جلسة 26 من مارس سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، أبو بكر أحمد إبراهيم نواب رئيس المحكمة
ومراد زناتي.
------------
(78)
الطعن رقم 13060 لسنة 81 القضائية
(1) قانون "تطبيق القانون".
القاعدة القانونية واجبة التطبيق في الخصومة. المناط في تحديدها.
تكييف العلاقة بين طرفيها.
(2) دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في
الدعوى: العبرة بحقيقة المقصود منها".
تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة. العبرة فيه. بحقيقة المقصود من
الطلبات لا بالألفاظ التي صيغت فيها.
(3 - 6) عمل "عقد العمل". محاكم
اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية". ملكية فكرية "حق المؤلف:
الحماية القانونية للمصنف".
(3) الاختصاص القيمي والنوعي للمحكمة
الاقتصادية. وروده على سبيل الحصر. م 6 ق 120 لسنة 2008.
(4) إسباغ الحماية القانونية على المصنف. شرطه.
انطواؤه على شيء من الابتكار وإفراغه في صورة مادية وإعداده للنشر. مؤداه. م 138
و140 ق 82 لسنة 2000.
(5) تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من
العقود. مناطه. توفر عنصر التبعية ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية. م 674
مدني وقوانين العمل المتعاقبة.
(6) اتفاق طرفي التداعي على أن يقوم الطاعن
بمهمة فني تحليلي لمباريات كرة القدم. عقد عمل من نوع خاص. خروجه عن مفهوم المصنف
الفني. علة ذلك. اقتصار مهمة الطاعن على أداء العمل المتفق عليه مقابل الأجر
المتعاقد عليه. أثره. عدم اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر المنازعة الناشئة عنه.
كون رب العمل شركة مساهمة. لا أثر له. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ
ومخالفة للقانون.
(7) نقض "الحكم في الطعن بالنقض: نقض
الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل
في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها
بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
---------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف العلاقة بين طرفي
الخصومة يعد شرطا لازما لتحديد القاعدة القانونية واجبة التطبيق فيها، وللوقوف على
مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.
2 - العبرة في شأن تكييف العلاقة بين طرفي
الخصومة بحقيقة المقصود من الطلبات وليس بالألفاظ أو العبارات التي تصاغ فيها هذه
الطلبات.
3 - إذ كان المشرع من خلال نصوص القانون رقم
120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية وضع منظومة أراد من خلالها إنجاز القضايا
التي أطلق عليها بعض الدعاوى التي لها تأثير على المناخ الاقتصادي في البلاد، ومن
ثم أنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى "المحكمة
الاقتصادية" وتشكل من دوائر ابتدائية واستئنافية، ثم لجأ إلى ضم اختصاصيها
القيمي والنوعي في هذا الشأن، وذلك بأن حدد على سبيل الحصر القوانين الواجب
تطبيقها على المنازعات المتعلقة بها بالمادة السادسة منه ومنها البند رقم (8) الذي
نص على اختصاص هذه المحكمة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق "قانون حماية
حقوق الملكية الفكرية" والبند رقم (12) والذي نص على اختصاصها بنظر المنازعات
الناشئة عن تطبيق قانون شركات المساهمة ....".
4 - إذ كان المشرع قد نص في المادة 138 من
القانون رقم 82 لسنة 2002 في شأن حماية الملكية الفكرية على تعريف المصنف بأنه
"كل عمل مبتكر أدبي أو فني أو علمي أيا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو
أهميته أو الغرض من تصنيفه" كما عرف الابتكار بأنه "الطابع الإبداعي
الذي يسبغ الأصالة على المصنف" ثم عرف المؤلف بأنه "الشخص الذي يبتكر
المصنف ويعد مؤلفا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب إليه عند نشره باعتباره مؤلفا
له ما لم يقم الدليل على غير ذلك ..." كما أن النص في المادة 140 من ذات
القانون على أن "يتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم
الأدبية والفنية وبوجه خاص المصنفات الأتية 1- الكتب والكتيبات والمقالات وغيرها
من المصنفات المكتوبة 2-... 3-... 4 - المحاضرات ... وأية مصنفات شفوية أخرى إذا
كانت مسجلة" ومفاد ما تقدم أن المشرع وفقا لقانون حماية الملكية الفكرية رقم
38 لسنة 1992 ومن قبله القانون رقم 354 لسنة 1954 - المعدل بالقانون رقم 38 لسنة
1992 - بشأن حماية حق المؤلف - قد أسبغ الحماية الواردة بهما على مؤلفي المصنفات
أيا كان نوعها أو طريقة التعبير عنها أو الغرض منها شريطة أن يكون المصنف قد انطوى
على شيء من الابتكار بحيث يبين منه أن المؤلف أضفى عليه شيئا من شخصيته، وأن يتم
إفراغه في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود ويكون معدة للنشر، وبغير ذلك فلا يرقي
العمل إلى مرتبة المصنف الفني الجدير بالحماية.
5 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة
النقض - أن المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود، هو توفر عنصر
التبعية القانونية ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية التي تتمثل في خضوع العامل
لإشراف رب العمل ورقابته، وهو ما نصت عليه المادة 674 من القانون المدني، وقوانين
العمل المتعاقبة.
6 - إذ كانت العلاقة بين الطرفين يحكمها عقد
النزاع المؤرخ 1/ 8/ 2009 المعنون بعبارة "عقد أداء عمل تخصصي محدد
المدة" ونص فيه على أن يقوم الطاعن بمهمة فني تحليلي لمباريات كرة القدم وضيف
في برامج مجموعة قنوات ... بخلاف ما يستجد من أعمال تكلفه بها الشركة المطعون ضدها
الأولى، واشترط أداءه لهذه الأعمال حصريا لصالح القناة دون أي جهة أخرى سواء كانت
شخصا طبيعيا أو اعتباريا وطنيا أو عربيا أو أفريقيا أو دوليا وتحت أي مسمى، وعدم
الظهور في أي قناة أخرى رياضية أو غير رياضية أرضية أو فضائية أو مشفرة، كما لا
يجوز له الظهور في أية وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة أو حتى الوسائط الإعلامية
كالإنترنت أو الأقراص المدمجة إلا بتصريح كتابي من القناة، ولا يجوز له تقديم أية
مادة إعلانية من خلال البرامج التي يتولى تقديمها، وذلك لمدة ثلاث سنوات لقاء أجر
محدد بهذا العقد يدل على أن التكييف الحقيقي للعقد سالف البيان إنما هو عقد عمل من
نوع خاص محدد المدة يخضع المتعاقدان بموجبه لما اتفق عليه بينهما إعمالا للقاعدة
العامة المنصوص عليها في المادة 147 من القانون المدني من أن العقد قانون متعاقديه
بمقتضاه يلتزم الطاعن بأداء المهمة المتفق عليها مع صاحب العمل - القناة المطعون
ضدها الأولى - وتحت إمرتها مقابل الأجر المتعاقد عليه، وهو بهذا الوصف يفتقد إلى
مكوناته كمصنف فني لا سيما عناصر الإبداع والابتكار وإفراغه في صورة مادية، بما لا
يندرج تحت البند الثامن من نص المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، وهو
بند قانون حماية الملكية الفكرية كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أن مجرد كون
رب العمل إحدى الشركات المساهمة - على فرض صحته - لا يجعل المنازعة تندرج تحت
البند الثاني عشر من ذات النص، وهو بند قانون الشركات المساهمة، لكون العلاقة بين
الطرفين لا تربطها صلة بمدى انطباق أحكام هذا القانون الأخير عليها كما ذهب الحكم
في دعامته الأخرى، الأمر الذي يباعد بين المنازعة المطروحة وبين اختصاص المحاكم
الاقتصادية بنظرها حسبما هو وارد حصرا في المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة
2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية سالف البيان، وإنما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم
الابتدائية في دوائرها المدنية العادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
7 - المادة 269 من قانون المرافعات تنص على
أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المهمة على
الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي
إليها بإجراءات جديدة" ولما سلف يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم
اختصاص الدائرة الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى، وباختصاص محكمة
جنوب القاهرة الابتدائية ابتداء بنظرها.
------------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن وآخرين ابتداء الدعوى
رقم ... لسنة 2010 أمام الدائرة الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم
بإلزام الطاعن بأن يرد لها كل ما تحصل عليه من أموال من تاريخ العقد في 1/ 8/ 2009
حتى تاريخ إخلاله بالتزاماته التعاقدية وفسخه بإرادته المنفردة وإلزامه بتعويض
مقداره خمسة ملايين جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من جراء مسلكه،
على سند من أنه وبموجب عقد أداء عمل حصري مؤرخ 1/ 8/ 2009 تعاقدت مع الطاعن على أن
يقوم بأداء كافة الأعمال المنوطة به والمحددة في البند الثاني من العقد بتحليل
مباريات كرة القدم وضيف في برامج مجموعة قنوات ... كما تضمن البند الخامس من ذات
العقد على أن هذا الأداء حصري لصالحها، ويمتنع على الطاعن الظهور على أية قناة أو
وسيلة إعلانية أخرى إلا بتصريح كتابي منها، كما يمتنع عليه تقديم أية مادة
إعلانية، كما أضافت نصوص العقد المقابل المادي الذي يستحقه الطاعن ومدة العقد
وأحوال الإخلال بالالتزامات التعاقدية من قبله والتزامه بسداد مبلغ 700000 جنيه
كشرط جزائي فضلا عن التعويضات عند مخالفته شروط التعاقد، إلا أن الطاعن أخل بهذه
الالتزامات وظهر في قناتي ... و... لتحليل مباريات كأس العالم مما أصابها بأضرار
بالغة مادية وأدبية فكانت دعواها، وبتاريخ 25/ 12/ 2010 حكمت المحكمة بعدم
اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها للمحكمة العمالية بمحكمة حلوان
الابتدائية. استأنفت الشركة المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم ...
لسنة 3 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية والتي قضت بتاريخ
21/ 6/ 2011 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به سلفا وإعادة الدعوى لمحكمة أول
درجة للفصل في موضوعها أمام دائرة أخرى بحسبانها محكمة اقتصادية. طعن الطاعن في
هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز
الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية - في غرفة مشورة - حددت
جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، والتزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية, وسماع
التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان لصدوره من
محكمة غير مختصة نوعيا بنظر النزاع، إذ إن الثابت من بنود العقد موضوع التداعي
المؤرخ 1/ 8/ 2009 أن مهمة الطاعن العمل لدى الشركة المطعون ضدها الأولى كفني
تحليلي لمباريات كرة القدم، وضيف برامجها التليفزيونية لمدة معينة على أن يؤدي هذا
العمل بنفسه ويحتفظ بأسراره ولا يفشيها إلى القنوات المنافسة ويلتزم بسياستها
الإعلامية والتقيد بتعليماتها والمحافظة على أصول المهنة وآدابها نظير الأجر
المتفق عليه، وبذلك فإن العلاقة بين الطرفين يحكمها عقد العمل المبرم بينهما بما
يخضع لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003، إلا أن الحكم المطعون فيه أسبغ صفة المصنف
الفني على البرنامج الذي يساهم فيه الطاعن بحضوره ورؤيته التحليلية، وأخضعه
بالتالي لقواعد قانون الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 بالمخالفة لنص المادة 140
من هذا القانون، والتي أبانت عن المصنفات الفنية التي تخضع لهذه الحماية، والتي لا
ينطبق عليها البرنامج التحليلي الذي يؤديه الطاعن، وبالتالي اعتبر المنازعة بين
الطرفين مما يندرج تحت بند قانون حماية الملكية الفكرية المنصوص عليه في المادة
السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية بما يختص بنظرها المحكمة الاقتصادية،
كما أقام قضاءه أيضا على أن الشركة المطعون ضدها باعتبارها واحدة من الشركات
المساهمة بما يندرج أيضا ضمن أحد بنود المادة السادسة سالفة البيان مما ينطبق
عليها اختصاص المحكمة الاقتصادية، رغم أن ذلك ينحصر في المنازعات المتعلقة بتطبيق
قانون الشركات المساهمة بشأن تأسيسها وتداول رأس مالها وتوزيع أرباحها بين
المساهمين وغير ذلك مما لا علاقة له بالمنازعة المطروحة التي يحكمها قانون العمل،
وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه
المحكمة - أن تكييف العلاقة بين طرفي الخصومة يعد شرطا لازما لتحديد القاعدة
القانونية واجبة التطبيق فيها، وللوقوف على مدى اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وأن
العبرة في هذا الصدد بحقيقة المقصود من الطلبات وليس بالألفاظ أو العبارات التي
تصاغ فيها هذه الطلبات، وكان المشرع من خلال نصوص القانون رقم 120 لسنة 2008
بإنشاء المحاكم الاقتصادية وضع منظومة أراد من خلالها إنجاز القضايا التي أطلق
عليها بعض الدعاوى التي لها تأثير على المناخ الاقتصادي في البلاد، ومن ثم أنشأ
بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى "المحكمة الاقتصادية" وتشكل
من دوائر ابتدائية واستئنافية، ثم لجأ إلى ضم اختصاصيها القيمي والنوعي في هذا
الشأن، وذلك بأن حدد على سبيل الحصر القوانين الواجب تطبيقها على المنازعات
المتعلقة بها بالمادة السادسة منه ومنها البند رقم (8) الذي نص على اختصاص هذه
المحكمة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق "قانون حماية حقوق الملكية
الفكرية" والبند رقم (12) والذي نص على اختصاصها بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق
قانون شركات المساهمة ...، وإذ كان ذلك، وكان المشرع قد نص في المادة 138 من
القانون رقم 82 لسنة 2002 في شأن حماية الملكية الفكرية على تعريف المصنف بأنه
"كل عمل مبتكر أدبي أو فني أو علمي أيا كان نوعه أو طريقة التعبير عنه أو
أهميته أو الغرض من تصنيفه" كما عرف الابتكار بأنه "الطابع الإبداعي
الذي يسبغ الأصالة على المصنف" ثم عرف المؤلف بأنه "الشخص الذي يبتكر
المصنف ويعد مؤلفا للمصنف من يذكر اسمه عليه أو ينسب إليه عند نشره باعتباره مؤلفا
له ما لم يقم الدليل على غير ذلك ..." كما أن النص في المادة 140 من ذات
القانون على أن "يتمتع بحماية هذا القانون حقوق المؤلفين على مصنفاتهم
الأدبية والفنية وبوجه خاص المصنفات الآتية 1- الكتب والكتيبات والمقالات وغيرها
من المصنفات المكتوبة 2- ... 3- ... 4- المحاضرات ... وأية مصنفات شفوية أخرى إذا
كانت مسجلة" ومفاد ما تقدم أن المشرع وفقا لقانون حماية الملكية الفكرية رقم
82 لسنة 2002 ومن قبله القانون رقم 354 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 38 لسنة
1992 - بشأن حماية حق المؤلف - قد أسبغ الحماية الواردة بهما على مؤلفي المصنفات
أيا كان نوعها أو طريقة التعبير عنها أو الغرض منها شريطة أن يكون المصنف قد انطوى
على شيء من الابتكار بحيث يبين منه أن المؤلف أضفى عليه شيئا من شخصيته، وأن يتم
إفراغه في صورة مادية يبرز فيها إلى الوجود ويكون معدا للنشر، وبغير ذلك فلا يرقى
العمل إلى مرتبة المصنف الفني الجدير بالحماية، كما أن المقرر - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - أن المناط في تكييف عقد العمل وتمييزه عن غيره من العقود، هو
توفر عنصر التبعية القانونية ولو في صورتها التنظيمية أو الإدارية التي تتمثل في
خضوع العامل لإشراف رب العمل ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من القانون
المدني، وقوانين العمل المتعاقبة. لما كان ذلك، وكانت العلاقة بين الطرفين يحكمها
عقد النزاع المؤرخ 1/ 8/ 2009 المعنون بعبارة "عقد أداء عمل تخصصي محدد
المدة" ونص فيه على أن يقوم الطاعن بمهمة فني تحليلي لمباريات كرة القدم وضيف
في برامج مجموعة قنوات ... بخلاف ما يستجد من أعمال تكلفه بها الشركة المطعون ضدها
الأولى واشترط أداءه لهذه الأعمال حصريا لصالح القناة دون أي جهة أخرى سواء كانت
شخصيا طبيعيا أو اعتباريا وطنيا أو عربيا أو أفريقيا أو دوليا وتحت أي مسمى، وعدم
الظهور في أي قناة أخرى رياضية أو غير رياضية أرضية أو فضائية أو مشفرة كما لا
يجوز له الظهور في أية وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة أو حتى الوسائط الإعلامية
كالإنترنت أو الأقراص المدمجة إلا بتصريح كتابي من القناة، ولا يجوز له تقديم أية
مادة إعلانية من خلال البرامج التي يتولى تقديمها وذلك لمدة ثلاث سنوات لقاء أجر
محدد بهذا العقد يدل على أن التكييف الحقيقي للعقد سالف البيان إنما هو عقد عمل من
نوع خاص محدد المدة يخضع المتعاقدان بموجبه لما اتفق عليه بينهما إعمالا للقاعدة
العامة المنصوص عليها في المادة 147 من القانون المدني من أن العقد قانون متعاقديه
بمقتضاه يلتزم الطاعن بأداء المهمة المتفق عليها مع صاحب العمل - القناة المطعون
ضدها الأولى - وتحت إمرتها مقابل الأجر المتعاقد عليه وهو بهذا الوصف يفتقد إلى
مكوناته كمصنف فني لا سيما عناصر الإبداع والابتكار وإفراغه في صورة مادية بما لا
يندرج تحت البند الثامن من نص المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية وهو
بند قانون حماية الملكية الفكرية كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، كما أن مجرد كون
رب العمل إحدى الشركات المساهمة - على فرض صحته - لا يجعل المنازعة تندرج تحت
البند الثاني عشر من ذات النص وهو بند قانون الشركات المساهمة لكون العلاقة بين
الطرفين لا تربطها صلة بمدى انطباق أحكام هذا القانون الأخير عليها كما ذهب الحكم
في دعامته الأخرى، الأمر الذي يباعد بين المنازعة المطروحة وبين اختصاص المحاكم
الاقتصادية بنظرها حسبما هو وارد حصرا في المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة
2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية سالف البيان، وإنما ينعقد الاختصاص بنظرها للمحاكم
الابتدائية في دوائرها المدنية العادية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي
أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان
الحكم المطعون فيه نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المهمة على الفصل في مسألة
الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات
جديدة" ولما سلف يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص الدائرة
الابتدائية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى، وباختصاص محكمة جنوب القاهرة
الابتدائية ابتداء بنظرها.