جلسة 22 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين؛ محمد صدقي العصار، وأحمد جلال الدين هلالي، حسن النسر ويحيى العموري.
----------------
(259)
الطعن رقم 71 لسنة 45 القضائية
أهلية. ولاية على المال.
حق الأب في التصرف دون إذن المحكمة في عقار القاصر أو المحل التجاري أو الأوراق المالية. شرطه. ألا تتجاوز قيمة التصرف 300 جنيه. بيع عقار القاصر. وجوب الاعتداد بقيمته وقت التصرف دون الثمن الوارد بالعقد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1790 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد والد الطاعن بصفته ولياً على ولده، وطلبت الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 23/ 7/ 1963 والمتضمن بيعه لها قطعة أرض مساحتها 8 قيراط و3 أسهم تعادل 1415.30 متراً مربعاً ومبينة الحدود والمعالم بالصحيفة بما عليها من مبان ومنشئات لقاء ثمن قدره 7000 جنيه. دفع الطاعن - الذي اختصم بعد بلوغه سن الرشد - ببطلان البيع لعدم موافقة محكمة الأحوال الشخصية عليه، وطلب رفض الدعوى تأسيساً على أن المطعون عليها سبق أن أخطرت والده بفسخ العقد. كما أقام الدعوى رقم 43 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 3250 جنيهاً وما يستجد اعتباراً من 1/ 9/ 1970 حتى تاريخ الحكم في الدعوى بواقع 50 جنيهاً في الشهر وذلك مقابل الانتفاع بالعقار سالف الذكر استناداً إلى أن المطعون عليها وضعت يدها عليه وانتفعت به دون وجه حق. بتاريخ 6/ 3/ 1971 حكمت المحكمة في هذه الدعوى الأخيرة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد تقديم تقرير الخبرة وضم هاتين الدعويين، قضت في 18/ 11/ 72 برفض الدعوى الأولى، وفى الدعوى الثانية بإلزام المطعون عليها بأن تؤدي إلى الطاعن مبلغ 4337.060 ج. استأنف المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 4955 لسنة 89 مدني القاهرة وفى 28/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع محل النزاع وبرفض دعوى الريع.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن في السببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إنه دفع ببطلان العقد محل النزاع المؤرخ 23/ 7/ 1963 والصادر من والده - باعتباره ولياً عليه - للجمعية التعاونية للبترول ببيع قطعة أرض مساحتها تسعة قراريط مبينة بالعقد بناحية نزالي جنوب بما عليها من مبان كمحطة ومستودع لتخزين المواد البترولية مقابل ثمن قدره سبعة آلاف جنيه، تأسيساً على أن محكمة الأحوال الشخصية لم تأذن بالبيع إلا أن المحكمة رفضت هذا العقد استناداً إلى أن ملكية خمسة قراريط من العقار المبيع آلت بطريق الشراء بموجب عقد، تبرع فيه والده بالثمن وقدره 1000 جنيه من ماله الخاص فلا حاجة - من ثم - لإذن المحكمة بالبيع بالنسبة لذلك القدر عملاً بنص المادة 13 من القانون رقم 119 لسنة 1952 وأن ملكية باقي القدر المبيع - القراريط الأربعة - آلت إليه بموجب عقد شراء ثبت فيه أن والدته دفعت الثمن وقدره 240 جنيهاً فلا موجب أيضاً لإذن المحكمة بالبيع بالنسبة، للقدر المذكور طبقاً لحكم المادة 7 من القانون سالف البيان لأن قيمته لا تجاوز 300 جنيه، هذا حين أن ما اشتراه والده له كان أرضاً زراعية وما تم بيعه للجمعية المطعون عليها بموجب العقد محل النزاع هو مستودع للبترول به منشآت ومعدات مملوكة له وتزيد في قيمتها على ثمن تلك الأرض ولم يكن مصدرها مال الوالد، هذا فضلاً عن أنه لا يجوز تقدير قيمة قطعة الأرض الأخرى - القراريط الأربعة - على أساس ثمنها وقت شرائها لأن العبرة بقيمتها وقت التصرف فيها وقد زادت هذه القيمة زيادة كبيرة بعد ذلك.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن والد الطاعن - بصفته ولياً عليه - باع للجمعية المطعون عليها بموجب العقد محل النزاع والمؤرخ 23/ 7/ 1963 قطعة أرض مساحتها تسعة قراريط بناحية نزالي جنوب مركز القوصية مبينة الحدود والمعالم بالعقد بما عليها من مبان كمحطة ومستودع لتخزين المواد البترولية لقاء ثمن قدره سبعة آلاف جنيه وقد دفع الطاعن - بعد بلوغه سن الرشد - ببطلان هذا العقد لعدم صدور إذن من المحكمة بالبيع طبقاً لما تقضي به المادة 7 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال، فرفضت محكمة الاستئناف هذا الدفاع استناداً إلى... أن الأرض المبيعة بما عليها من مبان تتكون من مساحتين: أ - المساحة الأولى مقدارها خمسة قراريط تملكها البائع منذ كان قاصراً بعقد البيع المسجل برقم 916 لسنة 1954 أسيوط وقد ورد في البند الثاني من ذلك العقد أن هذا البيع قد تم نظير ثمن مقداره ألف جنيه دفع من مال الولي الخاص دون الرجوع على القاصر بشيء مستقلاً والمبلغ دفع فوراً ليد البائع، ومن ثم فلا يحتاج تصرف الولي - الأب - في هذا القدر إلى إذن من المحكمة باعتباره هبة مستترة من الولي الأب لابنه القاصر كل ذلك تطبيقاً لحكم المادة 13 من القانون رقم 119 لسنة 1952 التي نصت على عدم سريان القيود الواردة في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً. ب - المساحة الثانية مقدارها أربعة قراريط تملكها البائع منذ كان قاصراً بعقد البيع المسجل برقم 2746 لسنة 1956 أسيوط لقاء ثمن مقداره 240 جنيهاً..... والثمن يشمل المباني والأرض الزراعية ومن ثم فلا يحتاج تصرف الولي - الأب - في هذه المساحة إلى إذن من المحكمة لأن قيمة العقار لا تزيد على ثلثمائة جنيه كل ذلك تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون سالف الذكر التي أجازت للولي - الأب - التصرف في عقار القاصر دون إذن المحكمة إذا لم تزد قيمته على ثلثمائة جنيه. ولما كان البادي مما تقدم أن المحكمة في تقديرها لقيمة الجزء الثاني من العقار المبيع بالعقد المؤرخ 23/ 7/ 1963 - الأربعة قراريط - عادت إلى الثمن الذي اشتراه به والد الطاعن بصفته ولياً عليه، بموجب العقد المسجل سنة 1956 وهو 240 جنيهاً، واعتبرت هذا المبلغ هو قيمة ذلك الجزء من العقار وقت التصرف فيه من الولي باسم القاصر بالعقد محل النزاع سنة 1963 ثم رتبت على ذلك جواز هذا البيع دون حاجة إلى إذن المحكمة لعدم تجاوز قيمته 300 جنيه، لما كان ذلك وكان النص في المادة 7/ 1 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال على أنه "لا يجوز للأب أن - يتصرف في العقار أو المحل التجاري أو الأوراق المالية إذا زادت قيمتها على ثلثمائة جنيه إلا بإذن من المحكمة". يدل على أن العبرة عند تطبيق هذا النص بقيمة العقار وقت التصرف فيه، فإن المحكمة بتقديرها تلك الأرض وقت بيعها سنة 1963 بالثمن الذي اشتراها به للطاعن سنة 1956 تكون قد أخطأت في تطبيق القانون وقد حجبها ذلك عن بحث القيمة الحقيقية للعقار المبيع بجزئيه وبما عليه من مبان وقت حصول البيع محل النزاع والذي تم بثمن قدره سبعة آلاف جنيه، وآثر تبرع الولي بثمن القطعة الأولى من الأرض وقت أن اشتراها لولده الطاعن على الصفقة كلها، ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23/ 7/ 1963 محل النزاع - دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى أيضاً برفض دعوى الريع، وكان هذا الحكم الأخير قد صدر مع الحكم الأول وترتب عليه - فإنه - وعلى مقتضى الفقرة الأولى من المادة 271 من قانون المرافعات - يتعين إلغاؤه.