعتراض على هذا التعويض هو التداعي بشأنه أمام المحكمة الابتدائية المختصة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فقد أدى به ذلك إلى نتيجة غير مقبولة وهي حصول المطعون ضده على تعويضات متتالية عن فعل واحد، والبادي أنها تفوق كثيراً في مجموعها القيمة الحقيقية لتلك الأبراج.
ومن حيث إن الطعن المقام من السيد/ ...... يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وجاء مجحفاً بحقوقه: ذلك أن التعويض الذي تلتزم به الإدارة، متى توافرت مسئوليتها، ينبغي أن يكون جابراً لكامل الضرر الذي يصيب المضرور، على ما جرى به القضاء واستقر عليه الفقه. وقد خالف الحكم المطعون فيه ذلك من وجهتين: أولهما: أن مبلغ التعويض المحكوم به لم يستوعب كافة ما أصاب الطاعن من أضرار، وثانيهما: أن مبلغ التعويض المحكوم به للطاعن في سنة 1982 لم يراع فيه أثر انخفاض قيمة العملة على القوة الشرائية للنقود منذ وقوع الضرر في عام 1969 واستقراره حتى صدور الحكم في عام 1982. وعن الوجه الأول يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد فيها قدره من تعويض جزافي على ما سبق أن قدره الخبير الذي سبق للمحكمة المدنية أن انتدبته بأن يكون التعويض المستحق للطاعن عما فاته من كسب كان يغله مشروع تربية الحمام هو مبلغ 151 جنيهاً اعتباراً من تاريخ صدور قرار محافظ الغربية في 24/ 7/ 1969. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أغفل أن تقدير الخبير كان عن عام 1969 في وقت كان مشروع الطاعن لتربية الحمام في بدايته ولم يدخل الخبير في اعتباره ما يترتب على توفر مزيد من الخبرة عاماً بعد الآخر من زيادة الإنتاج بما يؤدي إلى وجوب زيادة مقدار التعويض سنوياً على ربح الطاعن عن عام 1969 اتخذ أساساً لحساب التعويض. وأن الحكم المطعون فيه صرح بأنه يكتفي بالتعويض الإجمالي المحكوم به، ويوازي ما فات من كسب عن عشر سنوات فقط، في حين أن الجبر الكامل للضرر كان يقتضي مراعاة أن يشمل التعويض سنوات 1980، 1981، 1982 وهو يقارب مبلغ خمسة آلاف جنيه أخرى. وفضلاً عن ذلك فإن الحكم المطعون فيه لم يدخل في اعتباره ما تحمله الطاعن من جهد ووقت ومال في سبيل عرض ظلماته على المسئولين بالجهات الإدارية وما تكبده من أعباء لإقامة الدعاوى القضائية للمطالبة بحقه. كما أن الحكم المطعون فيه لم يقض بالفوائد التي سبق أن طالب بها بجلسة المرافعة أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/ 1/ 1981 وهي فوائد تعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد وفوائد تأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حتى تاريخ السداد. وثانيهما أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يراعي في تقدير التعويض أن يكون ذلك على وجه يجبر الضرر في كل عناصره ووفقاً لقيمته النقدية يوم الحكم، في حين أنه لم يراع فيما قضى به من تعويض التدهور في قيمة النقود منذ وقوع الضرر واستحقاق التعويض في 24/ 7/ 1969 وحتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 30/ 5/ 1982.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد/ ........ تقدم إلى السيد رئيس نقطة شرطة محله مرحوم بتاريخ 21/ 7/ 1969 بشكوى قيدت تحت رقم 1159 لسنة 1970 إداري مركز طنطا أورد بها أنه يمتلك برجين لتربية الحمام بحوض القصار بمحلة مرحوم وقد قامت قوة من المطار بتاريخ 20/ 7/ 1969 بإزالة أعلى البرج والاستيلاء على بعض الأخشاب دون إخطاره. وتسبب ذلك في طيران جميع الحمام الذي كان موجوداً بالأبراج، وقدره بما لا يقل عن ثلاثة آلاف زوج حمام. كما قرر الشاكي بأنه يقدر التلفيات بما لا يقل عن ستمائة جنيه. وأثبت محضر المعاينة التي تمت في ذات التاريخ وجود برج حمام منشأ على قاعدة مسلمة مكونة من شمعتين ارتفاعه حوالي خمسة عشر متراً وقاعدة مسطحها 804 متراً ووجود كسر فخار من التواريس وإزالة الشمعتين الخشب ووجود بعض الأخشاب مكسرة وملقاة على الأرض وعدم وجود أخشاب الشمعتين التي ادعى الشاكي فقدها، كما أثبت المحضر خلو البرج من الحمام وتواجده على الأشجار المحيطة بأعداد لا يمكن حصرها. وقامت لجنة الشئون الداخلية بوحدة الاتحاد الاشتراكي عملية مرحوم، بناء على شكوى السيد/ ........ وأخيه السيد/ ........ بإجراء معاينة موقع البرجين (مستند رقم 9 من حافظة مستندات السيد/ ........ المقدمة بالدعوى رقم 2349 مدني كلي طنطا بجلسة 2/ 12/ 1971 أشار في ديباجته إلى كتاب قيادة القوات الجوية رقم 8050 بتاريخ 26/ 6/ 1969 وبتاريخ 24/ 7/ 1969 صدر قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 ونعى في المادة (1) على أن "تسد عيون أبراج الحمام الواقعة بالبلاد الموضحة بالكشف المرفق" وعلى أن "يتحدد يوم الاثنين 28/ 7/ 1969 للانتهاء من سد عيون الأبراج. وفي حالة عدم القيام بالسد أو في حالة فتحها ثانية يتم إزالة الأبراج. (2) كما نعى في المادة (3) على أن "تشكل لجنة بمديرية الزراعة لتقدير التعويضات المستحقة نتيجة تنفيذ هذا القرار". وقد تحرر محضر تقدير قيمة برجي الحمام المملوكين للسيد/ ...... ورد به أنه بناء على الشكوى المقدمة منه لمجلس مدينة طنطا حيث إن التقدير كان قد تم نظرياً لعدم تمكن اللجنة من الدخول لغياب صاحب الملك تم تشكيل لجنة معاينة وتقدير مشكلة من 1 - ........ مدير التنظيم بمجلس المدينة. 2 - المهندس........ عن مجلس مدينة طنطا. 3 - ملازم أول........ عن القوات الجوية. وقد تمت المعاينة بحضور السيد/ ....... وكان التقدير حسب المقاسات الموجودة وقرار اللجنة كما يلي: 1 - القاعدة المباني بالسقف خرسانة مسلحة تقدر بمبلغ 200 جنيه. 2 - عدد 2 شمعة × 100 جنيه تقدر بمبلغ 200 جنيه. 3 - عدد 900 × 2 قادوس بها 1800 زوج حمام × 12 تقدر بمبلغ 216 بإجمالي ستمائة وستة عشر جنيهاً (المستند رقم 8 من المستند من حافظة المستندات المقدمة من السيد/ ...... المشار إليها). وبتاريخ 23/ 5/ 1970 تقدم السيد/ ........ بمذكرة إلى كل من السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية تضمنت سرداً للواقع وورد بها أنه كان قد بدأ سنة 1966 في إنشاء مزرعة ضخمة للحمام بزمام ناحية محلة مرحوم مركز طنطا بلغت تكاليفها حتى نهاية سنة 1966 ما يزيد على 700 جنيهاً، في بداية سنة 1967 بدأ في وضع أصناف منتقاة من الحمام للوصول إلى سلالات ممتازة وبقصد التهجين، مما أدى إلى توافر ما يزيد على 4000 زوج في بداية عام 1969 فشرع خلال شهر مايو سنة 1969 في عمل ثلاث قواعد مباني بالطوب الأحمر والأسمنت نواة لثلاثة أبراج جديدة من الحمام تكلفت 110 جنيهاً. وقد أخطره سلاح المهندسين بضرورة هدم كامل مبنى البرج وهو ما تم فعلاً يوم 20/ 7/ 1969 بواسطة قوة من سلاح المهندسين من مطار الجمهورية رغم أنه في تاريخ لاحق صدر قرار محافظ الغربية بالإبقاء على المباني والاكتفاء بسد الفتحات وانتهت المذكرة إلى طلب صرف التعويض المناسب على أساس تكلفة الإنشاءات وثمن الحمام وتوقف النشاط بالكامل. (مستند رقم 11 من المحافظة المشار إليها). وأقام السيد/ ........ الدعوى رقم 2349 لسنة 1971 مدني كلي طنطا ضد السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عما لحقه من خسارة وفاته من كسب وبجلسة 24/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بندب خبير لتقدير قيمة الضرر إذا وجد. وبعد أداء الخبير للمأمورية حكمت المحكمة للمدعي بتعويض قدره 1162 عن الضرر المادي ومبلغ 500 جنيه عن الضرر الأدبي وفوات الكسب ألزمت وزير الحربية بأدائه للمدعي. وأورد الحكم في أسبابه أن المحكمة لا تضع في اعتبارها أو تدخل في تقدير التعويض ما عساه مستحقاً للمدعي من تعويض عن حرمانه من تشغيل منشآته التزاماً بأحكام القرار الإداري الذي حظر عليه وغيره التشغيل والاستغلال وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا بجلسة 23/ 12/ 1976 برفض الاستئنافين المقامين عليه رقمي 157 لسنة 25 القضائية و49 لسنة 26 القضائية. وبصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة طنطا الابتدائية أقام السيد/ ....... الدعوى رقم 6311 لسنة 77 مدني كلي طنطا طالباً إلزام وزير الحربية ومحافظ الغربية بأن يدفعا له متضامنين مبلغ عشرة آلاف جنيه تأسيساً على أن محافظ الغربية أفادته بأن قرار منع تشغيل الأبراج المملوكة له ما زال سارياً لخطورة ذلك على الطيران ومبيناً أن التعويض المطالب به هو عما لحقه من ضرر نتيجة عدم إمكان موالاة النشاط في مزرعة تربية الحمام المملوكة له عند المدة من 20/ 7/ 1969 تاريخ حصول التعدي على المزرعة وحتى نهاية ديسمبر سنة 1972. وبجلسة 14/ 2/ 1979 حكت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محاكم مجلس الدولة المختصة بنظرها. وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات العقود الإدارية والتعويضات) حيث قرر الحاضر مع المدعي بجلسة المرافعة أمام تلك المحكمة بتاريخ 25/ 1/ 1981 أنه يعدل طلباته في مواجهة الحاضر عن المدعى عليهما إلى طلب إلزامهما متضامنين بتعويض نهائي قدره ثلاث آلاف جنيه سنوياً عن المدة من تاريخ القرار سبب التعويض حتى تاريخ صدور الحكم النهائي في النزاع مع الفوائد التعويضية بواقع 15% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى استكمال السداد والفوائد التأخيرية بواقع 4% من تاريخ صدور حكم نهائي في النزاع. وقدم المدعي بذات الجلسة المشار إليها حافظة مستندات تضمنت مستنداً واحداً هو كتاب موصى إليه من السيد/ مدير عام الشئون الاقتصادية بمحافظة الغربية مؤرخ 3/ 1/ 1981 يفيد بأنه إيماء إلى الشكوى المقدمة بخصوص إعادة استغلال أبراج الحمام الكائنة بزمام محلة مرحوم مركز طنطا فقد أفاد السيد/ قائد مطار محلة مرحوم أن وجود أي طيور في منطقة المطار شيء غير مرغوب فيه ويعوق حركة الطيران ويتسبب في أضرار بالغة الخطورة للطائرات الهابطة والصاعدة بالمطار وعليه فإنه لا يوافق على استغلال هذه الأبراج. وتضمنت حافظة المستندات المقدمة من السيد/ ........ بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة بتاريخ 10/ 10/ 1987 كتابين وردا إليه من السيد/ مدير الإدارة القانونية بمحافظة الغربية أولهما مؤرخ 22/ 3/ 1984 ويتضمن أنه بشأن الإفادة عما إذا كان القرار رقم 385 لسنة 1969 الصادر من محافظة الغربية ما زال ساري المفعول فإنه يرجى الرجوع إلى قيادة القوات الجوية في هذا الشأن حيث إنها الجهة التي طلبت إصداره، وثانيهما مؤرخ 17/ 6/ 1987 ويتضمن أن السيد/ قائد القاعدة الجوية بمحلة مرحوم أفاد بالكتاب رقم 1814 المؤرخ 11/ 6/ 1986 بأن قائد التشكيل لم يوافق على فتح وإعادة النشاط للأبراج التي تسري عليها أحكام القرار رقم 385 لسنة 1969 لتعارض ذلك مع طلعات الطيران.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها فالثابت أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2341 لسنة 71 مدني كلي طنطا أورد في مجال تكييفه موضوع الدعوى وسببها أن "المحكمة فهما منها للواقع في الدعوى لا ترى أن المدعي بطلبه العارض قد ابتغى تغيير سبب الدعوى، ذلك أنه وفي مذكرته التي قدمها رداً على الدفع بعدم الاختصاص الولائي الذي أبداه الحاضر عن المدعى عليهما نفى أنه يبغي تعويضاً عن القرار الإداري وأن دعواه تقوم على الخطأ التقصيري الحاصل في 21/ 7/ 1969 وبالتالي فإن طلب التعويض عن القرار الصادر من محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 يكون مغايراً لسبب الدعوى التي سبق الحكم فيها مما يكون معه الدفع غير قائم على أساس من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إن حق الملكية دستوراً وقانوناً ليس حق مطلقاً من كل قيد فقد نص الدستور الصادر في 25 من مارس سنة 1964 في المادة (16) من أن "الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية. ولا تزال الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقاً للقانون". كما نص دستور سنة 1971 في المادة (32) على أن "الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال. ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها من الخير العام للشعب". وقد نعى التقنين المدني في شأن القيود التي ترد على حق الملكية في المادة 806 على أن "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة وعليه أيضاً مراعاة الأحكام الآتية". وجاء بالمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في خصوص نص المادة المشار إليها أنه "تبدأ سلسلة القيود القانونية التي ترد على حق الملكية بنص يشير إلى القوانين الخاصة وما يلحق بها من مراسيم ولوائح تتعلق بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة ويكون من شأنها التقييد من حق الملكية وذلك كقانون نزع الملكية وقوانين الآثار وقانون المحلات المقلقة للراحة ولائحة الترع والجسور. ومن القيود القانونية المقررة للمصلحة العامة تلك المقررة لتسهيل الملاحة الجوية وللمصلحة الحربية. وعلى ذلك فقد صدر القانون رقم 639 لسنة 1953 بشأن مناطق اقتراب وانتقال وأمان للمطارات والذي تضمن قيوداً على إقامة مباني أو منشآت في المناطق التي حددها ونص في المواد 5 و6 و7 وعلى وجوب الحصول على ترخيص سابق من وزير الحربية لإنشاء أي شيء من ذلك، كما نص في المادة (14) على أنه "يجوز لوزير الحربية أن يأمر بإزالة ما يكون قائماً من مباني أو منشآت أو أشجار أو غيرها بالقدر الذي يتعارض على تطبيق أحكام هذا القانون فيما يتعلق بالمطارات التي يصدر قرار منه بسريان أحكام هذا القانون عليها....." كما تضمنت المادة (15) أحقية المالك في تعويض عن الإزالة تقدره لجنة يصدر بتشكيلها قرار من وزير الحربية ويكون للمالك أن يعارض في التقدير أمام المحكمة الابتدائية التي تصدر في هذا الشأن حكماً غير قابل للطعن فيه. فإذا كان ذلك، وكان الثابت من واقعة المنازعة الماثلة، أن قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 صدر بناء على كتاب قيادة القوات الجوية رقم 8050 المؤرخ 26/ 6/ 1969، وكان سلاح المهندسين قد قام بإخطار السيد/ ....... بضرورة هدم كامل مبنى البرج (على ما أورده بمذكرته المقدمة إلى السيدين/ وزير الحربية ومحافظ الغربية - المستند رقم 11 من حافظة مستندات المقدمة للمحكمة المدنية بجلسة 2/ 12/ 1971 - وكان قرار المحافظ رقم 385 لسنة 1969 قد نص على سد فتحات الحمام الكائنة بزمام البلاد الواردة بالكشف المرفق بالقرار ومنها محلة مرحوم الكائن لها أرض السيد/ ..... وهو القرار الذي يطلب التعويض عنه على أساس أنه تضمن حظر ممارسة نشاط تربية الحمام، وأنه يرتب أضراراً متجددة ناتجة عن استمرار سريانه، فإنه وأياً ما كان من مشروعية القرار الصادر من المحافظ في هذا الشأن متوخياً الصالح العام، وما إذا كان قد صدر بالتنفيذ لقرار سبق صدوره صحيحاً ومطابقاً لحكم القانون رقم 639 لسنة 1953 المشار إليه، فإنه يتعين حتى تقوم المسئولية عن قرار المحافظ أن تتوافر أركانها بأن يكون قد ترتب عليه ضرر وقامت علاقة السببية بين القرار والضرر. فالثابت أن السيد/ ....... قرر أمام الخبير المنتدب من المحكمة المدنية بجلسة 3/ 9/ 1973 (ص 8 من محضر أعمال الخبير) "أنكم تلاحظون الصوت القوي العتيق الذي ينبعث من الطائرات لحظات قيامها وهبوطها الأمر الذي يتعذر مع استمرار تربية حمام". وعلى ذلك فإن ما عساه يكون قد لحقه من ضرر نتيجة عدم ممارسة نشاطه في تربية الحمام لا يكون مرده إلى قرار المحافظ بسد عيون أبراج الحمام في المناطق المجاورة للمطار لخطورة ذلك على الطيران بل هو نتيجة عدم صلاحية المكان ذاته لممارسة هذا النشاط وقيام الحالة الواقعية يتعذر ممارسة النشاط على ما أكده السيد/ ..... مما ينفي توافر علاقة السببية اللازمة لقيام أركان المسئولية. وبالترتيب على ذلك لا تكون الدعوى الماثلة بالتعويض عن قرار محافظ الغربية رقم 385 لسنة 1969 قائمة على أساس من القانون مما يتعين معه رفضها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر فإنه يكون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من القانون المدني.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 2891 لسنة 32 ق جلسة 27 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 11 ص 69

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

------------------

(11)

الطعن رقم 2891 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - قرينة الاستقالة الضمنية.
المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
تقوم الاستقالتان الصريحة والضمنية على إرادة العامل.
الاستقالة الصريحة تستند إلى طلب كتابي يقدمه العامل - الاستقالة الضمنية تقوم على اتخاذه موقفاً ينبئ عن انصراف نيته إلى الاستقالة بحيث لا تدع ظروف الحال أي شك في دلالته على حقيقة المقصود منه - يتمثل هذا الموقف في إصرار العامل على الانقطاع عن العمل - إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه هو إجراء جوهري القصد منه أن تستبين جهة الإدارة مدى إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه وتمكينه من إبداء عذره - قرينة الاستقالة الضمنية مقررة لصالح جهة الإدارة إن شاءت أعملتها في حق العامل واعتبرته مستقيلاً وإن لم تشأ اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل - تقاعس الإدارة عن سلوك الإجراء التأديبي قبل العامل المنقطع عن عملة خلال المدة التي حددها المشروع أو شروعها في اتخاذ الإجراء بعد فوات تلك المدة يقيم القرينة القانونية باعتباره مستقيلاً من الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ الأحد 6/ 7/ 1986 أودع الأستاذ/ ...... المستشار بهيئة قضايا الدولة تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة نيابة عن السيد/ محافظ القاهرة بصفته ضد....... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12/ 5/ 1985. في الدعوى رقم 1125 لسنة 40 ق المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع إدارة جنوب القاهرة التعليمية عن إنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار بما في ذلك حصوله على شهادة بإنهاء الخدمة وإخلاء طرفه وبيانه خبرته وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن في تقرير طعنه بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بالطريق الإداري بتاريخ 4/ 8/ 1986 وأحيل إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 4/ 2/ 1987 وتداول أمامها بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وقدم الحاضر عن الحكومة خطاب إدارة جنوب القاهرة التعليمية رقم 924 في 26/ 3/ 1987 الذي جاء به أن المطعون ضده انقطع عن العمل في 31/ 8/ 1985 عقب انتهاء إعارته وأحيل للتحقيق معه في هذه الواقعة بتاريخ 18/ 9/ 1985 وبجلسة 1/ 4/ 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) موضوع وحددت لنظره جلسة 14/ 4/ 1987 وفي هذه الجلسة والجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها أودعت مسودة الحكم المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ ........ قد أقام الدعوى رقم 1125 لسنة 40 ضد محافظ القاهرة بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12/ 12/ 1985 طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي لإدارة جنوب القاهرة التعليمية بالامتناع عن إنهاء خدمته وإخلاء طرفه وإعطائه بيانات خدمته السابقة وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأسس دعواه على أنه كان يعمل مدرساً بمدرسة السيدة زينب الثانوية التابعة لإدارة جنوب القاهرة التعليمية وأنه انقطع عن العمل بدون إذن اعتباراً من 31/ 8/ 1985 واستمر منقطعاً لعزوفه عن الوظيفة وعدم رغبته في استمرار العلاقة الوظيفية وطبقاً لنص المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فإنه يعتبر مقدماً استقالته وكان يتعين على جهة الإدارة أن تصدر قراراً بإنهاء خدمته باعتباره مستقيلاً وأن تمنحه شهادة بذلك وبيانات خدمته السابقة وإذ تقاعست عن ذلك فإنه بطلب الحكم بإلغاء القرار السلبي بامتناع الإدارة عن إنهاء خدمته وبجلسة 12/ 5/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن إنهاء خدمة المدعي وإعطائه شهادة بذلك وخلو طرفه وبياناته الوظيفية مع ما يترتب على ذلك من آثار وأقامت المحكمة قضاءها على أسباب محصلها أن الثابت أن المدعي انقطع عن العمل اعتباراً من 1/ 9/ 1985 واستمر منقطعاً عن العمل عازفاً عن الوظيفة ومن ثم يعتبر مقدماً استقالته من الخدمة تطبيقاً لنص المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 لأن جهة الإدارة لم تتخذ أي إجراء تأديبي ضد المدعي خلال الشهر التالي للانقطاع. وكان يتعين على جهة الإدارة أن تصدر قرار بإنهاء خدمته وإعطائه بياناته الوظيفية وإذا امتنعت عن ذلك فإن امتناعها هذا يكون مخالفاً للقانون ومن ثم يكون المدعي له حق في طلباته.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن من المستقر عليه أن واقعة الانقطاع عن العمل لا يترتب عليها بذاتها انفصام رابطة التوظيف إلا إذا رأت جهة الإدارة أعمال قرينة الاستقالة الحكمية في حق العامل وذلك بإصدار قرار بإنهاء خدمته. ولما كانت جهة الإدارة لم تصدر مثل هذا القرار فإن رابطة التوظف تكون ما زالت قائمة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن كل من الاستقالة الصريحة والاستقالة الضمنية تقوم على إرادة العامل فالأولى تستند إلى طلب كتابي يقدم منه، والثانية تقوم على اتخاذه موقفاً ينبئ عن انصراف نيته إلى الاستقالة بحيث لا تدع ظروف الحال أي شك في دلالته على حقيقة المقصود ويتمثل الموقف في إصرار العامل على الانقطاع عن العمل وإذا كانت المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تناولت الاستقالة الضمنية تطلبت لإعمال حكمها مراعاة إجراء شكلي حاصله إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل فإن هذا الإجراء الجوهري القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه في ذات الوقت إعلامه بما يراد اتخاذه من إجراءات حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكيناً له من إبداء عذره فقرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل المدة المحددة مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل إن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن لم تشأ اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل. فإذا تقاعست عن اتخاذ سلوك الإجراء التأديبي قبل العامل المنقطع عن عمله خلال تلك المدة أو شرعت في اتخاذ الإجراء ولكن بعد فوات المدة قامت القرينة القانونية باعتباره مستقيلاً من الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من كتاب إدارة جنوب القاهرة التعليمية رقم 924 في 26/ 3/ 1987 والمقدم من محامي الحكومة بجلسة فحص الطعون أن المطعون ضده قد انقطع عن العمل بدون إذن اعتباراً من 1/ 9/ 1985 عقب إعارته وأن جهة عمله قد اتخذت ضده الإجراءات التأديبية وذلك بإحالته للتحقيق الإداري بتاريخ 18/ 9/ 1985 ومن ثم تكون جهة الإدارة قد اختارت عدم إعمال قرينة الاستقالة الضمنية المقررة لصالحها في الميعاد القانوني وخلال الشهر التالي للانقطاع محسوباً من تاريخ تحقق قرينة تقديم الاستقالة وهو اليوم السادس عشر من تاريخ الانقطاع على نحو ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وبالتالي فإن خدمة المطعون ضده لا تعتبر قد انتهت عن العمل بحكم القانون حيث استعملت جهة الإدارة حقها في الميعاد القانوني واتخذت حيال المطعون ضده الإجراءات التأديبية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن إنهاء خدمة المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده وألزمته المصروفات.

الجمعة، 7 مارس 2025

الطعن 2062 لسنة 31 ق جلسة 27 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 10 ص 64

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة اليد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي المستشارين.

-----------------

(10)

الطعن رقم 2062 لسنة 31 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الضمنية (تظلم).
المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء خدمة العامل متى توافرت أعمال قرينة الاستقالة الضمنية لا تتدرج المنازعات الخاصة بها ضمن المنازعات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة 10 من قانون مجلس الدولة - مؤدى ذلك: عدم خضوع هذه القرارات لقيد التظلم الوجوبي قبل طلب إلغائها - يقبل طلب وقف تنفيذها مؤقتاً لحين الفصل في موضوع الدعوى المقامة بإلغائها - تطبيق.
(ب) واجب الإدارة في حالة توافر قرينة الاستقالة الضمنية (قرار سلبي).
إذا توافرت قرينة الاستقالة الضمنية وجب على جهة الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمة العامل اعتباراً من تاريخ انقطاعه في حالة الانقطاع المتصل لمدة خمسة عشر يوماً أو من اليوم التالي لاكتمال مدة الانقطاع ثلاثين يوماً في حالة الانقطاع غير المتصل - يجب في جميع الأحوال إعطاء العامل شهادة تفيد إنهاء خدمته متضمنة بياناته الوظيفية - امتناع الإدارة عن إعطاء العامل تلك الشهادة يعتبر قراراً سلبياً بالامتناع ما يحق معه لصاحب الشأن المطالبة بوقف تنفيذه وإلغائه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 6/ 5/ 1985 أودع محامي الحكومة نيابة عن محافظة الجيزة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا - تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 2062 لسنة31 ق ضد........ في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (تسويات) بجلسة 25/ 3/ 1985 في الدعوى رقم 2339 لسنة 39 ق المقامة من المطعون ضده والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي لجهة الإدارة بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعية ومنحها شهادة تفيد هذا الإنهاء وخلو طرفها ومدة خبرتها وألزمت الإدارة مصروفات هذا الشق وأمرت بإحالة الشق الموضوعي إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير فيه.
وقد طلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم في الدعوى بصفة أصلية بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، وبصفة احتياطية: برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه ومن قبيل الاحتياط الكلي برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدها بتاريخ 21/ 5/ 1985 بمكتب محاميها.
أحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة حيث قامت بتحضيره وأودعت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة وبعد أن استمعت المحكمة إلى ملاحظات الطرفين قررت المحكمة بجلسة 13/ 10/ 1987 حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 27/ 10/ 1987 وفي هذه الجلسة تم النطق بالحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر الأوضاع الشكلية المقررة فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2339 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بتاريخ 25/ 3/ 1982 ضد/ محافظة الجيزة طلبت فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمتها اعتباراً من تاريخ انقطاعها وإعطائها ما يفيد هذا الإنهاء وخلو طرفها ومدة خبرتها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات وقالت شرحاً لدعواها إنها تعمل بإدارة غرب الجيزة التعليمية وانقطعت عن العمل اعتباراً من 6/ 12/ 1984 حتى تاريخ إقامة الدعوى وتقدمت إلى جهة الإدارة لإعطائها شهادة تفيد إنهاء خدمتها وخلو طرفها فامتنعت جهة الإدارة عن ذلك بدون مسوغ من القانون ووقفت موقفاً سلبياً دون الرد عليها، وانتهت المدعية إلى طلب الحكم لها بطلباتها المبينة بصحيفة الدعوى، وبجلسة 25/ 3/ 1985 حكمت المحكمة في الشق المستعجل من هذه الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعية ومنحها شهادة تفيد هذا الإنهاء وخلو طرفها ومدة خبرتها وألزمت الإدارة مصروفات هذا الشق وأمرت بإحالة الشق الموضوعي إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير فيه، واستندت المحكمة في ذلك إلى أنه بالنسبة لركن الاستعجال فإن قضاء المحكمة قد جرى على أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع عن العمل وانتهت خدمته باعتباره مستقيلاً وفقاً لحكم القانون يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال كما تمنعه من تغيير بيانات بطاقته وعدم إفادته من مدة خبرته السابقة عند تقدمه إلى عمل آخر مما يتعارض مع أحكام الدستور التي تكفل حرية الانتقال وحرية الهجرة والعمل وبناء عليه فإن مسلك الإدارة هذا يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وبالنسبة لركن الجدية ذهبت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق دون التعرض لأصل طلب الإلغاء وأن المدعية قد انقطعت عن العمل بدون إذن اعتباراً من 6/ 12/ 1984 ومن ثم تعتبر خدمتها منتهية من هذا التاريخ وفقاً لنص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 ومن ثم فإن خدمتها تعتبر منتهية من تاريخ الانقطاع وكان على جهة الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمة المدعية وإعطائها ما يفيد بذلك وبياناتها الوظيفية الأخرى وفقاً لنص المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات وخلصت المحكمة من ذلك إلى وجوب الحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بإنهاء خدمة المدعية.
ومن حيث إن الجهة الطاعنة تنعى على الحكم المشار إليه أنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأنه:
أولاً: من المبادئ المستقرة فقهاً وقضاء أن قرارات إنهاء الخدمة وما في حكمها من قرارات سلبية يجب التظلم منها قبل طلب إلغائها ومن ثم لا يقبل طلب وقف تنفيذها إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 49 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة ولما كان الثابت أن القرار السلبي المطعون عليه يندرج في عموم المنازعات الخاصة بإنهاء الخدمة الواردة في المادة 10 من قانون مجلس الدولة فمن ثم لا يقبل طلب وقف تنفيذه ويكون الحكم مخطئاً لمخالفته ذلك ويتعين الحكم بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه.
ثانياً: استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا على أن حق العامل في ترك الخدمة سواء عن طريق الاستقالة الصريحة أو الاستقالة الضمنية ليس مطلقاً من كل قيد وذلك تحكمه اعتبارات الصالح العام ضماناً لدوام حسن سير العمل في المرافق العامة وأن قرينة الاستقالة الضمنية المقررة في قوانين العاملين المختلفة مقررة لمصلحة جهة الإدارة فلها أن تعملها ولها أن تهدرها بأن تتخذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع وأن انتهاء خدمة العامل المنقطع لا تترتب حتماً لمجرد توافر شروط إعمال تلك القرينة وإنما يلزم أن تصدر الجهة الإدارية قراراً إدارياً يرتب هذا الأثر تفصح فيه الإدارة عن رغبتها صراحة في إعمال حكم قرينة الاستقالة الضمنية وبناء على ذلك تكون رابطة التوظيف لا زالت قائمة بشأن المطعون ضدها ويكون الحكم المطعون فيه حين قضى بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمته قد صدر على خلاف أحكام القانون ويتعين القضاء بوقف تنفيذه مؤقتاً حتى يفصل في الموضوع بإلغائه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فإنه مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن القرارات السلبية بالامتناع عن إنهاء الخدمة تطبيقاً لحكم المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 متى توافرت شروط إعمال قرينة الاستقالة الحكمية لا تندرج المنازعات الخاصة بها ضمن المنازعات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وبالتالي لا ينطبق عليها الحكم الوارد بنص المادة 12 من قانون مجلس الدولة ولا تخضع لقيد التظلم الوجوبي قبل طلب إلغائها ومن ثم تخرج عن نطاق تطبيق نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة المشار إليه ويقبل طلب وقف تنفيذها مؤقتاً لحين الفصل في موضوع الدعوى المقامة بإلغائها ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني للطعن فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه يتعين على الإدارة إعمال قرينة الاستقالة الحكمية في شأن العامل المنقطع عن العمل بغير إذن لمدة خمسة عشر يوماً متصلة أو لمدة ثلاثين يوماً في السنة غير متصلة وذلك إذا لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية عذراً تقبله جهة الإدارة يبرر هذا الانقطاع وأن إعمال هذه القرينة يترتب في حق العامل طبقاً للمادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة حتماً وبقوة القانون وذلك إذا لم تتخذ الجهة الإدارية الإجراءات التأديبية قبل العامل خلال الشهر التالي للانقطاع، وتفصح عن رغبتها صراحة بهذا الإجراء في الإبقاء على رابطة التوظف بينها وبين العامل المنقطع أو إذا اتخذت هذه الإجراءات التأديبية بعد فوات مدة الشهر التالي للانقطاع، ففي هذه الحالة يجب على الجهة الإدارية أن تصدر قراراً بإنهاء خدمة العامل المنقطع اعتباراً من تاريخ انقطاعه في حالة الانقطاع المتصل لمدة خمسة عشر يوماً أو من اليوم التالي لاكتمال مدة الانقطاع ثلاثين يوماً في حالة الانقطاع غير المتصل، ويجب في جميع الأحوال إعطاء العامل شهادة تفيد إنهاء خدمته وتتضمن بياناته الوظيفية وإذا امتنعت الإدارة عن ذلك اعتبر امتناعها هذا قراراً سلبياً بالامتناع مما يحق معه لصاحب الشأن المطالبة بوقف تنفيذه وبإلغائه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية المختصة قد أحالت المطعون ضدها إلى التحقيق الإداري بتاريخ 6/ 1/ 1985 مستخدمة في ذلك الرخصة المخولة لها قانوناً طبقاً لنص المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 في اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع عن العمل بدون إذن أو عذر مقبول وإذ كانت هذه الإجراءات قد اتخذت خلال الشهر التالي للانقطاع فمن ثم فإن الجهة الإدارية تعتبر قد أفصحت عن اتجاه إرادتها إلى الإبقاء على رابطة التوظف التي تربطها بالمطعون ضدها ومن ثم تعتبر خدمة المطعون ضدها مستمرة، ولا يجوز إجبار الجهة الإدارية على إصدار قرار بإنهائها وكذلك لا يكون ثمة قرار سلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المطعون ضدها حيث لا تلتزم الجهة الإدارية في هذه الحالة بإصدار هذا القرار وبالتالي يعدو طلب إيقاف تنفيذه غير قائم على سند من القانون حليفاً بالرفض.
وإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بخلاف ذلك حيث حكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المطعون ضدها فإنه يكون قد صدر على خلاف صحيح حكم القانون وأضحى متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف التنفيذ المقدم من المطعون ضدها وألزمت المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 2386 لسنة 29 ق جلسة 25 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 9 ص 60

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

----------------

(9)

الطعن رقم 2386 لسنة 29 القضائية

قوات مسلحة - اللجان القضائية العسكرية - (اختصاص) (قانون) (مرافعات).
(مرافعات):
القانون رقم 235 لسنة 1959 بإصدار قانون الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود معدلاً بالقانونين رقمي 106 لسنة 1964 و123 لسنة 1981.
المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
تسري الأحكام المنظمة للاختصاص القضائي للجان القضائية العسكرية المنصوص عليها بالمادة (11) من القانون رقم 123 لسنة 1981 بأثر حال مباشر على جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بخدمة وترقية ضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة - تختص تلك اللجان بنظر هذه المنازعات ولو كانت قد نشأت قبل العمل بالقانون المذكور ما لم يكن قد فصل فيها بحكم قضائي - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 6/ 1983 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2386 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "الدائرة الاستئنافية" في الطعن رقم 391 لسنة 13 ق. س المقام من وزير الدفاع ضد السيد/ ........، والذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى مع الأمر بإحالتها إلى اللجنة القضائية العسكرية المختصة وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن درجتي التقاضي.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره أمامها جلسة 12/ 4/ 1987 وتداول الطعن بالجلسات حيث استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من أوراقها في أن السيد/ ...... أقام الدعوى رقم 6 لسنة 23 القضائية ضد وزير الدفاع بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الري والدفاع في 8/ 11/ 1975 طالباً الحكم بوقف الخصم من مرتبه لحين الفصل في الدعوى وبأحقيته في المرتب والبدلات المقررة في مصر عن فترة عمله في الخارج مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مساعداً فنياً بالقوات الجوية، وأوفد بقرار من وزير الحربية مع قوة من العسكريين بالقوات الجوية إلى الجمهورية الليبية في مهمة تتعلق بمصالح مصر والقيام بدراسة عملية وفنية على السلاح خلال الفترة من 5/ 8/ 1970 إلى 7/ 8/ 1974، وعاد بعض أفراد القوة إلى مصر، إلا أنه استمر مع باقي القوة في ليبيا لسد احتياجات السلاح من الإعداد والتجهيز والصيانة إلى أن تقرر سحب القوة من ليبيا. وكانت ليبيا تصرف له مبالغ لا تصل إلى ما كانت تقضي به اللوائح من مصروفات سفر وانتقال، وكان مرتبة في مصر يصرف إلى ذويه حتى فوجئ بإيقافه من شهر أكتوبر سنة 1971 تأسيساً على أن التعليمات المالية رقم 7 لسنة 1971 من هيئة الشئون المالية بتاريخ 24/ 3/ 1971 تقضي بوقف صرف الماهيات والبدلات بالداخل اعتباراً من تاريخ استلام العمل بالخارج باعتباره معاراً لجمهورية ليبيا، وإثر عودته قامت وزارة الدفاع بخصم ربع راتبه استيفاء لما سبق صرفه من مرتبات في مصر، ولهذا أقام دعواه. ولم ترد الجهة الإدارية على الدعوى، ولم توضح ما إذا كان المدعي منتدباً أم معاراً للجمهورية الليبية إلا أن هيئة قضايا الدولة قدمت كتاباً صادراً عن شئون العاملين المدنيين بالقوات الجوية يفيد أن المدعي ليس من العاملين المدنيين ودفعت بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 87 من القانون رقم 58 لسنة 1971 وطالبت برفض الدعوى تأسيساً على أن المعاملة المالية للمعارين يحكمها قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في 24/ 8/ 1955 وأن منح المرتبات في مصر رخصة مخولة لجهة الإدارة، وقد صدرت تعليمات برقم 7 لسنة 1971 بوقف صرف المرتبات المقررة بالداخل من تاريخ استلام المعار لعمله بالخارج، ومن ثم فقد أصبحت المبالغ التي صرفت للمدعي أثناء إعارته بالداخل قد دفعت دون وجه حق وتعين استردادها.
وبجلسة 11/ 1/ 1981 حكمت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وبأحقية المدعي في صرف مرتبه طوال فترة عمله بليبيا حتى تاريخ عودته منها مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وبالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وبجلسة 13/ 4/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً، وأسست قضاءها على أن إيفاد المدعي إلى ليبيا لم يكن بمثابة إعارة وإنما كان مكلفاً بمهمة أو منتدباً للعمل بها وفي كلتا الحالتين يستحق مرتبه طوال فترة عمله بليبيا حتى تاريخ عودته منها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن القانون رقم 123 لسنة 1981 قد أخرج المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة من اختصاص القضاء الإداري وأصبحت من اختصاص لجان قضائية عسكرية خاصة بالقوات المسلحة، ومن ثم كان يتعين القضاء بعدم الاختصاص خاصة وأن القانون رقم 123 لسنة 1981 قد عمل به اعتباراً من 25/ 7/ 1981 وكانت الدعوى ما زالت مطروحة على القضاء ولم تحجز للحكم.
ومن حيث إن قانون الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة صدر بالقانون رقم 235 لسنة 1959 ثم بالقانون رقم 106 لسنة 1964، وصدر أخيراً القانون رقم 123 لسنة 1981 الذي تضمنت أحكام قانون الخدمة المرافق له النص في المادة 129 على أن تنشأ بالقوات المسلحة اللجان القضائية العسكرية الآتية:
أ - لجان قضائية فرعية في قيادات الأفرع الرئيسية للقوات
المسلحة وقيادات الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية، ويحدد اختصاص كل لجنة بقرار من وزير الدفاع.
ب - اللجنة القضائية العسكرية العليا على مستوى القوات
المسلحة.
ونصت المادة 130 على أن تختص اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة السابقة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي بالقوات المسلحة بتطبيق أحكام هذا القانون وذلك عدا الطعن في العقوبات الانضباطية.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم أن اللجان القضائية العسكرية المشار إليها في المادة 129 من قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الصف والجنود ذوي الراتب العالي بالقوات المسلحة المتعلقة بتطبيق أحكام قانون الخدمة المشار إليه سواء صدرت بمقتضى أحكام هذا القانون أي بالقانون رقم 123 لسنة 1981 أو بمقتضى القوانين السابقة عليه المنظمة لشروط خدمة وترقية هذه الطائفة والتي حل محلها هذا القانون وذلك إعمالاً لنص المادة 129 المشار إليها، باعتبارها من الأحكام المنظمة للاختصاص القضائي فتسري بأثر حال مباشر على جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بخدمة وترقية ضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة، ومن ثم تختص اللجان القضائية بالقوات المسلحة بنظر هذه المنازعات حتى ولو كانت نشأت قبل العمل بالقانون رقم 123 لسنة 1981 ما دامت تتعلق بشئون الخدمة والترقية للمذكورين ما لم يكن قد فصل فيها بحكم قضائي.
ومن حيث إن القانون رقم 123 لسنة 1981 عمل به اعتباراً من 25/ 7/ 1981 في وقت كانت المحكمة الإدارية لوزارتي الدفاع والري قد فصلت بتاريخ 11/ 1/ 1981 في موضوع الدعوى بأحقية المدعي في صرف مرتبه خلال فترة عمله في ليبيا ومن ثم يكون حكم المحكمة الإدارية والحالة هذه قد أصاب الحق في تصديه لدعوى تدخل في اختصاص تلك المحكمة ويكون ما طرأ على تعديل الاختصاص بعد ذلك بالقانون رقم 123 لسنة 1981 لا يمس الدعاوى التي فصل فيها بأحكام قضائية وهو ما تقضي به إعادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث تقضي بأن:
تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل به ويستثنى منه ذلك.
1 - القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالموضوع فإن جهة الإدارة وقد تقاعست عن الرد على دعوى المدعي أو إيضاح الأساس القانوني في عدم استحقاقه مرتبه في مصر أثناء تكليفه للعمل مع القوات المسلحة بليبيا. فإن الأصل أن يستحق راتبه في مصر طالما انقضى سبب حرمانه من هذا الراتب وهو الذي تنكبت جهة الإدارة عن إثباته، وإن لم تجحد إيفاده إلى ليبيا خلال الفترة التي قررها المدعي في صحيفة دعواه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر، فيكون قد أصاب صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.


(1) يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 1761 لسنة 29 القضائية الصادر بجلسة 2/ 2/ 1986.

الطعن 808 لسنة 28 ق جلسة 25 / 10 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 8 ص 56

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة نبيل أحمد سعيد علي ومحمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

----------------

(8)

الطعن رقم 808 لسنة 28 القضائية

قرار إداري - قرار إنهاء الإعارة لدولة عربية - سبب القرار (مسئولية إدارية).
القرار الصادر بإنهاء إعارة مدرس لدولة عربية استجابة لرغبة الحكومة الأجنبية المستعيرة لا يعد عقاباً أو تأديباً للمعار - لا وجه للقول بمسئولية الإدارة عما أصابه من أضرار - أساس ذلك: انتفاء ركن الخطأ في جانب الإدارة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 4/ 1982 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزير التربية والتعليم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 808 لسنة 28 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 16/ 2/ 1982 في الطعن التأديبي رقم 120 لسنة 14 ق المقام من........ ضد وزير التربية والتعليم والذي قضى بإلغاء القرار الصادر بحرمان...... من الإعارة لمدة أربع سنوات وحرمانه من تكملة مدة إعارته التي كان بها وما يترتب على ذلك من آثار. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار المطعون فيه من حرمان المطعون ضده من تكملة مدة إعادته وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 8/ 12/ 1986 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره أمامها جلسة 21/ 12/ 1986 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدي النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 12/ 1978 أقام السيد........ الدعوى رقم 431 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير التربية والتعليم طالباً الحكم بإلغاء القرار المتضمن حرمانه من تكملة مدة إعارته مع صرف مرتبه عن مدة الأجازة الصيفية وهي أربعة أشهر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مدرساً بوزارة التربية والتعليم وتم إعارته خلال عام 1975 إلى اليمن الجنوبية، وبتاريخ 21/ 4/ 1977 ألغيت إعارته دون سبب مقبول من جانب حكومة اليمن الجنوبية بعدن، وتم التحقيق معه في القضية رقم 213 لسنة 1977 إعارات بواسطة إدارة الشئون القانونية لجنوب القاهرة التعليمية وانتهى التحقيق إلى عدم ارتكابه أية مخالفة، غير أن إدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم أصدرت قراراً بحرمانه من الإعارة لمدة أربع سنوات وذلك في القضية رقم 352 لسنة 1977، مع طلب استكمال مدة الإعارة، وأضاف قائلاً أنه بتاريخ 18/ 6/ 1978 قدم تظلماً من القرارات المشار إليها، فضلاً عن ذلك فإن إدارة الإعارات بالوزارة لم تصرف إليه مرتبه عن مدة الإجازة الصيفية وهي أربعة أشهر من مايو سنة 1977 حتى 31 أغسطس سنة 1977 أسوة بزملائه المعارين للخارج حيث إن إلغاء الإعارة كان بسبب لا دخل لإرادته فيه. وإذ لم تستجب جهة الإدارة إلى طلباته فقد أقام هذه الدعوى.
وقدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها متضمنة ردها على الدعوى، كما قدم المدعي مذكرته بدفاعه حدد فيها طلباته: أولاً: بإلغاء القرار الإداري رقم 402 الصادر بتاريخ 2/ 7/ 1978 بحرمانه من التقدم للإعارة مدة أربع سنوات وبحرمانه من استكمال الإعارة. ثانياً: صرف مرتبه عن الإجازة الصيفية وهي أربعة أشهر أسوة بزملائه المعارين إلى الخارج مع ما يترتب على من آثار.
وبجلسة 17/ 4/ 1980 قضت محكمة القضاء الإداري: أولاً: بعدم اختصاصها بنظر طلب إلغاء القرار المطعون فيه وأمرته بإحالته إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للاختصاص. ثانياً: بعدم اختصاصها بنظر طلب صرف مرتب المدعي عن مدة الإجازة الصيفية محل النزاع وأمرت بإحالته إلى المحكمة الإدارية للعاملين بوزارة التربية والتعليم للاختصاص وقد وردت الدعوى إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وقيد بجدولها طعناً تأديبياً برقم 120 لسنة 14 ق ونظر بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر.
وبجلسة 16/ 4/ 1982 أصدرت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم الحكم المطعون فيه والذي قضى بإلغاء القرار الصادر بحرمان المدعي من الإعارة لمدة أربع سنوات وحرمانه من تكملة مدة إعارته التي كان بها وما يترتب على ذلك من آثار، وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن المعنى التأديبي للقرار المطعون فيه قد وضح من الإجراءات التي سبقت إصداره من مذكرات وتحقيقات وإدانة ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر بصفته جزاءً تأديبياً لما ارتكبه المدعي من مخالفات أثناء إعارته إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهو جزاء لم يرد ضمن الجزاءات التي حددتها المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ولذلك فإنه يكون قد ورد على خلاف القانون ويتعين إلغاؤه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المطعون ضده من تكملة مدة إعارته قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن قرار الطعن قد استند في هذا إلى سبق إلغاء إعارة المطعون ضده فعلاً بقرار من وزير التعليم اليمني لخروج المطعون ضده عن حدود اللياقة أثناء حديثه معه ومن فإن هذا القرار لم يصدر عقاباً أو تأديباً للمطعون ضده وإنما تنفيذاً لرغبة الحكومة المعار إليها فضلاً عما ينطوي عليه مسلك المطعون ضده من المساس بسمعة مصر والمصريين بالخارج مما يصمه بمخالفة أحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1978 بشأن شروط الإعارة الخارجية ويكون هذا القرار قد بني على أسباب سائغة تبرره قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم دون أن تكون الدعوى متعلقة بجزاء تأديبي صريح إلا أنها وقد أحيلت إليها الدعوى بحكم من محكمة القضاء الإداري على النحو المبين آنفاً أصبحت ملتزمة بالفصل فيها طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات دون أن تعيد بحث موضوع الاختصاص من جديد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أعير إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالأمر التنفيذي رقم 971 في 28/ 7/ 1975 واستمر بها إلى أن أصدر وزير التعليم اليمني الجنوبي قرار بإنهاء الإعارة بعد أن حدثت بينه وبين المطعون ضده مشادة بسبب طلب الأخير تغيير جدول الحصص له لكي يحصل على يومين إجازة بدلاً من يوم واحد عدا يوم الجمعة وتخلفه بعد ذلك عن المدرسة في اليوم الذي اعترض عليه مما اعتبره الوزير ماساً به حيث أصدر قراره المنوه عنه، وبناء عليه قامت سفارة جمهورية مصر العربية باليمن الجنوبي بإخطار المطعون ضده بالعودة إلى أرض الوطن في 10/ 3/ 1977، وإثر عودة المطعون ضده لاستلام عمله أجرت الجهة الإدارية تحقيقاً معه انتهت فيه إلى اعتبار سلوكه حيال الوزير اليمني ماساً لسمعة مصر والمصريين في الخارج وأصدرت قرارها الطعين بحرمان المطعون ضده من استكمال إعارته وبحرمانه كذلك من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات من العام الدراسي 77/ 78.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه في شقه الخاص بحرمان المطعون ضده من استكمال الإعارة هو في حقيقته استجابة لرغبة الحكومة الأجنبية المستعيرة التي قامت بإلغاء الإعارة من جانبها بالفعل ومن ثم فهو لا يمثل أدنى خطأ في جانب الإدارة كما لا يعد عقاباً منها أو تأديباً للمدعي ويكون القرار في هذا الشق منه قد بني على أسباب صحيحة في الواقع والقانون.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بغير النظر المتقدم قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعي من استكمال مدة الإعارة وإلزام المطعون ضده المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعي من استكمال مدة الإعارة.