جلسة 9 من نوفمبر سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة, وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح, وعلي رضا عبد الرحمن رضا, وعبد السميع عبد الحميد بريك, ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(16)
الطعن رقم 1186 لسنة 38 القضائية
(أ) هيئة الشرطة - ضباط الشرطة - معيار اختيار الوظائف القيادية.
للحكومة حق اختيار كبار موظفيها من شاغلي وظائف القيادة العليا الذين تستأنس فيهم القدرة على القيام بما تطلبه منهم لتنفيذ السياسة التي ترسمها باعتبارها مسئولة عن حسن تصريف أمور الدولة وتسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام - تتمتع جهة الإدارة بقدر واسع من الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لشغل تلك الوظائف - تقديرها في هذا الشأن مطلق من كل قيد طالما خلا من إساءة استعمال السلطة - لا يكفي لإثبات إساءة استعمال السلطة مجرد خلو ملف الموظف من الشوائب أو كونه أكفأ في أدائه عمله - أساس ذلك: أن الصلاحية في هذا المجال لها اعتبارات متعددة لها جميعها وزنها وتقديرها - حق السلطة التنفيذية في الحكم على صلاحية كبار الموظفين القادرين على تولي الشئون العامة مرده إلى أمرين: أولهما: - أصل طبيعي يقضي بوجوب هيمنة الحكومة على سير المرافق العامة لتحقيق الصالح العام. ثانيهما: - أصل تشريعي مستمد بما ورد في القوانين من حق الحكومة في اختيار كبار موظفيها من شاغلي وظائف القيادة العليا - يتأكد هذا الحق بصفة خاصة في مجال الأمن العام الذي تقوم عليه وزارة الداخلية وهيئة الشرطة - يقتضي ذلك التدقيق في اختيار أفضل العناصر لشغل الوظائف القيادية من رتبة لواء وما يعلوها - مفهوم الصلاحية في مقام اختيار القيادات العليا لا يقتصر على كفاية الضابط وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله - يتسع ذلك ليشمل مسلك الضابط وانضباطه داخل العمل وخارجه وما يأتيه من سلوك ينال من جدارته وأهليته وصلاحيته للوظائف العليا - لا يتصور أن يتساوى من يوجد بعض المآخذ عليه في حياته الوظيفية مع من خلت صفحته من مثل ذلك لمجرد تساويهما في درجة الكفاية - موازين التقدير تدق بالنسبة لوظائف القيادة العليا بجهاز الشرطة عنه بالنسبة للوظائف السابقة عليها - ما يمكن التجاوز عنه من عناصر التقدير بالنسبة للوظائف الأدنى لا يجوز بالنسبة لوظائف القيادة العليا - تطبيق.
(ب) هيئة الشرطة - ضباطها - ترقية.
المادة (17) من القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة.
الترقية من رتبة ملازم حتى رتبة عميد تكون بالأقدمية - الترقية للوظائف الأعلى بالاختيار - أساس ذلك: 1 - ترك اختيار شاغلي المناصب الرئيسية لتقدير جهة الإدارة المطلق حسبما تطمئن إليه من عناصر الكفاية. 2 - إفساح مجال الترقي أمام عدد كبير من الضباط بما يحقق التوازن بين الصالح العام وصالح الضباط أنفسهم - القيد الوحيد للسلطة التقديرية هو عدم التعسف في استعمالها - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 2/ 4/ 1992 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بالمحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن بموجب التوكيل الرسمي العام الموثق برقم 70 لسنة 1991 أمام مأمورية توثيق جنوب القاهرة - سكرتارية المحكمة تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات - بجلسة 10/ 2/ 1992 في الدعوى رقم 2788 لسنة 45 ق قيد بسجلات المحكمة برقم 1186 لسنة 38 ق عليا، وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الصادر من المطعون ضده فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى المعاش وما يترتب على ذلك آثار وإلزام الجهة المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب.
وبتاريخ 2/ 4/ 1992 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده وبعد تحضير الدعوى، قدمت هيئة مفوضي الدولة، تقريراً مسبباً، بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
بجلسة 16/ 1/ 1993 قررت دائرة فحص الطعون بالمحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 9/ 2/ 1993، حيث نظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 5/ 10/ 1993 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات اللازمة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة، تتخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المرفقة بالطعن في أنه صدر قرار وزير الداخلية رقم 754 لسنة 1990 بترقية الطاعن إلى رتبة لواء مع إحالته إلى المعاش اعتباراً من 2/ 8/ 1990، وتظلم منه في 30/ 9/ 1990 إلا أنه لم يتلق رداً على تظلمه, فبادر بإقامة الدعوى رقم 2788 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم له بإلغاء القرار سالف الذكر وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات مستنداً في ذلك إلى أن قرار إحالته إلى المعاش صدر على غير سند من الواقع أو القانون وفاقداً لركن السبب، متسماً بسوء استعمال السلطة لأن مناط إجراء الترقية بالاختيار، يجب أن يستمد من عناصر صحيحة, والثابت من ملف خدمته أنه من أوائل دفعته ثم حصل على دبلوم القانون العام, وأخر في العلوم الجنائية وشرع في تسجيل رسالة دكتوراه كما حصل على دبلوم معهد المرور من جامعة فورث وسترت - بشيكاغو - والعديد من الشهادات الأخرى كما أسندت إليه أعمال هامة ووجهت إليه خطابات شكر من قيادات الشرطة وكلها أمور تدل على كفايته وامتيازه مما كان يتعين معه إبقاؤه في الخدمة بعد ترقيته إلى رتبة لواء وتجعل من قرار إحالته إلى المعاش غير قائم على سنده وقد صدر مشوباً بإساءة استعمال السلطة والانحراف بها.
وبجلسة 10/ 2/ 1992 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات واستندت في قضائها إلى أن مؤدى نص المادتين 19, 20 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، أن المشرع جعل الترقية إلى رتبة اللواء مع الاستمرار في الخدمة تتم بالاختيار المطلق ومن لا يشمله هذا الاختيار يحال إلى المعاش مع ترقيته إلى رتبة اللواء إلا إذا كانت هناك أسباب هامة تبرر عدم الترقية. وأنه من المستقر عليه أن السلطة التقديرية المخولة للجهة الإدارية متروك تقديرها لها وتترخص الجهة الإدارية في ذلك دون أن يحدها سوى إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها التي يقع عبء إثباتها على عاتق المدعي ومن ثم فإذا لم يقم دليل من الأوراق يكشف عن إساءة الجهة الإدارية لاستعمال السلطة التقديرية أو الانحراف بها ولم يقدم المدعي ما يفيد ذلك كان النعي على القرار الإداري في مثل هذه الحالة، غير قائم على سند صحيح من القانون وأضافت المحكمة في أسباب حكمها، إلى أن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر بترقية المدعي إلى رتبة لواء مع إحالته إلى المعاش وأن المدعي لم يقدم ما يفيد إساءة الجهة الإدارية استعمال سلطتها التقديرية المخولة لها أو الانحراف بها كما خلت الأوراق مما يفيد وجود أي من ذلك بل إن الثابت من الأوراق أن المدعي نقل خارج مديرية أمن القاهرة في 10/ 8/ 1969 إلى أسيوط لما نسب إليه من إتيانه تصرفات لا تليق بكرامة الوظيفة إذ دأب الاتصال تليفونياً بإحدى السيدات وتم ضبطه بكمين عندما أعطاها موعداً لمقابلته كما أنه وضع تحت الملاحظة السرية في 19/ 3/ 1986 لما نسب في شكوى المواطن/ .......... "مستخلص جمركي" من عدم قيامه بسداد مستحقاته بمبلغ 300 جنيه نظير التخليص الجمركي لرسالة جوز هند واردة من سيريلانكا بجمرك بورسعيد لحساب مكتب للخبرة والتجارة بالجيزة إذ قام المدعي بإجراء التخليص بتوكيل رسمي من هذا المكتب الخاص بأشقائه وخطفه الأوراق الخاصة بالتخليص وتمزيقها وتحرر عن ذلك المحضر رقم 16 أحوال قسم الشرق ببور سعيد بتاريخ 26/ 7/ 1984، انتهى بالصلح بين المدعي والمستخلص الجمركي، ونتيجة لذلك تم تقييم موقفه بمعرفة الإدارة العامة للتفتيش ورؤى عرض حالته على مساعد الوزير للشرطة المتخصصة لتحذيره لما نسب إليه الأمر الذي يعتبر تورطاً منه فيما قام به من عمل كان يجب أن ينأى عنه بذهابه إلى الجمرك بتلك العملية بملابسه الرسمية ورفعت عنه الملاحظة بعد ذلك في 13/ 9/ 1987 كم طلبت مديرية أمن القليوبية نقله خارجها لما نسب إليه من دأبه على التصريح والجهر في عدة مناسبات بأنه سيحرر قبل مرؤوسيه تقارير لنقلهم وتعوده على التخوف من مرؤوسيه وأنهم يسعون إلى نقله مما أفقده قبلهم احترام وهيبة قائد الموقع وأن ذلك أثر في قدرته على احتواء الخلافات والسيطرة على المرؤوسين مما دفعهم إلى تخطيه وعرض الخلافات على المسئولين بالوزارة، وقد انتهى هذا التقرير إلى منحه فرصة عام آخر مديراً لإدارة مرور القليوبية، وأن تلك الوقائع إنما تلقى دون ريب - ظلالاً كثيفة حول صفحة المدعي الوظيفية تجعل من سلطة الجهة الإدارية إحالته للمعاش عقب ترقيته لرتبة اللواء ومن ثم تكون قد استعملت سلطتها التقديرية استعمالاً صحيحاً خالياً من إساءة استعمال السلطة التقديرية أو الانحراف بها، بما يجعل الدعوى فاقدة الأساس القانوني وتكون لذلك مستوجبة الرفض.
