جلسة 6 من إبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس.
------------------
(108)
الطعن رقم 388 لسنة 30 القضائية
رسوم. "رسم الدمغة". قطن. "لجنة القطن".
رسم الدمغة. مشتروات لجنة القطن. مبيعاتها. خضوعها للرسم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة الإسكندرية لتجارة الأقطان أقامت الدعوى رقم 173 سنة 1956 تجاري كلي الإسكندرية ضد كل من لجنة القطن المصرية - ومصلحة الضرائب - طلبت فيها الحكم بإلزامها بأن ترد لها مبلغ 41367 ج و815 م مع فوائد هذا المبلغ القانونية من تاريخ دفعه ومصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقالت شرحاً لها إنه إتباعاً لتعليمات مصلحة الضرائب عمدت لجنة القطن إلى خصم رسم دمغة على المبالغ المدفوعة منها ثمناً لمشترواتها من أقطان الشركة مستندة في ذلك إلى ما نصت عليه المادة الأولى من قانون الدمغة من أن يحصل رسم دمغة على كل مبلغ تصرفه الحكومة والهيئات العامة مباشرة أو بطريق الإنابة في حين أن لجنة القطن لا تعتبر هيئة عامة ولم ينط بها إدارة مرفق عام ولا هي تدفع ثمن الأقطان التي تشتريها بطريق الإنابة عن الحكومة وإنما تتعامل مع الأشخاص والشركات بوصفها من أشخاص القانون الخاص، وفي حين أن ما يصرف ثمناً لمشتروات محددة أسعارها في تسعيرة جبرية يعفى من رسوم الدمغة، وإذ خصمت اللجنة من ثمن مشترواتها من الشركة في سنتي 1952/ 1953 وسنة 1953/ 1954 رسوم دمغة مقدارها 41367 ج و815 م ولم تجد المطالبة الودية في استرداده فقد اضطرت الشركة إلى رفع هذه الدعوى بطلب رده مع فوائده القانونية وبتاريخ 31/ 3/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 72 سنة 15 قضائية. وبتاريخ 11 يونيه سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجوه أولها أنه اعتبر لجنة القطن هيئة عامة في حين أنها هيئة تجارية ذات ميزانية مستقلة وتمسك حسابات تجارية تظهر فيها الأرباح والخسائر ولا يمكن مع ذلك القول بأنها هيئة أو منشأة أو مؤسسة عامة واعتبارها من تلك المصالح العمومية الإدارية التي يمنحها المشرع الشخصية الاعتبارية وتخصص لإدارة مرفق عام إذ هي تتعاقد مع الأفراد والشركات بوصفها من أشخاص القانون الخاص لا بوصفها سلطة عامة وإذ هي لم تتجرد عن نية الكسب ومن الجائز أن تحقق ربحاً من الأقطان التي تشتريها (وثانيها) أن محكمة أول درجة اعتبرت لجنة القطن منشأة اقتصادية عامة بينما اعتبرتها محكمة الاستئناف سلطة عامة تقوم بعملية شراء وبيع القطن لحساب وزارة المالية ومن مالها وبذلك تكون الصرفيات التي دفعت في شأن هذه العمليات منصرفة من الحكومة وتخضع لرسم الدمغة إذ العبرة في استحقاق رسم الدمغة بطبيعة المال المنصرف وكونه مالاً أميرياً مصروفاً لحساب وزارة المالية وثمناً لأقطان اشتريت لحسابها لا بطبيعة الجهة التي تولت صرفه وهو تناقض في أسباب الحكمين ومخالفة للقانون رقم 32 سنة 1957 - الذي صدر أثناء نظر الدعوى - وبمقتضاه تعتبر لجنة القطن مؤسسة عامة تمارس نشاطاً تجارياً وأموالها تعتبر أموالاً خاصة ليست أموالاً عامة أو مخصصة لمنفعة عامة بالفعل لأن قرار إنشائها لم ينص على خلاف ذلك وكون اللجنة منشأة عامة ذات نشاط تجاري لا يقتضي استحقاق رسم دمغة على مشترياتها طالما أن أموالها ليست أموالاً عامة ولا مخصصة لمنفعة عامة وهي في تعاملها مع الأفراد لا تتمتع بأية ميزة من ميزات السلطة العامة (وثالثها) أن الطاعنة قررت في دفاعها أمام محكمة أول درجة أن لجنة القطن كانت تشتري محصول القطن موسم 1952 و1953 و1954 بسعر محدد وطبقاً للفقرة ج من المادة 3 من الفصل الخامس من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يخضع ثمنه لرسم الدمغة ورد الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - بأن القطن لم يكن في وقت من الأوقات محدداً في تسعيرة جبرية تفرضها الحكومة بل سعره محدد وفقاً للائحة البورصة وظروف العرض والطلب وهذا من الحكم خطأ ومخالفة لأحكام القانون رقم 296 لسنة 1953 بشأن شراء محصول القطن وقد نص في المادة الأولى منه على أنه اعتباراً من أول أغسطس سنة 1953 تشتري لجنة القطن المصرية أقطان الموسم 1953 - 1954 والمتبقي من أقطان موسم 1952 - 1953 بالأسعار المبينة بالجدول المرافق لهذا القانون ونص في المادة الثانية على أن يصدر وزير المالية والاقتصاد قراراً بتحديد أسعار الأساس لأصناف القطن الأخرى وكذلك يصدر القرارات اللازمة لتحديد فروق الرتب ونص في المادة الثالثة على أنه لا يجوز تصدير أية أقطان للخارج أو تسليم أقطان للمغازل المحلية للاستهلاك المحلي إلا بعد الحصول على شهادة من لجنة القطن المصرية تثبت أن هذه الأقطان مشتراة من اللجنة وكان المشرع قد مهد لهذا القانون بإصدار المرسوم بقانون رقم 295 لسنة 1952 بتعطيل بورصة العقود إلى أجل غير مسمى وتقفيل عقود القطن وتصفيتها والمقاصة فيها بالأسعار التي حددها المرسوم بقانون رقم 296 لسنة 1952 بشأن تحديد سعر عقود القطن تحت القطع محصول موسم 1952/ 1953 وفي خصوص محصول القطن الموجود لدى التجار والمحال التجارية أصدر المرسوم بقانون رقم 297 لسنة 1953 وحدد في المادة الثانية منه السعر الذي تشتري به الحكومة إذا رغب التاجر في بيع ما اشتراه من القطن إليها. وهذان القانونان وإن لم يلزما المنتج أو التاجر أو المحال التجارية بالبيع للحكومة إلا أنه بصدور القانون رقم 296 لسنة 1953 التزم كل من هؤلاء بطريق غير مباشر بالبيع لها وحدد الثمن الذي تشتري به طبقاً للجدول المرافق له (ورابعها) إن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن لجنة القطن إنما تقوم بما نيط بها من بيع وشراء وكافة الإجراءات لحساب وزارة المالية ونيابة عنها مستنداً في ذلك إلى المادة السابعة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 التي تشترط تصديق وزير المالية لنفاذ قرارات اللجنة، وهذا من الحكم خلط بين معنى النيابة في التعاقد والإنابة في الصرف لأن إضفاء الشخصية المعنوية على لجنة القطن واستقلال ميزانيتها يتعارض مع القول بأنها تعمل لحساب وزارة المالية واشتراط تصديق وزير المالية على قرارات اللجنة لا يغير من الأوضاع القانونية إذ أن العقود التي تبرمها تتم مستكملة أركانها القانونية واشتراط التصديق عليها من وزارة المالية ليس سوى وسيلة إدارية لضمان حسن سير العمل وتوقي الخسارة. والإنابة في الصرف طبقاً لقانون الدمغة غير النيابة في التعاقد كما يعرفها القانون المدني إذ أن الإنابة في الصرف لا تعدو أن تكون إجراء مادياً يتم به قبض المبالغ التي تصرفها إحدى خزائن الحكومة أو الهيئات العامة أما النيابة في التعاقد فهي عمل قانوني يباشره النائب عن الأصيل ويرتب القانون عليها آثاراً معينة أخصها إضافة آثار التصرف القانوني إلى ذمة الأصيل دون نائبه (وخامسها) إن الشركة تمسكت في مذكرتها المؤرخة 31/ 5/ 1960 ولأول مرة أمام محكمة الاستئناف بدفاع جديد حاصله أن للحكومة أو جهة الإدارة أو المنشأة العامة حرية اختيار أسلوب القانون العام أو أسلوب القانون الخاص فيما تجريه من عقود ويترتب على اختيار أحد هذين الأسلوبين نتائج مختلفة بالنسبة للاختصاص وللقواعد الموضوعية التي تحكمها بحيث إذا اختارت أسلوب القانون الخاص سرى عليها ما يسري على الأفراد من أحكام هذا القانون، وتتبع المنشآت العامة ذات الطابع التجاري أو الصناعي نفس النظام إلا أن الأصل لديها أنها تخضع للقانون الخاص وتعتبر عقودها من عقود القانون الخاص ما لم تتضمن شروطاً غير مشروعة أو غير مألوفة في علاقات الأفراد، وبالرجوع إلى عقود لجنة القطن يتضح أنها لا تتضمن شيئاً من هذه الشروط غير المألوفة وينبني على ذلك أن رسم الدمغة الذي نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يسري على مثل هذه العقود لأن هذا النص إنما وضع لإعطاء الحكومة مزية من مزايا القانون العام إذا تعاقدت بوصفها حكومة أو هيئة عامة ومع أن هذا الدفاع جديد وطلب محامي اللجنة استبعاده أو فتح باب المرافعة للرد عليه فإن محكمة الاستئناف لم تفتح باب المرافعة ولم تقرر استبعاده وأغفلت الرد عليه وفي ذلك ما يبطل حكمها ولا يغير من ذلك ما رد به الحكم من أن اللجنة تتعاقد باعتبارها من أشخاص القانون العام إذ أن هذا الرد إنما يواجه دفاع الشركة القائم على أن اللجنة ليست هيئة عامة ولا يواجه هذا الدفاع الجديد من أنها حتى وإن اعتبرت هيئة عامة فإنه يتعين إخضاعها لأحكام القانون الخاص متى كانت قد اختارت في تعاملها أسلوب هذا القانون كما لا يغير من ذلك ما رد به الحكم من أن قرارات اللجنة لا تكون نافذة إلا بتصديق وزير المالية إذ أن مهمة اللجنة هي شراء القطن المحلوج محصول 42/ 43 ثم بيعه للتصدير أو الاستهلاك المحلي وطبقاً للقرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 تخضع عمليات البيع دون الشراء لتصديق وزير المالية وإذ أطلق الحكم سلطة وزير المالية في التصديق على عمليات البيع والشراء فإنه يكون قد مسخ أحكام هذا القرار الوزاري وسلطة الوزير في التصديق على عمليات البيع ليس من شأنها اعتبار اللجنة تتعاقد بأسلوب القانون العام إذ الواقع أنها تتعاقد بأسلوب القانون الخاص.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى القانون رقم 90 لسنة 1942 لتمويل محصول القطن سنة 1942 يبين أنه نص في المادة الأولى منه على أنه "يؤذن لوزير المالية في أن يخصص لتمويل القطن لسنة 1942 مبلغ عشرين مليوناً من الجنيهات على أن يؤخذ 8 مليون جنيه من المال الاحتياطي العام للدولة ويدبر الباقي بإصدار قرض في مصر أو في الخارج لأجل قصير بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية بموافقة مجلس الوزراء" وفي المادة الثانية على أن "يفتح حساب خاص للعمليات التي تباشر على محصول القطن سنة 1942 وتخصص إيرادات هذا الحساب أولاً لسداد القرض المذكور وما يتبقى بعد سداد القرض يضم إلى الاحتياطي العام" وفي المادة الثالثة على أن "يدرج في قسم الدين العام في ميزانية مصروفات الدولة المبالغ اللازمة سنوياً لسداد فوائد ومصروفات القرض المشار إليه" وتنفيذاً لهذا القانون وفي 19 أكتوبر سنة 1942 صدر القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 بإنشاء "لجنة القطن" مقتضاه أن تؤلف لجنة تسمى لجنة القطن المصرية يعهد إليها في شراء القطن المحلوج الناتج من محصول موسم 1942/ 1943 وتسلمه وبيعه للتصدير أو للاستهلاك المحلي وفي اتخاذ الإجراءات والعمليات اللازمة لهذا البيع لحساب وزارة المالية (المادة 1) وأن يكون لها ميزانية مستقلة ويفتح لها حساب خاص في البنك الأهلي وأن تمسك حساباتها بحيث تظهر جملة الأرباح والخسائر الناتجة من العمليات التي باشرتها (المادتان 3 و4) وأن يعين وزير المالية مراقباً لحساباتها وعلى مراقب الحسابات أن يتحقق من أن القرارات التي تصدرها وزارة المالية بشأن مهمة اللجنة قد نفذت بأكملها وتوضع الحسابات التي يصدق عليها المراقب تحت تصرف ديوان المحاسبة (المادتان 5 و6) وأنه لا يجوز إصدار القرارات إلا بحضور ستة أعضاء منهم 3 من موظفي الحكومة وتبلغ القرارات التي تصدرها لوزير المالية بمجرد صدورها ويجب الحصول على تصديق وزير المالية على قرارات اللجنة المتعلقة بإجراءات البيع لتكون نافذة (المادة 7) ومؤدى هذه النصوص أن ما تعقده لجنة القطن من صفقات الشراء والبيع وما تستلزمه هذه الصفقات من أعمال الصرف والقبض إنما تتم لحساب وزارة المالية وبطريق النيابة عنها في التعاقد
- لا في الصرف وحده - وتحت إشرافها ورقابتها ومن مال الدولة (الاحتياطي العام) (والقرض العام) الذي أذن لوزير المالية فيه وليس أدل على ذلك من أن ما يتبقى من حساب هذه العمليات بعد سداد القرض وفوائده ومصروفاته يضم إلى الاحتياطي العام - وإذ كان ذلك، وكانت المادة الأولى من الفصل الخامس من القانون رقم 224 لسنة 1951 قد نصت على أنه "يحصل رسم دمغة على كل مبلغ تصرفه الحكومة أو الهيئات العامة مباشرة أو بطريق الإنابة" تعين القول بأن ما تدفعه اللجنة من مبالغ ثمناً لمشترياتها يخضع لرسم الدمغة إذ واقع الحال فيها أنها صرفت من أموال الدولة وعن صفقات تمت لحسابها أو لحساب وزارة المالية وتؤول إليها حصيلتها - وما تعترض به الطاعنة "في الوجه الثاني" من أن اللجنة كانت تشتري محصول القطن موسم 1952/ 1953 و1953/ 1954 بسعر محدد رسمياً وطبقاً للفقرة ج من المادة الثالثة من القانون رقم 224 لسنة 1951 لا يخضع لرسم الدمغة مردود بما رد به الحكم الابتدائي من أن القطن لم يكن "محدد الأسعار رسمياً في تسعيرة جبرية" وليس يجدي ما تثيره الطاعنة في الوجه الأول والثاني والرابع والخامس من دفاع نظري بحت لا ينطبق على واقع الحال في الدعوى وتكييفه - إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور من وجوه (أولها) أن الشركة تمسكت في دفاعها بأن لجنة القطن لا تعتبر هيئة عامة وأفاضت في التعريف بهذه الهيئات والشروط اللازمة لإسباغ هذه الصفة عليها وقالت أنها لا تنطبق على اللجنة إذ ينقصها شرطان أساسيان من شرائط المرفق العام هما التمتع بميزات السلطة العامة والتجرد من نية الكسب كما تحدثت عن القانون رقم 32 لسنة 1957 وما نص عليه في المادة 20 من أن أموال المؤسسات العامة التي تمارس نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مالياً لا تعتبر أموالاً عامة وأوضحت أن هذا النص أنهى الجدل في شأن أموال لجنة القطن وأنها أموال خاصة يجوز الحجز عليها ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع واقتصر على بيان حكم المادتين 1 و7 من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 بإنشاء اللجنة ورتب على ذلك أنها سلطة عامة وأموالها أموال عامة بغض النظر عن وجود ميزانية مستقلة لها (وثانيها) أنه لم يعن بالرد على دفاع الشركة بشأن النيابة في التعاقد والنيابة في الصرف ولو فعل لوجد في استقلال ميزانية اللجنة عقبة تحول دون القول بأنها تنوب عن الحكومة في الصرف وأن هذه العقبة تزداد قوة إذا ما عنى باستقراء قواعد الإنابة وهي لا تكون إلا إذا أضيف أثر التصرف إلى الأصيل وفي حالتنا وبسبب تمتع اللجنة بالشخصية الاعتبارية يتم التصرف في ذمتها هي لا في ذمة الأصيل وإلا اختلطت ذمتها بذمة الحكومة وهو ما يتنافى مع ما لها من شخصية اعتبارية وذمة مستقلة والقول بغير ذلك يؤدي إلى أن يكون في مقدور الحكومة أو الهيئات العامة تحصيل الرسم أو عدم تحصيله وفق رغبتها ومشيئتها فتحصله إذا تولت هي الصرف ولا تحصله إذا كلفت به أحد البنوك، وإذ لم يعن الحكم بتذليل هذه العقبات التي تحول دون الوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون خليقاً بالإبطال (وثالثها) أن الشركة تمسكت في مذكراتها المؤرخة 31/ 5/ 1960 ولأول مرة في الاستئناف بدفاع جديد - هو مدار الوجه الخامس من السبب الثاني - حاصله وجوب الوقوف على أسلوب الحكومة وجهات الإدارة في التعاقد حتى إذا ما اختارت أسلوب القانون العام تمتعت بجميع مزايا السلطة العامة وإذا ما اختارت أسلوب القانون الخاص تكون قد تنازلت عن هذه المزايا وتعامل معاملة الأفراد وهو ما أشارت إليه في الوجه الثالث من السبب الثاني وذكرت أسانيده تفصيلاً، وأغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع ولو عنى باستقرائه لتغير وجه الفصل في الدعوى إذ لو ثبت أن الحكومة أو ما سماه الحكم سلطة عليا "لجنة القطن" كانت تتعامل في الأقطان كفرد عادي تعين عدم إخضاع مدفوعاتها لرسم الدمغة حيث يستوي عندئذ أن تكون اللجنة هيئة عامة أو خاصة وأن تقوم بالصرف بالأصالة عن نفسها أو نيابة عن الحكومة ما دامت الحكومة لم تختر في إنابتها لها أسلوب القانون العام.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق بيانه من أن ما تتمسك به الطاعنة من دفاع بشأن "لجنة القطن" وأنها ليست هيئة ولا سلطة ولا مؤسسة عامة وأموالها ليست أموالاً عامة أو بشأن ما هنالك من فوارق بين النيابة في التعاقد والنيابة في الصرف أو بشأن وجوب الوقوف على أسلوب الحكومة وجهات الإدارة في التعاقد، هو دفاع نظري بحت لا ينطبق على واقع الحال في الدعوى وتكييفه وبحسب الحكم المطعون فيه أن يكون قد أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن لجنة القطن "تعمل لحساب الحكومة وتحت رقابتها وإشرافها وبمعنى أدق تحت الوصاية الإدارية لوزارة المالية بدلالة ما تنص عليه المادتان الأولى والسابعة من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 الصادر بإنشائها" وأنه "مهما قيل في صفة لجنة القطن فإن مؤدى نص المادة الأولى من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 1942 أن وزارة المالية هي التي تقوم بعملية شراء وبيع القطن لحسابها ومن مالها مهما كانت صفة الوكيل الذي عهدت إليه بهذه العملية وبذلك تكون الصرفيات التي دفعت في شأن هذه العمليات إنما هي مبالغ منصرفة من الحكومة تخضع لرسم الدمغة بغير حاجة لبحث صفة الوكيل عن الحكومة في الصرف" إذ فيه الرد الضمني على دفاع الطاعنة ويكون النعي بالقصور على غير أساس - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق