الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 11 فبراير 2025

الطعن 16889 لسنة 89 ق جلسة 12 / 9 / 2021 مكتب فني 72 ق 63 ص 727

جلسة 12 من سبتمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد أحمد ، توفيق سليم ، خالد الصاوي ومحمد ثابت نواب رئيس المحكمة .
----------------
(63)
الطعن رقم 16889 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
(2) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . فاعل أصلي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اقتراح الطاعن طريقة علاج المجني عليه وتخلف عاهة مستديمة حال مزاولته مهنة الطب بغير ترخيص . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(4) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بقصور الحكم في التدليل على وجود اتفاق بينه وبين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه . غير مقبول . متى انتهى لحدوث الإصابة نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه واعتبره فاعلاً أصلياً .
(5) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . قصد جنائي . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .
جريمة إحداث الجروح عمداً . لا تتطلب غير القصد الجنائي العام .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير ثبوت علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على دفاع لم يثر أمامها . دفع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لدى المجني عليه . غير مقبول . متى أثبت الحكم مسئوليته عن الإصابة التي تخلفت عنها العاهة .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
ماهية العاهة وفقاً للمادة ٢٤٠ عقوبات ؟
إثبات فقد منفعة أحد الأعضاء ولو جزئياً . كفايته لقيام جريمة إحداث العاهة .
مثال لرد سائغ على دفاع الطاعن أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الطاعن للحكم أخذه بأقوال المجني عليه بالتحقيقات رغم عدوله عنها بإقرار مقدم منه بجلسة المحاكمة . غير مقبول . نعيه في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(9) نقض " المصلحة في الطعن " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها . ما دام الحكم دانه بإحداث عاهة مستديمة باعتبارها الأشد . اختلاف تاريخ ارتكاب الجريمتين . كفايته للرد على القول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الأخف .
(10) طب . عقوبة " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون التكميلية . إغفال عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة والنشر عن جريمة مزاولة مهنة الطب على خلاف أحكام القانون . خطأ في تطبيقه . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه عليها ، وبيَّن مضمون تلك الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وقد جاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فيكون ذلك محققاً لحكم القانون ، وبات ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله .
2- لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الضرب العمدي المفضي إلى عاهة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، بعدما استبان من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها استبياناً للواقعة - أن الطاعن هو من اختار للمجني عليه طريقة علاجه مقترحاً عليه أن يكون ذلك بطريق الحقن بمادة زعم قدرتها على إذابة الدهون وتم حقنه بها بمعرفة آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن مرة أولى لم تأت ثمارها قبل أن يقترح الطاعن إعادة حقنه مرة ثانية بعد زيادة المادة الفعالة في المادة المحقون بها مما تسبب في إحداث إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة ، فإن في هذا ما يكفي لمساءلته كفاعل أصلي في الجريمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما قرره المجني عليه بالتحقيقات من قيام آخر بحقنه بالمادة التي أحدثت إصابته التي تخلف عنها عاهة مستديمة يعود ويلتقي من جديد بما انتهت إليه المحكمة من قيام الطاعن بإتيان الفعل المادي بنفسه بعدما ثبت أن القائم فعلياً بحقن المجني عليه آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن واقتصر دوره على حقن المجني عليه بالمادة التي اقترحها الطاعن علاجاً للمجني عليه وهو ما كان قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، فإنه بفرض وقوع ثمة خطأ في هذا الأمر ، فإنه لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للواقعة ، وتنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الشأن .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إحداث الطاعن لإصابة المجني عليه والتي حدثت نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه ، وغدا بذلك فاعلاً أصلياً في الدعوى ، فإن ما ينسبه الطاعن للحكم المطعون فيه من قصور في التدليل على وجود اتفاق بين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه والطاعن لا يكون له محل .
5- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة المجني عليه بما أثبته تقرير الطب الشرعي من تخلف عاهة مستديمة ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبل الأطباء الذين تردد عليهم المجني عليه لاحقاً لعلاجه ومداوة آلامه ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن إصابة المجني عليه التي تخلف من جرائها لديه عاهة مستديمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يذهب إليه بأسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لديه من جرائه لتلقيه علاج أو إجرائه جراحة بمعرفة أطباء آخرين ، فلا تكون المحكمة ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وأن لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واتهامهم للطاعن بارتكابها ، كما نقلت منها ما لا يماري الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم تعويله في قضائه بالإدانة على أقوالهم ، كما أن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان القانون لم يورد تعريفاً للعاهة المستديمة وإنما اقتصر على إيراد بعض الأمثلة لها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض في ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته ووظيفته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية وذلك بصفة مستديمة بيد أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب الشرعي ، ومتى أثبت الحكم أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته فقدت ولو فقداً جزئياً بصفة مستديمة فذلك كاف لسلامته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة في مجال التدليل على كون ما تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته التي تسبب فيها الطاعن مما تمثل عاهة مستديمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي وما انتهى إليه من كون إصابته بتشويه للجلد بمنطقة البطن مما يعد عاهة واستبياناً منها لذلك فقد عمدت إلى مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره والذي أوضح حال ذلك تأثر الجلد بتلك المنطقة وما به من أعصاب حسية مما قلل من وظيفته الدفاعية ودورها في وقاية الجسم من الميكروبات الخارجية مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها 2% ، ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة مستديمة ، كما أن المحكمة قد تناولت هذا الدفع واطرحته برد سائغ ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح .
8- لما كان الحكم المطعون فيه - في الدعوى الراهنة - قد اطمأن إلى أقوال المجني عليه بالتحقيقات ، ونقل منها ما لا يمارى الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بها مع عدوله عنها بالإقرار المقدم من الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة ، إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه . فضلاً عن كون ما حواه الإقرار المقدم بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدولاً عن أقواله وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم ما يؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة إحداث عاهة مستديمة ، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحداث العاهة المستديمة وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الأشد ، والقول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الجريمة الأخيرة أمر مردود بكونها لا تلتقي مع تاريخ الواقعة المكونة للجريمة ذات العقوبة الأشد وجوداً وعدماً بل وإن جمعتهما مظلة واحدة إلا أنهما يتباينان في تاريخ ارتكابهما . فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته برد سائغ على نحو يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح .
10- من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة وبنشر الحكم الصادر بالعقوبة مرة أو أكثر من مرة في جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون مزاولة مهنة الطب الصادر بالقانون رقم 415 لسنة 1954 والذي أدين الطاعن به ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بتلك العقوبات التكميلية إعمالاً لنص المادة آنفة البيان يكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- أحدث إصابة المجني عليه / .... عمداً الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، بأن قام بحقنه بمادة مجهولة من أجل علاجه من مرض السمنة بجلسات علاجية والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي تشويه الجلد بمنطقة البطن والتي تقدر بنسبة 2% على النحو المبين بالتحقيقات .
2- توصل إلى الاستيلاء على نقود المجني عليه / .... بأن استعمل وسائل احتيالية من شأنها إيهامه بوجود واقعة مزورة وهى قدرته على علاجه من مرض السمنة على خلاف الحقيقة وحصل من المجني عليه على النقود بناء على ذلك الإيهام على النحو المبين بالتحقيقات .
3- زاول مهنة الطب دون أن يكون مقيداً بسجل الأطباء بجدول نقابة الأطباء البشرين على النحو المبين بالتحقيقات .
4- أدار منشأة طبية سبق أن صدر قرار إداري بإغلاقها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل المجني عليه قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 240/1 ، 336 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 10 /1 ،3 من القانون 415 لسنة 1954 المعدل ، والمواد 1 ، 11 ، 14 من القانون 51 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004 بعد إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبغلق المنشأة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحداث عاهة والنصب ومزاولة مهنة الطب دون القيد بسجل الأطباء البشريين وإدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ، ذلك أن ما أورده من أسباب لا يكفي بياناً لواقعة الدعوى وأدلتها ، ودانه مع انتفاء أركان الجرائم في حقه بعدما أورد بمدوناته حقن الطاعن للمجني عليه بمادة تعمل على إذابة الدهون خلافاً لما قرره الأخير بالتحقيقات من قيام آخر مجهول من العاملين بالمركز بذلك ، ودون أن يدلل على وجود اتفاق بين الطاعن وذاك المجهول على نحو ينتفي معه الركن المادي في حقه ، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه ، ولم يستظهر رابطة السببية بين الأفعال المادية المسندة إليه وإصابة المجني عليه بالعاهة خاصة وقد حدثت تداخلات جراحية من أطباء آخرين مطرحاً دفعه بانتفاء ما سبق بما لا يسوغ ، وعول على أقوال شهود الإثبات مع عدم مشاهدة أيهم للواقعة وعدم نسبتهم أي دور للطاعن في ارتكابها ، ودانه مع كون ما تخلف عن إصابة المجني عليه بالجلد لا يعد عاهة مستديمة بدلالة اقتراح مصلحة الطب الشرعي بإضافتها لجدول تقدير نسب العاهات مطرحاً دفعه في هذا الشأن برد غير سائغ ، ولم يعرض لما قدمه دفاعه من إقرار منسوب للمجني عليه باسترداد المبلغ المدفوع منه دون بدء برنامج العلاج وعدوله عن اتهام الطاعن بإحداث إصابته ، وأخيراً فقد اطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء أركان جريمة إدارة منشأة طبية سبق إغلاقها بقرار إداري بدلالة الخطأ في تاريخ ارتكاب الواقعة التي حدثت في غضون شهري يولیة وأغسطس في حين أن ترخيص المركز لم يلغ إلا بتاريخ .... مما ينفي الاتهام في حقه ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه عليها ، وبيَّن مضمون تلك الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وقد جاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فيكون ذلك محققاً لحكم القانون ، وبات ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الضرب العمدي المفضي إلى عاهة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، بعدما استبان من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها استبياناً للواقعة - أن الطاعن هو من اختار للمجني عليه طريقة علاجه مقترحاً عليه أن يكون ذلك بطريق الحقن بمادة زعم قدرتها على إذابة الدهون وتم حقنه بها بمعرفة آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن مرة أولى لم تأت ثمارها قبل أن يقترح الطاعن إعادة حقنه مرة ثانية بعد زيادة المادة الفعالة في المادة المحقون بها مما تسبب في إحداث إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة ، فإن في هذا ما يكفي لمساءلته كفاعل أصلي في الجريمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما قرره المجني عليه بالتحقيقات من قيام آخر بحقنه بالمادة التي أحدثت إصابته التي تخلف عنها عاهة مستديمة يعود ويلتقي من جديد بما انتهت إليه المحكمة من قيام الطاعن بإتيان الفعل المادي بنفسه بعدما ثبت أن القائم فعلياً بحقن المجني عليه آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن واقتصر دوره على حقن المجني عليه بالمادة التي اقترحها الطاعن علاجاً للمجني عليه وهو ما كان قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، فإنه بفرض وقوع ثمة خطأ في هذا الأمر ، فإنه لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للواقعة ، وتنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إحداث الطاعن لإصابة المجني عليه والتي حدثت نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه ، وغدا بذلك فاعلاً أصلياً في الدعوى ، فإن ما ينسبه الطاعن للحكم المطعون فيه من قصور في التدليل على وجود اتفاق بين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه والطاعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة المجني عليه بما أثبته تقرير الطب الشرعي من تخلف عاهة مستديمة ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبل الأطباء الذين تردد عليهم المجني عليه لاحقاً لعلاجه ومداوة آلامه ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن إصابة المجني عليه التي تخلف من جرائها لديه عاهة مستديمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يذهب إليه بأسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لديه من جرائه لتلقيه علاج أو إجرائه جراحة بمعرفة أطباء آخرين ، فلا تكون المحكمة ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وأن لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واتهامهم للطاعن بارتكابها ، كما نقلت منها ما لا يماري الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم تعويله في قضائه بالإدانة على أقوالهم ، كما أن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يورد تعريفاً للعاهة المستديمة وإنما اقتصر على إيراد بعض الأمثلة لها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض في ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته ووظيفته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية وذلك بصفة مستديمة بيد أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب الشرعي ، ومتى أثبت الحكم أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته فقدت ولو فقداً جزئياً بصفة مستديمة فذلك كاف لسلامته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة في مجال التدليل على كون ما تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته التي تسبب فيها الطاعن مما تمثل عاهة مستديمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي وما انتهى إليه من كون إصابته بتشويه للجلد بمنطقة البطن مما يعد عاهة واستبياناً منها لذلك فقد عمدت إلى مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره والذي أوضح حال ذلك تأثر الجلد بتلك المنطقة وما به من أعصاب حسية مما قلل من وظيفته الدفاعية ودورها في وقاية الجسم من الميكروبات الخارجية مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها 2% ، ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة مستديمة ، كما أن المحكمة قد تناولت هذا الدفع واطرحته برد سائغ ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - في الدعوى الراهنة - قد اطمأن إلى أقوال المجني عليه بالتحقيقات ، ونقل منها ما لا يمارى الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بها مع عدوله عنها بالإقرار المقدم من الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة ، إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه . فضلاً عن كون ما حواه الإقرار المقدم بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدولاً عن أقواله وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم ما يؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة إحداث عاهة مستديمة ، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحداث العاهة المستديمة وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الأشد ، والقول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الجريمة الأخيرة أمر مردود بكونها لا تلتقي مع تاريخ الواقعة المكونة للجريمة ذات العقوبة الأشد وجوداً وعدماً بل وإن جمعتهما مظلة واحدة إلا أنهما يتباينان في تاريخ ارتكابهما . فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته برد سائغ على نحو يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الاشياء المتعلقة بالمهنة وبنشر الحكم الصادر بالعقوبة مرة أو أكثر من مرة في جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون مزاولة مهنة الطب الصادر بالقانون رقم 415 لسنة 1954 والذي أدين الطاعن به ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بتلك العقوبات التكميلية إعمالاً لنص المادة آنفة البيان يكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق