الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 249 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 12 ص 111

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(12)
الطعن رقم 249 لسنة 27 القضائية

(أ) ملكة "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب".
كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة سبب قانوني مستقل للتملك.
(ب) تقادم "التقادم المكسب". نقض "أسباب الطعن". الأسباب الواقعية". إثبات. "الإثبات بالقرائن".
استظهار الحكم لأسباب سائغة أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك. لا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقها بأسباب واقعية. اتخاذ الحكم من حصول رهن قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على الأعيان محل النزاع. بطلان الرهن - يفرض تحققه - ليس بذي آثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها.
(ج) تقادم "التقادم المكسب". هبة. "انعقادها". عقد. "العقد الباطل". "آثاره".
بطلان عقد هبة العقار لعدم إفراغه في شكل رسمي لا يمنع من تملك الموهوب له الأعيان الموهوبة بالتقادم الطويل المدة. عقد قسمة الأعيان الموهوبة بالعقد الباطل يلحقه البطلان كذلك. لا يمنع هذا من صحة البيع الذي يتضمنه عقد القسمة عن أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صلة له به، باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة المذكور.

-------------------
1 - كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على التملك بالتقادم المكسب دون أن يستند إلى العقد المدعي بصوريته فلا حاجة للخوض في بحث تلك الصورية ويكون ما أورده الحكم في هذا الشأن تزيداً منه يستقيم الحكم بدونه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر - بصدد التدليل على تملك المطعون عليه بالتقادم المكسب الطويل المدة - أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية التملك وأثبت توافرها وكان استخلاصه هذا سائغاً من شأنه أن يؤدى في مجموعه إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا سبيل للجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي. ولا عبرة بما يثيره الطاعن من بطلان عقد رهن الأعيان محل النزاع الذي اتخذ الحكم من حصوله قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على تلك الأعيان ذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة العقد أو بطلانه، كما أن بطلان العقد - بفرض تحققه - ليس بذي أثر في قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقديراته أنه على الرغم من بطلان عقد البيع باعتباره هبة سافرة لم تتم في شكل رسمي فإن أحد الموهوب لهم قد وضع يده على الأعيان الموهوبة المدة الطويلة واستوفى وضع يده الأركان القانونية التي تجعله سبباً لكسب الملكية، فإن مؤدى ذلك أنه قد تملك تلك الأعيان بالتقادم المكسب لا بالعقد الباطل ومن ثم فإذا كان عقد قسمة تلك الأعيان قد لحقه البطلان لاستناده إلى عقد الهبة الباطل إلا أنه إذ تضمن بيعاً من والد الموهوب له لحفيده عن نصيبه الميراثي في تلك الأعيان التي لم تؤول ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صله له به، فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وإن كان وارداً في عقد القسمة المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 ومسجل في 27 سبتمبر سنة 1911 باع علي محمد خفاجي لأولاده محمد وفاطمة وزينب ونفيسة وصديقه ولزوجته فاطمة حسن صيام 6 ف و20 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين ونصف منزل. وخص ولده محمد في المبيع بمقدار 4 ف و2 ط و16 س في الأطيان وبمنزل ونصف ونص في العقد على أن البيع نظير مبلغ 450 جنيهاً وأن البائع سامح المشترين في هذا المبلغ وأنه قد أخلى يده من الأطيان المبيعة وأصبح من حق المشترين التصرف فيها بكافة التصرفات ونقل تكليفها إلى أسمائهم كما ذكر في العقد أن البائع تلقى ملكية ما باعه بطريق الشراء من والده محمد خفاجي الكبير - وقد تم نقل تكليف الأطيان المبيعة إلى أسماء المشترين بعد تسجيل العقد - وفي سنة 1913 أقام محمد خفاجي الكبير بالدعوى رقم 205 سنة 1913 ضد ولده على البائع وضد آخرين طالباً تثبيت ملكيته إلى 8 ف و5 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين يدخل فيها ما بيع بعقد 10 / 9/ 1907 وقضى له بطلباته في 8 مايو سنة 1913 غير أن هذا الحكم لم ينفذ حتى توفى المحكوم له وورثة ابنه علي - وبتاريخ 28 أبريل سنة 1924 توفى محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول وفي 5 مارس سنة 1929 أجرى علي محمد خفاجي قسمة الأعيان التي كان قد باعها لأولاده ولزوجته بعقد 10 سبتمبر سنة 1907 وحرر لهذا الغرض عقد قسمة بينه بصفته الشخصية وبوصفه ولياً على حفيده عبد المنعم (المطعون عليه الأول) وبين بناته وقد أقر في هذا العقد بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنه محمد في المبيع - وقدرها 16 ط و10 و2/3 سهم في الأطيان و30 و26 متراً في المنازل - إلى حفيده عبد المنعم القاصر المشمول بولايته نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه من القاصر المذكور كما أقر بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنته فاطمة التي كانت قد توفيت سنة 1912 إلى أخواتها البنات الأخريات واختص عبد المنعم في هذه القسمة بمقدار 4 ف و2 ط و16 س من الأطيان المبيعة، 160 م و30 س في المنازل وذكر في عقد القسمة أن هذه المقادير من تكليف مورثه محمد علي خفاجي - وسجل عقد القسمة في 9 مارس سنة 1929 - وبتاريخ 6 مارس سنة 1929 حرر علي محمد خفاجي إقراراً على نفسه صدق عليه من محكمة طنطا في 9 من الشهر المذكور ذكر فيه أنه بصفته وارثاً لوالده محمد خفاجي الكبير قد تنازل عن الحكم الصادر لمورثه المذكور في القضية رقم 205 سنة 1913 كلي طنطا واستئنافها وأن هذا الحكم أصبح لاغياً ولا يجوز له تنفيذه وأنه قد تصرف لأولاده ولحفيده عبد المنعم القاصر في بعض المحكوم به لوالده بعقد تم تسجيله - وفي أواخر سنة 1941 قام نزاع بين علي محمد خفاجي وبين حفيده عبد المنعم أدى بالأول إلى أن يرفع بتاريخ 4 مارس سنة 1942 الدعوى رقم 202 سنة 1942 كلي طنطا ضده حفيده عبد المنعم في شخص وصى الخصومة عليه السعيد أحمد خفاجي كما اختصم في الدعوى بناته نفيسة وزينب وصديقة وزوجته فاطمة صيام وطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى الأطيان والعقارات المبينة بالعريضة وهي ذات الأعيان الواردة في عقد 10 سبتمبر سنة 1907 كما طلب الحكم ببطلان هذا العقد على أساس أنه يتضمن هبة سافرة تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً لعدم حصولها بعقد رسمي وبتاريخ 25 يونيه سنة 1942 - حكمت محكمة طنطا الابتدائية ببطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 وبثبوت ملكية المدعى إلى الأرض والمنازل الموضحة بالعريضة فيما عدا الـ 16 ط و10 و2/ 3 س في الأطيان و26 م و30 س في المنزلين الموضحة بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 وقد أسست المحكمة قضاءها باستبعاد هذين المقدارين - وهما قيمة ما آل إلى علي خفاجي بطريق الميراث عن ابنه محمد من نصيب الأخير في العقارات المبيعة بعقد سنة 1907 - أسست المحكمة قضاءها بذلك على أن علي خفاجي قد باع حصته هذه إلى حفيده عبد المنعم وقبض منه الثمن على ما هو ثابت من إقراره بذلك الوارد في عقد القسمة - وقد رفع الوصي علي عبد المنعم استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 199 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى جده علي محمد خفاجي - ورفع الأخير بدوره استئنافاً عن الحكم قيد برقم 207 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به لصالح حفيده عبد المنعم - وقد توفى رافع الاستئناف الثاني بعد رفعه وحل محله فيه ورثته - وضمت محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 21 فبراير سنة 1945 أولاً - في الاستئناف المرفوع من الوصي على القاصر عبد المنعم بقبوله وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر 1907 وبقبول الدفع وسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة ورفض دعوى المرحوم علي محمد خفاجي بالنسبة لطلب تثبيت ملكيته للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى فيما يختص بنصيب القاصر المذكور ثانياً - في الاستئناف المرفوع من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية القاصر عبد المنعم للقدر المحكوم له به ابتدائياً - وقد طعنت السيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وصية على ابنيها القاصرين عبد الحميد وعلي ولدي علي محمد خفاجي في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 124 سنة 15 ق وبتاريخ 5 ديسمبر سنة 1946 قضت فيه محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه تأسيساً على أنه قد خالف القانون بقضائه بسقوط الحق في رفع دعوى بطلان عقد الهبة موضوع الدعوى بالتقادم ذلك لأن العقد المشوب ببطلان أصلى متعلق بالنظام العام لا ينقلب صحيحاً مهما طال عليه الزمن ومن ثم لا يسقط الحق في رفع الدعوى ببطلانه بالتقادم كما شاب الحكم قصور في تسبيب قضائه برفض طلب تثبيت ملكية مورث الطاعنين المرحوم علي محمد خفاجي فيما يختص بنصيب القاصر عبد المنعم ذلك أنه استند في ذلك إلى أن القاصر المذكور قد كسب ملكية هذا النصيب بالتقادم وقد استخلص الحكم وضع اليد المكسب للملك من مجرد ما ذكر في عقد البيع من رفع يد البائع المرحوم علي محمد خفاجي عن المبيع ومن نقل التكليف مع أن هذا - كما قالت محكمة النقض - ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له كما أن الحكم من جهة أخري لم يتعرض إلى الرد على دلالة الأحكام التي قدمتها الطاعنة إلى محكمة الموضوع إثباتاً للصورية وقد زعم الحكم أنه ليس للطاعنة إثبات هذه الصورية كمورثها إلا بالكتابة في حين أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وبتاريخ 16 من إبريل سنة 1957 حكمت محكمة استئناف طنطا من جديد في الاستئنافين اللذين قيدا بجدولها برقمي 250 و251 سنة 1 ق بقبولهما شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأول المرفوع من عبد المنعم محمد علي خفاجي برفض الدفع سقوط الخصومة والدفع بسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 وبإلغائه فيما قضي به من تثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى بالنسبة لنصيب عبد المنعم محمد علي خفاجي المبين بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 والمسجل في 9/ 3/ 1929 وبرفض هذا الطلب بخصوص ذلك وفي موضوع الاستئناف الثاني المقام أصلاً من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه بالنسبة للقدر المحكوم به لعبد المنعم (المطعون عليه الأول) بموجب الحكم المستأنف مع إلزام ورثة المذكور بجميع مصاريف الدعوى عن الدرجتين، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما - وبتاريخ 26 من يونيه سنة 1957 طعن كل من علي علي محمد خفاجي عن نفسه وبصفته وارثاً لأخيه المرحوم عبد الحميد والسيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وارثة أيضاً لأبنها عبد الحميد المذكور في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الحالي وطلب الطاعنان نقض الحكم المطعون فيه فيما عدا ما قضى به من رفض الدفعين المنوه عنهما في منطوقه وفيما عدا ما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 والحكم بتثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي لجميع الأعيان الموضحة بصحيفة الدعوى الابتدائية رقم 202 سنة 1942 مدني كلي طنطا مع إلزام المطعون ضدهما الأول والأخير بصفته بكافة المصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والتي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 3 يناير سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه على أن المطعون عليه الأول قد تملك الأعيان المبيعة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بمقولة إن والده ظل واضعاً اليد على هذه الأعيان بصفة مالك من تاريخ تحرير هذا العقد حتى تاريخ وفاته وقد خلفه في وضع اليد المطعون عليه الأول واستمر واضعاً اليد حتى تاريخ رفع الدعوى وقد دلل الحكم على ذلك بما ورد في العقد المذكور من أن يد المرحوم علي محمد خفاجي قد رفعت عن الأعيان المبيعة منه إلى أولاده - وبنقل التكليف من اسم البائع المذكور إلى اسم والد المطعون عليه لأول منذ تاريخ العقد. وبإقرار المرحوم علي محمد خفاجي في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 بأن الأعيان الواردة به تركة موروثة عن ابنه المرحوم محمد علي خفاجي وإقراره أيضاً في 6/ 3/ 1929 بالتنازل عن الأحكام الصادرة لصالح مورثه المرحوم محمد خفاجي الكبير في سنة 1913 وبتعهده بعدم تنفيذها كما استدل الحكم أيضاً على ذلك بأن والد المطعون ضده الأول قام برهن تلك الأطيان للبنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 وأن تكليف هذه الأطيان نقل لاسم المطعون ضده الأول بعد وفاة والده وفي حياة جده المرحوم علي محمد خفاجي وأن هذا الجد باع للحكومة في 20 يناير سنة 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به حفيده المطعون ضده الأول وصدر منه هذا البيع بصفته ولياً طبيعياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 فيما آل بالميراث عن والده المرحوم محمد علي خفاجي المالك بالشراء من علي محمد خفاجي بعقد 10/ 9/ 1907 ويقول الطاعنان إنه بالنسبة للاستدلال بعقد 10/ 9/ 1907 ونقل التكليف وعقد القسمة والإقرارات المنوه عنها جميعاً فقد سبق لمحكمة النقض أن قررت في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق أن هذا كله ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له أما عن استدلال الحكم بقيام والد المطعون ضده الأول برهن العقارات المبيعة إلى البنك الزراعي في 27/ 2/ 1912 فإنه غير مجد ذلك أن عقد الرهن المستند إلى عقد البيع المؤرخ 10/ 9/ 1907 هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً فضلاً عن أنه يبين من شهادة ميلاد والد المطعون ضده الأول التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع أنه ولد في 4 فبراير سنة 1893 وأن عقد الرهن مؤرخ في 27 فبراير سنة 1912 أي أن المدين الراهن المذكور قد رهن العقار وهو لما يبلغ تسعة عشر عاماً (كذا) مما يجعل الرهن باطلاً لصدوره من قاصر ناقص الأهلية ثم إن قيام والد المطعون ضده الأول بالرهن لا يفيد بذاته وضع اليد الفعلي المستكمل لشرائطه القانونية وانتهى الطاعنان إلى أن استناد الحكم إلى ما تقدم بيانه في القول بالتملك بوضع اليد هو استناد قاصر لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهي إليها الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتملك المطعون عليه الأول الأعيان الموهوبة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 - الذي وصف بأنه عقد بيع - بالتقادم المكسب الطويل المدة على قوله "وحيث إن وضع يد محمد علي خفاجي والد عبد المنعم (المطعون عليه الأول) على الأعيان الموهوبة إليه من والده علي خفاجي بصفته مالكاً ظاهراً ثابت من إقرار والده في عقد 10/ 9/ 1907 برفع يده عن الأعيان ومن نقل تكليفها إليه منذ تسجيل العقد في سنة 1911 وبقائها كذلك حتى نقلت لاسم ابنه عبد المنعم في سنة 1929 ومن رهنه للأطيان وقد أقر الوالد على خفاجي وضع يد ابنه هذا بما قرره في عقد القسمة وفي إقراره المسجل في سنة 1929 وتأخذ المحكمة من تصرفه بالبيع في جزء من الأطيان للحكومة باعتباره ولياً على القاصر عبد المنعم ابن ابنه وتصرفه بهذه الصفة لأولاده أن وضع يده كان بصفته ولياً على القاصر وبالتالي وضع اليد انتقل من محمد خفاجي لابنه عبد المنعم - وحيث إن المحكمة تستخلص من كل ذلك أنه رغم بطلان عقد البيع المحرر في سنة 1907 فقد ظل والد عبد المنعم إلى أن توفى في سنة 1924 وجه بصفته ولياً عليه واضعين اليد على تلك الأعيان بصورة ظاهرة لا منازع فيها بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملك وحيث إن إقرار باقي ورثة علي خفاجي وهو نفيسة وأخواتها بعدم وضع يدهن على نصيبهن لا يؤثر على حق عبد المنعم إذ أن الإقرار حجة قاصرة عليهن لا تتعدى للغير" وقال الحكم في موضع آخر بعد أن استعرض الأحكام المقدمة من الطاعنة الثانية للتدليل على صورية عقد سنة 1907 "إن دعاوى الاسترداد المقدمة أحكامها ليست دليلاً على نفي وضع يد عبد المنعم إذ لم يكن هو طرفاً في أي من هذه الدعاوى كما لم يكن يمثل فيها جده بصفته ولياً عليه" وأشار الحكم في تقريراته إلى مستند يثبت أن والد المطعون ضده الأول المرحوم محمد علي خفاجي قد رهن الأطيان الموهوبة له بعقد سنة 1907 إلى البنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 كما أشار إلى مستند آخر يتضمن أن جد المطعون عليه الأول المرحوم علي خفاجي باع للحكومة في 20/ 1/ 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به المطعون عليه الأول في عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وقد صدر منه هذا البيع بصفته ولياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 المسجل في 9/ 3/ 1929 فيما آل إليه بالميراث عن والده - وأشار الحكم أيضاً إلى مستند ثالث تقدم إلى محكمة الاستئناف يثبت أن محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول توفى في 28 من أبريل سنة 1924 - ولما كان يبين مما قرره الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم ذكره أنه لم يقف في تدليله على تملك المطعون عليه الأول الأعيان التي قضى بأنه تملكها بالتقادم المكسب الطويل المدة عند حد الأسباب التي كان قد استند إليها الحكم الاستئنافى الأول المنقوض والتي اعتبرتها محكمة النقض في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق غير كافية بذاتها لإفادة حصول وضع اليد الفعلي وتوافر أركانه - بل إن الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى تلك الأسباب أسباباً أخرى أهمها قيام والد المطعون عليه الأول برهن الأعيان المذكورة في سنة 1912. وتصرف جد المطعون عليه المذكور بصفته ولياً عنه في بعض هذه الأعيان بالبيع وإقراره في عقد البيع بأن ما باعه مملوك لحفيده المذكور بطريق الميراث عن والده محمد علي خفاجي كما استظهر الحكم المطعون فيه أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية الملك وأثبت توافرها كما أثبت أن المطعون عليه الأول وسلفه قد وضعا اليد على الأطيان محل النزاع منذ سنة 1907 حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 4 مارس سنة 1942. لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهي إليها فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي - ولا عبرة بما يثيره الطاعنان من بطلان عقد الرهن الذي عقده والد المطعون عليه الأول في سنة 1912 وذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة أو بطلان هذا العقد وإنما هو قد اتخذ من حصول الرهن قرينة استدل بها على وضع يد والد المطعون عليه الأول بصفته مالكاً ظاهراً على الأعيان التي رهنهاً - وليس بطلان عقد الرهن - بفرض تحقق البطلان المدعى به - بذي أثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بالنسبة لما قضى به من رفض الطعن بالصورية ذلك أنه توهم أن هذا الطعن ينصب على عقد 10/ 9/ 1907 ورد عليه على هذا الأساس بأن القول بأنه قصد بالصورية التهرب من النفقة المستحقة للطاعنة الثانية ينقضه أن هذه الطاعنة لم تتزوج بالمرحوم علي محمد خفاجي إلا في 9/ 6/ 1924 وأن أحكام النفقة التي استصدرتها ضد زوجها المذكور لم تبدأ إلا في سنة 1928 - ويقول الطاعنان إن طعنهما بالصورية إنما ينصب على عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وعلى الإقرار المعاصر له المؤرخ 6/ 3/ 1929 الذين صدرت أحكام النفقة في تاريخ سابق عليهما - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد وقع في ذات الخطأ الذي وقع فيه الحكم السابق نقضه وذلك بتقريره أن الطاعنة الثانية وهي وارثة حكمها حكم المورث فلا يجوز لها إثبات صورية سند صادر من مورثها إلى الغير إلا بالكتابة مخالفاً بذلك ما قررته محكمة النقض في الطعن السابق من أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يتبع حكم النقض في هذه المسألة القانونية وأن يصرح بالتالي للطاعنة الثانية بإثبات صورية عقد وإقرار سنة 1929 بكافة طرق الإثبات أما وقد خالف حكم النقض السابق في تلك المسألة فإنه يكون مخالفاً للقانون كما أنه بعدم تصريحه بإثبات الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية يكون مشوباً بالقصور - ويضيف الطاعنان أنه حتى لو صح أن الكتابة لازمة لإثبات الصورية المدعاة فإنه كان يوجد مانع أدبي يحول دون الحصول على هذه الكتابة - هو القرابة القائمة بين المطعون ضده الأول وجده المرحوم علي خفاجي مما يبرز جواز الإثبات بالبينة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بتملك المطعون عليه الأول للأعيان التي قضى بملكيته لها على أنه كسب هذه الملكية بعقد 10 من سبتمبر سنة 1907 وبعقد القسمة أو الإقرار المعاصر له وإنما على أساس أنه كسب الملكية بالتقادم المكسب الطويل المدة الذي يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإنه سواء انصب الطعن بالصورية على العقد الأول أو على المحررين الآخرين فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى الخوض في بحث الصورية المدعاة ويعتبر كل ما قاله في شأنها تزيداً منه لم يكن يقتضيه تسبيب قضائه ومن ثم فإنه بفرض تحقق القصور والخطأ في القانون المدعى بهما في أسباب الحكم المتضمنة الرد على الطعن بالصورية فإن ذلك لا يعيب الحكم إذ هو يستقيم بدون هذه الأسباب.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأ في القانون فيما قضى به من رفض الاستئناف المرفوع من مورثهما المرحوم علي محمد خفاجي ذلك أنه أسس قضاءه بذلك على ما ورد في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 من أن تنازل هذا المورث عن القدر الذي تنازل عنه لحفيده عبد المنعم المطعون عليه الأول والذي آل إليه بالميراث عن ابنه محمد والد المطعون عليه المذكور هذا التنازل تم نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه المتنازل من حفيده - مما اعتبره الحكم مكوناً لعقد بيع تام صحيح متوافر الأركان - في حين أن عقد القسمة المذكور هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً هو عقد 10/ 9/ 1907 وإجازة الحكم للثمن الوارد في عقد القسمة معناه إجازة الأصل وهو عقد البيع المذكور ومن ثم تكون هذه الإجازة الخاصة بالثمن باطلة قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أنه على الرغم من بطلان عقد 10 سبتمبر سنة 1907 فإن والد المطعون عليه الأول قد وضع يده على الأعيان الموهوبة له بهذا العقد من تاريخ تحريره إلى أن توفى في سنة 1924 وقد استوفى وضع يده عليها أركانه القانونية التي تجعل منه سبباً لكسب الملكية فإن مؤدى ذلك أن والد المطعون عليه الأول يكون قد تملك هذه الأعيان قبل وفاته بالتقادم المكسب الطويل المدة وليس بعقد سنة 1907 ومن ثم فلا تثريب على المحكمة بعد ذلك إذا هي اعتبرت تنازل الجد المرحوم علي محمد خفاجي عن نصيبه الميراثي في هذه الأعيان إلى حفيده مقابل مبلغ قبضه من هذا الحفيد مكوناً لعقد بيع صحيح لهذا النصيب ولا يقدح في سلامة هذا النظر أن يكون هذا العقد قد تضمنه عقد القسمة المؤرخ في سنة 1929 ذلك أن البطلان لا يلحق عقد القسمة المذكور إلا فيما كان منه مستنداً إلى عقد سنة 1907 ولما كان البيع قد وقع على أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه الذي تلقى عنه ملكية المبيع بسبب العقد المذكور وإنما بسبب آخر غير مترتب على هذا العقد ولا صلة له به فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 699 لسنة 35 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 130 ص 1249

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

------------------

(130)

الطعن رقم 699 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - صفة في الدعوى - الهيئة القومية للبريد.
القانون رقم 19 لسنة 1982 بشأن الهيئة القومية للبريد - أكسب القانون رقم 19 لسنة 1982 الهيئة القومية للبريد شخصية اعتبارية مستقلة ونص على أن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير - صاحب الصفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها دون وزير المواصلات - الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - أوردت لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد حكماً خاصاً في مجال الترقية بالاختيار لا مثيل له بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - يجوز للعامل بالهيئة الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر شروط شغلها أن يندب بقرار من رئيس مجلس الإدارة لشغل تلك الوظيفة الأعلى مع استحقاقه مميزاتها المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها - توافر مثل هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد أن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الهيئة بقرار الندب أساس ذلك: القول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى ثم ترقيته إليها بالاختيار رهين بمشيئة الجهة الإدارية دون ضابط تتحقق به الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت بما يجاوز الهدف الأصلي المتبقي من النص - نتيجة ذلك: لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحداث سواء في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدام منه طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً للائحة هو مقدمة للترقية إليها - تطبيق.
(ج) تشريع - سريانه من حيث الزمان.
ندب عامل بالهيئة القومية للبريد لشغل وظيفة أعلى - صدور لائحة نظام العاملين بالهيئة في تاريخ لاحق على قرار الندب - خضوع ندبه لنص المادة 56 من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978 باعتباره الشريعة العامة - عدم استفادته من نص المادة 41 من قرار وزير النقل رقم 70 لسنة 1972 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد التي تجيز النقل لوظيفة أعلى وما يترتب عليه من آثار من أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى - تطبيق.
(د) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
المادتان 71، 84 من قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - حظر ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر - حظر الترقية ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية تنفيذاً للإعارة أو الإجازة - لا ينصرف هذا الحظر إلى العامل قبل تنفيذ إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل فعلاً - نتيجة ذلك: احتفاظ العامل بكافة حقوقه الوظيفية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 2/ 1989 أودع الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي نائباً عن الأستاذ فاروق أحمد دياب المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 699 لسنة 35 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 3897 لسنة 40 قضائية - المقامة من الطاعن - والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصرفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف.
وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 70/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 11/ 6/ 1990 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات، وحضر محامي هيئة قضايا الدولة عن المطعون ضده الأول وقدم مذكرة بدفاعه كما حضر محامي الهيئة القومية للبريد وقدم حافظتي مستندات ومذكرة انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعات تتلخص في أن المدعي السيد/ ........ أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 31/ 5/ 1988 والتي اختصم فيها كل من.
1 - السيد وزير المواصلات.
2 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل بالهيئة القومية للبريد ومعار إلى معهد البريد الثانوي بالمملكة العربية السعودية، وبتاريخ 3/ 4/ 1986 أخطرته الإدارة التي يعمل بها بصورة كتاب الإدارة العامة لشئون العاملين بما يفيد تخطيه في الترقية للدرجة الأولى بالقرار الإداري رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 وتعللت الهيئة بأن التخطي تم لوجوده بإجازة خاصة بدون مرتب طبقاً للمادتين 71، 84 من لائحة العاملين بالهيئة، وأضاف المدعي أنه لم يقم بالإجازة المشار إليها إلا اعتباراً من 21/ 1/ 1986 بعد صدور قرار الترقية ومن ثم فلا يجوز تخطيه لهذا السبب وخاصة وأنه هو الأقدم في ترتيب الأقدمية في الفئة الثانية ممن شملهم هذا القرار وملف خدمته يشهد له بالنشاط والحزم والمثابرة في عمله الذي يؤديه بكل كفاءة وإخلاص، كما أن تقارير كفايته عن السنوات الثلاث السابقة كلها بمرتبة ممتاز، وقد فوجئ بترشيحه للإعارة دون أن يتقدم بطلب لذلك، ومن البديهي أن حركة الترقيات هذه سبقتها إجراءات للإعداد تزامنت مع ترشيحه للإعارة وكانت الهيئة تعلم بأقدميته وبأحقيته في هذه الترقية، وأضاف بأنه تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 4/ 1986، ومن ثم انتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وقدم محامي الهيئة القومية للبريد مذكرة أشار فيها أن لائحة العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1989 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1982 تنص في المادة 44 على أن الترقية إلى الدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار وتنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل تميزاً ظاهراً يجوز لرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بأعباء وظيفة أعلى فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية، كما نصت المادة 71 على أنه لا يجوز ترقية العامل إلا بعد انتهاء الإعارة، وتنص المادة 84 على أنه يسري في شأن العامل الذي يحصل على إجازة خاصة ما يسري بشأن العامل المعار عند الترقية، وأضافت الهيئة بأنه وإن كان المدعي له أقدمية في الدرجة الثانية من 1/ 5/ 1974 بينما أقدمية آخر المرقين وهو إبراهيم مصيلحي حسن مصطفى في هذه الدرجة ترجع إلى 1/ 11/ 1974 إلا أنه اكتسب خبرة في الوظيفة المرقى إليها بالدرجة الأولى بحكم ندبه لها بالقرار الإداري رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 وأظهر كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً فله الأولوية في هذه الترقية كما أن المدعي لا تجوز ترقيته لأنه كان قد تصرح له بإعارة اعتباراً من 21/ 12/ 1985 وبذلك فإن قرار تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى والمطعون فيه يعد قراراً مشروعاً ومن ثم انتهت الهيئة المدعى عليها إلى طلب الحكم برفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19/ 12/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 صدر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فتظلم منه المدعي بتاريخ 19/ 4/ 1986 بالتظلم رقم 89 لسنة 1986 إلى السيد مفوض الدولة بالهيئة القومية للبريد وإذ لم يبت في التظلم أقام المدعي دعواه بتاريخ 31/ 5/ 1986 ومن ثم يكون قد أقامها في الميعاد المقرر لذلك قانوناً باعتبارها من دعاوى الطعن بالإلغاء وفقاً لنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وإذ استكملت الدعوى باقي أوضاعها الشكلية فمن ثم تكون مقبولة شكلاً، ومن حيث إنه عن تحديد صاحب الصفة في الدعوى فإنه وإن كان الأصل أن كل وزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره هو الذي يتولى الإشراف على شئون وزارته والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا أن المشرع قد يسند صفة النيابة في وحدة إدارية إلى رئيسها فتكون لهذا الأخير عندئذ هذه الصفة دون الوزير وذلك بالقدر وفي الحدود التي نص عليها القانون، ولما كانت الهيئة القومية للبريد منشأة بالقانون رقم 19 لسنة 1982 والذي نص فيه على إنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وأن رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير، ولما كانت هذه الهيئة هي الجهة الإدارية المتصلة بالدعوى باعتبار أن القرار المطعون فيه صادر منها وليس من وزير المواصلات، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" مما يتعين معه عدم قبولها بالنسبة إليه لرفعها على غير ذي صفة.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه عن موضوع الدعوى فإن لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982 والمعمول بها اعتباراً من أول ديسمبر 1982 وضعت ضوابط معينة لترقية العامل المعار أو العامل الذي يحصل على إجازة خاصة بدون مرتب وهي عدم جواز ترقيته خلال مجموع مدد الإعارة أو الإجازة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة بالأقدمية أما بالنسبة للترقية بالاختيار فلا يجوز ترقيته إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر بعد عودته إلى عمله الأصلي، وبتطبيق ذلك على حالة المدعي يبين أنه حصل على إجازة خاصة بدون مرتب اعتباراً من 21/ 12/ 1985 تاريخ موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها للعمل بالمملكة العربية السعودية، وأن القرار المطعون فيه صدر بعد ذلك التاريخ في 16/ 1/ 1986، ولما كانت الترقية إلى الدرجة الأولى هي ترقية بالاختيار فلا يجوز ترقية المدعي إلى هذه الدرجة ضمن المرقين إليها بالقرار المطعون فيه إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب ووضع تقدير كفاية عن عمله بعد عودته لمدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل الأمر المنتفي تماماً في شأن المدعي وقت صدور القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون هذا القرار مطابقاً لصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الدعوى وانتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ القانون في تطبيقه وتأويله ذلك أن تخطي المدعي بالقرار المطعون فيه غير قائم على سند من القانون، فالمدعي - الطاعن - يسبق المطعون على ترقيته في الأقدمية وتقارير كفايته جميعها بمرتبة ممتاز بإقرار الجهة الإدارية ذاتها، ومن المستقر عليه في أحكام المحكمة الإدارية العليا أنه وإن كانت الجهة الإدارية تترخص في الترقية بالاختيار إلا أنه يجب أن يكون قرارها مستمداً من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها فإذا لم يقع الأمر على هذا النحو فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه كما أن المبدأ العادل يجري على أن الحد الطبيعي للترقية بالاختيار هو عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز وأنه عند التساوي في درجة الكفاءة يرقى الأقدم، كما أن الندب لا يكسب العامل حقاً في الوظيفة المنتدب إليها عند التزاحم في الترقية إليها، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب في قضائه صحيح حكم القانون حينما انتهى إلى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول، المطعون عليه الأول - وزير المواصلات، تأسيساً على أن الجهة الإدارية ذات الصلة بالدعوى هي الهيئة القومية للبريد وقد اكسبها القانون رقم 19 لسنة 1982 شخصية اعتبارية مستقلة وقضى بأن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير، فيكون هو صاحب الصفة في تمثيلها في المنازعة المعروضة دون وزير المواصلات ومن ثم يتعين تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات لأسبابه سالفة السرد.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد استندت في تخطيها للطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 إلى سببين أولهما أن آخر المرقين بهذا القرار سبق ندبه بالقرار رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 إلى الوظيفة المرقى إليها بحيث تكون له الأولوية في هذه الترقية وثانيهما أن الطاعن كان بإجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الأول فإنه بالرجوع إلى لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر عام 1982 حيث إنها تنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى من وظيفته وإن لم تتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب مدد الترقية فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بالقيام بأعباء هذه الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة للوظيفة الأعلى من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية قبل أعمال الأقدمية في نسبة الاختيار.
كما نصت المادة 44 من هذه اللائحة على أن تكون الترقية للدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار على أساس ما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد بملفات خدمتهم وغيرها من الأوراق المتصلة بعملهم والتي تكشف عن عناصر الامتياز........ ويشترط للترقية بالاختيار أن يكون العامل قد قدرت كفايته بمرتبة ممتاز في العامين الأخيرين ويفضل من يحصل على مرتبة ممتاز في العام السابق مباشرة عليهما فإن لم يوجد جاز الاكتفاء بالحصول على تقرير بمرتبة ممتاز في العام الأخير بشرط أن يكون التقريران السابقان عليه بمرتبة جيد وذلك كله مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية ودون إخلال بالأولوية المقررة في المادة 41 من هذه اللائحة.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأحكام السابقة التي نصت عليها لائحة العاملين. بالهيئة القومية للبريد تتفق في مجموعها مع الأحكام المقررة للترقية بالاختيار المنصوص عليها في المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 إلا أن المادة 41 من هذه اللائحة أوردت حكماً خاصاً مغايراً لا مثيل له في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة قوامه أن العامل الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر بشأنه شروط شغلها يجوز ندبة بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة لتلك الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها، وعلى ذلك فإن هذا الحكم الخاص هو الواجب التطبيق على العاملين بالهيئة دون الحكم العام الوارد بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وذلك إعمالاً لهذا القانون ذاته الذي نص في مادته الأولى على أن يعمل في المسائل المتعلقة بنظام العاملين المدنيين بالدولة بالأحكام الواردة بهذا القانون وتسري أحكامه على العاملين بالهيئة العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة لهم، ولا تسري هذه الأحكام على العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات.
ومن حيث إنه ولئن كان نص المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد هو الواجب التطبيق على هؤلاء العاملين وفق ما سلف، إلا أن هذا النص يشكل حكماً استثنائياً يرتهن تطبيقه بشروط وأوضاع خاصة تستلزم تحقق قدرات خاصة غير عادية في العامل تتمثل فيما يبديه في عمله من كفاية ملحوظة وتميز ظاهر وهو ما لا يتحقق بطبيعة الحال إلا في فئة معينة من العاملين بما يسوغ للجهة الإدارية تطبيقاً لهذا النص بإيثارهم بالندب إلى الوظيفة الأعلى رغم عدم توافر شروط شغلها في شأنهم، وذلك توطئة لترقيتهم إليها إذا أحسنوا القيام بأعبائها، ولا جدال في أن توافر هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد وأن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه، ولا يكون في هذا الصدد مجرد قول مرسل من الجهة الإدارية بتوافر تلك القدرات الخاصة في عامل دون آخر وبغير أن يستند ذلك إلى تقارير الكفاية التي أعدتها الجهة الإدارية ذاتها بواسطة مسئوليها وفق الإجراءات المقررة في لائحة العاملين بالهيئة بالنسبة لمن يخضع من العاملين لتلك التقارير أو أن تكشف الأوراق عن توافر ذلك التميز والكفاية الخاصة بالنسبة لمن لا يخضعون لتلك التقارير حتى يمكن إيثار أمثال هؤلاء العاملين المتميزين - دون الآخرين ممن توافرت في شأنهم شرائط الترقية بالاختيار من حيث الكفاية والأقدمية طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في اللائحة المشار إليها - مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية من أفضلية الأولين في الترقية على الآخرين - والقول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى.
ثم ترقيته إليها بالاختيار رهن مشيئة الجهة الإدارية دون ما ضابط تتحقق به. الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت وتعصم الجهة الإدارية ذاتها من الغلو أو الزلل في استخدام تلك الرخصة بما يجاوز الهدف الأصلي المبتغى منها.
ومن حيث إنه من المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت الترقية بالاختيار إلى الوظائف العليا من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة إلا أن مناط ذلك أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وأن تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين العاملين على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبديه الرؤساء عنهم وذلك للتعرف على مدى تفاوتهم في مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكثر كفاية وهو أمر تمليه دواعي المشروعية فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه، ولا ريب أن هذا المبدأ القانوني العادل الذي جرى به قضاء هذه المحكمة إنما يسري أيضاً على قرارات الندب إلى الوظائف الأعلى توطئة للترقية إليها والتي تصدر طبقاً للمادة 41 من اللائحة المشار إليها، وما يعقبها من قرارات الترقية لهذه الوظائف بالاختيار بمراعاة الأولوية التي يوفرها الندب المشار إليه في حالة ما إذا أحسن العامل القيام بواجبات الوظيفة المنتدب إليها، ذلك أن كافة هذه القرارات يجب أن تكون مستمدة من عناصر صحيحة مودية إليها ومن أصول ثابتة في الأوراق بحيث لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحدث في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدم وفق ما سلف.
طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً لأحكام هذه اللائحة هو مقدمة للترقية إليها.
ومن حيث إنه في خصوصية الواقعة المعروضة فإن الجهة الإدارية استندت إلى قرار الندب رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 للقول بأنه يوفر الأولوية في الترقية إلى من صدر لصالحه دون الطاعن إعمالاً للمادة 41 من اللائحة سالفة الذكر، إلا أن الملاحظ أن وقائع الدعوى لا تساير هذا الادعاء ذلك أن قرار الندب المشار إليه لم يصدر بالتطبيق لنص المادة 41 من هذه اللائحة بما يحويه حكمها من اعتبار العامل المنتدب للوظيفة الأعلى قد اختير لكفايته الخاصة وتميزه الظاهر في أداء أعمال وظيفته وأن الأثر المترتب على هذا الندب مآلاً هو أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى إذا ما أحسن القيام بأعبائها طبقاً لحكم لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد إذ لم تكن هذه اللائحة قد صدرت أو عمل بها بعد عند صدور قرار الندب فهذا القرار صدر في 16/ 8/ 1982 بينما صدرت اللائحة وعمل بها في أول ديسمبر 1982 وإنما صدر هذا القرار تطبيقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 ولائحته التنفيذية وذلك وفق ما ورد في ديباجة قرار الندب ذاته. ومن ثم جاء هذا الندب في حقيقته بالتطبيق للقاعدة العامة الواردة في المادة 56 من نظام العاملين المدنيين بالدولة التي أجازت ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، ودون أن تقصد الجهة الإدارية بقرار الندب المشار إليه ترتيب الآثار المنصوص عليها في المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة السالفة، مما يجعل هذا الندب خارجاً عن نطاق حكم هذه المادة.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الثابت بالأوراق أن الطاعن يسبق المطعون على ترقيته وهو آخر المرقين بالقرار المطعون فيه في أقدمية الدرجة الثانية، ويتساوى معه في الحصول على تقدير ممتاز في تقارير الكفاية الثلاث الأخيرة ولم يثبت أن تفضيل المطعون على ترقيته على الطاعن في الترقية بالقرار المطعون فيه مستمد من أصول ثابتة في الأوراق تؤدى على وجه يقيني بصحة النتيجة التي انتهت إليها الإدارة لإجراء هذا التخطي، ومن ثم فإن تذرع الجهة الإدارية بأولوية أو بأفضلية المطعون على ترقيته على الطاعن في هذه الترقية يعد غير صحيح قانوناً للأسباب السالفة.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية وهو كون الطاعن في إعارة أو إجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته فإن المادة 71 من اللائحة المشار إليها تنص على أنه لا تجوز ترقية العامل خلال مجموع مدد الإعارة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة وفي نسبة الأقدمية، كما لا تجوز ترقيته بعد انتهاء الإعارة إلا بعد تقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، وتنص المادة 84 من هذه اللائحة على أن العامل الذي يحصل على إجازة بدون مرتب تسري في شأنه ترقيته الأحكام المقررة للعامل المعار.
ومن حيث إنه ولئن كانت الترقية إلى الدرجة الأولى طبقاً لأحكام اللائحة المشار إليها هي بالاختيار بحيث لا تجوز ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، إلا أن هذا السبب الذي تذرعت به الجهة الإدارية في الواقعة المعروضة يستبين أيضاً عدم صحته ذلك أن حظر الترقية المشار إليه في المادتين 71، 84 من اللائحة المذكورة إنما ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية بالإعارة أو الإجازة بدون مرتب أي العامل الذي نفذ بالفعل قرار إعارته أو إجازته بدون مرتب بخروجه في الإعارة أو الإجازة المصرح بها وانقطاع خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية، فلا ينصرف بطبيعة الحال إلى العامل قبل تنفيذ قرار إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل بالجهة الإدارية التي يعمل بها إذ يظل العامل محتفظاً بكافة حقوقه الوظيفية.
ومن حيث إنه رغم صدور قرار الموافقة على الإجازة بدون مرتب بتاريخ 21/ 12/ 1985 وتحرير الطاعن إقرار بأنه سوف يقوم بهذه الإجازة اعتبار من 4/ 1/ 1986، إلا أن الثابت أن إدارة النقل والحركة التي يعمل بها أرسلت كتاباً إلى مدير شئون العاملين في 1/ 1/ 1986 أخطرته فيه بأن الطاعن ما زال مستمراً في ممارسة عمله نظراً لعدم إتمام الإجراءات الرسمية لسفره بالسفارة السعودية وأنها سوف تخطر عند قيامه بالإجازة في حينه، ثم أخطرت مدير شئون العاملين بعد ذلك بقيامه بالإجازة في 21/ 1/ 1986، وهو الأمر الذي ثبت يقيناً وفق البيانات الواردة بالقرار رقم 1182 الموقع من مدير شئون العاملين ذاته في 11/ 9/ 1989 بتسوية الإجازة المشار إليها باعتبارها بدأت في 21/ 1/ 1986 وانتهت في 31/ 7/ 1989.
وبالبناء على ما تقدم فإن الثابت أنه عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 16/ 1/ 1986 كانت خدمة الطاعن ما زالت مستمرة بالهيئة وكان قائماً بالعمل فيها ولما كان المناط في سريان حظر الترقية بالاختيار على العامل المعار أو من في إجازة خاصة هو بنفاذ قرار إعارته أو إجازته الخاصة وانقطاع صلته مؤقتاً بوظيفته الأصلية لأن هذا الانقطاع هو العلة الحقيقية لحظر ترقيته طبقاً للحكم المشار إليه في المادتين 71 و84 من اللائحة المذكورة، أما قبل ذلك ومع استمرار العامل في أداء واجبات وظيفته فإنه لا يسوغ حرمانه من أي حق من حقوقه الوظيفية دون نص تشريعي خاص وإلا كان ذلك باطلاً ومخالفاً للقانون، الأمر الذي يبين معه عدم مشروعية السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية لتخطي الطاعن أو حرمانه من الترقية المشار إليها.
ومن حيث إنه استبان مما سلف كله فساد الأسس التي استند إليها لقرار المطعون فيه فإنه يعد مخالفاً للقانون وغير مشروع ومتعين الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى رفض طلب إلغاء هذا القرار تضمنه من تخطي للطاعن في الترقية مستنداً في ذلك إلى مشروعية هذا القرار، وهو ما استبان عدم صحته فإن هذا الحكم يكون قد جانب الصواب وخليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى موضوعاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 617 لسنة 34 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 129 ص 1238

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-------------------

(129)

الطعن رقم 617 لسنة 34 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري
القانون رقم 106 لسنة 1964 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود - لم يتضمن القانون رقم 106 لسنة 1964 أحكاماً تخرج المنازعات الإدارية الخاصة بأفراد القوات المسلحة المخاطبين بأحكامه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - لا يحول دون انعقاد هذا الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة أن المشرع عمد في كل من القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة إلى تنظيم هذه الأمور على نحو يجعل الاختصاص بنظر المنازعة الإدارية الخاصة بالضباط العاملين بالقوات المسلحة مقصوراً على تلك اللجان دون غيرها - أساس ذلك: التنظيم الذي جاءت به هذه القوانين يتعلق بضباط القوات المسلحة المخاطبين بالقانون رقم 232 لسنة 1959 وليس بضباط الشرف المخاطبين بالقانون رقم 106 لسنة 1964 - القانون رقم 123 لسنة 1981 استحدث لأول مرة النص على اختصاص اللجان القضائية بضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975 - يقتصر الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 123 لسنة 1981 - نتيجة ذلك، أن المنازعات المشار إليها لم تكن تخضع قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 لاختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة - متى ثبت أن النزاع يتعلق بالطعن في قرارات إدارية بضباط الشرف قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 فإن محاكم مجلس الدولة تختص بها إلغاء وتعويضاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

يوم الأربعاء الموافق 27/ 1/ 1988 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 617 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 2955 لسنة 40 قضائية، المقامة من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بشقيها وبإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة مع إبقاء الفصل في المصروفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى، وبنظرها، والحكم بطلبات الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 9/ 4/ 1990 والجلسات التالية لها وقررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 16/ 12/ 1990 والجلسات التالية لها، وقررت بعد أن استمعت إلى إيضاحات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقة وأسبابه لدى النطق به


.
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعى أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31/ 3/ 1986 والتي طلب في ختامها.
الحكم أولاً: بتسوية حالته بمنحه رتبة النقيب شرف اعتباراً من 1/ 1/ 1974 والرائد شرف اعتباراً من 1/ 7/ 1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار وعلاوات مع صرف الفروق المستحقة، ثانياً: بإلزام الوزارة المدعى عليها وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أن تدفع له تعويضاً وقدره خمسون ألف جنيه، مع إلزامها بالمصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه بهذه الصحيفة ومذكراته التالية أنه بتاريخ 6/ 12/ 1979 صدر لصالحه حكم المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية في الدعوى رقم 53 لسنة 26 قضائية المرفوعة منه ضد السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1971 بما يترتب عليه من آثار وبأحقيته في التعويض المؤقت بقرش صاغ واحد مع إلزام وزارة الدفاع المصروفات، واستأنفت وزارة الدفاع هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 101 لسنة 12 قضائية وحكم فيه بجلسة 9/ 11/ 1979 بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، ثم صدر حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 13/ 1/ 1982 بتأييد هذا الحكم وبرفض طعن هيئة المفوضين فيه، وقضى الحكم النهائي الصادر لصالح المدعى أنه يعتبر من 1/ 7/ 1970 تاريخ مضي سنة على حصوله على مرتبة ملازم شرف، ذلك أنه يعتبر قد أمضى مدة الاختبار وهي سنة على أكمل وجه ولم يطلب رئيسه عدم تثبيته خلال السنة، ومما يدل على ذلك أنه استمر في العمل في نفس الكتيبة حتى أحالته إلى التقاعد بالقرار المشار إليه في 1/ 7/ 1971، وكانت القواعد السارية توجب في حالة عدم حصول الضباط على تقرير يؤهله للترقية أن ينقل إلى وحدة أخرى للعمل فيها لمدة سنة أخرى وذلك طبقاً للمادة 44 من القانون رقم 106 لسنة 1964 إلا أنه لم ينقل إلى وحدة أخرى بل ظل في وحدته كما هو مما يدل على ذلك أيضاً الشهادة بآخر مرتب منصرف له من نفس الوحدة المقدمة بحافظة مستنداته، وأضاف المدعى أن ترقيته إلى رتبة النقيب والرائد فإنه يستحقها بقوة القانون في 1/ 1/ 1974 و1/ 7/ 1979 لأنه أقدم من زملائه السادة/ أحمد سرحان حامد أحمد فراج رقم 634 وعبد الوهاب إبراهيم حسن رقم 640 وحسن رفاعي محمد عزام رقم 640 في مرتبة الملازم، كما يستحق تعديل راتبه بحصوله على الراتب المقرر لكل رتبة من الرتب المستحق له مع العلاوات، وصرف هذا الراتب له كأثر للحكم الصادر لصالحه وكتعويض عن قرار إنهاء خدمته الباطل، وتسوية معاشه اعتباراً من تاريخ بلوغه سن التقاعد بعد حصوله على رتبة الرائد وعلاواتها، وأضاف المدعى أن دعواه الحالية امتداد لدعواه الأولى رقم 52 لسنة 26 قضائية ذلك أنه يترتب على عودته إلى الخدمة ترقيته إلى الرتب التالية، كما أن مطالبته الحالية بالتعويض الكامل هي امتداد لدعواه السابقة التي حكم لصالحه فيها بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ واحد.
وقدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ومذكرة بدفاع الجهة الإدارية المدعى عليها أشارت فيها إلى أن المدعي أحيل إلى المعاش بالقرار الصادر بالنشرة العسكرية رقم 31/ 1/ 1971 اعتباراً من 1/ 7/ 1971 فطعن في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية التي قضت بجلسة 9/ 12/ 1979 بإلغاء القرار المطعون فيه بما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية المدعى في التعويض المؤقت قرش صاغ واحد وألزمت وزارة الحربية بالمصروفات وتأييد هذا الحكم في الاستئناف رقم 101 لسنة 12 مقضي في 16/ 6/ 1982 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأصبح الحكم نهائياً، وانتهت هذه المذكرة إلى طلب الحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى التي أصبحت من اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وهو ما تطلب وزارة الدفاع الحكم به.
وبجلسة 2/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى بشقيها وبإحالتها إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة وأسست حكمها على أن المشرع أصدر القانون رقم 96/ 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة ثم أصدر القانون رقم 71/ 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، ونصت المادة الثالثة من هذا القانون على اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات القوة عن العقوبات الانضباطية وما تختص بنظره لجنة القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وفقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة ثم صدر القانون رقم 123 لسنة 81 بإصدار قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة ونصت المادة 142 منه على أن تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً للقانون رقم 96/ 1971 والقانون رقم 1 ط/ 75 ومفاد النصوص المتقدمة أن المشرع خص قضاء مستقلاً بذاته لنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوة وضباط الشرف بالقوات المسلحة فتدخل فيه جميع المنازعات الإدارية الخاصة بهم سواء المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية أو التعويض عنها، وعلى ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة بشقيها يخرج عن ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ليندرج في ولاية اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن المنازعة الماثلة ليست منازعة جديدة بل هي استمرار للمنازعة السابقة التي كانت محلاً للدعوى رقم 53 لسنة 26 قضائية التي قضت فيها المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية بإلغاء قرار إحالة الطاعن إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ واحد، وهو الحكم الذي تأيد في الاستئناف رقم 101 لسنة 11 قضائية بجلسة 16/ 6/ 82 وأصبح نهائياً وقد صدر هذا الحكم بعد صدور القانون رقم 123 لسنة 1981 الذي جعل المنازعات الإدارية لضباط الشرف بالقوات المسلحة لأول مرة من اختصاص اللجنة القضائية للقوات المسلحة وقد نص هذا القانون في المادة 143 منه على أن يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام مواده السابقة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون، وهذا القانون هو قانون استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره أو في الاختصاصات التي أتى بها، فلا ينطبق على المنازعة الماثلة وهي عن أمور سابقة على صدور هذا القانون لأنها تتعلق بتسوية حالته على أساس ترقيته إلى رتبة النقيب من 1/ 1/ 1974 ورتبة الرائد من 1/ 7/ 1979 فهي عن قرارات إدارية سابقة على صدوره، كما أن طلب التعويض الكامل فهو مكمل للتعويض المؤقت المحكوم به والذي قضت به المحكمة الإدارية وأيدته محكمة القضاء الإداري ثم المحكمة الإدارية العليا بحكم نهائي ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
من حيث إن القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة ينص في المادة 142 على أن "تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 في شأن تنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة.
وتنص المادة 143 من هذا القانون على أنه "يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام المواد السابقة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن هو من ضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1964 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود والذي ينص في المادة الأولى من مواد إصداره على أن يعمل في المسائل المتعلقة بخدمة ضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة الرئيسية بالأحكام المرافقة لهذا القانون، وهو القانون الذي ألغي بمقتضى القانون رقم 123 لسنة 1981 بإصدار قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف بالقوات المسلحة وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون الأخير في 23 يوليو 1981 تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القانون رقم 106 لسنة 1964 سالف الذكر لم يتضمن أحكاماً تخرج المنازعات الإدارية الخاصة بأفراد القوات المسلحة المخاطبين بأحكامه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بحسبان هؤلاء الأفراد من الموظفين العموميين الذين يختص مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بهم، ولا يحول دون انعقاد هذا الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة أن المشرع عمد في كل من القانون رقم 231 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة إلى تنظيم هذه الأمور على نحو يجعل الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بالضباط العاملين بالقوات المسلحة مقصوراً على تلك اللجان دون غيرها، ذلك لأن التنظيم الذي جاءت به هذه القوانين يتعلق بضباط القوات المسلحة المخاطبين بأحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 سالف الذكر وليس بضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1964، وطالما أنه ليس ثمة نص صريح في القانون ينزع عن محاكم مجلس الدولة الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف المذكورين فإنه لا سبيل للقول بسريان التنظيم الخاص باختصاص لجان ضباط القوات المسلحة سالف الإشارة إليه على ضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1984 وإنما يبقى الاختصاص بذلك لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لما هو منصوص عليه في قانون مجلس الدولة، ومما يؤكد ذلك أنه صدر القانون رقم 123 لسنة 1981 واستحدث هذا القانون لأول مرة في المادة 142 منه النص على اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975، كما نص في المادة 143 على أنه يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام المواد السالفة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون الأمر الذي يؤكد أن المنازعات المشار إليها لم تكن تخضع قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 لاختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة.
ومن حيث إن النزاع الماثل يتعلق بالطعن في قرارات إدارية صدرت قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 تتعلق بعدم المدعي في الترقية إلى مرتبة النقيب بتاريخ 1/ 1/ 1974 وإلى رتبة الرائد بتاريخ 1/ 7/ 1979 أو بتسوية حالته الوظيفية على الدرجتين المشار إليهما في التاريخ المذكور حسبما يتبين من فحص الموضوع كما يتعلق بطلب التعويض الكامل عن مسلك الجهة الإدارية المخالف للقانون سواءً بإصدارها قرار إحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1971 أو بعدم تثبيته وترقيته إلى رتبتي النقيب والرائد حسبما سلف، فإن هذا النزاع يخرج عن اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة التي ينحسر اختصاصها وفق ما سلف عن سائر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط الشرف المتعلقة بالقرارات الإدارية الصادرة قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 المشار إليه أو بدعاوى التعويض المترتبة على هذه القرارات إعمالاً لقاعدة أن الفرع يتتبع الأصل وبحسبان أن طلب التعويض هو الوجه الآخر لطلب الإلغاء وأن الطلبين يرتبطان ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة من ناحية خضوعهما لاختصاص جهة قضائية واحدة فيظل هذا النزاع برمته خاضعاً للاختصاص الولائي لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري صاحب الولاية في نظر المنازعات الإدارية طبقاً للمادة 172 من الدستور والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى عدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه مما يجعله خليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 3973 لسنة 33 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 128 ص 1228

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(128)

الطعن رقم 3973 لسنة 33 القضائية

أ - دعوى - صفة في الدعوى - (هيئة قضايا الدولة) (مرافعات)
الخطأ المادي البحت الذي تقع فيه هيئة قضايا الدولة عند مباشرتها لإجراءات الطعن. متعلقاً بأسماء الأشخاص الاعتبارية العامة التي تنوب عنها الهيئة - لا يؤثر بأي حال من الأحوال على صفة من تمثلها الهيئة بالفعل - أساس ذلك: تنوب الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - نتيجة ذلك: إذا ورد اسم الشخص الاعتباري العام الذي تنوب عنه الهيئة في صحيفة الطعن مشوباً بخطأ مادي فإن هذا الخطأ لا يؤثر على الصفة ولا يؤدي إلى اعتبار الطعن مرفوعاً من غير ذي صفة - تطبيق.
ب - عاملون مدنيون بالدولة - مرتب - بدلات - بدل التفرغ للمهندسين الزراعيين.
قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218 لسنة 1976 بمنح جميع المهندسين الزراعيين أعضاء نقابة المهن الزراعية الذين يتقرر شغلهم لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج بدل تفرغ - صدور قرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 بتحديد الوظائف التي يستحق شاغلوها البدل - صرف بدل تفرغ المهندسين الزراعيين لمستحقيه فعلاً اعتباراً من أول ابريل سنة 1976 يؤكد توافر الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ - القرار الصادر ببدل التفرغ قد استقام واكتملت أركانه بتوافر الصرف المالي بدءاً من 1/ 4/ 1976 بعد تمام الارتباط فعلاً بالمبلغ اللازم لصرف هذا البدل، ونظائره - نتيجة ذلك: لا يجوز إلغاء هذا الارتباط بناء على توصية من مجلس الوزراء ولا تحول هذه التوصيات أو التوجيهات أياً كان مصدرها دون ترتيب آثار القرار على أي وجه - يؤكد استحقاق هذا البدل سبق صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تعدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر - أحقية المهندسين الزراعيين المتوافر فيهم شروط استحقاق البدل في صرفه اعتباراً من 1/ 4/ 1976 على أن يستنزل من متجمده ما صرف بذات فئته تحت مسمى آخر من مكافأة أو حوافز إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون البدل ذاته بمسمى آخر - الحق في متجمد البدل يقتصر على السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى مخصوماً منه ما صرف خلالها من مكافآت أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه - تطبيق.(1)


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24/ 8/ 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3973 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/ 6/ 1987 في الطعن رقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف والقاضي بعدم قبول الطعن شكلاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، وطلب السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
وقدم مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 28/ 1/ 1991 وقررت إحالته إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 6/ 2/ 1985 أقامت المدعية السيدة/ ....... الدعوى رقم 623 لسنة 32 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بالصحيفة المودعة بقلم كتابها والتي اختصمت فيها وزير الزراعة ووزير المالية ومحافظ الإسكندرية ورئيس القطاع الزراعي بمحافظة الإسكندرية ومدير الإدارة العامة للتقاوي بمحافظة الإسكندرية، وطلبت في ختامها الحكم بأحقيتها في صرف بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين اعتباراً من 1/ 1/ 1978 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وأسست المدعية دعواها على أنها حاصلة على بكالوريوس الزراعة عام 1975 ومقيدة بنقابة المهن الزراعية تحت رقم 122523 لسنة 1975 وتشغل وظيفة مفتشة تقاوي بالإدارة العامة للتقاوي بمحافظة الإسكندرية وتوافرت فيها شروط استحقاق بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 5661/ 1976، وقد تم صرف لها هذا البدل شهرياً اعتباراً من 1/ 10/ 1976 حتى فوجئت بإيقاف صرفه اعتباراً من 1/ 1/ 1978 دون مبرر قانوني ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لصرف بدل التفرغ المشار إليه، وبذلك افتقد هذا البدل الشرط الأساسي لوضعه موضع التنفيذ مما يتعين معه رفض الدعوى.
وبجلسة 18/ 3/ 1986 قضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية بأحقية المدعية في تقاضى بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين بالفئات المحددة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 مع صرف الفروق المالية اعتباراً من 6/ 2/ 1980 طبقاً لما هو مبين بأسباب هذا الحكم وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت أن الجهة الإدارية قامت بتدبير الاعتماد المالي اللازم لصرف بدل التفرغ للمهندسين الزراعيين اعتباراً من 1/ 10/ 1976 حتى 31/ 12/ 1977 حسبما هو مستفاد من كتاب وكيل أول الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة المركزية لترتيب الوظائف إلى وكيل أول وزارة المالية للموازنة العامة للدولة المؤرخ في 15/ 9/ 1979 الذي طلب فيه تدبير الاعتماد المالي اللازم للصرف، وما هو مستفاد من كتاب وزير المالية المؤرخ في 24/ 4/ 1977 إلى وزير الزراعة والري الذي تضمن الموافقة على صرف البدل اعتباراً من أول إبريل سنة 1977، وقامت مديريات الزراعة بالأقاليم بصرف البدل للمهندسين الزراعيين المستحقين له حتى 31/ 12/ 1977 الأمر الذي يثبت توافر الاعتماد المالي المطلوب أما تدبيره في السنوات المقبلة فهو مسئولية جهة الإدارة احتراماً لقراراتها، وأضافت المحكمة أنه تتوافر في المدعية شروط صرف هذا البدل اعتباراً من تاريخ وقف صرفه مع مراعاة أحكام التقادم الخمس الأمر الذي تستحق معه الفروق المالية لمدة خمس سنوات فقط سابقة على رفع الدعوى المقامة في 6/ 2/ 1985 مع خصم ما تم الحصول عليه من مكافآت العمل الإضافي أو الجهود غير العادية، ومن ثم انتهت المحكمة الإدارية بالإسكندرية إلى إصدار حكمها المتقدم.
وفي 17/ 5/ 1986 طعنت هيئة قضايا الدولة في هذا الحكم نائبة عن المحافظ ووزير الزراعة ووزير المالية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بهيئة استئنافية وقيد الطعن برقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف، وطلبت في ختام تقرير طعنها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات، استناداً إلى أنه من المقرر أن القرارات التنظيمية العامة في شأن الموظفين العموميين لا تكون نافذة قانوناً إلا باعتماد المال اللازم لتنفيذها وهو الشرط الذي افتقدته القرارات التنظيمية الصادرة بشأن بدل التفرغ، فضلاً عن صدور توجيهات السيد رئيس الجمهورية بعدم صرف بدلات التفرغ للمهنيين.
وبجلسة 25/ 6/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم قبول الطعن شكلاً وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات وأسست حكمها على أن الحكم المطعون فيه صدر ضد محافظ الإسكندرية باعتباره صاحب الصفة في التقاضي وكان يتعين رفع الطعن فيه دون سواه بوصفه صاحب الصفة في الطعن وإذ رفع الطعن من وزير الزراعة ووزير المالية فإنه يكون قد رفع من غير ذي الصفة الأصيل في الطعن مما يتعين معه الحكم بعدم قبوله شكلاً.
ولقد طعن السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم وأسس طعنه على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون استناداً أولاً: إلى الثابت من صحيفة الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القضاء الإداري أنها أقامته نيابة عن محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية، وسقطت كلمة "الإسكندرية" بعد كلمة "محافظ" إلا أن سقوطها لا يغير من الحقيقة شيئاً باعتبار أن الطعن مقام من المحافظ المختص وهو أمر يسهل تبينه وهذا السقوط هو من قبيل السهو الذي يمكن تداركه، وفضلاً عن ذلك فإن هيئة قضايا الدولة التي رفعت الطعن تنوب عن هؤلاء جميعاً محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية وجميعهم من الخصوم ذوي الشأن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فوزارة المالية لها صفة أصلية في النزاع باعتبار أن المنازعة تدور حول توافر الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ القرارات التنظيمية الصادرة بصرف بدل التفرغ، وتلتزم هذه الوزارة بتدبير الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ كما أن وزير الزراعة له صفة في هذا النزاع المتعلق بالمهندسين الزراعيين وكان خصماً في الدعوى مع وزير المالية ولها بالتالي صفة في الطعن على الحكم الصادر فيها، ثانياً: عن موضوع بدل التفرغ فإن مجلس الوزراء أصدر قراراً في 13/ 4/ 1978 بوقف صرف بدلات التفرغ للمهنيين نظراً لعدم تمكن وزارة المالية من تدبير الاعتمادات المالية اللازمة للصرف وبذلك يتعين رفض دعوى المدعية لعدم استنادها على أساس صحيح، ومن ثم انتهى رئيس هيئة المفوضين في تقرير الطعن الماثل إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والذي ينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه ما قضى به من عدم قبول الطعن - أو الاستئناف - شكلاً لرفعه من غير ذي صفة، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الخطأ المادي البحت الذي تقع فيه إدارة قضايا الحكومة - هيئة قضايا الدولة عند مباشرتها لإجراءات الطعن، والذي يشوب صحيفة الطعن، متعلقاً بأسماء الأشخاص الاعتبارية العامة التي تنوب عنها هيئة قضايا الدولة، لا يؤثر بأي حال من الأحوال على صفة من تمثلها بالفعل، فالهيئة تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها طبقاً للمادة السادسة من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75/ 1963، فإذا ما ورد اسم الشخص الاعتباري العام الذي تنوب عنه الهيئة في صحيفة الطعن مشوباً بخطأ مادي بحت فإنه لا يؤثر على صفته فلا يؤدي إلى اعتبار الطعن مرفوعاً من غير ذي صفة.
ومن حيث إنه على هذا المقتضى ولما كان الثابت في الطعن الماثل أن هيئة قضايا الدولة أقامت أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الطعن رقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف وأشارت في صدر صحيفة هذا الاستئناف أنها تقيم الطعن نائبة عن "السيد محافظ........ ووزير الزراعة ووزير المالية "ضد........ في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في الدعوى رقم 623 لسنة 32 قضائية المقامة من المستأنف ضدها ضد المستأنفين، والثابت أن المدعية اختصمت أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية كلاً من محافظ الإسكندرية، ووزير الزراعة ووزير المالية وآخرين، وقد صدر حكم هذه المحكمة لصالح المدعية ضد المدعى عليهم المذكورين جميعاً وخاصة محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية، فإنه من المقطوع به أن الخطأ الذي وقعت فيه هيئة قضايا الدولة في صحيفة الاستئناف المشار إليه وهي بصدد ذكر المستأنفين الذين تنوب عنهم في هذا الاستئناف وهو محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية هو مجرد خطأ مادي بحت لا يؤثر في حقيقة رفعها هذا الطعن نائبة عن محافظ الإسكندرية، رغم سقوط كلمة "الإسكندرية" على النحو المبين سالفاً، خاصة مع ما هو واضح في صحيفة هذا الاستئناف أن الحكم المستأنف هو الصادر في الدعوى المشار إليها ضد محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية الأمر الذي يزيل أي لبس في حقيقة أن الطاعن الأول هو محافظ الإسكندرية، وبالتالي لا يؤثر مثل هذا الخطأ المادي البحت في صفات الطاعنين ولا يحول دون قبول الطعن شكلاً باعتباره مقاماً من أصحاب الصفة فيه.
وفضلاً عن ذلك فإن وزير المالية يعد من أصحاب الصفة أيضاً في هذا النزاع وهو المنوط به اتخاذ الإجراءات اللازمة لتدبير الاعتماد المالي المتعلق ببدل التفرغ والذي ثار الخلاف حول مدى توافره في النزاع الماثل باعتباره شرطاً لنفاذ القرارات التنظيمية العامة الصادرة بشأن بدل التفرغ المشار إليه، كما تتوافر أيضاً في وزير الزراعة الصفة في النزاع الماثل هو الذي أصدر القرار التنظيمي العام رقم 5661 لسنة 1976 بشأن بدل التفرغ المشار إليه، وأثير الخلاف حول نفاذه من عدمه.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن المادة (211) من قانون المرافعات المدنية والتجارية نصت على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه...." وعلى ذلك وقد كان وزير الزراعة ووزير المالية من أطراف الخصومة المشار إليها وقد صدر الحكم المطعون فيه ضدهما - مع محافظ الإسكندرية - فلا ريب تتوافر فيهما الصفة للطعن في هذا الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة القضاء الإداري قد انتهى إلى عدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة استناداً إلى أن الاستئناف أقيم من وزير الزراعة ووزير المالية فقط دون محافظ الإسكندرية، وهو ما تبين فساد أساسه برمته على النحو السالف، فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه الأمر الذي يجعله خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه القانون والمتعلق ببدل التفرغ ذاته، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن رئيس مجلس الوزراء، بموجب التفويض الممنوح له بقرار رئيس الجمهورية رقم 619 لسنة 1975، أصدر القرار رقم 218 لسنة 1976 بمنح جميع المهندسين الزراعيين أعضاء نقابة المهن الزراعية الذين يتقرر شغلهم لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج، بدل تفرغ، بالكامل بالفئات المقررة بالمادة الأولى من هذا القرار على أن يصدر الوزير المختص بالاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قرار للتحديد تلك الوظائف، وأن وزير الزراعة بالاتفاق مع هذا الجهاز أصدر القرار رقم 5661/ 1976 بتحديدها، وقد أطرد قضاء هذه المحكمة على أن القرار الإداري إذا انطوى على قواعد تنظيمية عامة وكان من شأنه ترتيب أعباء وإليه لا ينتج أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً أو متى أصبح كذلك بوجود الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه، وإن الثابت أنه تم صرف هذا البدل فعلاً لمستحقيه وفقاً لأحكام القرارين المشار إليهما اعتباراً من الأول من أبريل سنة 1977 مما يؤكد توافر الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ إلى أن أوقف الصرف بتوجيهات من مجلس الوزراء بعدم صرف بدلات تفرغ لأي من قطاعات المهنيين مع اقتراح صرف حوافز عوضاً عنها، ومن ثم يكون القرار الصادر بهذا البدل قد استقام واكتملت أركانه بتوافر المصرف المالي بدءاً من الأول من أبريل عام 1977، يؤكد ذلك ويسانده قضاء هذه المحكمة الصادر بجلسة 18 من ديسمبر عام 1988 في الطعنين رقمي 2214 و2313 لسنة 31 القضائية عليا فيما انطوت عليه مدوناته من أنه تم الارتباط فعلاً بالمبلغ اللازم لصرف هذا البدل ونظائره وأن إلغاء هذا الارتباط كان بناءً على توصية من مجلس الوزراء ولا شأن له باعتبارات مالية. ومن ثم فإن بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين إذ صدر بأداته القانونية السليمة واستقام على صحيح سنده مستكملاً سائر أركانه ومقوماته متوافراً على اعتماداته اعتباراً من الأول من إبريل 1977، فقد أضحى متعين التنفيذ قانوناً بدءاً من هذا التاريخ لا تحول دون نفاذه أو ترتيب آثاره أية توجيهات أياً كان مصدرها طالما لم يتقرر بأداة قانونية صحيحة إلغاءه أو تعديله أو الحيلولة دون ترتيب آثاره على أي وجه، وأنه مما يؤكد استحقاق هذا البدل صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تعدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق بلا منازعة من الجهة الإدارية أن المدعية حاصلة على بكالوريوس زراعة ومقيدة بنقابة المهن الزراعية وتشغل وظيفة مفتش تقاوي وهي من الوظائف المشار إليها بقرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 فإنه يتوافر في حقها شروط استحقاق هذا البدل.
ومن حيث إنه ولئن استحق هذا البدل اعتباراً من التاريخ المذكور إلا أنه متى ثبت أنه صرف بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر من مكافأة أو حافز فقد غدا متعيناً أن يستنزل عن متجمده ما صرف بهذا الوصف إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون البدل ذاته بمسمى آخر.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التقادم الخمسي فيما يختص بالماهيات وما في حكمها مما تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها، عند توافر شرائطه، وإذ أقيمت الدعوى بتاريخ 6/ 2/ 1985 فإن الحق في متجمد البدل يضحى مقصوراً على السنوات الخمس السابقة على هذا التاريخ مخصوماً منه ما صرف خلال ذات مدة تلك السنوات الخمس من مكافأة أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتعديل حكم المحكمة الإدارية بالإسكندرية ليكون بأحقية المدعية في صرف بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين الصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 اعتباراً من 6/ 2/ 1980 مخصوماً منه ما صرف من مكافأة أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه، وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 2214 و2313 لسنة 31 القضائية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1988.

الطعن 387 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 10 ص 100

جلسة 10 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي, ومحمد عبد اللطيف مرسي, وأميل جبران, ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

(10)
الطعن رقم 387 لسنة 27 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه البطلان, إلا أنه متى كان تقرير الطعن بالنقض قد تم في الميعاد وقدم المطعون عليه دفاعه في الميعاد القانوني فلا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به.
(ب) دعوى "نطاق الدعوى". "وصف السرعة". استئناف. "ميعاد رفع الاستئناف".
المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة هو أمر الشارع لا تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. دعاوى السندات الإذنية ليست من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وإن لم تكن تخضع لنظام التحضير. أفرد الشارع حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف: ميعاد الاستئناف في الأوراق التجارية عشرون يوماً وفي المواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة عشرة أيام.

--------------
1 - إذا كان إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه بطلانه عملاً بالمواد 10 و12 و24 من قانون المرافعات إلا أنه متى كان تقرير الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون عليه قد قدم دفاعه في الميعاد القانوني فإنه لا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به على ما جري به قضاء محكمة النقض.
2 - المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة وهو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. وإذا كان القانون قد أدرج دعاوى السندات الإذنية في المادة 118 من قانون المرافعات - قبل تعديلها (1) - ضمن الدعاوى التي لا تخضع لنظام التحضير ورتب على ذلك أحكاماً أخرى, إلا أنه أفرد حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف فنص في المادة 402 من قانون المرافعات - قبل تعديلها - على أن ميعاد رفع الاستئناف في دعاوى الأوراق التجارية هو عشرون يوماً وعشرة أيام في المواد المستعجلة والمواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الدعوى المرفوعة بموجب سند إذني من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وأن ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها هو عشرة أيام, يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى 166 سنة 1956 كلي شبين الكوم بصحيفة معلنة في 30 من إبريل سنة 1956 طلب فيها إلزام المطعون عليه بمبلغ ثلاثمائة جنيه بموجب سند إذني تاريخه 22 يونيه سنة 1955 - وقد طعن المدعى عليه (المطعون عليه) في هذا السند بالتزوير. وأصدرت محكمة شبين الكوم الابتدائية حكمها في 23 مايو سنة 1957 برد وبطلان السند واعتباره كأن لم يكن - وبرفض الدعوى مع إلزامه بالمصاريف وبمبلغ 400 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 25 يونيه سنة 1957 فاستأنفه لدى محكمة استئناف طنطا بتكليف بالحضور أعلن إلى المطعون عليه في 16 يوليه سنة 1957 وطلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف علية (المطعون عليه) بمبلغ 300 قرش والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وقيد الاستئناف برقم 153 سنة 7 ق مدني - وقد دفع المستأنف عليه (المطعون عليه) بعدم قبول الاستئناف لتقديمه بعد الميعاد وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 2 أكتوبر سنة 1957 بعدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وسقوط حق المستأنف فيه مع إلزامه بالمصروفات - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير مؤرخ 28 نوفمبر سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لقرار الإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 27 ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن المطعون عليه دفع في مذكرته بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن صورة إعلان تقرير الطعن المسلمة إليه في 24 يناير سنة 1961 لم يبين فيها المحضر اسم المحكمة التي يعمل بها كما أن أسم هذا المحضر لا يمكن قراءته للتحقق من صفة الشخص الذي باشر الإعلان ومدى اختصاصه بإجرائه وكذلك لم يبين في هذه الصورة المقدمة من المطعون عليه الساعة التي تم فيها الإعلان. ولم يثبت المحضر فيها غياب المطعون عليه وقت الإعلان وأن زوجته التي استلمت صورة الإعلان تقيم معه لأن شرط الإعلان إلى أحد أقارب المعلن إليه أن يكون مقيماً معه عند غيابه وقت الإعلان وقد أوجب القانون على المحضر أن يبين بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته كل البيانات وإلا كان الإجراء باطلاً وانتهى المطعون عليه من ذلك أن إعلان تقرير الطعن قد وقع باطلاً مما يترتب عليه بطلان الطعن.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه وإن كان إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه بطلان الإعلان عملاً بالمواد 10 و12 و24 من قانون المرافعات إلا أنه متى كان إعلان تقرير الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون عليه قد قدم دفاعه في الميعاد القانوني فإنه لا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به - على ما جري به قضاء هذه المحكمة.
وحيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون - ذلك أنه أسس قضاءه بعدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه بعد الميعاد على أن دعاوى السندات الإذنية يفصل فيها على وجه السرعة ويكون ميعاد استئناف الأحكام التي تصر فيها هو عشرة أيام من تاريخ الحكم - وهذا غير صحيح - لأن قانون المرافعات لم ينص في أي مادة من مواده على أن دعاوى السندات الإذنية تنظر على وجه السرعة - وقد خلطت محكمة الاستئناف بين طريقة رفع الاستئناف وميعاد رفعه - وقد حددت المادة 118 مرافعات الدعاوى التي ترفع مباشرة إلى المحكمة ولا تعرض على التحضير ومن بينها دعاوى السندات الإذنية. وهذه الدعاوى يرفع الاستئناف عن الأحكام الصادرة فيها بتكليف بالحضور عملاً بالمادة 405 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي صحيح - ذلك أن القانون وإن كان قد أدرج دعاوى السندات الإذنية في المادة 118 مرافعات - قبل تعديلها - ضمن الدعاوى التي لا تخضع لنظام التحضير ورتب على ذلك أحكاماً خاصة إلا أنه أفرد حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف فنصت المادة 402 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 100 لسنة 1962 على أنه "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك يكون ميعاد الاستئناف عشرين يوماً لأحكام المواد الجزئية وأربعين لأحكام المواد الابتدائية - وينقص هذان الميعادان إلى النصف في مواد الأوراق التجارية - ويكون الميعاد عشرة أيام في المواد المستعجلة والمواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة أياً كانت المحكمة التي أصدرت الحكم" ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الدعوى رفعت بموجب سند إذني مؤرخ 22 يونيه سنة 1956 بموجب صحيفة معلنة في 30 إبريل سنة 1956 - وكان المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة هو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم - وكان القانون قد حدد ميعاداً خاصاً لرفع الاستئناف في دعاوى الأوراق التجارية وهو عشرون يوماً. لما كان ذلك, فإن ما جرى به قضاء الحكم المطعون فيه من اعتبار الحكم الابتدائي صادراً في إحدى الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة واعتبار ميعاد استئنافه هو عشرة أيام وما رتبه على ذلك من عدم قبول الاستئناف شكلاً يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.


(1) تلاحظ التعديلات المستحدثة بالقانون رقم 100 لسنة 1962.

الطعن 982 لسنة 33 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 127 ص 1223

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(127)

الطعن رقم 982 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - المعاش.
القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي معدلاً بالقانون رقم 93 لسنة 1980 - وسع المشرع التأميني من مفهوم أجر الاشتراك فأجاز حساب المدة التي يؤدي عنها اشتراكاً محسوباً بالإنتاج أو العمولة - حدد المشرع إطار هذا التوسع فجعل لكل من المعاش المحسوب عن الأجر حدوداً والمعاش المحسوب عن الحوافز حدوداً أخرى ثم حدد لكليهما إطار هو عدم مجاوزة الحد الأقصى للمعاش المحدد قانوناً - نتيجة ذلك: مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج يتعين ألا تجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها العامل أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 2/ 1987 أودع الأستاذ/ حسين حلمي المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين/ ...... و...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 982 لسنة 33 القضائية طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24/ 12/ 1986 في الدعوى رقم 924 لسنة 35 القضائية المقامة من الطاعنين ضد رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين والمعاشات، والذي قضى برفض الدعوى بلا مصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بأحقيتهما في شراء مدة عشر سنوات مدة سابقة حتى يسري في حقهم حكم المادة 30 مكرر من القانون رقم 93 لسنة 1980 وليحاسبوا على حقوقهم التأمينية كاملة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حددت لنظره أمامها جلسة 3/ 3/ 1991 واستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 3/ 2/ 1981 أقام السادة/ ..... و..... و..... و.... الدعوى رقم 942 لسنة 35 القضائية ضد وزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة هيئة التأمين والمعاشات ووزير المالية، طلبوا فيها إلغاء قرار الهيئة العامة للتأمين والمعاشات الذي يقضي بعدم اشتراكهم عن المدة السابقة لتصل مدة اشتراكهم خمسة عشر سنة قبل 31/ 12/ 1980، إعمالاً لحكم المادة 30 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 حتى يحصلوا على حقوقهم التأمينية كاملة مع إلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقالوا شرحاً لدعواهم أن القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي صدر وقد نص على إمكان حساب حوافز الإنتاج للعاملين بالجهاز الإداري للدولة بشروط معينة ضمن أجر الاشتراك، وفي سنة 1976 وافقت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات على ضم الحوافز التي تصرف للعاملين بمصلحة الضرائب إلى أجر الاشتراك الذي يتم حساب المعاش على أساسه وبأثر رجعي اعتباراً من 1/ 9/ 1975 تاريخ نفاذ القانون رقم 79 لسنة 1975، ولما كانوا قد نقلوا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975 فقد قامت المصلحة المشار إليها بخصم المبالغ المستحقة عن اشتراكهم في الحوافز إعمالاً لأحكام القانون. وذكر المدعون أنه إعمالاً لحكم المادة 30 مكرراً المضافة للقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، وطبقاً للقانون رقم 93 لسنة 1980، تقدموا إلى مصلحة الضرائب بطلبات للاشتراك عن المدة السابقة، حتى تكون مدة الاشتراك خمسة عشر عاماً حتى 31/ 12/ 1980 لكي يحاسب كل شخص على حوافز الإنتاج كاملاً، إلا أن مصلحة الضرائب امتنعت عن حساب المبالغ التي يتعين عليهم سدادها لشراء المدة تأسيساً على أن التعليمات تقضي بضرورة أن يكون العامل موجوداً بالمصلحة خلال الفترة المطلوب حسابها لاستكمال مدة خمسة عشر سنة، وأضاف المدعون أن حوافز الإنتاج لم يكن لها وجود على الإطلاق في جميع الأجهزة الإدارية للدولة، ولم يتقرر هذا الحق إلا ابتداءً من 1/ 9/ 1975 تاريخ نفاذ القانون رقم 79 لسنة 1975، وهذا ما تؤكده الأعمال التحضيرية للقانون التي تضمنت إمكان الاشتراك بأثر رجعي، إلا أن لجنة فض المنازعات بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات ارتأت في 11/ 12/ 1980 عدم أحقية المدعين في ضم مدة اشتراك محسوبة في المعاش تزيد على المدة السابقة على نقلهم إلى مصلحة الضرائب.
وبجلسة 24/ 12/ 1986 حكمت المحكمة برفض الدعوى بلا مصروفات وأسست المحكمة قضاءها على أن المدعين نقلوا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975، وكانوا قبل نقلهم بجهات لا تطبق نظام الحوافز الذي يطالبون بالاشتراك عنه.
ومن حيث إن الطعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، نظراً لأن نظام الحوافز لم تعرفه الأجهزة الإدارية للدولة إلا سنة 1975، وأن مصلحة الضرائب أيضاً لا تعرفه إلا من التاريخ المشار إليه ولو كان موجوداً قبل هذا التاريخ ما احتاج الأمر إلى نص لشراء مدة عشر سنوات سابقة، ولما سويت معاشات من تركوا الخدمة سنة 1975 دون اشتراك عن الحوافز لأنها كانت غير موجودة.
ومن حيث إن المشرع التأميني وسع مفهوم أجر الاشتراك بحيث أجاز حساب المدة التي يؤدي عنها اشتراكاً محسوباً بالإنتاج أو العمولة، وفي مقام تنظيم ذلك أضاف إلى قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 نص المادة 30 مكرراً (بالقانون رقم 93 لسنة 1980) الذي يقضي بأن:
"يحسب المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة للمؤمن عليهم من غير الخاضعين للبند (3) من المادة (19) الذين يتقاضون أجورهم بالمدة وبالإنتاج أو بالعمولة أو الوهبة وفقاً للآتي:
( أ ) يحسب المعاش أو التعويض على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن الأجر محسوباً بالمدة قائماً بذاته.
(ب) يحسب المعاش أو التعويض على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدي عنها الاشتراك عن الأجر محسوباً بالإنتاج أو بالعمولة أو الوهبة قائماً بذاته.
(ج) يربط للمؤمن عليه معاش أو تعويض بحسب الأحوال بمجموع المعاش أو التعويض المشار إليهما في البندين السابقين وذلك مع مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة (20) (الحد الأقصى للمعاش).
ونصت الفقرة الثانية من المادة 34 على أنه:
"يجوز للمؤمن عليه الذي يتقاضى أجره بالمدة وبحوافز الإنتاج أن يطلب زيادة مدة اشتراكه في التأمين المحسوبة عن حوافز الإنتاج بمدة لا تتجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل.......".
والبين من النصين المشار إليهما أن المشرع قد وسع من مفهوم أجر الاشتراك وقد حدد إطار هذا التوسع بحيث جعل لكل من المعاش المحسوب عن الأجر حدوداً والمعاش المحسوب عن الحوافز حدوداً أخرى، ثم حدد لكليهما إطاراً هو عدم مجاوزة الحد الأقصى للمعاش المحدد بنص المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1975.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج يتعين ألا تجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل، وبالنظر إلى أن الطاعنين وقد ثبت أنهما نقلا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975، ولم يكن لهما مدة عمل سابقة على مدة عملهم بمصلحة الضرائب بجهات تطبق نظام حوافز الإنتاج، ومن ثم لا يحق لهما المطالبة بزيادة مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج بمدة تجاوز المدة التالية لنقلهم إلى مصلحة الضرائب.
ومن حيث إن الحكم الطعين أخد بهذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه وفقاً للمادة 137 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يعفى من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة المختصة أو المؤمن عليهم أو المستحقون طبقاً لأحكام هذا القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 368 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 9 ص 93

جلسة 10 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(9)
الطعن رقم 368 لسنة 27 القضائية

(أ) عقد "تكييف العقد". بيع. "أركانه". "الرضا بالبيع". محكمة الموضوع.
لا ينعقد البيع إلا باتفاق العاقدين على طبيعة العقد بحيث تتلاقى إرادتها في إيجاب وقبول على حصول البيع. استخلاص المحكمة استخلاصاً سائغاً قانوناً أن نية الطرفين لم تنصرف إلى البيع بل إلى اتفاقهما - وزارة التموين وشركة - على زيادة مقطوعية السكر المقرر لمصنع الشركة مقابل استيراد الأخيرة كمية من السكر من الخارج. لا مخالفة في ذلك القانون.
(ب) تموين "الاتفاق على زيادة مقطوعية السكر".
تكييف العلاقة بين الشركة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقررة لمصنع الشركة لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي على أن تصرف من المقادير التي تستورد فعلاً. حق الشركة في تلك الزيادة لا ينشأ إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع لا من يوم وصول الكمية المستوردة والمخصصة للصرف.

----------------
1 - لا ينعقد البيع إلا إذا اتفق العاقدان على طبيعة العقد الذي يقصدان إبرامه بحيث يتلاقى الإيجاب والقبول على حصول البيع، فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الخطابين المتبادلين بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين المطعون عليها - المفصحين عن إيجاب الشركة وقبول وزارة التموين هذا الإيجاب - ومن الظروف التي لابست التعاقد أن نية الطرفين لم تنصرف إلى البيع، بل إلى الاتفاق على زيادة "مقطوعية السكر" المقرر لمصنع الشركة مقابل استيراد الأخيرة كمية من السكر من الخارج وكانت الأسباب التي استندت إليها تبرر قانوناً هذا التكييف فإن النعي على الحكم - في هذا الخصوص - بمخالفة القانون يكون في غير محله.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقدرة لمصنع الشركة لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي على أن تصرف من المقادير التي تستورد فعلاً، فإن من شأن هذا التكييف ألا يتعلق حق الشركة في تلك الزيادة نوعاً، إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع مما ينتفي معه القول بتعليق حق الشركة بذات الكمية المستوردة - والمخصصة لذلك - وقت وصولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة رفعت على المطعون عليها (وزارة التموين) الدعوى رقم 811 سنة 1953 كلى أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبة الحكم - وفق طلباتها الختامية - بإلزامها بدفع مبلغ 3200 جنيه والمصارف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان عرضت على المطعون عليها في 12/ 5/ 1950 استيراد خمسة آلاف طن من السكر من بلجيكا بسعر الطن خمسين جنيهاً لكنها - أي الشركة الطاعنة عرضت استيراد نفس الكمية بسعر الطن 49.750 جنيهاً مقابل قيام الوزارة بصرف خمسمائة طن من السكر المستورد لمصنع الشركة الطاعنة زيادة على مقرراتها الرسمية لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي وقد ردت الوزارة على هذا العرض بالموافقة بخطاب مؤرخ 14/ 5/ 1950 جاء به "أنه لا مانع لدى الوزارة من تخصيص خمسمائة طن من الكمية المعروضة تصرف لمصنعكم علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر على أثنى عشر شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد وبنسبتها وأن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة في حدود حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع" وتستطرد الشركة الطاعنة قائلة إن الوزارة بخطابها هذا قبلت أن تحتجز عن كل كمية ترد من الخارج عشرها لحساب الشركة على أن يكون صرف هذه الكمية المحجوزة مشروطاً بمقابلة الاستهلاك الفعلي للمصنع وبناء على ذلك تنتقل ملكية الكمية المحجوزة للشركة بمجرد وصولها إلى الميناء وإن تراخى الانتفاع بها إلى قيام حاجة المصنع وقد وردت الكميات المستوردة جميعها إلى مصر وأودعت الخمسمائة طن لحساب الشركة حيث حملتها الوزارة مصاريف نقلها وتخزينها ثم استلمت منها ثلاثمائة طن وظل باقياً لها دون استلام مائتا طن حتى فرضت الحكومة على كل طن من السكر رسم إنتاج قدره ستة عشر جنيهاً فقررت وزارة التموين سريان هذا الرسم على الكمية المتبقاه وترى الشركة الطاعنة أن الرسم لا يسرى على هذه الكمية لفرضه في تاريخ لاحق لاستيرادها - ومن ثم فلا حق للوزارة في المبلغ الذي كانت قد اقتضته من الشركة الطاعنة ويكون من حقها استرداده ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في 13/ 11/ 1951 برفض الدعوى فرفعت الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 94 سنة 73 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28 من مارس سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظرة أمامها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ انتهى هذا الحكم إلى ما تم بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين لا يكون عقد بيع بل هو تعهد من جانب الوزارة بزيادة مقطوعية السكر المقرر للشركة فلا تنتقل ملكية القدر المزيد إلا عند التسليم ويكون الثمن هو سعر يوم التسليم وذلك بناء على أن الشركة استلمت أربعمائة طن من غير السكر البلجيكي المشار إليه بخطاب الوزارة المؤرخ 14/ 5/ 1950 مما مقتضاه عدم تعلق حق الشركة بذات السكر البلجيكي ومما يعتبر عدولاً من الشركة عن هذا الحق - حالة أن تسليم الوزارة إلى الشركة الطاعنة سكراً من نوع آخر غير المنوه عنه بالخطاب المؤرخ 14/ 5/ 1950 يعتبر إخلالاً منها بالتزامها وإذ قبلت الشركة الطاعنة هذا النوع الآخر كتعويض عيني بعد هلاك الشيء محل التعاقد نتيجة تصرف الوزارة فيه فإن ذلك لا يعتبر عدولاً من الطاعنة عن حقها الناشئ بخطابي 12، 15/ 5/ 1950 - وإذ افترض الحكم المطعون فيه جدلاً بأن العلاقة بين الطرفين هي علاقة بيع انصب فيها البيع على مبيع غير معين بالذات لا تنتقل فيه الملكية إلى المشترى إلا بالتسليم فإن ذلك أيضاً منه مخالفة للقانون إذ أن خطاب 14/ 5/ 1950 يدل بلفظه وعبارته على أن البيع انصب على مبيع معين بالذات تنتقل فيه الملكية إلى المشترى فور التعاقد عند وصول الشيء إلى حيازة المتعهد ووضعه تحت تصرف المشترى عند وصوله عملاً بنص المادة 435 من القانون المدني ولا يؤثر في ذلك تراخى التسليم المادي إلى حين التحقق من قيام حاجة المصنع الفعلية - كما أن الحكم المطعون فيه إذ استدل على عدم ملكية الشركة الطاعنة للسكر بخطابها الذي أرسلته إلى وزارة التموين في 12/ 3/ 1952 والذي تتعهد فيه بعدم استعمالها كمية من السكر - استلمتها - إلا بعد الرجوع إلى الوزارة فإنه استدلال بما لا يدل عليه إذ أن هذا التعهد من جانب الشركة شرط من شروط البيع يرجع إلى أن الشيء المبيع مادة تموينية اشترط عدم استعمالها إلا في حدود حاجة المصنع ولا يؤثر ذلك على أن العقد عقد بيع.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه انتهي إلى أن العلاقة التي قامت بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين لم يقصد بها إبرام عقد بيع وإنما قصد بها زيادة مقطوعية مصنع الشركة من السكر مقيماً قضاءه على الأسباب الآتية "وحيث إنه لتبيان نية العاقدين وما اتجهت إليه إرادتهما وقت قيام تلك العلاقة يتعين الرجوع إلى الخطابات المتبادلة التي أشارت إلى تلك العلاقة". "وحيث إنه بالرجوع إلى ملف هذه العملية يبين أن شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان قد عرضت بخطابها المؤرخ 12/ 5/ 1950 على وزارة التموين استيراد خمسة آلاف طن من السكر بالمواصفات المشار إليها بهذا الخطاب بسعر الطن الواحد 49 ج و99 ق ثم تقدمت شركة نادلر إلى وزارة التموين بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 والموقع عليه بإمضاء الأستاذ جمعة مدكور عن الشركة تعرض عليها فيه أنه مساهمة منها في استيراد السكر من الخارج تقبل دفع الفرق وهو 24 قرشاً عن كل طن في كمية خمسة آلاف طن من السكر في نظير أخذ كمية منه لمصنع إخوان نادلر فوق الكمية المقررة له وهي 700 طن على ثلاثة أشهر أو رفع الكمية من خمسة وسبعين طناً شهرياً إلى 130 طناً حيث إن المصنع كان قبل الحرب يستورد السكر من الخارج وقوة إنتاجه الحقيقية هي 300 طن شهرياً وعند قيام الحرب كان المصنع يشتغل للجيش الإنجليزي وكان يأخذ كل ما يريده من السكر وبعد انتهائها اشتري من الجيش 500 طن ولأن كل هذه الكميات نفذت فلذلك يطلب إعطاءه 700 طن أو رفع الكمية شهرياً إلى 130 طناً لأن المصنع به 150 عاملاً وعاملة وليتمكن من الاستمرار في العمل وعدم قفل المصنع عشرة أيام كل شهر لذلك يأمل التكرم بإعطائه هذه الكمية" "وقد أجابت وزارة التموين على هذا العرض بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 بأنه بالإشارة إلى العرض المتقدم من شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان بتاريخ 12 / 5/ 1950 الجاري عن استيراد 5000 طن من السكر من بلجيكا بالمواصفات والشروط الموضحة بالعرض المذكور وإلى كتابكم المؤرخ 14 مايو الجاري بشأن استعدادكم لتسليم هذه الكمية للوزارة في ميناء الإسكندرية بالمواصفات والشروط والمواعيد الموضحة بعرض شركة الشرق للتجارة والأقطان المشار إليه بسعر 49 ج 750م للطن في مقابل زيادة حصة مصنعكم من السكر إلى ما يكفي لسد حاجة الاستهلاك كاملة نتشرف بإحاطة جنابكم أنه لا مانع لدى هذه الوزارة من تخصيص 500 طن من الكمية المعروضة تصرف لمصنعكم علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر على اثنى عشر شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد فعلاً وبنسبتها وإن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة هي في حدود حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع" وقد استطرد الحكم بعد ذلك قائلاً "وحيث إن المحكمة تستخلص من عرض الوقائع السابقة أن الشركة المدعية عندما تقدمت بعرضها لوزارة التموين بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 لدفع فرق السعر لكمية السكر المطلوب استيرادها وقدرها 500 طن كان ذلك كقولها بالخطاب المشار إليه في نظير أخذ كمية منه لمصنعها فوق الكمية المقررة له وذلك على ثلاثة أشهر أو رفع الكمية المقررة للمصنع من خمسة وسبعين طناً شهرياً إلى 130 طناً وأسست الشركة عرضها على حاجة المصنع لهذا القدر ليتمكن من الاستمرار في العمل ومفاد ذلك أن هدف الشركة من دفعها فرق السعر المشار إليه إنما تقصد به زيادة مقطوعية المصنع من السكر المقدر له وسواء أكان ذلك بزيادة المقطوعية شهرياً من 75 طناً الحالية إلى 130 طناً أو بزيادتها 700 طن على ثلاثة أشهر أي أن الشركة لم تهدف إلى عقد صفقة بيع لكمية معينة من السكر مقابل ثمن معين". "وحيث إن هذا المعنى الذي جال بخلد الشركة عندما توجهت إلى وزارة التموين قد أجابت عليه الوزارة بمعناه إذ قبلت منها هذا العرض بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 مقررة أنه رداً على طلب الشركة بزيادة حصة المصنع من السكر إلى ما يكفي لسد حاجة الاستهلاك كاملة لا مانع لدى الوزارة من تخصيص 500 طن من الكمية المعروضة تصرف للمصنع علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر وذلك على 12 شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد فعلاً وبنسبتها وأن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة هي في حدود حاجة الاستهلاك الفعلية للمصنع فالوزارة قد استجابت لعرض الشركة وفي الحدود التي ارتأتها مؤكدة أن هذا التصرف إنما ينصرف إلى تنظيم شئون التموين بزيادة كمية مقطوعية مصنع الشركة مقابل ذلك الصنيع الذي تقدمت به الشركة وهو إعفاؤها من دفع الفرق في سعر الطن من السكر المستورد". لما كان ذلك، وكان البيع لا ينعقد إلا إذا اتفق المتعاقدان على طبيعة العقد الذي يقصدان إبرامه فيجب أن يتلاقى الإيجاب والقبول على حصول البيع وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الخطابين المتبادلين بين الشركة الطاعنة والمطعون عليها والمفصحين عن إيجاب الشركة وقبول الوزارة ومن الظروف التي لابست التعاقد أن نية المتعاقدين لم تنصرف إلى البيع وكيفت علاقة الطرفين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر وكانت الأسباب التي استندت إليها تبرر قانوناً هذا التكييف فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بمخالفة القانون يكون في محله.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنها أقامت دعواها على سببين قانونين الأول سبب أصلي وهو قيام عقد البيع والثاني وهو سبب احتياطي قوامه أن تعاقد الشركة الطاعنة مع وزارة التموين على تخصيص خمسمائة طن من سكر معين للشركة الطاعنة مقابل مبلغ معين هو 1250 جنيهاً يولد للشركة حقاً قانونياً على هذه الكمية يوم وصولها من شأنه أن يلزم الوزارة بحبسها بذاتها لحساب الشركة وعدم التصرف فيها لغيرها ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتناول بالرد هذا السبب اكتفاء بالرد على السبب الأول فإنه يكون مشوباً بالقصور.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقررة لمصنع السكر فإن من شأن هذا التكييف ألا يتعلق حق الشركة بتلك الزيادة نوعاً إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع مما ينتفي معه القول بتعلق حق الشركة بذات الكمية المخصصة وقت وصولها ومن ثم فلم يكن الحكم بحاجة بعد ذلك إلى أن يرد استقلالاً على ما أبدته الشركة الطاعنة من سبب احتياطي.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذها بالتنازل الصادر من مستشارها الفني السيد جمعة مدكور عن اعتراضها على أحقية الوزارة لمبلغ 16 جنيهاً عن كل طن تأسيساً على توافر وكالته الضمنية عن الشركة مع أن التنازل المانع من الرد تحكمه المادة 181 من القانون المدني التي تشترط أن تتوافر في التنازل أهلية التبرع وعلى الرغم من أن الشركة أثارت ذلك بمذكرتها المقدمة بمرحلة التحضير أمام محكمة الاستئناف كما تمسكت بأن هذا التنازل كان وليد إكراه لكن الحكم المطعون فيه قد سكت عن ذلك مما يجعله مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ما دام أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار العلاقة التي تمت بين الطرفين ليست عقد بيع بل اتفاق على زيادة في المقطوعية ينشأ حق للشركة فيها عند تحقق شرط حاجة الاستهلاك الفعلي وبالسعر السائد وقتها فلاً ينشأ الحق قبل ذلك ومن ثم فإن التنازل وقتئذ لا يصادف محلاً.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.