ومن حيث إن الطاعن، طلب في تقرير طعنه - إلغاء الحكم المطعون فيه مستنداً في ذلك إلى سببين:
أولهما: أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، على سند من القول بأن مقتضى الاختيار للترقية لرتبة لواء مع الاستمرار في الخدمة طبقاً لحكم المادة 19 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 متروك لتقدير السلطة المختصة وهذا التقدير يخضع لرقابة القضاء الإداري. والثابت أن الإدارة قد أوضحت عن سبب القرار المطعون فيه بأنه عدم توافر مقومات وقدرات الصلاحية لدى الطاعن لشغل الوظائف القيادية. وأن الطاعن قدم المستندات الدالة على دحض تقدير الإدارة بالنسبة لصلاحيته للوظائف القيادية، وبالرغم من أن الطاعن قدم المستندات الدالة على دحض تقدير الإدارة بالنسبة للصلاحية للوظائف القيادية إلا أن المحكمة لم تناقش أي مستند أو دليل ساقه الطاعن في دفاعه فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن الطاعن مشهود له بالكفاءة وتقديراته في العمل كانت دائماً بدرجة امتياز بالإضافة إلى أنه تولى إدارة مرور القليوبية وأثبت كفاءة لولا كيد بعض المنحرفين من مرؤوسيه وقد ورد ذلك في التقرير الذي أعد بمعرفة الإدارة العامة للتفتيش في شأن الشكاوى التي قدمت ضده، كما أنه معروف بانضباطه في العمل في وقت كان التسيب فيه متفشياً من قبل مما أثار مرؤوسيه - ومن ذلك تبين أن الحكم المطعون فيه أغفل استخلاص الأدلة والقرائن التي تثبت صلاحية الطاعن وكفاءته لتولي الوظائف القيادية وبالتالي أحقيته في الترقي إلى رتبة لواء مع الاستمرار في الخدمة وفقاً لأحكام المادة 19 من قانون الشرطة بما يعني أن المحكمة لم تبسط رقابتها على مشروعية القرار المطعون فيه واستظهار انحراف الإدارة وسوء استعمالها لسلطتها التقديرية.
ثانيهما: القصور في الأسباب التي بني عليها الحكم - فقد استخلص الحكم الأسباب التي أقام عليها قضاءه من وقائع لا تعيب كفاءة وقدرة الطاعن على القيام بالأعمال القيادية إذ الثابت أن الوقائع التي أشار إليها الحكم لم تعول عليها الإدارة في ترقية الطاعن لجميع الرتب التي رقى إليها وآخرها رتبة عميد التي رقى إليها في 2/ 8/ 1985 ولم يفصح الحكم المطعون فيه عن مدى تقديره لدفاع الطاعن وأغفل تقييم قدراته على القيام بالأعمال القيادية مما يعد قصوراً ظاهراً في أسباب الحكم، ويتضح ذلك من أنه بالنسبة لواقعة الاتصال تليفونياً بإحدى السيدات فإن هذه الواقعة فضلاً عن عدم ثبوتها بدليل قطعي وإنما كانت بناء على شكوى كيدية فإنها ترجع إلى بداية عهد الطاعن بالخدمة في 10/ 8/ 1969 ومضى عليها أكثر من 22 عاماً ولم تؤثر في ترقيته إلى الرتب التالية.
وبالنسبة لواقعة شكوى المستخلص/ ............. فإن التحقيق فيها لم يسفر عن قيام الطاعن بعمل يخل بواجبات وظيفته وإنما كان يقوم بعمل مسموح به بصحبة أخوته لسداد مستحقات الجمارك ولم يثبت يقيناً أنه كان بالملابس الرسمية. وقد انتهت الواقعة صلحاً بين الطاعن والمستخلص كما لم تسفر ملاحظته عن قيامه بأي عمل يعيب سلوكه الوظيفي أو استغلال وظيفته.
وبشأن نقله إلى خارج مديرية أمن القليوبية فالثابت من تقرير الإدارة العامة للتفتيش أن هذه الواقعة كانت بناء على شكوى بعض مرؤوسيه إبان عمله مديراً لإدارة مرور القليوبية عندما أراد أن يقوم انحراف بعض مرؤوسيه وذوي الصلة بوزير الداخلية في ذلك الوقت وكان طلب مديرية أمن القليوبية نقله خارج المديرية إرضاء للوزير، وبالرغم من أن تحقيق الواقعة لم يسفر عن مسئولية الطاعن وأشير ببقائه في عمله إلا أنه صدر قرار بنقله إلى ضابط بالإدارة العامة للمرور بالقرار الوزاري 602 لسنة 1987 وهذا قرينة على نية الكيد له واضطهاده وانحراف الإدارة في استعمال سلطتها - بل إن مدير أمن القليوبية الذي طلب نقل الطاعن قد حرر له كتاباً بمثابة شهادة بكفاءته وقيامه بأعماله على خير وجه كمدير لإدارة مرور القليوبية وقد أغفل الحكم هذه الشهادة - التي تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم على سبب مشروع، ويعيب الحكم المطعون فيه.
كما قدم الطاعن مذكرة بدفاعه ردد فيها ما ورد في تقرير الطعن وأضاف أن المستندات المقدمة من الحكومة وتنحصر في تقرير تقييم مفتش الداخلية وخطاب مدير أمن القليوبية مجرد كلام مرسل وصادر من مرؤوسين لوزير الداخلية السابق/ ....... الذي حرضهم على كتابة هذه التقارير للنيل من الطاعن بسبب مواقف الطاعن المشرفة والأمنية على مصلحة العمل ومحاربة الفساد وخاصة ممن لهم صلة شخصية بوزير الداخلية المذكور مما دفع الوزير إلى نقل الطاعن من إدارة مرور القليوبية إلى الإدارة العامة للمرور - هذا بالإضافة إلى أنه مما يقطع بصحة ما سبق ذكره وبصلاحية الطاعن لتولي المناصب القيادية ما يأتي:
1 - الشهادات العلمية العديدة التي حصل عليها الطاعن سواء من الداخل أو من الخارج والمقدم بها مستندات رسمية.
2 - منح الطاعن بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات عمله وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الطاعن تتوافر فيه الصفات القيادية ولذلك تم اختياره دون غيره من أقرانه.
3 - منح الطاعن علاوة تشجيعية بموجب قرار وزير الداخلية رقم 459 لسنة 1986 وهذه العلاوة قانوناً لا تمنح إلا للأشخاص المتميزين في الخدمة من ذوي الكفاءة العالية.
4 - جميع التقارير السرية ممتازة منذ عام 1981 حتى صدور القرار المطعون فيه ومن عناصر التقدير قانوناً الكفاءة وقوة الشخصية وصفات القيادة.
5 - خطابات الشكر الموجهة للطاعن من رؤسائه والقيادات المسئولة في الدولة والمقدم بها مستندات رسمية تقطع بكفاءة الطاعن وتميزه بشخصية قيادته.
6 - أن الطاعن قد تولى مناصب قيادية فعلية - على سبيل المثال (مدير إدارة التدريب، ومدير إدارة مرور القليوبية، مدير معهد المرور).
7 - أن رئيس الطاعن المباشر - اللواء/ .......... مساعد الوزير ومدير عام الإدارة العامة للمرور قدم تقرير تقييم الطاعن للإدارة العامة لشئون الضباط بمناسبة حلول الدور عليه في الترقية من عميد إلى لواء في سنة 1990 وقد تضمن هذا التقرير ما يثبت أن الطاعن تمتع بكفاءة عالية وقدرات عالية وحقق إنجازات مميزة حيث قام بإنشاء معهد للمرور على مستوى الجمهورية ورأس عمادته منذ إنشائه، وقيام الطاعن بإنشاء إحدى عشرة فرقة تدريبية تخصصية لجميع العاملين في حقل المرور، وقد اختفت جهة الإدارة هذا التقرير عمداً لإضفاء الشرعية على قرارها وبخس حق الطاعن في الاستمرار في الخدمة.
8 - قيام الطاعن بإلقاء محاضرات بمركز بحوث الشرطة لضباط شرطة من رتبة رائد وهذا العمل من الأعمال القيادية.
9 - مساهمة الطاعن في تقديم العديد من الأبحاث الشرطية المرورية في مؤتمر الشرطة العصرية سنة 2000.
10 - قيام الطاعن بإلقاء محاضرات عن تدريب الشرطة بالأكاديمية المتخصصة لضباط الشرطة على مستوى الجمهورية لتأهيلهم لتولي مناصب قيادية.
وانتهى الطاعن من كل ما تقدم بعدم صحة القرار المطعون عليه وتعارضه مع المصلحة العامة ويؤكد الانحراف بالسلطة، وأرفق بالمذكرة، تسعة حوافظ مستندات لتأييد ما ورد في مذكراته، وبجلسة 20/ 4/ 1993 قدم مذكرة أخرى ردد فيها ما سبق وأرفق بها ثلاث حوافظ مستندات.
ومن جهة أخرى قدمت هيئة قضايا الدولة، بالنيابة عن وزارة الداخلية ثلاث مذكرات دفاع بالجلسات 20/ 4، 24/ 8، 5/ 10/ 1993 طلبت في ختامها رفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن مؤدى نص المادة 19 من قانون الشرطة أن يترك الاختيار لمن يشغلون المناصب القيادية المقررة لرتبة اللواء لتقدير الإدارة المطلق بحسب ما تقدره وتطمئن إليه من حيث توافر عناصر الكفاية اللازمة والصلاحية حتى يكون زمام الأمن في يد أحسن العناصر بحسب تقديرها ابتغاء حسن سير المرفق العام - وأنه تم إحالة الطاعن إلى المعاش بعد ترقيته إلى رتبة لواء على ضوء تقرير الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بتقديم تقرير مؤرخ 3/ 6/ 1990 عن كفاية الطاعن ومدى صلاحيته للترقية لرتبة لواء وما ورد به من أن كفايته الإدارية والقيادية متوسطة وأنه ينفعل لأتفه الأمور ولا يعتني بمظهره وسمعته وأخلاقه دون المستوى...... ومتهور دائماً في قراراته..... وحاد المزاج وعصبي هذا بالإضافة إلى الوقائع الأخرى السابق بيانها والتي وردت في الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للحكومة الحق في اختيار كبار موظفيها من شاغلي الوظائف القيادية العليا، الذين تستأنس فيهم قدرتهم على القيام بما تطلبه منهم للنهوض وتنفيذ السياسة التي ترسمها باعتبارها المهيمنة على مصالح الدولة المختلفة والمسئولة عن حسن تصريف أمورها وتسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام، ولازم ذلك أن يترك لها قدر واسع من الحرية في اختيار من ترى فيهم الصلاحية لشغل تلك الوظائف، تحقيقاً لذلك الغرض، وبغير ذلك يشل العمل الحكومي وتقف السلطة التنفيذية مغلولة الأيدي بالنسبة لمن ترى فيهم الصلاحية والقدرة على تنفيذ سياستها وتسيير المرافق العامة على أحسن وجه، الأمر الذي يجب معه أن يترك لها حرية اختيار كبار موظفيها من شاغلي الوظائف العليا - القيادية، وتقديرها في ذلك مطلق من كل قيد طالما خلا من إساءة استعمال السلطة، وهو أمر لا يكفي في إثباته - في هذا المجال - مجرد خلو ملف الموظف من الشوائب أو كونه كفئاً في أدائه لعمله فالصلاحية هنا لها اعتبارات شتى لها جميعاً وزنها وتقديرها في الحكم على صلاحية كبار الموظفين القادرين على تولي الشئون العامة ومن تراه صالحاً لمعاونتها لتحقق أهدافها وهذا الحق الثابت للسلطة التنفيذية مرده أمرين:
1 - أصل طبيعي هو وجوب هيمنة الحكومة ممثلة في مجلس الوزراء والوزراء على سير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام.
2 - أصل تشريعي مستمد مما ورد في القوانين من حق الحكومة في اختيار كبار موظفيها من شاغلي الوظائف القيادية العليا.
وإذا كان هذا الحق مقرراً للحكومة بصفة عامة باعتبارها المسئولة عن إدارة المرافق في البلاد، فإن هذا الحق يتأكد بصفة خاصة في مجال الأمن العام الذي تقوم عليه وزارة الداخلية وهيئة الشرطة فإنه نظراً لطبيعة الوظائف العليا القيادية بها من رتبة لواء وما يعلوها ولتأثيرها المباشر على الأمن العام وبالتالي مصالح البلاد العليا فإن ذلك يقتضي التدقيق في اختيار أفضل العناصر لشغل تلك الوظائف وإعطاء الحكومة حقها وحريتها الكاملة في هذا الاختيار، لذلك نصت المادة 19 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 على أن "تكون الترقية إلى رتبة لواء بالاختيار المطلق، ومن لا يشمله الاختيار أحيل إلى المعاش مع ترقيته إلى رتبة لواء إلا إذا رأى المجلس الأعلى للشرطة لأسباب هامة - عدم ترقيته وتكون الترقية إلى الرتب الأعلى بالاختيار المطلق.."
كما نصت المادة 17 من ذات القانون على أن "تكون الترقية إلى رتبة من الرتب السابقة عليها مباشرة بالأقدمية المطلقة حتى رتبة عميد.."
وحيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع فرق في مجال الترقية بين رتبة ملازم حتى رتبة عميد وبين ما يعلو ذلك من رتب فجعل الترقية بالأقدمية في الأولى وبالاختيار المطلق في الثانية مع إحالة الضابط الذي لا يشمله الاختيار في الترقية إلى رتبة لواء إلى المعاش مع ترقيته إلى هذه الرتبة. ويقوم هذا الحكم على اعتبارين أساسيين:
أولهما: ترك الاختيار فيمن يتقلد المناصب الرئيسية لتقدير الإدارة المطلق بحسب ما تقدره وتطمئن إليه من حيث توافر عناصر الكفاية والصلاحية وقوة الشخصية فإن لم تتوافر هذه العناصر جميعها وبالقدر الكافي فيمن يحل عليه الدور للترقية فقد راعى المشرع أن يعوض عن تركه في الاختيار، بترقيته إلى رتبة لواء وإحالته إلى المعاش على الوجه المتقدم حتى لا يبقى شيء من المرارة في نفوس كبار الضباط بعد طول خدمتهم وبلوغهم المناصب العليا.
ثانيهما: أن ينفسح مجال الترقي أمام عدد كبير من الضباط من جميع الرتب التي تليها، وبذلك يتوافر التوازن بين الصالح العام حيث تتمكن الحكومة من اختيار أحسن العناصر التي تشرف على جهاز الأمن ليكون في يد أحسن العناصر بحسب تقديرها، وبين صالح الضباط أنفسهم الذين يتركون الخدمة بعد بلوغهم هذه المرحلة الطويلة في خدمة الأمن. وإذ أطلق القانون يد الإدارة في هذا الاختيار فلا معقب على تقديرها واختيارها ما دام قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة، فجوهر السلطة التقديرية هو الإطلاق فيما أطلقت فيه والقيد الوحيد على هذه السلطة هو عدم التعسف في استعمالها، ومع ذلك فإنه إذا ذكرت الإدارة أسباباً لقرارها فإن هذه الأسباب تكون خاضعة لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مطابقتها للقانون أو عدم مطابقتها له وأثر ذلك على النتيجة التي انتهى إليها قرارها دون أن يكون للقضاء الإداري أن يحل نفسه محل جهة الإدارة فيما هو متروك لتقديرها ووزنها، فيتدخل في الموازنة والترجيح فيما قام لدى الإدارة من دلائل أو بيانات بخصوص قيام أو عدم قيام الحالة الواقعية التي تكون ركن السبب أو تتدخل في تقرير خطورة هذا السبب وما يمكن أن يترتب عليه من آثار.
وحيث إن الطعن يقوم في أسبابه - على انحراف جهة الإدارة في إصدارها قرارها بإحالته إلى المعاش على أساس ما ساقه الطاعن عن كفايته وقدراته الثابتة بملف خدمته وتقارير كفايته على النحو السابق بيانه فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا وجه للاقتصار في الاختيار عند الترقية إلى رتبة اللواء وما يعلوها على التقارير المقدمة في حق الضابط خلال حياته الوظيفية السابقة إذ هي قد قدمت حين كانوا يشغلون وظائف أدنى من الوظائف القيادية وهي بهذه المثابة لا تحد من حرية تقدير الإدارة عند الترقية إلى المناصب الرئيسية من رتبة اللواء وما فوقها ما دام القانون قد ترك ذلك لمطلق اختيارها للاعتبارات السالف إيرادها، وفضلاً عن ذلك فإن ملف خدمة الموظف وما يحتويه من تقارير وإن كان الأصل فيه أنه الوعاء الطبيعي لحياته الوظيفية إلا أنه ليس وحده مصدر المعلومات عن الموظف العام، لأنه لا يشتمل حتماً كل ما يتعلق بالموظف من معلومات وبيانات أو عناصر لها أثرها في التقدير قد تغيب عن تلك التقارير ولكنها قد لا تغيب عن ذوي الشأن عند النظر في تلك الترقيات إلى المناصب الرئيسية بل يعتمدون إلى جانب التقارير السابقة على ما يستقونه من معلومات وبيانات سواء بأنفسهم أو بواسطة الأجهزة الرسمية المخصصة لاستجماع مثل تلك البيانات والمعلومات لتكون أساساً في اختيار من سيرقى منهم لوظائف اللواء الشاغرة مع البقاء في الخدمة على ضوء ماضيهم وحاضرهم ومدى قدرتهم على شغل الوظائف القيادية هذا بالإضافة إلى أن موازين التقدير تدق كثيراً بالنسبة لوظائف القيادة العليا بجهاز الشرطة.
ومن حيث إن الثابت من محضر المجلس الأعلى للشرطة المؤرخ 26/ 7/ 1990 أن المجلس رأى صلاحية الطاعن وآخرين للترقية إلى رتبة اللواء مع الإحالة إلى المعاش لعدم توافر مقومات وقدرات الصلاحية لديهم لشغل الوظائف القيادية اعتباراً من 2/ 8/ 1990 والذي اعتمده وزير الداخلية وصدر بناء عليه القرار المطعون فيه، وقد استند المجلس في ذلك على ضوء المستندات التي عرضت عليه من الإدارة العامة، للتفتيش والرقابة, بأن الطاعن تورط فيما قام به من عمل كان يجب أن ينأى بنفسه عنه الأمر الذي برر بحق استرعاء نظره بمعرفة السيد اللواء مساعد الوزير للشرطة المتخصصة بتجنب مثل هذه الأمور حتى لا يتعرض للمساءلة مع وضعه تحت الملاحظة فترة من الوقت بعدها يقيم موقفه في ضوء ما تسفر عنه الملاحظة وكان ذلك بمناسبة تقييم موقف الطاعن على ضوء ما نسب إليه في المحضر رقم 16 أحوال قسم الشرق ببور سعيد في 26/ 7/ 1984 وهو المحضر الذي حرره المواطن........ ضد الطاعن يتضرر فيه من عدم قيام الطاعن بسداد مستحقاته نظير التخليص الجمركي على رسالة جوز هند واردة من الخارج لحساب مكتب الخبرة والتجارة الذي وكل الطاعن في الإفراج عنها واستلامها بموجب توكيل رسمي، وبالاستعلام عن المحضر من النيابة العامة تبين حفظه إدارياً في 8/ 8/ 1984 بعد أن تم الصلح بين الطرفين.
وبتاريخ 13/ 7/ 1987، وأثناء عمله كمدير لإدارة مرور القليوبية، أعد عنه مدير أمن القليوبية تقريراً أثبت فيه أن الطاعن يفتقد مقومات القيادة والإدارة الناجحة لمرؤوسيه ودأب على التصريح والجهر في عدة مناسبات بأنه سيحرر قبل مرؤوسيه تقارير لنقلهم - وتعوده الإعلان بالتخوف من مرؤوسيه وأنهم يسعون إلى نقله من موقعه مما أفقده احترام وهيبة قائد الموقع وانتهى إلى طلب الموافقة على إبعاده عن موقعه لموقع آخر يحقق فيه أداء أفضل وقد حررت الإدارة العامة للتفتيش والرقابة تقريراً في هذا الشأن انتهت فيه منح الضابط فرصة عام آخر مديراً لإدارة مرور القليوبية هذا بالإضافة إلى أنه دأب في عام 1969 علي الاتصال تليفونياً بإحدى السيدات وتم ضبطه بكمين عندما أعطاها ميعاداً لمقابلته - وكذلك ما ورد في تقرير الإدارة العامة للتفتيش والرقابة سنة 1990 بشأن تقييم الطاعن وبيان مدى صلاحيته للترقية إلى رتبة اللواء العامل وشغل المناصب القيادية من بيانات أهمها - بالإضافة إلى ما تقدم - أن مظهره متوسط وينفعل لأتفه الأمور وأن سمعته دون المستوى وشخصيته مكروهة من الجميع وأنه بالنسبة لتقاريره السرية فقد حصل طوال مدة خدمته علي 14 تقريراً بمرتبة جيد و6 (ستة) تقارير فقط بمرتبة ممتاز وأن قدرته متوسطة بشأن تحمل المسئولية ومواجهة الأمور وكذلك بالنسبة للإشراف على مرؤوسيه.
ومن حيث إن مفهوم الصلاحية - في مقام اختيار القيادات العليا - لا يقتصر على كفاية الضابط وقدراته الفنية وحسن أدائه لعمله وإنما يتسع ليشمل مسلكه وانضباطه داخل نظام العمل وخارجه وما يأتيه من سلوك لا بد وأن ينال من جدارته وأهليته وصلاحيته للوظائف العليا فمثل هذه المآخذ لا بد وأن تؤخذ في الاعتبار عند الترقية بالاختيار فلا يتصور أن يتساوى من يوجد بعض المآخذ عليه في حياته الوظيفية مع من خلت صفحته من مثل ذلك لمجرد أنهما تساويا في درجة الكفاية وخاصة أن موازين التقدير تدق كثيراً بالنسبة لوظائف القيادة العليا بجهاز الشرطة عنه بالنسبة للوظائف السابقة عليها فما كان يمكن التجاوز عنه من عناصر التقدير بالنسبة للوظائف الأدنى لا يجوز بالنسبة لوظائف القيادة العليا التي كما سبق، يدق بالنسبة لها ميزان التقدير وحساب القدرة والكفاءة وما يتطلبها في شاغلها من شروط معينة لا يتطلبها في الوظائف الأدنى.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت أنه توجد بعض المآخذ والملاحظات على الطاعن خلال حياته الوظيفية على النحو السابق بيانه والتي لم ينكر الطاعن وقوعها وأنه رأى أنها لا تؤثر في صلاحيته - فإن مثل هذه المطاعن المسلكية في نطاق الوظيفة أو في خارجها لكافيه - في مجال الاختيار لرتبة لواء عامل وما بعدها - لتخطيه واختيار غيره ممن لم تقم به أي مآخذ أو سلبيات خلال حياته الوظيفية - ومن ثم فإن قرار ترقية الطاعن إلى رتبة لواء ثم إحالته إلى المعاش إذ استند إلى الوقائع والمآخذ السابق بيانها يكون قد قام على أسباب تبرره قانوناً, ولا يغير من ذلك ما أبدأه الطاعن عن كفايته وقدراته على النحو الوارد في مذكرات دفاعه والمستندات المقدمة منه، لأن ذلك لا ينهض دليلاً على إساءة جهة الإدارة لسلطتها بعدم ترقيته إلى إحدى رتب اللواء العامل الشاغرة، ذلك أن الطاعن في هذا المقام يكون في و ضع مقارنة مع آخرين من زملائه من ذوي الكفاية أيضاً والمرشحين معه للترقية إلى هذه الرتبة، ولم ينهض بأي منهم ما يمس كفايته أو شخصيته أو اعتباره ومع ذلك يتقرر الاكتفاء بخدماته عند هذا الحد وتسوية معاشه على الرتبة التي أوجب القانون ترقيته إليها.
وغنى عن البيان أن الطعن على قرار إحالة الطاعن إلى المعاش إنما يتضمن بحكم اللزوم الطعن في كفاءة وجدارة من تم اختيارهم لشغل وظائف لواء عامل الشاغرة وهي محدودة العدد - وهذا يقتضي إثبات أنهم أقل كفاءة وأقل جدارة وصلاحية ممن تم إحالتهم للمعاش حتى يمكن القول بخطأ جهة الإدارة في التقدير أو انحرافها في استعمال سلطتها في الاختيار وهو ما لم يثبته الطاعن أو تكشف عنه الأوراق، فلا يكفي أن يدعي الطاعن كفاءته وصلاحيته لشغل وظيفة لواء عامل للقول بانحراف جهة الإدارة في إصدار القرار المطعون فيه وإنما يجب أيضاً إثبات أن من تم اختياره لتلك الرتبة، وترك الطاعن - أقل كفاءة منه لأنه بذلك تكون الإدارة قد أساءت استعمال سلطتها في الاختيار وتخطت الطاعن إلى غيره ممن هو أقل منه كفاية في العناصر اللازمة لوظائف القيادة العليا - والأصل هو سلامة اختيار الإدارة من حيث كفاءة من تم اختياره وأنه ليس أقل كفاءة وجدارة وصلاحية ممن يتم إحالتهم للمعاش إلى أن يثبت العكس على النحو المتقدم، وإذا كان لجهة الإدارة حق الاختيار لشغل وظيفة لواء عامل الشاغرة من بين ذوي الكفاءات والصلاحية دون إلزام عليها بترقيتهم جميعاً، وأن اختيارها في ذلك يكون سليماً ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة فإنه يكون من حقها من باب أولى استبعاد من شاب تاريخه الوظيفي بعض المآخذ أياً كان وزنها ودرجتها من الجسامة أو البساطة لأنها بلا شك تكون محل اعتبار عند الاختيار والتفاضل في مجال تدق فيه موازين الاختيار.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت أن جهة الإدارة - المجلس الأعلى للشرطة - رأى عدم ترقية الطاعن إلى رتبة لواء عامل من بين الوظائف الشاغرة لهذه الرتبة، واكتفى بترقيته إليها ثم إحالته إلى المعاش مستنداً في ذلك إلى بعض المآخذ والملاحظات التي أخذت ولوحظت على الطاعن خلال حياته الوظيفية بهيئة الشرطة على النحو السابق بيانه والمبينة في المستندات التي عرضت على المجلس – بجلسة 26/ 7/ 1990 والتي لم ينكرها الطاعن وإنما قلل فقط من شأنها ومن تأثيرها على عناصر صلاحيته للترقية لرتبة لواء عامل وكان لها أصل ثابت بالأوراق تؤثر على وضع الطاعن عند الموازنة بينه وبين زملائه المرشحين معه للترقية كما أن الطاعن لم يدع أو يثبت أن من تم اختيارهم من زملائه لرتبة لواء كانوا أقل كفاءة منه ولا تتوافر فيهم عناصر الصلاحية التي قررت جهة الإدارة على أساسها بحكم حقها في الاختيار والتقدير - ترقيتهم إلى وظيفة لواء عامل دون الطاعن - فإن قرار إحالته إلى المعاش يكون قد صدر سليماً وتطبيقاً صحيحاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض طلب الطاعن إلغاء قرار إحالته إلى المعاش فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً سليماً، ويكون الطعن على هذا الحكم على غير أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً رفضه وإلزام الطاعن المصاريف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصاريف.