الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 يونيو 2023

الطعنان 3077 ، 3289 لسنة 34 ق جلسة 26 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 137 ص 1316

جلسة 26 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

----------------

(137)

الطعن رقم 3077 لسنة 34 القضائية

سلك دبلوماسي وقنصلي - نقل بعض أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الديوان العام إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج - الفقرة الرابعة من المادة (75) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982 

- يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقل العضو للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج - يترتب على توقيع عقوبة اللوم بعض الآثار السلبية الواردة بالنص - المقصود بتأخير نقله إلى البعثات المشار إليها بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية ليس تأخير النقل لمدة ثلاث سنوات متتالية اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته بهذه العقوبة وإنما المقصود به تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج - بداية حساب الثلاث سنوات هو تاريخ النظر في النقل للخارج أي من التاريخ الذي كان من المفروض أن ينظر فيه نقل العضو للخارج - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 8/ 1988، أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ وزير الخارجية بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3077 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 1901 لسنة 41 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 995 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج وبرفض طلب التعويض مع إلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة وطلبت هيئة قضايا الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات وفي يوم الاثنين الموافق 29/ 8/ 1988 أودع الأستاذ/ سعد أحمد سعد المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3289 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري سالف الذكر. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب تعويضه عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تركه في حركة التنقلات الصادر بها القرار رقم 195/ 1985 وتقرير التعويض المالي الذي تراه المحكمة مناسباً مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم.
أولاً: بقبول الطعن الأول شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن الثاني شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بالتعويض المادي المناسب وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين بجلسة 8/ 1/ 1990 والجلسات التالية حيث حضر محامي هيئة قضايا الدولة كما حضر المدعي، وقررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وإحالتهما إلى هذه المحكمة التي نظرتهما بجلسة 17/ 2/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة توجز في أن المدعي السيد/ ....... أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 22/ 1/ 1987 والتي اختصم فيها السيد وزير الخارجية بصفته وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 195/ 1985 الصادر في 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من تركه في حركة تنقلات أعضاء السلك الدبلوماسي إلى الخارج مع تقدير التعويض المناسب لما أصابه من أضرار نتيجة هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأشار المدعي في دعواه إلى أنه سبق للوزارة أن وقعت عليه عقوبة اللوم وتنص المادة 74 من القانون رقم 46/ 1982 على أن الأثر المترتب على هذه العقوبة هو التخطي في الترقية ثلاث مرات، وتأجيل النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية، ولما كانت العقوبة المشار إليها وقعت في 21/ 1/ 1982 فإن فترة تأجيل النقل إلى الخارج تنتهي في 20/ 1/ 1985 أي قبل صدور القرار المطعون فيه بأكثر من شهرين. وبذلك يكون هذا القرار مخالفاً للقانون، وأضاف المدعي أن تركه في حركة التنقلات المشار إليها يعد تجاهلاً لكفاءته وصلاحيته للعمل في الخارج وقد حصل على أكثر من 85 درجة في تقرير كفايته عن عام 83/ 1984 فضلاً عما حواه كتاب إدارة شئون فلسطين المؤرخ 1/ 12/ 1984 من إشارة بسعة اطلاعه ومستواه الرفيع في اللغات فضلاً عن ترشيحه من قبل السيد الدكتور/ ....... مساعد وزير الخارجية بكتابه المؤرخ 9/ 6/ 1985 لتمثيل مصر في اجتماعات إحدى اللجان الفرعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة وأضاف المدعي أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11/ 6/ 1985 وقررت جهة الإدارة في 23/ 6/ 1985 بأنها حفظت التظلم، فقدم طلباً في 8/ 8/ 1985 إلى لجنة المساعدة القضائية بهيئة مفوضي الدولة للإعفاء من رسوم الدعوى، فصدر قرارها في 25/ 11/ 1986 برفض الطلب، ومن ثم انتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وبجلسة 30/ 6/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 995 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج، وبرفض طلب التعويض وألزمت الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة، وأسست المحكمة حكمها على أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 11/ 6/ 1985 حيث لم يثبت علمه به قبل ذلك، وقد أخطرته الجهة الإدارية في 23/ 6/ 1985 برفض تظلمه، فتقدم في 8/ 8/ 1985 بطلب لإعفائه من رسوم الدعوى إلا أن هذا الطلب رفض بتاريخ 25/ 11/ 1986 فأقام الدعوى الماثلة بتاريخ 22/ 1/ 1987 مراعياً الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة مما يتعين معه الحكم بقبول دعواه شكلاً. وعن الموضوع فإن الجهة الإدارية أفصحت عن سببين لعدم نقل المدعي إلى الخارج بالقرار المطعون فيه وهما توقيع جزاء اللوم وعدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي وأضافت المحكمة أنه عن السبب الأول فإن مجلس التأديب قرر مجازاة المدعي بعقوبة اللوم وصدر بهذه العقوبة القرار الوزاري رقم 333 لسنة 1982 بتاريخ 2/ 2/ 1982 وذلك لما نسب إليه من إخفاء كمية كبيرة من جلود الثعابين في تجويفات بأمتعته ومنقولاته الشخصية إبان نقله من القنصلية العامة في بومباي إلى الديوان العام سنة 1980. وطبقاً للمادة (75) من القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي فإنه يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله إلى الخارج، مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج. ومن حيث إن عقوبة اللوم وقعت على المدعي بتاريخ 2/ 2/ 1982 فإن تأخير نقله إلى الخارج يكون حتى 2/ 2/ 1985 ولما كان القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فإن العقوبة المذكورة تكون غير ذات تأثير على نقل المدعي إلى الخارج ويكون الاستناد إلى ذلك مخالفاً لأحكام القانون. أما عن السبب الثاني وهو عدم صلاحية المدعي للعمل في السلك الدبلوماسي فإن جهة الإدارة لم تقرر عدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي سواء أكان ذلك القصور في كفايته على النحو المنصوص عليه في المادة (27) من القانون رقم 45 لسنة 1982 المشار إليه أم لأسباب يقتضيها الصالح العام مما يترتب عليه النقل إلى وظيفة أخرى بقرار من رئيس الجمهورية على النحو المذكور في المادة (39) من القانون المشار إليه ومن ثم فإن ما تحتج به جهة الإدارة كسبب لعدم نقل المدعي إلى الخارج من عدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي يكون قولاً مرسلاً ولم تقرره الجهة الإدارية على النحو المنصوص عليه في القانون، مما يكون معه هذا السبب بدوره مخالفاً للقانون. وبذلك يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج يكون على غير أساس صحيح من القانون مما يتعين الحكم بإلغائه.
وأضافت المحكمة أنه عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية هو وجود خطأ منها بأن يكون القرار غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر وإذ قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فإن ذلك يعد خير تعويض للمدعي عن الأضرار التي أصابته ولم يعد هناك محل للقضاء له بتعويض نقدي عنها مما يتعين معه رفض طلب التعويض، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول المقام من وزارة الخارجية أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن المدعي ارتكب العديد من المخالفات إبان عمله بالخارج وفي عام 1972 طلب سفير مصر في الخرطوم نقله من الأبيض، وفي عام 1980 صدر القرار الوزاري رقم 2714 بتوقيع عقوبة التنبيه عليه وفي عام 1982 صدر قرار مجلس التأديب بتوقيع عقوبة اللوم عليه، وفي 13/ 10/ 1983 أرسل السفير....... مدير القنصلية بمذكرة يطلب فيها استبدال آخر بالمدعي يكون أكثر حرصاً على العمل، كما تعددت توصيات مجلس السلك الدبلوماسي والقنصلي وجهاز التفتيش والصلاحية بعدم صلاحية المدعي للعمل بالسلك الدبلوماسي والقنصلي وكأن أمر صلاحية المذكور للاستمرار في وظيفته معروضاً على مجلس السلك لاستصدار قرار جمهوري بنقله إلى وظيفة أخرى ومن غير الجائز والأمر كذلك منحه ميزة النقل إلى الخارج، ثم أعقب ذلك في عام 1988 ورود تقرير من جهات الأمن بوجود صلات مشبوهة للمدعي بضباط مخابرات في بعض السفارات الأجنبية، وإعمالاً للمادة 39 من القانون رقم 45/ 1982 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 52/ 1989 بنقل المدعي إلى الأمانة العامة للإدارة المحلية خارج السلك الدبلوماسي في وظيفة معادلة لوظيفته، ومن ثم انتهى طعن الجهة الإدارية إلى الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني المقام من المدعي أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن الأصل في التعويض أن يكون مالياً، وخاصة في الأحوال التي يستحيل تدارك أثر الخطأ فيها فإن التعويض المالي يكون محتماً كما هو الحال في الدعوى الماثلة، كما أن القانون رقم 45 لسنة 1982 بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي أوجب التعويض المالي حتى عن الأضرار التي لا تكون ناجمة عن خطأ الإدارة كحالة النقل المفاجئ ومن باب أولى يكون التعويض مالياً عن الأضرار الناجمة عن خطأ الإدارة، أما عن القرار الجمهوري بنقل المدعي إلى الأمانة العامة للإدارة المحلية خارج السلك الدبلوماسي فإنه انبنى على أساس غير صحيح وادعاءات مرسلة وقد طعن فيه المدعي بالدعوى رقم 3347 لسنة 43 قضائية ولم تقدم الإدارة أمام محكمة الموضوع المستندات المثبتة لادعاءاتها، ومن ثم انتهى المدعي في هذا الطعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن مقطع الفصل في المنازعة الماثلة هو بيان مدى مشروعية القرار رقم 959 لسنة 1985 الصادر من وزير الخارجية بتاريخ 7/ 4/ 1985 بنقل بعض أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الديوان العام إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج وذلك فيما تضمنه من ترك المدعي بالديوان العام دون نقله.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه نسب إلى المدعي الاتهام بارتكاب بعض المخالفات التأديبية المتحصلة في عدم أمانته في تحرير كشوف الأمتعة والمنقولات الشخصية الخاصة به المرسلة من القنصلية المصرية ببومباي إلى الوزارة بمصر بإغفال ذكر الجلود والأشياء الأخرى التي ضبطت بمعرفة السلطات الجمركية، والإخلال بواجبات الوظيفة بأن جلب ضمن أمتعته الشخصية كمية من الجلود والمشغولات الجلدية بغرض الاتجار فيها مع تكرار ذلك من قبل، وقدم المدعي إلى مجلس التأديب بوزارة الخارجية الذي أصدر قراره بتاريخ 21/ 1/ 1982 بمجازاته بعقوبة اللوم، وصدر بهذه العقوبة القرار الوزاري رقم 333 بتاريخ 2/ 2/ 1982.
ومن حيث إن الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي القنصلي الصادر بالقانون رقم 45/ 1982 تنص على أنه "يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أنه يترتب على توقيع عقوبة اللوم التي يوقعها مجلس التأديب على عضو السلك الدبلوماسي والقنصلي بعض الآثار السلبية على حياته الوظيفية تتمثل في تخطيه في الترقية ثلاث مرات مع تأخير نقله إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل في هذه البعثات بالخارج، والمقصود بتأخير نقله إلى البعثات المشار إليها بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية ليس تأخير هذا النقل لمدة ثلاث سنوات متتالية اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته بهذه العقوبة بحيث ينتهي هذا الأثر بمضي هذه المدة محسوبة بالكيفية السالفة، وإنما المقصود بذلك طبقاً لما ورد بصريح نص الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي السالفة "تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج" وهو بداية حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها اعتباراً من تاريخ النظر في النقل للخارج، أي من التاريخ الذي كان سيجرى فيه وفقاً لمقتضيات العمل وظروف نقل العضو إلى الخارج مع باقي زملائه فيما لو كان لا يعترض نقله أي مانع وهذا التاريخ الأخير هو الذي يبدأ منه حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها وهو ليس بالضرورة تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بتوقيع العقوبة المشار إليها، وإنما المرجع في ذلك إلى مقتضيات العمل وظروفه والضوابط العامة التي تجري عليها وزارة الخارجية في نقل أعضاء السلك من الديوان العام إلى الخارج، وما يتيحه ذلك كله من حركات نقل إلى الخارج كان سيتم فيها نقل العضو إلى الخارج مع باقي زملائه، فبدءاً من التاريخ الذي كان من المقرر أن ينظر فيه في نقل العضو، يبدأ حساب مدة الثلاث سنوات المتتالية التي يتأخر فيها نقله إلى الخارج.
أما لو كان تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بالعقوبة المذكورة هو التاريخ الذي يبدأ منه حساب مدة الثلاث سنوات المتتالية المشار إليها لورد نص الفقرة الرابعة من المادة 75 السالفة بذلك، وهو ما كان يغني المشرع عن إيراد أي عبارة ذات مفهوم آخر، مثل العبارة التي أتى بها النص حاسباً بداية هذه المدة من تاريخ النظر في نقل العضو للخارج، إلا أن المشرع يستهدف بما أتى به من صياغة لهذا النص ضمان تحقيق الحكم المنصوص عليه بحرمان العضو المذكور لمدة معينة من ميزة النقل إلى الخارج التي كان سيستحقها فيما لو لم يقضى بإدانته ومجازاته بالعقوبة السالفة، ذلك أنه قد يترتب على حساب هذه المدة اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته، انعدام أثرها الحقيقي في حرمانه من هذه الميزة، فيما لو انقضت مدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الجزاء دون أن يكون العضو مستحقاً للنقل إلى الخارج مع باقي زملائه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما ذهب إليه من أن مدة الثلاث سنوات المتتالية التي يجرى فيها تأخير النقل إلى الخارج يبدأ حسابها من تاريخ صدور القرار التأديبي بتوقيع عقوبة اللوم، وهو ما يخالف المفهوم الصحيح لنص الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي طبقاً لما سلف، كما أن هذا الحكم يكون قد أخطأ أيضاً فيما رتبه على هذا التفسير الخاطئ الذي اعتنقه بهذه المادة من عدم مشروعية القرار المطعون فيه لصدور هذا القرار بترك المدعي في حركة التنقلات التي تمت بتاريخ 7/ 4/ 1985 بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ صدور القرار التأديبي المشار إليه.
ومن حيث إن المدعي لم يقدم ما يدل على صدور حركات نقل للخارج بعد توقيع الجزاء التأديبي كان يستحق فيها النقل إلى الخارج مع باقي زملائه، وذلك بخلاف حركة النقل المطعون فيها التي صدرت في 7/ 4/ 1985، فإنه وفقاً للمفهوم الصحيح للنص التشريعي السالف، لا يبدأ حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها إلا من تاريخ حركة النقل المذكورة التي كان يمكن أن تشمله فيما لو لم يصدر هذا الجزاء بحقه إذ يعتبر هذا التاريخ هو تاريخ "النظر في نقله للخارج" الذي يبدأ منه حساب مدة تأخير النقل ثلاث سنوات متتالية، بحيث تنتهي هذه المدة 7/ 4/ 1988 طبقاً لما سلف، ويزول هذا المانع في حركة التنقلات التالية لهذا التاريخ الأخير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وبني على التفسير الخاطئ الذي اعتنقه للحكم التشريعي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي وقضاءه بعدم مشروعية قرار النقل للخارج المطعون فيه الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من ترك المدعي بالديوان العام دون نقل، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى إلغاء القرار سالف الذكر، فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يجعله خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين مما سلف مشروعية قرار وزير الخارجية رقم 959 لسنة 1985 الصادر في 7/ 4/ 1985 والمطعون فيه فيما تضمنه من ترك المدعي في حركة نقل بعض أعضاء السلك إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، فإن طلب المدعي إلغاء هذا القرار يكون غير مستند لأساس صحيح من القانون أو الواقع، الأمر الذي يكون معه هذا الطلب خليقاً بالرفض، أما عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية، أن يكون القرار الإداري غير مشروع وأن يصيب صاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإذا كان القرار الإداري مشروعاً تنتفي مسئولية الإدارة عن أي أضرار قد تصيب صاحب الشأن من جراء هذا القرار الأمر الذي يكون معه طلب المدعي بالتعويض المالي المناسب، عن الأضرار التي حاقت به من جراء عدم نقله إلى الخارج بالقرار المشار إليه، غير مستنداً لأساس قانوني صحيح متعين الرفض، وتكون الدعوى الماثلة بشقيها الإلغاء والتعويض متعينة الرفض موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى برمتها وألزمت المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.

الطعن 10 لسنة 30 ق جلسة 23 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 أحوال شخصية ق 19 ص 157

جلسة 23 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وعبد الحميد الغايش، وأميل جبران، وقطب فراج.

---------------

(19)
الطعن رقم 10 لسنة 30 "أحوال شخصية"

نقض. "إجراءات الطعن". إيداع الأوراق والمستندات". "إيداع صورة الحكم الابتدائي وصورة الأحكام التي أحال إليها".
إيداع صورة من الحكم الابتدائي والأحكام التي أحال إليها وفصلت في شق من النزاع إذا كان الحكم المطعون فيه أحال إليه في أسبابه. إجراء حتمي يترتب على إغفاله بطلان الطعن.

----------------
توجب المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطاعن أن يودع قلم الكتاب وقت التقرير بالطعن صورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه. وهو إجراء حتمي جرى قضاء محكمة النقض على أن إغفاله يترتب عليه بطلان الطعن. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى الحكم الابتدائي في أسبابه وكان هذا الحكم بدوره قد أحال إلى الحكمين صدراً قبل الفصل في الموضوع وفصلاً في شق منه بحيث أصبحاً بهذه الإحالة وكأنهما جزء من الحكم المطعون فيه مكمل له، فإن عدم تقديم هذين الحكمين يترتب عليه بطلان الطعن. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رفع على الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 201 سنة 1956 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية طلب الحكم فيها ببطلان إشهاد الوقف الصادر من الست حنينة خليل إبراهيم القماح أمام محكمة دمنهور الابتدائية الشرعية بتاريخ 15 من يناير سنة 1952 والمسجل في 27 منه تحت رقم 396 ومحو وشطب كافة التسجيلات المترتبة على تسجيله واعتبارها كأن لم تكن وذلك لصدوره أمام محكمة دمنهور الشرعية وهي غير مختصة وكان يجب ضبطه أمام محكمة الإسكندرية الشرعية لتبعية أكبر أعيان الوقف قيمة لها ولباقي الأسباب التي ذكرها بدعواه وبتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1954 ندبت محكمة الإسكندرية الشرعية التي كانت تنظر الدعوى قبل إلغاء المحاكم الشرعية وتوحيد القضاء مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة (1) منزل الوقف الكائن بمدينة الإسكندرية (2) أعيان الوقف الزراعية الكائنة بكفر سليم مركز كفر الدوار (3) أطيان الوقف الزراعية الكائنة بناحية بسطره مركز دمنهور لبيان مساحة منزل الوقف المذكور والمباني المقامة عليه ومساحة الأطيان الزراعية مع بيان القيمة الحقيقية للأعيان الموقوفة وقت صدور إشهاد الوقف في 15 يناير سنة 1952 وبعد تقديم تقرير مكتب الخبراء اعترض عليه المطعون عليه بجملة اعتراضات وبتاريخ 16/ 3/ 1957 قررت المحكمة ندب أقدم خمسة أساتذة من كليات الزراعة بالجامعات المصرية لمعاينة الأطيان الزراعية السابق معاينتها وتقديرها بواسطة مكتب الخبراء تحت رقم 2 و3 وبعد تقديم هيئة الخبراء المذكورة تقريرها حكمت حضورياً بتاريخ 14 يونيه سنة 1958 ببطلان الوقف المذكور ومحو وشطب كافة التسجيلات المترتبة على تسجيل إشهاد الوقف واعتبارها كأن لم تكن وأمر الطاعنين وباقي المدعى عليهم بتسليم أعيان الوقف للمطعون عليه مع إلزامهم بالمصروفات وخمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من صبحي فرنسيس جربوعة أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 25 لسنة 1958 ونجيب فرنسيس جربوعة وقيد استئنافه برقم 26 سنة 1958 وبدرية رجب جاد الله وإبراهيم عبد الهادي سليم وقيد استئنافهما برقم 28 سنة 1958 وبعد ضم الاستئنافات الثلاثة حكمت المحكمة حضورياً بتاريخ 28 يناير سنة 1960 بقبول الاستئنافات شكلاً وقبول تدخل عادل عبد الهادي سليم خصماً منضماً للمستأنفين وفي الموضوع برفض الاستئنافات الثلاثة وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام كل مستأنف مصاريف استئنافه وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بتاريخ 10/ 2/ 1962 إحالته على هذه الدائرة وعند نظره أمامها صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم المطعون فيه للأسباب المبينة بتقرير الطعن وطلب المطعون عليه الحكم ببطلان الطعن طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 لأن الطاعنين قدما صورة الحكم المطعون فيه الصادر في 14 يونيه سنة 1958 وهذا الحكم أحال في أسبابه وقبل أن يستطرد في بحث أو سرد وقائع النزاع إلى الحكم القطعي الصادر في 16/ 3/ 1957 بندب خبراء الزراعة من الجامعات المصرية والذي أحال بدوره إلى الحكم القطعي الصادر في 2/ 12/ 1954 بندب مكتب خبراء وزارة العدل ولم يقدم الطاعنان صورة رسمية من هذين الحكمين ليستوفى طعنهما لشكل اللازم له قانوناً طبقاً للمادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه وهو من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن ومما يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية بتاريخ 23/ 4/ 1962 صممت فيها على طلب الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه يبين من مراجعة الأوراق أن النزاع في هذه الدعوى جري على تعيين المحكمة المختصة بضبط إشهاد الوقف محل النزاع وهو يكون المناط في تحديد اختصاص المحكمة للقيمة الحقيقية لأعيان الوقف كما يقول المطعون عليه أو للضريبة العقارية المفروضة عليها وفقاً للائحة الرسوم الشرعية الصادر بها القانون رقم 4 سنة 1909 كما يقول الطاعنان وقد قضت محكمة أول درجة بحكمها الصادر بتاريخ 2/ 12/ 1954 بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة أعيان الوقف وتقدير قيمتها الحقيقية مع مراعاة جميع الاعتبارات التي لها دخل في هذا التقدير وإذ اعترض على تقرير مكتب الخبراء بعد تقديمه عادت المحكمة وقضت في 16/ 3/ 1957 بندب أقدم خمسة من أساتذة كلية الزراعة بالجامعات المصرية لأداء المأمورية المبينة تحت رقم 2 و3 من الحكم الصادر في 2/ 12/ 1954 على النحو المبين به وبعد أن قدم الخبراء تقريرهم قضت المحكمة بتاريخ 14/ 6/ 1958 ببطلان أشهاد الوقف موضوع النزاع على أساس أن العبرة للقيمة الحقيقية للأعيان الموقوفة وأشارت في أسباب حكمها إلى الحكم الصادر في 2/ 12/ 1954 بقولها "وحيث إن المدعى عليهم أثاروا من جديد البحث فيما إذا كان الحكم الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 2/ 12/ 1954 يعتبر قطعياً في أن العبرة بالقيمة الحقيقية للأعيان الموقوفة دون قيمتها وفقاً لقواعد الرسوم وتري المحكمة أن رأيها في هذا الصدد أصبح مقيداً وملزماً لها وقاطعاً في فهم الحكم الصادر من المحكمة الشرعية بما يمتنع عليها معه أن تعاود البحث فيه من جديد" كما أشارت إلى الحكم الصادر في 16/ 3/ 1957 بقولها "وتعتبر أسبابه مكملة لأسباب هذا الحكم" وإذ استأنف الطاعنان الحكم الابتدائي الصادر ببطلان الأشهاد عرضت محكمة الاستئناف النزاع القائم حول تحديد اختصاص المحكمة بضبط إشهاد الوقف وانتهت في بحثها إلى أن المناط في تحديد اختصاص المحكمة بضبط إشهاد الوقف يكون لقيمة الأعيان الحقيقية ثم خلصت إلى تأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولما أضافته من أسباب أخرى بقولها" وحيث إنه لهذه الأسباب وللأسباب التي بني عليها لحكم المستأنف تكون الاستئنافات الثلاثة على غير أساس ويتعين رفضها" وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أحال في أسبابه إلى الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 14/ 6/ 1958 وكان هذا الحكم قد أحال إلى الحكمين الصادرين بتاريخ 16/ 3/ 1957 و2/ 12/ 1954 فإن هذه الإحالة كانت تستتبع من الطاعنين حتماً وجوب تقديم هذين الحكمين بعد أن أصبحا بهذه الإحالة - وكأنهما جزء من الحكم المطعون فيه مكمل له في خصوص هذا الشق من النزاع الذي التزمه وأحال إليه. ولما كانت المادة السابعة من القانون 57 لسنة 1959 توجب على الطاعن أن يودع قلم الكتاب صورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله أو الصورة المعلنة منه إن كانت أعلنت وصورة من الحكم الابتدائي إذا كان الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه وكان الطاعنان لم يقدما صورة من الحكمين المشار إليهما وهو إجراء حتمي جرى قضاء هذه المحكمة على أن إغفاله يترتب عليه بطلان الطعن ولما تقدم يتعين الحكم ببطلان الطعن.


(1) مثل هذا المبدأ في الطعن رقم 12 لسنة 30 أحوال شخصية بذات الجلسة. ويراجع نقض 12/ 12/ 1962 في الطعن رقم 157 لسنة 29 ق ونقض 17/ 10/ 1962 في الطعن رقم 19 لسنة 30.

الطعن 2361 لسنة 55 ق جلسة 15 / 11 / 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 194 ص 1159

برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمد وليد الجارحي وأحمد الحديدي.

---------------

الأوامر الصادرة بتقييد الحريات أو التنقل أو المنع من السفر وجوب تنظيمها بقانون يصدر من السلطة التشريعية دون غيرها وليس من سلطة أخري أو بأداة أدني علة ذلك الأمر الصادر من القاضي بمنع الطاعن من السفر دون أن يكون هناك قانون ينظم ذلك مخالف للقانون.

-------------

من المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون. لما كان ذلك - وكان مؤدى هذا النص - فى ضوء سائر نصوص الدستور المنظمة للحقوق والحريات العامة وضماناتها - أن أوامر القبض على الأشخاص أو تفتيشهم أو حبسهم أو منعهم من التنقل أو السفر أو تقييد حريتهم بأى قيد دون ذلك - هى إجراءات جنائية تمس الحرية الشخصية - التى لا يجوز تنظيمها إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية وليس من سلطة أخرى بناء على تفويض ولا بأداة أدنى مرتبة.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول استصدر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أمراً وقتياً برقم 607 لسنة 1984 قضى بمنع الطاعن من السفر إلى الخارج حتى يمكن تنفيذ الأحكام الصادرة ضده في الدعاوى المدنية والجنائية المبينة في الصحيفة فأقام الطاعن عن ذلك الأمر التظلم 7495 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة، ومحكمة أول درجة حكمت في 1984/7/24 بقبول التظلم شكلا وبرفضه موضوعاً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 6277 لسنة 101ق القاهرة، وبتاريخ 1985/6/10 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك أن تقييد حريات الأشخاص بأي قيد أو منعهم من التنقل هو أمر تحظره المادة 41 من الدستور إلا لضرورة يقتضيها تحقيق وصيانة أمن المجتمع وتستوجب أن يصدر هذا المنع بأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون"، وكان مؤدى هذا النص - في ضوء سائر نصوص الدستور المنظمة للحقوق والحريات العامة وضماناتها - أن أوامر القبض على الأشخاص أو تفتيشهم أو حبسهم أو منعهم من التنقل أو السفر أو تقييد حريتهم بأي قيد دون ذلك - هي إجراءات جنائية تمس الحرية الشخصية - التي لا يجوز تنظيمها إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية وليس من سلطة أخرى بناء على تفويض ولا بأداة أدنى مرتبة من القانون حتى لا تطلق السلطة التنفيذية يدها فيما قيد الدستور سلطتها فيه – وأن إصدار الأمر بأي إجراء من تلك الإجراءات في غير حالة التلبس – لا يجوز إلا من القاضي المختص أو النيابة العامة، ووفقاً لقانون ينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار هذا الأمر في ضوء الضوابط التي وضع الدستور أصولها، وكان أي نص مخالف لهذه الأصول يعتبر منسوخاً حتماً بقوة الدستور نفسه باعتباره القانون الوضعي الأسمى، لما كان ذلك، وكان الأمر موضوع الدعوى فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم يصدر وفقاً لأحكام قانون ينظم قواعد إصداره فإنه يكون قائماً على غير أساس.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإلغاء الأمر المتظلم منه.

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 677 لسنة 34 ق جلسة 26 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 136 ص 1307

جلسة 26 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(136)

الطعن رقم 677 لسنة 34 القضائية

دعوى - قبول الدعوى - ميعاد الستين يوماً - النشر والإعلان والعلم اليقيني.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المعول عليه لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة - المقصود بالإعلان هو إعلان صاحب الشأن به - يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن علماً يقينياً بصدور القرار شاملاً جميع عناصره - ميعاد التظلم من قرار الترقية - لا يجوز الاكتفاء لبدء سريان الميعاد بمجرد نشر الجهة الإدارية إعلاناً في إحدى الصحف اليومية بحاجتها لشغل الوظيفة محل المنازعة ثم إعلانها عن ذلك أيضاً داخل الوزارة - لا يغني ذلك عن نشر القرار الإداري محل الطعن في الجريدة الرسمية أو النشرات التي تصدرها الوزارة أو إعلان صاحب الشأن به - لا يكفي كون المدعية تعمل بقطاع مكتب الوزير والذي يعمل به المدعى عليه المطعون في ترقيته لتوافر علمها بالقرار المطعون فيه - أساس ذلك: لا يرقى العلم المفترض بهذه الصورة إلى درجة العلم اليقيني الذي يغني عن النشر أو الإعلان لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 2 من فبراير أودع الأستاذ/ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 677 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 71 لسنة 39 قضائية المقامة من الطاعنة والقاضي أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيته الدكتور/ ...... خصماً في الدعوى منضماً للجهة الإدارية ثانياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وبإلزام المدعية المصروفات، وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والحكم بقبولها وفي الموضوع بإلغاء قرار ترقية الدكتور إلى الدرجة الأولى والمعتمد من وزير الصحة في 1/ 10/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإرجاع أقدمية الطاعنة في الدرجة الأولى إلى 29/ 7/ 1981 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/ 3/ 1990 والجلسات التالية حيث حضر محامي الطاعنة ومحامي هيئة قضايا الدولة وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 21/ 10/ 1990 والجلسات التالية وحضر محامي الطاعنة ومحامي هيئة قضايا الدولة ولم يحضر المطعون ضده الثاني رغم إعلانه بتقرير الطعن والميعاد المحدد لنظره وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعية الدكتورة/ ........ أقامت الدعوى رقم 71 لسنة 39 قضائية بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 4/ 10/ 1984 والتي اختصمت فيها السيد وزير الصحة وطلبت في ختامها الحكم بإلغاء قرار ترقية زميلها الدكتور/ ......... إلى الدرجة الأولى والمعتمد من الوزير في 1/ 10/ 1981 فيما تضمنه من تخطيها في هذه الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأسست المدعية دعواها على أنها علمت في أول أغسطس عام 1984 بالقرار المطعون فيه والذي وافقت عليه لجنة شئون العاملين في 10/ 10/ 1981 على أن يسري اعتباراً من 29/ 7/ 1981 وقد أخفت الجهة الإدارية هذا القرار ولم تنشره أو تصدر به قراراً تنفيذياً أسوة بباقي الترقيات فتظلمت منه المدعية بتاريخ 2/ 8/ 1984 خلال الستين يوماً التالية لعلمها به ثم أقامت دعواها الماثلة في الميعاد المقرر وتنعى المدعية على القرار المطعون فيه تخطيها في هذه الترقية رغم أنها أسبق في الأقدمية وأعلى في الكفاية من المطعون على ترقيته، كما أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قد اعترض على هذه الترقية حسبما علمت مؤخراً، ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
وبجلسة محكمة القضاء الإداري المنعقدة بتاريخ 20/ 11/ 1986 حضر محام عن المطعون على ترقيته وتدخل في الدعوى خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية طالباً الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً لمضي أكثر من ثلاث سنوات على ترقيته المشار إليها والتي تعلم بها المدعية، هذا فضلاً عن أحقيته في الوظيفة المشار إليها وتميزه عن المدعية مما يجعل دعواها خليقة بالرفض موضوعاً.
وبجلسة 10/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيته الدكتور/ ....... خصماً في الدعوى منضماً للجهة الإدارية، ثانياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبإلزام المدعية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن الوظيفة المشار إليها بقطاع مكتب وزير الصحة أعلن عنها بالوزارة بتاريخ 16/ 3/ 1981 طبقاً لإعلان وكيل أول الوزارة للقطاع المرفق صورته بحافظة مستندات الخصم المتدخل كما نشر الإعلان عنها بجريدة الأهرام بتاريخ 16/ 5/ 1981 وتحدد بالإعلان ميعاد قبول طلبات الترشيح للوظيفة المعلن عنها وأنه سيجرى اختبار شخصي للمتقدمين، وتقدم المطعون على ترقيته لشغل هذه الوظيفة، وبعد استكمال الإجراءات صدر قرار وزير الصحة رقم 552 لسنة 1981 بتاريخ 29/ 7/ 1981 متضمناً تعيين المطعون على ترقيته من الدرجة الثانية بمجموعة الوظائف التخصصية على وظيفة أخصائي أول طبيب بذات المجموعة بالدرجة الأولى ذات الربط (1020/ 1850 ج) برئاسة قطاع مكتب الوزير. وأضاف الحكم المطعون فيه أنه بغض النظر عن الإجراءات اللاحقة بشأن سحب ذلك القرار بتاريخ 1/ 10/ 1981 واعتباره ترقية اعتباراً من 29/ 7/ 1981 أو الخلاف بشأن التكييف القانوني لذلك الأمر أو جوازه وهما ما حسمه قرار الوزير الوارد على مذكرة المستشار القانوني المؤرخة 22/ 10/ 1981 من أن ترقية المطعون عليه بالقرار الوزاري الأول تعتبر قائمة من تاريخ اعتمادها أي اعتباراً من 29/ 7/ 1981 وهو ما يعد التكييف القانون الصحيح لما أطلق عليه تعيين في القرار المذكور، وعليه فإنه أياً كانت المطاعن الموجهة إلى القرار الصادر بهذا الخصوص فإنه جاء في علانية في ضوء الإعلان والنشر عن تلك الوظيفة الخالية سواء في نطاق قطاع مكتب الوزير الذي يعمل به كلا المتدخل والمدعية على ما ذكره الأول ولم تدحضه الثانية أو في غيرها من قطاعات الوزارة كما تم النشر بإحدى الصحف اليومية، وبعد ترقية المذكور اعتباراً من 29/ 7/ 1981 صدر القرار رقم 995 في 1/ 10/ 1981 بترقية المدعية إلى الدرجة الأولى بعد حوالي شهرين من القرار الأول وسكتت المدعية طوال ثلاث سنوات وعندما علمت باعتراض الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على تلك الترقية تقدمت بتظلمها منها بتاريخ 2/ 8/ 1984 بزعم عدم علمها بها في تاريخ سابق إلا أن الإجراءات السالفة قاطعة في علم المدعية التي تعمل مع المطعون على ترقيته بقطاع مكتب الوزير ومن ثم تضحى دعواها غير مقبولة شكلاً لأنها مقامة بعد الميعاد القانوني المقرر ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من المدعية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالفه، كما خالف المبادئ المستقرة في القضاء الإداري بأن ميعاد الطعن في القرارات الإدارية لا يبدأ إلا من تاريخ العلم اليقيني الشامل للقرار المطعون فيه وكافة بياناته. والحال في الواقعة المعروضة أن الجهة الإدارية تلاعبت للوصول إلى ترقية المطعون ضده الثاني بدون وجه حق وأخفت إجراءاتها المخالفة للقانون، كما أنها أصدرت قرار الترقية المشار إليه في 1/ 10/ 1981 وبأثر رجعي من 29/ 7/ 1981، ولا يفترض علم الطاعنة بهذا القرار الذي اجتهدت الجهة الإدارية في إخفائه، ولكن ما إن علمت الطاعنة به حتى بادرت إلى التظلم منه ثم رفع دعواها في الميعاد القانوني المقرر.
ومن ثم انتهت الطاعنة في ختام طعنها إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة تقضي بأن ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن علم صاحب الشأن الذي يقوم مقام النشر أو الإعلان في سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو العلم اليقيني لا الظني أو الافتراضي، وهو العلم الذي يكون شاملاً لجميع عناصر القرار التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها تبين مركزه القانوني ويثبت هذا العلم من أية واقعة وقرينة تفيد حصوله بوجه يقيني دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة.
ومن حيث إن النشر المعول عليه لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء طبقاً للمادة 24 من قانون مجلس الدولة هو نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة. كما أن الإعلان المقصود هو إعلان صاحب الشأن به، ويقوم مقامها العلم اليقيني بصدور هذا القرار شاملاً جميع عناصره، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حينما اكتفى لبدء سريان الميعاد المشار إليه بمجرد نشر الجهة الإدارية إعلاناً في إحدى الصحف اليومية بحاجتها لشغل الوظيفة محل المنازعة ثم إعلانها عن ذلك أيضاً داخل الوزارة، فذلك كله لا يغني عن نشر القرار الإداري محل الطعن في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها الوزارة أو إعلان صاحب الشأن به، كما أنه من ناحية أخرى فلا يكفي كون المدعية تعمل بقطاع مكتب وزير الصحة لافتراض علمها بالقرار المطعون فيه، إذ لا يرقى العلم المفترض بهذه الصورة إلى درجة العلم اليقيني الذي يغني عن النشر والإعلان لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ حينما رتب على هذا العلم الظني الافتراضي بدء سريان ميعاد الدعوى وانتهى إلى عدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه لم يثبت بوجه يقيني أن المدعية كانت تعلم بالقرار الإداري المطعون فيه قبل تاريخ تظلمها منه في 2/ 8/ 1984 وهو التظلم الذي لم تجب عنه الإدارة، فإن دعواها المقامة في 4/ 10/ 1984 تكون مقامة في الميعاد القانوني المقرر ومقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن الثابت من الأوراق والمستندات وخاصة من حافظة مستندات الجهة الإدارية أن أقدمية المدعية في الدرجة الثانية ترجع إلى 31/ 12/ 1968 بينما ترجع أقدمية المطعون على ترقيته في هذه الدرجة إلى 31/ 12/ 1969 في ذات المجموعة النوعية وقد حصل كل منهما على تقدير كفاية بدرجة ممتاز في السنوات الثلاث السابقة على عام 1981 وقد أصدرت الجهة الإدارية في 29/ 7/ 1981 قراراً بتعيين الأخير بوظيفة أخصائي أول طبيب بالدرجة الأولى بذات المجموعة الوظيفية، ثم سحبت هذا القرار في 1/ 10/ 1981، وقررت بذات التاريخ. ترقيته بالاختيار إلى هذه الوظيفة اعتباراً من 29/ 7/ 1981، ثم بناء على مذكرة المستشار القانوني للوزارة وافق السيد الوزير على اعتبار قرار التعيين الأول قائماً باعتباره في حقيقته قراراً بالترقية وأن الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى تتم بالاختيار بنسبة 100%.
ومن حيث إن المادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 السارية على النزاع الماثل قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدى في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف بما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق بذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة ويبدأ في الجزء المخصص للترقية بالأقدمية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يبين من الرجوع إلى الجدول المشار إليه أن المشرع لم يورد قرين درجة وكيل أول وزارة نسبة للترقية بالاختيار باعتبارها أعلى درجة فلا يرقى عنها ولو كانت العبرة في تحديد هذه النسبة بالدرجة المرقى إليها لأورد في الجدول قرينها نسبة 100%، لذلك فإن المشرع نص بالنسبة لغير الوظائف العليا على أن تكون الترقية إليها في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) أي تبعيضها ومن بين الوظائف الترقية من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ولو قصد أن تكون الترقية إليها بالاختيار المطلق لما أعوزه النص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 33 من القانون رقم 48/ 1978 في شأن نظام العاملين بالقطاع العام عندما نص على أن تكون الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى فما فوقها بالاختيار، ويؤكد هذا المعنى أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 115 لسنة 1983 فنص صراحة في المادة الثالثة منه على أن نسبة الاختيار الواردة قرين كل درجة في الجدول رقم (1) هي نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة التي وردت هذه النسبة أمامها إلى الدرجة الأعلى منها مباشرة. وعلى هذا المقتضى فإن نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى تكون 50% فقط.
ومن حيث إن المشرع نص صراحة في المادة 37 السالفة على أنه يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية وذلك بالنسبة للوظائف التي تكون الترقية فيها بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق، وكانت الترقية إلى الدرجة الأولى طبقاً لهذا النص والجدول المشار إليه تكون بالاختيار في حدود نسبة 50% فقط، فإنه يتعين على الجهة الإدارية عند الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى إعمالاً لهذا الحكم التشريعي أن تبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ولما كان الثابت أن الجهة الإدارية ذاتها قد استقرت على أن القرار المطعون فيه الصادر منها بتاريخ 29/ 7/ 1981 هو في حقيقته قراراً بالترقية، وهو ما يصادف التكييف الصحيح لهذا القرار، فإنه لما كانت الوظيفة الخالية بالدرجة الأولى هي وظيفة واحدة فقد كان من المتعين قانوناً أن يرقى إليها أقدم الأطباء في الدرجة الثانية بذات المجموعة النوعية دون أن يكون هناك مجالاً للاختيار ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بترقية الدكتور........ بالاختيار لهذه الوظيفة يكون مخالفاً للقانون وغير مشروع وبالتالي خليقاً بالإلغاء، ولما كان الثابت من الأوراق تعدد الأطباء بذات المجموعة في الدرجة الثانية الذين يسبقون المطعون على ترقيته في أقدمية هذه الدرجة وعدم انفراد المدعية بسبق الأقدمية فيها على المطعون على ترقيته، وكان مقتضى إعمال حكم المادة 37 السالفة الذكر هو ترقية أقدم هؤلاء الأطباء إلى هذه الوظيفة، فإن المحكمة تقضي بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.

الطعن 1957 لسنة 34 ق جلسة 25 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 135 ص 1302

جلسة 25 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

--------------------

(135)

الطعن رقم 1957 لسنة 34 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الوقف عن العمل - مناطه - الحكمة منه.
المادة 83 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - وقف العامل عن العمل احتياطياً لا يكون إلا إذا أسندت إليه مخالفات - الحكمة منه الاحتياط والتصون للعمل العام الموكول إليه بكف يده عنه وإقصائه عنه ليجرى التحقيق معه في جو خال من مؤثراته وبعيداً عن سلطانه.
(ب) اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
القرارات التي تصدرها المحاكم التأديبية في شأن طلبات مد الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب الموقوف صرفه بسبب الوقف عن العمل - تعتبر أحكاماً قضائية يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الميعاد المقررة قانوناً - أساسا ذلك: ارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14/ 5/ 1988 أودع الأستاذ/ سمير شوقي المحامي بصفته وكيلاً عن....... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1957 لسنة 34 ق، ع في القرار الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 19/ 3/ 1988، في الطلب المقدم من النيابة الإدارية ضد الطاعن، والمقيد برقم 148 لسنة 30 ق والذي قرر مد وقف المعروض أمره على المحكمة لمدة شهرين، اعتبار من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابق في 6/ 3/ 1988، مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه في أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بصحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه على سند من مخالفته للقانون ولأسباب عدم الشرعية الواردة بعريضة الطعن، مع كل ما يترتب على ذلك من آثاره وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وبتاريخ 21/ 5/ 1988 أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضدهما، على النحو المبين بالأوراق.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مد وقف المعروض أمره (الطاعن) لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988 مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة جلسة 14/ 1/ 1991 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 2/ 1991 فنظرته على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وجلسة 27/ 4/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 25/ 5/ 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع، تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 6/ 1/ 1988 صدر قرار مديرية الإسكان والمرفق رقم (1) لسنة 1988 متضمناً إيقاف المهندس....، المهندس بمديرية الإسكان والمرافق بمحافظة البحيرة عن عمله مدة شهرين قابلة للتجديد، بحيث لا تزيد عن ثلاثة أشهر، لاشتراكه آخرين في ارتكاب المخالفات التي أوردها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 2176 بتاريخ 9/ 12/ 1997، ثم أرسلت المديرية المذكورة كتابها رقم 445/ 2 المؤرخ 10/ 2/ 1988 إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية عن طريق إدارة الدعوى التأديبية وذلك لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ مدة الوقف في 6/ 3/ 1988 وبجلسة 19/ 3/ 1988 أصدرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قرارها بمد وقف المعروض أمره لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988، مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه في قرار المحكمة على الأسباب الآتية:
1 - أن الطاعن لم يمثل أمام أية جهة إدارية أو قضائية لأي تحقيق كان بشأن ما شمله تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات من مناقضات، إضافة إلى سمعة الطاعن الحسنة والكم الهائل من الأعمال المسندة إليه والتي تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه لذا فإن قرار المحكمة بالاستجابة إلى طلب جهة الإدارة بطلب مد الإيقاف معيب بعيب السبب.
2 - عدم إجراء تحقيق مع الطاعن قبل قرار الوقف، وكذا بعد مد الوقف مما جعل جهة الإدارة تستفيد من خطئها وتجاب إلى طلبها بمد إيقاف الطاعن على غير أساس صحيح من القانون أو الشرعية مما يجعل القرار معيباً بعيب الشكل.
3 - قررت المحكمة صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المعروض أمره، اعتباراً من تاريخ وقفه عن العمل احتياطياً في 6/ 1/ 1988، وذلك بصفة مؤقتة، ولما كانت ظروف الطاعن لم تتغير عند الأمر على المحكمة التأديبية بجلسة 19/ 3/ 1988، فإن صدور القرار بعدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف بصفة مؤقتة يكون على خلاف القرار السابق الذي حاز قوة الشيء المحكوم فيه دون وجود تبرير لهذا القرار.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أنه بتاريخ 6/ 1/ 1988 صدر قرار مديرية الإسكان والمرافق بمحافظة البحيرة رقم 1 لسنة 1988 متضمناً إيقاف الطاعن عن عمله لمدة شهرين قابلة للتجديد، بحيث لا تزيد على ثلاثة شهور، لاشتراكه مع آخرين في ارتكاب المخالفات التي أوردها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 2176 بتاريخ 9/ 12/ 1987، ولما طلبت المديرية من المحكمة مد مدة إيقافه شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة انتهت المحكمة في 19/ 3/ 1988، إلى إصدار قرارها بمد وقف الطاعن عن العمل لمدة شهرين اعتباراً من انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988، ومع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف بصفة مؤقتة.
ومن حيث إن قرارات التي تصدرها المحاكم التأديبية في شأن طلبات مد الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب الموقوف بسبب الوقف عن العمل، تعتبر أحكاماً قضائية يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الميعاد المقرر قانوناً، لارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل.
ومن حيث إن المادة 83/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "لكل من السلطة المختصة ومدير النيابة الإدارية حسب الأحوال أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره ابتداء من تاريخ الوقف".
ومن حيث إن وقف العامل احتياطياً عن العمل منوط ليس فقط بإجراء تحقيق معه بل أن تقتضي مصلحة التحقيق معه هذا الوقف كذلك، أي أن وقف العامل عن العمل احتياطياً لا يكون إلا إذا أسندت إليه مخالفات، ويدعوا الأمر إلى الاحتياط والتصون للعمل العام الموكول إليه بكف يده عنه، وإقصائه عنه، ليجرى التحقيق معه في جو خال من مؤثراته وبعيد عن سلطانه.
ومن حيث إن قرار إيقاف الطاعن عن عمله، وكذا قرار مد إيقافه صدرا بمناسبة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، ولم يتضح من الأوراق أن ثمة تحقيقاً أجري مع الطاعن اقتضت مصلحته اتخاذ قرار الإيقاف أو مده، لذا فإن قراري الوقف والمد يكونان قد اتخذا على غير ما يقضي به القانون.
ومن حيث إنه لما سبق فإن القرار المطعون فيه يكون صدر على خلاف أحكام القانون، جديراً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.

الطعن 200 لسنة 28 ق جلسة 23 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 18 ص 153

جلسة 23 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

-------------

(18)
الطعن رقم 200 لسنة 28 القضائية

استئناف. "إعلان صحيفة الاستئناف". إعلان. "إعلان أوراق التكليف بالحضور". بطلان. نظام عام. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
إعلان صحيفة الاستئناف لمكتب المحامي المتخذ محلاً مختاراً للمستأنف عليه في ورقة إعلان الحكم الابتدائي. بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. عدم تعلقه بالنظام العام. تمسك المستأنف بزوال السبب الذي لحق بإعلان صحيفة الاستئناف لحضور محام عن المستأنف عليه في أول جلسة حددت لنظر الاستئناف. التفات الحكم عن هذا الدفاع الجوهري. قصور يستوجب نقضه.

------------------
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في إعلانها لا يتعلق بالنظام العام على ما يستفاد من المادة 140 من قانون المرافعات ومذكرته التفسيرية. وإذ كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف أنه تمسك بأن حضور محام عن المطعون عليه في أول جلسة حددت لنظر الاستئناف يزيل العيب الذي لحق إعلان صحيفة الاستئناف في مكتب محام - كان وكيلاً عنه أمام محكمة أول درجة ولم يتخذ مكتبه محلاً مختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي - وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي قد يترتب على الأخذ به تغيير وجه الفصل في الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه تكونت شركة تضامن بين المطعون عليهما الأول والثالث وأخيهما مورث الباقين للاتجار في كافة أصناف المانيفاتورة مركزها الرئيسي ببندر دمنهور. وقدرت مصلحة الضرائب أرباح المنشأة ورأس مالها الحقيقي المستثمر عن سنتي 1943/ 1944 و1944/ 1945 بمبالغ معينة وأخطرت المطعون عليه الأول (محمد محمد الكاتب) بوصفه مديراً للشركة بهذه التقديرات فلما لم يقبلها أحيل الخلاف إلى لجنة تقدير ضرائب الإسكندرية التي أصدرت في 26/ 8/ 1950 قرارها بتحديد صافي أرباح المنشأة ورأس مالها الحقيقي المستثمر في سنتي النزاع بالمبالغ التي ارتأتها. وأقام المطعون عليهما الأول والثالث ومورث الباقين الدعوى رقم 27 سنة 1951 كلي أمام محكمة دمنهور الابتدائية ضد الطاعنين وطلبوا الحكم أولاً - أصلياً - ببطلان قرار لجنة التقدير سالف الذكر بالنسبة للمدعي الأول (المطعون عليه الأول) لعدم إعلانه بتقدير اللجنة بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول. ثانياً - ببطلانه بالنسبة للمدعين الثاني والثالث (المطعون عليه الثالث ومورث الباقين) لعدم اتخاذ إجراءات الربط والتقدير في مواجهتهما - واحتياطياً - باعتبار أرباح الشركة في سنتي النزاع مبلغ... وأن رأس مالها الحقيقي المستثمر مبلغ... مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف ودفعت مصلحة الضرائب الدعوى - أصلياً - بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها - واحتياطياً بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد وعلى سبيل الاحتياط الكلي رفض الطعن وتأييد قرار اللجنة... وبتاريخ 29/ 5/ 1957 قضت المحكمة: أولاً - بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول (المطعون عليه الأول) شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وألزمت الطاعن المذكور بالمصاريف. ثانياً - رفض الدفع بعدم قبول طعن الطاعنين الثاني والثالث (المطعون عليهم الثالث ومورث الباقين) شكلاً وبقبوله. ثالثاً - برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث. رابعاً - في موضوع طعن الطاعنين المذكورين ببطلان قرار لجنة التقدير الصادر بجلسة 26/ 8/ 1950 وما ترتب عليه من آثار وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة للطاعنين الثاني والثالث. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 107 سنة 3 ق تجاري أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه فيما قضى به لصالح المطعون عليهم عدا الأول... ودفع المستأنف عليهم (المطعون عليهم الأول والأخير ومورث الباقين) ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف استناداً إلى القول بمخالفة مصلحة الضرائب في إجراءات هذا الإعلان لأحكام المواد 379 و380 و381 من قانون المرافعات. لأنها أعلنتهم بصحيفة الاستئناف في مكتب الأستاذ صالح بكتاش باعتباره المحل المختار لهم بدلاً من إعلانها لهم شخصياً أو في موطنهم الأصلي أو في محلهم المختار المبين في ورقة إعلان الحكم وهو مكتب الأستاذ بسيوني علي بشارة وبتاريخ 9/ 2/ 1958 قضت المحكمة بقبول الدفع وببطلان إعلان صحيفة الاستئناف وألزمت المستأنفة (مصلحة الضرائب) بمصاريف الاستئناف ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعنت الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 22/ 11/ 1961 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وعند نظره أمامها بجلسة اليوم صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم وقدم المطعون عليهم مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن، وأصرت النيابة على طلب نقض الحكم.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف على ما ذهب إليه من أن الطاعنين بصفتهما أعلنا تلك الصحيفة في موطن المحامي الذي باشر الدعوى أمام محكمة أول درجة مع أن موطن هذا الوكيل لا يقيد به إلا بالنسبة لدرجة التقاضي الموكل هو فيها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور - ذلك أن الأصل المقرر في أحوال بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أو عدم مراعاة مواعيد الحضور أن حضور المعلن إليه يزيل البطلان وفقاً لحكم المادة 140 مرافعات - والثابت من محضر جلسة 7/ 12/ 1957 وهي أول جلسة نظر فيها الاستئناف أنه قد حضر كل من الأستاذين بسيوني علي بشارة وصالح بكتاش عن المستأنف عليهم (المطعون عليهم) وقد تمسكت مصلحة الضرائب في دفاعها بأن هذا الحضور يزيل البطلان المدعي به على فرض حصوله ولكن الحكم المطعون فيه سكت عن الرد على هذا الدفاع الجوهري.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف على ما قرره من أن مصلحة الضرائب لم تسلك الطريق القانوني في إعلان المطعون عليهم بصحيفة الاستئناف إذ أعلنتهما لمكتب الأستاذ صالح بكتاش المحامي الذي كان وكيلاً عنهم أمام محكمة أول درجة ولم يتخذوا مكتبه محلا ًمختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي ثم رتب الحكم على ذلك سقوط الاستئناف لفوات ميعاده وأن هذا الميعاد باعتباره من مواعيد السقوط يتعلق بالنظام العام ويجوز للخصم إبداء الدفوع الخاصة به في أية حالة كانت عليها الدعوى. ومؤدي هذا أن الحكم المطعون فيه اعتبر عيب الإعلان بمثابة عدم الإعلان ورتب على ذلك سقوط الاستئناف على ما بين الحالتين من اختلاف في النتيجة المترتبة على أثر كل منهما ولما كان بطلان إعلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في إجرائه غير متعلق بالنظام العام كما هو مستفاد من نص المادة 140 من قانون المرافعات وما جاء بالمذكرة التفسيرية لهذا القانون في هذا الصدد. وكان الإجراء القابل للإبطال من الجائز قانوناً أن تلحقه الصحة فمتى زال هذا البطلان صار الإجراء معتبراً صحيحاً من وقت صدوره. وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة بدفاعهما أمام محكمة الاستئناف أنهما تمسكا فيها بأن حضور الأستاذين بشارة علي بسيوني وصالح بكتاش عن المطعون عليهم في أول جلسة تحددت لنظر الاستئناف وهي جلسة 7/ 12/ 1957 يزيل العيب الذي لحق إعلان صحيفة الاستئناف وفقاً لحكم المادة 140 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي قد يترتب على الأخذ به تغيير وجه الفصل في الدفع فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة لما أثاره الطاعنان في السبب الثاني.

الطعن 133 لسنة 28 ق جلسة 23 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 17 ص 147

جلسة 23 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

----------------

(17)
الطعن رقم 133 لسنة 28 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح الاستثنائية". "وعاء الضريبة". "تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة". "اختيار رقم المقارنة".
تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة. المادتان 2 و3 من القانون رقم 60 لسنة 1941 اختيار رقم المقارنة. عدم استعمال الممول حقه في اختيار رقم المقارنة حتى انتهاء الميعاد المحدد بالقرار الوزاري رقم 22 لسنة 1942 يترتب عليه سقوط حقه في الاختيار.

----------------
بينت المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة بإتباع إحدى الطريقتين: (1) إما ربح سنة يختارها الممول في السنوات 1937 و 1938 و1939 أو السنوات المالية للمنشأة التي انتهت خلال السنوات المذكورة. (2) وإما 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر فإذا لم يكن للممول رأس مال أو كان رأس ماله يقل عن ثلاثة آلاف جنيه اعتبر هذا الرقم رأس مال - على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين المذكورتين كأساس للمقارنة متروك للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري. فإذا لم يبلغ الممول اختياره في المواعيد المحددة فيحدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون ( م 3/1و3 ق 60 لسنة 1941). وإعمالاً للمادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 أصدر وزير المالية القرار الوزاري رقم 242 لسنة 1941 نص فيه على أنه لإمكان استعمال الحق المخول بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز آخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي يختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون - وقد امتد هذا الأجل بقرارات متوالية كان آخرها القرار رقم 22 لسنة 1942 الذي حدد يوم 15 فبراير سنة 1942 آخر ميعاد يجوز فيه للممول تقدم طلب اختيار رقم المقارنة. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون عليها من الممولين ذوى الحسابات المنتظمة وأنها لم تتقدم بطلب اختيار رقم المقارنة إلا بعد فوات آخر موعد حدده القانون لمباشرة هذا الحق فإن الحكم إذ قضى بعدم سقوط حق الشركة في اختيار رقم رغم فوات الميعاد المقرر قانوناً يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه, ذلك أنه متى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلال هذا الميعاد سقوط الحق في مباشرته. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مراقبة الضرائب المختصة أخطرت الشركة المطعون عليها في 18 / 10 / 1950 بوصفها من الممولين الخاضعين للضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية المقررة بالقانون رقم 60 لسنة 1941 بالنموذج رقم 18 ضرائب متضمناً تحديد رأس مالها الحقيقي المستثمر في أول كل سنة من السنوات من 1940 إلى 1948 بالمبالغ التي تضمنها هذا النموذج. وردت الشركة على هذا الإخطار بأنها تتمسك بحقها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 أساساً لرقم المقارنة عند تحديد أرباحها الاستثنائية وذلك بسبب قوة قاهرة منعتها من مباشرة هذا الحق في حينه وهى اعتقال الشركاء باعتبارهم من الرعايا الإيطاليين وخضوع الشركة للحراسة في الفترة من 12/ 6/ 1940 إلى 24/ 4/ 1948. ولما صممت مصلحة الضرائب على رأيها أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت بتاريخ 17/ 3/ 1951 قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بسقوط حق الشركة في الاختيار تأسيساً على فوات ميعاد هذا الاختيار وأن اعتقال الشركاء ووضع الشركة تحت الحراسة لا يعتبران من قبيل القوة القاهرة التي تجعل مباشرة الشركة لحق الاختيار أمر مستحيلاً. طعنت الشركة على هذا القرار بالدعوى رقم 213 سنة 1951 تجارى كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وطلبت الحكم بعدم سقوط حقها في اختيار أرباح سنة 1938 كرقم للمقارنة عند تحديد الأرباح الاستثنائية وبتاريخ 16/ 11/ 1954 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع رفضه وتأييد القرار المطعون فيه... وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 3/3 من القانون رقم 60 سنة 1941 نصت على أنه إذا لم يبلغ الممول اختياره في المواعيد المحددة حدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية وحدها مما يفيد سقوط حق الممول في الاختيار إذا تجاوز الميعاد المحدد - وأن الحراسة التي فرضت على الشركة لم تكن إلا إجراء تحفيظاً الغرض منه تلافي الخطر الذي يهدد كيان المنشأة ولا يفيد أكثر من حبسها في يد الحارس الذي تدخل ممارسته لحق اختيار رقم المقارنة في صميم عمله في إدارة المنشأة والمحافظة على أموالها... فاستأنفت الشركة هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 425 سنة 11 ق بمحكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتهم أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 15/ 12/ 1957 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم للشركة المستأنفة (المطعون عليهم) بعدم سقوط حقها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 كأساس للمقارنة عند تحديد الأرباح الاستثنائية مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش أتعاب المحاماة. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27/ 1/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وعند نظره أمامها بجلسة اليوم صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم للسبب المبين بتقرير الطعن كما أصرت النيابة على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً ما.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه بعدم سقوط حق الشركة المطعون عليها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 كأساس للمقارنة عند تحديد أرباحها الاستثنائية استناداً إلى ما ذهب إليه أن التعديلات التي أدخلتها المصلحة على إقرارات الشركة عن رأسمالها الحقيقي المستثمر في أول كل سنة من السنوات عن 1940 إلى 148 وإن كان لا يعني إهدار نظامية حسابات الشركة عن السنوات المذكورة إلا أنه يفتح ميعاداً اختيار رقم المقارنة أمامها عند إخطارها بالتعديلات سالفة الذكر طبقاً للقواعد التي تضمنها القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 وأن المواعيد المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 والقرارات الوزارية المكملة له والخاصة باختيار رقم المقارنة ليست مواعيد سقوط وإنما هي مواعيد تنظيمية لا يترتب على مخالفة الممول لها سقوط حقه في الاختيار - إذ أقام الحكم قضاءه على هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن الشركة المطعون عليها من طائفة الممولين ذوي الحسابات المنتظمة عاد وطبق عليها بشأن اختيار رقم المقارنة القواعد المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 والخاصة بالممولين ذوى الحسابات غير المنتظمة مع أن المستفاد من نصوص القانون رقم 60 لسنة 1941 ولائحته التنفيذية والتعديلات الطارئة عليه والقرارات الوزارية المكملة له أنها فرقت في شأن حق الاختبار ومواعيده وشرائطه وأوضاعه بين طوائف الممولين ذوى الحسابات المنتظمة وغيرهم ممن ليست لهم حسابات منتظمة إذ يبين منها أن الشارع قصر حق الاختيار على ذوى الحسابات المنتظمة وحدهم وحددت لهم القرارات الوزارية مواعيد الاختيار وأوضاعه بحيث تنتهي في 15/ 2/ 1942 وإلا سقط حقهم وحدد ربحهم على أساس 12% من رأس المال. ومتى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلاله سقوط الحق في مباشرته بعد ذلك - أما الممولين الذين ليست لهم حسابات منتظمة فلم يكن لديهم وقت صدور القانون رقم 60 لسنة 1941 حق اختيار رقم المقارنة إذ كان الرقم بقدر على أساس 12% من رأس المال ثم صدر بشأنهم القانون رقم 87 لسنة 1943 فحولهم نوعاً آخر من الاختيار وذلك بما قضى به من إضافة فقرة جديدة إلى المادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 وذلك إما باختيار أرباح سنة 1939 كأساس للمقارنة أو سنة الممول المالية المنتهية خلالها كما قدرتها واعتبرتها مصلحة الضرائب وإما بالطريقة المنصوص عليها في الفقرة "ثانياً" من المادة الثانية وذلك طبقاً للأوضاع والمواعيد التي تحدد بقرار وزاري وإلا حدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية وحدها - وقد صدر القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 وحدد نهاية مارس سنة 1944 آخر ميعاد لاختيار رقم المقارنة بالنسبة لهذه الطائفة من الممولين.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة بينت كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة بإتباع إحدى الطريقتين: 1 - إما ربح سنة يختارها الممول في السنوات 1937 و1938 و1939 أو من السنوات المالية للمنشأة التي انتهت خلال السنوات المذكورة - 2 - وإما 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر فإن لم يكن للممول رأس مال وكان رأس ماله يقل عن ثلاثة آلاف جنيه اعتبر هذا الرقم رأس مال - وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين المذكورتين كأساس للمقارنة متروكاً للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري - ونصت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على أن الممول إذا لم يبلغ اختياره في المواعيد فيحدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون المشار إليه - وإعمالاً للمادة الثالثة من القانون رقم 60 سنة 1941 المشار إليه أصدر وزير المالية القرار الوزاري رقم 242 سنة 1941 نص فيه على أنه لإمكان استعمال الحق المخول للمولين بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز آخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي يختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون المشار إليه - وقد امتد هذا الأجل بقرارات متوالية كان آخرها القرار رقم 22 سنة 1942 الذي حدد يوم 15 فبراير سنة 1942 آخر ميعاد يجوز فيه للممول تقديم طلب اختيار رقم المقارنة ولما كان يبين من الوقائع التي أوردها الحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون عليها من الممولين ذوي الحسابات المنتظمة - وأنها لم تتقدم بطلب اختيار رقم المقارنة إلا بعد فوات آخر موعد حدده القانون لمباشرة هذا الحق وهو يوم 15 فبراير سنة 1942 - ومتى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلال هذا الميعاد سقوط الحق في مباشرته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم سقوط حق الشركة المطعون عليها في اختيار رقم المقارنة رغم فوات الميعاد المقرر قانوناً فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقضه.


(1) راجع الطعن رقم 291 لسنة 25 ق س 11 ع قاعدة 16 ص 106 جلسة 4/ 2/ 1960, الطعن رقم 349 لسنة 24 ق س 10 ع 1 قاعدة 27 جلسة 26/ 2/ 1959 ص 178.

الطعن 2343 لسنة 32 ق جلسة 25 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 134 ص 1290

جلسة 25 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي – المستشارين.

------------------

(134)

الطعن رقم 2343 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى - طلبات في الدعوى - تجهيل الطلبات - معناه
تجهيل الطلبات إنما يعني أن تكون طلبات المدعي غير محددة أو قابلة للتحديد بمعنى أن يكون المدعي قد أغفل على نحو جسيم يستحيل معه لغة وعقلاً ومنطقاً على المحكمة أن تحدد على أساس سليم حقيقة ما يستهدف المدعي تحقيقه من دعواه وما يطلب منها القضاء به من طلبات وسنده القانوني في طلبها - تطبيق.
(ب) دعوى - طلبات في الدعوى - تكييف الطلبات - 

سلطة المحكمة تحديد طلبات المدعي وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة - على المحكمة أن تتعمق ما يحدده الخصوم في المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لها لتصل إلى التكييف السليم والصحيح لحقيقة هذه الطلبات - إذا كان تكييف الطلبات يصدق بالنسبة لكل دعوى أو منازعة فإنه أولى بالالتزام والتطبيق في المنازعات المتعلقة بتسوية مرتبات أو معاشات أو المستحقات سواءً للموظفين العموميين أو لغيرهم - أساس ذلك: المركز القانوني محل المنازعة بخصوص هذه المنازعات منشأه القانون مباشرة دون أي تقدير للسلطة الإدارية المختصة - تطبيق.
(جـ) قوات مسلحة - مجندون بها - الوفاة أثناء الخدمة - الحقوق التأمينية (خدمة عسكرية ووطنية)
القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
وفاة المجند أثناء الخدمة وبسببها ترتب الحق للمستحقين عنه في الحصول على كافة مستحقات التأمينية - الاستحقاق الذي قدره القانون للمستحقين عن المجند المتوفى بسبب الخدمة إنما قدره القانون بمراعاة ظروف مخاطر الخدمة العسكرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 29 من مايو سنة 1986 أودع الأستاذ سليم عليوه المسلمى المحامي عن كل من....... و........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2343 لسنة 32 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30 من مارس سنة 1986 في الدعوى رقم 2744 لسنة 38 القضائية القاضي بالنسبة لطلب التعويض بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً، وبالنسبة للشق من الدعوى الخاص بالمطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير طعنهما - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنين مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم الأستاذ المستشار عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 15 من أكتوبر سنة 1990، وتداولت المحكمة نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 18 مارس سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرت الطعن بجلسة 13 من إبريل سنة 1991، وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم السبت الموافق 25 من مايو 1991، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه في الثامن من مارس سنة 1984 أقام الطاعنان الدعوى رقم 2744 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود - والتعويضات) بطلب إلزام وزير الدفاع بصفته بأن يدفع لهما عشرة آلاف جنيه كتعويض مع جميع المستحقات القانونية طبقاً للقوانين والقرارات الصادرة بشأن الأفراد العسكريين مع إلزامه بالمصروفات.
وقال المدعيان شرحاً لدعواهما أنه في 11 مارس سنة 1982 أثناء تواجد ابنهما المجند مؤهلات متوسطة (أسامة عبد الفتاح) ضمن أفراد الكتيبة 417 دفاع جوي بالقوات المسلحة، عين ضمن أفراد الوحدة في مأموريات للعمل في إزالة الرمال من على الطريق المؤدي إلى الموقع الحربي للكتيبة بمنطقة خزان أسوان، وأثناء عودتهم إلى الوحدة ولإزالة الأتربة العالقة بأجسامهم وملابسهم لم يجدوا ماء بالوحدة فاستأذنوا من النقيب/ ....... أحد رؤساء الوحدة للذهاب إلى المستعمرة المجاورة للمعسكر والتي يختلط فيها العسكريون والمدنيون للاغتسال، إلا أن الرقيب المعين للإشراف عليهم تخلف عن مرافقتهم دون أن يوجد من يخلفه للإشراف على الجنود ولما وجدوا المستعمرة مزدحمة - وبناء على توجيه أحد المدنيين - توجه تسعة جنود للاغتسال إلا أن ابن المدعيين أراد الاستحمام بالنهر فغرق.
وأضاف المدعيان أن غرق ابنهما كان بخط الوحدة، إذ كان عليها أن توفر لهم ما يلزمهم من المياه، وما كان للنقيب أن يسمح لهم بالذهاب إلى المستعمرة، وما كان للرقيب المشرف عليهم أن يتركهم دون وضع مراقبة على شاطئ النيل، كما أن ابن المدعيين اضطر إلى النزول بمياه النيل لوجود ازدحام شديد على (حنفية) المستعمرة، وذلك بشهادة الشهود، ولما كان خطأ الوحدة قد استغرق خطأ المتوفى، وقد لحق بالمدعيين ضرر مادي ومعنوي من جراء وفاة ابنهم وهو في ريعان شبابه، ومن ثم يستحقان التعويض المطالب به.
وأودع المدعيان تأييداً للدعوى صورة من مذكرة قائد الكتيبة والتحقيق الذي تم بالوحدة، والتحقيق الذي تم بمكتب التحقيقات، ونموذج خدمة المتوفى بالقوات المسلحة. وطلبت جهة الإدارة الحكم برفض الدعوى لأن خطأ المدعي (الطاعن) كان هو السبب الجوهري في حدوث الوفاة، ومن ثم فلا مسئولية على المدعى ضده بصفته.
وبجلسة 30 من مارس سنة 1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، برفض طلب التعويض وببطلان صحيفة الدعوى بالنسبة لطلب المستحقات القانونية.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى بطلان صحيفة الدعوى على التجهيل والعمومية وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض طلب التعويض على أن الأحداث الثابتة بالأوراق ودعوى المدعي لم تكن السبب المباشر في وفاة نجل المدعيين ذلك أن التصريح الصادر لأفراد الوحدة لم يكن بالذهاب إلى مياه نهر النيل، وإنما إلى مياه صنبور المستعمرة المجاورة وقد خالف نجل المدعيين التعليمات وانسلخ مع بعض زملائه عن باقي أفراد الوحدة وذهب إلى نهر النيل، ولم يكتف بغسل ملابسة والاغتسال، بل انفرد بالاستحمام في مجرى النهر فجرفه التيار، وكان ذلك نتيجة خطئه الذي يكون سبباً أجنبياً من تحقيق مسئولية الجهة الإدارية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ نفى خطأ جهة الإدارة، في حين أن الثابت أن نجل الطاعنين لم يسع إلى مصدر للمياه بمجرى النيل إلا بعد أن تكشف عدم وجود مياه بالمعسكر مع وجود ازدحام كبير على مصدر المياه بالمستعمرة التي وجهوا إليها، الأمر الذي كان معه مجرى النيل هو مصدر المياه المتاح الذي كان الالتجاء إليه تصرفاً طبيعياً في تلك الظروف، الأمر الذي ينفي توافر حالة القوة القاهرة، التي تفصم عري السببية بين خطأ جهة الإدارة والضرر المطالب بالتعويض عنه.
ومن حيث إن المدعيين قد أقاما دعواهما بطلبين أصليين ومحددين، أولهما أحقية المدعيين لتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه، وثانيهما أحقيتهما في صرف مستحقات ابنهما المتوفى طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 وقرار رئيس الجمهورية رقم 433 لسنة 1981 بشأن التأمين الاجتماعي للضباط الاحتياط والمجندين بالقوات المسلحة باعتبار أن الوفاة كانت أثناء الخدمة وبسببها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى الحكم بالنسبة لشق المطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى، وقد أوردت المحكمة في حيثيات الحكم تسبيباً لهذا القضاء بقولها أن الدعوى "يشوبها التجهيل والعمومية بالنسبة للطلب الثاني فمن ثم تبطل صحيفة الدعوى بالنسبة للطلب الثاني لما يشوبه من تجهيل".
ومن حيث إن الحكم الطعين قد صدر مشوباً بخطأ بين في هذا الشق من قضائه ذلك أن تجهيل الطلبات إنما يعني أن تكون طلبات المدعي غير محددة أو قابلة للتحديد بمعنى أن يكون المدعي قد أغفل على نحو جسيم يستحيل معه لغة وعقلاً ومنطقاً على المحكمة أن تحدد على أساس سليم حقيقة ما يستهدف المدعي تحقيقه من دعواه وما يطلب منها القضاء به من طلبات، وسنده القانوني في طلبها، وذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم بالعبارات التي يصوغونها وفقاً لما يرونه محققاً لمصلحة كل منهم ويختارون لهذه الطلبات السند القانوني الذي يرونه أرجح في قبول القضاء لهم موضوعياً بهذه الطلبات فإن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة إذ عليها أن تتعمق في ما يحدده الخصوم في المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لها - لتصل المحكمة إلى التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات وتنزل عليها أحكام القانون غير متقيدة بما أورده الخصم من عبارات أو ألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة نواياه وغاياته من المنازعة الإدارية وما صده منها ذلك أنه من المسلمات أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني، وحيث إنه وإن كان ذلك يصدق كمبدأ عام بالنسبة لكل دعوى أو منازعة فإنه يكون الأولى بالالتزام والتطبيق في المنازعات المتعلقة بتسوية مرتبات أو معاشات أو المستحقات التأمينية سواءً للموظفين العموميين أو لغيرهم من المواطنين، حيث يكون المركز القانوني محل المنازعة منشأة أحكام القانون مباشرة دون أي تقدير للسلطة الإدارية المختصة وحيث يحدد القانون ذاته الشخص المستحق ومحل مركزه القانوني وحدوده ومداه فيكتفي لتكييف وتحديد طلبات الخصوم في مثل هذه المنازعة أن يحدد موضوع الطلب ويشير إلى سنده القانوني في القانون أو التشريع الذي يستند إليه في المطالبة به، ذلك لأن الالتزام من جهة الإدارة بتنفيذ أحكام القانون واحترامه أمر من أول واجباتها التي يلزمها به الدستور صراحة. وهو ذاته الذي تلتزم به السلطة القضائية وأحد هيئاتها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ويمثل منح المستحق لتسوية حقه فيها جانباً من الشرعية للنشاط الإداري يجعله من النظام العام الإداري، كما أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يؤدي رسالة جليلة وعظيمة الشأن في حياة الدولة والمجتمع معاً فهو المسئول عن الشرعية والمشروعية وإقرار العدالة الإدارية، وحماية الحقوق العامة للمواطنين في إطار سيادة الدستور والقانون ويلتزم القاضي بأداء واجباته في نظر المنازعة ودراستها وتوجيه إجراءاتها بهذه الغايات الجليلة السباقة (المواد 64، 65 من الدستور) وهذا ما دعى المشرع إلى النص بصفة خاصة في المادة (68) من الدستور على حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وفي المادة (172) من الدستور أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية فلا يسوغ للقاضي الإداري أن يغفل استيفاء البيانات والمستندات واتخاذ ما يراه من إجراءات التحقق والتحقيق لو لزم الأمر لتحديد حقيقة طلبات الخصوم في المنازعة الإدارية لينزل عليها حكم القانون الصحيح وإلا كان متقاعساً عن أداء رسالته على النحو الأمثل في تحقيق المشروعية وسيادة القانون ولا شك أنه حسبما جرى قضاء هذه المحكمة واستقر ذلك فإن مجرد ذكر ما يطلبه المدعي يكفي في مجال منازعات التسويات بالذات لوضع الدعوى في حوزة العدالة حيث على المحكمة المختصة أن توجه الإجراءات لكي تفحص موضوع الدعوى وتمحصه وتحدد حقيقة الطلبات التي يهدف إليها الخصوم منها وتستجلي وقائعها وتحدد نقطة البحث القانوني التي تثيرها ومقطع النزاع فيها وتنزل حكم القانون عليها، لأن المحكمة في مجال المنازعة الإدارية والقضاء الإداري هي الأمينة على المشروعية وسيادة الدستور والقانون والمسئولة في هذا النطاق عن إرسائها وإعلائها ورفع رايتها، ومن ثم فهي ليست في حاجة إلى من يبرز أمامها تفاصيل الطلبات التي يستحقها المدعي من أحكام القانون مباشرة ولا عن التحديد التام للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النزاع لأنه إذا كان المفروض في القاضي - كقاعدة عامة - العلم بالقانون، فإن المفروض في القاضي الإداري ليس فقط العلم بالقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على الوقائع التي يستبينها بل المفروض فيه فضلاً عن ذلك أن يبادر إلى تطبيق صحيح أحكام القانون حسبما يحكمه مبدأ المشروعية ولو كان المدعي لم يحددها تحديداً دقيقاً أو إذا استند إلى قاعدة سواها لا تنطبق في شأن دعواه.
ومن حيث إن المدعيين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد حددا بوضوح تام أنهما يطلبان صرف المستحقات القانونية طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، وهذا يعتبر تحديداً سليماً كافياً ومغنياً عن أي إيضاح من جانب المدعيين لطلبهما، ذلك أن هذه المطالبة في الصورة المقبولة أمام القضاء الإداري وفقاً لما هو مستقر في قضاء مجلس الدولة المصري منذ بداية مباشرته لرسالته لإعمال صحيح حكم القانون في أية منازعة من منازعات التسوية على وجه الخصوص ومن ثم فإن طلبات المدعيين لم تقدم إلى محكمة أول درجة على وجه يمكن أن يوصف بالتجهيل، بل إن الحكم الذي يضفي على هذا الطلب وصف التجهيل إنما ينطوي على خروج على المبادئ العامة الحاكمة لإجراءات نظر المنازعة الإدارية ودعاوى التسويات بوجه خاص أمام محاكم مجلس الدولة على غير سند من القانون وبما ينحدر إلى حد يقارب السقوط في هوة إنكار العدالة لما ينطوي عليه هذا المسلك من الحكم من تسلب من الفصل في الدعوى دون مسوغ - حيث ينطوي مسلك ومنهج الحكم الطعين على مخالفته لقاعدة دستورية نص عليها دستور جمهورية مصر العربية في المادة (68) بتقرير أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، لكل مواطن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي" بل إنه ينطوي على مخالفة للمادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأعلنته في العاشر من ديسمبر سنة 1948 والذي ينص على أن "لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون وينص في المادة العاشرة على أن "لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة ونزيهة نظراً عليناً للفصل في حقوقه والتزاماته".
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ بيناً وجسيماً إذ قضى بالنسبة لشق المطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى، فإنه يكون واجب الإلغاء لهذا الشق من قضائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد شيد قضاءه في شأن الشق الآخر من الدعوى الخاص بطلب المدعيين التعويض عن وفاة ابن المدعيين، برفض طلب التعويض تأسيساً على أنه لم يثبت الخطأ من جانب جهة الإدارة بما ينطوي على اعتبار أساس صلة جهة الإدارة بالحادث مستقاة فقط من قواعد المسئولية التقصيرية دون غيرها، حيث لم يبين الحكم أن صلة جهة الإدارة بالحادث مستقاة أيضاً من حكم القانون المنظم للعلاقة بين المجندين والقوات المسلحة أي أن مصدر التزامها عن تسوية نتائج الحادث وترتيب آثاره هو القانون كمصدر من مصادر الالتزام ويختلف هذا المصدر لا شك عن الفعل غير المشروع كمصدر آخر من مصادره.
ومن حيث إن المشرع ينص في القانون المدني (مادة 198) على أن "الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها".
ومن حيث إنه تطبيقاً لذلك ولما كان المشرع قد حدد تشريعياً المستحقات التي تمنح للمستحقين عمن يتوفى بسبب الخدمة وذلك في قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة والصادر به القانون رقم 90 لسنة 1975 والذي نص في المادة (59) معدلة بالقانون رقم 114 لسنة 1987 على أن "يمنح المستحقون عمن يتوفى من المجندين بسبب الخدمة معاشاً مقداره عشرة جنيهات ما لم يكن المتوفى المفقود من المحتفظ لهم بوظائفهم المدنية، فيمنح المستحقون عنه معاشاً شهرياً يعادل خمسة أسداس أجره المدني".
وحيث إن مصدر التزام جهة الإدارة في مواجهة المستحقين عمن يتوفى من المجندين بسبب الخدمة هو نص القانون على النحو المتقدم، فإن مقتضى ذلك أن المشرع قد حدد التزامات جهة الإدارة في هذه الحالة بموجب القانون مباشرة ومن ثم فإنه لا يكون هناك وجه للقول بمسئولية جهة الإدارة عن ذات الحالة استناداً إلى مصدر آخر من مصادر الالتزام هو العمل غير المشروع، ما لم تكن وفاة المجند بسبب الخدمة قد نتجت عن تصرف أو عمل ينطوي على نوع من أنواع خطأ جهة الإدارة ينحدر إلى مستوى الخطأ العمدي أو الخطأ الجسيم، لأن الاستحقاق الذي قدره القانون للمستحقين عن المجند المتوفى بسبب الخدمة إنما قدره بمراعاة ظروف مخاطر الخدمة العسكرية التي يمكن أن يتعرض لها المجند بلا خطأ جسيم من جانب جهة الإدارة هو نتيجة لخطأ المرفق الممكن وقوعه في الأحوال واحتمالات الممارسة الجارية لنشاطه دون ظروف مخاطر الخدمة التي تشكل صورة الخطأ العمدي أو الخطأ الجسيم، إذ في هذه الحالة الأخيرة لا يكون التعويض وغيره من الحقوق التي قدرها وقررها المشرع كافية لتغطية الضرر الذي أصاب المستحقين عن المتوفى وإنما يكون ظرف العمد أو الخطأ الجسيم مقتضياً لتعويض مكمل لحجم الضرر الذي رتبه الخطأ الجسيم أو العمدي من جهة الإدارة إلى جانب ما قرره القانون للمستحقين من مستحقات، وذلك ما لم ينص القانون صراحة على غير ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف مقتضى هذا النظر القانوني السليم ومن ثم فإنه يكون قد صدر معيباً واجباً الإلغاء.
وحيث إن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه مهيأة للفصل فيها على مقتضى هذا النظر، ومن ثم فإنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من استهداف سرعة حسم المنازعة الإدارية وإقرار العدالة وتحقيق المشروعية وسيادة القانون، فإن هذه المحكمة العليا تتصدى للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات المودعة ملف الدعوى أنه في يوم 2/ 5/ 1982 أراد قائد الكتيبة 417 تطهير الطريق المؤدي إلى موقع الكتيبة بعد أن غطته الرمال بطول 8.5 كيلو متر ولم يتمكن من رفع الرمال بالوسائل الميكانيكية لتتمكن السيارات من المرور به إلى الموقع فقرر تكليف مجموعة من الجنود برفع الرمال يدوياً، الأمر الذي أجهدهم ولوث ملابسهم مما جعلهم يطلبون إلى قائد الكتيبة مصدراً للمياه للاغتسال وغسل الملابس ولما كان الموقع يفتقر إلى الماء في ذلك اليوم فقد سمح لهم بالتوجه إلى مستعمرة قريبة للاغتسال من صنبور متاح وأرسل معهم لقيادتهم رقيباً متطوع إلا أن هذا الرقيب تركهم وذهب إلى المستشفى، فلما ورد الجنود ماء الصنبور وجدوا عليه زحاماً دفعهم إلى الاغتسال بشاطئ النهر وغسل ملابسهم به، وقد قام نجل الطاعنين منفرداً دون سواه بالاستحمام بالنيل دون معرفة السباحة الأمر الذي أدى إلى غرقه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن سوء إدارة المرفق قد رتب عدم توفير وسائل ميكانيكية لإزاحة الرمال المنهالة على الطريق، وأن سوء هذه الإدارة قد رتب عدم توافر المياه اللازمة للاغتسال وغسل الملابس بعد عناء يوم طويل في إزاحة الرمال يدوياً كما أن سوء الإدارة وعدم الالتزام الصحيح بالضبط والربط قد جعل قائد المجموعة يتخلى عنها ويتركها دون رقابة قيادة مسئولة كان يمكن لها أن تحول دون اتجاه أفرادها إلى النهر، الأمر الذي يسر لابن المدعيين الانفلات إلى عرض النهر ووقوع حادث الغرق.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم جميعه أن ما أصاب ابن المدعيين كان بسبب الخدمة، الأمر الذي ينبغي معه أحقية المدعيين في المستحقات القانونية على هذا الأساس.
ومن حيث ما وقع من خطأ جهة الإدارة على هذا النحو لا ينحدر إلى مستوى الخطأ الجسيم الذي تنفرد به وحدها مع تابيعها لتحمل مسئوليته لأن الثابت بالأوراق أنه توجد تعليمات صريحة تحظر على الجنود الاستحمام أو الصيد أو غسل الأفرولات بالنيل، كما أن الثابت أن الإذن الممنوح لجماعة الجنود التي شملت ابن المدعيين كان للذهاب للاغتسال وغسل الملابس من مياه المستعمرة وليس بالالتجاء إلى شاطئ النهر فضلاً عن أن ابن المدعيين قد انفرد وحده دون سواه بركوب متن الشطط وبعدم الاكتفاء باستعمال مياه الشاطئ وإنما أمعن في خوض غمار الخطر والخطأ بأن نزل إلى عرض النهر فكان ما كان من وفاته غريقاً.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم استحقاق المدعيين لما حدده القانون من حقوق ومراكز قانونية على أساس أن وفاة ابنهما المجند كانت بسبب الخدمة، وعدم استحقاقهما تعويضاً عن المسئولية التقصيرية إلى جانب ما تقدم.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعيين في تسوية جميع المستحقات المعاشية والتأمينية طبقاً لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة 1975 على أساس أن وفاة ابنهما المجند كانت بسبب وأثناء الخدمة بالقوات المسلحة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

الطعن 370 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 16 ص 141

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(16)
الطعن رقم 370 لسنة 27 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. تعويض."تقديره".
وجوب مراعاة قيمة الزيادة أو النقص في الجزء الذي لم تنزع ملكيته عند تقدير قيمة الجزاء المنزوعة ملكيته - على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك (م 13 و14 ق 5 لسنة 1907). المقصود بزيادة القيمة هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء للمنفعة العامة وسواء كانت هذه المنفعة مقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده أم كان يشترك معه فيها آخرون.

----------------
تنص المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 5 لسنة 1907 (التي يقابلها نص المادة 19 ق 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون السابق) على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم ينزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة فيجب مراعاة هذه الزيادة أو النقصان على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته في أي حال على نصف القيمة التي يستحقها المالك. ولما كان في ورود هذا النص بصفة عامة ومطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة "زيادة القيمة" الواردة به هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة، فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته. ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ رفض خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور، يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام قبل الطاعنين الدعوى رقم 49 سنة 1951 كلي دمنهور الابتدائية طالباً إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 880 ج ومقابل الانتفاع بالفدانين الموضحين بعريضة الدعوى من ديسمبر سنة 1949 حتى تاريخ الحكم - مع المصروفات - وبني المدعي دعواه على أن تفتيش ري البحيرة التابع لوزارة الأشغال استولى على فدانين من أطيانه عندما قام التفتيش بإنشاء المشروع المعروف باسم مسقة فاضل الجديدة وتم هذا الاستيلاء غصباً وقد ترتب على ذلك تعطيل انتفاعه بهذه الأطيان كما ترتب عليه إتلاف محصولاتها وإزالة كباس كان بها - وقدر المدعي تعويضه عن ذلك جميعه بالمبلغ المرفوعة به الدعوى - وذلك على أساس أن ثمن الفدان 400 ج وثمن المحصول التالف 40 ج وقيمة الكباس 40 ج - ومقابل الانتفاع بواقع ريع الفدان 30 ج في السنة - وطلب المدعى عليهما رفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ 282 ج و732 م على أساس أن مساحة الأرض المستولى عليها هي 1 فدان و17 سهماً مقدرة قيمتها بواقع 250 ج للفدان وأن قيمة المحصول التالف هي 6 ج و354 م وقيمة الساقية مبلغ 19 ج وبتاريخ 1/ 4/ 1952 حكمت المحكمة: أولاً - بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) بأن يدفعا للمدعي (المطعون عليه) مبلغ 282 ج و732 م (وهو ما أقر به الطاعنان) والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ثانياً - وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء لبيان القدر المستولى عليه وثمنه وقت الاستيلاء وما كان قائماً على الأطيان من زراعة وتقدير ثمنها وثمن الساقية والريع السنوي للجزء المستولى عليه بحسب أجر المثل - وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن مساحة المستولى عليه تبلغ فداناً و17 سهماً وقيمتها 308 ج و853 م - وقيمة التالف من الزراعة 6 ج و354 م وثمن الساقية 25 ج وقيمة الريع في السنوات من 1950 حتى 1954 مبلغ 121 ج و778 م - وأخذت المحكمة بتقرير الخبير وقضت في 13/ 10/ 1955 بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى مبلغ 179 ج و253 م والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد استأنف الطاعنان الحكم الأول في شقه الخاص بندب الخبير - والحكم الثاني بالاستئناف رقم 188 سنة 12 ق الإسكندرية - وبتاريخ 21/ 3/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمبلغ المقتضي دفعه وإلزام المستأنفين متضامنين بأن يدفعا للمستأنف عليه (المطعون عليه) مبلغ 107 ج و582 م والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك مع المقاصة في أتعاب المحاماة عن الدرجة الاستئنافية - وقد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين نعياً على الحكم المطعون فيه أنه رفض طلبهما الخاص باحتساب الزيادة التي عادت على باقي أرض المطعون عليه بسبب أعمال المنفعة العامة تطبيقاً للمادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مقيماً قضاءه في ذلك على ما ذهب إليه من أن زيادة المنفعة الحاصلة للمطعون عليه هي من قبيل الزيادة العامة ذلك أن المشروع إذ أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه دون أن يلحق بهم ضرر ومثل هذه الزيادة للمطعون عليه - أي ما ناله من فائدة المشروع - ليست مما يجوز عدالة مساءلته عنها - واستطرد الحكم قائلاً إنه على فرض أن المطعون عليه استفاد بالمشروع في طريقة ريه الأصلية لما كفى ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها الطاعنان وإنما كانت تلك المقاصة ممكنة لو أن المنفعة خصته وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون ذلك أنه يبين من صريح نص المادة 14 سالفة الذكر أن الشارع لم يفرق في تطبيق هذا النص بين الزيادة التي تعود على المجموع والزيادة التي تخص فرداً معيناً دون باقي الأفراد بل جاء النص عاماً - ومن المقرر أنه لا تخصيص للنص بغير مخصص - هذا فضلاً عن أن التفرقة التي قال بها الحكم تتعارض والغرض من قانون نزع الملكية (رقم 5 لسنة 1907) الذي قصد منه تحقيق المنفعة العامة للكافة حتى لو عادت المنفعة بالفعل على فئة من الأفراد أو أحدهم بالذات ممن نفذ المشروع في أرضهم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين طلبا أمام محكمة الاستئناف مراعاة خصم مقابل الزيادة في قيمة أرض المطعون عليه المترتبة على مشروع الري الذي نفذته الحكومة - وقد رفضت المحكمة هذا الطلب وردت عليه بقولها "إن زيادة المنفعة الحاصلة للمستأنف عليه هي من قبيل الزيادة العامة لأن المشروع إذا أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه فقط دون أن يلحق بهم أي ضرر ومثل هذه الزيادة للمستأنف عليه (أي ما ناله من فائدة المشروع) ليست مما يجوز عدالة في ظل ذلك القانون (قانون سنة 1907) مساءلته عنها - بل إنه لو فرض وكان هذا المستأنف عليه قد استفاد ميزة ما بالمشروع الحكومي علي طريقة ريه الأصلية لما كفي ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها المستأنف عليه وإنما كانت تمكن تلك المقاصة لو أن المنفعة (خصته) فهذه وحدها هي ما تنطبق عليه المادة 14 من ذلك القانون" - ولما كانت المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنافع العامة (رقم 5 لسنة 1907) - المنطبق على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة" - وقد جاء هذا النص بصيغة عامة مطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة زيادة القيمة الواردة بالنص هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة - ومن ثم فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته - يؤيد هذا النظر ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون رقم 5 لسنة 1907 في تعليقها على المادة 19 من القانون الأول التي أوردت حكمها مماثلاً لحكم المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مع استثناء مشروعات التنظيم داخل المدن - إذ جاء في هذه المذكرة ما يلي "أن القانون رقم 5 لسنة 1907 قد قصر خصم مقابل التحسين الذي يعود على العقارات - نتيجة أعمال المنفعة العامة على الأجزاء الباقية من العقار الذي يؤخذ منه جزء للمشروع كما قصر ما يخصم مقابل ذلك التحسين بحيث لا يتجاوز نصف الثمن للجزء المأخوذ وفي هذا النص قصور كبير إذ أنه يخرج من تحمل مقابل التحسين للعقارات التي تستفيد من المشروعات العامة والتي لا يؤخذ منها أي جزء وبذلك يفوز ملاك هذه العقارات بالفائدة دون أن يتحملوا أي نصيب في التكاليف - كما أن الذين تؤخذ أجزاء من العقارات المملوكة لهم هم وحدهم الذين يخصهم منهم مقابل التحسين الذي يعود على باقي الملك وهذه التفرقة في المعاملة لا تتفق مع العدالة - لذا رؤى أن من العدالة التسوية بين جميع من يستفيدون من تنفيذ المشروعات العامة سواء دخلت أجزاء ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل. وقد قصرت هذه القاعدة على العقارات التي تؤخذ في مشروعات التنظيم في المدن" ومفاد ذلك أن المشرع قصد إعمال القاعدة التي نصت عليها المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 سواء كان التحسين الذي ما عاد من تنفيذ المشروعات العامة قاصراً على العقارات التي أخذ جزء منها بسبب هذا التنفيذ أو شمل عقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء - وإنه عند وضع القانون رقم 577 لسنة 1954 أقر المشرع هذا الوضع بالنسبة لنزع الملكية بسبب أعمال المنفعة العامة فيما عدا مشروعات التنظيم داخل المدن فقد خصها المشرع في القانون المذكور بحكم جديد يهدف إلى تحقيق المساواة بين جميع من يستفيدون من تنفيذ تلك المشروعات سواء دخلت أجزاء من ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض ما طلبته الطاعنة من خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.