جلسة 26 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.
----------------
(137)
الطعن رقم 3077 لسنة 34 القضائية
سلك دبلوماسي وقنصلي - نقل بعض أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الديوان العام إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج - الفقرة الرابعة من المادة (75) من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982
- يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقل العضو للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج - يترتب على توقيع عقوبة اللوم بعض الآثار السلبية الواردة بالنص - المقصود بتأخير نقله إلى البعثات المشار إليها بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية ليس تأخير النقل لمدة ثلاث سنوات متتالية اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته بهذه العقوبة وإنما المقصود به تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج - بداية حساب الثلاث سنوات هو تاريخ النظر في النقل للخارج أي من التاريخ الذي كان من المفروض أن ينظر فيه نقل العضو للخارج - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 8/ 1988، أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ وزير الخارجية بصفته قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3077 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 6/ 1988 في الدعوى رقم 1901 لسنة 41 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 995 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج وبرفض طلب التعويض مع إلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة وطلبت هيئة قضايا الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات وفي يوم الاثنين الموافق 29/ 8/ 1988 أودع الأستاذ/ سعد أحمد سعد المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ........ قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3289 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري سالف الذكر. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض طلب تعويضه عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تركه في حركة التنقلات الصادر بها القرار رقم 195/ 1985 وتقرير التعويض المالي الذي تراه المحكمة مناسباً مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم.
أولاً: بقبول الطعن الأول شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعن الثاني شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بالتعويض المادي المناسب وإلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعنين بجلسة 8/ 1/ 1990 والجلسات التالية حيث حضر محامي هيئة قضايا الدولة كما حضر المدعي، وقررت الدائرة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وإحالتهما إلى هذه المحكمة التي نظرتهما بجلسة 17/ 2/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة توجز في أن المدعي السيد/ ....... أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 22/ 1/ 1987 والتي اختصم فيها السيد وزير الخارجية بصفته وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 195/ 1985 الصادر في 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من تركه في حركة تنقلات أعضاء السلك الدبلوماسي إلى الخارج مع تقدير التعويض المناسب لما أصابه من أضرار نتيجة هذا القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأشار المدعي في دعواه إلى أنه سبق للوزارة أن وقعت عليه عقوبة اللوم وتنص المادة 74 من القانون رقم 46/ 1982 على أن الأثر المترتب على هذه العقوبة هو التخطي في الترقية ثلاث مرات، وتأجيل النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية، ولما كانت العقوبة المشار إليها وقعت في 21/ 1/ 1982 فإن فترة تأجيل النقل إلى الخارج تنتهي في 20/ 1/ 1985 أي قبل صدور القرار المطعون فيه بأكثر من شهرين. وبذلك يكون هذا القرار مخالفاً للقانون، وأضاف المدعي أن تركه في حركة التنقلات المشار إليها يعد تجاهلاً لكفاءته وصلاحيته للعمل في الخارج وقد حصل على أكثر من 85 درجة في تقرير كفايته عن عام 83/ 1984 فضلاً عما حواه كتاب إدارة شئون فلسطين المؤرخ 1/ 12/ 1984 من إشارة بسعة اطلاعه ومستواه الرفيع في اللغات فضلاً عن ترشيحه من قبل السيد الدكتور/ ....... مساعد وزير الخارجية بكتابه المؤرخ 9/ 6/ 1985 لتمثيل مصر في اجتماعات إحدى اللجان الفرعية التابعة لهيئة الأمم المتحدة وأضاف المدعي أنه تظلم من القرار المطعون فيه في 11/ 6/ 1985 وقررت جهة الإدارة في 23/ 6/ 1985 بأنها حفظت التظلم، فقدم طلباً في 8/ 8/ 1985 إلى لجنة المساعدة القضائية بهيئة مفوضي الدولة للإعفاء من رسوم الدعوى، فصدر قرارها في 25/ 11/ 1986 برفض الطلب، ومن ثم انتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وبجلسة 30/ 6/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 995 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج، وبرفض طلب التعويض وألزمت الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة، وأسست المحكمة حكمها على أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 11/ 6/ 1985 حيث لم يثبت علمه به قبل ذلك، وقد أخطرته الجهة الإدارية في 23/ 6/ 1985 برفض تظلمه، فتقدم في 8/ 8/ 1985 بطلب لإعفائه من رسوم الدعوى إلا أن هذا الطلب رفض بتاريخ 25/ 11/ 1986 فأقام الدعوى الماثلة بتاريخ 22/ 1/ 1987 مراعياً الميعاد المنصوص عليه في القانون رقم 47/ 1972 بشأن مجلس الدولة مما يتعين معه الحكم بقبول دعواه شكلاً. وعن الموضوع فإن الجهة الإدارية أفصحت عن سببين لعدم نقل المدعي إلى الخارج بالقرار المطعون فيه وهما توقيع جزاء اللوم وعدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي وأضافت المحكمة أنه عن السبب الأول فإن مجلس التأديب قرر مجازاة المدعي بعقوبة اللوم وصدر بهذه العقوبة القرار الوزاري رقم 333 لسنة 1982 بتاريخ 2/ 2/ 1982 وذلك لما نسب إليه من إخفاء كمية كبيرة من جلود الثعابين في تجويفات بأمتعته ومنقولاته الشخصية إبان نقله من القنصلية العامة في بومباي إلى الديوان العام سنة 1980. وطبقاً للمادة (75) من القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي فإنه يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله إلى الخارج، مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج. ومن حيث إن عقوبة اللوم وقعت على المدعي بتاريخ 2/ 2/ 1982 فإن تأخير نقله إلى الخارج يكون حتى 2/ 2/ 1985 ولما كان القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فإن العقوبة المذكورة تكون غير ذات تأثير على نقل المدعي إلى الخارج ويكون الاستناد إلى ذلك مخالفاً لأحكام القانون. أما عن السبب الثاني وهو عدم صلاحية المدعي للعمل في السلك الدبلوماسي فإن جهة الإدارة لم تقرر عدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي سواء أكان ذلك القصور في كفايته على النحو المنصوص عليه في المادة (27) من القانون رقم 45 لسنة 1982 المشار إليه أم لأسباب يقتضيها الصالح العام مما يترتب عليه النقل إلى وظيفة أخرى بقرار من رئيس الجمهورية على النحو المذكور في المادة (39) من القانون المشار إليه ومن ثم فإن ما تحتج به جهة الإدارة كسبب لعدم نقل المدعي إلى الخارج من عدم صلاحيته للعمل بالسلك الدبلوماسي يكون قولاً مرسلاً ولم تقرره الجهة الإدارية على النحو المنصوص عليه في القانون، مما يكون معه هذا السبب بدوره مخالفاً للقانون. وبذلك يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم نقل المدعي إلى الخارج يكون على غير أساس صحيح من القانون مما يتعين الحكم بإلغائه.
وأضافت المحكمة أنه عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية هو وجود خطأ منها بأن يكون القرار غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر وإذ قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه فإن ذلك يعد خير تعويض للمدعي عن الأضرار التي أصابته ولم يعد هناك محل للقضاء له بتعويض نقدي عنها مما يتعين معه رفض طلب التعويض، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الأول المقام من وزارة الخارجية أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن المدعي ارتكب العديد من المخالفات إبان عمله بالخارج وفي عام 1972 طلب سفير مصر في الخرطوم نقله من الأبيض، وفي عام 1980 صدر القرار الوزاري رقم 2714 بتوقيع عقوبة التنبيه عليه وفي عام 1982 صدر قرار مجلس التأديب بتوقيع عقوبة اللوم عليه، وفي 13/ 10/ 1983 أرسل السفير....... مدير القنصلية بمذكرة يطلب فيها استبدال آخر بالمدعي يكون أكثر حرصاً على العمل، كما تعددت توصيات مجلس السلك الدبلوماسي والقنصلي وجهاز التفتيش والصلاحية بعدم صلاحية المدعي للعمل بالسلك الدبلوماسي والقنصلي وكأن أمر صلاحية المذكور للاستمرار في وظيفته معروضاً على مجلس السلك لاستصدار قرار جمهوري بنقله إلى وظيفة أخرى ومن غير الجائز والأمر كذلك منحه ميزة النقل إلى الخارج، ثم أعقب ذلك في عام 1988 ورود تقرير من جهات الأمن بوجود صلات مشبوهة للمدعي بضباط مخابرات في بعض السفارات الأجنبية، وإعمالاً للمادة 39 من القانون رقم 45/ 1982 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 52/ 1989 بنقل المدعي إلى الأمانة العامة للإدارة المحلية خارج السلك الدبلوماسي في وظيفة معادلة لوظيفته، ومن ثم انتهى طعن الجهة الإدارية إلى الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الثاني المقام من المدعي أن الحكم المطعون فيه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن الأصل في التعويض أن يكون مالياً، وخاصة في الأحوال التي يستحيل تدارك أثر الخطأ فيها فإن التعويض المالي يكون محتماً كما هو الحال في الدعوى الماثلة، كما أن القانون رقم 45 لسنة 1982 بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي أوجب التعويض المالي حتى عن الأضرار التي لا تكون ناجمة عن خطأ الإدارة كحالة النقل المفاجئ ومن باب أولى يكون التعويض مالياً عن الأضرار الناجمة عن خطأ الإدارة، أما عن القرار الجمهوري بنقل المدعي إلى الأمانة العامة للإدارة المحلية خارج السلك الدبلوماسي فإنه انبنى على أساس غير صحيح وادعاءات مرسلة وقد طعن فيه المدعي بالدعوى رقم 3347 لسنة 43 قضائية ولم تقدم الإدارة أمام محكمة الموضوع المستندات المثبتة لادعاءاتها، ومن ثم انتهى المدعي في هذا الطعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن مقطع الفصل في المنازعة الماثلة هو بيان مدى مشروعية القرار رقم 959 لسنة 1985 الصادر من وزير الخارجية بتاريخ 7/ 4/ 1985 بنقل بعض أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الديوان العام إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج وذلك فيما تضمنه من ترك المدعي بالديوان العام دون نقله.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه نسب إلى المدعي الاتهام بارتكاب بعض المخالفات التأديبية المتحصلة في عدم أمانته في تحرير كشوف الأمتعة والمنقولات الشخصية الخاصة به المرسلة من القنصلية المصرية ببومباي إلى الوزارة بمصر بإغفال ذكر الجلود والأشياء الأخرى التي ضبطت بمعرفة السلطات الجمركية، والإخلال بواجبات الوظيفة بأن جلب ضمن أمتعته الشخصية كمية من الجلود والمشغولات الجلدية بغرض الاتجار فيها مع تكرار ذلك من قبل، وقدم المدعي إلى مجلس التأديب بوزارة الخارجية الذي أصدر قراره بتاريخ 21/ 1/ 1982 بمجازاته بعقوبة اللوم، وصدر بهذه العقوبة القرار الوزاري رقم 333 بتاريخ 2/ 2/ 1982.
ومن حيث إن الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي القنصلي الصادر بالقانون رقم 45/ 1982 تنص على أنه "يترتب على توقيع جزاء اللوم التخطي في الترقية ثلاث مرات مع تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل بالخارج".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أنه يترتب على توقيع عقوبة اللوم التي يوقعها مجلس التأديب على عضو السلك الدبلوماسي والقنصلي بعض الآثار السلبية على حياته الوظيفية تتمثل في تخطيه في الترقية ثلاث مرات مع تأخير نقله إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج مع نقله إلى الديوان العام إذا كان يعمل في هذه البعثات بالخارج، والمقصود بتأخير نقله إلى البعثات المشار إليها بالخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية ليس تأخير هذا النقل لمدة ثلاث سنوات متتالية اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته بهذه العقوبة بحيث ينتهي هذا الأثر بمضي هذه المدة محسوبة بالكيفية السالفة، وإنما المقصود بذلك طبقاً لما ورد بصريح نص الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي السالفة "تأخير النقل إلى الخارج لمدة ثلاث سنوات متتالية عند النظر في نقله للخارج" وهو بداية حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها اعتباراً من تاريخ النظر في النقل للخارج، أي من التاريخ الذي كان سيجرى فيه وفقاً لمقتضيات العمل وظروف نقل العضو إلى الخارج مع باقي زملائه فيما لو كان لا يعترض نقله أي مانع وهذا التاريخ الأخير هو الذي يبدأ منه حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها وهو ليس بالضرورة تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بتوقيع العقوبة المشار إليها، وإنما المرجع في ذلك إلى مقتضيات العمل وظروفه والضوابط العامة التي تجري عليها وزارة الخارجية في نقل أعضاء السلك من الديوان العام إلى الخارج، وما يتيحه ذلك كله من حركات نقل إلى الخارج كان سيتم فيها نقل العضو إلى الخارج مع باقي زملائه، فبدءاً من التاريخ الذي كان من المقرر أن ينظر فيه في نقل العضو، يبدأ حساب مدة الثلاث سنوات المتتالية التي يتأخر فيها نقله إلى الخارج.
أما لو كان تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بالعقوبة المذكورة هو التاريخ الذي يبدأ منه حساب مدة الثلاث سنوات المتتالية المشار إليها لورد نص الفقرة الرابعة من المادة 75 السالفة بذلك، وهو ما كان يغني المشرع عن إيراد أي عبارة ذات مفهوم آخر، مثل العبارة التي أتى بها النص حاسباً بداية هذه المدة من تاريخ النظر في نقل العضو للخارج، إلا أن المشرع يستهدف بما أتى به من صياغة لهذا النص ضمان تحقيق الحكم المنصوص عليه بحرمان العضو المذكور لمدة معينة من ميزة النقل إلى الخارج التي كان سيستحقها فيما لو لم يقضى بإدانته ومجازاته بالعقوبة السالفة، ذلك أنه قد يترتب على حساب هذه المدة اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس التأديب بمجازاته، انعدام أثرها الحقيقي في حرمانه من هذه الميزة، فيما لو انقضت مدة ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا الجزاء دون أن يكون العضو مستحقاً للنقل إلى الخارج مع باقي زملائه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله فيما ذهب إليه من أن مدة الثلاث سنوات المتتالية التي يجرى فيها تأخير النقل إلى الخارج يبدأ حسابها من تاريخ صدور القرار التأديبي بتوقيع عقوبة اللوم، وهو ما يخالف المفهوم الصحيح لنص الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي طبقاً لما سلف، كما أن هذا الحكم يكون قد أخطأ أيضاً فيما رتبه على هذا التفسير الخاطئ الذي اعتنقه بهذه المادة من عدم مشروعية القرار المطعون فيه لصدور هذا القرار بترك المدعي في حركة التنقلات التي تمت بتاريخ 7/ 4/ 1985 بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ صدور القرار التأديبي المشار إليه.
ومن حيث إن المدعي لم يقدم ما يدل على صدور حركات نقل للخارج بعد توقيع الجزاء التأديبي كان يستحق فيها النقل إلى الخارج مع باقي زملائه، وذلك بخلاف حركة النقل المطعون فيها التي صدرت في 7/ 4/ 1985، فإنه وفقاً للمفهوم الصحيح للنص التشريعي السالف، لا يبدأ حساب مدة الثلاث سنوات المشار إليها إلا من تاريخ حركة النقل المذكورة التي كان يمكن أن تشمله فيما لو لم يصدر هذا الجزاء بحقه إذ يعتبر هذا التاريخ هو تاريخ "النظر في نقله للخارج" الذي يبدأ منه حساب مدة تأخير النقل ثلاث سنوات متتالية، بحيث تنتهي هذه المدة 7/ 4/ 1988 طبقاً لما سلف، ويزول هذا المانع في حركة التنقلات التالية لهذا التاريخ الأخير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وبني على التفسير الخاطئ الذي اعتنقه للحكم التشريعي المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 75 من قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي وقضاءه بعدم مشروعية قرار النقل للخارج المطعون فيه الصادر بتاريخ 7/ 4/ 1985 فيما تضمنه من ترك المدعي بالديوان العام دون نقل، وانتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى إلغاء القرار سالف الذكر، فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يجعله خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين مما سلف مشروعية قرار وزير الخارجية رقم 959 لسنة 1985 الصادر في 7/ 4/ 1985 والمطعون فيه فيما تضمنه من ترك المدعي في حركة نقل بعض أعضاء السلك إلى البعثات الدبلوماسية والقنصلية بالخارج، فإن طلب المدعي إلغاء هذا القرار يكون غير مستند لأساس صحيح من القانون أو الواقع، الأمر الذي يكون معه هذا الطلب خليقاً بالرفض، أما عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية الإدارة عن قراراتها الإدارية، أن يكون القرار الإداري غير مشروع وأن يصيب صاحب الشأن ضرر، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، فإذا كان القرار الإداري مشروعاً تنتفي مسئولية الإدارة عن أي أضرار قد تصيب صاحب الشأن من جراء هذا القرار الأمر الذي يكون معه طلب المدعي بالتعويض المالي المناسب، عن الأضرار التي حاقت به من جراء عدم نقله إلى الخارج بالقرار المشار إليه، غير مستنداً لأساس قانوني صحيح متعين الرفض، وتكون الدعوى الماثلة بشقيها الإلغاء والتعويض متعينة الرفض موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى برمتها وألزمت المدعي المصروفات عن درجتي التقاضي.