جلسة 23 من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ إبراهيم الضبع "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ حسن أبو عليو، عـبد الرحيم الشاهد، محمد خيري "نواب رئيس المحكمة" ومهند أحمد.
---------------
(59)
الطعن رقم 38 لسنة 85 القضائية
(1) دعوى " المسائل التي تعترض سير الخصومة : سقوط الخصومة " .
سقوط الخصومة . ماهيته . جزاء فرضه الشارع على المدعي المتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر . م 134 مرافعات المعدلة بق 18 لسنة 1999 . مناطه . إهمال المدعي أو تراخيه أو امتناعه عن السير بالخصومة دون مانع . قيام مانع قانوني . أثره . وجوب وقف تلك المدة لحين زوال المانع . علة ذلك .
(2) حكم " حجية الأحكام : حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية " .
قيام مسئوليتين جنائية ومدنية عن فعل واحد . إقامة دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية . أثره . وجوب وقف السير فيها لحين الفصل نهائيًا في الدعوى الجنائية المرفوعة قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية . م 265/ 1 إ . ج . تعلق ذلك بالنظام العام . اعتباره نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي . المادتان 456 إ . ج ، 102 إثبات . مؤداه . قيام الدعوى الجنائية مانعًا قانونيًا من متابعة السير في الدعوى المدنية . القضاء بوقف الدعوى المدنية . حكم قطعي . أثره . امتناع اتخاذ الخصوم أي إجراء لمعاودة عرض الخصومة على المحكمة المدنية قبل زوال المانع القانوني .
(3) دعوى " المسائل التي تعترض سير الخصومة " سقوط الخصومة " " وقف الدعوى : الوقف التعليقي".
وقف الدعوى المدنية وجوبيًّا . م 265 إ . ج . شرطه . إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية . العلة منه . تفادي صدور حكمين مختلفين من محكمتين جنائية ومدنية عن ذات الواقعة . انتفاء هذه العلة بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها أو بأي سبب آخر . مؤداه . زوال المانع القانوني لوقف الدعوى المدنية من تاريخ ذلك الانقضاء . أثره . للمدعى عليه طلب الحكم بسقوط الخصومة لعدم إعلانه بموالاة السير في الدعوى قبل مضي ستة أشهر من آخر إجراء صحيح فيها بفعل المدعي أو امتناعه سواءً كان عدم السير راجعًا إلى حالة من حالات الوقف أو الانقطاع أو أي سبب آخر . علة ذلك . حساب هذه المدة من اليوم التالي للحكم بالوقف . المادتان 129 ، 134 مرافعات .
(4) تقادم " تقادم مسقط " " انقطاع التقادم : ما لا يقطع التقادم " .
التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي . طبيعته . أمر إداريّ بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية . عدم اعتباره من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية . المادتان 15 ، 17 إ . ج .
(5) تقادم " مدة التقادم : التقادم الثلاثي : الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع " " بدء التقادم " " وقف التقادم " .
إصابة المطعون ضدهما نتيجة فعل غير مشروع تحرر بشأنه جنحة . إقامتهما دعوى تعويض عن تلك الإصابة. اعتبار الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازمًا للفصل في كلتيهما . وجوب وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في تلك المسألة . المواد265/1 ، 456 إ . ج و102 إثبات . لازمه . قضاء المحكمة بوقف الدعوى تعليقًا لحين صيرورة الحكم الجنائي نهائيًّا وباتًا . صدور قرار النيابة بحفظ الحكم الجنائي الغيابي . اعتباره أمرًا إداريًّا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وعدم اعتباره من إجراءات قطع التقادم . أثره . زوال المانع القانوني من السير في الدعوى المدنية اعتبارًا من اليوم التالي لانقضاء الدعوى الجنائية . قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بسقوط الخصومة رغم تقاعس المطعون ضدهما عن تعجيل السير في الدعوى خلال الستة أشهر التالية لانقضاء الدعوى الجنائية . خطأ ومخالفة للقانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن سقوط الخصومة -وفقًا لنص المادة 134 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999- هو جزاءٌ فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر، فمناط إعمال هذا الجزاء هو الإهمال، أو التراخي، أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أُوقفت المدة حتى يزول المانع؛ إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواءً قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية -عملًا بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية- أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائيًا في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعًا قانونيًا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك، وإذا رفعت الدعوى المدنية، ثم صدر حكم بوقفها -إعمالاً لِما يوجبه القانون في هذا الصدد- فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال المانع القانوني.
3- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أن العلة التي هدف إليها نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الذي اشترط لوجوب وقف الدعوى المدنية إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية تفاديًا لصدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية تنتفي -وفي جميع الأحوال- بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها، أو لانقضائها لأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ومنذ هذا التاريخ يزول المانع القانوني الذي أُوقفت الدعوى المدنية من أجله، وهو الأمر الذي يتسق مع عجز المادة 129 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من أن الدعوى الموقوفة تستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف، بحيث إذا لم يعلن المدعي خصمه بموالاة السير فيها، ومضت مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح، وكان ذلك بفعل المدعي، أو امتناعه جاز للمدعى عليه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة سواءً كان عدم السير راجعًا إلى قيام حالة من حالات الوقف، أو الانقطاع التي نص عليها القانون، أو أي أسباب أخرى؛ ذلك أن نص المادة 134 من قانون المرافعات جاء عامًا ليشمل جميع الحالات التي يقف فيها سير الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه؛ إذ إن سقوط الخصومة جزاءٌ فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر إذا طلب صاحب المصلحة إعمال ذلك الجزاء، على أن تحسب المدة من اليوم التالي للحكم بالوقف متى كان عدم السير في الدعوى راجعًا إلى امتناع المدعي عن القيام بفعل كان يتعين عليه القيام به.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي؛ لأنه لا يعدو أن يكون أمرًا إداريًّا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية.
5- إذ كان الواقع الثابت في الدعوى أن الفعل غير المشروع الذي أدى إلى إصابة المطعون ضدهما قد نشأ عنه في الوقت ذاته جريمة تحرر عنها محضر الجنحة رقم ... لسنة 2007 جنح قويسنا، وهو بعينه الخطأ المؤسس عليه طلب التعويض عن إصابتهما، فيُعتبر بالتالي هذا الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازمًا للفصل في كلتيهما، فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المطروحة عليها حتى يُفصل في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملًا بنص المادتين 265/1، 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وهو ما فعلته محكمة أول درجة تطبيقًا لهذه النصوص، فأصدرت حكمًا بوقف الدعوى تعليقًا بتاريخ 24/2/2010 لحين صيرورة الحكم الجنائي نهائيًّا وباتًا، وإذ صدر الحكم غيابيًا في الجنحة سند الدعوى بتاريخ 9/5/2007، ولم يُعلن، ولم يُتخذ إجراءٌ تالٍ له قاطع للتقادم للدعوى الجنائية، فإن هذه الدعوى تنقضي بمرور ثلاث سنوات من تاريخ صدوره. وأن قيام النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لا يعدو أن يكون أمرًا إداريًّا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ولا يعد من إجراءات قطع التقادم، فإنه اعتبارًا من اليوم التالي لانقضاء الدعوى الجنائية يكون المانع القانوني قد زال، ممَّا كان يتحتم معه على المطعون ضدهما اتخاذ إجراءات السير في الخصومة خلال الأشهر الستة التالية لانقضاء الدعوى الجنائية والحاصل في 10/5/2010، وإذ تقاعس المطعون ضدهما عن تعجيل السير في الدعوى خلال ذلك الأجل، وأعلنا به الطاعن بصفته في 17/2/2013 بعد انقضاء المدة المقررة لسقوط الخصومة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وقضى برفض الدفع بسقوط الخصومة، فإنه يكون معيبًا (بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– في أن المطعون ضدهما أقاما ضد الطاعن بصفته –وآخرين غير ممثلين في الطعن- الدعوى رقم ... لسنة 2009 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا لهما مبلغ مائة وعشرين ألف جنيه تعويضًا، وذلك على سندٍ من القول إنه بتاريخ 18/3/2007 تسبَّب قائد السيارة مرتكبة الحادث –بخطئه– في إحداث إصابة المطعون ضدهما، وقيدت الواقعة برقم ... لسنة 2007 جنح قويسنا، وأنهما أصابهما أضرارٌ مادية وأدبية من جراء ذلك، ومن ثم أقاما الدعوى. وبجلسة 24/2/2010 قضت المحكمة بوقف الدعوى تعليقًا لحين الفصل في الجنحة سند التداعي بحكم نهائي وبات، وقام المطعون ضدهما بتعجيل الدعوى من الوقف التعليقي، وبجلسة 27/11/2013 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ ستين ألف جنيه، وللمطعون ضده الثاني مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا. استأنف المطعون ضده الثاني هذا القضاء بالاستئناف رقم ... لسنة 130 ق استئناف القاهرة، كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم ... لسنة 131 ق استئناف القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين، وبجلسة 18/11/2014 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ خمسين ألف جنيه والتأييد فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة بصفتها في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة –في غرفة مشورة– حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ إذ قضى برفض الدفع الذي تمسكت به في سقوط الخصومة إعمالًا لنص المادتين 129، 134 من قانون المرافعات رغم صدور حكم من محكمة أول درجة بجلسة 24/2/2010 بوقف الدعوى تعليقيًا لحين الفصل في الجنحة رقم ... لسنة 2007 جنح قويسنا –سند الدعوى – بحكم نهائي وبات، وكان الحكم الجنائي بإدانة المتهم قد صدر غيابيًا بتاريخ 9/5/2007 ولم يُعلن للمحكوم عليه، ولم يُتخَذْ إجراءٌ تالٍ له قاطعٌ لتقادم الدعوى الجنائية، فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سببًا في وقف سير الخصومة، وأنه يجب أن يتم الإعلان خلال الستة أشهر، إلا أن المطعون ضدهما قاما بإعلانها بالتعجيل بتاريخ 17/2/2013 بعد فوات المدة اللازمة لسقوط الخصومة، وأنه كان يتعين إجابتها إلى الدفع كجزاءٍ على عدم السير في الخصومة بفعل المطعون ضدهما بعد أن زال سبب الوقف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن سقوط الخصومة -وفقًا لنص المادة 134 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999- هو جزاءٌ فرضه الشارع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر، فمناط إعمال هذا الجزاء هو الإهمال أو التراخي أو الامتناع عن السير بالخصومة حين لا يحول دون السير بها حائل، فإذا قام مانع قانوني أُوقفت المدة حتى يزول المانع؛ إذ لا يكون ثمة إهمال يصح إسناده إلى المدعي. وأنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية سواءً قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها يوجب على المحكمة المدنية -عملًا بنص الفقرة الأولى من المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية- أن توقف السير في الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائيًا في الدعوى الجنائية، وإذ كان هذا الحكم يتعلق بالنظام العام ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، والذي نصت عليه المادة 456 من ذلك القانون والمادة 102 من قانون الإثبات، فإنه يتأدى منه بالضرورة أن يكون قيام الدعوى الجنائية في هذه الحالة مانعًا قانونيًا من متابعة السير في إجراءات خصومة الدعوى المدنية التي يجمعها مع الدعوى الجنائية أساس مشترك، وإذا رفعت الدعوى المدنية، ثم صدر حكم بوقفها -إعمالاً لما يوجبه القانون في هذا الصدد- فإن من أثر هذا الحكم القطعي أن يمتنع الخصوم عن اتخاذ أي إجراء يستهدف به معاودة عرض الخصومة على المحكمة قبل زوال المانع القانوني، إلا أن العلة التي هدف إليها نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الذي اشترط لوجوب وقف الدعوى المدنية إقامة الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية تفاديًا لصدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية تنتفي -وفي جميع الأحوال- بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها أو لانقضائها لأي سبب آخر من أسباب الانقضاء، ومنذ هذا التاريخ يزول المانع القانوني الذي أُوقفت الدعوى المدنية من أجله، وهو الأمر الذي يتسق مع عجز المادة 129 من قانون المرافعات فيما نصت عليه من أن الدعوى الموقوفة تستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف، بحيث إذا لم يعلن المدعي خصمه بموالاة السير فيها، ومضت مدة ستة أشهر من آخر إجراء صحيح، وكان ذلك بفعل المدعي، أو امتناعه، جاز للمدعى عليه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة سواءً كان عدم السير راجعًا إلى قيام حالة من حالات الوقف أو الانقطاع التي نص عليها القانون، أو أي أسباب أخرى؛ ذلك أن نص المادة 134 من قانون المرافعات جاء عامًا ليشمل جميع الحالات التي يقف فيها سير الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه؛ إذ إن سقوط الخصومة جزاءٌ فرضه المشرع على المدعي الذي يتسبب في عدم السير في الدعوى بفعله أو امتناعه مدة ستة أشهر إذا طلب صاحب المصلحة إعمال ذلك الجزاء، على أن تحسب المدة من اليوم التالي للحكم بالوقف متى كان عدم السير في الدعوى راجعًا إلى امتناع المدعي عن القيام بفعل كان يتعين عليه القيام به. وإذ كان من المقرر بأنه لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي؛ لأنه لا يعدو أن يكون أمرًا إداريًّا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية. لمَّا كان ذلك، وكان الواقع الثابت في الدعوى أن الفعل غير المشروع الذي أدى إلى إصابة المطعون ضدهما قد نشأ عنه في الوقت ذاته جريمة تحرر عنها محضر الجنحة رقم ... لسنة 2007 جنح قويسنا، وهو بعينه الخطأ المؤسس عليه طلب التعويض عن إصابتهما، فيُعتبر بالتالي هذا الخطأ مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية ولازمًا للفصل في كلتيهما، فيتحتم على المحكمة المدنية أن توقف الدعوى المطروحة عليها حتى يُفصل في تلك المسألة من المحكمة الجنائية عملًا بنص المادتين 265/1، 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وهو ما فعلته محكمة أول درجة تطبيقًا لهذه النصوص، فأصدرت حكمًا بوقف الدعوى تعليقًا بتاريخ 24/2/2010 لحين صيرورة الحكم الجنائي نهائيًّا وباتًا، وإذ صدر الحكم غيابيًا في الجنحة سند الدعوى بتاريخ 9/5/2007، ولم يُعلن، ولم يُتخَذْ إجراءٌ تالٍ له قاطعٌ للتقادم للدعوى الجنائية، فإن هذه الدعوى تنقضي بمرور ثلاث سنوات من تاريخ صدوره. وأن قيام النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لا يعدو أن يكون أمرًا إداريًّا بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، ولا يعد من إجراءات قطع التقادم، فإنه اعتبارًا من اليوم التالي لانقضاء الدعوى الجنائية يكون المانع القانوني قد زال، ممَّا كان يتحتم معه على المطعون ضدهما اتخاذ إجراءات السير في الخصومة خلال الأشهر الستة التالية لانقضاء الدعوى الجنائية والحاصل في 10/5/2010، وإذ تقاعس المطعون ضدهما عن تعجيل السير في الدعوى خلال ذلك الأجل، وأعلنا به الطاعن بصفته في 17/2/2013 بعد انقضاء المدة المقررة لسقوط الخصومة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط الخصومة، فإنه يكون معيبًا، بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولِما تقدم، يتعين الحكم بسقوط الخصومة في الدعوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق