جلسة 2 من إبريل سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(114)
الطعون أرقام 457، 489، 491 لسنة 34 القضائية
(أ) طوائف خاصة من العاملين - الخبراء الوطنيون - العاملون المؤقتون - الفرق بينهما.
قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 بنظام توظيف الخبراء الوطنيين معدلاً بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 - القرار رقم 3 لسنة 1979 بشأن توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة.
أهم ما يميز عقد توظيف الخبير عن عقد توظيف العامل المؤقت هو أن المتعاقد معه في عقد الخبرة يجب أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة الإدارية - هذا لا ينفي في مجال التعيين في الأعمال المؤقتة ضرورة الخبرة لدى العامل بهذه الأعمال - أساس ذلك: أنه تجب أنه التفرقة بين اشتراط الخبرة في العمل وهي بمثابة الصلاحية له وبين استلزام أن تكون الخبرة على درجة عالية عبر عنها القرار المنظم لتوظيف الخبراء بأن تكون خبرة نادرة - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - مخالفات تأديبية
- ما يخرج عن نطاقها - الخطأ في فهم القانون وتفسيره الخطأ في فهم القانون أو تفسيره لا يشكل كقاعدة عامة ذنباً إدارياً باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية التي تدق على ذوي الخبرة والتخصص - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 13/ 1/ 1988 أودع الأستاذ الدكتور/...... المحامي الوكيل عن المهندس/...... بالتوكيل رقم 2962/ جـ لسنة 1987 توثيق الأهرام قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 457/ 34 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بجلسة 18/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 89/ 29 ق والقاضي بتغريم الطاعن مبلغ خمسين جنيهاً.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وقد أعلن الطعن إلى وزارة الإسكان والنيابة الإدارية.
وفي يوم الأحد 17/ 1/ 1988 أودع الأستاذ/...... المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيد الأستاذ المستشار/ مدير النيابة الإدارية بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 489/ 34 ق في الحكم المشار إليه فيما قضى به من براءة المحالين الخامس...... والسادس...... والسابع.....
وطلبت النيابة الإدارية الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضدهم.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
وفي يوم الأحد 17/ 1/ 1988 أودع الأستاذ/....... المحامي الوكيل عن السيد/....... بالتوكيل رقم 3043/ أ لسنة 1987 السيدة زينب قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 491/ 34 ق في الحكم سابق الإشارة إليه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه.
وقد أعلن الطعن إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة ثلاثة تقارير بالرأي القانوني في الطعون الثلاثة ارتأت فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضها موضوعاً.
ونظرت الطعون أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 26/ 9/ 1993 وفيها قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 489، 491/ 34 ق إلى الطعن رقم 457/ 34 ق ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 22/ 12/ 1993 قدمت النيابة الإدارية مذكرة بدفاعها في الطعنين رقمي 498، 491/ 34 ق وقدم الطاعن في الطعن رقم 491/ 34 ق مذكرة بدفاعه وبتاريخ 5/ 1/ 1994 قدم كل من...... و..... مذكرة بدفاعهما في الطعن رقم 489/ 34 ق وبجلسة 26/ 1/ 1994 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة ونظرت المحكمة الطعون بجلسة 19/ 2/ 1994 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 2/ 4/ 1994 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 89/ 29 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا مشتملة على تقرير اتهام ضد كل من:
1 -....... رئيس الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان سابقاً وحالياً بالمعاش (الدرجة الممتازة).
2 -....... القائم بعمل مدير عام الخدمات الداخلية بالهيئة (الدرجة الأولى).
3 -....... مدير إدارة التوظيف بالهيئة (الدرجة الثانية).
4 -....... رئيس الإدارة المركزية للشئون الإدارية بالهيئة (وكيل وزارة).
5 -....... مراقب حسابات بالهيئة سابقاً وحالياً مراقب حسابات بهيئة الآثار المصرية (الدرجة الأولى).
6 -...... سائق بديوان عام وزارة الإسكان (الدرجة الخامسة).
7 -....... مدير عام الإدارة العامة للمرافق والمشرف على الخدمات الداخلية بوزارة الإسكان.
لأنهم في غضون المدة من 1/ 10/ 1984 وحتى 3/ 9/ 1986 بمقر الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان وديوان عام وزارة السكان خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بالدقة الواجبة ولم يحافظوا على ممتلكات وأموال الهيئة التي يعملون بها وخالفوا التعليمات المالية وأضروا بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول:
1 - حرر عقداً بتاريخ 1/ 10/ 1984 مع السيد/...... لمدة سنة جددت لسنة أخرى أثبت به على خلاف الحقيقة حاجة الهيئة إلى الاستعانة بخبرة المذكور في المسائل الإدارية حال علمه بوجود من يقوم بهذا العمل وذلك بالمخالفة لأحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 2335 لسنة 1982.
2 - وافق على ندب الخبير المذكور للعمل كرئيس للإدارة المركزية للتنمية الإدارية بديوان عام وزارة الإسكان اعتباراً من 2/ 10/ 1984 مع بقاء تحميل الهيئة بصرف الأتعاب المحددة بالعقد لهذا الخبير حال كونه لا يؤدي عملاً بها بالمخالفة لقرار وزير التنمية الإدارية.
3 - مهل للخبير المذكور الاستيلاء على مبلغ 14247.187 جنيهاً دون وجه حق صرفت كأتعاب للخبير من الهيئة خلال المدة من 1/ 10/ 1984 حتى 30/ 6/ 1986.
الرابع:
1 - اعتمد المذكرة المعدة من الثاني والثالث والمنتهية إلى جواز تجديد عقد الخبير المذكور حال علمه بعدم حاجة الهيئة إليه وندبه للعمل بديوان عام وزارة الإسكان وبدون الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بالمخالفة لقرار وزير التنمية الإدارية.
2 - اعتمد أيضاً المذكرة المحررة من الثاني والثالث بتاريخ 4/ 2/ 1986 والمنتهية إلى أحقية صرف أتعاب الخبير من ميزانية الهيئة رغم عدم مشروعية ذلك وحال علمه بأنه لا يؤدي عملاً للهيئة.
الخامس: أقر صرف أتعاب الخبير المذكور من ميزانية الهيئة رغم عدم مشروعية ذلك وحال علمه بأنه لا يؤدي عملاً بالهيئة ومخالفة عقده لأحكام قرار وزير التنمية الإدارية المشار إليه.
السادس: أهمل الحفاظ على السيارة رقم 38876 حكومة عهدته ولم يراع صيانتها حال قيادته لها وأساء استخدامها مما أدى إلى تعطلها بتاريخ 11/ 12/ 1984 نتيجة تلف الكرنك وملحقاته مما حمل ميزانية الوزارة بمبلغ 2298.187 جنيهاً قيمة ما حصلت عليه شركة "مودرن موتورز" مقابل إصلاحها.
السابع: حرر مذكرة مؤرخة 19/ 12/ 1984 استحصل بموجبها على موافقة السيد/...... القائم بعمل رئيس الإدارة المركزية للتنمية الإدارية بوزارة الإسكان وقتئذ بإرسال السيارة المذكورة لإصلاحها بشركة "مودرن موتورز" دون المطالبة بإعداد تقرير فني عنها للوقوف على سبب العطل وتقدير تكاليف الإصلاح مما ترتب عليه صرف المبلغ المنوه عنه للشركة المذكورة دون مراجعة.
وانتهت النيابة الإدارية إلى أن المذكورين قد ارتكبوا المخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في المواد 76، 77، 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وطلبت محاكمتهم بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 2/ 4/ 1994 أصدرت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها بمجازاة المحال الأول (الطاعن في الطعن رقم 457/ 34 ق) على أن الثابت من الأوراق أن العقد الذي أبرمه المحال بصفته رئيساً لهيئة تعاونيات البناء والإسكان في 1/ 10/ 1984 مع السيد/...... هو عقد خبرة طبقاً لنصوص هذا العقد والغرض منه وبالتالي يسري عليه أحكام قرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 بشأن توظيف الخبراء الوطنيين وخاصة أن الأعمال محل هذا العقد تتسم بالدوام والاستمرار وهي الاستفادة من خبرة المتعاقد المذكور في مجال الأعمال التنظيمية والإدارية وليست من الأعمال العارضة أو الموسمية التي ينظمها القرار رقم 3 لسنة 1979 ولما كانت القواعد التي وضعها مجلس الوزراء في 20/ 1/ 1982 عند التعاقد مع الخبراء الوطنيين تقضي بأن يكون تعيين الخبراء في حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها حاجة العمل وبعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وكان الثابت أنه لم تكن هناك ضرورة قصوى أو حاجة للتعاقد مع السيد المذكور بدليل أنه لم يعمل بالهيئة على الإطلاق بل تم ندبه إلى وزارة الإسكان في اليوم التالي مباشرة للتعاقد معه ومن ثم يكون هذا العقد قد أبرم على خلاف الأحكام المنظمة للتعاقد مع الخبراء الوطنيين وتكون المخالفة الأولى ثابتة قبل هذا المحال وانتهت المحكمة إلى تبرئته من المخالفتين الثانية والثالثة وأقامت قضاءها بمجازاة المحال الرابع (الطاعن في الطعن رقم 491/ 34 ق) على أن المخالفة الأولى المنسوبة إليه وهي اعتماده المذكرة المحررة من المحالين الثاني والثالث في 22/ 9/ 1985 المتضمنة اقتراح الموافقة على تجديد عقد السيد/........ لمدة أخرى رغم مخالفة ذلك لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 لعدم قيام الحاجة إليه مع عدم الإشارة إلى ضرورة الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة هذه المخالفة ثابتة وقائمة في جانب المحال الرابع لمخالفته بالاشتراك مع المحالين الثاني والثالث أحكام القرار الوزاري المشار إليه وكذلك فإن المخالفة الثانية المنسوبة لهذا الحال وهي اعتماده المذكرة المؤرخة 4/ 2/ 1986 بصرف مرتب المتعاقد المذكور من ميزانية الهيئة ثابتة قبله وقائمة في حقه باعتبار أن أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة واضحة في أن مرتب المنتدب تتحمله الجهة المنتدب إليها "وهي وزارة الإسكان" واستندت المحكمة في قضائها ببراءة المحالين الخامس...... والسادس..... والسابع...... (مطعون ضدهم في الطعن رقم 489/ 34 ق) إلى أن المخالفة المنسوبة إلى المحال السادس وهي أنه صرف مرتب الخبير من ميزانية الهيئة تقوم على أساس إعطاء المحال صلاحية مناقشة قرارات جهة الإدارة ومراقبة شرعيتها وهو أمر غير جائز إذ أن كل ما للمحال هو مراقبة مستندات وإجراءات الصرف دون أن يمتد إلى معاودة النظر فيما اتخذته الإدارة من قرارات ومن ثم فلا يكون المذكور قد أخطأ في صرف أتعاب الخبير المذكور أما المحال السادس فإن الاتهام المنسوب إليه بأنه أهمل في المحافظة على السيارة جاء بغير دليل إذ أن مجرد قيادة السيارة من سائقها لا يعد في ذاته إهمالاً ومن ثم فإن القول بأن السائق مسئول عن عطل السيارة لمجرد أنه سائقها غير سليم واستنتاج غير سائغ وبالتالي يضحى الاتهام المنسوب للمذكور غير قائم على أساس سليم وبالنسبة للمحال السابع فإن ما نسب إليه أنه لم يطالب بإعداد تقرير فني عن السيارة لمعرفة سبب العطل وتقدير قيمة تكاليف الإصلاح وفي هذا الصدد ولما كانت النيابة الإدارية لم تقدم أية قواعد أو تعليمات توجب في مجال إصلاح السيارات - إعداد مثل هذا التقرير وإذا كان المقصود أحكام قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 فإن هذا القانون قد أجاز في المادة السابعة منه التعاقد المباشر في الحالات العاجلة حدود 2000 جنيه للمشتريات العادية والخدمات ومقاولات النقل و4000 جنيه بالنسبة لمقاولات الأعمال وهو ما ينطبق على الحالة موضوع الدعوى للحاجة لسرعة إصلاح السيارة المذكورة التي تستخدم لنقل العاملين من وإلى مقر عملهم وبالتالي فإن إجراءات إصلاحها ليست فيها أية مخالفة.
ومن حيث إن الطعن رقم 457/ 34 ق يقوم على أن العقد المبرم مع اللواء/....... هو عقد عمل مؤقت وليس عقد خبرة يخضع لأحكام القرار رقم 1 لسنة 1979 ودليل ذلك أن الهيئة قد انتهجت أسلوب التعاقد بعقود عمل مؤقتة لسد العجز في العمالة وأوضح العقد المشار إليه ذلك بأن ورد ربه أن نشاط الهيئة اتسع في المجالات الإدارية والتنظيمية بما يستتبع الاستعانة بالعناصر ذات الخبرة والكفاءة في هذه المجالات التي تتوافر في المتعاقد ولم يرد بالعقد أن مستوى خبرة المتعاقد من الخبرات النادرة التي أوجب القرار رقم 1 لسنة 1979 توافرها للتعاقد طبقاً له وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ خلط بين الخبرة التي تلزم لمزاولة العمل التنفيذي وبين الخبرة النادرة التي لا تتوافر إلا في الخبراء في المجالات المختلفة وإذا كان الطاعن من الضباط الذين مارسوا العمل الإداري قد توافرت فيه الصلاحية لممارسة العمل الإداري فإن ذلك لا يرفع مستواه إلى أنه من أصحاب الخبرة النادرة ولا يجعل العقد معه عقد خبرة هذا بالإضافة إلى أن القضاء الإداري قد استقر على أن الخطأ في تفسير القانون أو فهمه لا يشكل كقاعدة ذنباً إدارياً وإذا كان هذا القضاء قد اعتبر خطأ رجل القانون في تفسير القانون لا يشكل ذنباً إدارياً فإن خطأ رئيس الهيئة (الطاعن) في القانون وهو مهندس لا يعد ذنباً إدارياً.
ويستند الطعن رقم 491/ 34 ق إلى ذات ما استند إليه الطعن رقم 457/ 34 ق من أن العقد عقد عمل مؤقت وليس عقد خبرة وأنه لذلك لا يكون لطاعن قد أخطأ في اعتماده المذكرة المحررة بشأن تجديد هذا العقد مدة أخرى أما بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن فهي لا تقوم على أساس صحيح لأن العامل المنتدب تتحمل مستحقاته المالية الجهة المنتدب منها وليس الجهة المنتدب إليها خلال الإعارة إذ تتحمل الجهة المعار إليها بمستحقات الموظف المالية.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 489/ 34 ق أنه وإن كان لا يجوز للمحال الخامس مراقبة مشروعية قرارات الجهة الإدارية إلا أن من واجبه بصفته مراقب الحسابات الاعتراض على الصرف المخالف لأحكام اللائحة المالية للميزانية والحسابات والتعليمات المالية والثابت أن المذكور ظل يقر صرف أتعاب الخبير من ميزانية الهيئة حتى ديسمبر سنة 1985 دون اعتراض رغم مخالفة عقد الخبير لقرار وزير التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 المعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 ومتى كان المحال الخامس هو المختص بأعمال آثار العقد المبرم بالمخالفة للقرار المشار إليه فكان عليه الاعتراض على الصرف أما بالنسبة للمحال السادس فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الاتهام الموجه إليه بغير دليل خاصة وأن المذكور لم يعمل على السيارة كسائق إلا مدة 22 يوماً وقد أهدر الحكم شهادة مدير محطة الخدمة والصيانة لشركة مودرن موتورز التي أصلحت السيارة والتي قرر فيها أن سبب العطل هو الاستخدام دون أن يبين طرحه هذه الشهادة كما أن المذكور لم يراع الحرص على السيارة وقادها بغير مراعاة الأصول الفينة فيكون مسئولاً عن العطل أما المحال السابع فقد نفى الحكم مسئوليته على أساس عدم وجود قواعد أو تعليمات توجب إعداد تقرير فني عن حالة السيارة عند إصلاحها وأغفل الحكم أن هناك التزاماً عاماً على العامل بالمحافظة على أموال الجهة التي يتبعها وبذل عناية الرجل العادي ومن ثم كان على هذا المحال أن يطالب بقيام مهندس فني بالكشف على السيارة للوقف على سبب العطل ومقايسة بالإصلاح.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 457/ 34 ق المقام من المحال الأول/...... فإن الحكم المطعون فيه قد أدان هذا المحال استناداً إلى إبرامه عقد خبرة مع اللواء/...... رغم عدم حاجة الهيئة إليه بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وقواعد توظيف الخبراء الصادرة من مجلس الوزراء بتاريخ 20/ 1/ 1982 وعلى أساس أن العقد المشار إليه هو عقد خبرة.
ومن حيث إن الماد 14 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "يوضع نظام لتوظيف الخبراء الوطنيين والأجانب ولمن يقومون بأعمال مؤقتة عارضة أو موسمية وللعاملين المتدرجين وذلك بقرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية يصدر بناء على عرض لجنة شئون الخدمة المدنية".
وتنفيذاً لهذا النص صدر قرار التنمية الإدارية رقم 1 لسنة 1979 المعدل بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 بنظام توظيف الخبراء الوطنيين ونص في المادة الثانية منه على أن "يكون توظيف الخبير بطريق التعاقد من بين ذوى الخبرات والتخصصات النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة وذلك في حدود الاعتمادات المالية المدرجة بموازنة الوحدة وبشرط ألا يجاوز سنه ستين عاماً...." وتنص المادة الخامسة من هذا القرار على أن "تبرم السلطة المختصة عقد توظيف الخبير لمدة لا تزيد عن سنة تبدأ من تاريخ استلامه العمل ويجوز تجديدها لمدة أو أكثر بحيث لا تجاوز أي من هذه المدد سنة واحدة ولا يجوز تجديد مدة العقد إلا بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة".
ونصت المادة السادسة من القرار المشار إليه على أن "يتضمن العقد المبرم مع الخبير البيانات الآتية:
- أسماء طرفي العقد وصفة الموقع عن الوحدة.
- البيانات الشخصية المتعلقة بالخبير.
- وصف الوظيفة المسندة للخبير وواجباتها ومسئولياتها.
- المكافأة الشاملة المقررة للوظيفة - أيام العمل وساعاته والأجازات المقررة للخبير...".
وقد تضمنت القواعد الصادرة من رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 20/ 1/ 1982 ضوابط توظيف الخبراء. الوطنيين منها أن يكون تعيين الخبراء الوطنيين في حالات الضرورة القصوى التي تقتضيها حاجة العمل بالجهة وأن يكون الخبير المطلوب تعيينه من ذوي الخبرة والكفاءة النادرة ولا تستطيع الجهة المختصة الاستعاضة عنه بأحد العاملين بها.
كما صدر قرار وزير التنمية الإدارية رقم 3 لسنة 1979 بنظام توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة ونص في المادة الأولى منه على أن "يعمل في شأن توظيف العاملين الذين يقومون بأعمال مؤقتة بالأحكام الواردة في هذا القرار. "ونصت المادة الثالثة منه على أن "يكون توظيف العاملين المؤقتين بطريق التعاقد في حدود الاعتمادات المالية المدرجة بموازنة الوحدة ويتضمن العقد المبرم معهم البيانات الآتية:
- أسماء طرفي العقد وصفة الموقع عن الوحدة.
- البيانات الشخصية المتعلقة بالعامل ومدد التعاقد.
- المكافأة الشاملة المقررة للأعمال المشار إليها.
- الجزاءات التي توقع على العامل...".
ومن حيث إنه يتضح من استقراء نصوص القرار رقم 1 لسنة 1979 معدلاً بالقرار رقم 2335 لسنة 1982 ونصوص القرار رقم 3 لسنة 1979 أن أهم ما يميز عقد توظيف الخبير عن عقد توظيف العامل المؤقت هو أن المتعاقد معه في عقد الخبرة يجب أن يكون من ذوي الكفاءة والخبرة النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالجهة الإدارية وأن هذا لا ينفي مجال التعيين في الأعمال المؤقتة ضرورة توافر الخبرة لدى العامل في هذه الأعمال إذ هناك فرق بين اشتراط الخبرة في العمل وهي بمثابة الصلاحية له وبين استلزام أن تكون الخبرة على درجة عالية عبر عنها القرار المنظم لتوظيف الخبراء بأن تكون خبرة نادرة.
ومن حيث إنه يبين من العقد المبرم مع اللواء/..... والذي وقعه الطاعن بصفته رئيساً لمجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان أنه تضمن في التمهيد ما يلي "ونظراً لاتساع نشاط الهيئة في الآونة الأخيرة ليشمل مختلف محافظات الجمهورية مما يستتبع معه ضرورة الاستعانة بالعناصر ذات الخبرة والكفاءة في مجالات عمل الهيئة خاصة في المجالات الإدارية والتنظيمية...... ونظراً لخبرة وتخصص الطرف الثاني في مجال الأعمال الإدارية والتنظيمية فقد اتفق الطرفان على الآتي:......." ويتضح من تمهيد العقد وبقية نصوصه أنه لم يرد به ولا بالأوراق أن المتعاقد معه من الخبرات النادرة التي لا تتوافر في أي من العاملين بالهيئة بدليل ما جاء بهذا التمهيد من أن التعاقد معه كان للاستفادة بخبرته وتخصصه في مجال الأعمال الإدارية والتنظيمية ومن ثم فإن هذا العقد ليس عقد خبرة يخضع لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وإنما هو عقد توظيف مؤقت طبقاً للقرار الوزاري رقم 3 لسنة 1979 وبناء عليه فإن نسبة المخالفة إلى الطاعن بأن أبرم مع السيد المذكور عقد خبرة بالمخالفة للقواعد التي وضعها مجلس الوزراء تكون على غير أساس من الواقع والقانون.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن هذه المحكمة سبق وأن قضت بأن الخطأ في فهم القانون أو تفسيره لا يشكل كقاعدة عامة ذنباً إدارياً باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية التي قد تدق على ذوي الخبرة والتخصص ولما كان تكييف العقد المشار إليه وما إذا كان يعتبر عقد خبرة طبقاً للقرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 أم عقد عمل مؤقت طبقاً للقرار الوزاري رقم 3 لسنة 1979 مسألة قانونية محل خلاف في الرأي وعلى الأخص فيما يتعلق بمدى توافر عنصر الخبرة النادرة الذي يميز عقد الخبرة عن عقد العمل المؤقت والثابت أن هذه المسألة لم تكن واضحة بصفة قاطعة عند التعاقد إذ ليست هناك أية مذكرات من الإدارات المختصة في الأوراق تفيد بحث هذه المسألة في صدد هذا العقد والانتهاء بشأنها إلى رأي معين ثم عرضها على الطاعن بصفته رئيساً للهيئة وأبرم العقد بالمخالفة لهذا الرأي وإذا كانت صفة العقد محل خلاف على هذا النحو وتحتمل أكثر من رأي في تحديد طبيعته فإن إبرام الطاعن لهذا العقد - الذي لم تكن طبيعته محددة بشكل قاطع عند التعاقد - لا يشكل مخالفة من الطاعن لواجبات وظيفته مما لا سند لمساءلته تأديبياً وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه فيما قضى به من مجازاة الطاعن والقضاء ببراءته مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 491/ 34 ق المقام من المحال الرابع..... فإن المخالفة الأولى المنسوبة إلى الطاعن أنه اعتمد مذكرة بتحديد العقد سالف الذكر رغم علمه بعدم حاجة الهيئة إليه ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في ثبوت هذه المخالفة قبل هذا الطاعن على نفس الأسباب التي استند إليها في مجازاة المحال الأول على أساس أن العقد المذكور هو عقد خبرة ولم تكن هناك حاجة للهيئة إلى إبرامه وإذ انتهت هذه المحكمة إلى عدم قيام المخالفة في إبرام هذا العقد للأسباب السابق بيانها ومن ثم فإن هذه المخالفة تكون غير قائمة أيضاً في حق المحال الرابع أما المخالفة الثانية المنسوبة إلى الطاعن فهي اعتماده مذكرة في 4/ 2/ 1986 بصرف مرتب الخبير المذكور من موازنة الهيئة فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى مساءلته عن هذه المخالفة على أساس ما ذهب إليه من أن مرتب المنتدب تتحمله الجهة المنتدب إليها (وهي وزارة الإسكان) وهذا الذي ذهب إليه الحكم غير سليم إذ من المسلم به أن مرتب المنتدب - على عكس المعار - تتحمله الجهة المنتدب منها وليس الجهة المنتدب إليها ومن ثم لا يكون الطاعن قد خالف القانون في موافقته على صرف مرتب المتعاقد المذكور من موازنة الهيئة وتكون هذه المخالفة الثانية بدورها غير قائمة في جانبه وإذ انتفى عن مسلك الطاعن الإخلال بواجبات وظيفته فلا وجه لمساءلته تأديبياً ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في قضائه بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 479/ 34 ق المقام من النيابة الإدارية فإن سند الطعن في النعي على الحكم ببراءة المحال الخامس....... أن المذكور كان يجب عليه الاعتراض على الصرف المخالف للأحكام المالية باعتباره أنه المختص بإعمال آثار العقد المبرم بالمخالفة لأحكام القرار الوزاري رقم 1 لسنة 1979 وواضح من ذلك أن أساس الطعن يرجع إلى أن وجه المخالفة في الصرف ليس مرده إلى مخالفة للقواعد والأحكام المالية وإنما مرده إلى القول بمخالفة العقد للقانون على أساس أنه عقد خبرة لم تتوافر فيه الشروط المتطلبة وبالتالي فمراقبة هذا العقد وبيان وجه المخالفة فيه هي رقابة مشروعية لقرارات وتصرفات الجهة الإدارية مما لا يدخل به في اختصاص الطاعن ولا بمكنته بحكم وظيفته كمراقب حسابات ومن ثم فلم يصدر من الطاعن تقصير في واجبات وظيفته التي تقتصر على الرقابة المالية ويكون الطعن على غير أساس من القانون أما نعي الطعن على براءة المحال السادس...... من أن الحكم المطعون فيه قد طرح شهادة مدير محطة الخدمة والصيانة بشركة مودرن موتورز المتضمنة أن العطل بسبب سوء الاستخدام فإن من المسلم به أن المحكمة التأديبية تستقل بتقدير الدليل الذي تأخذ به وتطمئن إليه ولما كان الثابت من التحقيقات أن شهوداً آخرين منهم المشرف على السيارات بالهيئة والميكانيكي قد قرروا بأن السيارة توقفت فجأة أثناء السير ولم يعرف سبب العطل أو المتسبب فيه ولم يذكر أحد منهم أن العطل كان سببه المحال المذكور ومن ثم فإن انتهاء الحكم إلى عدم وجود دليل أكيد على أن المحال السادس هو المتسبب في العطل يكون سليماً ولا وجه للطعن عليه خاصة وأن شهادة مدير المحطة المذكور لم تكن محددة وواضحة في أن سوء الاستخدام كان من المحال المذكور إذ قد يكون سوء الاستخدام مرجعه إلى فترات سابقة على قيادة المحال للسيارة والتي قادها فقط لمدة 22 يوماً فقط وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من التحقيقات أن الخطأ يرجع إلى جهة الإدارة التي أسندت إلى المحال وهو من عمال الخدمات المعاونة وغيره من هؤلاء العمال قيادة السيارات بحجة العجز في السائقين وبالتالي فلا يجوز والحال كذلك القول بأن المحال قد قاد السيارة بغير مراعاة الأصول الفنية حيث تكون الإدارة هي المسئولة عن ذلك على فرض صحته أما ما استند إليه الطعن بالنسبة لبراءة المحال السابع....... من أن هناك التزاماً عاماً على العامل بالحرص على أموال الجهة الإدارية وأنه كان على المذكور أن يطالب بقيام مهندس فني للكشف على السيارة ولتحديد سبب العطل ومقايسة الإصلاح فإن الطعن لم يأت بسبب أو وجه جديد للطعن على الحكم إذ أن هذا الذي أورده الطعن هو ذات الاتهام الموجه إلى المحال من عدم مطالبته بإعداد تقرير فني للوقوف على سبب عطل السيارة وتقدير تكاليف الإصلاح وقد ورد الحكم المطعون فيه على ذلك بما قرره في أسبابه بحق من عدم وجود قواعد أو تعليمات تقضي بإعداد مثل هذا التقرير قبل الإصلاح وأن إصلاح السيارة المذكورة اقتضته سرعة الحاجة لإصلاحها لاستخدامها في نقل العاملين مما لا مخالفة فيه للقانون.
وبناء عليه يكون هذا الطعن على غير أساس من القانون متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعنين رقمي 457، 491/ 34 ق شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعنين و....... وببراءتهما مما نسب إليهما.
وثانياً: بقبول الطعن رقم 489/ 34 ق شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق