جلسة 6 مارس سنة 2003
برئاسة السيد المستشار / عادل عبد الحميد نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى
الشناوي ، أحمد عبد القوي أيوب نائبي رئيس المحكمة ، عبد الرسول طنطاوي وأحمد حافظ عبد
الصمد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(38)
الطعن 2990 لسنة 64 ق
(1) سب . قذف . قانون " تفسيره " . محكمة الموضوع "
سلطتها فى تقدير الدليل ".
مفاد نص المادة 302/1 من قانون العقوبات ؟
المرجع في حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله
لفهم الواقع في الدعوى . حد ذلك : ألا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما
صار إثباتها بالحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها .
(2) قذف . نقض " حالات الطعن .
الخطأ فى تطبيق القانون " .
الإعلان بالإجراءات التي حددها القانون للبيع الجبري لا تُعد قذفاً . مخالفة
ذلك . خطأ في القانون .
(3) دعوى مدنية " قبولها
"" نظرها والحكم فيها " . اختصاص " الاختصاص النوعي.
شروط قبول الدعوى المدنية التابعة أمام المحاكم
الجنائية ؟
القضاء بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية . واجب . متى ثبت أن الفعل جوهر
الدعوى الجنائية غير معاقب عليه قانوناً .
(4) نقض " حالات الطعن . الخطأ في
تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها ".
متى يكون لمحكمة النقض تصحيح الحكم والقضاء وفقاً
للقانون ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 302 /1 من قانون العقوبات التي دين
الطاعنان بمقتضاها قد نصت على أن : " يعد قاذفاً كل من أسند لغيره بواسطة
إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب
من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه
". وكان من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف ،
هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ، إلا أن حد ذلك
ألا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة
الألفاظ بما يحيلها عن معناها .
2- من المقرر أن تحرى ألفاظ المعاني التي استخلصتها
المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف
القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص
المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة . لما كان ذلك ، وكان ما تضمنته
اللافتات المنسوب إلى الطاعنين إعدادها ووضعها في الطريق العام من عبارات إعلان عن
بيع المحل المملوك للمدعى بالحقوق المدنية بيعاً جبرياً بالمزاد العلني فضلاً عن
أنها - وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - قد صادفت حقيقة الواقع وجاءت على نحو
يتفق وصحيح إجراءات القانون الخاصة بالإعلان عن البيع الجبري ، ليس من شأنها أن
تحط من قدر المدعى بالحقوق المدنية أو تجعله محلاً للاحتقار والازدراء بين أهل
وطنه ، أو تستوجب عقابه أو خدش شرفة أو اعتباره ، ومن ثم فهي لا تقع تحت نص المادة
302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً ، فإن الحكم
المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعنين عن تلك الواقعة ودانهما
بجريمة القذف يكون قد بني على خطأ في تأويل القانون ، وكان يتعين على المحكمة
القضاء ببراءة الطاعنين عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن
الواقعة غير معاقب عليها قانوناً .
3- من المقرر طبقاً للمادتين 220 ، 253 من هذا القانون
أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك
الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - استثناء من القاعدة - مبني
على الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقام عليه كل منهما ومشروط فيه ألا
تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً
أمام المحاكم الجنائية ، ومؤدى ذلك أن المحاكم
الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل في الدعوى المدنية متى كان الفعل محل الدعوى
الجنائية ومناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه
قانوناً - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي
بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية .
4- لما كان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً
على الخطأ في تأويل القانون بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه
يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة
1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن وتصحح
الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بنقض الحكم المطعون فيه - دون حاجة لبحث باقي أوجه
الطعن - والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة الطاعنين مما أسند إليهما وبعدم
اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية المرفوعة عليهما من المطعون ضده وإلزامه
بمصروفاتها ، دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع اعتباراً بأن الطعن لثان مرة ،
مادام العوار الذى شاب الحكم لم يرد على بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه
مما كان يقتضى التعرض لموضوع الدعوى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق
الادعاء المباشر أمام محكمة جنح .... ضد الطاعنين . بوصف أنهما قذفا في حق المدعى
بالحقوق المدنية على النحو المبين بالأوراق . وطلب عقابهما بالمواد 302 ، 303 ،
305 من قانون العقوبات وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل
التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل متهم مائتي
جنيه وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على
سبيل التعويض المؤقت . استأنفا ومحكمة .... - قضت بقبول الاستئناف شكلاً ، وفي
الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية . فطعنت
النيابة العامة والمدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض
قضت .... بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى
محكمة .... لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى . ومحكمة الإعادة قضت بقبول
الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . فطعن الأستاذ / ....
المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانهما بجريمة القذف قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اعتبر العبارات التي
تضمنتها إعلانات البيع بالمزاد العلني المنسوب إليهما إعدادها ووضعها في الطريق
العام قذفاً في حق المدعى بالحقوق المدنية ، مع أنها مجرد إعلان قانوني عن البيع
تمت تنفيذاً لأحكام القانون الخاص بإجراءات نشر ولصق الإعلانات في حالة البيع
الجبري ، ولم تكن بقصد الإساءة إليه أو التشهير به ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن نقل عن صحيفة الادعاء
المباشر ما أورده المدعي بالحقوق المدنية بها بما مفاده أنه نظراً لمديونيته لبنك ...
بمبالغ نقدية قام الأخير باستصدار أمر بالحجز التحفظي على محل .... للملابس
المملوك له ، ثم قام الطاعنان وهما مدير البنك المذكور ونائبه بتعليق لافتات من
القماش في أربعة من شوارع .... وميادينها مدون عليها عبارة بيع المحل المذكور
بيعاً جبرياً بالمزاد العلني لصالح البنك ، رغم منازعة المدعي بالحقوق المدنية في
مقدار المبلغ المحجوز من أجله وأنه كان يتعامل مع البنك بصفته الممثل القانوني
لشركة أخرى فضلاً عن عدم استيفاء ذلك البيع الجبري لبعض من إجراءات صحته ، عرض
الحكم للمستندات المقدمة من الطاعنين والمتضمنة الحكم النهائي المثبت لمديونية
المدعى بالحقوق المدنية للبنك ، والأمر الصادر بتوقيع الحجز التحفظي على المحل
المملوك له ، ومحضر وضع الأختام عليه ، وأورد بعض المبادئ القانونية المتعلقة
بجريمة القذف ونصوص قانون المرافعات الخاصة بإجراءات نشر ولصق الإعلانات في حالة
البيع الجبري ، ثم خلص الحكم من ذلك إلى أن العبارات التي ضمنها الطاعنان لللافتات
المعلقة ببعض شوارع وميادين ... عن بيع محل ... المملوك للمدعي بالحقوق المدنية بيعاً جبرياً
بالمزاد العلني لصالح البنك ، توجب احتقاره عند أهل وطنه وتضربه مادياً ومعنوياً
وتقلل من احترامه بين زملائه التجار ، الأمر الذي يعد مكوناً لجريمة القذف الى
انتهى الحكم إلى إدانتهما بها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 302/ 1 من قانون
العقوبات التي دين الطاعنان بمقتضاها قد نصت على أن : " يعد قاذفاً كل من
أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت
صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره
عند أهل وطنه " . وكان من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ
السب أو القذف ، هو بما يطمئن إليه قاضى الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى
، إلا أن حد ذلك ألا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم
أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها ، كما أن تحرى ألفاظ المعاني التي
استخلصتها المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من
التكييف القانوني الذى يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على
الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة . لما كان ذلك ، وكان
ما تضمنته اللافتات المنسوب إلى الطاعنين إعدادها ووضعها في الطريق العام من
عبارات إعلان عن بيع المحل المملوك للمدعى بالحقوق المدنية بيعاً جبرياً بالمزاد
العلني فضلاً عن أنها - وعلى ما يبين من المفردات المضمومة - قد صادفت حقيقة
الواقع وجاءت على نحو يتفق وصحيح إجراءات القانون الخاصة بالإعلان عن البيع الجبري
، ليس من شأنها أن تحط من قدر المدعى بالحقوق المدنية أو تجعله محلاً للاحتقار
والازدراء بين أهل وطنه ، أو تستوجب عقابه أو خدش شرفة أو اعتباره ، ومن ثم فهي لا
تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها
قانوناً ، فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وقضى بمعاقبة الطاعنين عن تلك
الواقعة ودانهما بجريمة القذف يكون قد بنى على خطأ في تأويل القانون ، وكان يتعين
على المحكمة القضاء ببراءة الطاعنين عملاً بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية
باعتبار أن الواقعة غير معاقب عليها قانوناً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً
للمادتين 220 ، 253 من هذا القانون أن ولاية محكمة الجنح والمخالفات تقتصر بحسب
الأصل على نظر ما يطرح أمامها من تلك الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - استثناء من القاعدة - مبنى على الارتباط
بين الدعويين ووحدة السبب الذى تقام عليه كل منهما ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى
المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية بحيث لا يصح رفعها استقلالاً أمام المحاكم
الجنائية ، ومؤدى ذلك أن المحاكم الجنائية لا يكون لها ولاية الفصل فى الدعوى
المدنية متى كان الفعل محل الدعوى الجنائية ومناط التعويض فى الدعوى المدنية
المرفوعة تبعاً لها غير معاقب عليه قانوناً - كما هو الحال فى الدعوى الراهنة -
فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضى بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية . لما كان
ذلك ، وكان العيب الذى شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تأويل القانون
بالنسبة للواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية
المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم المحكمة في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى
القانون بنقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن والقضاء بإلغاء
الحكم المستأنف وببراءة الطاعنين مما أسند إليهما وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر
الدعوى المدنية المرفوعة عليهما من المطعون ضده وإلزامه بمصروفاتها ، دون حاجة إلى
تحديد جلسة لنظر الموضوع اعتباراً بأن الطعن لثاني مرة ، مادام العوار الذي شاب
الحكم لم يرد على بطلان فيه أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض
لموضوع الدعوى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