الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 أغسطس 2023

الطعنان 4043 لسنة 37 ق ، 479 لسنة 39 ق جلسة 26 / 9 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 178 ص 1723

جلسة 26 من سبتمبر سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ د. أحمد مدحت حسن ود. إبراهيم علي حسن ومحمد عزت السيد إبراهيم وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(178)

الطعنان رقما 4043، 479 لسنتي 37، 39 القضائيتين

طوائف خاصة من العاملين - حانوتية وتربية - تأديب.
المادة (40) من اللائحة التنفيذية لقانون الجبانات الصادر بالقانون رقم 5 لسنة 1966.
الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم هي الإنذار والوقف عن العمل مدة لا تزيد عن ستة أشهر وسحب الترخيص - تطبيق أحد هذه الجزاءات رهن بارتكاب الحانوتي أو التربي أو مساعده مخالفة إدارية تستتبع عقابه - انتفاء المخالفة يجعل القرار الصادر بمجازاة التربي بغير سبب ويغدو بالتالي مخالفاً للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 22 من شهر أغسطس سنة 1991 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي بوصفه نائباً عن الأستاذ/ مصطفى عبد العزيز عشوب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4043 لسنة 37 القضائية في القرار الصادر من لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة بجلسة 1/ 3/ 1990 فيما تضمنه من فصله من الخدمة وسحب الترخيص الصادر له بمزاولة المهنة والإعلان عن خلو المنطقة رقم 33 بالتونسي.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبتاريخ 29/ 8/ 1991 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً وفي يوم الخميس الموافق 3 من شهر ديسمبر سنة 1992 أودع الأستاذ/ مصطفى عبد العزيز عشوب بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 479 لسنة 39 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بجلسة 28/ 11/ 1992 في الطعن رقم 151 لسنة 26 القضائية المقام من الطاعن ضد المطعون ضدهما والقاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وإلغاء قرار لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة الصادر بجلسة 1/ 3/ 1990 فيما تضمنه من فصل الطاعن وسحب ترخيصه والإعلان عن خلو المنطقة رقم 33 بالتونسي مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 6/ 12/ 1992 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار الصادر بسحب ترخيص الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وعين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27/ 1/ 1993 وتم تداولهما بالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر بعد أن قررت ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد، وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع طلبت في ختامها الحكم برفض الطعن، وقررت الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - التي نظرتها بجلسة 26/ 6/ 1993 وفيها مثل الطرفان وقررت المحكمة حجز الطعنين لإصدار الحكم فيهما بجلسة 17/ 7/ 1993 ثم أرجأت إصدار الحكم في الطعنين لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة - حسبما يبين من جماع أوراقها تتحصل في أن الطاعن أقام ابتداء الدعوى رقم 155 لسنة 37 قضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران بتاريخ 24/ 3/ 1990 ابتغاء الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة فيما تضمنه من فصله من عمله والإعلان عن خلو المنطقة رقم 33 بالتونسي وتحديد جلسة 1/ 4/ 1990 لشغلها بآخر وما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات وذلك على سند من القول بأنه بتاريخ 19/ 10/ 1988 حصل على ترخيص بمزاولة مهنة التربي بالمنطقة رقم 33 بجهة التونسي التابعة لقسم الخليفة بالقاهرة بعد أن صدر القرار رقم 7 في ذات التاريخ بتعيينه، وأنه منذ ذلك التاريخ لم يقع منه أي تقصير في مزاولته مهنته غير أنه بمناسبة إحالة بعض العاملين المخالفين بالمحافظة للنيابة الإدارية لما نسب إليهم من تزوير في تراخيص بعض المقابر بالمحضر الإداري رقم 2348 لسنة 1988 عابدين المقيد فيما بعد برقم 155 لسنة 1988 جنح عابدين صدر قرار بإحالته إلى اللجنة المنصوص عليها بالمادة 41 من القانون رقم 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات باتهام قوامه أنه هو المقاول الذي قام بتشييد المقابر التي صدرت بشأنها تلك التراخيص، وأصدرت تلك اللجنة بناء على ذلك قرارها المطعون فيه بجلسة 1/ 3/ 1990.
وبجلسة 20/ 1/ 1991 أصدرت المحكمة الإدارية المذكورة حكمها قاضياً بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات مشيدة قضاءها على أن البين من استقراء أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 أن المادة 20 من اللائحة المذكورة قد حددت الجزاءات التأديبية الجائز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم والتي من بينها سحب الترخيص، كما ناطت المادة 41 من اللائحة التنفيذية المذكورة بلجنة يرأسها أحد قضاة المحكمة الابتدائية وبعضوية آخرين سلطة توقيع الجزاءات المنصوص عليها بالمادة 40 وهي تصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة لأعضائها الحاضرين، ولم يعلق المشرع سريان قرارات اللجنة المذكورة على تصديق أية سلطة رئاسية، أن قراراتها تكون نافذة بمجرد صدورها فهي تعد بذلك بمثابة مجلس تأديب لا تخضع قراراته لتصديق من سلطة رئاسية أخرى.
وخلصت المحكمة الإدارية من ذلك إلى أن القرار المطعون فيه هو قرار تأديبي في حقيقته صادر عن مجلس تأديب متعلق بموظف عام وأن ذلك القرار لا يخضع لتصديق من سلطة رئاسية أخرى وبناء على ذلك تكون المحكمة غير مختصة بنظر الدعوى، وأضافت المحكمة أن المحكمة مختصة بنظر الدعوى - وفقاً لذلك - وهي المحكمة الإدارية العليا استناداً إلى ما قضت به الدائرة المنصوص عليها بالمادة 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطلب المقيد برقم 5 لسنة 1 قضائية في الطعن رقم 28 لسنة 29 قضائية، ولم يطعن على هذا الحكم من أي من الطرفين.
وبتاريخ 2/ 2/ 1991 - وبعد صدور القضاء سالف الذكر - أقام الطاعن الطعن رقم 44 لسنة 25 قضائية أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية والحكم المحلي ناعياً على القرار المطعون فيه صدوره متضمناً فصله من عمله، طالباً القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار مرتكناً على ذات الأسانيد السابق إيضاحها.
وبجلسة 29/ 6/ 1991 أصدرت المحكمة التأديبية المذكورة حكمها بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن وشيدت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه وقد صدر من لجنة محاكمة التربية والحانوتية بوصفها مجلس تأديب لهذه الطائفة من العاملين وفقاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات ولائحته التنفيذية التي صدرت بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970، وكانت قرارات هذه اللجنة نهائية لتصديق سلطة رئاسية أخرى ومن ثم يخرج الطعن في ذلك القرار عن دائرة اختصاص هذه المحكمة وتختص به المحكمة الإدارية العليا التي كان على الطاعن إقامة طعنه أمامها مباشرة، غير أنه لما كانت المحكمة الإدارية العليا تعد محكمة طعن بالنسبة للمحكمة التأديبية وبالتالي فلا يجوز الحكم بإحالة الطعن الماثل أمامها إليها ولم يطعن على هذا القضاء كذلك من أي من الطرفين.
وبتاريخ 20/ 3/ 1991 أقام الطاعن الطعن رقم 1460 لسنة 37 القضائية أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - هدياً بما قضى له حكم المحكمة الإدارية الصادر في الدعوى رقم 155 لسنة 37 القضائية طالباً في طعنه الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء القرار المطعون فيه مقرراً أن اللجنة التي أصدرت ذلك القرار إن هي إلا لجنة إدارية شأنها شأن أي سلطة إدارية أخرى ولا تعتبر من قبيل مجالس التأديب سواء كان ذلك حيث التشكيل أو من زاوية القرارات التي تصدرها ومن ثم فإنه يتعين الطعن على القرارات الصادرة منها بتوقيع الجزاءات التأديبية أمام المحكمة التأديبية المختصة وآية ذلك ما أوردته المادة 41 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات من اختصاصات لتلك اللجنة وجميعها تندرج في عداد الاختصاصات الإدارية وأضاف الطاعن أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون باستناده إلى ما لم يثبت نسبتها إليه، كما أنه لم يقطع بعلمه بأن تراخيص المقابر التي شيدها كانت مزورة وإلا لكان قد أحيل للمحاكمة الجنائية وذلك أمر لم يحدث وعلى ذلك فإذا كانت اللجنة قد قررت فصله لهذا السبب فإن قرارها يكون قد استند إلى محض افتراض بعلمه بتزوير تراخيص تلك المقابر جاء على غير الحقيقة والقانون مما جعل القرار المطعون فيه مشوباً بالانعدام.
وبجلسة 30/ 5/ 1992 حكمت المحكمة الإدارية العليا بعدم اختصاصها بنظر الطعن رقم 1460 لسنة 37 القضائية المشار إليه وأمرت بإحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران المدني للفصل فيه، فاللجنة لا تعد من مجالس التأديب إذ لم يقرر القانون رقم 5 لسنة 1966 لها هذا الوصف بل وصفها بأنها لجنة كما أنها ليست مشكلة تشكيلاً خاصاً على غرار المحاكم التأديبية ولا تتبع أمامها ذات الإجراءات المتبعة أمام هذه المحاكم ولا تصدر قراراتها على النمط الذي تصدر به الأحكام القضائية وعلى الأخص إصدار أحكام أو قرارات أو على أسباب موضحة فيها وأنه وإن أناط بها القانون إصدار قرارات لها طبيعة تأديبية فإن ذلك لا يؤدي إلى إضفاء صفة مجالس التأديب عليها ولا يصدق على ما تصدره من قرارات وصف الأحكام التأديبية ولا يخرجها عن كونها سلطة من السلطات الإدارية التي تختص بتوقيع بعض القرارات التأديبية والتي تكون محلاً للطعن أمام المحكمة التأديبية المختصة مما يتعين معه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة - المحكمة الإدارية العليا - بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية المختصة برئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران المدني وذلك وفقاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات.
ونفاذاً لذلك الحكم أحيل الطعن للمحكمة التأديبية المذكورة وقيد لها برقم 151 لسنة 26 ق وتم تداوله بالجلسات على النحو الوارد بالمحاضر وبجلسة 28/ 11/ 1992 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من المستندات المودعة ملف الطعن أن الجهة الإدارية أحالت أمر الطاعن - لما ثبت قبله من قيامه بالبناء وأعمال المقاولة والمساعدة في التعدي على أملاك الدولة وقد عين ترتيباً فيما بعد - إلى اللجنة المختصة المنصوص عليها بالمادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون الجبانات الصادرة بموجب قرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 للنظر في مدى صلاحيته لشغل مهنة تربي وقد وافقت اللجنة المذكورة على فصل الطاعن.... وذلك بإجماع الآراء مع إخطار الإدارة الهندسية للجبانات وشرطة المرافق مع سحب الترخيص وفتح باب الترشيح لهذه المنطقة واستعرضت المحكمة التأديبية نصوص المواد 36 و39 و40 و41 من اللائحة التنفيذية لقانون الجبانات المشار إليها وأضحت أن مفاد تلك النصوص أن هناك التزامات تقع على عاتق التربي تتمثل في تكليفه بالمحافظة على القبور الواقعة داخل منطقة وكذا الأراضي الفضاء والطرقات ومشتملاتها ومسئوليته الكاملة على كل مخالفة تحدث بها بالمخالفة لأحكام قانون الجبانات وعليه إخطار المجلس المحلي بما يقع من مخالفات وفق وقوعها وإذا كانت المخالفات التأديبية ليست محددة حصراً ونوعاً فلا يشترط لمؤاخذة الموظف تأديبياً عما يقع منه خارج نطاق وظيفته أن يكون ذلك منطوياً على انحراف في طبعه وخلقه وعلى وجه يؤثر تأثيراً مباشراً في كيان وظيفته واعتبارها بل يكفي أن يصدر عنه ما يمكن أن يعتبر مناقضاً ومتعارضاً مع الثقة الواجبة فيه والاحترام المطلوب له لما ينطوي عليه ذلك من خروج مقتضيات الوظيفة وما تتطلبه من بعد عن مواطن الريب وعن كل ما يمس الأمانة والنزاهة وأنه ولئن كانت المخالفة الثابت ارتكاب الطاعن لها قد ارتكبها قبل الترخيص له بمهنة تربي وبصفته مقاولاً إلا أن المشرع قد ألقى على عاتق من يعين بهذه الوظيفة أعباء والتزامات معينة سالف ذكرها مما يجعل الطاعن غير أهل ليتولى هذه المهنة لأنه بتصرفه هذا يكون متناقضاً ومتجافياً مع الثقة الواجبة فيه بالإضافة إلى ذلك فإن من الشروط الواجب توافرها في الوظائف أنه يجب أن يتوافر شرط حسن السمعة فيمن يشغلها وأن هذا لشرط استمرار أيضاً فإذا ما فقد الموظف هذا الشرط فقد صلاحيته لشغل الوظيفة.
وإذا كانت جهة الإدارة المطعون ضدها لم يكن تحت بصرها ما اقترفه الطاعن قبل تقلده وظيفته فإنه يكون قد دلس عليها مما يبطل قرار التعيين في حد ذاته وبالتالي يكون القرار الصادر بسحب الترخيص منه ويكون فصله قد صادف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء وتمهيداً لقضاء المحكمة في هذه المنازعة المطروحة أمامها التقرير بأنه ولئن كان كلا الحكمين الصادرين في الدعوى رقم 155 لسنة 37 قضائية بجلسة 20/ 1/ 1991 من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي والطيران بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وفي الطعن رقم 44 لسنة 25 القضائية بجلسة 29/ 6/ 1991 من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية والحكم المحلي بعدم اختصاصها نوعاً بنظر الطعن بحسبان أن الاختصاص بنظره ينعقد للمحكمة الإدارية العليا ابتداء وباعتبار أن القرار المطعون فيه صادر عن مجلس تأديب ولم يتم الطعن على أيهما من أي من طرفي الدعوى خلال المواعيد القانونية المقررة بما مفاده أن صار كلا الحكمين نهائياً، إلا أن الطعنين الماثلين رقمي 4043 لسنة 37 قضائية عليا و479 لسنة 39 قضائية يثيران بحكم اللزوم كافة المسائل التي أثيرت في الدعوى والطعن سالفي الذكر وينبغي من ثم التصدي للمنازعة برمتها والفصل فيها بقضاء حاسم لها دون حجاج بفوات مواعيد الطعن عليهما ذلك أن الأمر فيهما يتعلق بمسألة أولية هي مدى ولاية أي من المحكمتين بنظر الدعوى بما يكون من شأنه أن يحرك الطعنان الماثلان فيهما أمر التصدي لهما وذلك للارتباط الوثيق القائم بوحدة الخصومة ولبيان وجه الحق فيها ووجوب وضع الأمور في نصابها.
ومن حيث إنه عن الطعن الأول رقم 4043 لسنة 37 قضائية عليا فقد أقيم من الطاعن بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة بتاريخ 1/ 3/ 1990 فيما تضمنه من فصله وسحب الترخيص الصادر له بمزاولة المهنة بالمنطقة رقم 33 بجهة التونسي مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد تظلم من هذا القرار بتاريخ 11/ 3/ 1990 وإذ أخطرته الجهة الإدارية برفضه بتاريخ 18/ 3/ 1990 فقد بادر بإقامة دعواه طعناً عليه أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بتاريخ 24/ 3/ 1990 وحين قضت المحكمة المذكورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى في 20/ 11/ 1991 بادر بإقامة الطعن رقم 1460 لسنة 37 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 20/ 3/ 1991 وإذ كان الثابت أن هذا الطعن كان متداولاً أمام المحكمة الإدارية العليا وقت أن أقام الطاعن طعنه المذكور رقم 4043 لسنة 37 قضائية عليا إذ الثابت أن الطاعن قد أودع تقرير طعنه بتاريخ 22/ 8/ 1991 في حين أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمها في الطعن رقم 1460 لسنة 37 قضائية بجلسة 30/ 5/ 1992 كما أن الثابت أن الطالب كان قد قام الطعن عليه.
إن الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 44 لسنة 25 قضائية أمام المحكم التأديبية لرئاسة الجمهورية والحكم المحلي طالباً إلغاء القرار المطعون فيه بتاريخ 2/ 2/ 1991 وقضت المحكمة بجلسة 29/ 6/ 1991 بعدم اختصاصها بنظر الطعن لما كان ذلك فإن الطاعن يكون قد حفظ الميعاد.
ومن حيث إنه لما كان هذا الطعن قد أقيم من الطاعن بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم بإلغاء القرار الصادر من لجنة الحانوتية والتربية بمحافظة القاهرة فيما تضمنه من فصله من عمله وسحب الترخيص الصادر له بمزاولة المهنة بالمنطقة رقم 33 بجهة التونسي مع ما يترتب على ذلك من آثار ولما كان الثابت على ما سلف إيضاحه أن الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 1460 لسنة 37 قضائية أمام المحكمة الإدارية العليا ضد ذات الخصوم ابتغاء القضاء له بالطلبات المطروحة في الطعن الماثل وفيه قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وأمرت بإحالته بحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الخارجية والداخلية والعدل والحكم المحلي للفصل فيه والتي قضت فيه برفضه، هذا القضاء الذي هو محل للطعن الثاني المضموم رقم 479 لسنة 39 قضائية، وإذا كان الثابت وفق ما تقدم أن الطعن رقم 4043 لسنة 37 قضائية عليا والطعن رقم 1460 لسنة 37 قضائية قد اتحدا في الخصوم والمحل والسبب فإنه يتعين والحالة هذه القضاء بعدم جواز نظر الطعن رقم 4043 لسنة 37 قضائية لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر من هذه المحكمة بالحكم الصادر في الطعن رقم 1460 لسنة 37 قضائية.
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن الثاني رقم 479 لسنة 39 قضائية فإنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 28/ 11/ 1992 وأودع الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 3/ 12/ 1992 فإن الطعن يكون قد قدم في الميعاد ولذلك ولأن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وصدوره مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لأسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد أسند للطاعن ارتكاب مخالفة وقرر أنها ثابتة في حقه في الوقت الذي خلت فيه الأوراق من ثمة مخالفة اقترفها الطاعن أو اشتراك في ارتكابها وقد أغفل الحكم أن الطاعن قد عين في تاريخ لاحق على المخالفة المقول بها والتي جوزي عنها آخرون، يضاف إلى ذلك أن الطاعن تم تعيينه تربياً ومنح ترخيص مزاولة المهنة وفق الإجراءات وبعد التحقق من توافر سائر الشروط المتطلبة قانوناً ومنها شرط حسن السمعة، وظل يعمل بتلك المهنة قرابة سنتين لم ينسب إليه خلالها أي خروج على مقتضيات الوظيفة ولم يسلك فيها أي سلوك معيب وبالتالي فلا مجال للقول بفقدانه شرط حسن السمعة المتطلب لصلاحية الطاعن للاستمرار والبقاء في الوظيفة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه والصادر من لجنة شئون الحانوتية والتربية في 1/ 3/ 1990 بفصل الطاعن وسحب الترخيص الصادر له بمزاولة مهنة تربي بجبانة التونسي بالمنطقة رقم 33 بالقاهرة قد استند على مذكرة أعدتها شرطة المرافق بتاريخ 8/ 8/ 1989 بشأن ضبط تراخيص بعض المرافق الصادرة بالمخالفة لأحكام القانون طلبت في ختامها من مديرية الإسكان بمحافظة القاهرة اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية نحو إلغاء التراخيص المشار إليها وإزالتها وأوردت المذكرة أنه قد استبان أن المقاول الذي قام ببناء تلك المدافن يدعى..... (الطاعن) وأنه قد تمكن من أن يعين كتربي معتمد من محافظة القاهرة وأوصت المذكرة بمكاتبة لجنة الشئون التربية والحانوتية لإلغاء تعيين المذكور.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 40 من اللائحة التنفيذية لقانون الجبانات رقم 5 لسنة 1966 الصادر بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 تنص على أن الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الحانوتية والتربية ومساعديهم هي الإنذار - الوقف عن العمل مدة لا تزيد عن ستة أشهر - سحب الترخيص، إلا أن تطبيق أحد هذه الجزاءات رهن بارتكاب الحانوتي أو التربي أو مساعدة مخالفة إدارية تستتبع عقابه، فإذا انتفى المأخذ على السلوك الإداري لا يهم فلا يكون هناك ثمة محل للمجازاة بأحد الجزاءات المذكورة إذ يفتقر القرار المتضمن مجازاة أيهم لسببه المبرر له قانوناً ويغدو بالتالي مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق وبخاصة ملف تعيين الطاعن المقدم من هيئة قضاياً الدولة للمحكمة الإدارية للرئاسة والحكم المحلي وبجلسة 5/ 8/ 1990 في الدعوى رقم 155 لسنة 37 ق أنه قد ضم صحيفة الحالة الجنائية للطاعن خالية من السوابق وشهادة إعفائه من الخدمة العسكرية وشهادة إدارية بحسن سيره وسلوكه وأخرى تفيد أن التحريات وبحث الشرطة قد أسفرا عن الطاعن يتمتع بحسن السير والسلوك وذو سمعة طيبة، ونتيجة اختبار لجنة الشئون الحانوتية والتربية للطاعن بتاريخ 19/ 10/ 1988 تفيد لياقته وتقرير اللجنة قبول طلبه وتعيينه تربياً على المنطقة رقم 33 بالتونسي وإلغاء الإشراف عليه واتخاذ إجراءات الترخيص للطاعن، وإخطار سكرتارية اللجنة لمدير الإدارة الهندسية للجبانات في 20/ 10/ 1988 بقرار اللجنة، ونتيجة الكشف الطبي على الطاعن بتاريخ 24/ 10/ 1988 بأنه لائق للخدمة وحافظة توريد رسم استخراج الترخيص للطاعن في 5/ 11/ 1988، ومن مجموع تلك الأوراق يبين أن تعيين الطاعن ترَّبيا قد مر بالمراحل واستوفى الشروط والإجراءات التي تضمنتها نصوص اللائحة التنفيذية لقانون الجبانات المشار إليها لقبول من يثبت صلاحيته للتعيين في إحدى الوظائف المذكورة به.
ومن حيث إن الأوراق قد أجدبت تماماً من ثمة مخالفة علقت بمسلك الطاعن خلال الفترة من تاريخ تعيينه تربياً بتاريخ 19/ 10/ 1988 وحتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه من اللجنة المختصة بفصله وسحب ترخيصه ومن ثم يكون ذلك القرار إذ تضمن مجازاته باستجابة لمذكرة أعدتها الشرطة في حقه دون إجراء تحقيق مسبق معه تسمع فيه أقواله ويبدي فيه دفاعه قد جاء باطلاً مخالفاً القانون خليقاً بالقضاء بإلغائه.
ومن حيث إنه لا محاجة في القول بأن ما نسبته شرطة للطاعن على نحو سابق على بداية حياته الوظيفية من أنه كان مقاولاً لبناء المقابر التي صدرت عنها بعض تراخيص مخالفة للقانون، مما يشينه ويحول دون تعيينه ترَّبياً، ذلك أن الطاعن قد عين بعد ثبوت استيفائه لكافة الشروط المتطلبة للتعيين وبعد أن ثبتت صلاحيته لتلك الوظيفة، وطالما لم يثبت في حقه ثمة مخالفة إدارية بعد تعيينه وأثناء توليه لعمله الذي تقلد أعباءه، ومن ثم لا يكون هناك ثمة ركيزة لمؤاخذة أو عقاب على النحو السالف إيضاحه لافتقار ذلك للسبب المبرر قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر حين قضى برفض الطعن المقام من الطاعن وإذ بات الطاعن على حقه فيه وبالتالي وجب القضاء بإلغاء ذلك الحكم وبإلغاء القرار المطعون فيه مع كافة ما ترتب عليه من الآثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الطعن رقم 4043 لسنة 37 ق لسابقة الفصل فيه، وبقبول الطعن رقم 479 لسنة 39 ق شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه، فيما تضمنه من فصل الطاعن من الخدمة ومن سحب الترخيص الصادر له بمزاولة المهنة مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق