جلسة 11 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار حسين عوض بريقي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إبراهيم حسين صالح خليفة وسعد زغلول محمد أبو عوف ويحيى توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري - المستشارين.
-------------------
(144)
القضية رقم 756 لسنة 18 القضائية
إصلاح زراعي.
مدلول الأسرة بوجه عام - مدلول الأسرة في القانون رقم 50 لسنة 1969 - وضع الزوجة القاصر بالنسبة إلى المدلولين - هي من أسرة زوجها حسب المدلول العام ومن أسرة أبيها حسب مدلول القانون رقم 50 لسنة 1969 - إمكان توفيق أوضاع الأسرة بالتصرف إلى الزوجة القاصر - أساس ذلك - مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 24 من يناير سنة 1972 أقام السيد/ محمد عبد المنعم عبد الله الفقي - المطعون ضده الأول اعتراضاً أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي (اللجنة العاشرة) قيد تحت رقم 153 لسنة 1972 ذكر فيه وفي مذكرته الشارحة أنه يملك 83 فداناً بنواح عدة بمحافظة المنوفية وبذلك خضع لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين حد أقصي لملكية الأسرة والفرد في الأراضي الزراعية وما في حكمها وعملاً بقواعد توفيق أوضاع الأسرة التي تضمنها هذا القانون فقد قام بالتصرف بالبيع إلى زوجته السيدة/ هيام عبد الفتاح عبد الحميد راضي القاصر بولاية والدها في مساحة قدرها 4 ط 33 ف بناحية كمشيش مركز تلا منوفية وذلك بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1969 وعلى الرغم من اتفاق هذا التصرف مع أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه قامت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالاستيلاء على المساحة المبيعة ولذلك فقد طلب الاعتداد بالتصرف المذكور وإلغاء الاستيلاء الواقع على المساحة موضوع هذا التصرف. وردت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الاعتراض بأن الزوجة القاصر لا تتبع زوجها وإنما تتبع أباها وبالتالي لا تعتبر الأسرة المكونة من زوج وزوجة لم يبلغ كل منهما سن الرشد أسرة في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 فإذا كان الزوج بالغاً وكانت زوجته قاصراً فإنهما لا يكونان أسرة فيكون الزوج فرداً والزوجة تابعة لأسرة أبيها لا لزوجها وعلى ذلك فيكون المعترض قد تصرف لزوجته في تاريخ لاحق على سريان القانون رقم 50 لسنة 1969 وينطبق عليه نص المادة السادسة من القانون الذي يجري على أنه لا يعتد بتصرفات الملاك ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به.
ومن حيث إنه بجلسة 30 من مارس سنة 1972 قررت اللجنة قبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع الاعتداد بعقد البيع العرفي المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1969 الصادر من المعترض لزوجته هيام عبد الفتاح توفيقاً لأوضاع الأسرة بمسطح 4 ط 33 ف بناحية كمشيش مركز تلا منوفية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت قرارها على أن المقصود بالأسرة في مفهوم المادة الثانية من القانون رقم 50 لسنة 1969 هي أسرة الخاضع ولذلك فإن الخاضع للقانون الذي يملك أكثر من خمسين فداناً في تاريخ العمل به وكانت حالته المدنية في ذلك التاريخ تكون أسرة منه مع زوجته وبغير أولاد تعتبر أسرة وبالتالي يستفيد من حكم المادة الرابعة من القانون أي يكون له أن يوفق أوضاعه بأن يتصرف فيما زاد عن الحد المسموح له الاحتفاظ به لزوجته بالغة كانت أو قاصرة حتى لو كانت هي فرداً في أسرة أخرى وذلك كله بشرط ألا تكون هناك مخالفة للقانون إذا ما اجتمعت فيها الصفتان المذكورتان زوجة في أسرة وولداً في أسرة أخرى بمعنى أن الشرط الوحيد في هذه الحالة ألا تزيد ملكيتها على انفراد عن خمسين فداناً ولا تزيد ملكيتها مع أسرة زوجها عن مائة فدان ولا مع أسرة أبيها عن ذلك.
ومن حيث إن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي طعنت في هذا القرار تأسيساً على أن اللجنة القضائية أخطأت حين اعتبرت الزوجة القاصر تابعة لأسرة زوجها وذلك لما فيه من مخالفة لصريح نص القانون رقم 50 لسنة 1969 إذ يؤخذ من نص المادة الثانية منه أن المقصود بالأسرة في تطبيق أحكامه هو كل من الزوج والزوجة والأولاد القصر ولو كانوا متزوجين وأن العبرة بالحالة المدنية لأفراد الأسرة في يوم 23 يوليه سنة 1969 والمقصود بالأولاد القصر الذكور والإناث الذين لم يبلغوا سن الرشد وهؤلاء يتبعون رب الأسرة ولو كانوا متزوجين وبالتالي لا تعتبر الأسرة المكونة من زوج وزوجة لم يبلغ كل منهما سن الرشد أسرة في تطبيق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 وكذلك إذا كان الزوج قد بلغ سن الرشد وكانت زوجته قاصراً فإنهما لا يكونان أسرة فيكون الزوج فرداً والزوجة تابعة لأسرة أبيها لا لزوجها وطبقاً لما تقدم فإن الزوج قد تصرف لزوجته بولاية أبيها وفقاً لتوفيق أوضاع الأسرة في 4 من أكتوبر سنة 1969 هذا التصرف يعتبر لاحقاً على تاريخ نفاذ القانون لأن الزوجة في هذه الحالة لا تتبع زوجها وإنما تتبع أسرة أبيها ولا يغني عن ذلك أن التصرف تم بولاية أبيها فيكون هذا التصرف تم لأجنبي وليس توفيقاً لأوضاع الأسرة وبذلك ينطبق عليه نص المادة السادسة من القانون رقم 50 لسنة 1969 التي تنص على أنه لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أودعت تقريراً مسبباً برأيها القانوني رأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وذلك للأسباب الواردة بالتقرير.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه يبين أنه ينص في مادته الأولى على أنه "لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي البور والصحراوية أكثر من خمسين فداناً.
كما لا يجوز أن تزيد على مائة فدان من تلك الأراضي جملة ما تمتلكه الأسرة وذلك مع مراعاة حكم الفقرة السابقة.
وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز شهره وينص في مادته الثانية على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون تشمل الأسرة الزوج والزوجة والأولاد القصر - ولو كانوا متزوجين - وذلك بمراعاة القواعد الآتية:
( أ ) يحسب ضمن أسرة الزوج أولاده القصر من زواج سابق.
(ب) إذا كان الزوج متوفياً فتعتبر زوجته وأولادها القصر منه أسرة قائمة بذاتها ما لم تكن الزوجة قد تزوجت بعده فيعتبر هؤلاء الأولاد القصر مكونين لأسرة مستقلة وتحسب ملكية الأسرة عند تطبيق أحكام هذا القانون على أساس الحالة المدنية لأفرادها التي كانوا عليها في يوم 23 من يوليه سنة 1969 كما لا يعتد بالزواج إلا إذا كان ثابتاً بوثيقة رسمية حتى هذا التاريخ وينص في مادته الرابعة على أنه "يجوز لأفراد الأسرة التي تجاوز ملكيتها أو ملكية أحد أفرادها الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة الأولى أن يوفقوا أوضاعهم في نطاق ملكية المائة فدان التي يجوز للأسرة تملكها بالطريقة التي يرتضونها بموجب تصرفات ثابتة التاريخ خلال ستة شهور من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون وعلى ألا تزيد ملكية أي فرد منهم على خمسين فداناً..." وينص في الفقرة الأخيرة من مادته السادسة على أنه "ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك السابقة ما لم تكن ثابتة التاريخ قبل تاريخ العمل به" وينص في مادته الثالثة والعشرين على أن "يعمل به اعتباراً من 23 من يوليه سنة 1969".
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن ينحصر في تفسير معنى الأسرة في مفهوم المادة الثانية من القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليها وهل يتسع تعريف الأسرة الوارد بها ليشمل الزوجة القاصر فتكون عضواً في أسرة زوجها على الرغم من كونها لم تبلغ الرشد في وقت تطبيق القانون المذكور وبالتالي يكون صحيحاً تصرف الزوج لها بالبيع توفيقاً لأوضاع الأسرة.
ومن حيث إن صياغة المادة الثانية سالفة الذكر تنبئ بأن تعريف الأسرة الوارد بها محصور في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون وحده فلا شأن له بتعريف الأسرة بوجه عام أو تعريفها الذي قد يرد في أي قوانين أخرى فلكل قانون مجاله الخاص به ونطاق لتطبيقه.
ومن حيث إن الأسرة بوجه عام تنشأ من الرابطة الزوجية بين شخصين فالأسرة على هذا الوضع تتكون بمجرد انعقاد الزواج قانوناً بين اثنين بلغا سن الأهلية للزواج وهو 18 سنة للزوج و16 سنة للزوجة دون ما نظر إلى بلوغ أحدهما أو كلاهما السن المحدد قانوناً لبلوغ الرشد وهو 21 سنة أي دون ما نظر إلى ما إذا كان أحدهما أو كلاهما قاصراً أو بالغاً فالأسرة قد تتكون من زوجين بالغين أو قاصرين أو زوج بالغ وآخر قاصر فإذا أنجبا أولاداً نتيجة لهذا الزواج شملتهم الأسرة كذلك.
ومن حيث إنه وقد بان ذلك فإن الزوج أو الزوجة القاصر يكون بحسب الأصل تابعاً لأسرة مستقلة هي الأسرة المكونة من الزوج والزوجة منفصلاً عن أسرة الأب إلا أن القانون رقم 50 لسنة 1969 خرج على هذا الأصل في مادته الثانية فوسع دائرة أسرة الأب فأضاف إليها استثناء أولاده القصر دون أن يفصلهم بذلك عن مفهوم الأسرة على النحو السالف الذكر وقد أوجد المشرع هذا الاستثناء اتساقاً مع روح التيسير التي اتسم بها هذا التشريع.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن ملف الإصلاح الزراعي رقم 3644 ص الخاص بالمطعون ضده الأول محمد عبد المنعم عبد الله الفقي أنه تنفيذاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه تقدم المالك المذكور إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي (إدارة الاستيلاء) في 14 من أكتوبر سنة 1969 بإقرار أوضح فيه أنه يملك 16 س 8 ط 82 ف وأن أسرته مكونة منه ومن زوجته السيدة/ هيام عبد الفتاح عبد الحميد راضي المطعون ضدها الثانية - وأنه احتفظ لنفسه بما مساحته 16 س 4 ط 49 ف وتصرف بالبيع إلى زوجته في باقي المساحة وتبلغ 4 ط 33 ف وذلك عملاً بقواعد توفيق أوضاع الأسرة المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون المذكور وأرفق بإقراره عقد البيع المشار إليه وهو مؤرخ في 14 من أكتوبر سنة 1969 وصورة فوتوغرافية من وثيقة عقد الزواج وهي محررة في العاشر من إبريل سنة 1969 برقم 558908 على يد مأذون قسم خامس طنطا إلا أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قامت بالاستيلاء على 6 س 2 ط 32 ف باعتبارها زائدة على حد الملكية الجائز قانوناً بحجة أن الزوجة كانت قاصراً في 23 من يوليه سنة 1969 بدء سريان القانون وأنها بهذه المثابة لا تتبع أسرة زوجها وإنما تتبع أسرة أبيها وبالتالي لا يصح إعمال القواعد الخاصة بتوفيق أوضاع الأسرة في هذه الحالة.
ومن حيث إن زواج المطعون ضدهما قبل العمل بهذا القانون ثابت بوثيقة الزواج المذكورة كما أن التصرف ثابت التاريخ في خلال الست شهور التالية للعمل بالقانون وذلك من ذكره في الإقرار ولم ترد أية إشارة في الأوراق إلى أن الزوجة المتصرف إليها تملك أي أرض زراعية أخرى أو أن والدها يخضع لأي من قوانين الإصلاح الزراعي فإنه إنزالاً لحكم المبادئ المتقدمة على واقعة الدعوى يكون صحيحاً ما تم من تصرف المطعون ضده الأول إلى زوجته المطعون ضدها الثانية ببيع مساحة 4 ط 33 ف توفيقاً لأوضاع الأسرة عملاً بالمادة الرابعة من القانون حتى مع كونها قاصراً في تاريخ العمل به ويتعين الاعتداد بهذا التصرف واستبعاد المساحة موضوع المنازعة من الاستيلاء وإذ ذهب القرار المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صدر صحيحاً متفقاً مع القانون ويكون الطعن على غير أساس متعيناً الحكم برفضه مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق