جلسة 27 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(153)
الطعن رقم 4127 لسنة 37 القضائية
أوقاف - إشراف وزارة الأوقاف على المساجد - نطاق هذا الإشراف.
المادتان 32، 34 من الدستور، القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف.
يجوز للمشرع أن يضع قيوداً على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع - الأصل الدستوري هو حماية الملكية الخاصة البعيدة عن الغصب أو التعدي أو الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الدولة أو الغير - يخرج عن هذا الأصل العام ما يتصل بإنشاء المساجد باعتبارها دور للعبادة وهو بيوت الله في الأرض - نتيجة ذلك: تخرج المساجد بصفتها هذه من الملكية العامة أو الخاصة وتضحي على ملك الله التي لا يجوز المساس بها أو تغيير طبيعتها أو صفتها لتبقى دوراً للعبادة وإقامة الشعائر على النحو المتطلب لأدائها وفق أحكام الشريعة وأصولها - تحقيقاً لأداء المساجد لرسالتها - أورد المشرع في القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فنص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون - تنفصل المساجد وتستقل بوصفها المشار إليه عن أية عن أية ملحقات أخرى عن نطاق العقار بالتخصيص بأن يكون جزءاً لا ينفصل عن المسجد ورصد لخدمة أغراض في إقامة الشعائر وغيرها كالحمامات ودورات المياه - يخرج ما عدا ذلك من ملحقات عن نطاق إشراف وزارة الأوقاف على المساجد - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 29/ 8/ 1991 أودع الأستاذ/ عبد الفتاح أحمد محمود المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد أمامها برقم 4127 لسنة 37 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4022 لسنة 44 ق بجلسة 30/ 7/ 1991 والقاضي بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة وبقول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب التي أوردها بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه برفض إلغاء القرار رقم 192 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف بضم مسجد الرحمن إلى وزارة الأوقاف.
والحكم بإلغاء القرار المذكور، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودع الأستاذ المستشار عبد السميع بريك مفوض الدولة - تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة في الحكم - انتهى فيه للأسباب المشار إليها به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما تضمنه من شمول للملحقات ضمن ضم مسجد الرحمن بالزمالك وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية. المصروفات وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة 18/ 1/ 1993 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 21/ 2/ 1993 أصدر الحكم فيه بجلسة 28/ 3/ 1993 وفيها فقررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 30/ 5/ 1993 حيث وافق عطلة رسمية فقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى إجراءات قبوله الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه يتلخص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام دعواه بإيداع صحيفتها سكرتارية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 3/ 4/ 1990 وقيدت أمامها برقم 4022 لسنة 44 ق في طلب ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 92 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أن وزير الأوقاف أصدر القرار المطعون عليه رقم 92 لسنة 1989 متضمناً ضم مسجد الرحمن بالزمالك التابع لمحافظة القاهرة إلى وزارة الأوقاف، وأن تضع المديرية يدها على ما يكون موقوفاً على المسجد من أعيان وملحقات، ونعى المدعى على القرار مخالفة القانون استناداً إلى أنه قام بإنشاء المسجد من ماله الخاص ولا علاقة له بمحافظة القاهرة أو أية جهة أخرى، وقد شيد إلى جانب المسجد بعض الملحقات لخدمة أهالي المنطقة وهي دار حضانة وعيادة شاملة لخدمة الإسلام والمسلمين، وفضلاً عن عدم جواز ضم الملحقات فإن المسجد نفسه لا يجوز ضمه بحالته الراهنة إذ أنه ما زال تحت الإنشاء ولم يستكمل ولم تصل إليه المرافق بعد، وأضاف المدعي أنه لا يمانع في قيام وزارة الأوقاف على مسئوليتها برعاية المسجد وتعيين الخطباء ومقيمي الشعائر، ولكن ليس من شأنها ضم أو إدارة الملحقات الأخرى لعدم اتصالها بالصلاة أو لإقامة الشعائر.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بحافظة مستندات اشتملت على عدة مستندات كما قدمت مذكرة أوردت بها أن المسجد وملحقاته تم تشييدهم بتبرعات أهل الخير ولا يد أو مصلحة للمدعي في ذلك، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة أوردت بها أن المدعي تعدى بالبناء على قطعة أرض من منافع الري، وأصدر حي غرب القاهرة قراراً بإزالة التعدي وأصدرت وزارة الري قراراً مماثلاً تنفيذاً لأحكام قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل، والمجاري المائية من التلوث، إلا أن محافظ القاهرة أوقفت إجراءات الإزالة باعتبار أن المبنى مسجداً لا تجوز إزالته وتسلمت وزارة الأوقاف المسجد قبل استكماله وباشرت عليه مسئولياتها واستكملته وأن المسجد لا توجد به أي ملحقات أو أنشطة من أي نوع وأن وزارة الأوقاف تتولى إدارة المسجد وفقاً لأحكام القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 727 لسنة 1959 وأن الضم شمل المسجد والأرض الملحقة به والتي تعد جزءاً منه ولا توجد أية منشآت أو إضافات أخرى. وأودع المدعي مذكرة أخرى بدفاعه أورد بها أن الوزارة ضمت مع المسجد منشآت أخرى هي دار حضانة ودار مناسبات وصيدلية وملحق سكن وناد ثقافي واجتماعي فضلاً عن كمية من الأخشاب والمعدات الخاصة بالمقاول وطلب الحكم له بطلباته.
وبجلسة 30/ 7/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وقضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً. وأقامت قضاءها على سند من أن المدعي يضع يده على مساحة من أملاك الدولة الخاصة بمسطح نهر النيل وأقام عليها بناء بدون ترخيص بالمخالفة لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984 بشأن الري والصرف والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية. ومن ثم أصدر حي غرب القاهرة القرار رقم 2 لسنة 1984 بتاريخ 23/ 12/ 1984 بإزالة المباني التي تمت على طرح النهر. كما حررت وزارة الري محضر بالمخالفة رقم 419 لسنة 1984 في 18/ 11/ 1984 وإذ استمر المدعي في البناء بالمخالفة صدر قرار مدير عام الري بالجيزة رقم 8 لسنة 1985 بإزالة المباني إدارياً وإزالة سائر تعديات المدعى على أملاك الدولة مع تحميله قيمة تكاليف الإزالة. وأعقب ذلك كتاب محافظ القاهرة إلى وزير الأوقاف أورد به أن المدعي قام بجميع تبرعات من الأهالي تجاوزت نصف مليون جنيه لإنشاء مسجد الرحمن وأن البناء لم يتم ولما كانت الإجراءات التي قام بها المدعي جاءت مخالفة للقانون فقد اتخذت الإجراءات لإزالة هذه المنشآت المخالفة وأنه يرى قيام وزارة الأوقاف بضم المسجد إليها إذ لا تجوز إزالة المساجد، كما أن المدعى قدم إلى المحاكمة الجنائية نظير ما نسب إليه من مخالفات في الجنحة رقم 2843 لسنة 1988 قصر النيل وقضي فيها بتغريمه خمسمائة جنيه والمصروفات. وإذ استأنف المدعي الحكم، تأيد الحكم استئنافياً مع الإيقاف الشامل.
وبتاريخ 10/ 7/ 1989 أعد مدير الإدارة الهندسية بوزارة الأوقاف مذكرة اقترح فيها وقف الإزالة وتدبير مبلغ 150.000 جنيه مائة وخمسون ألف جنيه لاستكمال منشآت المسجد حيث ووُفِق على ذلك من وزير الأوقاف وقامت لجنة باستلام المنشآت والتي تبين من مراجعة قرار اللجنة أنها مجرد حوائط وشدات خرسانية وبعض المشونات، فضلاً عن أن ما قدمه المدعي من مستندات بطلب إدخال التيار الكهربي والتليفونات للصيدلة والعيادة الشاملة والنادي الثقافي.... إلخ. منها كانت رهينة بالحصول على موافقات الجهات المعنية ولم تتعد مجرد الطلب الذي لا يقيد أية حقوق لمقدمه على المكان المراد تركيب التليفون أو توصيل التيار الكهربائي به وأضافت المحكم بأن الثابت من الأوراق أن المدعي خالف قانون الري والصرف وقانون تنظيم البناء رقم 106 لسنة 1983 وتعديلاته. كما أنه تعدى على أملاك الدولة دون سند أو مبرر وبادعاءات لا يساندها دليل ولا ينهض عليها مستند كما وأن ما ادعى وجوده من مبان ومنشآت ملحقة بالمسجد لم توجد يقيناً ولم يستطع إثبات وجودها فعلاً وينبغي والحال هذه بناء المسجد الذي لم يكتمل والذي يلزم وفقاً لأحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف وما أناطه بها من القيام على شئون الدعوة بالمساجد أن تقوم على مسئولياتها بضم المسجد إليها واستكمال منشآته لتقام فيه الشعائر. وخلصت المحكمة إلى أن القرار الطعين والحال هذه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون حرياً بالإبقاء عليه ورفض طلب إلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله كونه مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب استناداً للآتي:
أولاً: أن الحكم المطعون فيه استندت إلى دليل إقامته وزارة الأوقاف ومن ثم أصبحت هي الخصم والحكم. حيث أشارت إلى أن المبنى عبارة عن شدات خشبية ولم تذكر الشبكات الكهربائية والتليفونات مع سداد قيمتها ورسومها السنوية.
كما أغفلت المحكمة الملحقات وهي جمعية تحفيظ القرآن الكريم - المكتبة - دار المناسبات - العيادة الشاملة - كما أغفلت أن المدعي هو القائم بأعمال البناء وصاحب المشروع وأن البناء على المشغل يشغل مساحة إجمالية مقدارها 930 م2 يخص المشغل منها 224 م2 ولم يرد حصر هذه المساحات بدفتر حصر الأملاك لأنهم على جسر النيل كما تجاهلت الوزارة أحكام محكمة جنح قصر النيل بالإيقاف الشامل للإزالة - كما أن استناد الحكم الطعين إلى صورية العقود التي أبرمها الطاعن استناداً على أن الإيجاز زهيد هو افتراض لم يؤيده دليل - خاصة وأنها أبرمت بعد انتهاء الإنشاءات.
ثانياً: القصور في التسبيب لأن استناد الحكم الطعين على عدم تقديم الطاعن للدليل على إقامة المسجد من أمواله يتعارض مع المقرر قانوناً في الإثبات من أن الجهة الإدارية المنازعة له هي التي يلزمها إثبات عكس ما قرره.
ثالثاً: إن الأعيان التي طلبت الجهة الإدارية ضمها لوزارة الأوقاف وهي الملحقات لا تدخل ضمن المسجد ومن ثم تخرج عن الاختصاص الذي أناطه القانون بشأن ضم المساجد لضمان إقامة الشعائر لأن هذه الملحقات لا صلة لها ولا دور في إقامة الشعائر وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم وصياغة عباراتهم بما يتفق مع حريتهم في تحديد ما يقصدونه من الطلبات وسندهم فيها قانوناً فإنه يتعين على المحكمة تحديد هذه الطلبات على نحو موضوعي وفقاً لحقيقة ما يقصده الخصوم من تقديمها وصحيح إرادتهم بشأنها ما يمكنها من إنزال حكم القانون الصحيح على هذه الطلبات وبصفة خاصة فيما يتعلق بولاية القضاء الإداري ونطاق رقابته على القرارات المطعون فيها ومدى مشروعيتها. وعلى المحكمة أن تتصدى لذلك من تلقاء ذاتها ولو دون طلب من الخصوم.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإن مقطع الفصل في هذا الطعن هو مدى الاختصاص المنوط بوزارة الأوقاف بالنسبة لضم المساجد لإشرافها ومدى تعلق هذا الاختصاص بما يعتبر من ملحقات هذه المساجد.
ومن حيث إنه قد عني الدستور في المادة (32) بالنص على أن الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال، كما أشارت المادة (34) منه على أن الملكية الخاصة مصونة ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي.
ومن حيث إنه وإن كان بناء على أحكام الدستور فإنه لا يجوز للمشرع أن يضع قيوداً على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع ودن أن يمس الحصانة التي جعلها المشرع لأعمال أو إجراءات تتعلق بالترخيص أو إزالة التعدي إذا وقع بالفعل مخالفاً للقانون أو شروط الترخيص أو مثل تعدياً أو اغتصاباً لأملاك الدولة الخاصة أو العامة تحقيقاً للأهداف والغايات التي يقتضيها الصالح العام على أن لا يتجاوز حد المشروعية بالخروج عن استخدام ما خوله المشرع له من سلطات لتحقيق الصالح العام باعتبار أن الأصل الدستوري هو حماية الملكية الخاصة البعيدة عن النصب أو التعدي أو الاستيلاء على أموال أو ممتلكات الدولة أو الغير، ويخرج عن هذا الأصل العام ما يتصل بإنشاء المساجد باعتبارها دوراً للعبادة وهي بيوت الله في الأرض، ومن ثم تخرج بصفتها هذه من الملكية العامة أو الخاصة وتضحي على ملك الله التي لا يجوز المساس بها أو تغيير طبيعتها أو صفتها لتبقى دوراً للعبادة وإقامة الشعائر على النحو المتطلب لأدائها وفق أحكام الشريعة وأصولها، وتحقيقاً لأداء المساجد لرسالتها أورد المشرع في القانون رقم 157 لسنة 1960 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف فنص على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء صدر بوقفها إشهار أو لم يصدر، على أن يتم تسليم هذه المساجد خلال مدة أقصاها عشر سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون.
ومن حيث إن المقرر أنه لا مجال للاجتهاد في تفسير النص القانوني إذا كان واضحاً وصريحاً خاصة إذا تعلق الأمر بالإشراف على دور العبادة لتقوم برسالتها في أداء الشعائر على النحو المطلوب فيها وأن تؤدي رسالتها في مجال الدين والدعوة إلى الدين الحنيف وإقامة شعائره ومناسكه على الوجه المطلوب منها وأناط بوزارة الأوقاف القيام على هذا الإشراف وتلك الإدارة كجزء من وظائفها الأساسية.
ومن حيث إن المساجد بوصفها المشار إليه تنفصل وتستقل عن أية ملحقات أخرى تخرج عن نطاق العقار بالتخصيص والذي يعد كذلك إذا كان جزءاً لا ينفصل عن المسجد ورصد لخدمة أغراضه في إقامة الشعائر وغيرها كالحمامات ودورات المياه ومن ثم يخرج ما عدا ذلك من ملحقات عن نطاق إشراف وزارة الأوقاف على المساجد وفقاً للنص المشار إليه حيث إن صياغة النص تقطع بذلك وتقضي به.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 192 لسنة 1989 والصادر من وزارة الأوقاف بضم المسجد موضوع الدعوى إلى الوزارة وعلى أن تضع مديرية الأوقاف يدها على ما يكون موقوفاً على المسجد المذكور من أعيان وملحقات وخلافه فإن هذا الضم لا يشمل الملحقات غير الموقوفة على خدمة المسجد والوقف هو التخصيص الصادر من مالكه لخدمة المسجد وأغراضه وهذا الوقف لا يسري على المرافق أياً ما كان نوعها ما دامت خرجت عن خطة الوقف للمسجد.
ومن حيث إن القرار الطعين قد جاء واضح الجوانب بقصره على المسجد وما أوقف عليه من ملحقات وخلافه وكان الثابت من محضر استلام الوزارة للمسجد والمحرر من اللجنة المختصة بتاريخ 19/ 1/ 1989 أثبت أن ما قامت على استلامه هو منشآت المسجد غير المستكملة مع بعض المشونات من المواد والمعدات الخاصة باستكمال أعمال المسجد فقط ولم يتطرق المحضر إلى استلام أية منشآت أو ملحقات أو مساكن أخرى فإن القرار المطعون فيه والحال هذه يكون قد قام مستنداً إلى صحيح حكم القانون حرياً والحال هذه الإبقاء عليه ورفض الطعن عليه بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد ذهب إلى ذلك المذهب فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون في هذا الشق من الطعن.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على القرار الطعين أنه تضمن الاستيلاء على كل من المبنى المخصص للصيدلية العامة فضلاً عن مبنى النادي الثقافي والعيادة.... إلخ.
فإن الثابت من الأوراق أن ما ادعى إقامته من مباني إنما بدأ في إنشائها على أراضي طرح النهر ومسطحات النيل بجوار نادي تجديف جامعة عين شمس الأمر الذي أدى إلى تحرير محضر المخالفة رقم 419 لسنة 1984 في 18/ 11/ 1984 له والذي اتبع بالقرار رقم 8 لسنة 1985 من مدير عام الري والصرف بالجيزة لمخالفة الطاعن للقانون رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية النيل من التلوث.. وكانت هذه التعديات مجالاً للمنازعات القضائية.
ومن حيث إن البين من المستندات أنها كلها جاءت خلواً من أي دليل قطعي الدلالة يفيد بوجود المنشآت المدعي بها أو استكمالها على النحو الذي يحدد ماهيتها ولمالك لها كما ولو يقدم الطاعن ما يفيد ادعائه بوجود هذه المنشآت فضلاً عن أن تقرير الخبير المودع في الدعوى رقم 119 لسنة 1990 جنح قصر النيل المستأنف برقم 362 لسنة 1991 س/ وسط والمقامة من النيابة العامة ضد الطاعن. إذ لم يرد به أي ما يقطع بوجود المنشآت الملحقة بالمسجد والمدعي بها، فضلاً عن أن الثابت من الأوراق هو أن كل المعاينات والمقايسات والاتفاق إنما تدور كلها حول استكمال منشآت ومرافق المسجد موضوع القرار.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة سلطة جهة الإدارة في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري المخولة لها بمقتضى المادة 970 من القانون المدني أو تلك المقررة بالقانون رقم 12 لسنة 1984 والقانون رقم 48 لسنة 1982 بشأن حماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث.
أن تحقيق مناط مشروعيتها وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه بالبناء عليه أو تغيير طبيعته، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد واضع اليد من أي سند قانوني لوضع يده. أما إذا استند واضع اليد إلى ادعاء بحق ما على العقار له ما يبرره من مستندات تؤيد في ظاهرها ما يدعيه واضع اليد من حق على هذا العقار أو إذا كانت الحالة الظاهرة تدل على جدية ما يدعيه لنفسه من مركز قانوني بالنسبة إلى العقار انتفت حالة الغصب أو الاعتداء الموجبة لاستعمال جهة الإدارة لسلطتها في إزالتها بالطريق الإداري، وتكون في معرض منازعة فيعقد الفصل فيها للسلطة القضائية المختصة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية في حماية الحقوق العامة والخاصة للمواطنين وإقامة العدالة وتأكيد سيادة القانون.
ومن حيث إنه وعلى ما سبق بيانه أن طلبات الطاعن قد انحصرت في الطعن على القرار رقم 192 لسنة 1989 الصادر من وزير الأوقاف بضم مسجد الرحمن إلى إشراف الوزارة فإن نفاذه ينحصر في المسجد دون أية مبان أو منشآت أخرى تكون مقامة عند صدور القرار ولا تعتبر من ملحقاته الموقوفة عليه أو المعتبرة عقاراً بالتخصيص لخدمة أغراضه، ويكون الوضع بشأنها بين الطاعن والجهة الإدارية المختصة وفقاً لأحكام القوانين المنظمة للحقوق المخولة لكل منهما فيها أو مخالفته لها دون أن ينال ذلك من صحة القرار الصادر بضم المسجد إلى إشراف وزارة الأوقاف.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد ذهب إلى هذا المذهب وإن كان قد بني على أسباب مغايرة لما جاء بهذا الحكم فإنه يكون قد انتهى إلى ذات النتيجة ومن ثم يضحى الطعن بحاله في هذا الشق من الطعن قد قام على غير سبب من القانون أو الواقع حرياً برفضه.
وحيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق