جلسة 14 من أبريل سنة 1966
برئاسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.
-----------------
(117)
الطعن رقم 370 لسنة 31 القضائية
(أ) شركات. أشخاص اعتبارية. استئناف. "الخصوم في الاستئناف".
للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية من يمثلها. توجيه الاستئناف منها باعتبارها الأصيلة فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها. ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في صحيفة الاستئناف والحكم كاف لصحتهما. عدم الاعتداد بالخطأ الواقع في صفة الممثل.
(ب) وقف. "إنشاء الوقف". دعوى. "عدم سماع الدعوى".
عدم اشتراط الشريعة الإسلامية التوثيق لإنشاء الوقف. لا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً. جواز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً حتى صدور لائحة المحاكم الشرعية. منع اللائحة سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي أو مأذون من قبله مع قيد الوقف بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بوصفه حارساً ومصفياً لوقف أبي شال - أقام على بنك الإسكندرية "المطعون ضده" الدعوى رقم 178 سنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يسلمه قطعة الأرض المبينة بصحيفة تلك الدعوى خالية مما يشغلها من بناء أو غراس أو خلافه وذكر في بيان دعواه أن بنك باركليز سابقاً "بنك الإسكندرية حالياً" اشترى بعقد مشهر في 20 من نوفمبر سنة 1950 من السيدة "موربيل جورون" حقوقها على العقار رقم 28 تنظيم بشارع رشدي باشا بالإسكندرية وهذه الحقوق هي كامل ملكية المباني مع منفعة الأرض وقد نص في البند الرابع من عقد البيع المذكور على أن سند البائعة يشير إلى أن الأرض القائم عليها البناء محتكرة لجهة وقف أبي شال - ولما كان القانون رقم 180 لسنة 1952 قد أنهى نظام الوقف على غير الخيرات وتحكيره وصار الوقف ملكاً خالصاً لمستحقيه الذين يمثلهم الطاعن فقد أنذر المطعون ضده بتسليمه الأرض لأنه ليس له من الحقوق أكثر مما للبائعة له "المستحكرة" وإذ لم يستجب المطعون ضده إلى هذا الطلب فقد أقام عليه هذه الدعوى بطلباته السالف ذكرها. ودفع المطعون ضده بأن الأرض غير محكرة وأن الطاعن لم يقدم دليلاً على ذلك كما أنه لم يقدم أيضاً إشهاد الوقف المثبت لدعواه وأضاف إنه سبق أن صدرت عدة أحكام من القضاء المختلط برفض دعاوى أقامها نظار الوقف بالمطالبة بأجرة الحكر لعدم ثبوت وجود الوقف أصلاً كما تمسك المطعون ضده بأنه بفرض ثبوت الوقف فإنه وسلفاءه قد تملكوا الأرض المتنازع عليها بموجب عقود مسجلة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية. وفي 10 من فبراير سنة 1958 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية للطاعن بصفته بطلباته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية رقم 74 سنة 14 قضائية وتمسك فيه بدفاعه ودفوعه التي أبداها أمام محكمة أول درجة وقد دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة قولاً منه بأن الحكم المستأنف صدر ضد بنك الإسكندرية "شركة مساهمة مصرية" ويمثلها الدكتور علي الجريتلي بصفته رئيس مجلس إدارة ذلك البنك أو عضوه المنتدب في حين أن الاستئناف قد رفع من البنك المذكور ممثلاً بالدكتور علي الجريتلي بصفته عضو مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية وإذ كانت هذه الصفة تخالف الصفة التي صدر الحكم عليها بها فإن الاستئناف يكون مرفوعاً من غير ذي صفة، كما دفع الطاعن بعدم قبول الاستئناف شكلاً تأسيساً على أن المطعون ضده وإن كان قد عاد فأعذره بصفته التي صدر الحكم عليه بها إلا أن ذلك قد حدث بعد فوات ميعاد الاستئناف مما يجعله غير مقبول شكلاً - وطلب من باب الاحتياط رفض الاستئناف موضوعاً. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف برفض الدفعين بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وبعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد وبقبوله شكلاً ثم حكمت في 10 من يونيه سنة 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - فطعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم الثاني وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من أبريل سنة 1965 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 27 من يناير سنة 1966 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1960 والقاضي برفض الدفعين بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وبعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد - أن هذا الحكم قد وقع باطلاً لخلوه من ذكر صفة المحكوم له "الدكتور علي الجريتلي" وهي أنه رئيس مجلس إدارة بنك الإسكندرية وعضوه المنتدب مع أن هذه الصفة ملحوظة في النزاع ولا يغني عن ذكرها إمكان معرفتها من ورقة أخرى في الدعوى ولو كانت رسمية لأن الحكم يجب أن يكون بذاته دالاً على استكمال شروط صحته كما يقول الطاعن إنه أسس دفعه بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة على أن الاستئناف رفع من بنك الإسكندرية ويمثله الدكتور علي الجريتلي بصفته عضو مجلس إدارة المؤسسة الاقتصادية في حين أن الحكم قد صدر عليه بصفته رئيس مجلس إدارة البنك المذكور وعضوه المنتدب ورتب على ذلك أن الاستئناف إذ لم يرفع من المحكوم عليه بذات الصفة التي كانت له في الخصومة المستأنف حكمها فإنه يكون قد رفع من غير ذي صفة لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع استناداً إلى ما قاله من أنه يكفي لصحة عريضة الاستئناف ذكر اسم الشركة المطعون ضدها ومركز إدارتها ولا داعي لذكر اسم ممثلها وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك إنه ما دام صاحب الحق شخصاً اعتبارياً فإن الصفة في المخاصمة عنه لا تثبت إلا لمن يمثله طبقاً لنصوص القانون أو عقود التأسيس ويقول الطاعن إنه قد ترتب على قضاء الحكم برفض هذا الدفع أن قضى أيضاً برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد مع أن الدكتور علي الجريتلي لم يعلنه بصفته الحقيقية التي كانت له في الخصومة إلا بعد فوات ميعاد الاستئناف وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون أيضاً في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الثابت من الأوراق أن الاستئناف وجه من بنك الإسكندرية "شركة مساهمة مصرية" وقد ورد ذكر اسم هذه الشركة في الحكم المطعون فيه عند بيان اسم المحكوم له ولما كان للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها وكان الاستئناف موجهاً منها باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في الحكم يكون كافياً لصحته في هذا الخصوص وبالتالي فلا يكون للخطأ الواقع في صفة هذا الخصم أثر في صحة الحكم - والنعي مردود في باقي أوجهه بأن الثابت من الحكم الابتدائي أن الدعوى الأصلية رفعت على بنك الإسكندرية ممثلاً في الدكتور الجريتلي كما أن الثابت من أوراق الطعن أن الاستئناف قد رفع من البنك المذكور "شركة مساهمة مصرية" ممثلاً أيضاً في الدكتور علي الجريتلي ولما كانت هذه الشركة شخصية اعتبارية بحكم المادة 52 من القانون المدني ولها تأسيساً على ذلك اسم يميزها عن غيرها فإن ما وقع في صحيفة الاستئناف من خطأ في بيان الصفة التي يمثل بها الدكتور علي الجريتلي الشركة المستأنفة لا يعتد به على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولما كانت صحيفة الاستئناف قد وجهت من الخصم المحكوم عليه وتم إعلانها في الميعاد فإن الاستئناف يكون مقبولاً شكلاً ومن ثم يكون النعي بجميع وجوهه على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الأول من أسباب الطعن في الحكم الصادر بتاريخ 10 من يونيه سنة 1961 أن هذا الحكم وقع مشوباً بالبطلان لخلوه من ذكر بيان صفة الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها "بنك إسكندرية" على النحو السابق ذكره في النعي على الحكم الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد به على الوجه الأول من أوجه النعي على الحكم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1960.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور ذلك أنه أغفل ما أثبتته المحكمة بمحضر انتقالها إلى وزارة الأوقاف بالقاهرة من واقع اطلاعها على سجل أوقاف إسكندرية جزء 4 وهو أن "وقفية أحمد أبو شال المنشأة في أواخر شعبان سنة 1105 هجرية محررة من محكمة الثغر بإمضاء وختم القاضي أفندي" مع ما لهذا البيان المؤرخ 29 من شعبان سنة 1290 هجرية من قيمة مؤدية لإثبات الدعوى ومؤثرة في الحكم إذ هو يتفق مع أخر تأشيرات "ظهر الحجة" التي تنص على أنه "جرى تسجيل هذه الوقفية بسجل أوقاف إسكندرية وجه نمرة 310 في 29 من شعبان سنة 1290 وهو عين المرصود حرفياً في سجل الوقف وما يطرأ عليه بمحكمة إسكندرية الشرعية جـ 1 ص 88 سنة 1332 هـ/ 1914 ميلادية وهذا الذي لم تحفل به المحكمة رغم تمسك الطاعن به في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف يدل على أن الحجة الأصلية المحررة سنة 1105 هجرية من محكمة الثغر وبإمضاء وختم قاضي أفندي "قاضي الإسلام العثماني" هي ذاتها التي سجلت بسجل أوقاف إسكندرية سنة 1290 هجرية وأشر بهذا الإجراء على ظهرها وهي ذاتها التي رصدت سنة 1332 هجرية بسجل المحكمة الشرعية بناء على الأمرين الصادرين خصيصاً لذلك من نظارة الحقانية إذ كانت الحجة بيد النظار حتى ذلك الحين وفقاً للمقرر لغاية سنة 1924 من أن يسجل الأصل ويرد لصاحب الشأن - وهذا الإغفال من الحكم من شأنه أن يجعله مشوباً بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من مذكرة الطاعن المقدمة منه لمحكمة الاستئناف لجلسة 21 من مايو سنة 1961 والمودعة صورتها الرسمية ملف الطعن - أنه تمسك فيها بالدفاع الذي يثيره بسبب النعي وقال إن قيد البيانات التي تتضمنها الحجة بسجل الأوقاف إسكندرية في سنة 1290 هجرية يدل على أن تلك البيانات قد نقلت عن حجة الوقف الأصلية - مما يقطع بوجود هذه الحجة في تاريخ قيد هذه البيانات - ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع وأقام قضاءه بعدم ثبوت وجود وقف أبي شال مدعي الملكية على أن الطاعن لم يقدم كتاب الوقف الأصلي المثبت لدعواه ولما كانت الشريعة الإسلامية لا تشترط التوثيق لإنشاء الوقف ولا تمنع سماع الدعوى به إذا لم يكن مكتوباً ولذلك فقد كان من الجائز إثبات الوقف بكافة الأدلة المقبولة شرعاً إلى أن صدرت لائحة 27 من مايو سنة 1897 فمنعت سماع دعوى الوقف عند الإنكار ما لم يوجد إشهاد بالوقف ممن يملكه محرر على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وبشرط أن يكون الوقف مقيداً بدفاتر إحدى المحاكم الشرعية لما كان ذلك، وكان وقف أبي شال طالب الملكية مدعي بوجوده من قبل صدور تلك اللائحة فإن ذلك كان يقتضي من المحكمة أن تعرض للدليل المستمد من قيد كتاب الوقف في السجل المحفوظ بوزارة الأوقاف في سنة 1290 هجرية والذي تمسك به الطاعن في مذكرته الآنف ذكرها ما دام أنه كان من الجائز إثبات هذا الوقف بغير طريق الإشهاد الشرعي - أما والحكم المطعون فيه لم يعن بتمحيص هذا الدفاع أو الرد عليه واستلزم لإثبات الوقف تقديم كتابه مع عدم لزوم ذلك بالنسبة للأوقاف التي أنشئت قبل سنة 1897 م فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه ولا يغنيه أن يكون قد اعتمد في قضائه على دعامة أخرى هي ما انتهى إليه من عدم ثبوت الحكر لأن ذلك لا يكفي بمجرده لحمل قضاء الحكم برفض الدعوى فيما لو ثبت وجود الوقف ودخول أرض النزاع في الأعيان الموقوفة إذ يجب في هذه الحالة لتبرير النتيجة التي انتهى إليها الحكم أن يثبت إلى جانب عدم ثبوت الحكر أن واضعي اليد قد اكتسبوا ملكية الأرض محل النزاع بالتقادم بعد أن أثبت الحكم أن حياتهم لها لم تكن بطريق التحكير أي أنها لم تكن حيازة عرضية وبالتالي يجوز لهم اكتساب ملكيتها بالتقادم إذا توافرت شرائطه القانونية - وهذا ما لم يعرض له الحكم المطعون فيه بل وقف عند حد تقرير عدم ثبوت الحكر دون أن يمضي في بحث ما إذا كان المطعون ضده وسلفاؤه قد اكتسبوا الملكية بالتقادم بالشروط المقررة لذلك قانوناً رغم تمسك المطعون ضده بهذا الدفاع ولقد أغنى الحكم عن بحث ذلك ما انتهى إليه في دعامته الأخرى من عدم ثبوت وجود الوقف أصلاً ولكن وقد ثبت أن تسبيب قضائه في خصوص هذه الدعامة معيب على النحو السابق بيانه فإن ما قرره الحكم من عدم ثبوت الحكر لا يكفي وحده لحمل قضائه برفض الدعوى وبالتالي فلا يشفع له في قصوره في خصوص ما قرره من عدم ثبوت وجود الوقف أصلاً ويبقى هذا القصور مستوجباً لنقض الحكم وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع: نقض 17 من يناير سنة 1963 س 14 ص 136 و2 يناير سنة 1964 س 15 ص 13.
(2) راجع نقض 28 مارس سنة 1963 بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 409.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق