جلسة 12 من ديسمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار ومحمد معروف محمد وفريد نزيه تناغو المستشارين.
---------------
(57)
الطعن رقم 155 لسنة 25 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوجة أو الزوج.
المادة (48) من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
تتمتع الجهة الإدارية بسلطة تقديرية في الاستجابة لطلب العامل بمنحه إجازة خاصة بدون أجر لمرافقة الزوج أو الزوجة إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل - لا جناح على جهة الإدارة في رفضها طلب العامل طالما خلا قراراها من التعسف في استعمال السلطة - تطبيق (1).
إجراءات الطعن
بتاريخ 17/ 1/ 1979 أودعت هيئة مفوضي الدولة بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 19/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 311 لسنة 60 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيدة/ ...... والقاضي بتبرئة المتهمة مما نسب إليها وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء الذي تراه المحكمة الإدارية العليا مناسباً.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء المناسب.
ولقد نظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الطعن بجلسة 8/ 2/ 1984 والجلسات التالية على النحو المبين تفصيلاً بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي هيئة قضايا الدولة عن الجهة الإدارية وقررت المحكمة إعلان المطعون ضدها بتقرير الطعن وبجلسة 28/ 10/ 1987 بعد أن تم إعلان المطعون ضدها بالطعن قانوناً، قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 14/ 11/ 1987.
ولقد نظرت المحكمة الطعن بالجلسة المحددة حيث حضر محامي هيئة قضايا الدولة ولم تحضر المطعون ضدها وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانوناً واستوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 15/ 3/ 1987 أودعت النيابة الإدارية بقلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة تقرير الاتهام ضد السيدة/ ....... المدرسة بمدرسة السنبلاوين الإعدادية لأنها اعتباراًَ من 17/ 9/ 1977 انقطعت عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها تأديبياً طبقاً للمواد 42، 50، 57، 58 من القانون رقم 58/ 1971 والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 14 من القانون رقم 117/ 1958 وبجلسة 19/ 11/ 1987 قضت المحكمة التأديبية بالمنصورة ببراءة المتهمة مما نسب إليها وأسست حكمها على أن الثابت من مطالعة الأوراق أن المتهمة تعمل مدرسة بمدرسة السنبلاوين الإعدادية بالدرجة السابعة وأنها انقطعت عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 1977 في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وأرسلت طلباً للمدرسة في 26/ 9/ 1977 تطلب منحها إجازة خاصة بدون مرتب حتى تتمكن من السفر للسعودية حيث يعمل زوجها لكن الجهة الإدارية رفضت الموافقة على هذا الطلب وتم إنذارها بالعودة للعمل ثلاث مرات ولكنها لم تعد وما زالت منقطعة وأضافت المحكمة إنه وإن كانت التهمة المنسوبة إلى المتهمة قوامها انقطاعها عن العمل اعتباراً من 26/ 9/ 1977 حتى الآن في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وهو ما كان يشكل جريمة تأديبية طبقاً للمادتين 42، 50 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58/ 1971 إلا أن المادة 69/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بعدئذ بالقانون رقم 47/ 1978 جاءت صريحة وقاطعة في إثبات الحق للعامل في إجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج للخارج الذي رخص له في السفر مدة لا تقل عن ستة أشهر أياً كان الغرض من هذا السفر مثل العمل إعارة أو تعاقداً وبذلك أزالت هذه المادة صفة التجريم التأديبي بالنسبة للانقطاع عن العمل بناء على ذلك السبب الذي يجعله انقطاعاً مشروعاً في صورة إجازة وليد القانون مباشرة وحكم هذه المادة على هذا النحو لا يقتصر على ما يقع بعد العمل بأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 اعتباراً من 1/ 7/ 1978 بل يشمل أيضاً كل ما زال منظوراً أمام القضاء عملاًَ بقاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم الأمر الذي يتعين معه تبرئة المتهمة ومن ثم قضت المحكمة التأديبية بتبرئة المتهمة ما نسب إليها.
وطعنت هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بالطعن الماثل والذي أسسته على أن المتهمة انقطعت عن العمل دون ترخيص اعتباراً من 17/ 9/ 1977 وتنص المادة 42 من القانون رقم 58 لسنة 1951 الذي بدأ الانقطاع في ظله على أنه لا يجوز للعامل أن ينقطع عن عمله إلا لإجازة ممنوحة له في حدود الإجازات المقررة بالمواد التالية ونصت المادة 48 من هذا القانون على أنه يجوز للسلطة المختصة بناء على طلب العامل منحه إجازة خاصة بدون أجر المدة التي تحددها في الأحوال الآتية: (1) للزوج أو للزوجة إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل مدة الغياب وأضاف الطعن أن المشرع يرتب على غياب العامل دون ترخيص من السلطة المختصة حرمانه من الأجر باعتباره مسلكاً ينطوي على الإخلال بواجبات الوظيفة ما يشكل ذنباً إدارياً والواضح من سياق المادة 48 أن المشرع يعتبر الإجازة الخاصة بدون مرتب متوقفة على الترخيص بها من الجهة الإدارية وليست حقاً يستمده الموظف من القانون مباشرة وحتى بعد صدور القانون رقم 47/ 1978 فإنه لا يكون للعامل إذا لم تستجب جهة الإدارة لطلبه في الإجازة الخاصة لمرافقة الزوج رغم توافر شروطه إلا أن تلجأ إلي التقاضي إن كان لذلك مقتضى فإذا ما انقطع يكون قد ارتكب ذنباً إدارياً ومن ثم انتهت هيئة مفوضي الدولة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء الذي تراه المحكمة الإدارية العليا مناسباً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أن المطعون ضدها السيدة/ ...... كانت تعمل مدرسة بمدرسة السنبلاوين الإعدادية وقد انقطعت عن العمل اعتباراً من 17/ 9/ 1977 وأرسلت إلى المدرسة كتاباً بتاريخ 26/ 9/ 1977 تشير فيه إلى أن زوجها يعمل بالمملكة العربية السعودية لذلك فهي تطلب منحها إجازة لمدة عام بدون مرتب لمرافقته إلا أن المدرسة لم تستجب لهذا الطلب وأرسلت لها عدة إنذارات بتاريخ 25/ 9/ 1977 وبتاريخ 27/ 9/ 1977 وبتاريخ 6/ 12/ 1977 أشارت المدرسة فيها إلى أن انقطاعها عن العمل يعرضها لتطبيق المادة 73 من القانون رقم 58/ 1971 وبتاريخ 14/ 12/ 1977 قامت الإدارة التعليمية بالسنبلاوين بإرسال مذكرة إلى مديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية لإنهاء خدمة السيدة المذكورة للانقطاع عن العمل طبقاً للمادة 73 من القانون رقم 58 لسنة 1971. إلا أن مديرية التربية والتعليم قررت بتاريخ 19/ 12/ 1977 إحالتها إلى النيابة الإدارية تمهيداً لتقديمها للمحاكمة التأديبية لانقطاعها عن العمل بدون ترخيص من الجهة الإدارية. وبتاريخ 3/ 1/ 1978 بدأت النيابة الإدارية التحقيق في هذه الواقعة.
ومن حيث إن نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58/ 1971 ينص في المادة 73 منه على أنه، يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: (1) إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من عشرة أيام متتالية ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل. (2) إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من عشرين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة ومن اليوم التالي لاكتمال هذه المدة. وفي الحالتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمس أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية. (3)...... ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل.
ومن حيث إن المطعون ضدها انقطعت عن العمل بغير إذن اعتباراً من 17/ 9/ 1977 أي في ظل العمل بأحكام القانون رقم 58/ 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة - فإن هذا القانون هو الذي يحكم واقعة الانقطاع عن العمل التي حدثت في ظل العمل بأحكامه.
ومن حيث إن المادة 48 من هذا القانون تنص على أن "يجوز للسلطة المختصة وبناء على طلب العامل منحه إجازة خاصة بدون أجر للمدة التي تحددها في الأحوال الآتية: (1) للزوج أو للزوجة إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل. (2) للأسباب التي يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة حسب مقتضيات العمل.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة 48 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58/ 1971 سالفة الذكر فإن الجهة الإدارية كانت تتمتع بسلطة تقديرية في الاستجابة لطلب العامل بمنحه إجازة خاصة بدون أجر لمرافقة الزوج أو الزوجة إذا كان مرخصاً لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل، ومن ثم فلا جناح عليها في رفضها لهذا الطلب طالما خلا قرارها من التعسف في استعمال السلطة.
ومن حيث إن الثابت في خصوصية الواقعة المعروضة أن المطعون ضدها وقد انقطعت في ظل العمل بأحكام القانون رقم 58/ 1971 المشار إليه لم تقدم للجهة الإدارية الأسباب المبررة قانوناً لانقطاعها أو لوجوب منحها قانوناً الإجازة التي تطلبها ولم تقدم ما يدل على أن زوجها مرخص له بالعمل في الخارج لمدة سنة على الأقل وفقاً للمادة 48 سالفة الذكر، ومن ثم فلا جناح على الجهة الإدارية في رفضها الاستجابة لطلب الإجازة المشار إليها وفي اعتبارها أن انقطاع السيدة المذكورة كان بغير إذن وبدون سبب مبرر له، وهو الأمر الذي دعا الإدارة إلى إنذارها بالإنذارات سالفة الذكر للعودة إلى العمل وإلا طبقت في شأنها المادة 73 من هذا القانون.
ومن حيث إن انقطاع المطعون ضدها بدأ في 17/ 9/ 1977 بدون إذن أو سبب مبرر له قانوناً واستطال لأكثر من عشرة أيام متصلة رغم الإنذارات المشار إليها فإنه طبقاً للمادة 73 من القانون رقم 58/ 1971 المشار إليه تعتبر العاملة المذكورة قد قدمت استقالتها حكماً وانتهت خدمتها اعتباراً من تاريخ انقطاعها طالما أن الإجراءات التأديبية لم تتخذ ضدها خلال شهر من تاريخ الانقطاع وإنما اتخذت بتاريخ 19/ 12/ 1977 أي بعد مضي مدة الشهر إليه ذلك أن من المقرر أن قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل عن العمل مقررة لصالح الجهة الإدارية فإن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن لم تشأ اتخذت ضده الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل وهذه المدة حددها المشرع لتقوم الجهة الإدارية بتقدير موقفها واختيار أي الإجرائين تسلك فإن هي تقاعست عن سلوك الإجراء التأديبي ضد العامل المنقطع عن عمله خلال تلك المدة أو شرعت في اتخاذ هذا الإجراء ولكن بعد فوات تلك المدة قامت القرينة القانونية باعتبار العامل مستقيلاً إذ لا يسوغ للجهة الإدارية أن تسكت عن اتخاذ أي من الإجرائين وتترك العامل معلقاً أمره أمداً قد يطول وقد يقصر وذلك حرصاً على استقرار الأوضاع الإدارية وتوفير الطمأنينة لعمال المرافق العامة استقراراً تمليه المصلحة العامة فإن مضت مدة الشهر المشار إليه بعد انقطاع العامل عن العمل دون أن تتخذ الجهة الإدارية الإجراء التأديبي ضده نهضت القرينة القانونية في حقها واعتبر العامل مستقيلاً وانتهت خدمته دون تعليق الأمر على صدور قرار إداري بذلك.
وعلى هذا المقتضى فإن خدمة المطعون ضدها تعد قد انتهت طبقاً للمادة 73 سالفة الذكر من تاريخ انقطاعها عن العمل في 17/ 9/ 1977 بحيث لا يجوز تقديمها للمحاكمة التأديبية بعد ذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر واستطرد إلى نظر التهمه المنسوبة إلى المطعون ضدها والفصل في موضوعها رغم عدم جواز محاكمتها تأديبياً لإنهاء خدمتها قبل التحقيق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضدها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية ضد السيدة/ ........
(1) اتجه المشرع عكس ذلك في المادة (69) من القانون رقم 47 لسنة 1978 فأوجب على جهة الإدارة الاستجابة لطلب الزوج أو الزوجة في جميع الأحوال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق