جلسة 9 من أكتوبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، د. كاظم عطية ، محمد عبد السلام وأشرف خيري نواب رئيس المحكمة .
----------------
(77)
الطعن رقم 10210 لسنة 90 القضائية
(1) نقد . قصد جنائي . دفوع " الدفع بالجهل بالقانون أو الغلط فيه " .
جريمة حمل أوراق نقد مصري يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج . عمدية . كفاية توافر القصد الجنائي العام لقيامها بتعمد اقتراف الفعل ونتيجته . نعي الطاعن بجهله بتجريم الواقعة . لا ينفي قيام القصد الجنائي فيها . متى أثبت الحكم توافره في حقه . علة ذلك ؟
(2) جمارك . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تهريب جمركي . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " .
لموظفي الجمارك من ذوي صفة الضبط القضائي تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع داخل الدائرة الجمركية دون التقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية . متى قامت لديهم شبهة التهريب الجمركي . عثورهم أثناء التفتيش على جريمة غير جمركية . يصح الاستدلال به أمام المحاكم . علة وأساس ذلك ؟
الشبهة في توافر التهريب الجمركي . ماهيتها ؟
التفات الحكم عن الرد على دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش . صحيح . متى أثبت بمدوناته حصولهما داخل الدائرة الجمركية بمعرفة رئيس قسم الجمارك بعد توافر شبهة التهريب لديه .
(3) استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم بشأن التحريات . غير مقبول . متى استند لأدلة أخرى ولم يعول عليها إلا كمسوغ لتوافر شبهة التهريب الجمركي .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(5) نقد . إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تنازل الطاعن عن المبلغ محل جريمة حمل نقد مصري يجاوز المسموح به قانوناً حال مغادرة البلاد أو تمسكه به . لا أثر له في ثبوتها قِبَله أو مآل التصرف القانوني في المبلغ . نعيه ببطلان التنازل . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة وأساس ذلك ؟
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان ومتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . عدم إيرادها ذلك الدفاع . مفاده : اطراحه . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت جريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج التي دين الطاعن بها من الجرائم العمدية ، ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً ، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام ، والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل ، وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ، فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية تصرفه وعدم فهمه للقانون ، وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون، مما لا يقبل منه في هذا المجال ؛ لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي ، باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة ، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان ، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكملة له - مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي ، مما يضحى معه نعي الطاعن في هذا الصدد على غير أساس .
2- لما كان البين من استقراء نصوص المواد 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك – المنطبق على واقعة الدعوى - أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير- لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعروف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ولما كان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الأشخاص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب ، فلا معقب عليها ، ولما كان البين من مدونات الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أن الطاعن حال مغادرته البلاد قدم حقيبته إلى مأمور الجمرك حيث تم فحصها عن طريق جهاز (X RAY) والذى أسفر عن مشاهدة النقد المصري - 9860 جنيه - مخبأ داخل مادة المعسل بداخل الحقيبة ، فتم استخلاصه منها ، وضبط الطاعن آنذاك حال وجوده داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمور الضبط القضائي - رئيس قسم الجمارك - بمطار .... الدولى/ .... ، وذلك بعد أن قامت لديه من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه على توافر فعل التهريب في حق الطاعن ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ولا محل لتعييبه بقالة التفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش في هذا الصدد ، طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
3- لما كان ما أورده الحكم للتدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شاهد الإثبات ، وما أسفر عنه التفتيش من حيازة المبلغ المضبوط ، ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعول عليها إلا كمسوغ لدى مأمور الجمرك – شاهد الإثبات - للقول بتوافر شبهة التهريب الجمركي في حق الطاعن فحسب ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم جدية التحريات لا يكون له محل .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شاهد الإثبات – مأمور الجمرك - وما أسفر عنه فحص حقيبة الطاعن بجهاز (X RAY) ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة بزعم استحالة وقوعها على هذا النحو ، ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كان ما يثيره الطاعن من قول ببطلان تنازله عن المبلغ المضبوط لعدم علمه بمضمون التنازل حال التوقيع عليه ، فهو مردود بأنه لا محل له ، إذ ليس لتنازل المتهم عن المبالغ محل الجريمة أو تمسكه بها أثر في ثبوت التهمة قبله أو في مآل التصرف القانوني في هذا المبلغ ؛ ذلك أن المشرع أوجب مصادرة النقود المضبوطة في هذه الجريمة ، حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة 126 من القانون رقم 88 لسنة 2003 المعدلة بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد ، على أنه : " وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها " . هذا فضلاً عن أن النعي ببطلان هذا التنازل إنما هو تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ العبرة بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع أو مضمون المستندات التي يقول أنه أثارها وقدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
7- لما كان باقي ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه إما أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ، أو دفاعاً من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحيها والرد على كل شبهة يثيرها اكتفاء بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا مشاحة في اعتباره مما لا يقبل منه معاودة التصدي به أمام محكمة النقض .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه :
حمل حال خروجه من البلاد أوراق نقد مصري تجاوز خمسة آلاف جنيه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو المبين بالأوراق .
وطلبت عقابه بالمواد 116 /2 ، 118 ، 126 /1، 4 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد والمعدل بالقانونين رقمي 93 لسنة 2005 ، 8 لسنة 2013 .
ومحكمة .... الاقتصادية قضت حضورياً بتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه ومصادرة المبلغ المضبوط .
استأنف المحكوم عليه ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حمل أوراق نقد مصري تجاوز خمسة آلاف جنيه حال خروجه من البلاد في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي لديه ، سيما مع جهله بمقدار النقد المصرح له بحمله خارج البلاد ، وضربت المحكمة صفحاً عن دفاعه في هذا الشأن ، كما لم يعرض الحكم – إيراداً ورداً – لدفعيه ببطلان القبض والتفتيش لابتنائهما على تحريات غير جدية لشواهد عددها ، وبعدم معقولية تصوير الواقعة ، هذا إلى أن تنازله عن المبلغ المضبوط قد شابه البطلان لتوقيعه عليه دون علمه بمضمونه ، وأخيراً فقد أشاحت المحكمة – بدرجتيها – عن دفوعه ومستنداته المقدمة منه بالجلسة . بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت جريمة حمل أوراق نقد مصري بما يجاوز المسموح به قانوناً حال السفر للخارج التي دين الطاعن بها من الجرائم العمدية ، ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً ، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام ، والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل ، وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ، فإن ما يثيره فى خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية تصرفه وعدم فهمه للقانون ، وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون ، مما لا يقبل منه في هذا المجال ؛ لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي ، باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة ، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان ، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكملة له - مفترض في حق الكافة ، ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي ، مما يضحى معه نعي الطاعن في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان البين من استقراء نصوص المواد 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك – المنطبق على واقعة الدعوى - أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو فى حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق ، وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير- لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل إنه يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعروف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها ، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة ؛ لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ، ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، ولما كان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية ، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الأشخاص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب ، فلا معقب عليها ، ولما كان البين من مدونات الحكم المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أن الطاعن حال مغادرته البلاد قدم حقيبته إلى مأمور الجمرك حيث تم فحصها عن طريق جهاز (X RAY) والذى أسفر عن مشاهدة النقد المصرى - 98600 جنيه - مخبأ داخل مادة المعسل بداخل الحقيبة ، فتم استخلاصه منها ، وضبط الطاعن آنذاك حال وجوده داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمور الضبط القضائي - رئيس قسم الجمارك - بمطار .... الدولى/ .... ، وذلك بعد أن قامت لديه من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه على توافر فعل التهريب في حق الطاعن ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون ، ولا محل لتعييبه بقالة التفاته عن الرد صراحة على الدفع ببطلان القبض والتفتيش في هذا الصدد ، طالما أنه يصبح بهذه المثابة دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه ، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم للتدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن قد جاء مقصوراً على أقوال شاهد الإثبات ، وما أسفر عنه التفتيش من حيازة المبلغ المضبوط ، ولم يتساند في ذلك إلى التحريات التي لم يعول عليها إلا كمسوغ لدى مأمور الجمرك – شاهد الإثبات - للقول بتوافر شبهة التهريب الجمركي في حق الطاعن فحسب ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم جدية التحريات لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شاهد الإثبات – مأمور الجمرك - وما أسفر عنه فحص حقيبة الطاعن بجهاز (X RAY) ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة بزعم استحالة وقوعها على هذا النحو ، ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من قول ببطلان تنازله عن المبلغ المضبوط لعدم علمه بمضمون التنازل حال التوقيع عليه ، فهو مردود بأنه لا محل له ، إذ ليس لتنازل المتهم عن المبالغ محل الجريمة أو تمسكه بها أثر في ثبوت التهمة قبله أو في مآل التصرف القانوني في هذا المبلغ ؛ ذلك أن المشرع أوجب مصادرة النقود المضبوطة في هذه الجريمة ، حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة 126 من القانون رقم 88 لسنة 2003 المعدلة بشأن البنك المركزى والجهاز المصرفي والنقد ، على أنه : " وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ والأشياء محل الدعوى ويحكم بمصادرتها " . هذا فضلاً عن أن النعي ببطلان هذا التنازل إنما هو تعييب للإجراءات السابقةعلى المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ العبرة بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً حتى تتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً فيها مما تلتزم المحكمة بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع أو مضمون المستندات التي يقول أنه أثارها وقدمها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، وهل تحتوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم لا ، بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . فضلاً عن أن باقي ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه إما أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ، أو دفاعاً من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحيها والرد على كل شبهة يثيرها اكتفاء بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع أو ردها عليه ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا مشاحة في اعتباره مما لا يقبل منه معاودة التصدي به أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق